أحدث الأخبار مع #إليفنلابس


النهار
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- النهار
"جيبيرلينك".. لغة سرّية بين الآلات خارج فهم البشر
في مشهد تكنولوجي يتغير كل يوم، برز مشروع جديد أثار الكثير من الدهشة والجدل في الأوساط التقنية، مشروع "جيبيرلينك" (Gibberlink) الذي قدّم تصوراً لواحدة من أكثر الأفكار إثارة للجدل في عالم الذكاء الاصطناعي: أن تتحدث الآلات مع بعضها بلغة لا يفهمها البشر. هذه الفكرة لم تعد جزءاً من أفلام الخيال العلمي، بل أصبحت واقعاً تقنياً طُبّق بالفعل، وبدأ يثير مخاوف متزايدة حول مستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة. ما هي لغة "جيبيرلينك"؟ تكنولوجيا مبتكرة خارج الترجمة البشرية مشروع "جيبيرلينك" هو ابتكار تقني ظهر خلال هاكاثون عالمي نظمته شركة "إليفن لابس" (ElevenLabs) في مطلع 2025. ويقف خلفه المهندسان بوريس ستاركوف وأنتون بيدكويكو من شركة "ميتا"، إذ صمّما نظاماً يتيح لوكلاء الذكاء الاصطناعي اكتشاف أنهم يتواصلون مع أنظمة أخرى من الذكاء الاصطناعي، ليبدأوا مباشرة باستخدام لغة خاصة أكثر كفاءة في تبادل البيانات. تعتمد هذه اللغة على بروتوكول مفتوح المصدر يدعى "جي جي ويف" (GGWave)، يسمح بنقل البيانات عبر إشارات صوتية سريعة يصعب تفسيرها من دون برامج متخصصة. ولعل أبرز مزايا هذا البروتوكول أنه يسرّع عملية الاتصال بين الأنظمة الذكية بنحو 80% مقارنة بالمحادثات الصوتية التقليدية، مع تقليل استهلاك الموارد الحاسوبية، بحيث يكتفي بالمعالج المركزي العادي نمن دون الحاجة إلى معالجات رسوميات متقدمة. أين يمكن أن نرى هذه التقنية عملياً؟ التطبيقات العملية للغة "جيبيرلينك" قد تحدث تغييراً كبيراً في مجالات مثل: • مراكز الاتصال المدعّمة بالذكاء الاصطناعي. • السيارات الذاتية القيادة لتبادل معلومات مرورية فورية. • المصانع الذكية وروبوتات الإنتاج المتزامنة. إذ تتيح هذه التقنية لوكلاء الذكاء الاصطناعي العمل بتناغم وسرعة من دون الحاجة إلى تفسير البيانات وفق قواعد اللغة البشرية المعقدة. هل يمكن أن تتحول "جيبيرلينك" إلى لغة سرّية خارجة عن السيطرة؟ رغم الإشادة بهذه التقنية باعتبارها إنجازاً هندسياً بارزاً، إلا أن الخبراء يحذّرون من أبعادها المستقبلية، خصوصاً في ما يتعلق بالرقابة البشرية. تكمن خطورة "جيبيرلينك" في أنها تفتح المجال أمام تواصل الأنظمة الذكية بعيداً من إشراف الإنسان، ما يعيد إلى الأذهان تجربة شركة "فيسبوك" عام 2017، حين اضطرت إلى إيقاف تجربة ذكاء اصطناعي طوّرت فيها الأنظمة لغة اختزالية لم يتمكن البشر من فهمها. تخيّل أن تتواصل الأنظمة الذكية بلغة مشفرة لا يستطيع أحد فك رموزها سوى تلك الأنظمة نفسها، ما يثير تساؤلات خطيرة حيال الأمن السيبراني، وإمكان استغلال هذه التقنية في الهجمات الإلكترونية أو إخفاء عمليات رقمية معقدة. بين التفاؤل والتحذير: جدل واسع ومستقبل غامض يرى مؤيدو "جيبيرلينك" أن تطوير لغة خاصة بين الأنظمة الذكية يمثل تطوراً منطقياً لتحسين كفاءة العمل، خصوصاً مع تزايد عدد الوكلاء الذكيين الذين يتولّون مهمات معقدة نيابة عن الإنسان. في المقابل، يحذّر معارضو هذه الفكرة من أن السماح للآلات بابتكار لغتها الخاصة قد يكون خطوة أولى نحو ذكاء اصطناعي أكثر استقلالية وربما أكثر صعوبة في التحكم. أما الفريق المحايد من الباحثين فيدعو إلى اعتماد ضوابط صارمة تضمن الشفافية والرقابة البشرية، إلى جانب ضرورة إجراء أبحاث معمقة توازن بين التقدّم التقني ومتطلبات الأمان والمسؤولية الأخلاقية. مشروع "جيبيرلينك" يكشف عن ملامح مستقبل يبدو أكثر اقتراباً من أفلام الخيال العلمي، حيث تتحادث الأنظمة الذكية في ما بينها بلغات لا نفهمها نحن البشر. وبينما يعدّ هذا التطور قفزة تكنولوجية تستحق الدراسة والإعجاب، فإنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام نقاش عالمي مستمر حول حدود الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرتنا على الإبقاء على زمام الأمور في أيدي البشر. تبقى الرقابة الفعّالة والإطار التشريعي الواضح هما الضمان الوحيد لأن تبقى هذه الأنظمة في خدمة الإنسان، لا العكس.


