logo
#

أحدث الأخبار مع #الحربوالسلام

في اليوم العالمي للكتاب .. اكتشفي أفضل الكتب
في اليوم العالمي للكتاب .. اكتشفي أفضل الكتب

عمون

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • عمون

في اليوم العالمي للكتاب .. اكتشفي أفضل الكتب

عمون - في يوم 23 أبريل، يحتفل العالم باليوم العالمي للكتاب، وهو اليوم الذي يعترف بأهمية الكتاب في حياتنا، ويُعتبر احتفالاً بالثقافة والمعرفة. الكتب ليست مجرد أوراق تحتوي على كلمات، بل هي مفاتيح لعوالم جديدة، وتفتح لنا أبواباً لفهم الذات والعالم. في هذا اليوم، لا يسعنا إلا أن نغمر أنفسنا بين صفحات الكتب، نتنقل عبر العصور والأمكنة، ونعيش تجارب مختلفة، فكرياً وعاطفياً. لكن السؤال: ما هي أفضل الكتب التي تستحق أن نغمر أنفسنا بها؟ وهل هناك كتب جديدة تقدم لنا تجربة قرائية مبتكرة في عام 2025؟ دعونا في هذا المقال نستعرض بعضاً من أروع الكتب على مر العصور، إضافة إلى أحدث الكتب التي سطعت في عام 2025، مع تسليط الضوء على مؤلفات عربية نالت إعجاب الكثيرين. أفضل الكتب على الإطلاق: من الكلاسيكيات الخالدة في كل عصر، تظهر كتب تلمع كنجومٍ لا يخفت بريقها، مهما تعاقبت الأجيال أو تبدلت الأذواق. إنها تلك الأعمال الكلاسيكية التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، لتصبح جزءاً من التراث الإنساني، وتُدرّس وتُقرأ وتُناقش حتى يومنا هذا. هذه الكتب ليست فقط روايات أو مؤلفات فكرية، بل تجارب إنسانية خالدة تُحاكي العقل والوجدان معاً، وتُلهم القرّاء للتأمل في حياتهم ومجتمعاتهم. في هذا القسم، وفي اليوم العالمي للكتاب، سنأخذكِ في جولة بين أروقة الأدب العالمي، حيث نلتقي بأعظم الكتب التي تركت بصمة لا تُنسى في تاريخ الثقافة والمعرفة. أفضل الكتب على الإطلاق 1. "دون كيشوت" – ميغيل دي ثيربانتس من بين أروع الروايات الكلاسيكية التي لا تزال تتردد في أذهاننا حتى يومنا هذا، تأتي "دون كيشوت". هذه الرواية الإسبانية تعكس دراما فكرية تتناول صراع الفرد ضد العالم المادي. عبر مغامرات الفارس الخيالي دون كيشوت، نجد أنفسنا نتساءل عن معنى الحقيقة، الفانتازيا، والواقع. لا يمكن للقراءة الحقيقية إلا أن تُحتفى بهذه الرواية التي تظل منارة للأدب العالمي. 2. "1984" – جورج أورويل يعد "1984" واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في القرن العشرين. في هذه الرواية المستقبلية، يروي أورويل قصة وينستون سميث الذي يعيش في مجتمع مراقب بالكامل من قبل "الأخ الكبير". الكتاب يناقش القمع، الرقابة، وحرية الفكر في المستقبل، ليظل واحداً من الكتب التي لا تفقد أهميتها مهما تغير الزمان. 