logo
#

أحدث الأخبار مع #الجيوشالفرنسية

من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'
من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'

دفاع العرب

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • دفاع العرب

من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'

العميد صلاح الدين أبوبكر الزيداني مارث قرية وادعة من قرى الجنوب التونسي كانت في موعد مع التاريخ وأحداث نهاية الحرب العالمية الثانية حيث دارت على الخط الدفاعي الذي حمل إسمها أشرس المعارك بين قوات دول الحلفاء والمحور , جاءت تلك الأحداث عقب الإنتصار البري الحاسم لقوات الحلفاء في معركة العلمين في مصر والتي كان من أهم نتائجها تراجع قوات المحور 'الألمانية والإيطالية' إلى شمال ليبيا ومن ثم إلى تونس في نوفمبر 1942م و إستمرار قوات الجيش الثامن البريطاني في مطاردة قوات المحور بعد معركة العلمين. في الجهة الأخرى كانت القوات الأمريكية وقوات الحلفاء تقوم بإنزال قواتها في تونس ولكن هذه القوات لم تنجح في الاستيلاء على بعض الموانئ المهمة مثل 'بنزرت' القريبة من الجزائر و'تونس' العاصمة في عملية غزو سريعة بدأت بإنزال قوات أمريكية وبريطانية في الجزائر تحت قيادة الجنرال إيزنهاور وكان هدفها التقدم بسرعة لإحتلال موانيء تونس لتوجيه ضربة حاسمة لمؤخرة قوات رومل المنسحبة أمام الجيش الثامن البريطاني وايقاعها بين فكي كماشة للقضاء عليها. في 14 يناير1943م عقد مؤتمر لقادة الحلفاء في الدار البيضاء بالمغرب وتم خلاله وضع جميع قوات الحلفاء في شمال أفريقيا تحت قيادة عامة موحدة بإمرة الجنرال إيزنهاور وبذلك أصبحت عمليات الجيش الثامن وعمليات القوات المتحالفة في تونس مرتبطة ببعضها وعملياتها منسقة بشكل تام تحت قيادة موحدة، وفي منتصف فبراير زار نائب القائد العام لقوات الحلفاء الجنرال الكسندر طرابلـس وأعـطى تعليـماته للجـنرال مونتجمري عن العمليات القتالية التي ستجري لاحقاً وتضمنت تلك التعليمات إعطاء الأسبقية للجيش الثامن لإستكمال نواقصه لغرض تمكينه من التقدم إلى السهل الساحلي التونسي نحو صفاقس وسوسه وذلك لأن الجيش الأول وباقي قوات التحالف لم تكن مستعدة للتحرك والقيام بعمليات هجومية رئيسية في تونس خاصة وأن حالة الطقس الشتوية لم تكن تساعد كثيراً على ذلك. وصف خط مارث الدفاعي : يرجع بناء خـط مارث الدفـاعي المحصن بمنطقة مارث التابعة لولاية قابس بالجنـوب التونسي، إلى ما بين عام 1936م وعام 1940م من قبل الجيوش الفرنسية قبل الحرب العالمية الثانية وذلك لصد أي هجوم محتمل على الأراضي التونسية من طرف القوات الإيطالية إنطلاقاً من الأراضي الليبية ، يمتد هذا الخط الذي سمي بخط ماجينو الصحراوي على طول 45 كلم يربط بين البحر ومرتفعات جبال مطماطة ويعتمد أساسا على وادي زقزاو ويحتوي على 40 نقطة حصينة للمشاة و8 حصون كبيرة للمدفعية و15 مركزا للقيادة و 28 نقطة مساندة بنيت كلّها بالإسمنت المسلح وعززت بمواقع المدفعية المضادة للدبابات ومدارج للطائرات المجهزة أنشأت في عمق كبير خلف مانع قوي من الألغام المضادة للدبابات والأفراد مسيج بالأسلاك الشائكة. تمتد الدفاعات الرئيسية للخط من البحر عند زازات لمسافة 22 ميل حتى تلال مطماطة المرتفعة في الغرب والتي يمكن منها الإشراف تماماً على السهل الساحلي وتعد مانعاً قوياً يصعب إختراقه إذ لايوجد فيها سوى عدد قليل من المدقات الصحراوية عبر ممرات ضيقة يصعب السير عبرها. تحرك الحلفاء من طرابلس : قرر الجنرال البريطاني مونتجمري عقب إحتلال ميناء طرابلس الضغط على قوات المحور غرباً وذلك بهدف الوصول إلى خط مارث وهو الخط الدفاعي الحصين للعدو والذي يعول عليه قادة قوات المحور كثيراً في صد قوات الحلفاء في تقدمهم . توقف الجيش البريطاني الثامن بقيادة الجنرال مونتجمري في قرية مدنين (جنوب تونس) للإعداد للهجوم الصعب على خط مارث والجيش الإيطالي الأول، وهو الذي يضم بقايا فيلق الصحراء الذي قاده المشير الألماني رومل والجيوش الإيطالية بقيادة الجنرال ميسي الذي حاول القيام بهجوم مضاد ، وعندما فشلت في ذلك