#أحدث الأخبار مع #الإدارةالامريكيةبوابة الأهرام١٦-٠٤-٢٠٢٥أعمالبوابة الأهرامفوضى الرسوم الجمركيةأثارت قرارات الرئيس الأمريكى المتذبذبة بين زيادة الرسوم الجمركية وتجميدها ومضاعفتها بخصوص الصين، الكثير من الجدل والفوضى فى أسواق المال. وتستند قرارات ترامب إلى مزيج من الأهداف منها ما هو اقتصادى، وما هو سياسى وما هو استراتيجي. على المستوى الاقتصادى، يرى ترامب أن ثمة استغلالا للولايات المتحدة فى التجارة العالمية، تحديدا مع الصين التى تعتبر من الدول الأكثر انتاجا وتصديرا فى العالم والاقل استهلاكا. وقد سجلت أمريكا خلال العام 2024 عجزا تجاريا مع الصين بلغ 295 مليار دولار. ومن خلال الزيادة القياسية فى الرسوم، يسعى ترامب إلى تقليص هذا العجز عبر جعل الواردات أكثر تكلفة وتشجيع الإنتاج المحلي. كما أن ترامب يسعى من خلال هكذا قرار الى حماية الصناعات الأمريكية مثل الصلب والألومنيوم والسيارات من المنافسة الأجنبية التى يعتبرها غير عادلة. من ناحية اخرى، تقول الإدارة الأمريكية إلى أن ايرادات الرسوم من شأنها تعزيز الإيرادات الحكومية، وانه سيتم استخدامها لتمويل برامج مثل البنية التحتية أو تخفيف عبء الديون التى تجاوزت 34 تريليون دولار. على المستوى السياسى، تستهدف سياسات ترامب إرضاء الناخبين الجهوريين فى عدد من الولايات الصناعية مثل أوهايو وبنسلفانيا، حيث ترى الإدارة الامريكية أن الحماية التجارية تحفظ الوظائف فى قطاعات مثل التصنيع والزراعة. كما يستغل ترامب ورقة زيادة الرسوم من أجل الضغط على بعض الدول (أزيد من 76 دولة) التى أبدت رغبة فى التفاوض مع الإدارة الامريكية بهدف إجبارها على خفض حواجزها التجارية، تحقيقا لسياسة تجارية متوازنة. على المستوى الاستراتيجى، لا شك فى ان تزايد النفوذ الاقتصادى الصينى اصبح يقض مضجع الإدارات الأمريكية المتتالية. يعتقد ترامب أن فرض رسوم جمركية مضاعفة على الصين من شأنه الحد من التوغل الصينى من خلال تعطيل سلاسل التوريد التى تعتمد على الصين وإجبار الشركات على نقل إنتاجها إلى دول أخرى. كما انه يسعى الى إعادة هيكلة النظام التجارى العالمى من خلال تفكيك التحالفات التقليدية. ويهدف قرار استثناء دول الاتحاد الأوروبى مؤقتا من الرسوم (مدة 90 يوما)، مع استمرار الزيادات القياسية على الصين، إلى إعادة تشكيل التحالفات التجارية لمصلحة المصالح الأمريكية. هذا ما تسعى إدارة ترامب تحقيقه من خلال فوضى الرسوم الجمركية، لكن فى الواقع يبدو أن الأهداف صعبة التحقيق، وسيكون لها تداعيات على الأمريكيين أنفسهم. اقتصاديا، من شأن الحرب التجارية التى أعلنتها أمريكا ان ترفع تكلفة الواردات (مثل الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية)، مما يزيد التضخم ويضعف القوة الشرائية للأسر الأمريكية محدودة الدخل. وارتفاع تكاليف الواردات سيدفع البنك الفيدرالى لرفع أسعار الفائدة، وهذا يعنى زيادة تكلفة خدمة الديون الحكومية. كما ان الشركات الامريكية التى تعتمد على المواد الأساسية المستوردة سوف تتكبد خسائر فادحة مما قد يضطرها الى خفض الوظائف أو رفع الأسعار، وهو ما سوف يؤثر بشكل مباشر على المواطن. نقطة أخرى مهمة للغاية، تروج الإدارة الامريكية الى ان زيادة الرسوم من شأنه التخفيف من عجز الموازنة. العجز فى الموازنة