3. "الأمير" – نيكولو ميكيافيلي كتاب "الأمير" هو من أكثر الكتب التي شكلت الفكر السياسي عبر العصور. يقدم ميكيافيلي فيه نصائح سياسية للزعماء، ويعتبر من الأسس التي بُني عليها علم السياسة الحديثة. رغم جدل محتواه، إلا أن الكتاب يُعد مرجعاً لا غنى عنه لفهم استراتيجيات القيادة والتعامل مع السلطة. 4. "الحرب والسلام" – ليو تولستوي رواية "الحرب والسلام" تعتبر من أضخم الأعمال الأدبية التي تتناول تاريخ روسيا في حقبة الحروب النابليونية. بين صفحاتها، يلتقي التاريخ بالأدب، وتُسرد قصص حب وصراعات على خلفية الأحداث الكبرى. يعد الكتاب دراسة اجتماعية ونفسية رائعة تعكس تعقيدات الحياة الإنسانية. 5. "البحث عن الزمن المفقود" – مارسيل بروست لا يمكن إغفال "البحث عن الزمن المفقود" الذي يتناول الزمن والذاكرة بشكل فني عميق. مع كل صفحة، يخوض القارئ في عالم مشاعر الحنين والفقد، ليعكس كيف تؤثر الذاكرة على حياتنا اليومية وتصوراتنا عن العالم. أفضل الكتب لعام 2025: تجارب جديدة ورؤى مبتكرة الكتب الحديثة لعام 2025 تقدم لنا خلط رائع بين الأدب والفكر والفن، مع لمسات جديدة تأخذنا بعيدًا عن المألوف. إليك مجموعة من الكتب التي تعتبر من أبرز الإصدارات هذا العام: "مدينة الغبار" – سارة الحمادي: تعتبر هذه الرواية من أبرز الإصدارات لعام 2025، حيث تأخذك في رحلة خيالية إلى مدينة مليئة بالأسرار والأحداث الغامضة. سارة الحمادي، الكاتبة المبدعة، تمزج في هذا الكتاب بين الواقعية والخيال بشكل فريد. إذا كنتِ تحبين الكتب التي تمزج الغموض مع الخيال، فهذا الكتاب هو اختيارك الأمثل. "فن العيش الهادئ": كتاب "فن العيش الهادئ" هو دليل شامل لتحسين جودة الحياة في عالم مليء بالفوضى والضغوط. يتناول الكتاب نصائح عملية تركز على كيفية إدارة التوتر وتحقيق السلام الداخلي. إنه كتاب مثالي للباحثات عن التوازن والهدوء في حياتهن اليومية. "على ضفاف النيل": إذا كنتِ من محبي الروايات التاريخية، فإن "على ضفاف النيل" يقدم لكِ سرداً أدبياً رائعاً عن حياة شخصيات واقعية في حقبة زمنية مليئة بالأحداث على ضفاف نهر النيل. الكتاب يعكس ببراعة الحياة المصرية القديمة، ويأخذكِ في رحلة عبر التاريخ. "أساطير المستقبل": من نوع خيال علمي، "أساطير المستقبل" يأخذنا إلى عالم مستقبلي مليء بالمغامرات والتطورات التكنولوجية. يطرح الكتاب تساؤلات حول تأثير التقدم التكنولوجي على الحياة البشرية، ويقدم لنا رؤية مستقبلية عميقة عن العالم بعد عدة عقود. "حكايات من القلب": "حكايات من القلب" هي مجموعة قصصية مميزة تسلط الضوء على مشاعر الإنسان المختلفة. من الحب إلى الفقد، ومن التساؤل إلى البحث عن الذات، الكتاب يعبر عن معاناة الإنسان وتهويماته الداخلية بأسلوب أدبي عميق يلامس