أحدث الأخبار مع #ابنعربي


موقع كتابات
منذ 7 ساعات
- ترفيه
- موقع كتابات
مقامة دين ابن عربي
تظل كلمات العارف الأكبر محي الدين بن عربي , (( الحب ديني )) منارة تضيء دروب البحث عن المعنى والوحدة , ليست هذه المقولة مجرد عبارة شعرية عابرة , بل هي جوهر فلسفة وجودية عميقة تدعو إلى تجاوز الاختلافات الظاهرية والوصول إلى حقيقة أسمى تجمع كل الكائنات تحت مظلة الحب الإلهي اللامتناهي , ففي عالم يزداد فيه التشرذم , وتتصارع فيه الهويات , فأن مقولة الحب ديني , رحلة في فضاء الوحدة الإلهية , وأعلانا لأستخدام الحب كمنهج حياة , إن قول ابن عربي بأن الحب دينه ليس ادعاءً بسيطًا بالانتماء إلى عاطفة بشرية مجردة , وعن رؤية كونية ترى في الحب الطريق الأوحد للوصول إلى الله , فالدين بمفهومه الواسع , ليس طقوسًا جامدة أو عقائدًا محددة بقدر ما هو سلوك وموقف قلبي , وعندما يكون الحب هو هذا الدين , فإنه يشمل كل صور الإحسان والرحمة والعطاء , ويتجلى في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان ومع الكون بأسره , الحب هنا يصبح تجليًا للأسماء الحسنى , ومصدرًا للإلهام الذي يدفع المؤمن إلى التوحد مع الخالق عبر محبة خلقه. لعلَّ من أشهر ما جرى على ألسنة الناس من شعر الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي, قوله : (( أَدينُ بدينِ الحُبِّ أَنّى تَوجَّهَتْ ركائِبُهُ فالحُبُّ ديني وَإِيماني)) , وقد وردت فيما نشر من النسخ المخطوطة (( فالدينُ ديني وإيماني)) , ولا يقصد في هذه المقامة الكلام عن معنى البيت أو الأبيات المشهورة من هذه القصيدة , ولكنَّ وجد بعض من استنكر وصفه الإسلام بدين الحب , وتكلَّم ذلك المُنكِرُ بكلامٍ يرى فيه أن ذلك الوصف لا يليق بدين الله , وأنه يعلم أن أمر الحب مشهور عند الصوفية , وأنه من انعدام الغيرة على الشرع الشريف , حيث يبدو انه لم ينتبه إلى أن الأكابر من أهل الله مِن أمثال ابن العربي لا ينطقون كلمةً إلا وهي من فيض القرآن , وما من عملٍ أو قولٍ اشتهر عنهم إلا وهو مؤيَّدٌ بالكتاب والسنة , مما يدعو للعجب من انفعال ذلك الشخص وكأنه لم ير إلى قول الله تعالى للكافرين: (( فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)) المائدة 54 , بل لم ينظر إلى ما خاطب به الله رسوله حين قال : (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) آل عمران 31 , أن دعوى المؤمن محبته لله , وأن غايته حصول محبة الله له . يدعو ابن عربي إلى تجاوز الأطر الضيقة للعقائد الظاهرية التي قد تفرق بين الناس , فإذا كان الله هو الحب المطلق الذي لا يحده زمان ولا مكان ولا شكل , فإن تجلياته تتنوع في كل مظاهر الوجود , وبالتالي , فإن محبة هذه التجليات , على اختلاف صورها , هي عين محبة الأصل , هذا يعني أن كل قلب ينبض بالحب , وكل يد تمتد بالخير, وكل روح تسعى للسلام , هي في جوهرها تسير على طريق (( دين الحب )) الذي تحدث عنه ابن عربي , لا فرق بين مسجد وكنيسة ومعبد إذا كان القصد الأسمى هو التعبير عن الإجلال والإقبال على الحقائق الكبرى التي يوحدها الحب , وفكرة (( الحب ديني )) تتصل اتصالاً وثيقًا بمفهوم وحدة الوجود , فالعالم بأسره , بكل ما فيه من تنوع , هو مرآة تتجلى فيها الذات الإلهية , وعندما يرى العارف الجمال في كل شيء , ويلمس الكمال في كل مظهر, فإنه لا يرى إلا تجليات المحبوب الأزلي , ومن هذا المنطلق , يصبح حب الآخر, أيًا كان , هو حب جزء من تجليات الحقيقة الإلهية , هذا الحب لا يقصي , بل يحتضن , ولا يفرق , بل يجمع , لأنه ينبع من إدراك عميق بأن كل شيء في الوجود هو مظهر من مظاهر الجمال الإلهي . في زمننا الحاضر, حيث تتزايد الانقسامات والصراعات , تحمل مقولة ((الحب ديني )) رسالة عميقة للسلام والتسامح , فإذا استطعنا أن نرى في كل إنسان أخًا لنا في الإنسانية , وأن ندرك أن الحب هو القوة الأسمى التي تربطنا جميعًا , فإن الكثير من حواجز الكراهية والعداوة ستتهاوى , إنها دعوة إلى ثورة روحية تبدأ من القلب , ليعم أثرها العالم كله , أن ندرك أن الحب هو ديننا يعني أننا نلتزم بأن نعيش حياتنا وفقًا لمبادئه السامية : الرحمة , والتفهم , والعطاء , والسلام , إن مقولة محي الدين بن عربي ليست مجرد مقولة صوفية عابرة , بل هي فلسفة حياة متكاملة تدعو إلى التسامح , والوحدة , وإدراك الجمال الإلهي في كل شيء , إنها دعوة للبحث عن الألفة في زمن التباعد , وإلى إعلاء قيم المحبة فوق كل اعتبار. محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي , أحد أشهر المتصوفين , لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفية (( بالشيخ الأكبر)) , ولذا ينسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية , ولد في مرسية في الأندلس عام 558 هـ الموافق 1164م , وتوفي في دمشق عام 638هـ الموافق 1240م , ودفن في سفح جبل قاسيون , ومن ألقابه أيضاً : الشيخ الأكبر, رئيس المكاشفين , البحر الزاخر , بحر الحقائق , إمام المحققين , سلطان العارفين , ويقول الروائي الدكتور يوسف زيدان : (( لم يحمل محيى الدين ابن عربى لقب الشيخ الأكبر مصادفةً واتفاقًا , وإنما حمله استحقاقًا لمرتبةٍ عالية فى الطريق الصوفىِّ , ومكانةٍ لا يكاد يبلغها صوفىٌّ آخر فى تاريخ الإسلام سواء فى القرون الخالية أو الأيام الحالية , وسواء فى ديار المسلمين أو فى العالم أجمع فهو أكبر مؤلِّفٍ صوفىٍّ فى تاريخ الإسلام وهو صاحبُ أكبر موسوعةٍ صوفية : الفتوحات المكية , وهو أخيرًا : أكبر الذين صاغوا التصوُّف فى عصره صياغةً تامة , بعد قرونٍ من تطوُّر الرؤية واللغة الصوفية )) . ذكر أنه مرض في شبابه مرضًا شديدًا وفي أثناء شدة الحمي رأى في المنام أنه محوط بعدد ضخم من قوى الشر, مسلحين يريدون الفتك به , وبغتة رأى شخصًا جميلًا قويًا مشرق الوجه , حمل على هذه الأرواح الشريرة ففرقها ولم يبق منها أي أثر فيسأله محيي الدين من أنت ؟ فقال له أنا سورة يس , وعلى أثر هذا استيقظ فرأى والده جالسا إلى وسادته يتلو عند رأسه سورة يس , ثم لم يلبث أن برئ من مرضه , وألقي في روعه أنه معد للحياة الروحية وآمن بوجوب سيره فيها إلى نهايتها ففعل , وتزوج بفتاة تعتبر مثالا في الكمال الروحي والجمال الظاهري وحسن الخلق , فساهمت معه في تصفية حياته الروحية , بل كانت أحد دوافعه الي الإمعان فيها , وفي هذه الأثناء كان يتردد على إحدى مدارس الأندلس التي تعلم سرا مذهب الأمبيذوقلية المحدثة المفعمة بالرموز والتأويلات والموروثة عن الفيثاغورية والاورفيوسية والفطرية الهندية , وكان أشهر أساتذة تلك المدرسة في ذلك القرن ابن العريف المتوفي سنة 1141م. يعد ابن عربي شخصية بارزة في عالم الفكر الديني وشهرته لا تنحصر في حدود العالم الإسلامي فحتى الغربيين والآسيويين بلغهم صيت هذا الرجل , بل وساهموا في دراسته واستلهامه , ومن أقواله : (( من قال بالحلول فدينه معلول , وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد )) , (( من أحبه الحق فقد جذبه , ومن جذبه فقد قرّبه , ومن قرّبه أفناه عن وجوده , وأبقاه بشهوده , ومنحه كمال مشهوده , وأطلعه على حقائق جوده )) , (( الطاعة للعبد , والمسارعة إليها للمحب , والتلذذ فيها للعارف , والفناء فيها للمحققين )) ,و(( مقدارُ كُلَّ امرئٍ حديثُ قلبه )) , و (( لاتكن لعانا ولاسبابا ولاسخابا , اياك أن تسأل الناس تكثرا وعندك مايغنيك في حال سؤالك فان المسألة خموش في وجهك يوم القيامة )) , ويعتبره البعض شخصية مثيرة للجدل فلا يكاد يتفق عليه اثنان , حتى أن تحديد مذهبه الفقهي أو الكلامي من خلال كلماته يكاد يكون ضربا من التعسف والمجازفة , و يعزو البعض ذلك إلى أنه فوق المذاهب وأعلى من أن يتمذهب بها .


