أحدث الأخبار مع #الأممالمتحدةللتجارةوالتنميةالأونكتاد


البوابة
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البوابة
"التعريفات الجمركية".. سقوط العولمة أم تدشين نظام عالمي جديد بمعطيات مختلفة
ذكرت وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن القرارات الاقتصادية - أحادية الجانب - التي تتخذها الدول الأعضاء، دون المرور عبر منظمة التجارة العالمية أو نظام الأمم المتحدة، يمكن أن تخلق حالة من عدم اليقين؛ مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتضر بالدول النامية بشكل خاص. وفي ظل تصاعد التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، تبرز التعريفات الجمركية بوصفها أداة رئيسية في هذا التوتر، مما يثير تساؤلات حول طبيعتها وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.. فلا يمكن قراءة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على جميع دول العالم تقريبا، وبشكل متفاوت، باعتبارها سياقا اقتصاديا بحتا دون النظر إليها من زوايا سياسية وأمنية واجتماعية، وربما حضارية إذا ما تم النظر إليها في سياق متكامل.. إن الأمر أكبر بكثير من أنها أداة اقتصادية «حمائية»، لكنها في الحقيقة لحظة فاصلة في التاريخ المعاصر، تعكس انهيارا متسارعا لنظام عالمي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، كان يتداعى منذ سنوات، وها هو اليوم يترنح على حافة السقوط الكبير. لكن المفارقة الأعمق أن هذه الرسوم لا تأتي في سياق اقتصادي بحت، بل في لحظة بلغ فيها الشك في قدرة العولمة على البقاء مبلغه.. وإذا كانت العولمة قد بُنيت على فكرة حرية الأسواق وانسياب السلع والعمالة، فإنها في مقابل ذلك حملت الكثير من بذور التناقض وصنعت خلال العقود الطويلة الماضية تفاوتا كبيرا في الثروات بين الدول، وضربت الصناعات المحلية في كثير من دول العالم العربي والأفريقي، وسحقت محاصيل صغار الفلاحين أمام منتجات مدعومة من قبل القوى الكبرى. ولا يسقط ترامب بهذه الرسوم الجمركية الارتجالية العولمة وحدها، ولكنه، أيضا، يُسقِط ما تبقى من أوهام "النظام العالمي الليبرالي" القائم على التعاون الدولي، والمؤسسات الأممية، ومبادئ السوق المفتوحة؛ لذلك فإن هذه الرسوم تبدو في بعدها العميق طعنة لمنظمة التجارة العالمية، وإعلانا فجا بأن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة بترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأنها تسعى لفرض نظام جديد قائم على منطق القوة الاقتصادية لا التفاهمات. وأكدت الأمم المتحدة، أن انهيار العولمة لا يعني فقط نهاية الانفتاح، بل غالبا ما يتبعه تصاعد القوميات، وتفكك التحالفات، واشتعال الحروب وهذه البذور كلها مطروحة في تربة العالم المتعطشة، حيث أن المرحلة القادمة سيعلو فيها صوت الاكتفاء الذاتي، فليست أمريكا وحدها التي تعتقد أنها قادرة على أن تكون مكتفية بنفسها عن الآخرين، الصين تستطيع قول الشيء ذاته، وأوروبا بدأت تستيقظ متأخرة لتبني آليات سيادية للتصنيع والطاقة والغذاء. وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أكدت لوز ماريا دي لا مورا مديرة قسم التجارة الدولية في وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، أن التعريفات الجمركية ليست بالضرورة مشكلة في حد ذاتها، ولكن المشكلة تكمن في عدم اليقين الذي تخلقه عندما يتم استخدامها بشكل غير متسق مع قواعد التجارة الدولية. وأشارت إلى أن التعريفات الجمركية يمكن أن تكون أداة مفيدة لحماية الصناعات المحلية في الدول النامية، ولكن يجب استخدامها بحذر لتجنب الإضرار بالمستهلكين والاقتصاد ككل.. وقالت إن الدول النامية هي الأكثر عرضة للتضرر من تباطؤ التجارة العالمية، حيث تعتمد 95 دولة نامية على صادراتها. وأوضحت دي لا مورا أن التعريفات الجمركية، التي تعرفها الأمم المتحدة بأنها رسوم