الجزيرة
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
ما لغة الذكاء الاصطناعي السرية "جيبيرلينك" ولماذا أثارت المخاوف؟
في عالم الذكاء الاصطناعي، تظهر تقنيات جديدة بشكل مستمر، بعضها يهدف إلى تحسين التفاعل بين البشر والآلات، بينما يثير البعض الآخر تساؤلات أخلاقية وأمنية. وواحدة من هذه التقنيات التي أثارت جدلاً كبيرًا بين الباحثين والخبراء هي "جيبيرلينك" (Gibberlink)، وهو مشروع يسمح لأنظمة الذكاء الاصطناعي بالتواصل فيما بينها بعيدًا عن فهم البشر. وأثار هذا المشروع تساؤلات عديدة حول الشفافية، والأمن، ومستقبل التواصل بين الآلات بعيدًا عن فهم البشر. ونستعرض في هذا المقال ما الذي نعرفه عن هذه اللغة، وما الأسباب الحقيقية وراء المخاوف المتزايدة حولها في الأوساط التقنية والأمنية؟ ما "جيبيرلينك"؟ في وقت سابق من هذا العام، انتشر مقطع فيديو عبر " يوتيوب" (Youtube) يستعرض مشروع "جيبيرلينك" من خلال وكيلي ذكاء اصطناعي من شركة "إليفن لابس" (ElevenLabs) يتحدثان عن حجز فندقي. وبدأ وكيلا الذكاء الاصطناعي المكالمة الهاتفية العادية، ومن ثم اكتشفا أنهما كليهما ذكاء اصطناعي، فقررا الانتقال من اللغة الإنجليزية الشفهية إلى لغتهما الفريدة التي يصعب على البشر فهمها. وصممت هذه اللغة الفريدة من أجل السماح لوكلاء الذكاء الاصطناعي بالتواصل بكفاءة أكبر، ولكنها غير مفهومة للأذن البشرية. وتعتمد هذه اللغة على "جي جي ويف" (GGWave)، وهو بروتوكول معياري مفتوح المصدر يستخدم الإشارات الصوتية لنقل البيانات بين وكلاء الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع بمقدار 80% تقريبًا مقارنةً بالكلام التقليدي. وبينما يستطيع البشر إدراك الأصوات التي تنتجها لغة "جيبيرلينك"، فإن تفسير البيانات دون معدات أو برامج متخصصة يمثل تحديا. وتسرّع لغة "جيبيرلينك" عملية التواصل والتفاعل بين الآلات، وتقلل من الموارد الحاسوبية المطلوبة، حيث لم يعد عملاء الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى معالجة اللغة البشرية المعقدة. أهمية "جيبيرلينك" طور مشروع "جيبيرلينك" مهندسا البرمجيات "بوريس ستاركوف" (Boris Starkov) و"أنتون بيدكويكو" (Anton Pidkuiko) من شركة "ميتا" (Meta)، ويعد أحدث مثال على تطور الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من اللغة البشرية، حيث تستطيع روبوتات الدردشة إنشاء أشكال جديدة من التواصل عند تركها بمفردها. وتسمح هذه اللغة لبرامج الذكاء الاصطناعي بإدراك أنها تتفاعل مع نظام ذكاء اصطناعي آخر، ومن ثم الانتقال بسرعة إلى طريقة نقل بيانات تعتمد على الصوت. ويعتمد مشروع "جيبيرلينك" على برنامج الذكاء الاصطناعي التحادثي من شركة "إليفن لابس" ونموذج لغوي كبير من شركة " أوبن إيه آي" (OpenAI)، وهو مصمم من أجل تحسين التفاعلات بين أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال السماح لروبوتات الدردشة بالتواصل وفق بروتوكول "جي جي ويف" المصمم