أحدث الأخبار مع #أفبيسي


Independent عربية
٢٧-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
الاحتيال في مصر... سيناريو واحد لحوادث متكررة
للنصب قواعد وأصول، وللاحتيال أدوات ومدارس فكرية وتخطيطية مختلفة ومتجددة. ولا يخلو بلد في العالم من عمليات النصب والاحتيال. المحتالون في كل مكان، وضحاياهم أيضاً في كل بقعة من بقاع الأرض، لكن تظل الفروق الاجتماعية والثقافية حاكمة في قدرة النصاب والمحتال على إقناع الناس، واستعداد الناس للوقوع في براثن هؤلاء. وفي مصر، تتميز عمليات النصب والاحتيال بمذاقات مختلفة، ويحافظ النصابون على مر العقود على مكانة متفردة في عالم النصب على البسطاء وغير البسطاء، والاحتيال على كل من يعطّل العقل ويعادي المنطق وينجرف وراء حلم الربح الوفير والثراء السريع، من دون مجهود يذكر، أو ضرائب تُسدَد، أو عيون حكومية تنتقص من الخير المتدفق والرزق المنهمر. اهتزازات المجتمع المتكررة الجميع يتحدث هذه الأيام عن عملية نصب تهز منصات التواصل في مصر. نحو مئة مصري تقدموا ببلاغات رسمية تفيد بوقوعهم ضحايا عملية احتيال واستيلاء على أموالهم عبر منصة إلكترونية اسمها "أف بي سي". وقدرت المبالغ المستولى عليها بدعوى استثمارها في البرمجيات والتسويق الرقمي من المئة مصري بنحو مليوني جنيه مصري (نحو 39 ألف دولار أميركي). التقديرات غير الرسمية تشير إلى وقوع نحو مليون مواطن ضحية المنصة، وأن الأموال التي جرى الاستيلاء عليها تقدر بمليارات. "اهتزاز" منصات التواصل جراء عملية النصب واسعة النطاق ليس الاهتزاز الأول، ولن يكون الأخير. في عام 2022، اهتز عالم "التوك توك"، تلك المركبة الصغيرة التي قلبت الكثير من الموازين والقيم الشعبية المصرية رأساً على عقب، حين نجح أحد قادة هذه المركبة الصغيرة في الاستيلاء على نحو ربع مليار جنيه من أهالي أسوان، جنوب البلاد، الذين سلموه مواشيهم في مقابل أرباح طائلة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) قبلها ببضعة أعوام، تحديداً عام 2017، اهتز عالم التصدير والاستيراد، حين تمكّنت عصابة نصبت على مئات المصريين، واستولت منهم على مئة مليون جنيه بزعم تشغيلها في تصدير واستيراد مواد بناء عبر مكتبها الكائن في شرق القاهرة. في العام نفسه، تمكّنت عصابة في الدقهلية من النصب على عدد من أصحاب معارض بيع السيارات، واستولت منهم على ستة ملايين جنيه. كما تمكن شاب من جمع 30 مليون جنيه من 28 مواطناً بحجة تشغيلهم في السوق. قبلها وبعدها وأثناءها، توالى ظهور "مستريح" (مصطلح مصري يطلق على النصابين) في الإسكندرية استولى من المواطنين على 30 مليون جنيه ثم هرب، و"مستريح" في الجيزة احتال على البسطاء وجمع 300 مليون جنيه واختفى، و"مستريحة" في طنطا نصبت على مواطنين واستولت على 200 مليون جنيه، وغيرها الكثير من عمليات القائمة على وعود الربح الوفير والكسب السريع وضمان البركة شرط السرية، تارة بضمان "وعد الشرف" وأخرى بأوراق تبدو رسمية وعقود مزورة لكنها متنكرة في صورة موثقة. توثيق عمليات النصب والاحتيال التي تجري في مصر بشكل مستمر، وبسيناريو يكاد يكون ثابتاً لا يتغير، مع اختلاف الأدوات بحسب تطور الزمن، أمر مهم. الأكثر أهمية فك طلاسم وقوع الأشخاص أنفسهم في الفخ ذاته مرات ومرات، وتوريث توليفة الكسب السريع والانخداع بالمظهر، وتوقع أن تكون هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة من جيل إلى جيل إلى جيل. الطماع والمحتال جيل يسلم جيلاً، لا من النصابين والمحتالين، بل من ضحاياهم الذين يثيرون علامات الاستفهام في كل مرة، من دون أن يتمكن أحد من وضع إجابات منطقية أو تقديم تفسيرات عقلانية. الغالبية المطلقة من التفسيرات ترسخ لكليشيه واحد لا ثاني له: "طالما هناك طماع، سيبقى هناك نصاب ومحتال". الطمع المؤدي إلى ازدهار مهنة النصب والاحتيال أكل عليها زمان شركات توظيف الأموال الإسلامية، وقبلها بيع الميادين والشوارع ووسائل المواصلات العامة، وشرب عليها في العصر الحديث عبر منصات النصب الرقمي وتطبيقات الاحتيال الإلكتروني. كليشيه الطماع الذي يمد النصاب بأوكسجين الحياة لم يعد كافياً لتشريح الظاهرة. والصورة النمطية لضحايا النصب والاحتيال من البسطاء والمساكين والفقراء والأميين لم تعد تصلح إلا لإعادة تقديم أفلام الأبيض والأسود. ضحايا النصابين شباب وبالغون ومسنون، ذكور وإناث، متعلمون ونصف متعلمين وأميون، عمال يومية وأطباء ومهندسون ومعلمون، بل رجال ونساء يعملون في مجالات تتعلق بتطبيق القانون وتفعيل الوعي وإعمال العقل. يحلو للكثيرين عقب كل عملية نصب واحتيال مليارية أن يسارعوا إلى رفع راية الفقر والغلب والبؤس والحاجة، الرباعي الكلاسيكي الذي يبرئ ساحة "ضحايا" عمليات النصب المتكررة. الفلاح البسيط الذي باع ما يملك من قراريط بعدما أقنعه ابن عمه بإمكانية أن تصبح الـ 50 ألف جنيه 500 ألف في أقل من عام إذا ما شغّلها فلان في السوق، وعامل البناء الذي تنقل بين ليبيا والعراق والسعودية على مدار ربع قرن حتى تمكّن من جمع 400 ألف جنيه سلمها لـ"الأستاذ" الذي حاز ثقة أهل القرية بعد ما تمكّن من ضمان فائدة شهرية لعدد من الأهل والجيران تتراوح بين خمسة وعشرة آلاف جنيه حصيلة تشغيل مدخراتهم في سوق العقارات أو السيارات أو البهائم. وكذلك الأرملة التي ورثت عن زوجها 30 ألف جنيه لا تملك سواها فأقنعها أبناء الحلال بتسليمها لـ"الشيخ حسن" (الراجل بتاع ربنا) الذي يدير هذه الأموال في أسواق شرعية ويضمن لها دخلاً شهرياً يعينها على تربية الصغار وغيرهم الملايين من البسطاء والفقراء ممن طحنتهم الحياة الصعبة وجثم على صدورهم الغلاء والتعويم وارتفاع أسعار الطاقة والتضخم وخسائر قناة السويس وتعثر تحويلات المصريين من الخارج وارتفاع الدين الخارجي وتفاقم الدين الحكومي دائماً يجدون من يصنع لهم من ثالوث الفقر