منذ 11 ساعات
الضربة الأمريكية للنووي الإيراني .. تداعيات اقتصادية محتملة في كافة الاتجاهات
لم يظهر أي أثر فوري في أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط جراء الضربات التي شنتها الولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية، والتي شكلت انخراطا مباشرا للولايات المتحدة في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل منذ أكثر من أسبوع.
أسواق منطقة الخليج المجاورة لإيران تجاهلت أنباء الهجوم الأمريكي وافتتحت مرتفعة بنسب تراوحت بين 0.7% و6%. وكان الارتفاع الأعلى في هذه الارتفاعات من نصيب السوق السعودية.
في إسرائيل نفسها، الطرف الرئيس في الحرب وصاحبة شرارتها الأولى، ارتفع المؤشر الرئيس 1.2%، على الرغم من التداعيات المحتملة لأي تصعيد إيراني أكبر كرد فعل انتقامي على أحدث ضربات.
أما إيران، فكانت قد علقت الأسبوع الماضي التداول في سوق الأسهم حتى إشعار آخر على أثر الهجمات الإسرائيلية؛ ومن غير المتوقع استئناف التداول في وقت قريب، في ظل هذا التصعيد.
استهدفت القوات الأمريكية في وقت مبكر من اليوم الأحد المواقع النووية الثلاثة الرئيسية في إيران، نظنز وأصفهان، وفوردو الذي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إن القوات أسقطت عليه قنابل خارقة للتحصينات، محذرا طهران من أنها ستواجه مزيدا من الهجمات إن لم توافق على السلام.
ترقب لارتفاع في أسواق النفط
بينما تترقب المتعاملون في الأسواق المالية رد الفعل الإيراني لمعرفة التداعيات والاتجاهات، فإن احتمالات الرد الإيراني بينها ما يجعل أسواق النفط في حالة ترقب مماثلة.
يرى مستثمرون أن هجوم الولايات المتحدة على المواقع النووية الإيرانية سيدفع أسعار النفط إلى الارتفاع، في الوقت الذي يقيّمون فيه كيف سينعكس التصعيد الأخير للتوترات على الاقتصاد العالمي.
يعتقد مارك سبيندل، كبير مسؤولي الاستثمار في "بوتوماك ريفر كابيتال" أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية؛ وقال: "أعتقد أن النفط سيفتح على ارتفاع"، بحسب ما نقلته عنه "رويترز".
قد تذهب إيران في ردها إلى وجهة بعيدة، وتعمد إلى غلق مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لتجارة النفط والغاز. وسيكون لهذا السيناريو أثره الكبير في أسعار الخام بكل تأكيد.
في الوقت الذي تركز فيه الأسواق أيضا على ما إذا كانت الحرب ستمتد إلى دول أخرى، فإن غياب أي مؤشرات على هذا الاتجاه تزيد الأمر تعقيدا.
بيد أن حسنين مالك، المحلل الإستراتيجي في "Tellimer" يرى أن التدخل الأمريكي سيعجل بنهاية الحرب"، وفقا لما نقلته عنه "بلومبرغ".
بعد الاستهداف الأمريكي، ارتفع سعر أحد المنتجات المشتقة، الذي يسمح للمستثمرين بالمضاربة على تقلبات أسعار النفط الخام، 8.8% في أسواق عطلة نهاية الأسبوع على منصة آي جي.
في حال استمرار هذا الارتفاع عند استئناف التداول، يتوقع توني سيكامور، الخبير الاستراتيجي في "آي جي"، أن تفتتح العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عند نحو 80 دولارا للبرميل.
تأثر الممرات المائية حال التصعيد قد يضر بالتجارة
في حين توعّدت إيران بالرد على الهجمات، قائلة إنها تحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن سيادتها، يتوقع مراقبون أن ينطوي ردها على مهاجمة القواعد الأمريكية في المنطقة أو مركز الأبحاث النووية الإسرائيلي بالقرب من بلدة ديمونا.
وفقا لمذكرة لـ "بلومبرغ"، فإن الحديث عن الانتقام الإيراني المحتمل "لا ينبغي أن يركّز فقط على المكونات الموجودة على الأرض والمعدات والأفراد العسكريين، ولكن أيضا على السفن والممرات المائية الاستراتيجية.