انسحبت قوات المحور إلى خط مارث لانتظار الهجوم والتصدي له،بالنسبة لقوات الحلفاء فقد بدت الحاجة ملحة لتأمين عقدالمواصلات البرية والمطارات الأمامية المتواجدة في منطقة مدنين وحمايتها من أي هجوم مضاد ، ولكن نظراً للصعوبات الإدارية لم يكن مستطاعاً سوى دفع الفرقة 7 مدرعة غرباً والإحتفاظ بالفرقتين النيوزيلندية والفرقة 51 مشاة بجوار مدينة طرابلس لإعادة التنظيم والتدريب وتم بناءً على تلك الخطة الإستيلاء على مدينة زوارة بعد أن تقدمت الفرقة 7 مدرعة خلف مؤخرة الفرقتين 164 و90 الخفيفة ثم تمكنت قوة لكلير من الأستيلاء على نالوت ، يوم 31 يناير تقدمت القوات نحو تونس وواجهت مقاومة عنيفة من القوات الألمانية ولكن على الرغم من ذلك دخلت الفرقة 7 مدرعة مدينة بنقردان التونسية يوم 16 فبراير بينما كان اللواء 22 مدرع متقدماً نحو تطاوين وفي اليوم التالي شنت الفرقتان 51 والسابعة مدرعة هجوماً مركزاً على مدينة مدنين كان نتيجته سقوطها سريعاً في نفس اليوم. تعزيز خط مارث : أمام ضغط الجيش الثامن البريطاني بقيادة الجنرال مونتجمري قررت قيادة قوات المحور إعادة تسليح وتعزيز خط مارث الدفاعي، وأنجزت هذه العملية في وقت قصير نسبياً بين شهر نوفمبر 1942م وشهرمارس 1943م فتم تعبئة 7,000 رجل بين عسكريين وعمال مدنيين للقيام بأعمال التعزيز وإعادة التجهيز الهندسي فقاموا بحفر 25 كلم من الخنادق المضادة للدبابات وتهيئة مجاري وضفاف وادي زقزاو وروافده كما قاموا بوضع أسلاك شائكة على طول ما يقارب 100كلم وزرع 100,000 لغم مضاد للدبابات و70,000 لغما مضادا للأفراد فأستعاد خط مارث الدفاعي حيويته وقوته وأصبح يمثل مانعاً قوياً خاصة في حالة فيضان وادي زقزاو حيث تساند الطبيعة مع الإنسان لخلق مانع طبيعي وصناعي في الوقت ذاته. سارعت القيادة الألمانية بإرسال قوات برية وبحرية لحماية تونس وتأمين قوات روميل إلى جانب تأمين غطاء جوي لحمايته وفي منتصف شهر نوفمبر أصبح للألمان قوات كبيرة في تونس تقدر بحوالي 15 ألف جندي وقوة جوية كبيرة تعمل من خلال مطارات تونس وصقلية وتمكنت تلك القوات من إيقاف تقدم قوات الحلفاء بعد أن قامت بسلسلة من الهجمات المضادة العنيفة. كان عدد القوات المتحاربة على خط مارث تقارب ربع مليون مقاتل رجل من بينهم عدد 160,000 ألف رجل من قوات الحلفاء وعدد 76,000رجل من قوات المحور وكان جيش الحلفاء معززا بـ 750 دبابة و700 قطعة مدفع ميدان و1000 مدفع مضاد للدبابات و 535 طائرة بالإضافة إلى القطع البحرية الحربية،أما قوات المحور فقد كانت معززة بـ 150 دبابة و450 مدفع ميدان و 500 مدفع مضاد للدبابات و 123 طائرة. ويلاحظ هنا الفرق الكبير في تعداد قوات الحلفاء المعززه بالكثير من الأسلحة وذلك بما يزيد على الضعف وهذا من شأنه التأثير على مجريات الحرب كما لا ننسى حالة قوات المحور ومعنوياتهم الخائرة بإعتبارهم تلقوا ضربة قوية في معركة العلمين الثانية كان نتيجتها المباشرة تقهقرهم نحو الغرب. التمهيد للهجوم على خط مارث : أنتهز مونتجمري فرصة توقف العمليات العسكرية بعد إحتلال طرابلس للإستعداد للهجوم المنتظر وتضمنت تلك الإستعدادات تدريب القوات نظرياً وعملياً على كيفية إختراق الدفاعات واجتياز حقول الألغام وكيفية طلب المعاونة الجوية عملياً إذا أقتضى الأمر ذلك ، كما شرع في تمهيد المطارات الحربية وإنشاء المخازن في المناطق الأمامية وخاصة بنقردان والتي تم إختيارها لتكون قاعدة إدارية للعمليات الهجومية على خط مارث،كان تحديد موعد الهجوم متوقفاً على موعد إتمام عمليات حشد الفيلق 10 في طرابلس إذ أن ميناء المدينة لم يكن قد فتح تماماً ليتم تزويد قوات الفيلق 10 بما تحتاجه مباشرة وكان الفيلق يعتمد بشكل أساسي على حملات الفيلق العاشر التي كانت تعمل بين طرابلس وبنغازي ونتيجة لذلك أتضح بأنه لن يمكن حشدالفيلق 10 قبل منتصف مارس وبالتالي لا يمكن بدءالهجوم على خط مارث قبل يوم 20 مارس،كان أي هجوم موجه ضد خط مارث سيصادف دفاعات قوية جداً قد لا يكون من السهل التغلب عليها بدون تكبد خسائر فادحة ، كما كانت فكرة تطويق الخط الدفاعي والتقدم بين جبلي