والعوز وحلم الخلاص السريع مخرجاً آمناً من وقوعهم السهل والسريع في شباك المحتالين. ثلاثة أجيال أسرة واحدة وقعت ثلاثة أجيال فيها ضحايا ثلاث عصابات نصب واحتيال مختلفة. الجد وقع في براثن إحدى شركات توظيف الأموال الإسلامية التي سطع نجمها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. الأب كان ضحية نصاب جمع الأموال من أهل القرية والقرى المجاورة للمضاربة بها في البورصة في التسعينيات. والابن أحد ضحايا أحدث عمليات النصب عبر المنصات الرقمية. الجد حامل شهادة الثانوية العامة، والأب خريج كلية التجارة، والابن الذي درس في كلية الحاسبات والمعلومات يعيشون تحت سقف واحد. هذا يحكي لذاك ما تعرّض له من نصب عبر شركات توظيف الأموال الإسلامية في الثمانينيات، وذاك يتذكر بحسرة وألم تحويشة العمر التي خسرها في مضاربة أحدهم بها في التسعينيات، والحفيد يبكي ويتألم على ما خسر من راتب عام كامل عبر منصة نصب رقمي واحتيال إلكتروني. وفي خضم هذا الزخم المعرفي بمفاهيم النصب، والثراء المعلوماتي بشتى أشكال الاحتيال، لا يذكر أحدهم كلمة أو يذرف دمعة على عقل غاب أو فكر بلا تفكير. جزء من التفسير يطرحه أستاذ الطب النفسي محمد المهدي في دراسة نفسية أجراها قبل عامين عن ظاهرة النصب والاحتيال في المجتمع المصري. يقول: "حين يكون الناس أكثر قابلية للإيحاء والاستهواء والاستلاب، تستشري عدوى بين النصابين، فيتوالى ظهورهم طمعاً في المال، ويتواتر أيضاً ظهور الضحايا بأعداد أكبر، تحت تأثير الاحتياج أو الطمع أو الغفلة أو السذاجة أو الكسل أو تقليد الآخرين". المهدي يطلق توصيف الوقوع تحت ضغط الجموع، أو الهستيريا الجماعية، أو سلوك الحشد، حيث يفقد الشخص قدرته على القراءة الموضوعية العقلانية، ويتحرك مع الجموع بمشاعره المتوجهة نحو الكسب السريع والمتوهجة بإشاعات وأخبار هذا الكسب الذي حققه آخرون، فيفقد الناس حذرهم المتوقع، ويسلمون أموالهم بسلاسة للنصاب الذي نصب لهم الفخ من خلال تقديمه نماذج كسب محدودة، كطُعم لصيد مئات، بل آلاف، وربما ملايين الناس. وهو يستخدم قاعدة بسيطة ألا وهي "يلبس طاقية ده لده"، أي يأخذ مالاً من هذا ليسلمه لذاك وكأنه الربح المضاعف، وهلم جرا. المهدي يقدم تفسيراً غير متداول كثيراً لشيوع وتكرار عمليات النصب والاحتيال بالطريقة ذاتها، وإن اختلفت الأدوات، شارحاً تركيبة المنصوب عليهم، ومحملاً إياهم قدراً من المسؤولية، وذلك عكس التيار الإعلامي السائد والذي يمعن في إضفاء المظلومية على المنصوب عليهم، مبرئاً ساحتهم تماماً من تكرار وقوعهم في الشباك ذاتها المرة تلو الأخرى. هل البيئة المصرية حاضنة للخداع؟ يقول المهدي إن المشكلة ليست في أن شخصاً خدع آخرين أو نصب عليهم، أو استغلهم، فهذا يمكن أن يحدث في أي مجتمع. لكن المشكلة هي في تكرار تلك الحوادث في المجتمع المصري بصورة لافتة للنظر، من نصّاب مدينة نصر، وقبله شركات توظيف الأموال، وقبلهم وبعدهم عدد كبير من رجال الأعمال نصبوا على البنوك وأخذوا منها المليارات وهربوا، وبشكل يدعو المتخصصين في مجالات علم النفس والاجتماع لأن يدرسوا هذه الظاهرة. ويطرح أستاذ الطب النفسي تفسيراً جديداً خاضعاً للنقاش، ألا وهو احتمالات حدوث "النصب المتكرر" على أفراد الشعب بسبب قابلية الناس للاستبداد أو الاستعمار؟ يتساءل: هل النصب المتكرر سببه أن لدينا أكبر عدد من النصابين مقارنة بغيرنا من الشعوب؟ أم لدينا عدد أكبر من السذج والغافلين والمغفلين؟ أم لدينا بيئة محرضة على النصب كما هي محرضة على الغش في الامتحانات وتزوير الانتخابات والرشوة والفساد والاستبداد والتحرش؟! يجيب المهدي أن كل ما سبق وثيق الصلة ببعضه البعض. يتحدث المهدي عن سيكولوجية المال والتملك، معتبراً دافع التملك من أقوى الدوافع الإنسانية لدى البشر، ويبدو وكأنه بديهية من بديهيات الحياة، بل إن نظرة سريعة إلى ما يدور حولنا كفيلة بأن تسلط الضوء على أن أغلب الصراعات تدور حول التملك، سواء مال أو ممتلكات أو وطن، وإن كانت تسمى بأسماء مختلفة. موضحاً أن التملك يتصل باكتساب الكثير من الأشياء المادية، إضافة إلى القوة والسيطرة، واكتساب الشعور بالأمان، وتقدير الذات وتمددها في الزمان والمكان. ويستطرد المهدي في شرح أسباب الرغبة في تملك مزيد من المال أو الممتلكات لدى كثيرين، ومنها ما يصل إلى درجة الشراهة، مثل الأثرياء أو المقتدرين الذين يقعون في شباك النصابين بحثاً عن المزيد حتى وإن كان بلا منطق أو سند عقلاني. يقول إن البعض يكون محروماً، لا من المال، بل من مشاعر الحب والمودة، وكم من طفل مدلل ومشبع إلى حد التخمة نشأ على فكرة الاستحواذ على ما لدى الغير، بغض النظر عن مدى احتياجه، ليعوض نقصاً في التربية. وهناك من يندفع من دون أن يدري بحثاً عن المال باعتباره مدخلاً إلى شراء الحب من المحيطين، أو قد يكون مدخلاً إلى السلطة التي تمنح صاحبها مزايا خاصة، لا سيما في المجتمعات التي تتزاوج فيها السلطة والثروة. ولأن الشره يعني عدم الشعور بالاكتفاء، فإن اكتناز البعض المال يشعره بالحاجة إلى المزيد طيلة الوقت، فتجده يقع في فخ النصابين مرة ومرتين وثلاث. يقول المهدي: "أحياناً يكون الوقوع في شرك النصابين والمحتالين لا يكون مرتبطاً بحاجة مالية عاجلة تهدأ بالحصول على قصر وسيارة ورصيد في البنك، بل بحاجة نفسية مستمرة لا تهدأ على رغم محاولات الإشباع المتكررة". يظن البعض أن تكرار عمليات النصب والاحتيال ظاهرة متصلة بالوقت الحالي، أو ظهرت عبر شركات توظيف الأموال والنصب الإسلامي في السبعينيات. حقيقة الأمر أنها قديمة قدم المجتمع، ولعل "لعبة الثلاث ورقات" إحدى أطرف وأبرز نماذج "أصالة" النصب و"قدم" الاحتيال. في ميدان العتبة وعند سور الأزبكية وفي حي الموسكي وغيرها من الأحياء الشعبية التجارية في القاهرة، كان محترف "الثلاث ورقات" من السمات المميزة للمكان. رجل