يعد مضيق "هرمز" ومضيق "باب المندب" من الممرات المائية ذات الأهمية الإستراتيجية السياسية والاقتصادية. قناة السويس المصرية، التي سبق أن تأثرت بتداعيات بهجمات الحوثيين على البحر الأحمر من اليمن، هي أيضا لا تقل أهمية عن هذه الممرات المائية الدولية في هذا الإطار.
قال مالك: "على المدى القصير، سوف تتمحور الأسواق مثل النفط الخام حول ما إذا كانت إيران ستنتقم وتوسع الحرب بطريقة تؤثر في إمدادات النفط مقابل التراجع وتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي".
في السيناريو الأكثر تطرفا، والذي يتضمن إغلاق مضيق هرمز، قد يتجاوز سعر النفط الخام 130 دولارا للبرميل، وفقا لمحللي "بلومبرغ إيكونوميكس" زياد داود وتوم أورليك وجنيفر ويلش، حيث يمر نحو خُمس إمدادات النفط العالمية اليومية عبر مضيق هرمز، الذي يقع بين إيران ودول الخليج المجاورة.
وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى ما يقارب 4% في الصيف، ما يدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى إلى تأجيل أي خفض مرتقب لأسعار الفائدة.
مضيق هرمز الحيوي لتجارة النفط والغاز
ستواجه الصين تداعيات واضحة لأي انقطاع في تدفق النفط، رغم أن مخزوناتها الحالية قد تساعدها على احتواء الأثر مؤقتا.
وأي انقطاع في الشحن عبر مضيق هرمز سيكون له تأثير كبير في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي أيضا.
تستخدم قطر، التي تُشكّل نحو 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، هذا الطريق للصادرات، وليس لديها ممر بديل. وأشار تقرير بلومبرغ إيكونوميكس إلى أن ذلك سيجعل سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي ضيقة للغاية، ما يدفع أسعار الغاز الأوروبية إلى ارتفاع كبير.
وفي حين قد يخشى المستثمرون انقطاع الإمدادات في حال تصاعد التوتر، لا يزال لدى أعضاء "أوبك+" طاقة احتياطية وفيرة يمكن استخدامها. إضافة إلى ذلك؛ وقد تختار وكالة الطاقة الدولية تنسيق إطلاق مخزونات الطوارئ لمحاولة تهدئة الأسعار.
قال بن ماي، مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، في تقرير صدر قبيل التصعيد الأخير: "تُمثل التوترات في الشرق الأوسط صدمة سلبية أخرى للاقتصاد العالمي الضعيف أصلا". وأضاف: "ارتفاع أسعار النفط وما يصاحبه من ارتفاع في تضخم مؤشر أسعار المستهلك سيُشكلان مشكلة كبيرة للبنوك المركزية".
عملات قد تستفيد من الحرب وأسواق الأسهم تتضرر
في الوقت الذي يتوقع فيه مستثمرون أن يتسبب التدخل الأمريكي في عمليات بيع في أسواق الأسهم وإقبال محتمل على الدولار وغيره من أصول الملاذ الآمن عندما تُعاود الأسواق الرئيسة إلى التداول غدا، فإنهم يرون أيضا أن الكثير من الغموض ما زال يكتنف مسار الصراع، بحسب "رويترز".
وقد يؤدي انخراط الولايات المتحدة في الصراع إلى تفضيل عملات الملاذ الآمن، مثل دولار هونج كونج والدولار السنغافوري، على العملات الآسيوية الأخرى في الوقت الحالي على الأقل، وخاصة على عملات الدول المستوردة للنفط مثل كوريا الجنوبية والفلبين والهند بحسب "بلومبرغ".
لكن على الرغم من احتمالات أن يؤدي التدخل الأمريكي إلى وضع نهاية للحرب ووقف إطلاق النار، يرى محللون أنها مسألة وقت قبل أن تشكك السوق في دور الدولار الرائد في عملة الاحتياطي مرة أخرى.
الدولار السنغافوري على وجه الخصوص هو أحد أكثر عملات الاحتياطي شعبية داخل المنطقة، باستثناء اليوان.
التوترات الجيوسياسية المتفاقمة قد تؤدي أيضا في نهاية المطاف إلى تسهيل حدوث تحول أسرع في نظام الاحتياطي.