القلب. "الطريق إلى القمة": إذا كنتِ تبحثين عن مصدر إلهام للنجاح، "الطريق إلى القمة" هو الكتاب الذي يجب أن يكون بين يديكِ. يعرض الكتاب قصصاً ملهمة عن شخصيات ناجحة قدمت دروساً في الحياة المهنية والشخصية. تتناثر في صفحات الكتاب نصائح عملية للارتقاء إلى أعلى المستويات في أي مجال. "لغز الغابة المظلمة": رواية غامضة تجذبكِ من الصفحة الأولى. "لغز الغابة المظلمة" هي قصة مليئة بالتشويق والغموض، حيث يتتبع مجموعة من العلماء محاولة فك لغز قديم داخل غابة نائية. أحداث الرواية تتشابك لتخلق قصة لا تُقاوم. "نحو عالم أفضل": يتناول هذا الكتاب القضايا البيئية والمستقبلية بعيون جديدة. يتقدم الكاتب بحلول مبتكرة تتعلق بالاستدامة، ويوضح كيف يمكن للبشر أن يُحدثوا فرقاً إيجابياً في بيئتهم. الكتاب مصدر إلهام لكل من يهتم بمستقبل كوكب الأرض. "بين السطور": "بين السطور" هو كتاب يناقش العلاقة بين الأدب والحياة. كيف يمكن للقراءة أن تكون وسيلة لفهم أعمق للذات والعالم؟ بأسلوب فلسفي عميق، يقدم الكاتب للقراء تجربة قراءة فريدة من نوعها. "أوراق الشتاء": رواية رومانسية تدور حول قصة حب غير متوقعة بين شخصين في ظروف استثنائية. "أوراق الشتاء" تجسد المشاعر الصادقة والتحديات التي تواجه الشخصيات، حيث يكتشف كل منهما حقيقته في الأوقات الصعبة. نصائح لاختيار الكتاب المناسب لكِ الكتاب الذي تختارينه يمكن أن يكون مرآة لحالتك النفسية، أو أداة تساعدك على التحفيز والنجاح. إليكِ بعض النصائح لاختيار الكتاب المثالي: إذا كنتِ تبحثين عن التطوير الشخصي: ابدئي بكتب مثل "فن العيش الهادئ" أو "الطريق إلى القمة". هذه الكتب ستحفزكِ على تحسين حياتكِ اليومية، وتمنحكِ أدوات عملية للتعامل مع التحديات. إذا كنتِ تحبين الأدب الغني بالعواطف: اختاري كتباً مثل "حكايات من القلب" أو "أوراق الشتاء". هذه الكتب تعكس مشاعر الحب والفقد، وتساعدكِ على التعمق في عالم المشاعر الإنسانية. إذا كنتِ محبة للمغامرات الخيالية: جربي "مدينة الغبار" أو "أساطير المستقبل". هذه الكتب تقدم لكِ تجارب خيالية ممتعة، وتجعلكِ تستمتعين بتخيلات مختلفة. إذا كنتِ مغرمة بالتاريخ: اختاري "على ضفاف النيل". هذا الكتاب يعيدكِ إلى الزمن الجميل، ويغنيكِ بالمعرفة عن حضارة عريقة. في الختام، وفي اليوم العالمي للكتاب، تذكري أن الكتاب ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل هو نافذة لعوالم جديدة تساعدكِ على التكيف مع العالم المحيط بكِ، وتحقيق تطلعاتكِ. سواء كنتِ تبحثين عن التحفيز، المعرفة، أو التسلية، هناك كتاب في انتظاركِ لتكتشفيه. استمتعي برحلة القراءة في 2025، وكوني دائماً على استعداد لاستكشاف العوالم المختلفة بين صفحات الكتب.

