logo
#

أحدث الأخبار مع #إبراهيمبنهاشمالسادة

قائد بلا أتباع
قائد بلا أتباع

صحيفة الشرق

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • صحيفة الشرق

قائد بلا أتباع

مقالات 312 المهندس إبراهيم بن هاشم السادة كان وحده فوق الجبل، يرى أبعد منهم، يسمع ما لا يسمعون، ويشمّ رائحة المطر قبل أن تبرق السماء، نزل إليهم يحمل بشارة الطريق، وحدّثهم عن سهولٍ خضراء خلف الجبال، وعن غدٍ أجمل من اليوم، لكن بعضهم التفت إلى جهات أخرى، وبعضهم خاف من الفكرة ذاتها، أما أكثرهم فقد استمروا في ما اعتادوه... بناء الحواجز لا الجسور، والحفاظ على ما يعرفونه لا السعي نحو ما يمكن أن يكون. في أمتنا، قد لا تكون المعضلة في غياب القادة، بل في غياب من يستوعب مشروع القيادة، كم من قائد حمل رؤية متقدمة، ونية صادقة، وخطة عملية، ثم تراجع أو أُقصي لأنه لم يجد من يسير معه، أو من يحمل الفكرة حين تتكاثر التحديات وتتأخر النتائج، فالأفكار وحدها لا تكفي، ما لم تجد من يؤمن بها، ويضحي من أجلها. وقد أشار المفكر مالك بن نبي إلى هذا الخلل حين قال: "مشكلة العالم الإسلامي ليست في نقص الموارد، ولكن في غياب الإنسان الفاعل"، وربما كان هذا الإنسان الغائب هو ذاته الذي تنتظره الفكرة، وتحتاجه النهضة، ولا تنهض بدونه القيادة. في بعض البيئات تُكرَّس فيها الرمزية أكثر من الفاعلية، ويُحتفى بالشخص أكثر من المشروع، حتى يختلط الزعيم الحقيقي بمن صُنع على عجل، فيضيع التمييز، وتضيع البوصلة، أما القائد الذي يرى ويصبر ويعمل، فقد يبقى طويلاً وحيدًا، أو محاطًا بمن لا يؤمنون بما يؤمن، ولا يشاركونه الهمّ، ولا يتقنون لغة البناء. وقد كتب الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله: "القيادة ليست أن ترغم الناس على الفعل، بل أن تجعلهم راغبين فيه"، وهذه الرغبة الجمعية هي المفتاح الحقيقي لكل تغيير، لكنها لا تتكون في الفراغ، بل في بيئة تُربي على المشاركة، وتحترم المبادرة، وتُعلّم الناس أن يكونوا جزءًا من الطريق لا مجرد شهود عليه. ما أحوجنا اليوم إلى مجتمعات تُنجب القادة، لكنها في الوقت ذاته، تعرف كيف تُمهد الطريق أمامهم، وتكون جزءًا من مشروعهم، لا عبئًا على ظهورهم، فالمسؤولية لا تبدأ من القمة، بل من القاعدة الصلبة التي تؤمن أن البناء لا يتحقق بالأماني ولا بالخطب، بل بالجهد اليومي الصادق، والعمل الذي يتراكم. ربما آن الأوان لنسأل أنفسنا بصدق: هل نبحث عن من يقودنا إلى برّ الأمان؟، أم عن من نعلّق عليه إخفاقاتنا؟ هل نريد قائدًا يحمل عنا الأثقال؟، أم نريد أن نكون جزءًا من المسير؟ بين قائد بلا أتباع، وأمة تنتظر من ينهض بها، تضيع أحيانًا فرصة التاريخ. مساحة إعلانية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store