أحدث الأخبار مع #الجمعيةالليبية


الوسط
٠٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الوسط
رضا بن موسى.. كاتب التحف ضوء الحرية.. ورحل فجأة
يمثل رضا بن موسى الكاتب والمثقف، الذي غادر دنيانا الأيام الماضية، نقطة مرجعية في فهم آليات التفاعل بين المثقف والمجتمع، وكيف يرتقي الكاتب من حالة الوجود البيني أو النسبي إلى صيغة مرنة من التماهي مع كل مفردات أو أوجه النشاط المجتمعي على اختلاف مجالاته. ظهر في شخصية رضا بن موسى هذا الدفق مبكرا منذ أن كان طالبا في الجامعة، مدركا أهمية ألا يكون نسخة نمطية مدجنة داخل دائرة الفضاء التعليمي، لذا كان الاصطدام مع السلطة نتيجة حتمية، خصوصا إذا تبنت الأخيرة الطابع الشمولي، وبالتالي فضريبة الوعي المبكر للمثقف الشاب آنذاك السجن 12 عاما. يمكن لسنوات السجن أن تضع بصماتها في الجسد، وتترك ندوبا في النفس والذاكرة، لكنها وإن فعلت ذلك يبقى في الروح ملاذ لحلم احتضان الشمس، وهو ما حدث في مصافحة رضا النور أواخر الثمانينات، مودعا أسوار ما عرف بسجن «أصبح الصبح». رسائل الحب تنهال على رضا بعد وفاته رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، عبدالحميد الدبيبة، نعى الكاتب والناقد والمسرحي رئيس الجمعية العمومية للجمعية الليبية للآداب والفنون، رضا عبدالحميد بن موسى، الذي توفي مساء الجمعة إثر وعكة صحية مفاجئة. الدبيبة قدم تعازيه إلى أسرة الراحل الذي وصفه بأنه كان «شخصية فاعلة ومؤثرة» في الوسط الأدبي والثقافي الليبي، وفق ما نشر المكتب الإعلامي للدبيبة على صفحته بموقع «فيسبوك». ووسائل التواصل الاجتماعي ضجت بالتعازي في وفاة الكاتب الراحل، وعبر أدباء ومثقفون عن مقدار كبير من الحب للفقيد والوجع على رحيله، فنعى عمر الكدي «الصديق والمناضل رضا بن موسى، أحد قادة الحراك الطلابي العام 1976، الذي أمضى أكثر من عقد في سجون القذافي، وأسهم في الحياة الثقافية والصحفية بعد خروجه من السجن، وخلال وبعد انتفاضة فبراير». وتحدث يوسف الغزال عن ذكرياتهما معا في الدراسة والمسرح، وذكريات الصداقة التي امتدت لسنوات طوال. أما سالم الكبتي فنعاه قائلا: «رضا بن موسى. النبأ أليم في ھذا الليل. رحمك الله وعوض وطنك وأحبابك فيك خيرا. ماذا يقال الآن؟! الحزن أكبر منا جميعا في ھذه اللحظات». وكتب محمد المزوغي: «وداعا رضا الجميل في ذمة الله وفي رحمته أيّها الباسم دوما والنقي أبدا. نسأل الله أن يتغمدك في هذه الليلة المباركة، وأن يلقّيك نضرة وسرورا». أما الجمعية الليبية للآداب والفنون فنعت الكاتب رضا عبد الحميد بن موسى، قائلة في بيان: «تنعى الجمعية المناضل والكاتب والناقد والمسرحي رئيس الجمعية العمومية للجمعية الليبية للآداب والفنون رضا بن موسى». وأضافت: «في ظل هذا المصاب الجلل، تعبر الجمعية الليبية للآداب والفنون عن حزنها العميق لهذا الرحيل والفقد المؤلم»، متابعة: «فقدت الجمعية ركيزة من ركائزها الأساسية»، وواصفة الفقيد بـ«أحد أهم الشخصيات الفاعلة والمؤثرة بها وبالوسط الثقافي»، رذاذ البحر ورطوبة السجن استعاد المثقف السجين طقسه الوجودي وهو يلتحف الضوء وقد تشبعت رئتاه برذاذ البحر، بعد أن صارعت لسنين رطوبة السجن، متفاعلا في محطة أخرى مع الحياة بكل صخبها، وباحثا مرة أخرى عن أثر التنوير في مجتمع أرهقته ربقة الأيديولوجيا، فروح المثقف التي لا تأنس كثيرا للثبات كانت حاضرة في أحاديثه مع الأصدقاء، وعبر مناشط رابطة الأدباء والكتاب، محاولا في الوقت نفسه إمكانية التكيف مع مجتمع يقذف بطلائعه المثقفة إلى المنفى