logo
#

أحدث الأخبار مع #أغنس

«أهل الله».. من رذاذ البحر إلى تخوم الصحراء
«أهل الله».. من رذاذ البحر إلى تخوم الصحراء

الوسط

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الوسط

«أهل الله».. من رذاذ البحر إلى تخوم الصحراء

نواصل في الجزء الثاني من عرض كتاب «أهل الله» الصادر عن دار الفرجاني وترجمة الكاتب فرج الترهوني رصد انطباعات الكاتبة الأميركية أغنس كيث في رحلتها إلى بعض المدن الليبية؛ حيث ترى صبراتة من بين المواقع المفضلة عندها بسبب ما تضمه من آثار ولا يوجد مكان في العالم بحسب وصفها يعادلها روعة، بسبب شمسها الأفريقية الساخنة وسمائها الصافية داكنة الزرقة، وفي خلفية الآثار هناك أحجار الكلس المذهبة. تقول أغنس «دائما ما أترك المناطق الأثرية بعد زيارتي لها بقدمين مقرحتين ورأس مصدوع وظهر موجوع، بالإضافة إلى ابتهاج روحي وصدمة ناتجة عن إحساسي بوطأة التاريخ، لكن من النادر جدا أن يعمل ابتهاجي العاطفي على محو آلام جسمي نتيجة زيارة الآثار كما تفعل صبراتة الأثرية». فسيفساء وأعمدة وتماثيل تضيف «منذ ألف عام كانت مدينة رومانية مشهورة، وقبل ذلك كانت مكان تبادل تجاري للفنيقيين، مع ذلك نجد أن المتحف هذه الأيام لا يزال محتفظاً بأحد أجمل تشكيلات فسيفساء جستنيان في العالم، وفي الموقع نفسه هناك العديد من أعمدة المعبد البيض وتماثيل رومانية من الرخام الأبيض التي تحدد شكل المدينة الأثرية، وتبين موهبة سكانها القدامى في فن النحت، وكذلك هناك بقايا آثار المسرح الروماني العظيم الذي يقف شامخا بلون ذهبي على خلفية سماء أفريقية، هذه حقائق أركيولوجية ذات أهمية تاريخية، لكنها لا يمكن أن تحجب أو تنافس الجمال المثير لهذه المدينة الهادئة». تواصل أغنس «نقود السيارة عبر طريق محيط بأشجار السرو داكنة الخضرة، ونقترب من أعمدة ذهبية من الحجر الرملي التي رأيناها من مسافة على خلفية السماء، ونسمع صوت الأمواج الرغوية تتكسر فوق ما كانت في الماضي شواطئ رومانية حيث تمنح الرمال الصفراء دفئها لشباك الصيادين المحليين المنتشرة ولمخاطفيهم المعدنية في تناراتهم المنصوبة لأسماك التن. كانت رائحة الملح وأعشاب البحر ظاهرة بقوة في الجو، وكل الحيوية محيطة بنا وكأن المدينة الأثرية ما زالت تعج ببشر أحياء ربما هي كذلك، فالمدينة العتيقة تتخلى تماما عن أي روح شريرة لساكنيها القدامى. من صبراتة تنقلنا أغنس إلى بنغازي مرورا بسرت حيث أمضيا الليلة في نزل وفي مطعم قريب تناولوا وجبة السباقيتي حيث اشتهرت عائلة إيطالية طوال سنين بتقديم الوجبات للمسافرين من كل عرق ودين، وتضيف أغنس: ينبغي ملاحظة أنه بعد خمس سنين ومع اكتشاف النفط في ليبيا كان على المسافر أن يحجز غرفة قبلها بأسابيع في هذا النزل