صوت بلادي
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- صوت بلادي
"طريق الضباب" بقلم إبراهيم الديب
يسيطر عليه شعور خفي وفكرة ملحة لا يستطيع الخلاص بكسر: روتين حياته اليومي الاقرب لشرنقة لا يستطيع الخروج من اقطارها، وكأنها قالبا حديديا محبوس بداخله، ولكن عملية الاعتقال تمت بإرادته ليكون هو سجان نفسه ولكن نوبات ؛ من التمرد تنتابه أحيانا تصل للثورة على سجانه ، رغبة في خلاص روحه ..مؤلم أن يمارس الانسان طقوسا قسرا عنه، ثم يقوم بحشد مبررات منطقيه يعمل فيها عقله وقتا طويلاً لإقناع: نفسه بأنها من اختياره، يدفعه لذلك رغبته التعبير عما تموج به أعماقه. فما يمارسه الشخص من أفعال واتخاذه من قرارات ليست في حاجة لمبررات: لإحساس يسبق يخبر عن تصالح وتوافق الشخص مع نفسه، متمنيا في كل ما يصدر عنه التعبير عن الشخص الذي تمنى يوماً ان يكونه، حتى لا يحيى لحساب غيره حياة معاشة قبل ذلك فالحياة من وجهة مغامرة أو مخاطرة كبرى يعيشها الشخص المتفرد على غير مثال سابق، و هو على قناعة تامة انه يستحقها بل مؤهلاً لها. الشارع شبه خالي إلا؛ من رذاذ المطر المتساقط علي وجهه كما تتسرب أفكار وهواجس ،ووساوس كثيرة من رأسه و نفسه المضطربة ، وسماء ملبدة بالغيوم ، وصوت خطواته المنتظمة علي الرصيف ودبيبها الذي يتلاشى في الفضاء كما غابت أشياء كثيرة اخذ يحدث نفسه :ويتساءل أين ذهب الماضي السحيق حتى ؛الأمس القريب مستحيل عودته مرة أخري الا باستعادة الذاكرة له بصورة ضبابية باهتة مشوشة؟ كيف سكت كل صراخ الدنيا وضجيجها الذي ملأ عهودها السحيقة منذ الأزل ،في أي مكان يستقر كل ذلك الأن ؟هل يعاود الظهور في صورة مختلفة م، فكل ما خلقه الله حق شيء يؤدي وظيفة في كونه بقدر معلوم: وضع يديه بداخل جيوبه من شدة الصقيع الذي يضرب وجهه بقسوة ويحكم ياقات جاكته ،حول رقبته الشاخصة باتجاه حتى لا يتسلل الطقس بين ملابسه؛ يواصل حملقته في السماء المضطربة الغاضبة. اعتاد المشي منذ الصغر في ساعات الليل المتأخرة أو الصباح الباكر رغبة منه في الاستماع لصوت الشوارع ويشاركها أفراحه وأحلامه وآماله ... عمال بلدية المدينة في قمة نشاطهم وهم يؤدون اعمالهم :يغنون ويمرحون حد النشوة صوب نظره يراقبهم في حسد لافتقاده سعادة يعيشونها وتساءل في نفسه من يأتي هؤلاء البسطاء بكل هذا الرضا والقناعة التي تعبر عنها ملامحها ويفتقدها ملوك يحكمون واصحاب جاه عريض ، لا توجد وظيفة شاغرة في الكون، لينطق من تلقاء سبحان ربي العظيم ،هل حقيقة الدنيا كما أشاهدها ؟ أم يراه ظواهر تخفي الحقيقة في باطنها وعلينا النظر بالبصيرة لا بالبصر؛ نتيجة بحث متواصل: لمتصوفة الإسلام أن كل إنسان عاش حياته بهيئة وكينونة علي الأرض ، كما تمنى وهو ما زال في عالم الذر ،فكل ما قام واقترفته يداه في الدنيا من: اختياره قبل زيارة هذا الشخص للوجود، وهو أيضاً ؛من سعى ليكون على هذه الشاكلة , أما أعماله فالله يحصيها عليه ولم يجبره على اقترافها، وإن شاء غفرها ولا يظلم ربك أحدا. تسللت السكينة لداخل وغشيه سلام داخلي لتذكره متصوفة الإسلام وداهمته اسماء ابن عربي, والحارث بن اسد المحاسبي ،النفري، والجنيد، وابو يزيد البسطامي.... تسلل تيار بارد طازج ممزوج برائحة الضباب يرغب فى تلك الرائحة مداعبة أنفه ،في الفترة التي تسبق اغتيال أشعة الشمس لبقايا ليل يستعد بالتحول لنهار ... واصل المطر هطوله المطر من السماء.


