logo
#

أحدث الأخبار مع #إبراهيمبنسالمالسيابي

اقتصادنا.. والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
اقتصادنا.. والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

جريدة الرؤية

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • جريدة الرؤية

اقتصادنا.. والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

د. إبراهيم بن سالم السيابي يُعد الاقتصاد المحرك الأساسي لحياة المجتمعات؛ حيث ينظم الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، ويحدد كيفية إدارة الموارد لتلبية احتياجات الأفراد والمجتمع المتزايد؛ فالاقتصاد ليس مجرد أرقام ومعادلات؛ بل هو انعكاس لحياة الناس اليومية؛ بدءًا من فرص العمل والدخل وصولًا إلى الأسعار والخدمات، ومن خلال فهم الاقتصاد، يمكننا التعرف على كيفية اتخاذ القرارات داخل الدول وكيفية استغلال الإمكانيات المتاحة لتحقيق التنمية والاستقرار، ويعد الاقتصاد عصب الدول، وهو المؤشر الرئيس لرفاهية الشعوب. ويتألف الاقتصاد من عدة عناصر أساسية تشكل قاعدته؛ أبرزها العمل الذي يمثل الجهد البشري المبذول في الأنشطة المختلفة؛ سواءً كانت يدوية أو فكرية، ويأتي رأس المال كعنصر ثانٍ، ويشمل الأموال والمعدات والتقنيات المستخدمة في الإنتاج. أما الأرض فهي تمثل الموارد الطبيعية في باطن الأرض وخارجها مثل المواد الخام والمياه والمعادن والزراعة والثروة السمكية والحيوانية، وهي عناصر لا غنى عنها، والعنصر الرابع هو ريادة الأعمال؛ حيث يقوم الفرد بتنظيم هذه الموارد وتحمل المخاطر من أجل تحقيق الأرباح وتطوير السوق. وعند الحديث عن اقتصادنا الوطني، نجد أنه محور رئيس في رؤية "عُمان 2040"،؛ إذ تولي الاقتصاد أهمية خاصة، ورغم أن قطاع النفط والغاز لا يزال يشكل الجزء الأكبر من الميزانية العامة للدولة؛ حيث تُظهر بيانات الميزانية لعام 2025 أن مساهمة قطاع النفط بلغت 52%، وقطاع الغاز 16% من إجمالي الميزانية، إلّا أن التركيز على التنوع الاقتصادي أصبح ضرورة ملحة، من أجل ما يعرف بالاستدامة المالية. وفي السنوات الماضية مكنت إيرادات النفط الدولة من تمويل مشروعات ضخمة وبناء بنية تحتية تعتبر من احدى البنى الأفضل في المنطقة، كما إن الموقع الجغرافي للسلطنة منحها ميزة تنافسية كبيرة، حيث تقع عند مفترق طرق التجارة البحرية، مما يفتح لها آفاقًا واسعة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية. لكن الاعتماد الطويل على النفط كمصدر رئيس للدخل، يطرح تساؤلات حول استدامة هذا النموذج فالأسواق النفطية متقلبة، وأسعارها لا يمكن التنبؤ بها؛ مما يمثل تحديًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني، كما حدث بين منتصف عام 2014 وعام 2021؛ حيث شهدت السلطنة انخفاضًا حادًا في الإيرادات وتراكم العجز المالي، ما أدى إلى اللجوء إلى الاقتراض وزيادة الدين العام بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، مع الاتجاه المتسارع نحو الطاقة النظيفة، يصبح التنوع الاقتصادي أمرًا لا بُد منه؛ فالاعتماد على مصدر واحد يُشبه الوقوف على قدم واحدة، وأي تعثر في هذا القطاع قد يؤدي إلى اهتزاز الاقتصاد بأسره؛ لذلك، بات تنويع القاعدة الاقتصادية أولوية وطنية. وفي هذا السياق، يبرز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كعنصر أساسي في دعم الاقتصاد العُماني، حيث تشكل هذه المؤسسات رافدًا مهمًا في عملية التنويع الاقتصادي، فهي لا تمثل فقط مشاريع تجارية؛ بل تعكس طموح الشباب العُماني وتؤدي دورًا محوريًا في توفير فرص العمل، خصوصًا في قطاعات مثل السياحة، والصناعات الخفيفة، والتكنولوجيا، والخدمات، فالمؤسسات الصغيرة لا تحتاج إلى رأسمال ضخم بقدر ما تحتاج إلى فكرة مبتكرة، وإرادة قوية، ودعم بيئي ومالي وتشريعي. وفي السنوات الأخيرة، أولت الحكومة اهتمامًا متزايدًا لهذا القطاع عبر برامج تمويلية، تقديم الحوافز، وتسهيل الإجراءات، وقد أثمر هذا الاهتمام في زيادة مساهمة هذه المؤسسات في رفع الناتج المحلي، وتقديم منتجات وخدمات جديدة تسهم في تعزيز تنافسية السوق. علاوة على ذلك، تؤدي هذه المؤسسات دورًا بارزًا في تنشيط الحركة الاقتصادية في المحافظات والولايات، وتعد أيضًا بيئة خصبة للابتكار، ويمكن للشباب تحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقية، تعكس ثقافة المجتمع وتلبي احتياجاته. إن مستقبل اقتصادنا يجب أن يرتكز على رؤية بعيدة المدى تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنمية قطاعات جديدة قادرة على المنافسة، من هنا، يُعد دعم المؤسسات الصغيرة، وتحفيز ريادة الأعمال مع ممكنات الاقتصاد الاخرى، خطوة استراتيجية نحو تحقيق اقتصاد متنوع ومستقر، قادر على مواجهة التحديات؛ فالاقتصاد ليس مسؤولية الدولة وحدها، بل هو مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمجتمع والدولة، ولبناء اقتصاد قوي، لا بُد من الإيمان بأهمية التغيير، وتجاوز التردد، وفتح الأفق أمام الابتكار وريادة الأعمال. في الختام.. إن اقتصادنا هو مستقبلنا، وكل استثمار في العقول والموارد يمثل استثمارًا لحياة أفضل، لوطن نطمح لرؤيته يزدهر بثبات، ويواكب تطورات العالم بثقةٍ.