ميلاب وطباقة بما يعرف بممر طباقة أمراً صعباً فهي تعني التقدم مسافة 150 ميلاً في أرض صحراوية لا ماء فيها وربما لذلك كان رأي العسكريين الفرنسيين إستحالة استغلال تلال مطماطة ، إلا أن رئاسة الجيش الثامن لم تأخذ برأي الفرنسيين بإعتباره كان مبنياً على أساس إستخدام العربات التي كانت متوفرة قبل بدء الحرب وكان قد تم تحديث العربات وأصبح هناك أمل في إمكانية إختراق تلال مطماطة بإستخدام العربات الحديثة التي قاتل بها الجيش الثامن في الصحراء الغربية بين ليبيا ومصر وبناءً على تلك المعلومات كلفت مجموعة الصحراء بعيدة المدى بالقيام بسلسلة عمليات إستطلاعية في المنطقة وقامت المجموعة بعملياتها وأوضحت تقاريرها على إمكانية تطويق خط مارث وعلى هذا الأساس وضع مونتجمري خطة الهجوم على هذا الخط. أحتلت خط مارث 4 فرق إيطالية والفرقة 90 الخفيفة التي كانت في مواقعها من جهة الغرب للطريق الرئيسي المار عبر مارث وأحتلت الفرقة 164 مشاة مواقع دفاعية في التلال إلى الغرب من خط مارث نفسه بينما حشدت الفرقة 15 بانزر في الإحتياطي شمال قرية مارث،كانت خطة الهجوم البريطانية ترتكز بشكل رئيسي على الآتي : خطة الهجوم على خط مارث: بنيت الخطة على أساس توجيه ضربتين قويتين إحداهما ضد الطرف الشرقي لخط مارث والثانية إلى مؤخرته مع الإحتفاظ بقوة مدرعة لإستغلال نجاح أي من الهجومين وشاركت فيها عدة وحدات مقاتلة. 1.قيام الفيلق 30 بالهجوم على القوات الإيطالية في خط مارث. 2.تطويق الفرقة الثانية النيوزيلندية لخط مارث وإختراق ثغرة ميلاب – طباقة والتوجه نحو قابس لتهديد مؤخرة قوات المحور في خط مارث. 3.بقاء الفيلق العاشر في الإحتياطي على إستعداد للتقدم نحو ثغرة قابس. 4.قيام الفيلق الثاني الأمريكي بهجوم تثبيتي في قطاع قفصه لمنع القيادة الألمانية من سحب قواتها في هذا القطاع لتعزيز جبهة مارث. وكانت الخطة التفصيلية للهجوم على خط مارث على النحو التالي : 1 ـ الفيلق 30 يقوم بالهجوم على خط مارث بواسطة الفرقة 50 يعاونها اللواء 23 مدرع وذلك لغرض تثبيت القوات الألمانية والإيطالية في مواقعها وتحويل أنظارها عن القوات التي ستقوم بعملية التطويق بينما تقوم الفرقة 51 بعمل قاعدة للهجوم نحو العدو. 2 ـ الفيلق النيوزيلندي : ويضم الفرقة النيوزيلندية واللواء الثامن مدرع وقوة لكلير والوحدات المساندة لها وكان الواجب الملقى عليها هو تطويق خط مارث متقدمة من فم تطاوين ثم تتجه شمالاً نحو ثغرة ميلاب طباقة ثم قابس وبذلك يمكن تدمير جميع وحدات قوات المحور في جبهة مارث. 3 ـ الفيلق العاشرالمدرع : ويتألف من الفرقة الأولى والفرقة السابعة مدرعة واللواء الرابع مدرع الخفيف ويكون في الإحتياطي لوصل جناحي الجيش الثامن وعلى إستعداد لتعزيز الفيلق النيوزيلندي أثناء تقدمه نحو قابس . 4 ـ تعزز العمليات البرية بهجمات جوية قوية تستغل فيها القوات الجوية المتحالفة والمتمركزة في شمال أفريقيا. الهجوم على خط مارث : كانت بداية المعركة يوم 16 /3/ 1943 عندما قام الجيش الثامن البريطاني بهجوم علـى خـط مـارث وذلـك عـلى محوريـن الأول على المنطقة الساحلية بين بلدة مارث والبحر، أما الثاني فيتمثل في عملية التطويق عبر الظهر التونسي ، اشتدّت ضراوة المعركة يومي 20-21 مارس 1943م عندما حاول الجيش الثامن البريطاني عبور وادي زقزاو المحصن لكنه واجه مقاومة كبيرة من طرف قوات المحور بقيادة الجنرال ميسي جرت عدة تحركات عملياتية في المنطقة بغية إفشال خطة الهجوم البريطانية وذلك بعد أن تنبه روميل لتحركات قوات الحلفاء , ولكن شاء القدر أن تنجح القوات البريطانية في عملية التطويق التي قامت بها عبر ممر الحامة طباقة وتمكّن الجيش الثامن البريطاني من تجاوز خط مارث مما أجبر قوات المحور على إخلاء مواقعها الدفاعية بخط مارث والتراجع باتجاه الشمال وبذلك أنتهت المعركة يوم 28 مارس 1943م حيث بدأ الجيش الالماني في الانهيار وتمّ حصر جيوش المحور (الألمان والايطاليين) بمنطقة الوطن القبلي التونسي حيث نفذت ذخائرها ومؤنها ، توجه بعض منها نحو الساحل بالقرب من بنزرت وعندما استحال على المنهزمين الإبحار إلى