البوابة
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- البوابة
بحور العشق الإلهى .. ابن عربى والتصوف الفلسفى.. من الزهد إلى وحدة الوجود
يعد الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي (ت. ٦٣٨هـ) من أبرز أعلام التصوف الإسلامي، حيث جمع بين التجربة الروحية العميقة والتأمل الفلسفي، ما جعله شخصية استثنائية في تاريخ الفكر الإسلامي. وُلد ابن عربي في الأندلس، حيث تأثر بالبيئة العلمية والدينية المزدهرة آنذاك. في شبابه، بدأ طريقه الروحي كزاهدٍ تقليدي، ملتزمًا بممارسة العبادات وتهذيب النفس وفق ما كان شائعًا بين المتصوفة الأوائل. غير أن تجربته الصوفية لم تتوقف عند حدود الزهد، بل تطورت إلى مفهوم الفناء في الله، حيث كان يرى أن على الإنسان أن يتخلص من ذاته المحدودة ليصل إلى الحقيقة الإلهية المطلقة (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج١، ص٢٢٠). تأثر بابن مسرة والسهروردي وأبي مدين الغوث، لكنه سرعان ما تميز بمفاهيمه الخاصة التي تجاوزت التصوف الأخلاقي إلى تصوف فلسفي يعتمد على رؤى عميقة في ماهية الوجود والعلاقة بين الله والعالم. بدأ مسيرته الروحية في إطار الزهد التقليدي، متأثرًا بتيار التصوف العملي الذي كان منتشرًا في الأندلس والمغرب في عصره، والذي يقوم على المجاهدة والتقشف كطريق للوصول إلى الله (الفتوحات المكية، ابن عربي). إلا أنه لم يلبث أن تجاوز هذا النمط التقليدي، متجهًا نحو تصوف معرفي أكثر تعقيدًا، يقوم على كشف الحقائق الإلهية من خلال التجربة الذوقية، وهو ما ميّز مدرسته لاحقًا. وشهدت رحلة ابن عربي الفكرية تحولات جوهرية جعلته من رواد التصوف الفلسفي. فقد توسعت رؤيته إلى ما هو أبعد من الزهد الفردي، لتشمل نظرية معرفية شاملة حول حقيقة الوجود والعلاقة بين الله والعالم. تبلور هذا التوجه في كتاباته الكبرى مثل الفتوحات المكية وفصوص الحكم، حيث ربط بين الكشف الصوفي والتأمل العقلي، مُقدِّمًا رؤية صوفية ذات طابع فلسفي عميق (ابن عربي، فصوص الحكم). ومن خلال استيعابه للموروث الفلسفي، خصوصًا الأفلاطونية والإشراقية، أعاد ابن عربي صياغة التصوف الإسلامي بطريقة جعلته يتجاوز حدود التجربة الشخصية إلى نظرية كونية حول الوجود والمعرفة. نظرة وحدة الوجود بلغت أفكار ابن عربي ذروتها في نظريته حول "وحدة الوجود"، التي أثارت جدلًا واسعًا بين الفقهاء والمتكلمين. فقد طرح تصورًا يرى أن الوجود الحقيقي هو وجود الله، أما العالم فهو مجرد تجلٍّ لهذا الوجود المطلق، وهو ما عارضه كثير من العلماء الذين رأوا في ذلك تقويضًا للعقائد الإسلامية التقليدية. ورغم هذا الصدام، فإن تأثيره في التصوف الإسلامي كان عظيمًا، إذ أصبح فكره مرجعية للعديد من المدارس الصوفية اللاحقة، كما أثّر في الفلسفات الشرقية والغربية التي وجدت في رؤيته بعدًا ميتافيزيقيًا عميقًا (الجيلي، الإنسان الكامل؛ عبد الرحمن بدوي، شخصيات قلقة في الإسلام). الكون كتجلٍّ إلهي تُعد نظرية وحدة الوجود حجر الزاوية في التصوف الفلسفي عند ابن عربي، حيث يرى أن الوجود في حقيقته واحد، وأن تعدد الكائنات ليس إلا تجليات لهذا الوجود الإلهي المطلق. ويؤكد ابن عربي أن الله هو الحقيقة الوحيدة، وكل ما سواه ليس سوى صور وأسماء تنعكس عنه، فيقول: "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها" (ابن عربي، فصوص الحكم، ص٦٧). هذه الفكرة لم تكن مجرد رؤية ميتافيزيقية، بل كانت تعبيرًا عن تجربة روحية عميقة حاول من خلالها تفسير العلاقة بين الخالق والمخلوق، بعيدًا عن التصورات الثنائية التي تفصل بين الله والعالم بطريقة حاسمة. لم يكن قصد ابن عربي من وحدة الوجود أن الله هو عين الموجودات، بل إن الكائنات هي تجليات لأسمائه وصفاته. فهو يشبّه ذلك بانعكاس الصورة في المرآة، حيث تظهر صورة الإنسان في المرآة دون أن تكون المرآة هي الإنسان نفسه. بهذه الرؤية، حاول ابن عربي تقديم تفسير لسر التنوع في الكون، حيث يرى أن الله