logo
#

أحدث الأخبار مع #إنانا

الرقص الشرقي تحت سيطرة الجسد الغربي
الرقص الشرقي تحت سيطرة الجسد الغربي

النهار

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • النهار

الرقص الشرقي تحت سيطرة الجسد الغربي

في عام 1979، استقبلت مصر الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وصعدت الراقصة نجوى فؤاد فوق طاولته ورقصت له، باعتبارها فقرة فلكلورية لا مثيل لها في الغرب، ولإرضاء المخيال الغربي المفتون بالجواري الراقصات وأساطير "ألف ليلة وليلة". هذا الافتتان اتخذ مسارين اثنين. المسار الأول منذ القرن التاسع عشر، سافرت فرق وقدمت الرقص الشرقي لجمهور غربي، وشيئًا فشيئًا زادت المعاهد التي تُعلّمه في أوروبا وأميركا، مثل مدرسة جميلة سالمبور التي أسستها في كاليفورنيا قبل أكثر من ستين عامًا. وكانت واعية بموتيفات الرقص مثل السيوف وهز البطن، وأطلقت على عرضها الدائم اسم Bal Anat، والاسم مستوحى من الإلهة الكنعانية "عناة" أو "إنانا". وقدّم العرض في العديد من دول العالم بمشاركة مئات الراقصات، لكنه ليس شرقيًا خالصًا، بل توليفة من الأيروبيك واللاتيني والفلامنكو. في كندا، يبرز اسم الراقصة كساندرا فوكس التي تحظى بملايين المشاهدات، وتحرص على تنويع موسيقاها ما بين ألحان مصرية ومغاربية مثل "مرسول الحب". وهي تتمتع بامتلاء لافت دفع بعض المعلقين إلى وصفها بالبدانة، لكنها تتمتع بلياقة ورشاقة تفوق ما تحتاج إليه راقصة، وكأنها تؤدي تدريبات بدنية! كأنها تقدم رسالة نيابة عن الراقصات اللواتي لا يرغبن في تخسيس الوزن، بل هن متصالحات مع أجسادهن كما هي. كما دخلت على الخط راقصات إسرائيليات مثل كوثر بن عمور، التي تقيم حفلات في مختلف بلدان العالم، وتعتمد على الموسيقى المصرية، ما قد يوهم جمهورها بأنه "رقص إسرائيلي" و"ألحان إسرائيلية"! المسار الآخر يتمثل في مجيء غير المصريات للعمل في الملاهي والأفلام المصرية، وغالبًا ما ينجحن في تحقيق الشهرة والثراء في وقت قياسي. هنا تجدر الإشارة إلى أن اللبنانية بديعة مصابني هي صاحبة أول وأقدم أكاديمية لتعليم وممارسة الرقص الشرقي في القاهرة، وأستاذة أهم راقصتين: تحية كاريوكا وسامية جمال. امتلكت بديعة كازينو باسمها، وحررت مفهوم الرقص من أداء "الغوازي" في القرن التاسع عشر، وبدل الاكتفاء بهز البطن، سعت إلى تصميم رقصات تستلهم إيقاعات غربية لضمان إقبال جنود الاحتلال الإنجليزي والجاليات الأجنبية. أي أن تلاقي الشرق والغرب في ساحة الرقص الشرقي حدث منذ أكثر من مئة عام، ومعظم الأفلام المصرية زمن الأبيض والأسود قدمت راقصات من أصول يونانية وأرمنية وإيطالية، أشهرهن كيتي ـ ذات الأصول اليونانية ـ التي تميزت