يرصّ ورقات "الكوتشينة" على صندوق خشبي في الشارع، يلتف حوله المارة، يمسك بثلاث ورقات بينها "السنيورة" أو "البنت"، يبرزها للواقفين، ويحرك الورقات بسرعة، ومن يعرف مكان "السنيورة" يكسب قرشاً أو قرشين. في البداية يكسب أحدهم القرش، ثم يكسبه مجدداً، ثم يتشجّع الباقون فيراهنون على "السنيورة". يجمع الرجل عشرات أو مئات القروش، ثم تبدأ عملية النصب، فيخفي "السنيورة" ولا يتمكن أي من الواقفين من تحديد مكانها. يقول المهدي إن النصب والاحتيال له صور كثيرة، بعضها بدائي مثل "الثلاث ورقات"، والبعض الآخر يجري عبر المنصات الإلكترونية. بعضها شديد التعقيد ويعتمد على قدر بالغ الذكاء والابتكار من قبل النصاب، بل ربما يكون ذا منصب وثقة ومكانة في المجتمع، لذلك، كلما تمتع بقدرة على الغش والخداع والمراغة والكذب المتقن وتبديل الواقع وفهم أغوار النفس البشرية، وكلما امتلك مقاليد اللعب على دوافع التملك والإغراء بالمكسب السريع من دون عمل أو جهد أو منطق، يقنع المزيد من الناس بالتسليم له، وبينما هم في حالة "الخدر اللذيذ" يفيقون ذات صباح على الكارثة. ضاعت تحويشة العمر، وتبخر النصاب، وذلك في انتظار العملية المقبلة. بين النصاب والمنصوب عليه منظمة الأمم المتحدة تعرف الاحتيال بأنه "أي عمل يهدف إلى تضليل إنسان آخر عمداً للحصول على منفعة. يشمل الاحتيال على سبيل المثال لا الحصر إخفاء الحقائق أو تزويرها أو سرقتها أو الإبلاغ الكاذب عنها أو حجبها. ويهدف الاحتيال لتحقيق منفعة معينة". وعلى رغم آلاف حملات التوعية ومبادرات التثقيف ومحاولات التعريف بأن المال الذي يأتي سريعاً من دون جهد أو منطق أو سبب عقلاني، غالباً يتبخّر بالسرعة نفسها التي أتي بها، مع إضافة عنصر العمل الملتوي أو التصرف غير القانوني، فإن قناعة شعبية مصرية تسيطر على كثيرين ممن لديهم الاستعداد للوقوع في فخ النصابين بأن "هذه المرة مختلفة"، أو أن "الآخرين فقط هم من يقعون ضحايا المحتالين". الطريف أن الفرق الوحيد بين النصاب والمنصوب عليهم، يكون أحياناً في درجة الذكاء، وهي الدرجة التي ترشح هذا ليكون نصاباً وتضع ذاك في خانة المنصوب عليهم. وضمن الذكاء الذي يرفع أسهم النصابين استخدام وجهات مؤثرة للإمعان في الضحك على الذقون، أحياناً بالذقون. في عملية المنصة الإلكترونية الأخيرة، التي ما زال ضحاياها يتواترون على أقسام الشرطة لتقديم البلاغات، لقاءات تعريفية كانت تجري في قاعات الفنادق الأنيقة يقوم فيها أشخاص ملتحون مزودون بعلامة التقوى ودليل الورع وبرهان الإيمان، والمسمة بـ"زبيبة (علامة) الصلاة" على جباههم، مع لحى كثيفة، وهو المظهر "الإيماني" الذي تربط قاعدة عريضة من المصريين بينه وبين الصدق والورع والتقوى والاستقامة والبركة. إنه المظهر الإيماني الذي يضع صاحبه، سواء كان رجل دين أو رجل علم أو رجل حرفة يدوية أو رجلاً بلا عمل أو علم منزلة العلماء والقديسين، ويكسبه لقب "شيخ جليل" من دون تفكير أو تدقيق. هذا المظهر الإيماني أصبح متلازمة لإنجاح عملية النصب في المجتمع المصري منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي حقبة بدء انتشار نسخة الإيمان الجديدة المرتبطة بالتشدد والتدين المظهري. شركات توظيف الأموال الإسلامية دقت على هذا الوتر، وهو الدق الذي مكّنها من الاستيلاء على المليارات من الجنيهات من المصريين في الداخل والدولارات والريالات من المصريين في الخارج عبر 60 شركة، أغلبها يمسح نشاطه الإجرامي بمظهر إسلامي، مع وعد بالبركة التي تصف أضعاف المبالغ التي دفعها المنصوب عليهم. وتزامن ظهور هذه الشركات "الإسلامية" مع بدء نغمة تحريم التعامل مع البنوك واعتبار المتعاملين عاصين ومذنبين، لا سيما في ظل وجود شركات توظيف تتبع الشريعة وتلتزم بالفقه وأصول المعاملات الإسلامية. سهولة الوقوع في شباك كل من يتحدث بـ"قال الله وقال الرسول (ص)" من دون مراجعة أو تدقيق، مع تنامي ظاهرة فقدان الثقة بين المواطن والدولة أو الحكومة أو النظام، سواء لأسباب سياسية أو اقتصادية، أو دينية زرعها أمراء جماعات الإسلام السياسي على مدار عقود، أدت إلى ميل البعض إلى تفضيل توظيف الأموال بعيداً من أعين الدولة كلما أمكن ذلك، وحبذا لو كان "ذلك" مقدماً على طبق من فضة عبر رجل تقي ورع مقيم للصلاة على وقتها، ممسكاً بسبحة، مزيناً جبهته بـ"زبيبة" وذقنه بـ"لحية"، وحبذا لو مشعثة، ولا تخلو جملة من سند من القرآن، أو عبارة إلا ويذيلها بحديث أو قصة تبدأ بـ"جاء إعرابي". يقول المهدي، في هذا الشأن، إن الشخص النصاب غالباً يزين نفسه بأشخاص بارزين في المجتمع ليعطوه مصداقية كاذبة، أو يشيع بأنه جاء بوصية من أحد أولياء الله الصالحين ليساعد الناس، أو يظهر بقناع ديني ويدعو لافتتاح مشروعاته ومباركتها بعض رجال الدين، أو يظهر في فيديوهات توحي بثرائه وأمانته، أو يقوم ببعض الأعمال الخيرية مثل بناء مساجد أو بيوت للفقراء، ويبالغ في الحديث عن الأمانة والصدق والإخلاص. وعلى ذكر مباركة رجال الدين، فإنه يشار إلى أن عديداً من هذه الشركات روّج لها أئمة ودعاة حازوا احترام الملايين ومحبتهم، حتى إن البعض وضعهم في منزلة الصديقين والقديسين ويبنون لهم الأضرحة. يضيف المهدي، في دراسته عن تكرار عمليات النصب في مصر، إن النظريات الاقتصادية الحديثة أثبتت أن الناس ليسوا دائماً منطقيين في التعامل مع المال، بل يحيط تعاملهم الكثير من المشاعر والانفعالات والتحيزات، وهذا ما يراهن عليه النصّابون، ويصر عليه المنصوب عليهم، أمس واليوم وغداً. تكرار عمليات النصب والاحتيال، وتزايد الوقوع في شباكها في المجتمع المصري يمكن تفسيره في ضوء توليفة جديدة غير تلك التي تقصرها على نظرية الطمع والطماعين. المظهر الديني مع غياب ألف باء التفكير النقدي المصحوب بالرغبة في المزيد من الثراء أو الخروج من دائرة الفقر توفر عوامل استدامة النصب والاحتيال.


