logo
#

أحدث الأخبار مع #أشرفزكى»

اكتشاف المواهب فى مهرجان الفضاءات المتعددة
اكتشاف المواهب فى مهرجان الفضاءات المتعددة

الدستور

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

اكتشاف المواهب فى مهرجان الفضاءات المتعددة

شهد المسرح المصرى هذا الشهر إطلاق فعاليتين فنيتين مهمتين، تمثلتا فى مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة وملتقى القاهرة الدولى للحكى، ورغم أننى لم أتمكن من متابعة كل فعاليات الحدثين، فإن الحضور المحدود كان كافيًا لإدراك الجهد الكبير والمخلص الذى بذل فى تنظيم كل منهما. وسيكون لنا حديث مفصل فى وقت لاحق عن ملتقى القاهرة الدولى للحكى الذى انطلق فى دورته الأولى «دورة حسن الجريتلى» برئاسة المخرج عادل حسان. أما فى هذا المقال، فسنركز على مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة الذى أطلقته أكاديمية الفنون فى دورته الأولى «دورة الدكتور أشرف زكى» برئاسة الدكتورة غادة جبارة رئيسة الأكاديمية، وإدارة الدكتور محمود فؤاد صدقى. ويأتى هذان الحدثان ليعكسا الحيوية والنشاط اللذين يشهدانه المسرح المصرى حاليًا، حيث يقدمان تجارب فنية متنوعة تسهم فى إثراء الحركة المسرحية وتفتح آفاقًا جديدة للإبداع الفنى. فى البداية، وقفت حائرًة أمام مسمى «مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة»، إذ توقعت أنه يعنى بالعروض المقدمة فى فضاءات غير تقليدية خارج قاعات المسرح المعتادة، لكن تعبير «المتعددة» أثار استغرابى. وبعد الاطلاع على رؤية المهرجان، اتضح أنه يركز على «الإتاحة» والاحتفاء بتنوع أشكال الإبداع المسرحى لشباب الفنانين، فالحديث عن الفضاءات المسرحية والإتاحة يفتح بابًا واسعًا للتأمل والنقاش، إذ يمس جوهر التجربة المسرحية من جهة، ويطرح قضايا حق الوصول والعدالة الثقافية من جهة أخرى. والفضاءات المسرحية ليست مجرد أماكن تعرض فيها العروض، بل هى حوامل للمعنى، وتلعب دورًا فى تشكيل تجربة المتفرج والعلاقة بين الممثل والجمهور، وقد تكون فضاءات تقليدية كخشبة المسرح الإيطالى، أو بديلة كالساحات المفتوحة، أو حتى فضاءات افتراضية. وكل فضاء مسرحى يفرض لغته الخاصة وشروطه الجمالية المميزة، وتبين لى أن جوهر المهرجان يتمثل فى إتاحة الفرصة لتجارب متنوعة تخلق معانيها فى فضاءات متعددة. وشهد المهرجان مشاركة عروض لافتة، منها عرض «ليالينا» الذى قدمه محمد الحضرى مسئولًا عن الدراماتورجيا والإخراج، وعرض «الطاحونة الحمراء» من إخراج حسام التونى. كما شاهدت فى اليوم الختامى ٣ عروض متتالية، لكل منها طابعه الخاص: «حتى يطير الدخان» الذى أعده فيصل رزق وقام بتمثيله وإخراجه كريم أدريانو، و«حلم ليلى» عن نص الكاتب الراحل سعد الله ونوس وأخرجه ليديا فاروق، و«الزائر» المأخوذ عن نص بول شاءول وأخرجته جاسمين أحمد. أثلجت صدرى جودة هذه العروض وتنوعها، وما كشف عنه المهرجان من مواهب واعدة تستحق الدعم والتمكين، وأسعدنى هذا الكم من العروض والثراء الإبداعى الذى قدمه شباب المسرح. لكن ما أحزننى هو تلك الممارسة المتكررة فى استخدام مصطلحات غير دقيقة عند نسب الأعمال، حيث يتم استبدال كلمة «مؤلف» بـ«إعداد» أو «كتابة على الكتابة» لنصوص مسرحية وضعها كبار الكتاب. وهذا الأمر يطرح تساؤلات عديدة: هل ينبع هذا من رفض لمبدأ حقوق المؤلف برمته؟ أم أنه محاولة من الشباب للالتفاف حول إجراءات إدارية معقدة تثقل كاهل الهواة؟ أم أنه يعكس قناعة فنية وأدبية مشوهة؟ وبكل الأحوال، هذا الأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة من إدارة المهرجان فى دوراته المقبلة، خاصة أن المهرجان يتم تحت رعاية أكاديمية الفنون، وهى المؤسسة التعليمية التى يفترض أن تكون حريصة على الدقة فى المصطلحات والمفاهيم، لا أن تتقبل الأمور بشكل سطحى. على كل حال تنبع أهمية هذا المهرجان من اشتغاله غير المباشر على هذين المحورين: العدالة الثقافية واكتشاف الموهوبين، محققًا قدرًا كبيرًا من الإتاحة لشرائح مختلفة من شباب الفنانين، وألوانًا مختلفة من المسرح، خاصة أنه فى السنوات الأخيرة، شهد المسرح المصرى تحولات جذرية فى خرائط فضاءاته، ليس فقط من حيث التوزيع الجغرافى، بل الأهم من حيث نوعية الفضاءات وتعدد إمكانات الإتاحة. وصار من الملفت أن العديد من تجارب الشباب فارقت المسارح التقليدية، خاصة مسارح «العلبة الإيطالية»، التى صارت محدودة قياسًا على حجم الاحتياج بسبب إغلاق العديد منها، سواء لأسباب تتعلق بالصيانة أو الإهمال أو ضعف التمويل. وهذا يطرح تساؤلات ملحة حول مفهوم الفضاء المسرحى فى مصر اليوم: كيف يتغير؟ ولمن يتاح؟ وهل قريبًا سيتقلص شكل المسرح «العلبة الإيطالية» بشكله الكلاسيكى، الذى كان الركيزة الأساسية للعروض المسرحية فى مصر منذ تأسيس مسارح الدولة فى خمسينيات القرن الماضى، والتى يستتبعها نمط إنتاج تقليدى ونمط تلقٍ تقليدى كذلك، أم أنه ومع ازدياد الفجوة المكانية فى توزيع دور العرض ومع تعاقب الأجيال وتغير الذائقة البصرية، سيسود الاعتماد على فضاءات بديلة: شقق سكنية، وكافيهات، وجاليريهات، أو حتى شوارع؟ هذه الفضاءات، التى وإن كانت فقيرة بالإمكانات، إلا أنها منحت حرية أكبر للتجريب والتفاعل، وخلقت نمط تلقى غير تقليدى بالمرة. ربما يكون هذا المهرجان فرصة للتحاور حول أزمة المسارح التقليدية، وفرصة لإعادة التفكير فى مفهوم الفضاء المسرحى ذاته، ماذا لو أصبح المسرح فعلًا «متنقلًا»؟ ماذا لو أُعيد تأهيل المدارس أو المبانى المهجورة لتكون مسارح؟ وماذا عن الفضاء الرقمى كنمط إنتاج حديث ومغاير؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store