أحدث الأخبار مع #إيجيل


الدستور
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- الدستور
حفرها "سنوسرت الثالث".. محطات حاسمة في تاريخ قناة السويس
تعد قناة السويس واحدة من أهم الإنجازات الهندسية والتجارية في التاريخ، حيث تعود جذور فكرة شق قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط إلى عهد فرعون مصر "سنوسرت الثالث" من الأسرة الثانية عشرة، الذي سعى إلى تيسير حركة التجارة والملاحة بين الشرق والغرب عبر النيل وفروعه والبحيرات المرة المتصلة بالبحر الأحمر في ذلك الوقت. جهود متواصلة لإحياء الفكرة عبر العصور مع مرور الزمن، تعرضت القناة القديمة للإهمال، ما أدى إلى طمرها بالأتربة، وفي عام 610 قبل الميلاد، حاول الفرعون نخاو الثاني إعادة حفرها دون أن ينجح في ربطها بالبحر الأحمر، تلا ذلك محاولات أخرى قام بها دارا الأول ملك الفرس وبطاليموس الثاني، حيث استطاع الأخير في عام 285 قبل الميلاد إعادة الملاحة بين النيل والبحر الأحمر بنجاح. وفي العهد الروماني، أعاد الإمبراطور تراجان حفر قناة جديدة، إلا أن الإهمال عاد في العصر البيزنطي، مما أدى إلى طمرها مجددًا، وعند دخول العرب مصر أعاد عمرو بن العاص افتتاح القناة وسميت بـ"قناة أمير المؤمنين"، لكنها أغلقت مرة أخرى في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 760 ميلادية. التمهيد لقناة السويس الحديثة استمرت فكرة الربط البحري بين البحرين قائمة حتى عهد محمد علي، الذي أمر في عام 1820 بإصلاح جزء من القناة القديمة لأغراض الري، غير أن التاريخ الفعلي لقناة السويس كما نعرفها اليوم بدأ مع صدور "فرمان الامتياز الأول" في 30 نوفمبر 1854، الذي منح المهندس الفرنسي فرديناند ديلسبس حق إنشاء شركة لشق القناة. من ضربة الفأس الأولى إلى الافتتاح العالمي انطلقت أعمال الحفر في 25 أبريل 1859 في مدينة فرما (بورسعيد حاليًا)، بمشاركة نحو 20 ألف عامل مصري في ظروف شاقة للغاية، واستمر العمل طوال عشر سنوات، شهدت خلالها المنطقة أحداثًا تاريخية، مثل تدفق مياه البحر الأبيض المتوسط إلى بحيرة التمساح عام 1862، ثم التقاء مياه البحرين الأبيض والأحمر في 18 أغسطس 1869. وفي 17 نوفمبر 1869، تم افتتاح القناة بحفل أسطوري ضخم حضره أكثر من 6000 مدعو من قادة وأمراء وسفراء العالم، وعلى رأسهم الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث، وأبحرت السفينة "إيجيل" حاملة كبار الضيوف، تبعتها عشرات السفن الأخرى إيذانًا ببدء مرحلة جديدة للملاحة العالمية. وفي 29 أكتوبر 1888، أبرمت الدول الكبرى اتفاقية القسطنطينية، التي نصت على ضمان حرية الملاحة لجميع الدول في أوقات السلم والحرب دون تمييز. قرار التأميم واستعادة السيادة الوطنية في 26 يوليو 1956، أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قرار تأميم الشركة العالمية لقناة السويس في خطابه بالإسكندرية، مشددًا على أن جميع أموال وحقوق الشركة أصبحت ملكًا للدولة المصرية، مع التزام كامل بتعويض المساهمين بالقيمة السوقية في بورصة باريس، وفي إنجاز غير مسبوق، سددت مصر كامل التعويضات البالغة 28300000 جنيه بالعملة الصعبة قبل استحقاقها بعام كامل. لم يكن قرار التأميم رد فعل على رفض تمويل السد العالي فحسب، بل كان تأكيدًا على الحق المصري الأصيل، انسجامًا مع قرارات الأمم المتحدة التي منحت الدول السيادة الكاملة على مواردها، وأكدت مصر عبر خطاب وزير خارجيتها محمود فوزي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أحقيتها في هذا القرار التاريخي. وتم تعطيل حركة الملاحة عبر انسحاب المرشدين الأجانب، إلا أن العزيمة المصرية تخطت التحديات، حيث استطاع المرشدون الوطنيون بمساعدة مرشدين من دول صديقة إعادة انتظام حركة الملاحة خلال يومين فقط، ولقي هذا الإنجاز إشادة واسعة في الصحف العالمية. العدوان الثلاثي ومعركة السويس المجيدة مع استمرار صمود مصر، شن العدوان الثلاثي عليها (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) في أكتوبر 1956، مما تسبب في إغلاق القناة مؤقتًا، إلا أن الانتصار المصري في 23 ديسمبر 1956، والذي يعرف بمعركة السويس المجيدة، كان إيذانًا بانتهاء عصر الاستعمار وبداية عصر الاستقلال في العالم الثالث. مشروعات التطوير بعد التأميم استؤنفت الملاحة بقناة السويس في مارس 1957، وانطلقت سلسلة من المشروعات الكبرى: - تنفيذ المرحلة الأولى من "مشروع ناصر" لزيادة الغاطس إلى 37 قدمًا وزيادة القطاع المائي إلى 1800 متر مربع. - عبور أول ناقلة عملاقة "مانهاتان" في مارس 1962، تلتها سلسلة ناقلات عملاقة من إنجلترا والسويد، أبرزها "برجهافن" النرويجية. - تطوير أسطول الكراكات بانضمام كراكة "خوفو" الأقوى والأكبر ضمن أسطول الهيئة. إعادة افتتاح قناة السويس 1975 أغلقت القناة مجددًا خلال حرب 1967، ولكن بعد النصر في حرب أكتوبر، أعلن الرئيس أنور السادات إعادة فتح قناة السويس في 5 يونيو 1975، مؤكدًا للعالم أن القناة ستظل رمزًا للسلام والتقدم، وفي موكب تاريخي عبرت المدمرة "6 أكتوبر" مقدمة قافلة إعادة الافتتاح، لتبدأ مرحلة جديدة من الإزدهار الملاحي.