الصغير. بنغازي وشحات والكوف تصل أغنس إلى مدينة بنغازي عند الغروب متناولة جذور تسميتها بالقول «المدينة الأصلية في هذا الموقع هي هيسبريدس التي أوجدها الإغريق قبل أربعة قرون من ميلاد المسيح، بعد قرنين من ذلك صار اسمها بنيق على اسم الأميرة البطلمية برنيكي، ثم بعد ستة عشر قرنا تحولت إلى بنغازي وهذه المرة على اسم ولي صالح هو سيدي غازي». تتابع «جرى تدمير بنغازي الحديثة بالكامل تقريبا من قبل قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولم يكن لديَّ علم أن المدينة ستصبح سريعا موطنا لنا، في تلك الأيام كان الهدف الرئيس من زيارة بنغازي هو زيارة شحات أيقونة الآثار الإغريقية الساكنة في حضن الجبل الأخضر على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر وعلى مسافة 240 كيلو متر من بنغازي». وتمر أغنس بوادي الكوف الذي يقسم شرق برقة عن غربها كما ذكرت والذي عبرته في طريقها إلى شحات، وتضيف «بينما تهدم خلال الحرب جسره الإسمنتي الرائع الذي شيده الإيطاليون، لا يزال بعد ثمانية عشر عاما نعبر الوادي فوق جسر خشبي تركته القوات البريطانية خلفها، لكن ينذر أن يكون وادي الكوف جافا تماما فجنباته الخشنة تكثر فيها النباتات والأشجار ويمكن سماع أصوات الطيور وأزيز النحل فيمثل كل ذلك دعوة لزيارة المكان والتنزه، وحتى في أزمنة ما قبل التاريخ يبدو أن هذه بقعة مفضلة لارتيادها». السفر نحو الشمس في محطة أخرى من رحلاتها تطوف بنا الكاتبة الأميركية أغنس كيث عند تخوم الصحراء إلى غدامس حيث السفر نحو الشمس «ما يلاحظ أنه خارج بواباتها توجد مستوطنة خارجية كاملة من الخيام والأكواخ وهي مساكن قبائل الطوارق القوية الذين كانت المدينة تابعة لهم ذات يوم، وعلى الرغم من أن غدامس بنيت كمدينة للطوارق، إلا أن الطوارق أنفسهم لم يعيشوا داخلها، إنهم بدو رحل حقيقيون وشعب صحراوي حقيقي ولن يتخلوا أبدا عن الخيام أو يشيدوا مساكن داخل أسوار المدينة». تمضي أغنس في وصفها «داخل بوابة المدينة وجدنا فندق (عين الفرس) وهو مبنى جذاب من طابق واحد، وذو مظهر شرق أوسطي والذي سمعنا عنه أنه كان دائما مليئا بعائلات الضباط الفرنسيين التابعين لإدارة فزان الفرنسية الذين يقضون فيه عطلاتهم وأوقاتا مرحة». وتكمل «الآن بعد أن أصبحت فزان ليبية بالكامل، وغدامس مدينة من مستويين، وشوارع الطابق السفلي تشبه بشكل ملحوظ ممرات الأبراج المحصنة أو الأنفاق، فهي ممرات ضيقة ومظلمة، مضاءة فقط من خلال فجوات قليلة في السقف أو لمحة مفاجئة من الضوء في الفناء، فيها تدور مسرحية الضوء والظل واللون الأسود على المرمر، والظل العميق الذي تمزقه خيوط من أشعة الشمس الحارقة، هذه التغييرات المتباينة هي تعبير عن سحر المدينة وتضيف إلى غموضها».