ايطاليا استسلمت قوات المحور في تونس في 12 مايو والتي تشكل ما مجموعه عدد 28,000 جندي إيطالي وعدد 10,000 جندي ألماني مع الجنرال فون أرنيم بعد ثلاث سنوات من القتال وإلفي كيلومتر من موقع العلمين لتنتهي بذلك الحرب في منطقة شمال إفريقيا. نتائج معركة خط مارث : 1 ـ جاءت معركة خط مارث في مارس 1943م حاسمة لمصير الحرب وسميت بالتاريخية لأنها كانت مفصلاً هامة في سير أحداث الحرب العالمية الثانية في شمال المتوسط بإعتبارها آخر أكبر المواجهات بين قوات الحلفاء والمحور قبل معركة وادي العكاريت وهو ما كشفه تلك التحصينات الدفاعية الضخمة بمختلف أنواعها وما جرى بعدها من أحداث تسارعت لتنهي حرباً كونية أرهقت العالم وسميت بالثانية. 2 ـ تعتبر من أحسن الأمثلة الواقعية التي طبقت فيها قاعدة الإحتفاظ بالمباداة والتي أحد مفاهيمها القدرة على تحويل ثقل الهجوم الرئيسي بسرعة وفعالية إلى النقطة الأضعف في جبهة العدو ، وهذا المفهوم لا يتحقق إلا بوجود قوة إحتياطية بيد قائد المعركة ليستطيع دفعها وتحريكها تجاه النقطة الأضعف للعدو في اللحظة الحاسمة. 3 ـ كانت مجريات المعركة وتحرك الوحدات خلالها مثالاً حياً على أهمية خفة الحركة والمرونة العالية في الوصول إلى نقاط العدو وتحصيناته والإلتفاف حولها وضربه لتحقيق النجاح. 4 ـ تعتبر مسألة تقدير الوقت وفقاً للمسافات التي تقطعها الوحدات في بيئة مشابهة لبيئة المعركة عاملا هاماً لفشل أو نجاح أية عمليات حربية مشابهة وفي هذه المعركة تم تقدير الوقت وحسابه بدقة مما أعطى نتائج جيدة خلال المعركة. 5 ـ تم في هذه المعركة وللمرة الأولى في تاريخ الحرب في شمال أفريقيا بين قوات المحور والحلفاء إستخدام المقاتلات الجوية لواجب المعاونة المباشرة للقوات الأرضية أثناء الهجوم . DIGITAL CAMERA المتحف العسكري لخط مارث الدفاعي : لا زالت تلك المواقع العسكرية بمارث تعد إرثا إنسانيا مهماً، يخلد أحداث تاريخية مهمة مرت بها المنطقة وكان لها دور بارز في مجمل الأحداث التي ساهمت بالفعل في نهاية الحرب العالمية الثانية وغيرت وجه العالم. وإحيـاءً لذكـرى معركة خط مارث الدفاعي شيد في منطقة مارث القريبة من ولاية قابس بالجنوب التونسي متحفاً عسكري يعد نموذجاً متميزاً للإبداع يقع على الطريق الوطنية رقم 1 والتي تصل ليبيا بالشقيقة تونس ويستقبل الزوار بشكل يومي ويقدم لهم نبذة مختصرة عن الأعمال التي سبقت المعركة وما حدث خلال معركة مارث وما بعدها . أثناء زيارتي إلى الشقيقة تونس وعند مروري بمنطقة مارث قمت بزيارة المتحف العسكري لخط مارث الدفاعي وأطلعت على محتوياته والمتمثلة في خرائط ضوئية مجسمة توضح كافة العمليات والتحركات التي جرت في المنطقة حتى سقوط الخط الدفاعي ومخططات لكافة العمليات التي دارت بين مختلف تشكيلات قوات المحور والحلفاء المشتركة في المعركة بدءاً من عمليات التحشد وحتى سقوط الخط ويحوي المتحف أيضاً صوراً فوتوغرافية للمعركة . تتوفر بالمتحف صور قادة قوات المحور والحلفاء المشاركين في المعركة ونماذج من الأزياء العسكرية والأسلحة الخفيفة التي كان يستخدمها جنود وضباط تلك القوات إلى جانب نماذج مصغرة من أنواع الأسلحة التي أستخدمت في المعركة ، إلى جانب عرض ضوئي متحرك على خرائط عسكرية مجسمة يبين مراحل الهجوم وتقدم القوات خلال المعركة وكذلك نماذج حقيقية لأسلحة المدفعية المشاركة في المعركة معروضة خارج قاعات المتحف بجانب عدد من النقاط الحصينة القريبة. على الرغم من صغر مساحة الصالة المخصصة للعرض إلا أنه ومن خلال الشرح والإيضاح الذي يقدمه أحد القائمين على المتحف لأحداث المعركة وظروفها ومراحلها والذي ينقلك إلى الأجواء الحقيقية لتلك المعركة القوية ويشعرك وكأنك داخل غرفة عمليات عسكرية مجهزة بخرائط تفصيلية عن موقف قوات المحور والحلفاء بما يثير فيك الإحساس بأهمية التوثيق ودراسة المعارك التي جرت في منطقة شمال أفريقيا لإستخلاص العبر والدروس والمحافظة على مثل هذه المعالم التاريخية الهامة التي تعزز الشعور الوطني وقيمة الوطن ومعنى الحرية والإستقلال والدفاع عنها وبذل الغالي والرخيص في سبيلها .

اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال
اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال

Babnet

time٢٠-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Babnet

اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال

وات - (تحرير ليلى بن ابراهيم)- " فرنسا تعترف علانية باستقلال تونس" .. هذه الكلمات تلاها وزير الخارجية الفرنسي "كريستيان بينو" يوم 20 مارس 1956 بباريس، وهو تاريخ نيل تونس استقلالها رسميا بعد 75 سنة من الاستعمار الفرنسي الغاشم ومن وضع اليد على سيادة البلاد ومقدراتها. جاء هذا القرار ضمن بروتوكول الاستقلال الذي جرى توقيعه يوم 20 مارس 1956 بباريس من قبل كل من الطاهر بن عمار (الوزير الأكبر آنذاك)، عن الجانب التونسي، وكريستيان بينو (وزير الخارجية الفرنسي آنذاك)، عن الجانب الفرنسي بعد أن انطلقت المفاوضات بباريس يوم 27 فيفري من العام ذاته. وكانت تونس وقعت تحت الاستعمار الفرنسي بموجب معاهدة باردو التي أبرمها آخر حكام الدولة الحسينية الباي محمد الصادق سنة 1881 مع الحكومة الفرنسية. روح المقاومة .. يقول أستاذ التاريخ السياسي المعاصر بجامعة منوبة خالد عبيد، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، إنّ تونس تحصلت على استقلالها يوم 20 مارس 1956 وتمكنت من استرجاع سيادتها كاملة طيلة السنوات التي تلت هذا التاريخ بعد التوقيع على بروتوكول الاستقلال، معتبرا أن "الاستقلال لم يكن بالأمر الهيّن ولم تفض إليه مجرد مفاوضات بل كان نتيجة مسار طويل انطلق منذ أن وطأ المحتل أرض تونس في أفريل 1881." وأضاف قوله "كانت هناك مقاومة ضارية من التونسيين ضد المحتل الأجنبي لكن اختلال موازين القوى أدى إلى انهزام المقاومة التونسية ومكّن فرنسا من احتلال كل تونس وتوطيد أركان حكمها الاستعماري". وكانت الحملة العسكرية الفرنسية بدأت بجيش قوامه 30 ألف جندي ذي خبرة وعتاد حربي حديث مقابل حلتين من الجانب التونسي قوامهما 1000 جندي و1800 عسكري نظامي و1000 مخازني و500 زواوة و500 من الحنفية و 11 مدفعا، وفق معطيات تاريخية نُشرت في مواقع رسمية. وواجهت هذه الحملة محاولات تصد من قبل قبائل الشمال والشمال الغربي متمثلة في قبائل خمير وعمدون والشيحية وغيرها أعقبها انضمام قبائل الساحل والوسط وعديد القبائل الأخرى إضافة إلى عديد العساكر النظامية الذين رفضوا الهدنة، لكنّ الجيش الفرنسي تمكّن من حسم المعركة لفائدته بضمه 17 سفينة حربية و151 مدفعا و600 جندي مقابل ضمّ المقاومة التونسية 500 عنصر مجهزين بأسلحة تقليدية. وكانت حصيلة المواجهات ثقيلة، إذ سقط من الجانب التونسي بين 800 و1000 شهيد ولم تتكبد الجيوش الفرنسية سوى 40 قتيلا . وذكر عبيد أنه بالرغم من تفوّق المستعمر وتمكّنه من احتلال تونس آنذاك فإنّ روح المقاومة التونسية لم تخمد، بل بقيت كامنة وبدأت تتوفر، مشيرا إلى أنّ النخبة التونسية في أواخر القرن التاسع عشر استوعبت بعد الصدمة أن هذا الاحتلال ما كان ليتم بتلك السهولة لو لم يكن الإنسان التونسي "يعيش في عصور سابقة" أدت إلى اختلال موازين القوى وجعلته عاجزا عن صد العدوان. وتابع أنه من ذلك المنطلق بات التفكير في ضرورة "التعويل على الإنسان التونسي من خلال دفعه نحو تعلم العلوم الحديثة العصرية وذلك من أجل نحت إنسان يفهم ما يدور حوله"، مبينا انّ هذه المسألة استمرت منذ القرن التاسع عشر إلى حد بناء الدولة الوطنية من خلال التعويل دائما على التعليم. وأشار إلى أنّه لم يكن الهدف فقط تحضير الانسان التونسي بل أيضا إعداده ليستوعب جيّدا كيفية إخراج المحتل الأجنبي من أرضه ليؤكّد التقاء أجيال عديدة من النخبة الوطنية أو السياسية أو الحدثيّة أو الفكرية أو الإصلاحية من أجل إنهاء وجود المستعمر. وبيّن أستاذ التاريخ خالد عبيد أنّ إخراج المستعمر من أرض تونس لم يكن ممكنا إلا من خلال توعية الإنسان التونسي وتثقيفه وجعله واعيا بحقيقة الاستعمار وبضرورة طرد المحتل واسترجاع أرضه سليمة وبناء كيانه الذي تم سلبه منه. وقال إنّ هذه المسألة تواصلت على مدى عقود إلى أن تمكنت تونس بداية من الثورة التونسية (18 جانفي 1952) من الاستعداد الكامل لإنهاء الاستعمار، "لتكون ملحمة حقيقية حققها التونسيون بتكاتف جهود كل فئات وطبقات التونسيين من الشمال الى الجنوب لطرد المستعمر". الكفاح المسلح .. دخلت البلاد التونسية في مدار الهيمنة الاستعمارية بعد احتلال الجزائر، ولئن اعتبرتها فرنسا "محمية" مما يخفف عنها وطأة وآثار الاستعمار العسكري المباشر إلا أنها لاقت مقاومة مسلحة كانت أغلبها شعبية. ويرى أستاذ التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي أنّ عدّة عوامل داخلية وإقليمية ودولية تفاعلت فيما بينها وساعدت على تحقيق استقلال البلاد التونسية. وأكّد