بخفة ظلها رغم اعتزالها مبكرًا وهجرتها إلى اليونان، وكان أسلوبها يمزج بين الشرقي والغربي بسلاسة. وهناك أيضًا نيللي مظلوم، يونانية الأصل، لكن أسلوبها أقرب إلى الباليه والرقص الحديث. الصدارة للمصريات حتى الثمانينيات من القرن الماضي، ظلت الصدارة للمصريات مع جيل لوسي وفيفي عبده، ثم دينا، لكن عوامل كثيرة أضعفت مكانة الراقصة المصرية لمصلحة الأجنبية. أهمها العامل الاقتصادي المغري، فأجور الراقصات عالية جدًا، وكل المطلوب قوام رشيق ومهارة معقولة في تحريك الجسد. والفنان الراحل سمير صبري ـ على سبيل المثال ـ استعان في فرقته الاستعراضية بفتيات من روسيا وأوروبا الشرقية، وبعدها ظهرت واشتهرت كثيرات منهن: جوهرة (روسيا)، صافيناز (أرمينيا)، آلاء كوشنير (أوكرانيا)، التي رقصت في كليب "آه لو لعبت يا زهر"، وأخيرًا لورديانا (البرازيل). ومعظم الأجنبيات يقدمن خلطة مواصفات لا تملكها المصريات غالبًا، فهن أكثر اهتمامًا بالرشاقة وممارسة الرياضة. يُضاف إلى ذلك "عقدة الخواجة"، والنظر إلى الغرب باعتباره النموذج الأفضل ومعيار الحكم على الأشياء، لذلك باتت الأجنبيات مرغوبات أكثر في أعراس الطبقة المخملية، وفي الملاهي والأفلام التجارية، بينما تراجع حضور المصريات إلى مستوى الأفراح الشعبية، ومعظمهن مجهولات. كما أُشيع أن غير المصريات يسعين وراء الشهرة بالتعري وعرض أجسادهن، وعدم مراعاة الاحتشام، لكن من يرى كليبات الأفراح الشعبية يدرك أن راقصات الدرجة العاشرة هن الأكثر ابتذالًا. ومعظم الأجنبيات يدركن خطورة التجاوز في مجتمع محافظ، وسهولة فقدان ترخيص مزاولة الرقص أو الترحيل خارج البلاد. أيضًا، علاقتهن بأجسادهن لا تنطوي على أي شعور بالذنب أو أية وصمة أخلاقية، ومن ثم هن أكثر تحررًا على المستوى النفسي خلال الأداء. يُضاف إلى ذلك أن مزاج المجتمع المصري نفسه تغير، ومال أكثر إلى المحافظة مع انتشار تيارات الإسلام السياسي التي تحرّم الفنون، ما فرض حرجًا أخلاقيًا على الأسر التي تسمح لفتياتها بالرقص. حساسية الرقص؟ لا ننسى أن الأفلام العاطفية والاستعراضية التي كان يقدمها فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي شجعت على وجود راقصات، ومع انتهاء عصر الفيلم الاستعراضي تراجعت حظوظهن في الشهرة. أي أن هناك أسبابًا كثيرة وراء ازدهار سوق الراقصات غير المصريات، لكن هذا لا يمنع أن معظمهن لا يمتلكن حساسية الرقص ولا عفويته وارتجاله؛ فالأداء غالبًا منضبط وآلي، والأجساد رخامية رغم جمالها. لكن بفضل وجود هؤلاء الفتيات، أصبح الرقص الشرقي فنًا عالميًا، يُؤدى بكل لغات الأجساد، وإن كان ذلك تحت سيطرة غربية وبتكنيك صارم، يختلف عن ليونة وعفوية وارتجال الجسد الشرقي.

ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس
ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس

Tunisie Focus

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Tunisie Focus

ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس

العام 2004 صادف وجودي في دمشق افتتاحَ دار الأوبرا. كنت ضمن مجموعة من الإذاعيين من مختلف الأقطار العربية نتابع تدريبا مهنيا، وأعلمتنا زميلة من سوريا أن فرقة (إنانا) تقدم عرضها للعموم مجانا طيلة ثلاثة أيام احتفاء بهذه المناسبة، وسلمتنا بطاقات دعوة تمنحها وزارة الثقافة لأي مواطن سوري أو عربي يطلبها وهي ضرورية لأسباب تنظيمية، وحضرنا الحفل في ليلة رائقة لا تنسى. وقد قفزت هذه الذكرى الجميلة إلى شاشة مخيلتي وأنا أشاهد افتتاح دار الثقافة بن خلدون الرسمي تحت جنح الظلام، تحف بالرئيس مجموعة صغيرة من الإداريين ورجال الأمن في غياب تام للمثقفين والمبدعين فضلا عن العوام سأفتح هنا قوسين صغيرين لأؤكد لكم أننا لو شبهنا العاصمة بالجسد لكانت دار الثقافة بن خلدون قلبه النابض. أتحدث هنا عن تونس الفاتنة التي فقدت ملامحها في زحمة السنين. فقبل أن يختص نهج بن خلدون في صناعة الشاورما وبيع الملابس المستعملة والفواكه الجافة كان يعج بقاعات السينما تصطف على امتداده وتتوزع حواليه، وفيه معارض دائمة للفن التشكيلي ومقاه وحانات يؤمها الفنانون، ويأتيه الطلبة من مختلف الأجزاء الجامعية وهم في طريقهم إلى المطعم الجامعي (الحسين بوزيان) الذي أصبح في ما بعد مركزا ثقافيا جامعيا، وفي أكناف شارع الثقافة هذا تقع الشركة التونسية للتوزيع في شارع قرطاج بما تعرضه على امتداد العام من كتب واسطوانات، ومكتبة عمومية بنهج يوغسلافيا، وغير بعيد عنه في الشارع الكبير المسرح البلدي ورغم الأسئلة التي تحف بعملية ترميم دار الثقافة هذه ثانية بعد أقل من خمس سنوات من عملية ترميم أولى! فإن عودتها إلى سالف نشاطها في حلة جديدة مواكبة لروح العصر يعتبر حدثا مفرحا للجميع، وإنجازا مهما يرقى إلى مستوى الحدث الثقافي الوطني، فلماذا كان التدشين الرسمي على هذه الدرجة من الفقر في التصور والبؤس في الخيال والعجز عن الابتكار؟ لماذا هذا الجو الكئيب الذي أحاط بالافتتاح في ساعة من الليل تضاربت حولها الأنباء؟ لماذا هذه الصورة الكافكوية لموكب رسمي يشق هدوء الليل ويوقظ القطط النائمة في مداخل العمارات وكأن حدثا طارئا قد وقع ؟ لماذا لا تعرف السلطة كيف تسوق لنجاحاتها القليلة وجميع أفراد الشعب (يدهدصون) بحثا عن نقطة ضوء واحدة في العتمة؟ قياسا على ما ذكرته عن وزارة الثقافة في سوريا -وما هو إلا أنموذج واحد فقط ستجد شبيها له في كل الدول العربية- لماذا لم تنظم وزارتنا حفلا موسيقيا في افتتاح دار الثقافة بن خلدون المغاربية من جديد؟ ولماذا لم توزع دعوات على المبدعين والفاعلين الثقافيين لحضور التدشين؟ لماذا لم يكن الافتتاح في ساعة من ساعات المساء المأهولة بالناس وأمام أنظار الجميع وبحضور كافة وسائل الإعلام؟ ولماذا لا يزيح الرئيس الغطاء عن الرخامة الخضراء التي تحمل اسمه ثم يتوقف في القاعة الوسطى قليلا ليتبادل أطراف الحديث مع الحاضرين قبل أن يتقدمهم مبتسما في اتجاه الصف الأول من قاعة مزدحمة ليشاهد العرض الموسيقي؟ إن مشهد افتتاح الرئيس دار الثقافة بن خلدون بمفرده تحت جنح الظلام مشهد تنبعث منه موجات سلبية ومشاعر يأس وإحباط وكآبة، فالدار لا قيمة لها في غياب الجمهور، والثقافة لا معنى لها إن لم يكن الإنسان محورها، ولو كان حول الرئيس مستشارون أكفاء لنصحوه بألا يفعلها، وأن يجعل منها على الأقل مناسبة للالتقاء بالصادقين الأوفياء، فدار الثقافة بن خلدون وإن كانت تعني له شيئا فهي تعني للكثير من أبناء هذا الشعب أشياء وأشياء، وقالوا له بكل صدق: ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس بقلم عامر بوعزة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store