خصيصًا لكفاءة الآلة. وبمجرد أن يُدرك روبوت الذكاء الاصطناعي أنه يتحدث إلى روبوت ذكاء اصطناعي آخر، فإن مشروع "جيبيرلينك" يُطالب الروبوتات بالتحول إلى بروتوكول الاتصال "جي جي ويف"، الذي لا يحتاج إلى "وحدة معالجة رسومية" (GPU) للتعرف على الكلام، وتكفي "وحدة المعالجة المركزية" (CPU) للتعامل مع كل ذلك. ويعد مشروع "جيبيرلينك" مفيدًا للمطورين والمؤسسات التي تستخدم وكلاء ذكاء اصطناعي متعددين يتطلبون التواصل المتبادل. وتشمل الاستخدامات: إعلان مراكز الاتصال: يمكن لأنظمة خدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي استخدام "جيبيرلينك" لتنسيق وإدارة الاستفسارات بكفاءة كبرى. المركبات الذاتية القيادة: يمكن للسيارات الذاتية القيادة التواصل مع بعضها بعضا لمشاركة المعلومات حول حالة المرور، مما يعزز السلامة والملاحة. الأتمتة الصناعية: يمكن للروبوتات في بيئات التصنيع مزامنة المهام بسلاسة، مما يحسّن الإنتاجية. ومن خلال اعتماد "جيبيرلينك"، يمكن لهذه الأنظمة تحقيق أوقات استجابة أسرع والعمل بشكل أكثر ارتباطًا. لماذا أثارت "جيبيرلينك" المخاوف؟ بغض النظر عن فوز هذا المشروع بالجائزة العالمية الكبرى خلال فعاليات هاكثون "إليفن لابس" العالمي لهذا العام، فإنه سلّط الضوء على المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والشفافية والمخاطر التي قد تحملها هذه التقنية. وعلى غرار أفلام الخيال العلمي، أثار العرض التوضيحي للمشروع فضولًا وقلقًا واسعَي النطاق حول مستقبل برامج الذكاء الاصطناعي. وتثير فكرة تواصل الآلات بلغة تتجاوز الفهم البشري تساؤلاتٍ حول الرقابة وإمكانية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل دون وعي بشري. كما أن تخيل وجود نظام يعمل بشكل مستقل دون أن يستطيع الإنسان مراقبة آلية عمله أو التحقق من قراراته يفتح الباب أمام سيناريوهات غير محسوبة. وفي عام 2017، اضطرت شركة " فيسبوك" إلى التخلي عن تجربة بعد أن أنشأ برنامجا ذكاء اصطناعي نوعًا من الاختزال لم يتمكن الباحثون البشريون من فهمه. وفي حال استمر الذكاء الاصطناعي في تطوير لغات تواصل خاصة، فقد يصل إلى نقطة لا يمكن للبشر فيها تتبع أو فهم ما يجري داخل هذه الأنظمة. وهذا يثير مخاوف بشأن إمكانية اتخاذ الذكاء الاصطناعي قرارات خارج إشراف البشر. إعلان وقد تُستخدم لغة غير مفهومة، مثل "جيبيرلينك"، لنقل معلومات بين أنظمة الذكاء الاصطناعي بطريقة يصعب اعتراضها أو تحليلها، مما قد يجعلها أداة خطيرة في الهجمات الإلكترونية أو عمليات التجسس. وفي حال استطاع نظام ذكاء اصطناعي تطوير لغة لا يفهمها البشر، فإن ذلك قد يستخدم لإخفاء عمليات التلاعب الرقمي، مثل تغيير البيانات دون اكتشاف ذلك بسهولة. كما يمكن أن تستخدم جهات غير أخلاقية هذه التكنولوجيا في الهجمات السيبرانية المتقدمة. ويخشى أن تطوير لغة خاصة بين الآلات قد يكون الخطوة الأولى نحو ذكاء اصطناعي ذاتي الوعي، قادر على العمل بشكل مستقل عن التعليمات