الحناشي، في تصريح لـ(وات)، أنّ الخطاب الوطني على الصعيد الداخلي تجذّر وانتقل من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، مبيّنا أنّ الحركة الوطنية التونسية انتهجت، أمام صلف الإدارة الاستعمارية وتعنّتها في تحقيق الحد الأدنى من مطالبها، أسلوب الكفاح المسلح (18 جانفي 1952) في المدن والأرياف في أغلب أنحاء البلاد ضد مصالح الاستعمار ومختلف مؤسساته المدنية والأمنية والعسكرية وأضاف أن أول نواة للمقاومة بدأت تظهر من خلال العروش القبلية وفي الفضاءات الريفية عموما وتمّ تحقيق الانتصارات بعد تجاوز نقص السلاح بفضل الأساليب المعتمدة من قبل المقاومين وتعبئتهم المعنوية الكبيرة. ولم تجد فرنسا نفسها في مواجهة جيش نظامي يعتمد الأساليب الحربية التقليدية بل أمام مجموعات تعتمد تكتيك حرب العصابات والمدن وقطع طرق الاتصال والنقل والإضرار بالمؤسسات والممتلكات الحكومية وكذلك الملكيات الزراعية للمعمرين والمتعاملين مع الاستعمار الأمر الذي لم تستعد له فرنسا مسبقا، وفق المتحدث. ووتابع قوله إنه أمام الانتصارات المحقّقة تمّ احتواء حركة المقاومة ضمن دائرة الحزب الحر الدستوري الجديد، الذي حاول تأطير هذه الحركة وتوجيهها وجعلها وسيلة ضغط على الحكم الفرنسي. وفي هذا الجانب، لاحظ الحنّاشي أنّ تبنّي الحركة الوطنية لم يكن خيارا واردا في أدبيات الحركة لوعيها باختلال موازين القوى غير أن ذلك لم يمنع من استثمار بعض الأعمال العنيفة الفردية أو الجماعية غير المنظمة التي جدّت في فترات مختلفة مثل انتفاضة الفراشيش 1906 ومعركة الدغباجي 1922 . وتابع قوله إنّ الحزب الحر الدستوري الجديد تمكن من استقطاب جزء هام من النخب التي ساهمت في النضال الوطني العام واستقطاب قطاعات واسعة من الشعب التونسي لخوض النضال ضد الاستعمار. كما ساهم تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل مع الاتحاد العام وتحالفه مع الحزب الدستوري نقلة نوعية في الكفاح الوطني على مستوى الخطاب و الممارسة، وشكّل انعقاد مؤتمر الاستقلال 1946، الذي ضم أغلب القوى السياسية والاجتماعية والثقافية، نقلة نوعية في مسار الحركة الوطنية ومطالبها وهي عوامل عجّلت باستقلال تونس، حسب المتحدث، الذي أكّد أنّ هزيمة فرنسا أمام القوى النازية أعطت ثقة أكبر للتونسيين في إمكانية الانتصار على الاستعمار. عوامل ساعدت على الاستقلال.. عدّة عوامل تفاعلت فيما بينها وساعدت على استقلال تونس عدّدها أستاذ التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي، الذي ذكر أنه على المستوى الإقليمي أعطى استقلال ليبيا 1951 وبروز الثورة المصرية 1952 دفعا معنويا للتونسيين ورغبة في التغلّب على الاستعمار، مؤكدا أن ليبيا تحولت بعد استقلالها الى قاعدة خلفية للحركة الوطنية خاصة بعد ثورة 1952 . وعلى الصعيد الدولي، قال الأستاذ الحناشي إنّه إثر انتصار الحلفاء وتأسيس الأمم المتحدة 1945 والمصادقة على ميثاق حقوق الانسان 1948 احتلّت مسألة تحرير الشعوب اهتمامات واسعة في العالم الغربي. وأشار أيضا إلى أنّ هزيمة فرنسا في معركة "ديان بيان فو" في الفيتنام ألهمت الحماس للتونسيين الذين "تبيّن لهم أن هزيمة فرنسا ليست بالأمر الصعب". وتشير الوقائع إلى أنّ تصلب المقاومة واشتداد وتنوع الجبهات على فرنسا، على غرار اندلاع الثورة الجزائرية وقيام الهند – الصينية، جعلت بيار منداس فرانس (رئيس الحكومة الفرنسية) يعلن في 31 جويلية 1954 الاستقلال الداخلي للبلاد التونسية. وبعد هذا الإعلان تم فتح مفاوضات ثنائية لتحديد واجبات الجانب التونسي والفرنسي فتشكلت سنة 1954 وزارة برئاسة الطاهر بن عمار ووجهت الحكومة التونسية نداء يوم 24 نوفمبر 1954 دعت فيه المقاومين لإلقاء السلاح لتنتهي بذلك أعنف مقاومة وأطولها أمدا قامت بها الفئات الشعبية إلى أن تم الإعلان عن الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956. وفي هذا الجانب، يوضّح الحناشي أن مطلب الاستقلال كان غائبا عن أدبيات الحركة الوطنية الى حدود انعقاد مؤتمر الاستقلال سنة 1946 بحضور أغلب الأحزاب السياسية والنخبة المثقفة والحقوقية حيث رفع الجميع شعار الاستقلال. وأشار إلى أنّه إثر انعقاد مؤتمر الاستقلال جاءت المطالبة بالحكم الذاتي الذي تحصّلت عليه تونس سنة 1955 والاستقلال التام 1956، مبيّنا أن الاستقلال هو نتيجة لنضالات ممتدة عبر التاريخ والجغرافيا منذ سنة 1881 ومتعددة بشكل فردي أو جماعي أو منظّم ونتيجة وقوع آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى والسجناء والمبعدين والمنفيين. ولم تكن للسيادة التونسية أن تكتمل إلا في شهر أكتوبر 1963 بجلاء القوات الفرنسية عن مدينة بنزرت وذلك بعد أن سقط المئات من التونسيين شهداء خلال المعركة وكذلك بتأميم أراضي المعمرين بقرار 12 ماي 1964.

اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال
اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال

تورس

time٢٠-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • تورس

اليوم عيد الاستقلال : تونس تحيي ذكرى أمجاد المقاومة والنضال

جاء هذا القرار ضمن بروتوكول الاستقلال الذي جرى توقيعه يوم 20 مارس 1956 بباريس من قبل كل من الطاهر بن عمار (الوزير الأكبر آنذاك)، عن الجانب التونسي ، وكريستيان بينو (وزير الخارجية الفرنسي آنذاك)، عن الجانب الفرنسي بعد أن انطلقت المفاوضات بباريس يوم 27 فيفري من العام ذاته. وكانت تونس وقعت تحت الاستعمار الفرنسي بموجب معاهدة باردو التي أبرمها آخر حكام الدولة الحسينية الباي محمد الصادق سنة 1881 مع الحكومة الفرنسية. روح المقاومة .. يقول أستاذ التاريخ السياسي المعاصر بجامعة منوبة خالد عبيد، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، إنّ تونس تحصلت على استقلالها يوم 20 مارس 1956 وتمكنت من استرجاع سيادتها كاملة طيلة السنوات التي تلت هذا التاريخ بعد التوقيع على بروتوكول الاستقلال، معتبرا أن "الاستقلال لم يكن بالأمر الهيّن ولم تفض إليه مجرد مفاوضات بل كان نتيجة مسار طويل انطلق منذ أن وطأ المحتل أرض تونس في أفريل 1881." وأضاف قوله "كانت هناك مقاومة ضارية من التونسيين ضد المحتل الأجنبي لكن اختلال موازين القوى أدى إلى انهزام المقاومة التونسية ومكّن فرنسا من احتلال كل تونس وتوطيد أركان حكمها الاستعماري". وكانت الحملة العسكرية الفرنسية بدأت بجيش قوامه 30 ألف جندي ذي خبرة وعتاد حربي حديث مقابل حلتين من الجانب التونسي قوامهما 1000 جندي و1800 عسكري نظامي و1000 مخازني و500 زواوة و500 من الحنفية و 11 مدفعا، وفق معطيات تاريخية نُشرت في مواقع رسمية. وواجهت هذه الحملة محاولات تصد من قبل قبائل الشمال والشمال الغربي متمثلة في قبائل خمير وعمدون والشيحية وغيرها أعقبها انضمام قبائل الساحل والوسط وعديد القبائل الأخرى إضافة إلى عديد العساكر النظامية الذين رفضوا الهدنة، لكنّ الجيش الفرنسي تمكّن من حسم المعركة لفائدته بضمه 17 سفينة حربية و151 مدفعا و600 جندي مقابل ضمّ المقاومة التونسية 500 عنصر مجهزين بأسلحة تقليدية. وكانت حصيلة المواجهات ثقيلة، إذ سقط من الجانب التونسي بين 800 و1000 شهيد ولم تتكبد الجيوش الفرنسية سوى 40 قتيلا . وذكر عبيد أنه بالرغم من تفوّق المستعمر وتمكّنه من احتلال تونس آنذاك فإنّ روح المقاومة التونسية لم تخمد، بل بقيت كامنة وبدأت تتوفر، مشيرا إلى أنّ النخبة التونسية في أواخر القرن التاسع عشر استوعبت بعد الصدمة أن هذا الاحتلال ما كان ليتم بتلك السهولة لو لم يكن الإنسان التونسي"يعيش في عصور سابقة" أدت إلى اختلال موازين القوى وجعلته عاجزا عن صد العدوان. وتابع أنه من ذلك المنطلق بات التفكير في ضرورة "التعويل على الإنسان التونسي من خلال دفعه نحو تعلم العلوم الحديثة العصرية وذلك من أجل نحت إنسان يفهم ما يدور حوله"، مبينا انّ هذه المسألة استمرت منذ القرن التاسع عشر إلى حد بناء الدولة الوطنية من خلال التعويل دائما على التعليم. وأشار إلى أنّه لم يكن الهدف فقط تحضير الانسان التونسي بل أيضا إعداده ليستوعب جيّدا كيفية إخراج المحتل الأجنبي من أرضه ليؤكّد التقاء أجيال عديدة من النخبة الوطنية أو السياسية أو الحدثيّة أو الفكرية أو الإصلاحية من أجل إنهاء وجود المستعمر. وبيّن أستاذ التاريخ خالد عبيد أنّ إخراج المستعمر من أرض تونس لم يكن ممكنا إلا من خلال توعية الإنسان التونسي وتثقيفه وجعله واعيا بحقيقة الاستعمار وبضرورة طرد المحتل واسترجاع أرضه سليمة وبناء كيانه الذي تم سلبه منه. وقال إنّ هذه المسألة تواصلت على مدى عقود إلى أن تمكنت تونس بداية من الثورة التونسية (18 جانفي 1952) من الاستعداد الكامل لإنهاء الاستعمار، "لتكون ملحمة حقيقية حققها التونسيون بتكاتف جهود كل فئات وطبقات التونسيين من الشمال الى الجنوب لطرد المستعمر". الكفاح المسلح .. دخلت البلاد التونسية في مدار الهيمنة الاستعمارية بعد احتلال الجزائر ، ولئن اعتبرتها فرنسا"محمية" مما يخفف عنها وطأة وآثار الاستعمار العسكري المباشر إلا أنها لاقت مقاومة مسلحة كانت أغلبها شعبية. ويرى أستاذ التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي أنّ عدّة عوامل داخلية وإقليمية ودولية تفاعلت فيما بينها وساعدت على تحقيق استقلال البلاد التونسية. وأكّد الحناشي، في تصريح ل(وات)، أنّ الخطاب الوطني على الصعيد الداخلي تجذّر وانتقل من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، مبيّنا أنّ الحركة الوطنية التونسية