الامريكية هو عجز هيكلى يعود للفجوة بين الإنفاق الحكومى المرتفع (خاصة على الرعاية الصحية والدفاع والفوائد على الديون) والإيرادات الضريبية المحدودة. وقد تجاوز عجز الموازنة الفيدرالى 1.8 تريليون دولار فى عام 2024، وهو ثالث أعلى عجز فى التاريخ الأمريكى، بينما تجاوزت الديون الامريكية 34 تريليون دولار، مع تكاليف فائدة تتجاوز 1 تريليون دولار سنويا. فى المقابل، بلغت إيرادات الحكومة من الرسوم الجمركية 80 مليار دولار، العام الماضي. وحتى لو تضاعفت هذه الإيرادات مستقبلا، ستبقى أقل من 5% من إجمالى العجز، مما يجعلها غير كافية لسد الفجوة المالية الضخمة. يتوقع مكتب الميزانية بالكونجرس الأمريكى أن يستمر العجز فى الارتفاع ليصل إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2034، مع ارتفاع الدين العام إلى 122% من الناتج المحلى الإجمالي. ويبقى حل هذه المعضلة ليس بإدخال البلاد فى حرب تجارية، انما يحتاج إصلاحا شاملا للنظام الضريبى، ومراجعة أولويات الإنفاق الحكومى من خلال اصلاح أنظمة الرعاية الاجتماعية، وتعزيز النمو الاقتصادى عبر سياسات طويلة الأمد، بدلا من الإجراءات التجارية الانتقامية. بالنهاية، استخدام الرسوم قد يظهر قوة التفاوض الأمريكية، لكنه يهدد ايضا بتحولها إلى حرب تجارية طويلة الأمد. هناك خطر حقيقى بزيادة التضخم واضطراب الأسواق، مما قد يُضعف النمو العالمى ويعقد العلاقات الدولية. وكما لاحظنا فى الأيام الأخيرة، قد تفقد الولايات المتحدة مصداقيتها كشريك تجارى مستقر، مما أثر وسيؤثر على الاستثمارات الأجنبية فى سندات الخزانة الأمريكية التى تعتبر مصدر تمويل رئيسيا لعجز الموازنة.
بوابة الأهرام١٦-٠٤-٢٠٢٥أعمالبوابة الأهرامفوضى الرسوم الجمركيةأثارت قرارات الرئيس الأمريكى المتذبذبة بين زيادة الرسوم الجمركية وتجميدها ومضاعفتها بخصوص الصين، الكثير من الجدل والفوضى فى أسواق المال. وتستند قرارات ترامب إلى مزيج من الأهداف منها ما هو اقتصادى، وما هو سياسى وما هو استراتيجي. على المستوى الاقتصادى، يرى ترامب أن ثمة استغلالا للولايات المتحدة فى التجارة العالمية، تحديدا مع الصين التى تعتبر من الدول الأكثر انتاجا وتصديرا فى العالم والاقل استهلاكا. وقد سجلت أمريكا خلال العام 2024 عجزا تجاريا مع الصين بلغ 295 مليار دولار. ومن خلال الزيادة القياسية فى الرسوم، يسعى ترامب إلى تقليص هذا العجز عبر جعل الواردات أكثر تكلفة وتشجيع الإنتاج المحلي. كما أن ترامب يسعى من خلال هكذا قرار الى حماية الصناعات الأمريكية مثل الصلب والألومنيوم والسيارات من المنافسة الأجنبية التى يعتبرها غير عادلة. من ناحية اخرى، تقول الإدارة الأمريكية إلى أن ايرادات الرسوم من شأنها تعزيز الإيرادات الحكومية، وانه سيتم استخدامها لتمويل برامج مثل البنية التحتية أو تخفيف عبء الديون التى تجاوزت 34 تريليون دولار. على المستوى السياسى، تستهدف سياسات ترامب إرضاء الناخبين الجهوريين فى عدد من الولايات الصناعية مثل أوهايو وبنسلفانيا، حيث ترى الإدارة الامريكية أن الحماية التجارية تحفظ الوظائف فى قطاعات مثل التصنيع والزراعة. كما يستغل ترامب ورقة زيادة الرسوم من أجل الضغط على بعض الدول (أزيد من 76 دولة) التى أبدت رغبة فى التفاوض مع الإدارة الامريكية بهدف إجبارها على خفض