logo
#

أحدث الأخبار مع #الاتحادالمغربية

الحقيقة في المغرب بين تحريض الملك وانزعاج الحكومة
الحقيقة في المغرب بين تحريض الملك وانزعاج الحكومة

إيطاليا تلغراف

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

الحقيقة في المغرب بين تحريض الملك وانزعاج الحكومة

نشر في 8 أبريل 2025 الساعة 11 و 46 دقيقة إيطاليا تلغراف عبد الحميد اجماهيري كاتب وشاعر وصحفي مغربي، مدير تحرير صحيفة الاتحاد المغربية. في ظرف أسبوع (24 – 28 مارس/ آذار 2025)، عيّن الملك محمّد السادس خمسةً من المسؤولين الجدد على مؤسّسات دستورية: المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ووسيط المملكة، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمندوبية الوزارية المكلّفة بحقوق الإنسان، وجدّد الثقة في المسؤولة نفسها في رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ولعلّ الملاحظة الأولى التي يمكن تسجيلها، علاوة على أن التعيين في هذه المسؤوليات (في الدستور الجديد) يعود حصرياً إلى الملك، أن الأسماء التي اختيرتْ للمهمّة من خارج السلك الحكومي، وبعيداً من أيّ 'تقاطعات' ممكنة مع الدائرة الحكومية، ولعلّ في ذلك ما يفوق الخيار المبدئي المحكوم بهذا النوع من التعيين، إلى تحيين وظيفة هذه المؤسّسات بما هي منذورة 'لواجب الحقيقة' في ما يخصّ الحكامة الجيّدة والتقنين، وتأهيل المورد البشري للدولة والمجتمع، وتفعيل وظيفة الرقابة المالية… وغير ذلك. وعلى عكس تفكير بعض الأوساط السياسية والإعلامية، لم تؤتِ الضغوط الحكومية، لا سيّما من قيادات الحزب الذي يقود الجهاز التنفيذي من خلال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ثمارها في هذا الباب (انظر مقال الكاتب: 'عندما يحلم رئيس الحكومة المغربية بـ(مَلَكِيّة أقلّ)'، 'العربي الجديد'، 18/11/2024)، فقد سبق أن خرج وزير العدل السابق في حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وسفير المغرب في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، القيادي في حزب رئيس الحكومة (التجمّع الوطني للأحرار)، محمد أوجار، ليطعن في 'هيمنة تيّار سياسي يساري واحد في تدبير مؤسّسات دستورية'، مضيفاً أنّ 'الذين يقترحون الأسماء على الملك يجب أن يُعيدوا النظر'. والواضح أنهم لم يفعلوا ذلك، بل إن الشخصيات التي اختيرت هي بلا منازع من خارج 'الكاستينغ' السياسي لأحزاب الحكومة. بل أكثر من ذلك، تفيد التخمينات بأنها قوة معارِضة لهذه الحكومة، وما قامت به المؤسّسة الملكية هو ضمان عدم الهيمنة المطلقة من الأغلبية الحالية، وضمان نوع من التوازن السياسي والمؤسّساتي، بعد تغييب دور المعارضة في فرض هذا التوزان بقوة الأشياء. ضمنت تعينات الملك في المؤسّسات الدستورية الهيمنة المطلقة من الأغلبية الحالية، وضمان نوع من التوازن السياسي والمؤسّساتي، بعد تغييب دور المعارضة في فرض هذا التوزان كان طموح الحكومة يتجاوز حضور أسماء تمثّلها في اللائحة التي عمّمتها البيانات الصادرة عن الديوان الملكي، إلى وضع أسماء قد تسعى إلى جعل هذه المؤسّسات تُساير الانزعاج الحكومي من الأرقام التي وردت عن المؤسّسات المعنية في صيغتها السابقة، وأثارت غضباً كبيراً لدى رئيس الحكومة، ولدى حلفائه في الحكومة. ولعلّ الأرقام التي أخرجت رئيس الحكومة وفريقه تمثّلت في ما قدّمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن أربعة ملايين شابٍ وشابةٍ، أعمارهم بين 15 و35 سنة، يوجدون في هامش المجتمع، بلا مدرسة