انتهجت، أمام صلف الإدارة الاستعمارية وتعنّتها في تحقيق الحد الأدنى من مطالبها، أسلوب الكفاح المسلح (18 جانفي 1952) في المدن والأرياف في أغلب أنحاء البلاد ضد مصالح الاستعمار ومختلف مؤسساته المدنية والأمنية والعسكرية وأضاف أن أول نواة للمقاومة بدأت تظهر من خلال العروش القبلية وفي الفضاءات الريفية عموما وتمّ تحقيق الانتصارات بعد تجاوز نقص السلاح بفضل الأساليب المعتمدة من قبل المقاومين وتعبئتهم المعنوية الكبيرة. ولم تجد فرنسا نفسها في مواجهة جيش نظامي يعتمد الأساليب الحربية التقليدية بل أمام مجموعات تعتمد تكتيك حرب العصابات والمدن وقطع طرق الاتصال والنقل والإضرار بالمؤسسات والممتلكات الحكومية وكذلك الملكيات الزراعية للمعمرين والمتعاملين مع الاستعمار الأمر الذي لم تستعد له فرنسا مسبقا، وفق المتحدث. ووتابع قوله إنه أمام الانتصارات المحقّقة تمّ احتواء حركة المقاومة ضمن دائرة الحزب الحر الدستوري الجديد، الذي حاول تأطير هذه الحركة وتوجيهها وجعلها وسيلة ضغط على الحكم الفرنسي. وفي هذا الجانب، لاحظ الحنّاشي أنّ تبنّي الحركة الوطنية لم يكن خيارا واردا في أدبيات الحركة لوعيها باختلال موازين القوى غير أن ذلك لم يمنع من استثمار بعض الأعمال العنيفة الفردية أو الجماعية غير المنظمة التي جدّت في فترات مختلفة مثل انتفاضة الفراشيش 1906 ومعركة الدغباجي 1922 . وتابع قوله إنّ الحزب الحر الدستوري الجديد تمكن من استقطاب جزء هام من النخب التي ساهمت في النضال الوطني العام واستقطاب قطاعات واسعة من الشعب التونسي لخوض النضال ضد الاستعمار. كما ساهم تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل مع الاتحاد العام وتحالفه مع الحزب الدستوري نقلة نوعية في الكفاح الوطني على مستوى الخطاب و الممارسة، وشكّل انعقاد مؤتمر الاستقلال 1946، الذي ضم أغلب القوى السياسية والاجتماعية والثقافية، نقلة نوعية في مسار الحركة الوطنية ومطالبها وهي عوامل عجّلت باستقلال تونس ، حسب المتحدث، الذي أكّد أنّ هزيمة فرنسا أمام القوى النازية أعطت ثقة أكبر للتونسيين في إمكانية الانتصار على الاستعمار. عوامل ساعدت على الاستقلال.. عدّة عوامل تفاعلت فيما بينها وساعدت على استقلال تونس عدّدها أستاذ التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي، الذي ذكر أنه على المستوى الإقليمي أعطى استقلال ليبيا 1951 وبروز الثورة المصرية 1952 دفعا معنويا للتونسيين ورغبة في التغلّب على الاستعمار، مؤكدا أن ليبيا تحولت بعد استقلالها الى قاعدة خلفية للحركة الوطنية خاصة بعد ثورة 1952 . وعلى الصعيد الدولي، قال الأستاذ الحناشي إنّه إثر انتصار الحلفاء وتأسيس الأمم المتحدة 1945 والمصادقة على ميثاق حقوق الانسان 1948 احتلّت مسألة تحرير الشعوب اهتمامات واسعة في العالم الغربي. وأشار أيضا إلى أنّ هزيمة فرنسا في معركة "ديان بيان فو" في الفيتنام ألهمت الحماس للتونسيين الذين "تبيّن لهم أن هزيمة فرنسا ليست بالأمر الصعب". وتشير الوقائع إلى أنّ تصلب المقاومة واشتداد وتنوع الجبهات على فرنسا ، على غرار اندلاع الثورة الجزائرية وقيام الهند – الصينية، جعلت بيار منداس فرانس (رئيس الحكومة الفرنسية) يعلن في 31 جويلية 1954 الاستقلال الداخلي للبلاد التونسية. وبعد هذا الإعلان تم فتح مفاوضات ثنائية لتحديد واجبات الجانب التونسي والفرنسي فتشكلت سنة 1954 وزارة برئاسة الطاهر بن عمار ووجهت الحكومة التونسية نداء يوم 24 نوفمبر 1954 دعت فيه المقاومين لإلقاء السلاح لتنتهي بذلك أعنف مقاومة وأطولها أمدا قامت بها الفئات الشعبية إلى أن تم الإعلان عن الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956. وفي هذا الجانب، يوضّح الحناشي أن مطلب الاستقلال كان غائبا عن أدبيات الحركة الوطنية الى حدود انعقاد مؤتمر الاستقلال سنة 1946 بحضور أغلب الأحزاب السياسية والنخبة المثقفة والحقوقية حيث رفع الجميع شعار الاستقلال. وأشار إلى أنّه إثر انعقاد مؤتمر الاستقلال جاءت المطالبة بالحكم الذاتي الذي تحصّلت عليه تونس سنة 1955 والاستقلال التام 1956، مبيّنا أن الاستقلال هو نتيجة لنضالات ممتدة عبر التاريخ والجغرافيا منذ سنة 1881 ومتعددة بشكل فردي أو جماعي أو منظّم ونتيجة وقوع آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى والسجناء والمبعدين والمنفيين. ولم تكن للسيادة التونسية أن تكتمل إلا في شهر أكتوبر 1963 بجلاء القوات الفرنسية عن مدينة بنزرت وذلك بعد أن سقط المئات من التونسيين شهداء خلال المعركة وكذلك بتأميم أراضي المعمرين بقرار 12 ماي 1964. تابعونا على ڤوڤل للأخبار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store