لا تغضب!
لا تغضب!

جريدة الرؤية

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • صحة
  • جريدة الرؤية

لا تغضب!

د. إبراهيم بن سالم السيابي يُروى أن رجلًا كان سريع الغضب، لا يحتمل كلمة، ولا يصبر على استفزاز، وفي أحد الأيام، أسقط ابنه الصغير كوب ماء على بعض الأوراق التي كان يقرأها، دون قصد، فما كان من الأب إلّا أن صرخ في وجهه، وركله بعنف، فسقط الطفل وارتطم رأسه بالأرض، لحظات مرَّت كأنها دهر ونُقل الطفل إلى المستشفى مصابًا بإصابة بليغة. قال الطبيب للأب في غرفة الفحص إن الطفل: "سيكون بخير، لكنه يحتاج للراحة، وسيبقى هنا لعدة أيام". خرج الأب من الغرفة منهارًا، وجلس على أرضية الممر، يبكي بحرقة. لم يكن يبكي الورق، ولا حتى الكوب، بل كان يبكي قلبًا صغيرًا كاد يفقده في لحظة طيش فقال في نفسه: "ما انكسر لم يكن الكوب فقط، بل قلب ذاك الطفل، ذاك الذي كان ينتظر حضني، لا ردة فعلي". هناك فقط، فهم أن الغضب لا يُعيد ما سُكب، ولا يُصلح ما تمزَّق، لكنه يفسد ما لا يحصى من مشاعر وثقة وطمأنينة. الغضب شعور فطري، يولد مع الإنسان، ويثور حين تُمس كرامته أو يُواجه ظلمًا، وهو ليس مذمومًا على إطلاقه، فلو كان منضبطًا، يتحرك حين تُنتهك حدود الله أو تُهان الكرامة أو يُهان مظلوم، فإنه غضب محمود، لكن إن كان مدفوعًا بالهوى، بلا عقل ولا حكمة، صار نارًا تحرق أول من تشتعل فيه. فكم من لحظة غضب جرفت معها سنوات من الحب، وكم من كلمة غاضبة هدمت جسرًا بُني بدمع وصبر، فليس كل غضب يُبرر، ولا كل صراخ يُسمع. الغضب، إن لم يُضبط، لا يكتفي بخراب العلاقات، بل ينهش صاحبه من الداخل. وأطباء النفس يؤكدون أنَّ الغضب المزمن يرفع ضغط الدم، ويزيد خطر النوبات القلبية، ويُضعف المناعة؛ أي أنَّ الانفعال لا يضر مَن حولك فقط؛ بل يأكلك بصمت من الداخل . وفي أعظم صور الغضب المشروع، نرى موسى عليه السلام حين عاد إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل، فاشتد غضبه لله لا لنفسه، وألقى الألواح، وجرّ أخاه بلحيته، غضبًا للتوحيد، لا لهوى. قال تعالى: " وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا "... أما رسول الله ﷺ، فكان سيد من يملك نفسه، لا يغضب لنفسه قط، وإنما حين تُنتهك حرمات الله. أوصى رجلًا جاءه يسأله: "أوصني". فقال: " لا تغضب " ، ثم كررها مرارًا، وكأنَّها مفتاح النجاة من ندم العمر. فالإسلام لم يُرد منَّا أن نكبت مشاعرنا، بل أن نُهذبها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ". القوة الحقيقية ليست في قبضتك، بل في قدرتك على كبحها وأن تختار الصمت حين تمتلئ بالضجيج، وتقدم العقل على الانفعال، فتكون سيد نفسك لا عبدًا لمزاجك. الغضب نار، والنار لا تُطفأ بالنار؛ بل بالماء، ومن ماء العقل: أن تسكت، أن تتوضأ، أن تغيّر وضعك، أن تخرج من الموقف قبل أن تندم، فإن كنت واقفًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فاضطجع. لا ضعفًا، بل قوةً حقيقيةً في كظم الغيظ. وفي زحام الحياة، كم من قلوب انكسرت، وصداقات انتهت، وأُسر تهدمت، فقط لأنَّ أحدهم لم يصبر، لم يصمت، لم يُمهل قلبه ثانية واحدة ليفكر. لنقُل لأنفسنا، كلما أوشكت نار الغضب أن تشتعل " لا تغضب "؛ فهي ليست مجرد رجاء؛ بل طوق نجاة، ومفتاح لحياة أكثر حكمة، وصحة، وطمأنينة.