شفق نيوز
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- شفق نيوز
عبر منصة إلكترونية.. عملية نصب كبرى في مصر بمليارات الدولارات
شفق نيوز/ انطلقت في مصر عام 2024 منصة "أف بي سي" للتسويق الإلكتروني، مع وعود من قبل القيمين عليها بأنها قادرة على تحقيق أرباح للمشتركين بوقت قياسي ودون جهد كبير. وفي 2025 نالت المنصة شهرة واسعة بين أوساط المواطنين من خلال حملة دعائية ممولة على وسائل التواصل الاجتماعي. وأطلق القيمون على المنصة مطلع الشهر الجاري تطبيقا على "غوغل بلاي" وآبل ستور" تم تحميله آلاف المرات. اشترطت المنصة على المشتركين / المستثمرين اختيار باقات استثمارية، منها باقة بقيمة حوالي 200 دولار (11,200 جنيه مصري) تتيح لهم ربح مبلغ يقارب 9,5 دولار (495 جنيه مصري) يوميا. خطاب يوحي بـ"التدين" وبدأت فصول عملية الخداع تتوالى، حيث أفاد عدد من الضحايا أنه "كلما استثمرت أكثر، كلما حققت أرباح أكثر". مع استلام المستخدمين للأرباح بدأت ثقة المواطنين تزداد. وما زاد من طمأنينة الضحايا تداول مقاطع فيديو يظهر فيها بعض القائمين على منصة "إف بي سي" وهم يتحدثون للناس في خطاب ترويجي، مستخدمين لغة بسيطة ومحمسة، وبمظهر يوحي بالتدين والصدق. لكن الأمور لم تستمر على هذا المنوال، حيث حاول مستخدمون سحب أموالهم من المنصة دون أن يتمكنوا من ذلك، وبعد وقت قصير توقفت المنصة فجأة، وزعم مجلس إدارتها أنها تعرضت لهجوم سيبراني. القلق تفاقم لدى المستثمرين مع اكتشافهم أن "أف بي سي" لا تخضع لأي رقابة من أي هيئة مالية، فتوجه المئات لمراكز الشرطة للتبليغ عن المنصة. "بشبكات خارجية" والاثنين الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على القائمين على المنصة. وأوضحت الداخلية في بيان أنها تلقت خلال ثلاثة أيام بلاغات من أكثر من 100 مواطن بشأن المنصة، وأنهم تعرضوا لعملية احتيال. وجاء في البيان الذي نشرته الداخلية على حسابها على إكس أن التحريات أسفرت عن قيام تشكيل عصابي "يتزعمه ثلاثة عناصر يحملون جنسيات أجنبية موجودين داخل مصر لهم ارتباط بشبكة بالخارج"، وأضاف أنه قام هؤلاء "بالاتفاق مع 11 شخصا لتأسيس شركة بالقاهرة لممارسة نشاطهم الإجرامي والترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق الواتس آب مقابل عمولات مالية وكذا توفير خطوط هواتف محمولة لتفعيل محافظ إلكترونية عليها بيانات وهمية لاستخدامها في تلقى وتحويل الأموال". وتابع البيان "عقب تقنين الإجراءات تم ضبط 13منهم وبحوزتهم عدد من الهواتف المحمولة – 1135 شريحة هاتف محمول – جهاز "لاب توب" - مبالغ مالية عملات مختلفة قيمتها مليون و270 ألف جنيه (قرابة 25 ألف دولار)، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة على النحو المشار إليه.. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية". مليارات خلال أشهر وأفادت صحف مصرية أن السلطات ألقت القبض على أحد القائمين على الشركة في محافظ البحيرة، شمال غرب مصر، يدعى "أحمد. ع" (36 عاما) ويعمل "سائق توك توك"، وتبين وجود عدة محاضر ضده في عدد من المحافظات المجاورة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن أجهزة الأمن أنها تلقت بلاغات جديدة يوم الثلاثاء من عشرات المواطنين في محافظة الجيزة، المتاخمة للقاهرة، تفيد بتعرضهم للاحتيال من قبل القائمين على منصة "إف بي سي" والاستيلاء على أموالهم. كما تناقل رواد مواقع التواصل المصرية أنباء عن أن القائمين على "إف بي سي" تمكنوا من جمع مليارات الدولارات خلال الأشهر الماضية، عبر الاحتيال على أكثر من مليون شخص، وأن من بين هؤلاء تقدم 101 شخص فقط ببلاغات.


تحيا مصر
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- تحيا مصر
إغلاق منصة RGA الإلكترونية بتهمة الاستيلاء على أموال المواطنين
كشفت مصادر مطلعة عن سقوط تأتي هذه الواقعة بعد يوم من ضبط مسؤولي منصة FBC، التي تم اتهامها بالاستيلاء على أكثر من مليون جنيه من أموال المصريين، وذلك بناءً على 101 بلاغ تم تقديمها للأجهزة الأمنية، وفقاً لما أعلنته وزارة الداخلية في بيان سابق. وأكدت المصادر أن منصة RGA كانت تبدأ عملها من خلال اشتراك بسيط يُدفع من قبل العملاء، ثم تُسلم أجزاء من الأرباح مقابل مشاهدة فيديوهات، بعد ذلك، تُحفز المنصة مستخدميها للاستثمار بمبالغ مالية ضخمة مقابل وعود بأرباح خيالية. كشف وزارة الداخلية ملابسات ما ورد من شكاوى لـ 101 مواطن، خلال الفترة من 22 فبراير الجاري وحتى الآن، بتضررهم من القائمين على أسفرت عمليات الفحص والتحري عن تحديد تشكيل عصابي مكون من ثلاثة أفراد يحملون جنسيات أجنبية ويعيشون في البلاد، مرتبطين بشبكة إجرامية خارجية متخصصة في النصب والاحتيال الإلكتروني. هؤلاء الأشخاص قاموا بتأسيس منصة "FBC" بالتعاون مع 11 شخصًا آخرين في القاهرة للترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق "واتس آب" مقابل عمولات مالية. كما قاموا بتوفير خطوط هواتف محمولة لتفعيل محافظ إلكترونية ببيانات وهمية، وذلك لاستقبال وتحويل الأموال المستولى عليها، قبل أن يتم غلق المنصة ومقر الشركة. بعد تقنين الإجراءات، تم ضبط 13 من أفراد التشكيل العصابي، وعُثر بحوزتهم على العديد من الهواتف المحمولة، 1135 شريحة هاتف محمول، جهاز "لاب توب"، بالإضافة إلى مبالغ مالية عملات مختلفة تقدر بنحو مليون و270 ألف جنيه. وبمواجهتهم، اعترفوا بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم. وفي هذا السياق، تحذر وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع التطبيقات المجهولة المصدر التي يتم بثها عبر الإنترنت، بزعم تحقيق أرباح مالية سريعة، وذلك لتجنب الوقوع ضحية لعمليات النصب والإحتيال وفقدان أموالهم. حصل موقع تحيا مصر على صور المتهمين في واقعة النصب على ضحايا مصريين بحجة استثمار اموالهم مقابل 490 جنيه في اليوم والمعروفة إعلاميًا بواقعة في ضربة أمنية جديدة لمكافحة جرائم النصب الإلكتروني، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على 14 متهمًا متورطين في عملية احتيال كبرى استهدفت المواطنين عبر تفاصيل الواقعة شهدت الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في عدد الضحايا الذين تعرضوا للاحتيال من قبل المنصة، حيث تم استقطابهم من خلال