ستالين يصفق لمسرحية بولغاكوف والرقابة السوفياتية تحاصره
ستالين يصفق لمسرحية بولغاكوف والرقابة السوفياتية تحاصره

Independent عربية

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

ستالين يصفق لمسرحية بولغاكوف والرقابة السوفياتية تحاصره

يعرف الكاتب "السوفياتي" ميخائيل بولغاكوف بروايته الأساسية "المعلم ومرغريتا" التي عاشت مع الرقابة السوفياتية واحدة من أغرب حكايات تلك الرقابة وأطولها عمراً. والحقيقة أن تلك الرواية التي شرع بولغاكوف يكتبها منذ عام 1929 ولم ينجزها إلا في عام 1940 ولن تنشر إلا بعد ذلك بأكثر من ربع قرن، أي بعد وفاة ستالين، تستحق أن تعتبر كما حالها تماماً، أشهر روايات بولغاكوف وأقواها، لكنها بالتأكيد لم تكن روايته الوحيدة ولا أول أعماله الكبيرة. وذلك لأنه كان سبق للكاتب الطبيب المولود في كييف بأوكرانيا - كما معظم مبدعي ما سيعرف منذ بداية عشرينيات القرن العشرين، بالاتحاد السوفياتي- عام 1891، ابناً أول لعائلة متعددة الأبناء والبنات، سبق له أن نشر العديد من النصوص ومن أشهرها قبل "المعلم ومرغريتا" رواية "الحرس الأبيض" 1925 التي يجدر بكييف نفسها أن تحتفل هذا العام، بالتحديد، بالمئوية الأولى لولادتها ولكن ليس فقط على شكل رواية ولا حتى على شكل مسرحية هي التي حوّلها الكاتب بنفسه إلى مسرحية حين عجز عن نشرها كرواية مكتملة. والحقيقة أن حكاية هذا "العجز" هي التي تهمنا هنا وربما تحديداً لأن الحكاية تعتبر أول تصادم لبولغاكوف مع الرقابة وبل حتى مع السلطات الستالينية في بلاد السوفيات، التصادم الذي سيصل إلى ذروته مع "المعلم ومرغريتا" كما نعرف وتخبرنا وثائق الحياة الأدبية في الزمن السوفياتي. ولادة رواية "عائلية" قبل الوصول إلى "حكاية الحكاية" لا بد أولاً من أن نقول عمّ تتحدث "الحرس الأبيض" التي كتبها بولغاكوف وكان بعد يمضي آخر سنواته متنقلاً بين مسقط رأسه كييف وموسكو التي كانت قد أضحت عاصمة للبلاد البولشفية بديلة لبطرسبرغ. ومن هنا لم يكن غريباً للكاتب الطبيب الشاب، أن يحاول في تلك الرواية أن يتناول حياته وحياة عائلته ومدينته كييف، حتى وإن كان قد وضع أقنعة على وجوه وشخصيات معظم أبطالها. فالحال أن العائلة التي يصف بولغاكوف حياة أفرادها تحمل اسم "أيام آل توربين" وهو على أية حال الاسم الأصلي لجدة عائلة بولغاكوف، تماماً كما أن البيت الذي تقطنه عائلة توربين في الرواية وتدور فيه أحداثها، هو بيت عائلة أسرة بولغاكوف بطلعة سانت أندريه في كييف- وقد تحول بعد سقوط الحكم السوفياتي إلى متحف باسم ميخائيل بولغاكوف نفسه-، علماً بأن وصف الكاتب الدقيق للبيت يجعل زائري المتحف المطلعين على أدب بولغاكوف ولا سيما "الحرس الأبيض" يتعرفون بدقة إلى الغرف والزوايا والممرات داخل بيت كان يتسع لنحو عشرين نفراً بينهم نحو عشرة أبناء وبنات، وجعل بولغاكوف للمكان في الرواية دوراً كبيراً حتى وإن كان معروفاً، وباعترافه دائماً أنه ما كتب تلك الرواية إلا في محاولة منه للسير على خطى وصف تولستوي لـ"العائلة السعيدة" في روايته "الحرب والسلام". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومهما يكن من أمر هنا، لا بد من القول إن بولغاكوف على رغم استلهامه تولستوي، كان مراده في "الحرس الأبيض" أن يكتب تاريخاً لعائلة روسية الجذور تعيش في كييف هي عائلته، واصفاً بالتحديد حياته وصباه هو الطبيب الذي انطلق في حياته مولعاً بالكتابة تماماً كما هي حال بطل روايته. والحقيقة أن مراد بولغاكوف، كان أن تكون "الحرس الأبيض" جزءاً أول من ثلاثية نعرف أنها لم تكتمل أبداً، وبسبب الرقابة التي وجدت منذ الجزء الأول أن عليها أن تتحرك، ما يعيدنا هنا إلى ما أسميناه أول هذا الكلام، "حكاية الحكاية". من الرواية إلى الخشبة باختصار إذاً أن "حكاية الحكاية" إنما هي بالنسبة إلى ميخائيل بولغاكوف تلك الحكاية التي عاشها بدءاً من عام 1925 العام الذي بدأ فيه الكاتب بإرسال الفصول الأولى من روايته الطويلة الأولى "الحرس الأبيض" إلى مجلة "روسيا"، التي كانت ذات شأن أدبي في ذلك الحين، وذلك بالتوازي مع كتابات أخرى راحت تصنع له مكانة ولكن في الوقت نفسه ملفاً لدى الرقابة، التي رأت فيها "نوعاً من حنين إلى روسيا القديمة قد يحمل رفضاً ما للواقع السوفياتي الجديد". وما إن أطل العام التالي وأنجز الكاتب فصولاً إضافية من الرواية، حتى قررت تلك الرقابة أنها لا يمكنها أن تصبر عليه أكثر من ذلك، فتفجرت علاقته بها في الوقت نفسه الذي كان هو قد قرر الالتفاف على الأمر، بتحويل الرواية إلى مسرحية تحمل هذه المرة عنوان "أيام آل توربين" لتقدم على خشبة مسرح الفن الشهير في خمسة فصول و13 لوحة، وهو عمل انكب عليه منذ نهاية صيف عام 1925 على أية حال. ومنذ البداية كانت الرقابة بالمرصاد ولكن ليس وحدها بل شراكة مع مجمل المطبوعات الرسمية، التي اهتمت بالرواية اهتماماً استثنائياً جعل معظم المقالات التي تتناول عمل بولغاكوف منددة بالعمل. وكذلك لاحقاً حين تحولت إلى مسرحية حرص الكاتب على التخفيف من غلواء بعض شخصياتها على أية حال. والحقيقة أن المسرحية عرضت بقدر لا بأس به من النجاح الذي فاقم منه إمعان "النقاد" في مهاجمة العمل ورجعيته حتى وإن كانوا قد عجزوا عن جعله يمنع مسرحياً. ففي ذلك الحين، ومقابل التشدد في الرقابة على الأعمال المطبوعة، كان ثمة نوع من التهاون مع الأعمال المسرحية باعتبارها نخبوية "ولا يمكنها أن تفسد أخلاق الطبقة العاملة". ومن هنا على رغم ما سيقوله بولغاكوف في نص لاحق له من أنه رصد 298 مقالة تهاجم المسرحية مقابل 3 مقالات تمتدحها، واصل "مسرح الفن" عرض المسرحية شهوراً طويلة (وربما لسبب سنذكره بعد سطور). كانت من أكثر الشهور في مسيرة بولغاكوف المهنية إيلاماً له. رسالة إلى ستالين من هنا نجده وقد أضنته الحكاية كلها، يقرر أنه لم يعد في إمكانه أن يحتمل أكثر مما فعل فيكتب إلى "الرفيق ستالين" رسالة يحاول فيها الحصول من هذا الأخير على إذن خاص بمبارحة الاتحاد السوفياتي برفقة زوجته ولو مطروداً!... ولكن يبدو أن سيد الكرملين لم يجب على الرسالة أو لم يقرأها. وبالتالي ها هو بولغاكوف وفي مستهل ربيع العام التالي يكتب هذه المرة رسالة موجهة إلى "حكومة الاتحاد السوفياتي" يقول فيها– وعلى الأرجح كرد على نصيحة ما، كانت قد وجهت إليه– أنه وعلى رغم النصائح الكريمة "غير قادر على أن يكتب مسرحية شيوعية"، مذكراً بمجموع الشتائم التي وجهت إليه على صفحات الصحافة الرسمية ومنها ما كانت "البرافدا" قد نشرته قبل حين من أن "هذا الكاتب يبدو أعجز من أن يسمم بأفكاره الطبقة العاملة ماسخاً مثلها العليا البولشفية"، واصفة مسْرَحَته لـ"الحرس الأبيض" بأنه "عمل تفوح منه رائحة القذارة". ولئن كان يبدو أن ثمة في الأمر تناقضاً غريباً، إذ كيف يعقل أن يستمر عرض المسرحية طول كل تلك الشهور فيما يتواصل الهجوم الصحافي عليها؟ هنا يأتي الجواب المدهش: لقد أحب ستالين تلك المسرحية إلى درجة يقول جورج نيفا مؤرخ الأدب الروسي في فرنسا إن سيد الكرملين قد شاهد "أيام آل توربين" خمسة عشر مرة وكان في كل مرة يضحك كما لو أنه يشاهدها للمرة الأولى. ومن هنا بقيت تعرض وبقيت تهاجم. أما بالنسبة إلى بولغاكوف فإنه لم يهاجر بل بقي ولو أنه لم يخلد إلى الصمت هو الذي قال ذات مرة وقد أدرك أنه قادر على الاستفادة من تناقضات موقف ستالين: "إن النضال ضد الرقابة، وكل أنواع الرقابة وفي ظل أية سلطة من السلطات، هو الواجب الذي نذرت له نفسي ككاتب كما آليت على هذه النفس أن تدافع عن حرية الصحافة...". وفي النهاية إذ أدرك بولغاكوف أنه بدوره سوف يعيش ذلك التناقض، راح يسعى للحصول على عمل يمكنه من البقاء والعيش، كمساعد مخرج مسرحي أو ممثل ثانوي أو حتى عامل ديكور وأكسسوار. وواصل الكتابة فيما واصلت الرقابة المنع وواصل ستالين الاستمتاع وربما مشبهاً نفسه بالقيصر نيقولاي الأول، الذي كان قبله من كبار المصفقين لمسرحية غوغول "المفتش العام" على رغم ما تحمله من انتقاد حاد لحكومته وإدارته... بل وربما لما تحمله من ذلك الانتقاد!