يتجلّى في صور لا متناهية، وأن كل شيء في العالم يعبر عن جانب من جوانب الحقيقة الإلهية (الفتوحات المكية، ج١، ص١٢٠). وبالتالي، فالعالم عنده ليس وجودًا مستقلًا، بل هو ظل للوجود الإلهي الحق، مما يفسر قوله: "العالم خيال، والحق هو المتجلّي فيه" (ابن عربي، فصوص الحكم، ص١٣٢). أثارت نظرية وحدة الوجود جدلًا واسعًا بين العلماء والمتصوفة، حيث اتهمه بعض الفقهاء بالحلول والاتحاد، أي القول بأن الله يحل في مخلوقاته أو أنه متحد بها، وهو ما رفضه ابن عربي نفسه، مشددًا على أن تصوره أكثر تعقيدًا ولا ينبغي فهمه بمعانٍ حرفية. فالمعترضين رأوا في أفكاره خطرًا على العقيدة، بينما اعتبره أنصاره مجددًا في الفكر الصوفي، قدّم رؤية أكثر عمقًا للعلاقة بين الله والعالم (عبد الرحمن بدوي، شخصيات قلقة في الإسلام، ص٢٤٣). وقد استمر تأثير أفكاره في التصوف والفلسفة الإسلامية، حيث تبنّت مدارس صوفية لاحقة رؤيته، مع اختلاف في التفسير والتأويل. المنهج الصوفي عند ابن عربي يؤكد محيي الدين بن عربي على التمييز بين المنهج العقلي الاستدلالي الذي يعتمده الفلاسفة والمتكلمون، وبين المنهج الصوفي القائم على المعرفة الذوقية المباشرة. فهو يرى أن الفلاسفة يعتمدون على الفكر والاستدلال العقلي، ولذلك يصفهم بأنهم "أصحاب فكر لا ذوق"، بينما يعتبر الصوفية "أصحاب أذواق وأحوال" لأنهم يعتمدون على التجربة الروحية المباشرة في إدراك الحقائق (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج٢، ص١٤٥). هذا التفريق يعكس رؤيته الخاصة حول المعرفة، حيث يرى أن الحقائق الإلهية لا تُدرك بالجدل العقلي، بل بالتجربة الوجدانية التي تُفضي إلى الكشف والشهود. يرى ابن عربي أن المعرفة الصوفية تعتمد على ما يسميه المحدثون بـ"الحدس العقلي أو الحسي"، وهو ما يسميه أيضًا في الفتوحات المكية بـ"علم النظرة أو الضربة أو الرمية"، أي أنه إدراك فوري ومباشر للحقيقة في جوهرها دون الحاجة إلى وساطة عقلية (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج٣، ص٩٨). هذه المعرفة تتماهى مع موضوعها، حيث إن العارف يتحقق من طبيعة الحقيقة ذاتها عبر الذوق، وهو ما يفسره بقوله: "الذوق هو الشهود المباشر للحقائق" (الفتوحات المكية، ج٤، ص٢١١). وبالتالي، فإن المعرفة الصوفية لا تقوم على تحليل أو استنتاج، بل على تجربة وجدانية يعيشها الصوفي بنفسه، مما يجعلها يقينية في نظره. يستند المنهج المعرفي عند ابن عربي إلى عدة وظائف وآليات، أبرزها وظيفة القلب، حيث يعد القلب هو موضع التلقي الروحي والإشراق الإلهي، وهو ما يجعله مركز المعرفة الصوفية. كما يلعب الخيال دورًا أساسيًا في تمثّل الحقائق الروحية، إذ يتضمن الخيال مفاهيم مثل "عين البصيرة"، و"العقل الجزئي"، و"عين اليقين"، و"نور اليقين"، وهي مستويات من الوعي الصوفي تقود إلى الإدراك المباشر للحقيقة (ابن عربي، فصوص الحكم، ص١٣٢). إضافة إلى ذلك، يشير ابن عربي إلى المعاريج الثلاثة التي تمثل درجات في المعرفة، حيث تفضي كل مرحلة إلى الأخرى، وصولًا إلى أعلى درجات الكشف والشهود، مما يجعل المنهج الصوفي رحلة روحية متكاملة نحو الحقيقة المطلقة. فلسفة المحبة الكونية يعد مفهوم المحبة عند ابن عربي من أبرز معالم فكره الصوفي، حيث تجاوز الفهم التقليدي للحب الإلهي ليؤسس رؤية عالمية تقوم على وحدة القلوب والتجلي الإلهي في كل شيء. في شعره الشهير: "أدين بدين الحب أنى توجهتْ ركائبهُ، فالحب ديني وإيماني" (ابن عربي، ترجمان الأشواق، ص١١٢)، يؤكد ابن عربي أن الحب هو المبدأ الجامع الذي لا يعترف بالحدود الدينية أو العرقية، بل يشمل كل الكائنات. فالمحبة عنده ليست مجرد عاطفة، بل هي تجربة روحية تدفع الإنسان إلى إدراك وحدة الوجود، حيث يرى العارف في كل محبوب تجليًا للألوهية، ويحب كل شيء حبًا يتجاوز المصلحة الشخصية أو الحدود الضيقة للعقيدة. يرى ابن عربي أن المحبة هي القوة التي تربط الإنسان بالله وبالكون كله. فهو يعتبرها جوهر الوجود