وعود زائفة بتحقيق أرباح طائلة عبر تحركات أمنية وضبط المتهمين بناءً على بلاغات متكررة من الضحايا، كثفت ارتفاع عدد الضحايا واستمرار التحقيقات تزامنًا مع الضبط الأمني، تزايدت أعداد الضحايا الذين تقدموا ببلاغات تفيد بتعرضهم للنصب، حيث أكدت مصادر أمنية أن التحقيقات لا تزال مستمرة لكشف باقي المتهمين وحصر حجم الأموال المنهوبة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين. وتحذر الأجهزة الأمنية المواطنين من الانسياق وراء مثل هذه المنصات غير الموثوقة، داعية إلى التأكد من شرعية أي استثمار إلكتروني قبل ضخ أموالهم فيه. في واقعة مشابهة لعملية "هوج بول"، تمكن نصابون محترفون من دول مختلفة من إيقاع 190 مواطنًا مصريًا في فخ احتيالي. تفاصيل هذه الحادثة المثيرة تشير إلى تنسيق بين أفراد من جنسيات متعددة، حيث استغلوا ثقة الضحايا في عروض استثمارية وهمية، تمكن هؤلاء المحتالون من إقناع الضحايا بالاستثمار في مشاريع غير موجودة، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة للمواطنين المصريين. هوج بول في واقعة مثيرة تكشف تفاصيلها السطور التالية، يروي بعض الضحايا، تجربة تعرضهم للنصب في مايو 2024، تم افتتاح شركة "أف بي سي" التي تدعي عملها في مجال التسويق الإلكتروني وتحميل التطبيقات الإلكترونية، وتزعم أنها مرتبطة بشركات في إنجلترا. تطبيقات إلكترونية بدأت الشركة في الترويج لنفسها من خلال حملات تسويقية واعدة، حيث قدمت عروضًا لفرص تحميل تطبيقات إلكترونية مقابل مهام يومية تصل قيمتها إلى 490 جنيهًا في اليوم مقابل تحميل 35 تطبيقًا، سرعان ما انتشرت هذه الوعود عبر وسائل التواصل، بما في ذلك وعود بدفع الأموال عن طريق "فودافون كاش"، حيث كان يتم دفع المبالغ بشكل أسبوعي. وبحسب بعض الضحايا، كانت الحسابات التي تم فتحها في الشركة تشهد زيادات في الرصيد بشكل مستمر مقابل إتمام المهام اليومية. لكن الأمور لم تسر على ما يرام، ففي أحد الأيام، طلبت الشركة من المشاركين شراء مستلزمات رمضانية مثل الطعام والهدايا كشرط للحصول على المكافآت المتفق عليها، والتي تراوحت قيمتها بين 5 آلاف و 10 آلاف جنيه. في وقت لاحق، تم إبلاغ الأعضاء بأنه يجب تجميد المبالغ المالية تحت مسمى "زيادة السند الوظيفي"، مما أثار تساؤلات عدة حول النوايا الحقيقية للشركة. لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما أعلن القائمون على الشركة تأجيل موعد سحب المكافآت بسبب ما سموه "عيد الشجرة"، وبعدها تم إبلاغ المشاركين بتأجيل آخر لمدة 73 ساعة إضافية، مما أثار استياء وغضب المشاركين. الشركة، التي تدعي أنها تهدف إلى توفير فرص عمل وزيادة الدخل للأفراد، لا تزال مغلقة، فيما قرر عدد من الضحايا تقديم محاضر ضدها، معتبرين إياها شركة غير قانونية. ومن جانبه، مع التطور التكنولوجي في عالم الإتصالات والإنترنت، وظهور مواقع التواصل الإجتماعي والتطبيقات الحديثة والفوائد العديدة التي ترجع علي البشر من إستخدامها، لكن تتعدد أيضا وسائل النصب الإلكتروني بطرق وأساليب مختلفة، و منها حصول الجناة علي البيانات الشخصية للضحايا بدعوي تحديث البيانات البنكية علي سبيل المثال، ومؤخرا ظهرت طريقة جديدة وشكل جديد للنصب متمثلة في التطبيق الإلكتروني "هوج بول" الذي إدعي مشغلوه تشغيل الأموال بنسب أرباح خيالية في وقت قصير، وبعد جمع مبلغ كبير من الكثير من الأشخاص، تم غلق التطبيق وحاول القائمين علي إدارته الهرب، لولا يقظة الأجهزة الأمنية التي القت القبض عليهم. قال المهندس أحمد طارق، خبير أمن المعلومات، أن واقعة النصب الشهيرة لتطبيق "هوج بول" مبنية علي وجود العملات الرقمية، و شدد علي أن إستخدام العملات الرقمية والتعدين عنها في مصر ممنوع منعا باتا ويعاقب عليه القانون المصري بعقوبات رادعة، لأن العملات الرقمية هي عملات لا مركزية تدار عن طريق التداول، والعرض والطلب عليها، بمعني أن تداولها بالبيع والشراء هو الذي يحدد قيمتها، ومنها العملات المشهورة والمعروفة بشكل كبير عند معظم المتداولين في مجال العملات الرقمية مثال البيتكوين والأثيريوم، مؤكدا علي أنها غير قانونية تماما وممنوع تداولها، ولا ينصح أي أحد بالتعامل فيها. وأضاف "طارق" أثناء إستضافته في برنامج 8 الصبح علي قناة دي إم سي، أن طريقة تعدين العملات الرقمية تكون من خلال أجهزة حاسب ألي ذات امكانيات عالية، وغالية الثمن تقوم بحل خوارزميات وبرمجيات تساعد في إستخراج العملة من الفضاء الإلكتروني، و لفت إلي وجود شركات وهمية عديدة تدعي اقامة مستودعات لتشغيل أجهزة الكمبيوتر في التعدين وإستخراج العملات الرقمية، ونظرا لسعر الأجهزة الباهظ يعرضون تأجير هذه الأجهزة عن بعد لمدة سنة مقابل مبلغ معين، ويدر علي المؤجر عائد يومي يترتب علي حسب المبلغ المدفوع مابين 10 إلي 30 دولار، ويتم دفع الأرباح الوهمية بصورة منتظمة لتحويل المؤجرين إلي مسوقين لهذه الشركات بطريقة غير مباشرة من خلال التحدث عن أرباحهم الكبيرة وإستقدام المزيد من الضحايا، وحذر من تصديق هذه الادعاءات والتي يتداولها بعض البلوجرز والتيكتوكرز للترويج لهذه الطريقة الجديدة من النصب والإحتيال. وحذر من إستغلال التريندات المعروفة في النصب الإليكتروني وضرب مثل عن إقتراب شهر رمضان المبارك، وإنتشار إعلانات و مواقع التبرعات الخيرية المزيفة التي تدعي تحصيل مبالغ موجهة لعمل الخير، ونصح بالتبرع للجهات المعتمدة المعروفة والمرخصة لها بذلك الغرض، و مواقع تعلن عن وجود وظائف خالية برواتب خيالية مقابل الدفع، قائلا: "مافيش وظيفة مقابل دفع" ، بالإضافة إلي مواقع التسويق الإلكتروني المزيفة وهي أكثر المواقع خطورة والتي تجذب ضحاياها بما تعرضه من أسعار غير منطقية تحت مسمي التخفيضات الكبيرة، و وجوب التأكد من الروابط بهذه المواقع قبل الدخول عليها، وما يتم تداوله علي تطبيق شات قنوات التليجرام بجروبات للمضاربة بالعملات الرقمية، وعمل توصيات بالشراء في أوقات معينة والبيع بعدها لتحقيق الأرباح، وأن ما يحكي عن الأرباح الخيالية للإستثمار فيها هو نصب، وشدد علي المواطنين بضرورة إبلاغ الأجهزة الأمنية عن أي عملية نصب إليكتروني يتعرضون لها، ونصح بعدم تصوير البطاقة الشخصية والبطاقات البنكية وإرسالها لأي موقع، وعدم الإفصاح عن أي بيانات شخصية علي أيا من المواقع إلا الموثوقة بشكل قاطع.