جمركية على واردات البضائع، تُفرض إما كنسبة مئوية من القيمة أو على أساس محدد، يمكن استخدامها لتحقيق أهداف مختلفة، مثل حماية الصناعات المحلية وزيادة الإيرادات الحكومية. وأضافت أن البلدان المتقدمة غالبا ما تستخدم التعريفات الجمركية كجزء من سياسات اقتصادية أوسع تهدف إلى حماية صناعات معينة أو الاستجابة لديناميات التجارة الدولية.. في المقابل، قد تستخدم البلدان النامية التعريفات الجمركية على نطاق أوسع لحماية الصناعات الناشئة ودعم التنمية الاقتصادية. وتابعت دي لا مورا قائلة: "تميل البلدان النامية عادة إلى وجود مستويات حماية أعلى، وهناك عدة أسباب، أحدها هو أنك قد ترغب في تطوير صناعة معينة في قطاع السيارات أو الكيماويات، إحدى طرق مساعدة الصناعة على التطور والنمو هي حمايتها، من خلال التعريفات الجمركية، من المنافسة الأجنبية.. والجانب السلبي هو أن انتاج تلك السلع للسوق المحلية أكثر تكلفة، وقد تثبط المنافسة أيضا". واستشهدت دي لا مورا باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) - بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك - كمثال على التأثير المختلط للتعريفات الجمركية. وقالت إن (نافتا)، التي كانت أول اتفاقية تجارة حرة بين البلدان النامية والمتقدمة، أدت إلى إلغاء جميع التعريفات الجمركية تقريبا بين الدول الثلاث؛ مما ساهم في تحول الاقتصاد المكسيكي وخلق فرص عمل جديدة.. مضيفة "في المكسيك، على سبيل المثال، كان هناك الكثير من برامج الدعم في القطاع الزراعي، لمساعدة المنتجين على مواجهة المنافسة من الولايات المتحدة وكندا، كما بدأوا في انتاج المزيد في قطاع الفاكهة والخضروات، الذي لم يكن موجودا بشكل أساسي في المكسيك من قبل، واليوم أصبحت البلاد المصدر الأول للطماطم والأفوكادو والتوت وبعض المنتجات الطازجة الأخرى إلى الولايات المتحدة، وقد ساعد ذلك المستهلك الأمريكي على اتباع نظام غذائي أكثر توازنا وصحة.. وفي المقابل، تستفيد المكسيك من سهولة الوصول إلى الحبوب والقمح والذرة والذرة الرفيعة وأيضا بعض أنواع لحوم البقر والخنزير والدواجن". ومع ذلك، أشارت دي لا مورا إلى أن (نافتا) أدت أيضا إلى خسارة بعض الوظائف في قطاعات معينة، وأكدت على أهمية وجود سياسات تجارية تسير جنبا إلى جنب مع سياسات تضمن تدريب العمال الذين يخسرون وظائفهم. ودعت دي لا مورا الدول إلى الالتزام بقواعد التجارة الدولية، والتعاون من خلال منظمة التجارة العالمية لحل النزاعات التجارية.. محذرة من أن استمرار استخدام التعريفات الجمركية كأداة للضغط السياسي ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي. وأكدت على أهمية التعددية في النظام التجاري الدولي، وقالت إن الدول النامية تحتاج إلى نظام تجاري دولي فعال، يوفر اليقين، ذي لوائح واضحة حيث لا يتم تغيير القواعد دون إشعار، دون مفاوضات، دون أي تحذير مسبق لما هو قادم. يُشار إلى أن الأمم المتحدة تعرف التعريفات الجمركية بأنها "رسوم جمركية على واردات البضائع، تُفرض إما كنسبة مئوية من القيمة أو على أساس محدد (مثل 7 دولارات لكل 100 كيلوجرام)". يمكن استخدام التعريفات الجمركية لخلق ميزة سعرية للسلع المماثلة المنتجة محليا ولزيادة الإيرادات الحكومية.. وغالبا ما تستخدم البلدان المتقدمة التعريفات الجمركية كجزء من سياسات اقتصادية أوسع تهدف إلى حماية صناعات معينة أو الاستجابة لديناميات التجارة الدولية.. في المقابل، قد تستخدم البلدان النامية التعريفات الجمركية على نطاق أوسع لحماية الصناعات الناشئة ودعم التنمية الاقتصادية. ومن المرجح أن تشارك البلدان المتقدمة في اتفاقيات تجارية دولية معقدة تتضمن تخفيضات التعريفات الجمركية وتدابير أخرى لتسهيل التجارة، وقد يكون لدى البلدان النامية عدد أقل من هذه الاتفاقيات وقد تستخدم التعريفات الجمركية كأداة للتفاوض على شروط أفضل.