بولغاكوف يؤرخ لمدينته وعائلته فيتحول إلى ضحية للرقابة بينما ستالين يتفرج ويصفق!
بولغاكوف يؤرخ لمدينته وعائلته فيتحول إلى ضحية للرقابة بينما ستالين يتفرج ويصفق!

Independent عربية

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

بولغاكوف يؤرخ لمدينته وعائلته فيتحول إلى ضحية للرقابة بينما ستالين يتفرج ويصفق!

يعرف الكاتب "السوفياتي" ميخائيل بولغاكوف بروايته الأساسية "المعلم ومرغريتا" التي عاشت مع الرقابة السوفياتية واحدة من أغرب حكايات تلك الرقابة وأطولها عمراً. والحقيقة أن تلك الرواية التي شرع بولغاكوف يكتبها منذ عام 1929 ولم ينجزها إلا في عام 1940 ولن تنشر إلا بعد ذلك بأكثر من ربع قرن، أي بعد وفاة ستالين، تستحق أن تعتبر كما حالها تماماً، أشهر روايات بولغاكوف وأقواها، لكنها بالتأكيد لم تكن روايته الوحيدة ولا أول أعماله الكبيرة. وذلك لأنه كان سبق للكاتب الطبيب المولود في كييف بأوكرانيا - كما معظم مبدعي ما سيعرف منذ بداية عشرينيات القرن العشرين، بالاتحاد السوفياتي- عام 1891، ابناً أول لعائلة متعددة الأبناء والبنات، سبق له أن نشر العديد من النصوص ومن أشهرها قبل "المعلم ومرغريتا" رواية "الحرس الأبيض" 1925 التي يجدر بكييف نفسها أن تحتفل هذا العام، بالتحديد، بالمئوية الأولى لولادتها ولكن ليس فقط على شكل رواية ولا حتى على شكل مسرحية هي التي حوّلها الكاتب بنفسه إلى مسرحية حين عجز عن نشرها كرواية مكتملة. والحقيقة أن حكاية هذا "العجز" هي التي تهمنا هنا وربما تحديداً لأن الحكاية تعتبر أول تصادم لبولغاكوف مع الرقابة وبل حتى مع السلطات الستالينية في بلاد السوفيات، التصادم الذي سيصل إلى ذروته مع "المعلم ومرغريتا" كما نعرف وتخبرنا وثائق الحياة الأدبية في الزمن السوفياتي. ولادة رواية "عائلية" قبل الوصول إلى "حكاية الحكاية" لا بد أولاً من أن نقول عمّ تتحدث "الحرس الأبيض" التي كتبها بولغاكوف وكان بعد يمضي آخر سنواته متنقلاً بين مسقط رأسه كييف وموسكو التي كانت قد أضحت عاصمة للبلاد البولشفية بديلة لبطرسبرغ. ومن هنا لم يكن غريباً للكاتب الطبيب الشاب، أن يحاول في تلك الرواية أن يتناول حياته وحياة عائلته ومدينته كييف، حتى وإن كان قد وضع أقنعة على وجوه وشخصيات معظم أبطالها. فالحال أن العائلة التي يصف بولغاكوف حياة أفرادها تحمل اسم "أيام آل توربين" وهو على أية حال الاسم الأصلي لجدة عائلة بولغاكوف، تماماً كما أن البيت الذي تقطنه عائلة توربين في الرواية وتدور فيه أحداثها، هو بيت عائلة أسرة بولغاكوف بطلعة سانت أندريه في كييف- وقد تحول بعد سقوط الحكم السوفياتي إلى متحف باسم ميخائيل بولغاكوف نفسه-، علماً بأن وصف الكاتب الدقيق للبيت