وأساس العلاقة بين الخالق والمخلوق، حيث يقول: "الحب هو سر الله في خلقه" (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج٢، ص٣٢٧). هذا المفهوم يجعل الحب عنده ليس مجرد إحساس عابر، بل جوهرًا يتجلى في كل شيء، بدءًا من علاقة الإنسان بخالقه، مرورًا بعلاقته بنفسه، وانتهاءً بعلاقته بالآخرين. وهكذا، تتحول المحبة إلى طريق للمعرفة الروحية، حيث يدرك العارف أن كل كائن في الوجود هو مرآة تعكس نور الله، وبالتالي يصبح الحب هو الرابط الحقيقي بين جميع الكائنات. يتجاوز ابن عربي في مذهبه في المحبة الفهم التقليدي القائم على التقسيم بين الأديان والأمم، فهو يرى أن الحب يتجاوز كل هذه التصنيفات، ويصبح دينًا عالميًا يوحد البشر جميعًا. هذا التصور جعله أحد أعلام الفكر الإنساني الذي يدعو إلى التسامح والانفتاح الروحي. تأثرت به العديد من المدارس الصوفية، مثل المولوية التي أسسها جلال الدين الرومي، والتي جعلت من الحب الإلهي جوهر التجربة الصوفية. وهكذا، فإن مذهب ابن عربي في الحب لا يقتصر على الجانب الروحي فقط، بل يحمل بعدًا فلسفيًا وإنسانيًا يدعو إلى التعايش والتفاهم بين البشر (قاسم، التصوف الإنساني عند ابن عربي، ص١٥٤). بين التأييد والتكفير لم يكن طرح ابن عربي حول وحدة الوجود سهل القبول لدى التيارات الفقهية والعقدية التقليدية، حيث واجه هجومًا شديدًا من قبل بعض العلماء، وعلى رأسهم ابن تيمية. فقد اعتبر ابن تيمية أن مفهوم وحدة الوجود يتعارض مع التوحيد الإسلامي، وذهب إلى حد وصف أفكار ابن عربي بأنها "إلحادية تتستر بلباس التصوف"، مشددًا على أن هذه العقيدة تؤدي إلى نفي الفرق بين الخالق والمخلوق، مما يناقض التوحيد القائم على التفريق بين الذات الإلهية والموجودات (ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج٢، ص٣٦٦). وبسبب هذه الرؤية، أُدرجت بعض مؤلفات ابن عربي ضمن الكتب المحظورة في بعض الفترات، كما صدرت فتاوى بتكفيره أو تحذير الناس من قراءة أعماله. في مقابل هذه المعارضة، وجد ابن عربي دعمًا كبيرًا من بعض المتصوفة والفلاسفة الذين رأوا في فكره أعمق تعبير عن التجربة الصوفية. وكان عبد الكريم الجيلي من أبرز المدافعين عنه، حيث حاول في كتابه الإنسان الكامل شرح وتوضيح أفكار ابن عربي، معتبراً أن مفهوم وحدة الوجود ليس إنكارًا لوجود الله، بل هو فهم عميق لعلاقته بالعالم (الجيلي، الإنسان الكامل، ص٨٨). كما دافع عنه صدر الدين القونوي، أحد أقرب تلاميذه، حيث بيّن أن ما قصده ابن عربي ليس الحلول أو الاتحاد، بل أن العالم انعكاس للأسماء والصفات الإلهية، وأن التعدد الظاهري في الموجودات لا يلغي الحقيقة الواحدة التي تقوم عليها (القونوي، مفتاح الغيب، ص٤٥). رغم هذا الانقسام، لم تتوقف تأثيرات فكر ابن عربي، بل استمرت في تشكيل التصوف الإسلامي عبر العصور. فقد تبنّت مدارس صوفية كبرى رؤيته، مثل الطريقة النقشبندية في بعض فروعها والطريقة المولوية التي تأثرت بمفاهيمه حول التجلّي الإلهي. كما أن بعض الفلاسفة الإسلاميين، مثل ملا صدرا، أعادوا تفسير مفهوم وحدة الوجود بطريقة فلسفية تجمع بين رؤية ابن عربي والمباحث العقلية المستمدة من الفلسفة المشائية والإشراقية (ملا صدرا، الأسفار الأربعة، ج١، ص٣١٢). وهكذا، ظل فكر ابن عربي محور جدل بين التكفير والتأييد، لكنه في الوقت ذاته شكّل أحد أعمدة التصوف الفلسفي الذي أثر في الفكر الإسلامي لقرون. إرثه في التصوف الإسلامي رغم الجدل الذي أثاره فكره، ظل ابن عربي شخصية محورية في التصوف الإسلامي، إذ أثرت رؤاه العميقة في العديد من الطرق الصوفية الكبرى، مثل النقشبندية والمولوية والخلوتية. تبنّت هذه الطرق بعض أفكاره المتعلقة بالتجلّي الإلهي والسير الروحي، وإن بدرجات متفاوتة، وفقًا لمرجعياتها العقدية والفكرية. على سبيل المثال، تأثرت الطريقة المولوية، التي أسسها جلال الدين الرومي، بمفاهيمه حول وحدة الوجود وتجليات الحب الإلهي، وهو ما انعكس في أشعار الرومي وتعاليمه