النهار المصرية
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- النهار المصرية
بعد واقعة fbc.. اللواء رأفت الشرقاوي: القانون عاقب على جرائم توظيف الأموال
أكد اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية السابق للأمن العام على أن وزارة الداخلية فى العديد والعديد من رسائل التحذير، ناشدت من قبل المواطنين بالبعد عن منصات النصب الإلكتروني التى تقوم بالاحتيال عليهم وتستولى على أموالهم بزعم إستثمارها فى مجال البرمجيات والتسويق الإلكترونى وإيهامهم بمنحهم أرباح مالية مزعومة. وكشفت وزارة الداخلية ملابسات ما تبلغ من عدد 101 مواطن خلال الفترة من 22 الجارى وحتى حينه بتضررهم من القائمين على منصة إلكترونية بمسمى "FBC" عبر شبكة الإنترنت لقيامهم بالإحتيال عليهم والإستيلاء على أموالهم والتى بلغ إجماليها قرابة "2 مليون جنيه" بزعم إستثمارها لهم فى مجال البرمجيات والتسويق الإلكترونى وإيهامهم بمنحهم أرباح مالية مزعومة . أسفرت عمليات الفحص والتحرى عن قيام تشكيل عصابى ( "يتزعمه ثلاثة عناصر يحملون جنسيات أجنبية "متواجدين بالبلاد" مرتبطين بشبكة إجرامية بالخارج ) متخصص فى مجال النصب والإحتيال الإلكترونى والإستيلاء على أموال المواطنين بزعم إستثمارها لهم عبر منصة إلكترونية بمسمى "FBC" ، وقيامهم بالإتفاق مع عدد 11 شخص لتأسيس شركة بالقاهرة لممارسة نشاطهم الإجرامى والترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الإجتماعى وتطبيق الواتس آب مقابل عمولات مالية وكذا توفير خطوط هواتف محمولة لتفعيل محافظ إلكترونية عليها ببيانات وهمية لإستخدامها فى تلقى وتحويل الأموال المستولى عليها وعقب ذلك تم غلق المنصة ومقر الشركة.عقب تقنين الإجراءات تم ضبط (13منهم) وبحوزتهم (عدد من الهواتف المحمولة – 1135 شريحة هاتف محمول – جهاز "لاب توب" - مبالغ مالية عملات مختلفة قيمتها "مليون و270 ألف جنيه ")، وبمواجهتهم إعترفوا بإرتكابهم الواقعة على النحو المشار إليه.. وتم إتخاذ الإجراءات القانونية. وتحذر وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع مثل تلك التطبيقات المجهولة المصدر التى يتم بثها عبر شبكة الإنترنت بزعم تحقيقها أرباحاً مالية سريعة لعدم تعرضهم للنصب والإحتيال وفقدان أموالهم . ☐ عملية نصب محترفة وضحايا بالآلاف، هذا ما حدث مع تفجر قضية استثمارات وهمية بمليارات الجنيهات ، القضية بدأت مع ظهور منصة تسويق إلكتروني يطلق عليها أف بي سي "FBC" في عام 2024 ، ادعى القائمون على المنصة أنهم قادرون على تحقيق أرباح للمستثمرين مقابل تنفيذ بعض المهام مثل التفاعل مع إعلانات أو منتجات معينة أو مشاهدة فيديوهات على الإنترنت فى أوقات ومددة معينة. وانتشرت المنصة بسرعة كبيرة في 2025 بعدما وعدت بتحقيق أرباح هائلة، وادعاءها أنها شركة مرخصة، وخلال ساعات من إطلاق التطبيق الخاص بها على متجري "جوجل بلاي" و"آبل ستور" في بداية فبراير الجاري، تم تحميله نحو 15 ألف مرة، إثر حملة إعلانات ممولة على تطبيقات التواصل الاجتماعي ، وبدأت فصول عملية الخداع وفق ما يوقل الضحايا عندما اشترطت الشركة الدفع أولا قبل الحصول على الأرباح، "وكلما استثمرت أكثر، كلما حققت أرباح أكثر". وقالت تقارير محلية إنها عرضت نظام اشتراكات يختار المستخدم منه باقة استثمارية معينة، منها باقة للمشترك من المصريين بقيمة 11200 جنيه مصري (حوالي 200 دولار) تتيح له ربح 490 جنيها يوميا) ومكافأة قدرها 5000 جنيه. وأشار اللواء رأفت الشرقاوي إلى أنه مع استلام المستخدمين للأرباح بدأت ثقة المواطنين تزداد ، ثم أخذت الأمور منحى آخر ، حاول المستخدمون سحب أموالهم لكن لم يتمكنوا وزعمت الشركة أن السبب في ذلك راجع لضغط المستخدمين على المهام ، ثم توقفت المنصة فجأة، وزعم مجلس إدارتها تعرضها لهجوم سيبراني، ووعد بإصلاح الخلل، وهو الأمر الذي ما لم يحدث. وزادت حالة القلق بين المستثمرين خلال الأسبوعين الأخيرين، بعدما تبين أنها لا تخضع لا تخضع للتنظيم من قبل أي هيئات مالية معتمدة، ووجود مخاطر في التعامل معها مع التغييرات الأخيرة في سياسات السحب وزيادة القيود عليها. وبدأت حالة من القلق خلال الأسبوعين الأخيرين بين المستثمرين في المنصة وتبين أن شركة «Different Choice Fbc Inc» المرتبطة بالمنصة، لا تخضع للتنظيم من قبل أي هيئات مالية معتمدة، ووجود مخاطر في التعامل معها، خصوصًا مع التغييرات الأخيرة في سياسات السحب وزيادة القيود عليها ، ورغم التحذيرات من المنصة استمر عدد كبير من المواطنين في وضع أموالهم والاستثمار في المنصة رغبة في تحقيق مكاسب سريعة خلال فترة قصيرة. ونظمت إدارة المنصة حفلًا للضحايا في منطقة كورنيش إمبابة، قبل أيام من إغلاق تطبيق FBC وافتضاح عملية النصب ، واختفت المنصة فجأة، وزعم مجلس إدارتها تعرضها لهجوم سيبراني، ووعد بعودة الأمور إلى نصابها الصحيح فور إصلاح الخلل التقني ، انتظر جموع المشتركين إصلاح الخلل ولم يحدث شيء، فتوجه المئات لمراكز وأقسام الشرطة لتحرير محاضر ضد المنصة وإدارتها بعد نجاحهم في جمع 6 مليارات دولار من المستخدمين. وعلى الفور، توجه مئات الضحايا لمراكز وأقسام الشرطة لتحرير محاضر ضد المنصة وإدارتها بعد نجاحهم في جمع أموال طائلة من المستثمرين ، اقتربت من ستة مليار دولار . وشدد مساعد وزير الداخلية السابق للأمن العام على تصدى القانون لمن يقوم بالاستيلاء على أموال بعض المواطنين بحجة توظيفها لهم، وفرّق القانون بين النصب وتوظيف الأموال، ففى حال النصب يتم تحرير محضر بالنصب، وحال جريمة توظيف الأموال، يتم معه إخلاء سبيل المتهم أو يحصل على حكم البراءة . ولفت إلى أن قانون العقوبات حدد عقوبات رادعة منذ أن قام بتجريم «توظيف الأموال» فى القانون رقم 146 لسنة 1988، وذلك بعد أن وجد أن المادة 336 لم تجرم مثل هذه الأنشطة ولا تحمل الردع الكافى لـ«المستريحين». كما أن القانون نص فى المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988: «كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مثل ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها، ويحكم على الجانى برد الأموال المستحقة إلى أصحابها»، وهذه العقوبة لم تأتِ بها المادة 336 من القانون الخاص بتجريم جريمة النصب.


Independent عربية
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
حكايات المصريين مع الاحتيال الإلكتروني: ضاعت "تحويشة العمر"