حواجزها التجارية، تحقيقا لسياسة تجارية متوازنة. على المستوى الاستراتيجى، لا شك فى ان تزايد النفوذ الاقتصادى الصينى اصبح يقض مضجع الإدارات الأمريكية المتتالية. يعتقد ترامب أن فرض رسوم جمركية مضاعفة على الصين من شأنه الحد من التوغل الصينى من خلال تعطيل سلاسل التوريد التى تعتمد على الصين وإجبار الشركات على نقل إنتاجها إلى دول أخرى. كما انه يسعى الى إعادة هيكلة النظام التجارى العالمى من خلال تفكيك التحالفات التقليدية. ويهدف قرار استثناء دول الاتحاد الأوروبى مؤقتا من الرسوم (مدة 90 يوما)، مع استمرار الزيادات القياسية على الصين، إلى إعادة تشكيل التحالفات التجارية لمصلحة المصالح الأمريكية. هذا ما تسعى إدارة ترامب تحقيقه من خلال فوضى الرسوم الجمركية، لكن فى الواقع يبدو أن الأهداف صعبة التحقيق، وسيكون لها تداعيات على الأمريكيين أنفسهم. اقتصاديا، من شأن الحرب التجارية التى أعلنتها أمريكا ان ترفع تكلفة الواردات (مثل الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية)، مما يزيد التضخم ويضعف القوة الشرائية للأسر الأمريكية محدودة الدخل. وارتفاع تكاليف الواردات سيدفع البنك الفيدرالى لرفع أسعار الفائدة، وهذا يعنى زيادة تكلفة خدمة الديون الحكومية. كما ان الشركات الامريكية التى تعتمد على المواد الأساسية المستوردة سوف تتكبد خسائر فادحة مما قد يضطرها الى خفض الوظائف أو رفع الأسعار، وهو ما سوف يؤثر بشكل مباشر على المواطن. نقطة أخرى مهمة للغاية، تروج الإدارة الامريكية الى ان زيادة الرسوم من شأنه التخفيف من عجز الموازنة. العجز فى الموازنة الامريكية هو عجز هيكلى يعود للفجوة بين الإنفاق الحكومى المرتفع (خاصة على الرعاية الصحية والدفاع والفوائد على الديون) والإيرادات الضريبية المحدودة. وقد تجاوز عجز الموازنة الفيدرالى 1.8 تريليون دولار فى عام 2024، وهو ثالث أعلى عجز فى التاريخ الأمريكى، بينما تجاوزت الديون الامريكية 34 تريليون دولار، مع تكاليف فائدة تتجاوز 1 تريليون دولار سنويا. فى المقابل، بلغت إيرادات الحكومة من الرسوم الجمركية 80 مليار دولار، العام الماضي. وحتى لو تضاعفت هذه الإيرادات مستقبلا، ستبقى أقل من 5% من إجمالى العجز، مما يجعلها غير كافية لسد الفجوة المالية الضخمة. يتوقع مكتب الميزانية بالكونجرس الأمريكى أن يستمر العجز فى الارتفاع ليصل إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2034، مع ارتفاع الدين العام إلى 122% من الناتج المحلى الإجمالي. ويبقى حل هذه المعضلة ليس بإدخال البلاد فى حرب تجارية، انما يحتاج إصلاحا شاملا للنظام الضريبى، ومراجعة أولويات الإنفاق الحكومى من خلال اصلاح أنظمة الرعاية الاجتماعية، وتعزيز النمو الاقتصادى عبر سياسات طويلة الأمد، بدلا من الإجراءات التجارية الانتقامية. بالنهاية، استخدام الرسوم قد يظهر قوة التفاوض الأمريكية، لكنه يهدد ايضا بتحولها إلى حرب تجارية طويلة الأمد. هناك خطر حقيقى بزيادة التضخم واضطراب الأسواق، مما قد يُضعف النمو العالمى ويعقد العلاقات الدولية. وكما لاحظنا فى الأيام الأخيرة، قد تفقد الولايات المتحدة مصداقيتها كشريك تجارى مستقر، مما أثر وسيؤثر على الاستثمارات الأجنبية فى سندات الخزانة الأمريكية التى تعتبر مصدر تمويل رئيسيا لعجز الموازنة.