حول الفناء في المحبوب (الرومي، المثنوي، ج٣، ص١١٢). لا يزال كتابا الفتوحات المكية وفصوص الحكم من أهم الأعمال التي تبلور من خلالها فكر ابن عربي، حيث قدم فيهما رؤية شمولية للعالم والوجود تقوم على مفهوم التجلي الإلهي والحب الإلهي المطلق. في الفتوحات المكية، استعرض رحلته الروحية والتجارب العرفانية التي خاضها، مشددًا على أن الوجود كله مراتب من التجليات الإلهية التي يدركها العارف وفق استعداده الروحي (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج١، ص٨٨). أما في فصوص الحكم، فقد ركّز على شرح أعمق لنظرية وحدة الوجود من خلال تأويله لحكم الأنبياء، مبينًا كيف أن كل نبي يمثل تجليًا لحكمة إلهية معينة، مما جعل الكتاب مصدرًا رئيسيًا للجدل بين المتصوفة والفقهاء على حد سواء (ابن عربي، فصوص الحكم، ص٤٥). حتى اليوم، لا يزال ابن عربي لغزًا فكريًا وروحيًا بين من يعتبره منبع الحكمة الإلهية ومن يراه رمزًا للجدل في التصوف الإسلامي. هناك من يراه وليًّا كشف الله له عن أسرار لم تتجلَّ لغيره، ومنهم من يعتبره فيلسوفًا صوفيًا بالغ في تأويلاته حتى وصل إلى تخوم الفلسفة الباطنية. بعض العلماء، مثل محمد إقبال، انتقدوا تأثيره على الفكر الإسلامي، معتبرين أن تصوفه يتعارض مع روح الإصلاح العملي في الإسلام، بينما رأى آخرون، مثل رينيه جينون، أن فكره يمثل قمة الحكمة الباطنية في الإسلام (جينون، مدخل إلى عقيدة التصوف الإسلامي، ص٩٩). وهكذا، يظل ابن عربي شخصية إشكالية ذات تأثير عميق، لم تفقد قدرتها على إثارة النقاش حتى في العصر الحديث. شمس الهوى في النفوس لاحت فأشرقت عندها القلوب الحب اشهى إليّ مما يقوله العارف اللبيب يا حُبّ مولاي لا تولّي عنّي فالعيش لا يطيب لا أنس يصفو للقلب إلا إذا تجلّى له الحبيب وأخيرا يعد ابن عربي أحد المفكرين الكبار الذين أحدثوا تحولًا جوهريًا في الفكر الصوفي، حيث انتقل به من كونه مجرد منهج زهد وأخلاق إلى رؤية فلسفية عميقة تتناول طبيعة الوجود والعلاقة بين الخالق والمخلوق. من خلال نظريته في وحدة الوجود، استطاع أن يقدم تصورًا ميتافيزيقيًا شاملًا يرى في الكون تجليًا للحق الإلهي، وهو ما جعل تصوفه أقرب إلى أن يكون نظامًا فكريًا متكاملًا يتداخل فيه البعد الروحي مع الفلسفة العرفانية (ابن عربي، الفتوحات المكية، ج٣، ص٢١٤). هذه الرؤية لم تكن مجرد اجتهاد فردي، بل أثرت في التصوف الإسلامي لاحقًا، مما جعل فكره أحد أعمدة التصوف الفلسفي. ظل فكر ابن عربي مثار جدل واسع بين العلماء والمتصوفة، فقد رآه البعض فيلسوفًا روحانيًا قدم رؤية متماسكة للعلاقة بين الله والعالم، بينما اعتبره آخرون صاحب تأويلات خطيرة تتعارض مع العقيدة الإسلامية. انتقده الفقهاء، خاصةً ابن تيمية، الذي عدّ نظريته في وحدة الوجود نوعًا من الحلول والاتحاد (ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج٢، ص٣٦٦). في المقابل، دافع عنه صوفيون كبار، مثل صدر الدين القونوي وعبد الكريم الجيلي، مؤكدين أن فهمه لا ينبغي أن يكون حرفيًا، بل يجب النظر إليه بوصفه تعبيرًا عرفانيًا عن الحقيقة الإلهية (الجيلي، الإنسان الكامل، ص٨٩). هذا التباين في الرؤى يؤكد عمق تأثيره الفكري وثراء جدله العلمي. ورغم الجدل الذي أحاط بفكره، لا يمكن إنكار التأثير العميق لابن عربي على التصوف الإسلامي، حيث شكلت كتبه، خاصة الفتوحات المكية وفصوص الحكم، مرجعيات أساسية في الفكر الصوفي والفلسفة العرفانية. لقد أسس مدرسة فكرية تستمر حتى اليوم، حيث لا يزال مفهومه عن وحدة الوجود ورؤيته حول الحب الإلهي مصدر إلهام للمتصوفة والباحثين على حد سواء. امتد تأثيره إلى خارج العالم الإسلامي، حيث وجدت أفكاره صدى في بعض الفلسفات الروحانية الغربية، مما يعكس عالميته واتساع رؤيته (قاسم، التصوف الفلسفي عند ابن عربي، ص٢٠٢). وهكذا، يبقى ابن عربي أحد أكثر المفكرين الصوفيين حضورًا في التراث الإسلامي، وشخصية لا تزال تلهم الفكر الروحي حتى يومنا هذا.