تحيا مصر
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- تحيا مصر
رمز التضحية والإرادة.. قناة السويس من حلم للفراعنة إلى شريان العالم الحديث
ليست قناة السويس مجرد ممر مائي، بل شاهد على دماء المصريين الذين حفروها وشيدوا معالمها عبر العصور، من عمال القرن التاسع عشر إلى جنود 1956 و1973. وأثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المطالبة بمرور السفن الأمريكية مجاناً عبر قناتي السويس وبنما، تساؤلات حول تاريخ قناة السويس العريقة التي باتت رمزاً للسيادة المصرية، بينما تحكي قصة المشروع العملاق أحلام المصرييين عبر آلاف السنين حتى تحولت إلى شريان حيوي للتجارة العالمية قناة السويس حلم المصريين القدماء يعود حلم ربط البحرين الأحمر والمتوسط إلى عصر الفراعنة، وتحديداً إلى سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة (حوالي 1874 ق.م)، الذي حاول شق قناة تربط النيل بالبحيرات المرة، ورغم اندثار آثاره، بقيت فكرة الربط بين الشرق والغرب حية. في610 ق.م، حاول الفرعون نخاو الثاني إحياء المشروع، ونجح في وصل النيل بالبحيرات المرة، لكنه فشل في ربطها بالبحر الأحمر، وتلت ذلك محاولات متعاقبة من دارا الأولالفارسي (510 ق.م)، وبطليموس الثاني* (285 ق.م) الذي نجح أخيراً في فتح ممر ملاحي كامل، تلاه الرومان بقيادة الإمبراطور تراجان (98 م) الذين حفروا قناة جديدة من القاهرة إلى العباسة. قناة السويس من العصور الوسطى إلى العثمانيين مع تراجع الإمبراطورية الرومانية، دخلت القناة عصراً من الإهمال حتى القرن السابع الميلادي، حين أعاد عمرو بن العاص إحياءها باسم "قناة أمير المؤمنين"، لكن الخليفة عمر بن الخطاب أوقف فكرة الربط المباشر بالبحر الأحمر خوفاً من غرق مصر. وفي العصر العثماني، أمر محمد علي باشا (1820) بإصلاح جزء من القناة لري الأراضي الزراعية، ليكون ذلك تمهيداً للفصل الأخير من القصة. القرن التاسع عشر وميلاد قناة السويس الحديثة بدأ المشروع بشكله الحالي مع فرمان الامتياز الأول عام 1854 الذي منحه الخديوي سعيد لـفرديناند ديلسبس، الفرنسي صاحب الرؤية. وفي 25 أبريل 1859، ضُربت الفأس الأولى في بورسعيد بمشاركة 20 ألف عامل مصري، الذين تحملوا ظروفاً قاسية، حيث سقط آلاف الضحايا بسبب الجوع والأمراض. وبعد عقد من الكفاح، اكتمل الحفر في 18 أغسطس 1869، وافتُتحت القناة رسمياً في 17 نوفمبر 1869 بحفل أسطوري حضره ملوك وأمراء أوروبا، حيث عبرت السفينة "إيجيل" محملةً بالمدعوين، تبعها 77 سفينة. التأميم ومعركة السيادة المصرية ظلت القناة تحت السيطرة الأجنبية حتى 26 يوليو 1956، حين أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميمها في خطاب تاريخي بالإسكندرية، رافضاً سيطرة الشركة الفرنسية. أدى القرار إلى العدوان الثلاثي (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل)، لكن مصر انتصرت سياسياً، وسددت تعويضات بلغت 28 مليون جنيه بحلول 1963، وعقب حرب 1967، أُغلقت القناة ثماني سنوات، حتى أعاد الرئيس الأسبق أنور السادات افتتاحها في 1975، لتبدأ مرحلة جديدة من التطوير. من التوسعات إلى قناة السويس الجديدة شهدت القناة سلسلة من التحسينات لاستيعاب السفن العملاقة: - 1962: عبور السفينة رقم 100 ألف. - 2001: زيادة حمولة السفن إلى 210 ألف طن. - 2015: تدشين قناة السويس الجديدة بتكلفة 8 مليارات دولار، تقلل زمن العبور وتضاعف الإيرادات. افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قناة السويس الجديدة لتوسيع المجرى الملاحي وتقليل زمن العبور واستيعاب أكبر عدد ممكن من السفن، وتوسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى بطول إجمالي 37 كيلومترا وإجمالا أطوال المشروع 72 كيلومترا.