logo
#

أحدث الأخبار مع #إيلانبابيه

عن 'الذعر الأخلاقي' وشجاعة الكلام: صمت الغرب بشأن غزة!ترجمة: غانية ملحيس
عن 'الذعر الأخلاقي' وشجاعة الكلام: صمت الغرب بشأن غزة!ترجمة: غانية ملحيس

ساحة التحرير

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • ساحة التحرير

عن 'الذعر الأخلاقي' وشجاعة الكلام: صمت الغرب بشأن غزة!ترجمة: غانية ملحيس

عن 'الذعر الأخلاقي' وشجاعة الكلام: صمت الغرب بشأن غزة! إيلان بابيه -ترجمة: غانية ملحيس* لا يملك الفلسطينيون ترف السماح للذعر الأخلاقي الغربي بأن يُحدث فرقا أو يؤثر عليهم. إن عدم الاستسلام لهذا الذعر خطوة صغيرة، لكنها مهمة، في بناء شبكة عالمية تعنى بفلسطين، وهي حاجة ماسة. تثير ردود فعل العالم الغربي تجاه الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية سؤالا مقلقا: لماذا يبدي الغرب الرسمي، وأوروبا الغربية الرسمية تحديدا، هذه اللامبالاة تجاه معاناة الفلسطينيين؟ لماذا يتواطأ الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، بشكل مباشر وغير مباشر، مع استمرار الظلم اليومي في فلسطين – وهو تواطؤ واضح لدرجة أنه ربما كان أحد أسباب خسارتهم الانتخابات. إذ لا يمكن للأصوات العربية الأمريكية والتقدمية في ولايات رئيسية، ولسبب وجيه، أن تغفر لإدارة بايدن دورها في الإبادة الجماعية في قطاع غزة؟ هذا سؤال وجيه، نظرا لأننا نتعامل مع إبادة جماعية متلفزة تجددت الآن على أرض الواقع. إنها تختلف عن الفترات السابقة التي تجلت فيها اللامبالاة والتواطؤ الغربي، سواء خلال النكبة أو سنوات الاحتلال الطويلة منذ العام 1967. خلال النكبة وحتى عام 1967، لم يكن من السهل الحصول على المعلومات، وكان القمع بعد عام 1967 تدريجيا في الغالب. وبالتالي، تجاهلته وسائل الإعلام والسياسات الغربية، التي رفضت الاعتراف بتأثيره التراكمي على الفلسطينيين.لكن الأشهر الثمانية عشر الماضية مختلفة تماما. إن تجاهل الإبادة الجماعية في قطاع غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية لا يمكن وصفه إلا بأنه متعمد وليس عن جهل. إن أفعال الإسرائيليين والخطاب المصاحب لها جليّان لا يمكن تجاهلهما، إلا إذا اختار السياسيون والأكاديميون والصحفيون ذلك. هذا النوع من الجهل هو، في المقام الأول، نتيجة لنجاح جماعات الضغط الإسرائيلية التي نمت وازدهرت على أرضية خصبة من عقدة الذنب الأوروبية والعنصرية وكراهية الإسلام. وفي حالة الولايات المتحدة، هو أيضا نتاج سنوات طويلة من آلة ضغط فعّالة وقاسية، لا يجرؤ على عصيانها إلا قلة قليلة في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، والسياسية خصوصا. تُعرف هذه الظاهرة في الدراسات الحديثة بالذعر الأخلاقي، وهي سمة مميزة للفئات الأكثر وعيا في المجتمعات الغربية: المثقفون والصحفيون والفنانون. الذعر الأخلاقي هو حالة يخشى فيها الشخص التمسك بقناعاته الأخلاقية،لأن ذلك يتطلب شجاعة قد تكون لها عواقب. لا نختبر دائما في مواقف تتطلب الشجاعة، أو على الأقل النزاهة. وعندما يحدث ذلك، نكون في مواقف لا تكون فيها الأخلاق مجرد فكرة مجردة، بل دعوة إلى العمل. لهذا السبب التزم الكثير من الألمان الصمت عندما أُرسل اليهود إلى معسكرات الإبادة. ولهذا السبب وقف الأمريكيون البيض مكتوفي الأيدي عندما تعرض الأمريكيون الأفارقة للشنق، أو عندما تم استعبادهم وإساءة معاملتهم قبل ذلك. ما هو الثمن الذي سيدفعه كبار الصحفيين الغربيين، والسياسيين المخضرمين، والأساتذة الجامعيين، أو الرؤساء التنفيذيين لشركات مرموقة، إذا ما ألقوا باللوم على إسرائيل في ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة؟ يبدو أنهم قلقون من نتيجتين محتملتين:- – الأولى هي إدانتهم كمعادين للسامية أو منكري الهولوكوست. – والثانية هي خوفهم من أن يشعل ردهم الصادق نقاشا يتضمن تواطؤ بلادهم، أو أوروبا، أو الغرب عموما في تمكين الإبادة الجماعية، وجميع السياسات الإجرامية التي سبقتها ضد الفلسطينيين. هذا الذعر الأخلاقي يؤدي إلى ظواهر مذهلة. فهو، عموما، يحوّل المثقفين والواعين إلى بلهاء تماما عندما يتحدثون عن فلسطين. وهذا الذعر يمنع أعضاء الأجهزة الأمنية الأكثر إدراكا وتفكيرا من دراسة المطالب الإسرائيلية بإدراج المقاومة الفلسطينية بأكملها على قائمة الإرهاب. كما أنه يحط من قدر الضحايا الفلسطينيين في وسائل الإعلام الرئيسية. انكشف غياب التعاطف والتضامن الأساسي مع ضحايا الإبادة الجماعية من خلال المعايير المزدوجة التي أظهرتها وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب، وخاصة الصحف الأمريكية العريقة، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست. عندما فقد رئيس تحرير صحيفة 'فلسطين كرونيكل'، الدكتور رمزي بارود، 56 فردا من عائلته – قتلوا في حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة – لم يُكلف أحد من زملائه في الصحافة الأمريكية نفسه عناء التحدث إليه أو إبداء أي اهتمام بمعرفة المزيد عن هذه الفظائع. من ناحية أخرى، أثار ادعاء إسرائيلي ملفق بوجود صلة بين 'كرونيكل' وعائلة احتجز رهائن في بنايتها السكنية اهتماما كبيرا من قبل هذه المنافذ الإعلامية ولفت انتباهها. هذا الخلل في الإنسانية والتضامن ليس سوى مثال واحد على التشوهات التي يجلبها الذعر الأخلاقي. لا أشكّ كثيرا في أن الإجراءات المتخذة ضد الطلاب الفلسطينيين، أو المؤيدين لفلسطين في الولايات المتحدة. أو ضد نشطاء معروفين في بريطانيا وفرنسا. بالإضافة إلى اعتقال رئيس تحرير 'الانتفاضة الإلكترونية' علي أبو نعمة في سويسرا، كلها مظاهر لهذا السلوك الأخلاقي المنحرف. وشهدت أستراليا مؤخرا قضية مماثلة. فقد قدمت ماري كوستاكيديس، الصحفية الأسترالية الشهيرة ومقدمة البرامج المسائية السابقة على قناة SBS World News Australia، إلى المحكمة الفيدرالية بسبب تغطيتها للوضع في قطاع غزة – التي يمكن وصفها بأنها متواضعة -. إن عدم رفض المحكمة لهذا الادعاء فور وصوله يظهر مدى تجذر الذعر الأخلاقي في الشمال العالمي. لكن لحسن الحظ هناك جانب آخر للأمر.، هناك فئة أكبر بكثير من الناس لا يخشون المخاطرة بالتعبير بوضوح عن دعمهم للفلسطينيين، ويظهرون هذا التضامن مع علمهم بأنه قد يؤدي إلى الإيقاف عن العمل أو الترحيل أو حتى السجن. لا يعثر عليهم بسهولة في الأوساط الأكاديمية أو الإعلامية أو السياسية السائدة، لكنهم الصوت الأصيل لمجتمعاتهم في أنحاء كثيرة من العالم الغربي. – [ ] لا يملك الفلسطينيون ترف السماح للذعر الأخلاقي الغربي بأن يحدث فرقا أو يؤثر عليهم . إن عدم الاستسلام لهذا الذعر خطوة صغيرة، لكنها مهمة، في بناء شبكة عالمية من أجل فلسطين، وهي حاجة ماسة – – [ ] – أولا لوقف تدمير فلسطين وشعبها. – [ ] – وثانيا لتهيئة الظروف لفلسطين مُحررة ومنزوعة من الاستعمار في المستقبل. عن صحيفة فلسطين كرونيكل ‎2025-‎04-‎21 The post عن 'الذعر الأخلاقي' وشجاعة الكلام: صمت الغرب بشأن غزة!ترجمة: غانية ملحيس first appeared on ساحة التحرير.