يجعل زائري المتحف المطلعين على أدب بولغاكوف ولا سيما "الحرس الأبيض" يتعرفون بدقة إلى الغرف والزوايا والممرات داخل بيت كان يتسع لنحو عشرين نفراً بينهم نحو عشرة أبناء وبنات، وجعل بولغاكوف للمكان في الرواية دوراً كبيراً حتى وإن كان معروفاً، وباعترافه دائماً أنه ما كتب تلك الرواية إلا في محاولة منه للسير على خطى وصف تولستوي لـ"العائلة السعيدة" في روايته "الحرب والسلام". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومهما يكن من أمر هنا، لا بد من القول إن بولغاكوف على رغم استلهامه تولستوي، كان مراده في "الحرس الأبيض" أن يكتب تاريخاً لعائلة روسية الجذور تعيش في كييف هي عائلته، واصفاً بالتحديد حياته وصباه هو الطبيب الذي انطلق في حياته مولعاً بالكتابة تماماً كما هي حال بطل روايته. والحقيقة أن مراد بولغاكوف، كان أن تكون "الحرس الأبيض" جزءاً أول من ثلاثية نعرف أنها لم تكتمل أبداً، وبسبب الرقابة التي وجدت منذ الجزء الأول أن عليها أن تتحرك، ما يعيدنا هنا إلى ما أسميناه أول هذا الكلام، "حكاية الحكاية". من الرواية إلى الخشبة باختصار إذاً أن "حكاية الحكاية" إنما هي بالنسبة إلى ميخائيل بولغاكوف تلك الحكاية التي عاشها بدءاً من عام 1925 العام الذي بدأ فيه الكاتب بإرسال الفصول الأولى من روايته الطويلة الأولى "الحرس الأبيض" إلى مجلة "روسيا"، التي كانت ذات شأن أدبي في ذلك الحين، وذلك بالتوازي مع كتابات أخرى راحت تصنع له مكانة ولكن في الوقت نفسه ملفاً لدى الرقابة، التي رأت فيها "نوعاً من حنين إلى روسيا القديمة قد يحمل رفضاً ما للواقع السوفياتي الجديد". وما إن أطل العام التالي وأنجز الكاتب فصولاً إضافية من الرواية، حتى قررت تلك الرقابة أنها لا يمكنها أن تصبر عليه أكثر من ذلك، فتفجرت علاقته بها في الوقت نفسه الذي كان هو قد قرر الالتفاف على الأمر، بتحويل الرواية إلى مسرحية تحمل هذه المرة عنوان "أيام آل توربين" لتقدم على خشبة مسرح الفن الشهير في خمسة فصول و13 لوحة، وهو عمل انكب عليه منذ نهاية صيف عام 1925 على أية حال. ومنذ البداية كانت الرقابة بالمرصاد ولكن ليس وحدها بل شراكة مع مجمل المطبوعات الرسمية، التي اهتمت بالرواية اهتماماً استثنائياً جعل معظم المقالات التي تتناول عمل بولغاكوف منددة بالعمل. وكذلك لاحقاً حين تحولت إلى مسرحية حرص الكاتب على التخفيف من غلواء بعض شخصياتها على أية حال. والحقيقة أن المسرحية عرضت بقدر لا بأس به من النجاح الذي فاقم منه إمعان "النقاد" في مهاجمة العمل ورجعيته حتى وإن كانوا قد عجزوا عن جعله يمنع مسرحياً. ففي ذلك الحين، ومقابل التشدد في الرقابة على الأعمال المطبوعة، كان ثمة نوع من التهاون مع الأعمال