بين عشية وضحاها انقلبت حياة الشاب العشريني محمود محسن عاكف رأساً على عقب وتبخرت أحلامه بعدما سقط فريسة في أيدي عصابات النصب والاحتيال الإلكتروني بمنصة شركة "أف بي سي" للتسوق الإلكتروني بعد إغرائه بتحقيق مكاسب مالية سريعة في فترة زمنية وجيزة، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن. وفي شهادته يحكي عاكف الذي يعمل سائقاً في أحد تطبيقات النقل الذكي ويقطن في حي السيدة زينب الشعبي وسط القاهرة، "نصحني كثير من أصدقائي بالاشتراك في المنصة من أجل جني أرباح طائلة، وأكدوا أن أرباحها سريعة ومضمونة المكسب، وهناك من تربح من ورائها ملايين الجنيهات". ويضيف، "تحمست للفكرة وبدأت خطوات التنفيذ فعلياً في ديسمبر (كانون الأول) 2024 بالاشتراك في باقة 3600 جنيه (71,08 دولار أميركي)، التي كانت تمنح مبلغاً يقارب 120 جنيهاً (2.37 دولار أميركي) يومياً، وحققت مكاسب كثيرة، مما شجعني على تكرار التجربة أملاً في كسب أرباح أكثر، ثم بدأت المنصة تسوق إلى أن الأرباح ستُصرف أسبوعياً وليس يومياً، ولم أشعر بضيق من ذلك". بيع ذهب الزوجة اضطر الشاب العشريني إلى بيع ذهب زوجته واستغلال المبلغ المالي الذي كان يدَّخره لسداده مقدم شقة في مشروع الإسكان القومي من أجل تجميع مبلغ يقارب 56 ألف جنيه (1,106.66 دولار أميركي) لوضعها في المنصة من أجل الاستفادة من أرباحها المالية. ظل حلم الثراء السريع يداعب عاكف، مما جعله يستجيب لطلبات الشركة مالكة التطبيق التي كانت تتعهد صرف مكافآت وهدايا قيمتها 5 آلاف جنيه (98.81 دولار أميركي) من أجل شراء مستلزمات شهر رمضان، ثم القيام بالترويج لتلك الهدايا عبر الأبلكيشن لتشجيع آخرين على المشاركة، وكانت المنصة تعتمد آنذاك على وسائل التواصل الاجتماعي في جذب العملاء، واستغلت شهادات أشخاص ادعوا تحقيق ثروات من خلالها وشراء فيلات وسيارات فاخرة خلال أشهر معدودة لاستقطاب كثير من الشباب الراغبين في الثراء السريع وتجربة المنصة. فوجئ الشاب العشريني قبل أسبوع أثناء إجراء عملية سحب الأموال التي تنفقها الشركة بإغلاق التطبيق وأصبح مجرد "صفحة بيضاء"، بحسب تعبيره، مما جعله يشعر أنه وقع ضحية النصب والاحتيال المالي. حاول عاكف التواصل مع مسؤولي الشركة لاستعادة ماله، إلا أنه لم يُستجب له، مما اضطره للذهاب لتحرير محضر في مباحث الإنترنت في منطقة العباسية بالقاهرة، متهماً مسؤولي الشركة بالاحتيال والنصب. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية أخيراً أنها تمكنت من ضبط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين عبر منصة إلكترونية تسمى "أف بي سي" بعد تلقيها بلاغات من 101 مواطن خلال الفترة من الـ22 من فبراير (شباط) حتى أمس بتضررهم من القائمين على المنصة عبر شبكة الإنترنت لقيامهم بالاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم التي بلغ إجماليها قرابة مليوني جنيه بزعم استثمارها لهم في مجال البرمجيات والتسويق الإلكتروني وإيهامهم بمنحهم أرباح مالية مزعومة. وبحسب بيان الداخلية أسفرت عمليات الفحص والتحري عن قيام تشكيل عصابي يتزعمه ثلاثة عناصر يحملون جنسيات أجنبية موجودين بالبلاد مرتبطين بشبكة إجرامية بالخارج متخصص في مجال النصب والاحتيال الإلكتروني والاستيلاء على أموال المواطنين بزعم استثمارها لهم عبر منصة إلكترونية تسمى "أف بي سي"، وقيامهم بالاتفاق مع 11 شخصاً لتأسيس شركة في القاهرة لممارسة نشاطهم الإجرامي والترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق "واتساب" مقابل عمولات مالية، وكذلك توفير خطوط هواتف محمولة لتفعيل محافظ إلكترونية عليها ببيانات وهمية لاستخدامها في تلقي وتحويل الأموال المستولى عليها، وعقب ذلك جرى غلق المنصة ومقر الشركة. ووفق تقارير صحافية محلية استولت المنصة على نحو 6 مليارات دولار من أكثر من مليون شخص بدعوى العمل في التسويق الإلكتروني. ضياع تحويشة العمر حال الرجل الأربعيني عبدالعظيم صلاح عبدالعظيم السائح لا يختلف كثيراً عن عاكف، إذ تعرض أيضاً لعملية نصب مالي في تلك المنصة بعد دفعه مبلغاً مالياً يقارب 90 ألف جنيه (1,778.56 دولار أميركي). بصوت متهدج وبكلمات لا تخلو من الحسرة والأسى يقول عبدالعظيم الذي يملك مقهى شعبياً بقرية عزبة رجب عطية في المحلة الكبرى ويعول 4 أبناء في مراحل عمرية مختلفة، إنه تعرض و300 شخص آخرين في القرية نفسها لعملية احتيال من قبل تلك المنصة الإلكترونية منهم من اضطر إلى بيع ممتلكاته، ومنهم من اضطر إلى بيع الجاموسة التي يُرزق من خلالها، ومنهم من باع أجزاءً من عفش منزله نظير المشاركة في تلك المنصة، مشيراً إلى أنه اضطر شخصياً إلى إنفاق مبلغ مالي حصل عليه من "جمعية" كان يدخرها لزواج ابنته وإعداد فرح كبير لها بالقرية. يقول عبدالعظيم في شهادته، "كنت متحمساً للمشاركة بعد إغراء كثير من أصدقائي بحتمية المشاركة من أجل حصد مكاسب مالية سريعة، ولجأت إلى تجربة المشاركة في إحدى باقات المنصة بمبلغ مالي ضئيل يقارب 3600 جنيه (71.14 دولار أميركي)، ومع تحقيق مكاسب سريعة، تشجعت لزيادة القيمة المالية بالعمل بباقة 11.200 جنيه (217.38 دولار أميركي)، ومع زيادة الربح اضطررت إلى مضاعفة المشاركة بـ8 محافظ إلكترونية بمبلغ يصل لـ90 ألف جنيه (1,778.56 دولار أميركي)". يقول الرجل الأربعيني في شهادته، "لم أحصل سوى على 43 ألف جنيه فقط (849.76 دولار) من إجمال ما أنفقته في المنصة، وباقي أموالي أصبحت في مهب الريح، وأشعر بالحزن بعد ضياع تحويشة العمر بسبب الطمع الذي ملأ عيني بالمكسب السريع، وجعلني أقوم بوضع كل ما أملكه في تلك المنصة من أجل الاستفادة من الأرباح المالية منها، ولا أعلم ماذا أفعل حالياً لكي أستعيد أموالي، وكيف سأقوم بإعداد فرح ابنتي؟". وذاع صيت منصة "أف بي سي" في مصر قبل أشهر عدة عندما بدأ الترويج إليها عبر قنوات مختلفة ومن خلال مجموعة من الأفراد فيما يشبه التسويق الشبكي، على أنها أداة توفر للمتعاملين معها فرصة تحقيق أرباح مقابل تنفيذ بعض المهام الموكلة إليهم عبر الإنترنت، ما بين التفاعل مع صفحات ومنتجات مختلفة، وكذلك مشاهدة فيديوهات والإعجاب بها وتحميل برامج في أوقات محددة، وكانت تتبع نظام (الدفع من أجل الربح)، إذ يقوم المتعاملون بدفع قيمة مالية مقابل مهام تسويقية يتم تكليف المستخدم بها فور فتح حساب على تطبيق المنصة شرطاً للحصول على الربح، وكلما كانت باقة المستخدم أكبر كان ربحه اليومي أكثر. شكوك ومخاوف المأساة ذاتها عبر عنها محمد صبحي عمر (32 سنة)، الذي يعمل مصمم غرافيك في إحدى الشركات الخاصة ويقطن في مدينة شبين القناطر بالقليوبية شمال مصر، موضحاً أنه بدأ المشاركة في المنصة قبل 4 أشهر بالدخول في باقة كلفتها 11.200 جنيه (217.38 دولار أميركي) استدان المبلغ من أصدقائه، بعد نصائح من بعض أقاربه المشاركين فيها. بصوت خافت يقول صبحي، "كنت متشككاً في البداية في مدى صدقية تلك المنصة، وكنت أخشى من الوقوع في عملية نصب واحتيال مالي مثلما حدث في وقائع عديدة مشابهة من قبل، مما جعلني ألجأ إلى الشركة نفسها للاطلاع على الأوراق والمستندات التي تثبت صحة نشاطها، وبالفعل أطلعني أحد المسؤولين بالشركة على السجل التجاري والبطاقة الضريبية، وختم النسر على الأوراق". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "قامت الشركة بدعوتي لحفل عشاء في حي إمبابة نظمه أحد الوسطاء بالشركة، الذي أسهم في استقطاب 400 شخص للاشتراك بالمنصة، وتعرفت على مسؤولي الشركة وأماكن فروعها الرسمية والزائرين إليها، ووجدت أن جميع التفاصيل مطمئنة، لذلك تحمست للمشاركة"، وفق صبحي. لجأ صبحي إلى الاشتراك في أكثر من باقة بالمنصة الإلكترونية بدأت بباقة 900 جنيه (17.79 دولار أميركي) التي تمنح 30 جنيهاً (0.59 دولار أميركي) يومياً، وباقة 3600 جنيه (71.14 دولار أميركي) التي تمنح 120 جنيهاً (2.37 دولار أميركي) يومياً، ثم مضاعفة المشاركة في باقة 11.200 جنيه (217.38 دولار أميركي) التي تمنح 350 جنيهاً (6.92 دولار أميركي) يومياً، و37 ألف جنيه (731.19 دولار أميركي) التي تمنح 1200 جنيه (23.71 دولار أميركي) يومياً، وهناك باقات كانت تصل كلفتها إلى 2.5 مليون جنيه، مشيراً إلى أن عملية السحب كانت تتم بصورة يومية قبل أن تفرض المنصة لاحقاً قيوداً على السحب، وكانت تمنحنا الأرباح في شهورها الأولى، وبذلك تمكنت من كسب الثقة، وزيادة الباقات لدفع أكبر عدد ممكن من الالتحاق بها، مع مغريات مختلفة كهدايا مثل "شنطة رمضان". شعر صبحي بالصدمة حينما فوجئ بعدم تمكنه من سحب أرباحه، ثم زَعْم الشركة بدايةً أن السبب إجازة مرتبطة بأحد الأعياد الخاصة بمناسبة دينية خارج مصر، ثم تحدثت الشركة لاحقاً عن مشكلات بسبب الضغط المكثف، قبل أن تعلن تعرضها لاختراق من قبل قراصنة مجهولين، مردفاً "أبلغتنا الشركة أنه من أجل استرداد حساباتنا علينا دفع أموال مقابل استرداد البيانات، وذلك قبل أن تغلق حساباتنا وتختفي تماماً". لا أحد يستجيب كذلك لجأ نور أحمد السيد (24 سنة) الذي يقطن حي السيدة زينب الشعبي ويعمل بأحد تطبيقات توصيل الطعام للمنازل إلى استدانة مبلغ من أصدقائه لكي يتمكن من المشاركة بالمنصة الإلكترونية، لكن أحلامه تبخرت ليقع فريسة للقائمين على تلك المنصة ويتكبد خسارة 40 ألف جنيه (790.47 دولار). بدأ نور المشاركة في المنصة منذ 7 أشهر وحقق ربحاً في البداية بلغت قيمته 12 ألف جنيه (237.14 دولار أميركي)، واستمر في الحصول على مكاسب وأرباح مالية يوماً تلو الآخر عبر المحافظ الإلكترونية، مما شجعه لإقناع 3 من زملائه بخوض التجربة والدخول بمبالغ مالية تراوح ما بين 3600 و11.200 جنيه. ويضيف نور أن المنصة كانت تعمل بنظام المستويات المختلفة أو ما يعرف بـ(الباقات الاستثمارية)، فلكل عميل أو مشترك باقة محددة القيمة المالية التي يقوم بسدادها، ويمكن زيادتها لاحقاً، وبناءً على كل قيمة يحصل على أرباح يومية (مغرية) من تنفيذ المهام الموكلة إليه. فوجئ نور أثناء قيامه قبل أيام بعملية سحب للحصول على ربح مالي يقدر كلفته بـ4000 جنيه (79.05 دولار أميركي) بقيام الشركة بتأكيد أن عمليات السحب ستتأخر نسبياً على غير المعتاد، ولم يكن أمامه وسيلة أخرى سوى الانتظار، لكن الأمر انتهى إلى إغلاق التطبيق نهائياً، مما أجبره على اللجوء للجهات الأمنية لتحرير محضر رسمي بواقعة النصب. يقول نور، "حاولت كثيراً التواصل مع مسؤولي الشركة، إلا أنه لم يستجب أحد منهم، ولجأت إلى أحد أصدقائي المقربين من الشركة، لكنني اكتشفت أنه أيضاً تعرض للاحتيال"، متسائلاً، "لا أعلم ماذا سأفعل مع زملائي الذين أقنعتهم بالاشتراك في المنصة؟". الطمع والجشع وتعقيباً على ذلك يقول المتخصص في نظم المعلومات مصطفى أبو جمرة إن الطمع والجشع ورغبة عديد من المواطنين في الثراء السريع وجني أرباح مالية في فترة زمنية قصيرة هو السبب الرئيس وراء تزايد وقائع النصب الإلكتروني، موضحاً أنه يجب أن تكون هناك "صرخة إعلامية" لعدم تكرار تلك الجرائم. ويشير أبو جمرة خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى أن تلك المنصات لديها خبرة ودراية كافية بالتركيبة المجتمعية وتعتمد على التسلسل التوزيعي من خلال استقطاب الراغبين في تحقيق الأرباح السريعة وإشاعة هذا الأمر في دوائر عديدة بالمجتمع من أجل استقطاب آخرين، موضحاً أن تلك المنصات تعتمد على التسويق الشبكي بحيث يقوم كل شخص بإقناع آخرين غيره، بالتالي تنجح تلك السياسة في جذب ملايين المستخدمين والمشتركين. وينوه أبو جمرة إلى أن كثيراً من تلك الجرائم أصبحت تنتشر في الأقاليم أكثر منها في المدن، مستغلين ضعف الثقافة لدى كثير من أبناء القرى والأرياف والتلاعب بعقولهم. وتقدم مئات الضحايا في مصر ببلاغات رسمية ضد المنصة، مشيرين إلى أنهم باعوا ممتلكاتهم أو استدانوا للاستثمار فيها بناءً على وعود كاذبة. وقال النائب أحمد بدوي رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب في تصريحات متلفزة، "أف بي سي ليست منصة، لكنها عبارة عن تطبيق إلكتروني يعمل من الخارج، ويمارس النصب على المواطنين"، موضحاً أن هناك من يعتقد أن هذه التطبيقات رسمية ومرخصة على رغم أنه لا يوجد من الأساس قانون للتجارة الإلكترونية، مما يعني أنه لا يوجد ترخيص لمنصات بهذه الصورة، موضحاً أن لجنة الاتصالات تعمل على مجابهة الأمر من خلال قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، منوهاً بأن هذا القانون يتضمن عدداً من المواد التي تكافح النصب الإلكتروني". عصابات إجرامية يعضد الطرح السابق مساعد وزير الداخلية المصري لأمن المعلومات اللواء محمود الرشيدي، موضحاً أن مافيا وعصابات النصب الإلكتروني دائماً ما تستغل حال العوز والطمع وقلة الوعي لدى كثير من المواطنين وتبدأ في بث سمومها وأفكارها الخبيثة من أجل الاستيلاء والسطو على أموالهم، مشيراً إلى أن تلك المنصات تحاول دائماً إغراء مستخدميها بزيادة الأرباح والمكافآت والهدايا، وقد تصل نسبة الربح في اليوم الواحد في بعض الأحيان إلى 8 آلاف جنيه (158.09 دولار أميركي) ويجري إرسالها عبر المحافظ الإلكترونية، منوهاً بأن تلك العصابات ترتبط بشبكات إجرامية بالخارج متخصصة في عمليات السطو والاحتيال الإلكتروني. يضيف الرشيدي خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن كثيراً من تلك العصابات يعتمد على وسطاء ينتشرون في الأقاليم والمدن، علاوة على إعلانات ممولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لجمع أكبر عدد من المواطنين وإيهامهم بالربح السريع من دون مجهود. ويوضح مساعد وزير الداخلية لأمن المعلومات أن تلك الجرائم تندرج تحت اسم جرائم "النصب والاحتيال الإلكتروني" وتخضع لقانون العقوبات العام وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، موضحاً أن الأدمن إذا كان يبث من داخل مصر فسيخضعون للمحاكمة، أما إذا كان يبث من الخارج فطبقاً لمبدأ إقليمية القوانين لا يمكن التعامل معهم لأنهم من بلد آخر، إلا إذا ثبت أنها منصة تمارس أعمال النصب على المواطنين، وهنا يمكن أن يكون هناك تعاون دولي في هذا المجال، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الدول التي تبيح المراهنات الإلكترونية، على رغم أنها محظورة في مصر، محذراً من التعامل مع مثل تلك التطبيقات المجهولة المصدر التي تبث عبر شبكة الإنترنت بزعم تحقيقها أرباحاً مالية سريعة لعدم تعرضهم للنصب والاحتيال وفقدان أموالهم. وفي تقدير الرشيدي فإن الأموال التي جرى الاستيلاء عليها من المواطنين، والتي تقدر بمليارات الجنيهات، قد لا تعود مرة أخرى إذا حولت للخارج، بخاصة أن هؤلاء الضحايا اشتركوا في تلك المنصة طواعية وبإرادتهم الشخصية.