الحركات الإسلامية
٠٣-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الحركات الإسلامية
«الخيال عند ابن عربي» كتاب جديد لسليمان العطار
أصدرت وزارة الثقافة، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «الخيال عند ابن عربي» النظرية والمجالات، للدكتور سليمان العطار، ومن تحرير وتقديم قحطان الفرج الله. العطار في هذا الكتاب لم ينظر لابن عربي بعده شاعرًا، وهو ليس كذلك، فهو فيلسوف غزير الإنتاج عميق الفكر، وهو في مقدمة فلاسفة الإسلام الذين تركوا أثرًا واضحًا ما زال يتفاعل حتى يومنا هذا في محافل الدرس الأكاديمي وخارجه. مدخل العطار لطرح نظريته في الخلق الإبداعي ينطلق من تسليط مجهر البحث العلمي نحو أدوات الخلق التي تجعل من النص المتولد من الخيال خلقًا منفصلًا قابلًا لحالات الموت والولادة والتطور والتجديد غير قابل للفناء أو العدم. وناقش العطار في هذا الكتاب الفريد، حضرة الخيال التي لا يعتريها وهم الوهم، سواء كان عند الإنسان بمفهومه الضيق وهو الآدمي أو بمفهومه الواسع وهو العالم، فإن خياله يخلو من الوهم ويعلو على التقليد في النظر إلى الأشياء.. فالعقل يخطئ أي يقع في الوهم، ويخيل له الخيال دون أن يدري أن هذا حق، لأن الخيال لا يخطئ، وهذا هو التخييل، الوهم قوة من قوى النفس يرمز لها ابن عربي بالشيطان. ويقول العطار في تقديمه للكتاب: «علينا أن نوقظ الوعي بالنهضة حتى تتجاوز طور التشبث بالبقاء إلى طور صنع المستقبل، وهذه اليقظة لبناتها الأولى هي إحياء الفكر الخالد الذي تجاوزنا به العصور الوسيطة على درب النهضة والحداثة قبل أن تعرفهما أوروبا، ومن الطريف أن معظم هذا الفكر كان نابعًا من الأندلس، هذا البرزخ الذي أطل علينا دائما، كما أطل بنا على الجهة الأخرى على الغرب، ويبدو أن الأندلس كانت القاع الذي يترسب فيه الناتج الأخير لكل تفاعل كيماوي عربي، هذه الملاحظة المثيرة، تستحق الاهتمام من الدارسين لخط سير الحضارة والفنون والأدب في تاريخ العرب في طوره الإسلامي الوسيط». وابن عربي محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الشهير بـ محيي الدين بن عربي، أحد أشهر المتصوفين لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفين بالشيخ الأكبر»، ولذا تُنسب إليه الطريقة الاكبرية الصوفية ولد في مرسيه بالاندلس في شهر رمضان عام 558 هـ الموافق 1164م . وتوفي في دمشق عام 638هـ الموافق 1240م.. وهو عالم روحاني من علماء المسلمين الأندلسيين، وشاعر وفليلسوف ، أصبحت أعماله ذات شأن كبيرٍ حتى خارج العالم العربي. تزيد مؤلفاته عن 800، لكن لم يبق منها سوى 100. كما غدت تعاليمه في مجال عالم الكون ذات أهمية كبيرة في عدة أجزاء من العالم الاسلامي من اهم كتبه كتاب تفسير ابن عربي ويضم تفسيره للقرآن. وكتاب الفتوحات المكية وفصوص الحكم وديوان ترجمان الاشواق و واليقين والاشارات و شجرة الكون وغيرها


فيتو
٠٢-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- فيتو
هيئة الكتاب تصدر "الخيال عند ابن عربي" لـ سليمان العطار
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب 'الخيال عند ابن عربي' النظرية والمجالات، للدكتور سليمان العطار، ومن تحرير وتقديم قحطان الفرج الله. كتاب الخيال عند ابن عربي العطار في هذا الكتاب لم ينظر لابن عربي بعده شاعرًا، وهو ليس كذلك، غهو فيلسوف غزير الإنتاج عميق الفكر، وهو في مقدمة فلاسفة الإسلام الذين تركوا أثرًا واضحًا ما زال يتفاعل حتى يومنا هذا في محافل الدرس الأكاديمي وخارجه. مدخل العطار لطرح نظريته في الخلق الإبداعي ينطلق من تسليط مجهر البحث العلمي نحو أدوات الخلق التي تجعل من النص المتولد من الخيال خلقًا منفصلًا قابلًا لحالات الموت والولادة والتطور والتجديد غير قابل للفناء أو العدم. وناقش العطار في هذا الكتاب الفريد، حضرة الخيال التي لا يعتريها وهم الوهم، سواء كان عند الإنسان بمفهومه الضيق وهو الآدمي أو بمفهومه الواسع وهو العالم، فإن خياله يخلو من الوهم ويعلو على التقليد في النظر إلى الأشياء.. فالعقل يخطئ أي يقع في الوهم، ويخيل له الخيال دون أن يدري أن هذا حق، لأن الخيال لا يخطئ، وهذا هو التخييل، الوهم قوة من قوى النفس يرمز لها ابن عربي بالشيطان. ويقول العطار في تقديمه للكتاب: «علينا أن نوقظ الوعي بالنهضة حتى تتجاوز طور التشبث بالبقاء إلى طور صنع المستقبل، وهذه اليقظة لبناتها الأولى هي إحياء الفكر الخالد الذي تجاوزنا به العصور الوسيطة على درب النهضة والحداثة قبل أن تعرفهما أوروبا، ومن الطريف أن معظم هذا الفكر كان نابعًا من الأندلس، هذا البرزخ الذي أطل علينا دائما. كما أطل بنا على الجهة الأخرى على الغرب، ويبدو أن الأندلس كانت القاع الذي يترسب فيه الناتج الأخير لكل تفاعل كيماوي عربي، هذه الملاحظة المثيرة، تستحق الاهتمام من الدارسين لخط سير الحضارة والفنون والأدب في تاريخ العرب في طوره الإسلامي الوسيط». ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.