اسماعيل الشريف يكتب : «إسرائيل» على شفا الهاوية
اسماعيل الشريف يكتب : «إسرائيل» على شفا الهاوية

أخبارنا

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أخبارنا

اسماعيل الشريف يكتب : «إسرائيل» على شفا الهاوية

أخبارنا : «إننا في بداية نهاية المشروع الصهيوني، وهي مرحلة طويلة وخطيرة. لا نتحدث عن المستقبل القريب، بل عن المستقبل البعيد.» – إيلان بابيه يُعد المؤرخ إيلان بابيه من أبرز الفلاسفة اليهود المعروفين بمواقفهم النقدية تجاه الصهيونية وسياساتها بحق الفلسطينيين. وهو أحد رواد «المؤرخين الجدد» في الكيان الصهيوني، وهي مجموعة من الباحثين الذين أعادوا النظر في الرواية الصهيونية الرسمية للصراع العربي–الإسرائيلي، مستندين إلى وثائق تاريخية إسرائيلية رُفعت عنها السرية. حصل بابيه على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد ودرّس في جامعة حيفا، لكنه واجه ضغوطًا شديدة بسبب آرائه السياسية، ما دفعه إلى الهجرة من فلسطين المحتلة عام 2007. وهو يعمل حاليًا أستاذًا في جامعة إكستر البريطانية. من أبرز أفكاره أن النكبة عام 1948 لم تكن مجرد نزاع مسلح، بل كانت عملية تطهير عرقي ممنهجة تهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية إلى جانب الكيان. كما يرى أن المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري لا يمكن أن يتعايش مع حقوق الفلسطينيين في أرضهم. ويؤمن بحل الدولة الواحدة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. وله العديد من المؤلفات التي تفند الرواية الصهيونية وتكشف عن طبيعتها الاستعمارية والاستيطانية. من بين تنبؤاته التي تحققت، الانقسامات العميقة داخل المجتمع الصهيوني وتصاعد المقاومة الفلسطينية. وقد شبّه «طوفان الأقصى» بزلزال يضرب مبنى قديم، قد يؤدي إلى انهياره. ويستدل على ذلك بعدة شواهد، منها تفكك المجتمع الصهيوني، والأزمة الاقتصادية، والعزلة الدولية، وضعف الجيش، وتجدد طاقة الشباب الفلسطيني. شاهدتُ قبل أيام مقابلة له مع «الانتفاضة الإلكترونية» على يوتيوب، وقد أدرجتُ رابطها أسفل المقالة. في هذه المقابلة، يشير بابيه إلى وجود صراع داخلي في «إسرائيل» بين فئتين: الفئة الأولى، التي يسميها «دولة إسرائيل»، تمثل التيار العلماني الذي أسس الكيان ويسعى إلى فصل الدين عن الدولة مع الحفاظ على الطابع الديمقراطي الشكلي. ورغم أن معظم أفراده يؤيدون المشروع الاستيطاني والإبادة الجماعية، فإنهم يتسترون بطبقة رقيقة من الليبرالية في محاولة لجعل المشروع الاستعماري يبدو أكثر تنويرًا. وهذا ما يجعلهم يمقتون نظراءهم المتدينين، الذين لا يخفون نواياهم في قتل جميع الفلسطينيين وطردهم من أرضهم، ويطلق عليهم اسم «دولة يهوذا». وقد أدى هذا الانقسام، إلى جانب سيطرة المتدينين، إلى موجة هجرة عكسية من قبل العلمانيين. إلا أن هذه الهجرة لا ترتبط برفضهم للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين أو اعتراضهم على المشروع الاستعماري، وإنما تنبع من رفضهم للعيش في دولة دينية. يتحول الكيان تدريجيًا إلى «دولة يهوذا»، وهي دولة تحكمها قوى متطرفة، وكأي حركة متطرفة، تواجه فشلًا كبيرًا في إدارة الحكم. وحتماً، ينهار نظامها تحت وطأة الفوضى والتناقضات الداخلية، بعد عجزه عن تحقيق أهدافه، وما يرافق ذلك من معاناة كبيرة في سبيل تلك الأهداف. وفي النهاية، تسقط هذه الدولة مخلفةً دمارًا هائلًا. بالنسبة له، هذه النبوءة ليست دينية، بل تستند إلى العديد من الشواهد التاريخية التي تؤيدها. ومع ذلك، يُحذّر بابيه من الاحتفال المبكر. ويتحدث عن مستقبل الصهاينة، موضحًا أن وجودهم يعتمد بشكل أساسي على الأموال والمساعدات الأمريكية. ومع ذلك، فإن ثقة المجتمع الصهيوني بالدولة تتراجع، خاصة مع فشل جيشها في مواجهة حروب العصابات. كما يشير إلى أن أي محاولة لفرض دولة يهودية حصرية على العالم هي مسعى محكوم بالفشل. يعتقد الصهاينة أن وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في دول العالم، كما حدث مع الرئيس ترامب، يصب في مصلحتهم ولا يدعو للقلق، وهو ما يصفه بابيه بـ»الوهم البصري». لكن مع مرور الوقت، سيضعف الدعم الذي يتلقونه، في حين أصبحت أنظمة اليسار الوسط، مثل بريطانيا، التي تدعم إسرائيل، مكشوفة ومتواطئة مع الاستعمار والإبادة الجماعية. وفي حين تبذل جماعات الضغط الصهيونية جهودًا لضمان استمرار هذا الدعم، إلا أنه محكوم عليه بالفشل، إذ نشهد اليوم انهيار النظام الاستعماري القديم، وليس في فلسطين وحدها. ويعتقد بابيه أنه لكي تنجح حركات المقاومة الفلسطينية، يجب أن تكون موحدة وتعمل تحت مظلة واحدة. كما يتحدث عن كتابه الجديد، المقرر صدوره في أيلول القادم، تحت عنوان «إسرائيل على شفا الهاوية» (Israel on the Brink). يتناول في كتابه مستقبل «إسرائيل» بعد مرور مئة عام على قيامها، متنبئًا بانهيار المشروع الصهيوني وتحوله إلى دولة واحدة تشمل كامل فلسطين التاريخية. ويشير إلى أن هذا التحول سيأتي بعد ثماني ثورات ضد النظام الصهيوني الديني الذي سيواجه الانهيار. وتشمل هذه الثورات: حق العودة، إعادة تعريف الهوية اليهودية، مستقبل المستوطنات داخل الضفة الغربية، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية. ويؤكد أن الفلسطينيين لن يحركهم الانتقام، بل سيكرسون جهودهم للبناء، مع التركيز على قضايا التعويضات. أما اليهود المتعصبون، فسيغادرون فلسطين، إذ لا يمكنهم تقاسم البلاد مع غيرهم. لا شك أن طوفان الأقصى قد كشف عن هشاشة الكيان واعتماده المطلق على الولايات المتحدة، كما عمّق حالة الانقسام داخل المجتمع الصهيوني، وأفرز جيلًا جديدًا من المقاومة الفلسطينية العنيفة.