ثنائية البحر والصحراء.. كاتبة أميركية تقتفي سيرة «أهل الله»
ثنائية البحر والصحراء.. كاتبة أميركية تقتفي سيرة «أهل الله»

الوسط

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الوسط

ثنائية البحر والصحراء.. كاتبة أميركية تقتفي سيرة «أهل الله»

في كتابها «أهل الله» الصادر عن دار الفرجاني تقدم الكاتبة الأميركية أغنس كيث مذكراتها في ليبيا بعد أن خبرت تقاليد الناس وعاداتهم وفهمت سلوكلهم وردود أفعالهم، فهي مشبعة بحكايا رذاذ البحر وطقوس البداوة، في الجزء الأول من عرضنا للكتاب نتعرف عن انطباعات أغنس الأولى وهي تحاول أن ترصد ملامح طرابلس وتتأمل في سلوك الليبيين وعاداتهم حيث تقول: «لأنهم ولدوا في أرض قاحلة جرداء، يجد الليبيون أنفسهم محكومين بثنائية البحر والصحراء، بهطل المطر أو بحدوث الجفاف». وتمضي أغنس واصفة طابع الشخصية الليبية: «يولون وجوههم شطر مكة للصلاة خمس مرات مرددين أسماء الله الحسنى، يقودون سيارات الجاغوار كما يركبون الإبل والحمير، والبعض منهم لديهم في بيوتهم أثاث من نوع طراز لويس الخامس عشر، بينما آخرون يقطنون الكهوف أو الخيام السوداء». هكذا تجد أغنس نفسها مغموسة في بيئة تناضل لتكون حياة عصرية وبشر ملتصقون جدًا بروح التقاليد في مملكة حديثة التكوين. الكتاب الذي ترجمه الكاتب فرج الترهوني هو أقرب كما يصف الترهوني إلى أن يكون مذكرات وانطباعات امرأة أجنبية عاشت في ليبيا نحو تسع سنين متصلة كزوجة لأحد خبراء منظمة الأغدية والزراعة «فاو» بين العامين 1955-1964 وهي الفترة التي شهدت تأسيس الدولة الليبية الحديثة. يأتي عنوان الكتاب استناداً إلى رؤية الكاتبة وملاحظاتها عن ارتباط الليبيين سلوكاً وثقافة بمشيئة الله وفقاً لمنظورهم الإيماني، وتعبير (أهل الله) في الثقافة الليبية والعقل الجمعي يشير إلى ارتباط شخص أو مجموعة من الناس وإيمانهم بالقدرة الإلهية العظيمة. يوضح الترهوني في مقدمته لترجمة الكتاب أن أغنس بحكم السنوات الطويلة التي قضتها في ليبيا مكنتها من رسم صورة دقيقة لمن خالطتهم من الليبيين ولم تتوان عن إبداء آرائها مهما بدت قاسية أو مختلفاً عليها في قضايا السياسة الخارجية والداخلية، وفي قضايا اجتماعية شائكة مثل وضع المرأة والتعليم والسفور. تسرد أغنس جانباً من يوميات قدومها إلى طرابلس: التاريخ هو سبتمبر 1955 وأتيت مع هاري من لندن عن طريق روما ولا نزال نرتدي ثيابنا الصوفية الدافئة، تذكرت تلك الكلمات (القبلي) من تقرير للأمم المتحدة يتحدث عن الظروف التي قد يواجهها الموظف المعين في بلد ما: «القبلي هو هبوب رياح ساخنة وجافة من الصحراء، ومحملة بالرمال التي قد تدفن أحياناً قرى بأسرها، وقد يستغرق هبوبها من يوم واحد إلى تسعة أيام ... ونحن نغادر الطائرة لم نر أثراً للسماء وإنما لون ممعن في الصفرة يحيط بنا وذلك المسير من الطائرة إلى مبنى الجوازات الذي استغرق ثلاث دقائق علمني عن ظروف الصحراء أكثر مما علمني تقرير الأمم المتحدة». وتصف أغنس طرابلس ومحيطها وهي تتجه من المطار إلى داخل المدينة في أجواء صيفية آنذاك: «لم يكن الريف الذي رأيته صحراء ولا هو أخضر تغطيه الزراعات أيمكن أن تكون هذه الواحة المحيط بطرابلس التي استصلحها الإيطاليون والتي قرأت عنها؟ في هذا القبلي ليس هناك شيء أخضر وإنما توجد مزارع لأشجار زيتون ولوز مغطاة بالأتربة، دخلنا إلى متاهة من شوارع المدينة أغلبها ضيقة وملتوية لكنها نظيفة ومرتبة لونها أبيض .. ليست هناك أبنية عالية في المدينة؛ بل كان خط السماء يخترق أحياناً بواسطة مآذن تعلوها أهلة لمساجدها العديدة وكذلك بواسطة القباب العالية لأضرحة الأولياء، والأشخاص القليلون في الشارع أغلبهم من الرجال يتحركون منفردين يحنون رؤوسهم في مواجهة الرياح ويلتحفون ببقايا قديمة من بدلات الكاكي العائدة للحرب العالمية الثانية، النساء القليلات اللاتي ظهرن لنا كن ملفوفات بأردية بيض من قمة رؤوسهن إلى أقدامهن ويشمل ذلك الوجه، وهذا الرداء هو الفراشية التي تثبت في مكانها بواسطة الفم وتظهر منها عين واحدة فقط». تضيف أغنس وهي تصف ليبيا كدولة وليدة تنفض عنها غبار حرب كونية «مرت أربعة أعوام على عمر المملكة وكانت أحدث دولة مستقلة في العالم، ليبيا كانت حالة خاصة بالنسبة للأمم المتحدة التي بشكل أو بآخر جعلت منها أمة ما، وليبيا بعدد سكان يقارب المليون آنذاك لم يكن بها عند استقلالها في 24 ديسمبر 1951سوى ستة عشر من الحاصلين على ما يعادل التعليم الجامعي كما أن أربعة أخماس مساحتها صحراء بالكامل والخمس المتبقي شريط ساحلي ضيق». وتنقلنا أغنس إلى المدينة القديمة: «بالنسبة لوافد مثلي كانت المدينة القديمة مثل جيب ليبي غامض ومحاط بالأسرار خلف الجدران الهائلة والأبواب الضخمة المغلقة، شوارعها الضيقة لا تسمح سوى بمرور السابلة والدراجات الهوائية وكانت أيضاً تعج بالأطفال الصغار وبصبية ذوي نظرات نارية ومسنين فرادى العيون، ونادراً ما صادفتني امرأة هناك، في هذا المكان يوجد أشخاص مخفيون عن العالم في مدينة عركت التاريخ، وتعود بداياتها إلى العام 700بعد الميلاد».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store