المسرحية باعتبارها نخبوية "ولا يمكنها أن تفسد أخلاق الطبقة العاملة". ومن هنا على رغم ما سيقوله بولغاكوف في نص لاحق له من أنه رصد 298 مقالة تهاجم المسرحية مقابل 3 مقالات تمتدحها، واصل "مسرح الفن" عرض المسرحية شهوراً طويلة (وربما لسبب سنذكره بعد سطور). كانت من أكثر الشهور في مسيرة بولغاكوف المهنية إيلاماً له. رسالة إلى ستالين من هنا نجده وقد أضنته الحكاية كلها، يقرر أنه لم يعد في إمكانه أن يحتمل أكثر مما فعل فيكتب إلى "الرفيق ستالين" رسالة يحاول فيها الحصول من هذا الأخير على إذن خاص بمبارحة الاتحاد السوفياتي برفقة زوجته ولو مطروداً!... ولكن يبدو أن سيد الكرملين لم يجب على الرسالة أو لم يقرأها. وبالتالي ها هو بولغاكوف وفي مستهل ربيع العام التالي يكتب هذه المرة رسالة موجهة إلى "حكومة الاتحاد السوفياتي" يقول فيها– وعلى الأرجح كرد على نصيحة ما، كانت قد وجهت إليه– أنه وعلى رغم النصائح الكريمة "غير قادر على أن يكتب مسرحية شيوعية"، مذكراً بمجموع الشتائم التي وجهت إليه على صفحات الصحافة الرسمية ومنها ما كانت "البرافدا" قد نشرته قبل حين من أن "هذا الكاتب يبدو أعجز من أن يسمم بأفكاره الطبقة العاملة ماسخاً مثلها العليا البولشفية"، واصفة مسْرَحَته لـ"الحرس الأبيض" بأنه "عمل تفوح منه رائحة القذارة". ولئن كان يبدو أن ثمة في الأمر تناقضاً غريباً، إذ كيف يعقل أن يستمر عرض المسرحية طول كل تلك الشهور فيما يتواصل الهجوم الصحافي عليها؟ هنا يأتي الجواب المدهش: لقد أحب ستالين تلك المسرحية إلى درجة يقول جورج نيفا مؤرخ الأدب الروسي في فرنسا إن سيد الكرملين قد شاهد "أيام آل توربين" خمسة عشر مرة وكان في كل مرة يضحك كما لو أنه يشاهدها للمرة الأولى. ومن هنا بقيت تعرض وبقيت تهاجم. أما بالنسبة إلى بولغاكوف فإنه لم يهاجر بل بقي ولو أنه لم يخلد إلى الصمت هو الذي قال ذات مرة وقد أدرك أنه قادر على الاستفادة من تناقضات موقف ستالين: "إن النضال ضد الرقابة، وكل أنواع الرقابة وفي ظل أية سلطة من السلطات، هو الواجب الذي نذرت له نفسي ككاتب كما آليت على هذه النفس أن تدافع عن حرية الصحافة...". وفي النهاية إذ أدرك بولغاكوف أنه بدوره سوف يعيش ذلك التناقض، راح يسعى للحصول على عمل يمكنه من البقاء والعيش، كمساعد مخرج مسرحي أو ممثل ثانوي أو حتى عامل ديكور وأكسسوار. وواصل الكتابة فيما واصلت الرقابة المنع وواصل ستالين الاستمتاع وربما مشبهاً نفسه بالقيصر نيقولاي الأول، الذي كان قبله من كبار المصفقين لمسرحية غوغول "المفتش العام" على رغم ما تحمله من انتقاد حاد لحكومته وإدارته... بل وربما لما تحمله من ذلك الانتقاد!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store