«إسرائيل» على شفا الهاوية
«إسرائيل» على شفا الهاوية

الدستور

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الدستور

«إسرائيل» على شفا الهاوية

«إننا في بداية نهاية المشروع الصهيوني، وهي مرحلة طويلة وخطيرة. لا نتحدث عن المستقبل القريب، بل عن المستقبل البعيد.» – إيلان بابيه يُعد المؤرخ إيلان بابيه من أبرز الفلاسفة اليهود المعروفين بمواقفهم النقدية تجاه الصهيونية وسياساتها بحق الفلسطينيين. وهو أحد رواد «المؤرخين الجدد» في الكيان الصهيوني، وهي مجموعة من الباحثين الذين أعادوا النظر في الرواية الصهيونية الرسمية للصراع العربي–الإسرائيلي، مستندين إلى وثائق تاريخية إسرائيلية رُفعت عنها السرية. حصل بابيه على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد ودرّس في جامعة حيفا، لكنه واجه ضغوطًا شديدة بسبب آرائه السياسية، ما دفعه إلى الهجرة من فلسطين المحتلة عام 2007. وهو يعمل حاليًا أستاذًا في جامعة إكستر البريطانية. من أبرز أفكاره أن النكبة عام 1948 لم تكن مجرد نزاع مسلح، بل كانت عملية تطهير عرقي ممنهجة تهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية إلى جانب الكيان. كما يرى أن المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري لا يمكن أن يتعايش مع حقوق الفلسطينيين في أرضهم. ويؤمن بحل الدولة الواحدة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. وله العديد من المؤلفات التي تفند الرواية الصهيونية وتكشف عن طبيعتها الاستعمارية والاستيطانية. من بين تنبؤاته التي تحققت، الانقسامات العميقة داخل المجتمع الصهيوني وتصاعد المقاومة الفلسطينية. وقد شبّه «طوفان الأقصى» بزلزال يضرب مبنى قديم، قد يؤدي إلى انهياره. ويستدل على ذلك بعدة شواهد، منها تفكك المجتمع الصهيوني، والأزمة الاقتصادية، والعزلة الدولية، وضعف الجيش، وتجدد طاقة الشباب الفلسطيني. شاهدتُ قبل أيام مقابلة له مع «الانتفاضة الإلكترونية» على يوتيوب، وقد أدرجتُ رابطها أسفل المقالة. في هذه المقابلة، يشير بابيه إلى وجود صراع داخلي في «إسرائيل» بين فئتين: الفئة الأولى، التي يسميها «دولة إسرائيل»، تمثل التيار العلماني الذي أسس الكيان ويسعى إلى فصل الدين عن الدولة مع الحفاظ على الطابع الديمقراطي الشكلي. ورغم أن معظم أفراده يؤيدون المشروع الاستيطاني والإبادة الجماعية، فإنهم يتسترون بطبقة رقيقة من الليبرالية في محاولة لجعل المشروع الاستعماري يبدو أكثر تنويرًا. وهذا ما يجعلهم يمقتون نظراءهم المتدينين، الذين لا يخفون نواياهم في قتل جميع الفلسطينيين وطردهم من أرضهم، ويطلق عليهم اسم «دولة يهوذا». وقد أدى هذا الانقسام، إلى جانب سيطرة المتدينين، إلى موجة هجرة عكسية من قبل العلمانيين. إلا أن هذه الهجرة لا ترتبط برفضهم للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين أو اعتراضهم على المشروع الاستعماري، وإنما تنبع من رفضهم للعيش في دولة دينية. يتحول الكيان تدريجيًا إلى «دولة يهوذا»، وهي دولة تحكمها قوى متطرفة، وكأي حركة متطرفة، تواجه فشلًا كبيرًا في إدارة الحكم. وحتماً، ينهار نظامها تحت وطأة الفوضى والتناقضات الداخلية، بعد عجزه عن تحقيق أهدافه، وما يرافق ذلك من معاناة كبيرة في سبيل تلك الأهداف. وفي النهاية، تسقط هذه الدولة مخلفةً دمارًا هائلًا. بالنسبة له، هذه النبوءة ليست دينية، بل تستند إلى العديد من الشواهد التاريخية التي تؤيدها. ومع ذلك، يُحذّر بابيه من الاحتفال المبكر. ويتحدث عن مستقبل الصهاينة، موضحًا أن وجودهم يعتمد بشكل أساسي على الأموال والمساعدات الأمريكية. ومع ذلك، فإن ثقة المجتمع الصهيوني بالدولة تتراجع، خاصة مع فشل جيشها في مواجهة حروب العصابات. كما يشير إلى أن أي محاولة لفرض دولة يهودية حصرية على العالم هي مسعى محكوم بالفشل. يعتقد الصهاينة أن وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في دول العالم، كما حدث مع الرئيس ترامب، يصب في مصلحتهم ولا يدعو للقلق، وهو ما يصفه بابيه بـ»الوهم البصري». لكن مع مرور الوقت، سيضعف الدعم الذي يتلقونه، في حين أصبحت أنظمة اليسار الوسط، مثل بريطانيا، التي تدعم إسرائيل، مكشوفة ومتواطئة مع الاستعمار والإبادة الجماعية. وفي حين تبذل جماعات الضغط الصهيونية جهودًا لضمان استمرار هذا الدعم، إلا أنه محكوم عليه بالفشل، إذ نشهد اليوم انهيار النظام الاستعماري القديم، وليس في فلسطين وحدها. ويعتقد بابيه أنه لكي تنجح حركات المقاومة الفلسطينية، يجب أن تكون موحدة وتعمل تحت مظلة واحدة. كما يتحدث عن كتابه الجديد، المقرر صدوره في أيلول القادم، تحت عنوان «إسرائيل على شفا الهاوية» (Israel on the Brink). يتناول في كتابه مستقبل «إسرائيل» بعد مرور مئة عام على قيامها، متنبئًا بانهيار المشروع الصهيوني وتحوله إلى دولة واحدة تشمل كامل فلسطين التاريخية. ويشير إلى أن هذا التحول سيأتي بعد ثماني ثورات ضد النظام الصهيوني الديني الذي سيواجه الانهيار. وتشمل هذه الثورات: حق العودة، إعادة تعريف الهوية اليهودية، مستقبل المستوطنات داخل الضفة الغربية، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية. ويؤكد أن الفلسطينيين لن يحركهم الانتقام، بل سيكرسون جهودهم للبناء، مع التركيز على قضايا التعويضات. أما اليهود المتعصبون، فسيغادرون فلسطين، إذ لا يمكنهم تقاسم البلاد مع غيرهم. لا شك أن طوفان الأقصى قد كشف عن هشاشة الكيان واعتماده المطلق على الولايات المتحدة، كما عمّق حالة الانقسام داخل المجتمع الصهيوني، وأفرز جيلًا جديدًا من المقاومة الفلسطينية العنيفة. وأعتقد أننا جميعًا متفقون على أن زوال الكيان حتمي، لكن يبقى الاختلاف فقط في توقيت هذا الزوال.

إبراهيم البليهي: المفكرون لا يؤثرون في السائد!
إبراهيم البليهي: المفكرون لا يؤثرون في السائد!

عكاظ

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عكاظ

إبراهيم البليهي: المفكرون لا يؤثرون في السائد!

