logo
#

أحدث الأخبار مع #أميوجدتي

دينا الحمامي تكتب:  صنع الله إبراهيم.. الراهب الذي أحب مصر حد التجسيد
دينا الحمامي تكتب:  صنع الله إبراهيم.. الراهب الذي أحب مصر حد التجسيد

البوابة

timeمنذ 19 ساعات

  • ترفيه
  • البوابة

دينا الحمامي تكتب: صنع الله إبراهيم.. الراهب الذي أحب مصر حد التجسيد

بدأت محبتي الهائلة للكاتب الكبير صنع الله إبراهيم منذ طفولتي وتحديداً في العام 2001 عندما أعلنت الجامعة الأمريكية في القاهرة عن صدور الترجمة الإنجليزية لرواية "ذات"، كنتُ فتاة صغيرة لا تتجاوز الحادية عشرة وكل معرفتها بالعالم الخارجي تستقيها من جدتها الشغوفة بالفنون والآداب، دارت مكالمة تليفونية مطولة بين أمي وجدتي مفادها سعادتهما الهائلة بترجمة هذه الرواية المصرية البديعة والتي نجحت في تجسيد المرأة المصرية بكامل فطرتها دونما إدّعاء أو مبالغات. مرت الأعوام وازدادت محبتي للقراءة بوجه عام واستطعت قراءة معظم الأعمال الشهيرة لصنع الله إبراهيم على وجه الخصوص، إلا أنني وجدتُ نفسي أغيب بين كتبي ودروسي وأنشطتي الرياضية، ثم أعود لقراءة رواية "ذات" مرة أخرى، بالمحبة ذاتها والحماسة نفسها وبكامل الترقب وبكل خفقات القلب والابتسامات والدموع، حتى توحدتُ تماماً مع "ذات" وعوالمها لدرجة الخلط بينها هي ومؤلفها، ولحسن الحظ لم أتخلص من هذا الخلط ليومنا هذا، إذ اعتبرتُ دوماً أن ذات ما هي إلا جزء أصيل من كاتبها، جزء لا يختص بالكتابة وحدها، لكنه يتجاوزها إلى تخوم وجدانه وهويته وأصالته وعبقريته وتفرده. أتقن فى "ذات" إبراز كل الانعكاسات التي طرأت على تحولات المجتمع وشخوصه على مسرح الأحداث عبر إشارات في غاية النعومة والذكاء لعبة الكاتب والمكتوب أحب صنع الله مصر محبة من ذاك النوع الذي تغبطه دونما قدرة على بلوغه، فكلنا نحب الوطن على طريقتنا، ولكن عد لي شخوصاً أو حتى مبدعين استطاعوا التوحد مع أوطانهم، وعتّقوا محبتهم الهائلة لها إلى أن خرجت على هيئة أبطال من لحم ودم يمكنهم تجسيد الوطن بأكمله بين دفتي كتاب. لم تتجسد المرأة في رواية "ذات" بشكلها النمطي الكلاسيكي في فترة الستينيات من القرن الماضي؛ إما كامرأة لعوب تحترف فنون الهوى واللعب بقلوب الرجال، أو كزوجة مسلوبة الإرادة وعديمة الحيلة، بل حضرت بكامل حقيقيتها؛ بجموحها نحو الأمل والحب وتكوين الأسرة والسعادة بصورتها البكر، بهشاشتها حيال الفقد وموت أحبائها بمن فيهم نجومها المفضلين، باستعادتها لزمام حياتها في أعقاب الأزمات التي تعصف بحياتها وحياة محيطها الاجتماعي. روح مصر الناصعة برع صنع الله إبراهيم في بث روح مصر الناصعة في كل تفصيلة من حياة بطلته الورقية "ذات"، فلم يكتف بتجسيد صورة الوطن عبر أكثر من ستين عاماً عبر حياة الشخصية الأساسية للرواية، بل عمل على إبراز كل الانعكاسات التي طرأت على تحولات المجتمع ومن ثم شخوصه على مسرح الأحداث عبر إشارات في غاية النعومة والذكاء، فذات ابنة شرعية لهذا الوطن بكامل أزاماته وانتصاراته وهزائمه، أشرقت وتوردت حينما كان الوطن يستعد للنصر، ففرحت لفرحه وزفت لأول زوج عرض عليها، ثم عانت من تغريبة عندما سافر زوجها وتركها لرعاية البيت، فانعكس ذلك في محاولاتها الجامحة لتغيير جلدها وتجديد لون شعرها بنفس الوقت الذي كان يستعد الوطن للانفتاح الاقتصادي. التغيير الجذري خشيت ذات من كل محاولات التغيير الجذرية عندما خرجت الأمور عن سيطرة خططها ووجدت أن تحويشة عمرها قد ضاعت في اللا شيء، فأصبحت أكثر عملية ومنطقية حتى في أحلامها، ركنت إلى عجلة الاستقرار فشاخت وتضخم وزنها وأصبحت لا تنفق إلا في الضروري والمهم، تماماً كما ركن الوطن إلى وهم الاستقرار لعقود حتى استيقظ الناس على وحش التغيير الذي هدم المعبد على رؤوس الجميع. حُملت ذات بخطايا المقربين والجيران، كما أثقل كاهل الوطن بذنوب لا قبل له بها، وأصبح المسؤول الوحيد عن تسديد فواتير كل من أحبهم ومد لهم يد العون في أحد الأيام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store