منذ 8 ساعات
هل انتهى زمن غوغل وفيسبوك في القارة العجوز؟ أوروبيون يهجرون التطبيقات الأمريكية
مع تصاعد التوترات السياسية بين الولايات المتحدة وأوروبا منذ إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تزايدت التساؤلات حول مدى تأثير هذا الارتباط التكنولوجي على السيادة الأوروبية.
وفي ظل ذلك، بدأت مؤشرات على تحوّل تدريجي نحو خدمات رقمية مقررة في أوروبا، ما يطرح سؤالاً محوريًا: هل يمكن لأوروبا أن تبني بنية رقمية مستقلة؟
ارتفاع ملموس في البحث عن خدمات بديلة
وتشير بيانات شركة "سميلار ويب"، المتخصصة في تحليل حركة المرور الرقمي، إلى ارتفاع بنسبة 27% في عدد عمليات البحث عبر محرك "إيكوويا" (Ecosia) من دول الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي، بينما زاد استخدام خدمة البريد الإلكتروني السويسرية "بروتون ميل" (ProtonMail) بنسبة 11.7%.
وتُعد هذه النسب مؤشرًا على بدء تحوّل جزئي في سلوك المستخدمين الأوروبيين، الذين أصبحوا أكثر وعيًا بالمخاطر المحتملة المترتبة على تخزين بياناتهم لدى شركات أمريكية تخضع لقوانين مثل "باتريوت آكت"، التي تتيح للحكومة الأمريكية الوصول إلى البيانات المخزنة حتى لو كانت تعود لمواطنين أوروبيين.
التحول السياسي يدفع نحو التحوّل الرقمي
وقال مايكل فيرتس، مؤسس الكشك الخيري "توبو": إن نوعية الزوار تغيرت بشكل ملحوظ. وأضاف: "قبل كانت المعرفة التقنية والاهتمام بالخصوصية هما الدافع الرئيسي، أما الآن فإن السبب سياسي".
وأكد أن كثيرًا من الزوار أصبحوا قلقين بشأن تعرض بياناتهم للاستغلال بسبب الهيكل القانوني والتوجيهات السياسية في الولايات المتحدة.
ويتزامن هذا التحول مع تصريحات مثيرة للجدل من الإدارة الأمريكية، أبرزها اتهامات نائب الرئيس جي دي فانس للقادة الأوروبيين بممارسة الرقابة على حرية التعبير، وهجوم وزير الخارجية ماركو روبيو على القوانين الأوروبية باعتبارها تقييدًا للشركات الأمريكية.
شركات أمريكية تتهم أوروبا بالرقابة.. والاتحاد يرد
اتهمت شركات أمريكية كبرى مثل "ميتا" — المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستغرام" — الاتحاد الأوروبي بفرض رقابة غير مباشرة من خلال قانون الخدمات الرقمية (DSA).
من جانبه، أكد الاتحاد أن القانون يهدف إلى جعل الإنترنت أكثر أمانًا من خلال إلزام الشركات بمعالجة المحتوى غير القانوني، بما في ذلك خطاب الكراهية والمحتوى الجنسي للأطفال.
وقال غريغ نوجيم، مدير مشروع الأمن والمراقبة في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا: إن مخاوف الأوروبيين بشأن إمكانية وصول الحكومة الأمريكية إلى بياناتهم كانت مبررة، مشيرًا إلى قوانين تتيح للحكومة الأمريكية الوصول إلى البيانات المخزنة لدى مزودي خدمات أمريكية حتى لو كانت تعود لمواطنين أوروبيين.
جهود أوروبية لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية
وتعمل الحكومة الألمانية الجديدة على تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، وفقًا لاتفاقها الائتلافي الذي يدعو إلى استخدام المزيد من التنسيقات المفتوحة المصدر والبنية التحتية المحلية للتخزين السحابي.
وفي إقليم شليسفيغ-هولشتاين الألماني، يُلزم جميع الأجهزة المستخدمة في الإدارة العامة باستخدام برامج مفتوحة المصدر. كما دعمت برلين ماليًا تمكن أوكرانيا من الوصول إلى شبكة إنترنت عبر الأقمار الصناعية تديرها شركة "يوتلسات" الفرنسية، بدلًا من شبكة "ستارلينك" الخاصة بإيلون ماسك.
وقال بيل بودينغتون من منظمة "الحدود الإلكترونية" الأمريكية إن "الانفصال الجذري عن التكنولوجيا الأمريكية أمر قد يكون غير ممكن".
وأوضح أن البنية التحتية الرقمية الحديثة، من شبكات توصيل المحتوى إلى طرق توجيه حركة الإنترنت، تعتمد بشكل كبير على الشركات الأمريكية. حتى خدمات مثل "إيكوويا" و"كوانت" (Qwant) تعتمد على نتائج بحث من "غوغل" و"بينغ"، وتعمل على بنية تحتية سحابية تابعة للشركات نفسها التي تقدم عنها بديلاً.
زيادة استخدام تطبيقات بديلة
شهد تطبيق "سيجنال"، وهو تطبيق تراسل تابع لمؤسسة غير ربحية في الولايات المتحدة، زيادة في التنزيلات من أوروبا. وتشير بيانات "سميلار ويب" إلى زيادة بنسبة 7% في استخدام التطبيق شهريًا في مارس، في حين ظل استخدام تطبيق "واتساب" التابع لشركة "ميتا" ثابتًا.
كما شهدت خدمة "مستودون"، وهي شبكة تواصل اجتماعي لامركزية طورها مبرمج ألماني، تدفقًا جديدًا من المستخدمين بعد استحواذ ماسك على موقع "تويتر"، الذي أعاد تسميته لاحقًا باسم "إكس".
وعلى الرغم من النمو في استخدام الخدمات البديلة، قال الناشط الرقمي روبن بيرجون لوكالة رويترز إن هذا النوع من التنظيم الذاتي لن يكون كافيًا لوحده لكسر هيمنة شركات "سيلكون فالي" في أوروبا.
وقال بيرجون: "إن السوق قد تم الاستيلاء عليه. ومن الضروري أيضًا وجود تنظيمات قانونية".