عدّ المفكر إبراهيم البليهي إفاقة بعض الأفراد وخروجهم من الذوبان في التيار العام إفاقة فردية، إذ تستمر عقلية القطيع مهيمنة، ويستمر التيار في مجراه مهما ظهر من مفكرين ومهما بلغت قوة أفكارهم. وقال: هكذا ظهر في إسرائيل مفكرون ضد إسرائيل، فالمؤرخون الجدد، يمثلون تياراً ناشطاً، وهم أساتذة جامعيون ومؤلفاتهم تُنشر في إسرائيل وفي كل العالم وتُقابَل بإشادات على مستوى العالم، إلا أن المفكرين الذين يقرأون لبعضهم لا يؤثرون في العقل الجمعي. ولفت إلى استغراب البعض من قيام المفكر اليهودي إيلان بابيه بنقد إسرائيل نقداً علمياً متواصلاً في عدد من الكتب، رغم أنه يهودي ونقده العلمي أدى إلى مقاطعته من أقرب الناس إليه. ويرى صاحب «بنية التخلف» بأن علينا أن ننتبه إلى أنه خلال التاريخ البشري كله كان الفلاسفة وكبار المفكرين يخرجون في مختلف المجتمعات ويعلنون أفكاراً تتعارض مع السائد إلا أنهم يبقون منبوذين في مجتمعاتهم فهم مغايرون تماماً للتفكير السائد، لذلك يرفضهم المجتمع فلا يأتي تأثيرهم إلا متأخراً أو لا يأتي أبداً. وذهب إلى أن التفرُّد والانفصال عن تفكير القطيع طوَّر الحضارة، فالاستمرار على نفس النمط من التفكير يُبقي الحضارة في نفس المستوى، بل إن الحضارة ربما تنتكس وتتراجع كما حصل خلال القرون المظلمة في أوروبا، إذ حلّ الظلام الذي جمّد العقل الأوروبي 10 قرون، وحصل ذلك عقب الإشراق الفلسفي الباهر في أثينا وبعض المدن اليونانية. وأضاف أنّ كل تقدم حضاري هو وثبةٌ تتجاوز السائد، فالنمو يتطلب كسر بعض المسلمات، كما يتطلب خلق إضافات إيجابية، بل قد يستوجب حصول تحول نوعي، أما بدون هذه الاختراقات الفردية فإن الحضارة لا تتقدم أبداً، لذلك تدوم الخلافات والصراعات بين الأمم، فالإنسان لا يستجيب إلا لما يتفق مع ما تطبع به ويدغدغ رغباته وأهواءه واحتياجاته. وأكد أن انعتاق الحضارة من المعوقات بالغ الصعوبة، ولا تزال الإنسانية تعاني من حماقات البشر وجهلهم وغرورهم وغطرستهم، لذا ليس غريباً أن يظهر يهودي معارض للانتهاكات الفظيعة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بل وأن يتفرغ لفضح مخططات التهجير والإحلال، لكن تأثير الصوت الموضوعي يبقى تأثيراً ضئيلاً، فالعموم لا يصغون لصوت العقل، ولا يلتفتون لوميض الحقيقة، وإنما يستجيبون للمحرض، ويعجبون بالمهرجين والمضللين. وأوضح أن بعض المفكرين والأكاديميين العرب عاشوا في بلدان الغرب وعملوا أساتذة في جامعاتها واندمجوا في البيئة الثقافية إلا أنهم لم يذوبوا فيها، بل دخلوا في نقاشات حامية للدفاع عن القضايا العربية، وأسهموا في الإبداع النقدي، وصاروا معروفين بإسهاماتهم على المستوى العالمي، وبقوا معتزين بانتمائهم العربي يدافعون عن العرب ويفضحون الممارسات العدوانية، ويأتي في المقدمة إدوار سعيد، وطلال أسد؛ الذي يعمل أستاذاً في جامعة مدينة نيويورك، وله نشاط فكري واسع ومؤلفات كثيرة، تتناول الإشكالات الثقافية، وهو ابن محمد أسد صاحب كتاب «الطريق إلى مكة»، وجوزيف مسعد الذي يعمل أستاذاً بجامعة كولومبيا في نيويورك، وصدر له عددٌ من الكتب دفاعاً عن العرب وفضحاً للتبجح الغربي، وشارك في الندوات والمؤتمرات التي تناقش القضايا العربية، ومن آخر وأهم مؤلفاته كتابه الذي يحمل عنوان «اشتهاء العرب»، وهو نقضٌ للدعاوى التي تثار حول العرب بأنهم شهوانيون، ويتضمن دراسة شاملة للإبداع العربي الذي تناول هذا الجانب، وقدّم وثيقة تكشف التحيز الغربي وعدوانيته ليس فقط سياسياً وإنما على مستوى الفكر، وكشفتْ له المواجهةُ مع المغرضين أن البراهين الدامغة لا تؤدي إلى تراجعهم عن التضليل، وإنما قد يصير التصدي لهم سبباً في تأجيج العدوانية وإضافة المزيد من الوقود لإلهاب العداوة، لكنه رغم ذلك يرى أنه لا بد من التصدي لإدانة العدوان وتسجيل الحقائق. وأضاف: رغم الشعور بضآلة التأثير على الغرب إلا أنه يعلن أنه سيواصل الكفاح من أجل فضح الزيف، إذ يختم كتابه بالقول: «لم يقتصر اهتمامي على تسجيل السجالات والتصورات الهامة بل تجاوزه إلى لفت الانتباه لأهمية تلك السجالات والتصورات لمقاومة المحاولات التي يقوم بها عدد من القوى». وكتاب «اشتهاء العرب» يستحق أن يُقرأ بعناية، فهو إضافة إلى هدفه الأساسي، فإنه يمثل مراجعة فاحصة للفكر العربي الحديث. أخبار ذات صلة

إيلان بابيه.. مؤرخ بدأ صهيونيا وانتهى معاديا لإسرائيل
إيلان بابيه.. مؤرخ بدأ صهيونيا وانتهى معاديا لإسرائيل