ولا تكوين ولا شغل (النيت؛ NEET، بحسب توصيف الأمم المتحدة)، زيادة على ما كشفته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، تحت قبّة البرلمان، من أرقام الفساد، وكان موضوع احتجاج حكومي لمّا تبيّن حجمه وكلفته المالية في مغرب يطمح إلى أن يصبح دولةً اجتماعيةً ذات ترتيب جيّد دولياً في محاربته، أو أرقام البطالة الصادرة عن مندوبية التخطيط بخصوص التقييم المرحلي أو من خلال الإحصاء العام، وهي أرقام مفزعة تتراوح فيها نسبة البطالة ما بين 13% و21%. وظهر المشهد بلونَين، واحد بريشة حكومية تسعى إلى تقديم أرقام مطمئنة وسعيدة ومتفائلة جداً، وآخر بريشة مؤسّساتية دستورية، تقدّم حقائق صادمة ولا تغازل الحكومة أو تُحابيها، ولعلّ في ذلك معنى سياسي، يفيد بأن القوة الدستورية للمَلَكيّة، وقوتها في الثقافة السياسية المغربية، هي التي تسمح بضمان الاستقلالية لهذه المؤسّسات، وتسمح كذلك بإعطاء معنى لسياسة الحقيقة، أوسع بكثير من قوانين الرياضيات الانتخابية. وهو بلغة أخرى يعني‮ ‬أن الملك‮ ‬يحافظ‮ على الفهم الدستوري‮ متعالياً عن رهانات اللحظة المتفرّعة من الانتخابات أخيراً، ‮‬ولم ‮‮ ‬يُخضعه ‬لموازين القوة، ولا لقوة الحكومة ورئيسها‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ ولذا، وجب الانطلاق من هذه الملاحظة لمنح التشبيك المؤسّساتي المغربي ما يستحقّ من اهتمام، ولا بدّ ثانياً من استخلاص النتائج التي تبدأ أولاها بالتعيينات الجديدة، إذ وصل جيل جديد من المسؤولين إلى المسؤولية الكبرى في مؤسّسات ذات وضع اعتباري دستوري مميَّز في الهندسة المؤسّساتية للمملكة، مؤسّسات يحكمها متن دستوري تكرّس بعد تعديلات ربيع 2011، عبر الفصول من 161 إلى 170، سعى بوعي وتفكير إلى وظيفة توسيع الوعاء الديمقراطي عبر الديمقراطية التشاركية، كما أنه تجاوب مع مطلب أغلبية المتدخّلين في التعديل، بضرورة دَستَرة هذه المؤسّسات وإعطائها قوّة دستورية، وأغلب هؤلاء المسؤولين من مدارس سياسية، أو أكاديمية، تربّت على نوع من الاستقلالية، إن لم نقل على عقلية انتقادية إزاء الإدارة المغربية والممارسات السياسية عموماً، وهم في غالبهم من الذين ابتعدوا عن الممارسة في شكلها التنظيمي المباشر، إمّا بالفعل أو بالقوة، منهم الإسلامي، عبد القادر اعمارة، في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومنهم اليساري، الحقوقي محمد الحبيب بلكوش، في منصب المندوب الوزاري المكلّف بحقوق الإنسان، واليساري حسن طارق البرلماني، والقيادي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والكاتب العام لشبيبته، الذي عُيّن وسيطاً للمملكة، ومنهم الإطار القضائي والحقوقي الذي لا انتماء له سابقاً مثل محمد بنعليلو، رئيساً للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. ظهر المشهد بلونَين، واحد بريشة حكومية تسعى إلى تقديم أرقام مطمئنة وسعيدة ومتفائلة جداً، وآخر بريشة مؤسّساتية دستورية، تقدّم حقائق صادمة يتعلّق الأمر بشخصيات، أغلبها خريجة المدرسة الوطنية العمومية، وهو أمر لا يمكن إغفاله في مغرب يعتبر المدرسة عتبةً ضروريةً في تحديد مستقبل الفرد، مع تنامي الأطر ذات التكوين العالي في الخارج، وهي شخصيات (إضافة إلى ذلك) ينتمي أغلبها إلى المغرب العميق، خارج المثلث الذهبي، الذي ظلّ يطعّم الدولة بنُخبتها، هذا المغرب العميق المترامي الأطراف (صفرو وسطاً في حالة حسن طارق، وبوعرفة شرقاً في حالة اعمارة، ومقريصات شمالاً في حالة بنعليلو)، ومن المتوافق عليه