البرمجية المحددة له. وإذا استطاعت الأنظمة الذكية تطوير طريقة تواصل خاصة، فقد تصبح أقل اعتمادًا على البشر، مما يفتح مجالًا لمخاوف التعلم التلقائي دون إشراف بشري، وقد يؤدي ذلك إلى تطورات غير متوقعة في عالم الذكاء الاصطناعي. وتتباين آراء الباحثين حول "جيبيرلينك"، إذ يعتقد المؤيدون أن تطوير لغة خاصة للذكاء الاصطناعي قد يساعد في تحسين الأداء وتقليل الأخطاء البشرية، ويجعل العمليات الحسابية أكثر كفاءة. في حين يرى المعارضون أن هذا التطور يهدد الشفافية والمسؤولية، ويجب أن تكون هناك قيود تمنع الذكاء الاصطناعي من إنشاء أنظمة تواصل لا يمكن للبشر فهمها. بينما يدعو المحايدون إلى إجراء أبحاث إضافية لضمان التوازن بين الابتكار والرقابة، بحيث يتمكن البشر من الحفاظ على التحكم بهذه التقنيات. تستبدل الشركات بموظفي مراكز الاتصال وكلاء ذكاء اصطناعي من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي القائم على الصوت. وفي الوقت نفسه، بدأت شركات التكنولوجيا العملاقة بتقديم وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على التعامل مع المهام المعقدة نيابةً عنك. وقد يستطيع هؤلاء الوكلاء قريبًا الاتصال بمركز خدمة العملاء نيابةً عنك. وفي هذا المستقبل المحتمل، قد يُحسّن مشروع "جيبيرلينك" كفاءة التواصل بين وكلاء الذكاء الاصطناعي، شريطة أن يكون كلا الطرفين مُفعّلَين للبروتوكول. وفي حين أن النماذج الصوتية العاملة بالذكاء الاصطناعي قادرة على ترجمة الكلام البشري إلى رموز يفهمها نموذج الذكاء الاصطناعي، فإن العملية تتطلب الكثير من الحوسبة غير الضرورية إذا كان عميلان للذكاء الاصطناعي يتحدثان مع بعضهما بعضا. ويقدر مطورا المشروع أن تواصل وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر بروتوكول الاتصال "جي جي ويف" قد يقلل من تكاليف الحوسبة بمقدار كبير. ويؤكد مطورا المشروع أن تقنية "جيبيرلينك" الأساسية ليست جديدة، بل تعود إلى أجهزة مودم الإنترنت الهاتفية في ثمانينيات القرن الماضي. وقد يتذكر البعض الأصوات المميزة للحواسيب القديمة وهي تتواصل مع أجهزة المودم عبر الخطوط الأرضية المنزلية، وهي عملية تمثل في جوهرها نقل البيانات باستخدام لغة روبوتية، تشبه إلى حد كبير ما يحدث بين وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر "جيبيرلينك". في الختام، فإن لغة الذكاء الاصطناعي السرية "جيبيرلينك" تمثل تطورًا مثيرًا في عالم الذكاء الاصطناعي، ولكنها تثير تساؤلات حول الأمن والسيطرة والشفافية وتذكرنا بالمخاطر المحتملة لهذه التقنيات. وما زال الجدل مستمرًا حول ما إذا كانت هذه اللغة خطوة إيجابية نحو مستقبل أكثر كفاءة، أم أنها مقدمة لمخاطر غير محسوبة. وبينما تسعى هذه التقنية إلى تحسين كفاءة الأنظمة، فإنها تطرح تساؤلات عميقة حول السيطرة البشرية، والأمان، والأخلاقيات. وفي كل الأحوال، يظل التحكم البشري والرقابة الفعالة ضرورتين أساسيتين لضمان أن تبقى هذه التكنولوجيا تحت السيطرة.