الجزيرة

time١١-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

إيلان بابيه.. مؤرخ بدأ صهيونيا وانتهى معاديا لإسرائيل

إيلان بنيامين بابيه مؤرخ وناشط إسرائيلي وُلد عام 1954 في مدينة حيفا ، التي احتلتها إسرائيل عام 1948، لعائلة يهودية هاجرت من ألمانيا. نشأ في بيئة تأثرت ب الفكر الصهيوني ، وخدم في الجيش الإسرائيلي بمرتفعات الجولان المحتل أثناء حرب أكتوبر 1973 ، لكنه لاحقا ناهض الصهيونية ووثّق المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين. أصبح من أبرز مؤرخي الجيل اليهودي الجديد المعروفين بـ"المؤرخين الجدد"، الذين أعادوا النظر في الرواية الرسمية التي بنت عليها إسرائيل سردية تاريخها. ألّف العديد من الكتب أبرزها "التطهير العرقي في فلسطين"، ووصفه بأنه "أحد أكثر الكتب جرأة وأهمية في تحدي الرواية الإسرائيلية الرسمية". اشتهر بآرائه الناقدة للسياسات الإسرائيلية ودعمه المقاطعة الثقافية لإسرائيل، ولذلك اتهمه بعض الأكاديميين الإسرائيليين بـ"تشويه التاريخ"، وواجه تهديدات بالقتل. نتيجة للتضييق عليه في إسرائيل، هاجر إلى بريطانيا ، حيث يعيش مغتربا، ويعمل أستاذا في جامعة إكستر، وكان من قبل أستاذا محاضرا في الجامعة العبرية. المولد والنشأة وُلد إيلان بنيامين بابيه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1954 في مدينة حيفا، وهو ابن مُهاجِرَيْن من ألمانيا فرّا من اضطهاد النازية في ثلاثينيات القرن العشرين، وهاجرا إلى فلسطين في فترة الانتداب البريطاني. كانت أسرة بابيه إحدى آلاف العائلات اليهودية التي هاجرت إلى فلسطين في تلك الفترة بتشجيع من الحركة الصهيونيّة تمهيدا لإقامة دولة يهودية، وانضم والداه لاحقا إلى المشروع الاستعماري الصهيونيّ، وكما قال بابيه، فقد "غضّا الطرف عن حقيقة أن إقامة الدولة اليهودية تمت عبر تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم". في ريف حيفا، على جبل الكرمل، أعاد والدَاه مع أصدقائهما تأسيس مجتمع ثقافي يهودي ألماني، وهو ما وصفه بابيه بأنه "عالم وهمي". كان بابيه جزءا من جيل ما بعد قيام إسرائيل في عام 1948. وتمتع بامتيازات اجتماعية وسياسية باعتباره من اليهود الأشكناز القادمين من أوروبا. ومع ذلك، وجد نفسه في عامي 2005 و2006 وسط عاصفة سياسية وفكرية أجبرته على مغادرة إسرائيل، والاكتفاء بحياة هادئة في بلد غربي. ومنذ عام 2007، يقيم مع زوجته وابنيه في المملكة المتحدة، حيث يعمل أستاذا في جامعة إكستر. يذكر بابيه أن أحد الأسباب التي دفعته إلى مغادرة حيفا كان خوفه على سلامته، بينما كان السبب الآخر شعوره بـ"اختناق المثقف". فقد واجه رفضا قاسيا من مجتمعه، ووُصف بأنه "مجنون" و"مرتزق من العرب والفلسطينيين". كما يقول إنه تلقى "رسائل كراهية وتهديدات بالقتل". ويؤكد أن أخاه وأخته لا يشاركانه مواقفه السياسية، وأن بعض أفراد عائلته الموسعة قاطعوه بسبب آرائه. ومع ذلك يرى أنه ينتمي إلى مجتمع يرتكب انتهاكات جسيمة بحق الفلسطينيين، ويشعر بأن من واجبه الاعتراض، "ولو جعله ذلك منبوذا". بعيدا عن السياسة، يهوى بابيه قراءة الروايات الإنجليزية، ويستمتع بمشاهدة الأفلام السينمائية، والاستماع للموسيقى الكلاسيكية. كما أنه من مشجعي نادي ليفربول الإنجليزي. تلقى بابيه تعليمه فيما قبل الجامعة وفق المنهج المعتمد في المدارس الإسرائيلية العامة بمدينة حيفا، حيث نشأ. وفي عام 1972 التحق بالجامعة العبرية في القدس ، وهي إحدى أبرز الجامعات في إسرائيل، وتأسست عام 1918 وافتُتحت رسميا عام 1925. درس بابيه تاريخ الشرق الأوسط في الجامعة، مدفوعا بشغفه بالتاريخ، وهو المجال الذي تفوق فيه منذ سن مبكرة مقارنة ببقية المواد الأكاديمية. في هذه الفترة من دراسته أبدى اهتماما خاصا بتاريخ فلسطين والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو ما شكل نقطة تحول رئيسية في مسيرته الأكاديمية والبحثية. حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ من الجامعة العبرية عام 1978، ثم ‏انتقل إلى جامعة أكسفورد في بريطانيا لاستكمال مسيرته الأكاديمية. وفي كلية سانت أنتوني بأكسفورد، عمّق شغفه بالتاريخ ووسع دراساته حول الصهيونية وتاريخ فلسطين، مما ساهم في بلورة توجهاته النقدية. في عام 1984 حصل بابيه على درجة الدكتوراه في التاريخ تحت إشراف ألبرت حوراني وروجر أوين، وهما من أبرز الباحثين في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. وكان بابيه آخر طالب تتلمذ على يد حوراني في أكسفورد، وقد تأثر كثيرا بمنهجه البحثي. ونجم عن بحثه الأكاديمي كتابه الأول "بريطانيا والصراع العربي الإسرائيلي"، وتناول فيه بشكل خاص حرب 1948 ، وهو الموضوع الذي أكد بابيه أنه كان يشغله منذ بداية مسيرته المهنية مؤرخا. في رحلته العلمية والمعرفية، تأثر بابيه بتوجهات أكاديمية متنوعة ساعدت في تطوير أفكاره وصياغة منهجه التاريخي، وكان لتفاعلاته مع المثقفين الفلسطينيين، إلى جانب المناقشات