صحيفة الخليج
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
اتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي
د. علي توفيق الصادق* يجري صندوق النقد الدولي مسحاً سنوياً للاستثمار المباشر المنسق، وهو -حسب الصندوق- المصدر الوحيد على مستوى العالم لمواقف الاستثمار المباشر الأجنبي الثنائي بين الاقتصادات. يهدف المسح إلى توفير توزيع جغرافي للاستثمار المباشر الأجنبي الوارد والصادر على مستوى العالم، والمساهمة في فهم أفضل لمدى العولمة، ودعم تحليل الروابط والتأثيرات عبر الحدود. ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 2023 بعد انخفاضه في عام 2022. وارتفع الاستثمار المباشر الوارد بمقدار 1.75 تريليون دولار، أي 4.4% ليصل إلى مستوى قياسي بلغ نحو 41 تريليون دولار، وفقاً لأحدث مسح للاستثمار المباشر المنسق لصندوق النقد الدولي. وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في أغلب المناطق، حيث ساهمت آسيا الوسطى وجنوب آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والوسطى بأكبر قدر من النمو. كما ارتفع الاستثمار المباشر بين الاقتصادات المتقدمة بنحو 880 مليار دولار، أو 3.6%، في حين ارتفعت الاستثمارات من الاقتصادات المتقدمة إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بنحو 538 مليار دولار، أو 7.6%. وعززت الولايات المتحدة تقدمها كأفضل وجهة للاستثمار المباشر. وسجلت سنغافورة أكبر مكسب في عام 2023، حيث ارتفع مركزها بمقدار 307 مليارات دولار، تليها 227 مليار دولار للولايات المتحدة و164 مليار دولار لألمانيا. وفي الوقت نفسه، سجلت هولندا ولوكسمبورج أكبر انخفاضات لكنهما ظلتا في المراكز الخمسة الأولى، إلى جانب الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة. استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في تصدر قائمة الوجهات الرئيسية للاستثمار الأجنبي المباشر كما شهد العديد من الاقتصادات الناشئة نمواً قوياً. وعلى وجه الخصوص، شهدت الهند والمكسيك والبرازيل ارتفاعاً في استثماراتها المباشرة الواردة بنحو 130 مليار دولار أمريكي أو نحو 20%، وهو ما يمثل أكبر زيادة لهذه الاقتصادات الثلاثة منذ بدء المسح في عام 2009. يُظهِر تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن دولة الإمارات العربية المتحدة برزت كجاذب عالمي للاستثمار الأجنبي المباشر. ويُعَد هذا الأداء الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة جديراً بالثناء بشكل خاص نظراً لصغر حجمها من حيث عدد سكانها وناتجها المحلي الإجمالي. العوامل التي ساهمت في نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هي موقعها، واستقرارها السياسي، وبنيتها التحتية، وتنويع اقتصادها، ونوعية الحياة فيها. ومن الواضح أن التدفقات الكبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر تمثل تصويتاً بالثقة في دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهة مواتية للاستثمارات الأجنبية. لا يزال النمو الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة قوياً، مدفوعاً بنشاط محلي قوي. وقد استفاد النمو غير الهيدروكربوني من تدفقات السياحة الجيدة وزيادة النشاط في قطاعات البناء والتصنيع والخدمات المالية. وقد عوّض هذا الانكماش في نمو الهيدروكربونات الناجم عن اتفاق أوبك+ وتخفيضات إنتاج النفط الطوعية التي أجرتها الإمارات، ما أدى إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.6% في عام 2023. وتراجع التضخم بشكل حاد إلى 1.6% في عام 2023. ولا تزال الأرصدة المالية والخارجية مرتفعة، مدعومة بأسعار النفط المرتفعة نسبياً. واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق تدفقات رأسمالية قوية، تعكس عائدات السلع الأساسية، وتدفقات الملاذ الآمن، والاستثمارات التي جذبتها الإصلاحات الاجتماعية والداعمة للأعمال. وقد عزز هذا احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية وفائض السيولة المحلية. كما دعم نمواً ملحوظاً في أسعار العقارات، لا سيما في القطاعات الفاخرة في دبي، وإن كان ذلك بشكل متزايد في بعض القطاعات الأخرى. وتعززت الميزانيات العمومية للبنوك بشكل أكبر، حيث تجاوزت احتياطيات رأس المال الحد الأدنى التنظيمي بكثير، واستمر الائتمان في النمو على الرغم من رفع أسعار الفائدة الرسمية. حسب الأونكتاد، انخفضت القروض المتعثرة، إلا أنها لا تزال مرتفعة في قطاع البناء.