عندما يغيب والدك عن صلاة التراويح
عندما يغيب والدك عن صلاة التراويح

جريدة الرؤية

time٠٨-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • جريدة الرؤية

عندما يغيب والدك عن صلاة التراويح

د. إبراهيم بن سالم السيابي مع حلول رمضان شهر الرحمة والغفران والقرآن، يعود إلينا عبق الذكريات، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتصدح المآذن بخشوع التراويح، لكن هناك وجوهٌ لم تعد بيننا، وأرواح افتقدناها في هذه الليالي المباركة. كنتُ صغيرًا حين كنتُ أمسك بيد والدي في طريقنا إلى المسجد لأول مرة في حياتي لأداء صلاة التراويح، كأني ما زلت أراه يبتسم لي بحنان، ويعلّمني كيف أضبط نية الصيام، وكيف أخشع في الصلاة، والآن، وأنا أقف بين الصفوف، التفت حولي فأبحث عنه، عن هيبته بين الرجال، عن صوته الهادئ وهو يردد "آمين"، عن دعائه الطويل بعد كل قيام، لكنه مع الأسف لم يعد هنا ولم يعد موجوداً بيننا فقد غيبه الموت وودع هذه الدنيا ورحل. مضت سنوات منذ أن رحل أبي عن دنيانا وغيّبه الموت، لكن حضوره كما كان، لم يتلاش، وأراه في كل سجدة، وأسمع صدى صوته في آيات الإمام، وأشعر بظلّه يرافقني حين أخطو نحو المسجد وحدي من دونه هذه المرة. كم أفتقد دعواته الصادقة وهو يرفع يديه إلى السماء، كم أشتاق لكي أقبل رأسه كما أعتدت كلما أراه، كم أشتاق ليديه تمسحان على رأسي بعد الصلاة، ولتلك اللحظات التي كنتُ ألتصق به، أقتدي به، أتعلم منه كيف يكون الإنسان قريبًا من الله ومحباً للصلاة، فقد كان أبي معلمي الأول وعضدي وسندي، ودعائي الأول، ومدرستي في الحياة. لكن الغياب لا يقتصر على أبي وحده؛ بل يمتد إلى وجوهٍ أخرى كانت جزءًا من روح الجامع، أولئك الآباء من الرعيل الأول من رجالات الحارة، الذين كانوا يسبقون الجميع إلى الصفوف الأولى، يبتسمون للصغار، في الإفطار يتبادلون التمر والماء قبل الأذان، ويحيطون المكان ببركة أحاديثهم الطيبة، وكنّا نراهم؛ بل كنَّا نشعر بوجودهم كجزءٍ من طقوس رمضان، لكنهم رحلوا واحدًا تلو الآخر، وأصبحت أماكنهم فارغة، كأنها ترفض أن يملأها غيرهم. في كل ليلة من ليالي التراويح، نشعر بأننا نصلي مع أرواحهم نلتفت يمينًا ويسارًا، نعتقد أنهم ما زالوا هنا موجودين بطريقة ما، في دعائنا، في دموع الخشوع التي تنزل كلما تذكرناهم، في تلك اللحظات نتمنى فيها لو يعود الزمن ولو لركعة واحدة نصليها بجانبهم، فهم لم يكونوا مجرد عدد من المصلين؛ بل كانوا جزءًا أصيلا في حياتنا جزءًا من أرواحنا؛ بل الأغلى منها، وكانوا كذلك جزءًا من دفء رمضان، ومن طمأنينة القلب في الدعاء والابتهال الى الله في طلب الرحمة والمغفرة. في الختام.. رحمك الله يا أبي، كم افتقدك كثيرًا في كل وقت وكل حين، فأنت كنت من يُضيء لي هذه الحياة، وكم هي قاسية تلك السنين التي أتت من بعد فراقك، وكم هو إفطار رمضان ينقصه الكثير بغيابك وسيظل المكان الكبير الذي تملأه في قلبي فارغًا ما حييت. رحم الله كل من غاب عن هذه الدنيا لكنه بقي حيًّا في قلوبنا، وأسأل الله أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته، في جنات الخلد؛ حيث لا فراق، ولا حزن، ولا وداع. ورمضان كريم، وتقبل الله صيامكم وقيامكم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store