أن هذه التعيينات تخلق جيلاً يتقارب أفراده في القناعات العامّة إزاء الحكامة والوظيفة الأخلاقية للدولة، وهو ما يجعلها على تماس توتّري، ساكتاً أحياناً أو ناطقاً أحياناً أخرى، مع الهياكل الحكومية التي تكون محكومة بالبراغماتية (الفجّة أحياناً) تبعاً للتوازنات الحزبية، وللنخبة التي تضمن فوزها (الانتخابات وما أفرزته من خصاص كبير في البعد القِيَمي، ما استوجب الطعن الأخلاقي، إذا لم يكن الطعن السياسي فيها مبرّراً). تتعلق النتيجة الثانية بحضور العنصر النسوي على نحوٍ مشرّف (تعيينان من أصل ستّة؛ تعيين الأكاديمية وعالمة الاجتماع، وأوّل سيدة تولّت رئاسة جامعة في المغرب المستقل، رحمة بورقية، رئيسةً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وبتجديد تعيين أمينة بوعيّاش رئيسةً للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي عكس تجديد الثقة فيها، وتزكية ما قامت به في رأس مؤسّسة ذات تماس مع العالم الحقوقي، في وقت يراكم فيه المغرب حضوراً مؤسّساتياً لافتاً)، وهي التمثيلية التي نشَّطتها المَلَكيّة كثيراً في تجاوب مع المجتمع وتطوّره، بل حرَّضت على تقنين هذه التمثيلية من خلال القوانين، ضدّ بعض التيّارات السياسية 'الرجعية'. القوّة الدستورية للمَلَكية، وقوتها في الثقافة السياسية المغربية تسمح بإعطاء معنى لسياسة الحقيقة، أوسع بكثير من قوانين الرياضيات الانتخابية ولم تختلف لغة تسوية التعيينات، وتحديد أهدافها بعيداً من المتن الدستوري، بما أن بيانات الديوان الملكي سطّرت على أهداف وغايات منها ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وتكريس الديمقراطية التشاركية، وحماية الحقوق والحريات، وتأهيل الرأسمال البشري والنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها ثقافةً وممارسةً، كما أن الوجوه التي قرّرت السلطة المركزية أن‮ 'تنتخبها'، ‬قرّرت‮ ‬ اختيارها لخدمة هذه الأولويات أو خدمة مشروعها في سياقها، وهي‮ ‬مهمّة نبيلة بأهدافها ومستهدفيها‮.‬‬‬‬‬‬ وإذا انطلقنا من أنه 'لا أحد‮ ‬يمكن أن‮ ‬يفكّر بأن التعيين قد‮ ‬يقتل السياسة أو التدبير السياسي‬، لما يتطلّبه من تفاوض‮ ‬ومخاطرة‮ ‬أو تنافس‮ ‬أو إبرام للصفقات السياسية، فإن‮ ‬هذه التعيينات‮ ‬يمكن أن نقرأ فيها‬، مجدّداً عملية إدماج نخبة من خارج الدورة الانتخابية، أو نجد فيها وظيفة في تدبير 'المعارضات'، ‬وتحديد أولويات، وهذه هي النتيجة الثالثة. أمّا النتيجة الرابعة فتتعلق بما ركّز فيه ‬‬‬‬البلاغان (البيانان) الصادران عن الديوان الملكي عند التعيين، أي 'تعزيز تفاعل هذه المؤسّسات مع مختلف المؤسّسات الوطنية، في مواكبة الإصلاحات الكبرى والمشاريع الاستراتيجية التي يشهدها المغرب'، وهو ما يعني شراكةً سياسيةً ودستوريةً في الانتقال إلى مرحلة مؤسّساتية جديدة، لا يطبعها التوتّر الذي غلب سابقاً على ما عداه، بل شراكة تتأسّس على وضوح العلاقة بعد أن رسمت كلّ مؤسّسة (الحكومة من جهة والمؤسّسات الدستورية من جهة أخرى) مجال نفوذها ومجالها الحيوي، وراكمت 14 سنة من التجربة تحت مظلّة دستور ربيع 2011، ولعلّ الحكومة هي التي سيكون عليها التعامل بنضج مع الأرقام التي تُزعج، بعد أن تبيّن أن حظوظها في تغيير التشكيلة البشرية للمؤسّسات المزعجة كانت شبه معدومة. السابق أصيلة تستعيد نبضها الفني في الدورة الربيعية لموسمها الثقافي الـ46 التالي أسعار الذهب ترتفع مدفوعة بعمليات شراء والدولار يتراجع

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store