المعمقة واستخدامه الأبحاث الأرشيفية، دور محوري في بلورة رؤيته التحليلية للأحداث. وقال بابيه إنه "تعرف منهم على الرؤية الفلسطينية لما حدث عام 1948″، ثم بحث في الأرشيف لدعم هذه الرواية. كما التقى المفكّر الفلسطيني-الأميركي إدوارد سعيد ، وأكد أن منهجه الأكاديمي كان مصدر إلهام له في كتاباته عن فلسطين. وإلى جانب ذلك تأثر بالدراسات الحديثة التي أنجزها أكاديميون إسرائيليون حول التاريخ، وقد أسس هؤلاء هيئة أبحاث تناولت تاريخ المنطقة منذ عام 1882. يتقن بابيه العبرية، وهي لغته الأم المرتبطة بنشأته في إسرائيل، كما يجيد الإنجليزية، وهي اللغة الأساسية لمعظم أعماله الأكاديمية، ويُعتقد أنه يتحدث لغة "اليديش" المرتبطة بأصوله من اليهود الأشكناز، وهي خليط من الألمانية والعبرية وبعض اللغات السلافية. إضافة إلى ذلك، لديه إلمام باللغة العربية التي تعلمها في قسم "المستشرق" الخاص بالمدارس الإسرائيلية. وهو برنامج تعليمي يُعد الطلاب للعمل الاستخباري في الجيش الإسرائيلي. الحياة المهنية عندما كان بابيه في التاسعة عشرة من عمره، أدى الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي ثلاث سنوات. وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وجد نفسه في مرتفعات الجولان في مواجهة الجيش السوري ، ويقول في ذلك "أتذكر أن الرقيب قال لنا إنه يجب علينا قتل العرب الصغار وإلا فسيكبرون ليقتلونا". بعد حصوله على درجة الدكتوراه من أكسفورد، عاد إلى إسرائيل وحصل على منصب أكاديمي في جامعة حيفا، حيث عمل محاضرا أول في قسم تاريخ الشرق الأوسط وقسم العلوم السياسية بين عامي 1984 و2006. وفي عام 1992 أسس وأدار المعهد الأكاديمي للسلام في جفعات حفيفا، وسعى من خلاله لتوفير منصة أكاديمية تعزز رؤية جديدة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ثم أصبح في عام 2000 رئيسا لمعهد إميل توما للدراسات الفلسطينية، وهو مركز بحثي متخصص في الدراسات المعمقة حول القضية الفلسطينية. وفي الوقت الذي كان يأمل فيه التقدم في مسيرته الأكاديمية، واجه بابيه ضغوطا سياسية وأكاديمية، نتيجة دعمه للقضايا الفلسطينية وانتقاده السياسات الإسرائيلية. حُرم لسنوات من الترقية إلى درجة الأستاذية (المشاركة أو الكاملة)، رغم أن له سجلا أكاديميا حافلا بالمنشورات. وقال إن ذلك كان بحجة أن كتابه "نشأة الصراع العربي الإسرائيلي" كان "سياسيا أكثر منه أكاديميا". وأشار إلى أن كتبه لم تُترجم إلى العبرية، وهو ما اعتبره نوعا من المقاطعة المستمرة لأعماله في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية. برز عام 2000 بصفته أحد المدافعين عن حقيقة مذبحة الطنطورة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي عام 1948. وساند الطالب تيدي كاتز الذي كشف عن تفاصيلها في أطروحته لنيل درجة الماجستير في التاريخ. وتضمنت دراسة كاتز استنادا إلى شهادات فلسطينية، توثيقا لمذبحة قتل فيها نحو 200 مقاتل فلسطيني بعد استسلامهم في مايو/أيار 1948. أثار دفاع بابيه عن كاتز استياء زملائه في الجامعة، حتى إن بعضهم اقترح طرده، ووصفوه بأنه "خائن"، وشبّهوه بـ"اللورد هاو هاو"، وهو اللقب الذي كان البريطانيون يطلقونه على وليام جيمس وعدد من زملائه المذيعين الذين كانوا يعملون في إذاعة ألمانية موجهة ضد بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية. في مايو/أيار 2002، تعرض لمحاولة الطرد من الجامعة بداعي أن مواقفه تشكل تهديدا للتوجهات الأكاديمية في إسرائيل. وفي عام 2005 وقع على دعوة دولية لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية، شملت وقف المشاريع الأكاديمية المشتركة وقطع تمويل البحوث. أدان الكنيست الإسرائيلي موقفه، واستُدعي لاحقا إلى "جلسة استماع تأديبية" واتُّهِم بالترويج للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل. جعلته هذه الاتهامات هدفا لهجوم واسع من الأوساط الأكاديمية والسياسية، ونتيجة لذلك، دعاه رئيس جامعة حيفا، آرون بن زئيف، إلى الاستقالة. في عام 2007، غادر إسرائيل بعد 23 عاما من العمل في جامعة حيفا وانتقل إلى بريطانيا لمواصلة مسيرته الأكاديمية، حيث يعمل أستاذا للتاريخ في جامعة أكستر. وفي عام 2009، أسس بابيه وزميلته غادة الكرمي، المركزالأوروبي للدراسات الفلسطينية في معهد الدراسات العربية والإسلامية التابع للجامعة. ويُعد هذا المركز الوحيد في الجامعات الأوروبية الذي يقدم أبحاثا متعمقة حول تاريخ فلسطين والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. في عام 2010، عُين مديرا مشاركا في مركز إيكستر للدراسات الإثنية السياسية، وهو منصة أكاديمية تركز على دراسة القضايا الإثنية والسياسية في العالم. نشر بابيه أكثر من 20 كتابا عن إسرائيل وفلسطين، كما حرر مجموعة من المقالات التي تتناول الصراع العربي الإسرائيلي. النشاط السياسي بدأ بابيه نشاطه السياسي في فترة مبكرة، وانضم في عام 1960 إلى الحركة