النفسي، على رأي الكاتب يوسف القويري. تتلبس شخصية رضا بن موسى روح المثقف الشفوي كخطوة أولى، والقصد هنا قراءاته المبكرة والمبحرة في كثير من الكتب بين السياسة والفكر والأدب، ينتصر ربما لما هو سياسي كقاعدة ينهض عليها تكوينه ووعيه بشكل عام، ثم منفتحا على النتاج الفكري، حيث يصبح الإطار النظري مرجعا لفهم تعقيدات السياسة، شاغله الأساس، دون أن يبتعد عن الفضاء الحاضن لهذه الروح، وهو الأدب بكل مساراته (شعر - قصة - مسرح - رواية )، وكل ذلك يجرى هضمه وتحويله إلى رؤى وأفكار واستنتاجات نرصدها في أحاديث ابن موسى وحواراته التي ظلت مشدودة إلى عالم الشفاهة، وقليلا ما تتسرب إلى شيء مكتوب. في محطة أخرى، تقترب المشافهة من الكتابة في شخصية رضا من خلال عضويته في الجمعية الليبية للآداب والفنون المتحررة من قيود البيروقراطية الإدارية وروتين الذرائع للمؤسسات الحكومية، وهو ما ينسجم مع تكوينه وطبيعة تفكيره، لذا فقد أسهم إلى حد كبير في مناشط الجمعية من حيث التنظيم والإعداد واقتراح الأفكار والمشاركة بالكتابة، التي امتزج فيها عمق الثقافة الشفاهية بجمال اللغة، وطالعنا أسلوبا تجلى فيه حس ناقد وتبصر يعكس تجارب قراءاته وتمرنه الدائم على استنطاق ما بين السطور. السلطة والمجتمع والثقافة ينفذ رضا بن موسى في تحليلاته وتشخيصه للواقع الليبي كمثقف إلى علاقة السياسة بالشأن العام، فهو يجيب مثلا عن سؤال حول آفاق حرية التعبير التي تحققت بعد مرور سبع سنوات على انتفاضة فبراير، وفي فترة تمدد فيها التيار الظلامي (داعش) في بعض المدن بقوله: «إدراك أن مفهوم السلطة لا يعني فقط السلطة السياسية، بل يندرج ضمنها السلطة الاجتماعية والثقافية والفكرية والدينية، ضروري، وبالتالي فإن إشكالية العلاقة بين الكاتب والمثقف والسلطة هي إشكالية تاريخية حسب ما تطرق إلى تحليلها بعمق المفكر اليساري غرامشي وغيره. وحيث إن المعرفة هي سلطة الكاتب أو العارف التي تشكل سلطة تمارس نفوذها على الناس، وبما لها من القدرة على الإقناع والتأثير والمنافسة على الفضاء العام، الذي تسعي السلطة السياسية لامتلاكه، لهذا غالبا ما تتصادم مع السلطة السياسية المستندة على أدوات القهر». أنطونيو غرامشي هو مفكر إيطالي صاحب مفهوم «المثقف العضوي»، الذي يلتحم بالناس، ويعبر عن همومهم وطموحاتهم، وينغمس وسطهم في كل الأحوال. ويرى أن السلطات المهيمنة تنظر إلى استقلالية الثقافي بعين الريبة والشك، فهي ترى فيه منافسا لها على التملك الثقافي للمجتمع، فضلا عن اعتباره ملاذا للسياسي المصادر ـ بدوره ـ والمختلف، ومحل اختمار لظهوره على مسرح الاجتماع السياسي، وحيث لا تسود إلا الإطلاقية التي تتمترس بالسلاح، ونفي الآخر، وتحطيم الروح المتوهجة. ومن جانب آخر، نرى الملمح الفكري في قراءاته من خلال ملاحظاته عن كتاب «المنفى الذهبي: بالبو في ليبيا.. أضواء وظلال» للمؤلف الدكتور مصطفى رجب يونس، وذلك في ندوة نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون بالخصوص، حيث يحيل ما هو فكري وتاريخي في هذا الكتاب إلى ما هو سياسي بسؤاله: لماذا لم تستطع أنظمتنا الوطنية، خاصة بعد تدفق النفط والحصول على التمويل اللازم للإعمار والتحديث، من تحقيق الآمال والطموحات في التنمية والتقدم؟ ويواصل بن موسى تساؤله: لماذا لم تتمكن أنظمتنا من أن تتجاوز في مراكزها العمرانية نموذج «المدينة المزدوجة» أو «المدينة المستعمرة»، حيث حرص المستعمرون في تلك المناطق على بناء مدن جديدة على النمط أو الطراز الأوروبي إلى جانب المدن القديمة، وذلك للتباهي وعقد المقارنة وإثبات التفوق، وبالمقابل لم نستطع نحن تقديم نموذج خاص لـ«مدينة العدل والحرية في وطن الاستقلال» يعبر عن دخولنا العصر الجديد، ومشاركتنا مع رواده صنع عالم أفضل؟!. نلحظ هنا أن الهم السياسي لابن موسى يتجلى عبر استنطاق الثقافي والفكري، وهضم تحولات المراحل معرفيا، وتقديمها كنموذج لفهم الواقع المجتمعي والاقتصادي. إلى ذلك لا يبتعد ابن موسى بحسه الغرامشي في توصيف ما هو أدبي، مطلا على الجوانب النفسية والثقافية، مستندا على ذائقته النقدية الممتاحة من التجربة والقراءة والكتابة، ونلحظ ذلك مثلا في تحليله شخوص المجموعة القصصية «رمال متحركة» للكاتب إبراهيم احميدان، التي يراها غالبا «محمولة على إيقاع متوتر مشحون بانفعالات حادة، تتركز على التناقضات النفسية والاجتماعية التي تتجلى في مشاعر وسلوكيات وأفكار تحملها شخصيات القصص وهي تواجه ما يناقضها ويخالفها، فتتشابك معها في صدامات ومكاشفات صريحة، أو تحاول الإفلات والهروب، بما تثيره الحالات من حذر وريبة ومخاوف من اللا متوقع والغامض المجهول». ويضيف: «..وقد تمنحك هذه القصص أحيانا لحظات نادرة للاسترخاء والتأمل، سعيا إلى يقظة تُنير الوعي بأسئلتها، خاصة في خواتيمها، دون الوقوع في الوعظ والإرشاد». ويتجه رضا بن موسى في تفسير الخارطة النفسية للشخوص إلى إحالاته الدائمة للواقع السياسي، فهو يرى أن «اختيار (رمال متحركة) عنوانا لهذه المجموعة هو تعبير عن جوهر رؤية الكاتب لحالة الواقع الذي يرزح تحت وطأة أوضاع سلبية خلقتها سلطات سياسية واجتماعية، قد تتخفى أحيانا لكنها سرعان ما تكشر عن أنيابها الحادة، فالرمال المتحركة تُعرّف بأنها خليط من رمل وماء، وتبدو، على نحو خادع، صلبة ومتماسكة قوية، لكنها وبمجرد السير عليها مثلا تظهر لينة متحركة غير ثابتة، وقد تدفع المرء إلى نهاية وخيمة، تصل إلى الموت غرقا في أوحالها». وما دونه ابن موسى كتابة في استنطاق «الرمال المتحركة» يعود لترجمته فنيا كتعبير عن قناعته بكون ما يتصل بالسياسة والمجتمع يجب أن يكون حاضرا في الفن عبر الغناء والتشكيل، وقبل كل ذلك في المسرح، الذي عشقه الراحل وجسده في آخر إطلالته كممثل عبر مسرحية «ألف ليل وعين» للكاتب والمخرج نوري بوعيسى، التي جسد فيها الراحل شخصية السلطة العليا أو القوة القاهرة التي تدير الفوضى، وتقف حاجزا أمام الحرية، وتشد المجتمع إلى الخلف بسياساتها الظلامية، وهو ما كان شاغل ابن موسى وهاجسه الأول كإنسان وكاتب للتحف وضوء للحرية.


الوسط
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الوسط
الجمعية الليبية للآداب والفنون تنعي عضوها جمعة الدويب
نعت الجمعية الليبية للآداب والفنون الأستاذ جمعة عبدالسلام الدويب، أحد أهم أعضائها البارزين، الذي وافته المنية، صباح اليوم الأربعاء، إثر مرض لم يمهله طويلا. وقالت الجمعية راثية الفقيد: «ببالغ الحزن والأسى في هذا المصاب الجلل تعبر الجمعية عن حزنها العميق لهذا الرحيل المؤلم، حيث بهذا الرحيل تفقد الجمعية إحدى الشخصيات الفاعلة في العمل الثقافي، التي أسهمت وعملت بجد وإخلاص في نجاح أنشطة الجمعية طيلة مواسمها الثقافية». وتقدمت الجمعية الليبية للآداب والفنون بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة «الدويب» وأصدقائه وكل أعضاء الجمعية، وإلى الوسط الثقافي كافة. - وأضافت: «الجمعية وهي تنعى الفقيد بهذا الرحيل المفجع، فإنها تدعو للفقيد بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم الله أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».