الشبابية التي كانت تنتمي إلى التيار اليساري الصهيونيّ. وقد مثل هذا التيار حزب "المابام"، الذي كان يتبنى الدفاع عن حقوق "الأقلية العربية" (فلسطينيو 48) في إسرائيل وتحقيق العدالة الاجتماعية. في فترة تحضيره للماجستير، كان يعمل مستشارا متطوعا لحزب "المابام" في الكنيست الإسرائيلي، يقدم المشورة لممثليه البرلمانيين في "الشؤون العربية"، وإضافة إلى ذلك كان منسقا لأنشطة "المابام" في الحرم الجامعي. ومع مرور الوقت، أصبحت لديه رؤية نقدية لبعض سياسات الحزب، ثم غادره في عام 1965. في فترة خدمته العسكرية كانت حرب أكتوبر 1973 حاسمة في تشكيل وعيه السياسي بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، وفي عام 1982 ساعد في تأسيس الفرع البريطاني لمنظمة "السلام الآن " اليسارية الإسرائيلية، وطرد منه بعد قبوله النقاش مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس العموم البريطاني. وفي مرحلة لاحقة من حياته السياسية، انضم عام 1989 إلى حزب "حداش" اليساري (اختصار للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة). في عامي 1996 و1999 ترشح في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية على قائمة الحزب، وفي عام 2003 غادره بسبب الاختلاف مع بعض مواقفه. وفي عام 2008 أطلق المؤتمرالإسرائيلي لحق العودة، وكان الحدث يدعم حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم قسرا في سنة 1948. في أغسطس/آب 2015، كان من الموقعين على رسالة تنتقد تقريرا لصحيفة "جويش كرونيكل" اتهم زعيم حزب العمال البريطاني آنذاك جيرمي كوربين بمناهضة السامية بسبب دعمه لفلسطين. خارج معسكر الصهيونيّة في طفولته كان بابيه منبهرا برواية ثيودور هرتزل"الأرض الجديدة القديمة"، التي صاغت الرؤية الصهيونيّة لإقامة دولة يهودية. وفي فترة دراسته العسكرية والجامعية، كان صهيونيا إسرائيليا يساريا، لكنه لاحقا بدأ في تفكيك رموزالانبهار بهذه الأيديولوجيا في رحلة قادته بعيدا عن الواقع الإسرائيلي الذي وُلِد وتعلّم وترعرع فيه. نشأ هذا التحول من همسات زميلين فلسطينيين في سنوات دراسته الثانوية، حين تحدثا عن النكبة، لكنه لم يفهم معانيها بوضوح آنذاك، ومع مرور الوقت بدأ يسمع شهادات مباشرة عنها. تجول في أرض فلسطين المحتلة واستعاد ذاكرتها، ووجد الآثار التي تكشف الجانب المظلم من الصهيونيّة، وتؤكد أن إسرائيل بُنيت على أنقاض فلسطين. وعندما انتقل للدراسة في أوكسفورد خاض رحلة استعادة ذاكرة نكبة 1948 دون أن يدرك حينها حجم ما سيكتشفه. يقول "كنت أبحث، بصفتي مؤرخا مهتما بتاريخ بلدي، في الوثائق التي أصبحت متاحة آنذاك". ولكن ما وجده في الأرشيف أرسله في رحلة بعيدة عن الصهيونيّة، فقال "كان الشر الكامن في أحداث عام 1948، هو الحاجز الذي لا يمكن عبوره أمام كل ما اعتبرته مقدسا ونقيا في طفولتي". وانتهى به الأمر إلى اقتناع بأنه لم يعد يستطيع "الاشتراك في أيديولوجية جردت الفلسطينيين الأصليين من إنسانيتهم، وروّجت لسياسات نزع الملكية والتدمير". ووصف ما حدث في ذلك العام بأنه "تطهير عرقي ضد الفلسطينيين وليس مجرد نتيجة لحرب". ويرى بابيه أن الصهيونيّة باعتبارها مشروعا استعماريا، هي ما دفعه إلى مواجهة مباشرة مع "دولته" ومجتمعه. وقد كافح للتخلي عنها بوصفها "فلسفة عنصرية وشريرة"، ويؤكد ذلك قائلا "لقد دفعتني أبحاثي إلى التغير، ولا أعتبر نفسي صهيونيا الآن". كما قال إن رحلته خارج معسكر الصهيونيّة لم تكن مجرد تحول فكري وأيديولوجي وسياسي، بل كانت أيضا تجربة عاطفية مؤلمة أدت إلى جفاء اجتماعي مع بيئته. ومع مرور السنين وكثافة البحث وزيادة فهمه للقضية الفلسطينية وعلاقاته مع الفلسطينيين، أصبح أكثر ثقة بمواقفه الأخلاقية اتجاه إسرائيل والصهيونيّة. ويعتقد المؤرّخ الإسرائيلي أن أكثر شيء يستمتع به "هو أن يكون الشخص الذي يحمل مرآة أمام مجتمعه، ويقول انظروا مدى قبحكم". الكتب والمؤلفات كتب المؤرخ الإسرائيلي إليان بابيه العديد من الكتب والمؤلفات، ومن أبرزها: تاريخ موجز للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نُشر عام 2025. عشر خرافات عن إسرائيل، نُشر عام 2017، وتم تحديثه بخاتمة جديدة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2023. أكبر سجن على كوكب الأرض: تاريخ غزة والأراضي المحتلة، نُشر عام 2016 وتُرجم إلى العربيّة عام 2020. وحصل على جائزة فلسطين للكتاب. ستنجح المقاطعة: وجهة نظر إسرائيلية، نُشر عام 2012. الفلسطينيون المنسيون: تاريخ الفلسطينيين في إسرائيل، نُشر عام 2011. خارج الإطار: النضال من أجل الحرية الأكاديمية في إسرائيل، نُشر عام 2010. التطهير العرقي في فلسطين، نشر عام 2006. بريطانيا والصراع العربي الإسرائيلي 1948-1950، نُشر عام 1988، وقال بابيه إنه فضح فيه "الأسطورة الإسرائيلية التأسيسية القائلة إنه في عام 1948 كانت بريطانيا عدوا للصهيونيّة وإسرائيل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store