أحدث الأخبار مع #الحركة_الإسلامية


الشرق الأوسط
منذ 3 أيام
- منوعات
- الشرق الأوسط
«الدعم السريع» تقترب من مدينة الأبيض
قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها سيطرت على مناطق استراتيجية في ولايات غرب وجنوب وشمال كردفان، غرب السودان، معلنة أنها واصلت الزحف إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني، واستردت بلدات الحمادي وكازقيل وأم صميمة واقتربت من مدينة الأبيض الاستراتيجية. وذكرت «الدعم السريع»، في بيان أمس، أنها عززت انتصاراتها الميدانية، وزحفت نحو ما سمّتها «معاقل جيش الحركة الإسلامية»، وحققت نصراً جديداً بـ«تحرير» بلدتَي الحمادي وكازقيل، جنوب مدينة الأبيض. من جهة أخرى، قال مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون الأفريقية، عبر «إكس»، إن الولايات المتحدة تندد بالانتهاكات ضد المدنيين في دارفور، مؤكداً أن بلاده تتابع عن كثب التطورات في غرب السودان.


الشرق الأوسط
منذ 3 أيام
- أعمال
- الشرق الأوسط
الباب المقفول
أظنني لفترة طويلة كنت من المؤمنين بضرورة الحوار مع التيار القابل للحوار داخل «الحركة الإسلامية»، ليس لإقناعهم بما نؤمن به، مع آخرين، لكن للوصول لتصور مشترك لإدارة الخلافات داخل إطار التحول الديمقراطي، ومع ذلك كنت مقتنعاً بما تم اتخاذه من إجراءات ضد «المؤتمر الوطني» و«الحركة الإسلامية» خلال الفترة الانتقالية، ولم أكن أرى تناقضاً في ذلك. ببساطة شديدة كان المبرر الأساسي هو تجريد «الحركة الإسلامية» من السلاح، فالثابت عندي أنها تنظيم سياسي مسلح بكتائبها وبأعوانها داخل الأجهزة النظامية، ثم تجريدها أيضاً من أموال الدولة التي اغتنت بها طوال ثلاثين عاماً حين كان جيبها هو جيب الدولة، وتنظيف جهاز الدولة من أصحاب الولاء الآيديولوجي، حتى تعود تنظيماً سياسياً عادياً مثل غيرها. لهذا بدا منطقياً عدم إشراك «المؤتمر الوطني» و«الحركة الإسلامية» في الفترة الانتقالية، مثلما حدث في العراق بعد سقوط صدام، وما يحدث في سوريا الآن. فليس من المعقول أن تثور الجماهير ضد نظام رفض تقديم أي تنازلات للحركة الجماهيرية ومارس ضدها أقسى صنوف القمع، وتسقطه، ثم تشركه في المرحلة الانتقالية ولم تجف دماء شهداء الثورة بعدُ. لكن كان معلوماً أيضاً أن التيار الإسلامي لن يختفي أو يتبخر، سيظل موجوداً في الساحة بتعبيرات مختلفة، والمتوقع أن يقوم بمراجعاته ويكون جزءاً من التنافس الديمقراطي بعد نهاية المرحلة الديمقراطية. لكن من الواضح أن ذلك لم يحدث، حتى الآن، على الأقل. حكم «المؤتمر الوطني» - «الحركة الإسلامية» البلاد لمدة 30 عاماً، حكماً شمولياً قاهراً، لم تقبل أطراف الحركة نفسها أن يتم تقاسم السلطة بين قياداتها، فانقلب البشير ضد الترابي وأودعه السجن أكثر من مرة، وتعرض أنصار الترابي الذين وقفوا معه للاعتقال والتعذيب والتصفية. يمكنك أن تتخيل إذن كيف كان النظام يعامل المعارضين له. يمكن فقط اختصار الصورة بأن النظام بدأ تاريخ التعذيب بالقتل والتعذيب والتشريد. انفردت الحركة بالسلطة تماماً، وفصلت عشرات الآلاف من عملهم، بمن فيهم ضباط من الجيش والشرطة وجهاز الأمن، وأطباء ومهندسون وأساتذة جامعات، وقضاة ووكلاء نيابة، وعمال صغار في مصالح حكومية مختلفة، وعينت مكانهم كوادر الحركة حتى سيطرت على مفاصل الدولة، بما فيها الخدمة المدنية. أما المؤسسات والمشاريع الكبرى التي ورثها النظام فقد نزل فيها التخريب والتدمير والخصخصة والبيع بلا أي ضوابط. إلى جانب هذا شهدت البلاد فساداً لم يحدث في تاريخ السودان؛ فقد كان مال الدولة هو مال «الحركة الإسلامية» وقياداتها، فابتنوا القصور داخل السودان وخارجه، وتحول كبار «المجاهدين» لرأسمالية جديدة متخفية. كان طبيعياً أن تتراكم الحركات والانتفاضات ضد النظام رغم سياسات القمع والترهيب، حتى أسقطته ثورة شعبية وأطاحت بقياداته في أبريل (نيسان) 2019. فهل نهض رجال من «الحركة الإسلامية» ليراجعوا التجربة ويقروا بأخطائها، ويعلنوا العزم على القبول بالإرادة الشعبية، وليعيدوا تأسيس أنفسهم على قيم جديدة ورؤى حديثة يعملون بها بعد نهاية الفترة الانتقالية؟ الإجابة بالطبع هي النفي؛ فقد تكبروا واستكبروا وقالوا، كالعادة، إن الثورة الشعبية هي مؤامرة صهيونية أميركية شيوعية إمبريالية، وإنهم عائدون لحكم البلاد إلى ما شاء الله. حتى الذين تخلوا عن النظام في سنوات سابقة من رموز ومفكري «الحركة الإسلامية» وكانت لهم كتابات ناقدة معروفة، لم يساهموا في عملية المراجعة بعد سقوط النظام ولم يدعوا لها، بل تراجع بعضهم عن أفكاره وعاد لحظيرة الحركة، وكأنهم كانوا ينتقدونه مع رغبتهم في إصلاحه وبقائه بشكلٍ ما، وعزّ عليهم أن يسقط، فلم يستطيعوا أن يتواءموا مع فكرة غيابه ومحاولة صناعة البديل. مع قيام الحرب ازدادت الأوضاع تعقيداً، وعادت كوادر الحركة لحمل السلاح، والإعلان في كل فرصة أن عدوهم الحقيقي هم من قاموا وساهموا في الثورة ضد النظام السابق، وبالتالي فإن آليتهم للحوار هي البندقية، مما يعني دفع الطرف الآخر لكي يفكر أيضاً في اقتلاع «الحركة الإسلامية» بطريقةٍ ما، ولن يكون شعارهم: «سلمية... سلمية»، مثلما كان الحال خلال الثورة الشعبية. خلاصة الأمر أن باب الحوار مقفول، وآلياته غير موجودة، ومستقبل البلاد غير معروف، و«الحركة الإسلامية» القديمة لا تظن فقط أنها ستعود كما هي، بل هي تتعامل باعتبارها قد عادت وصارت الآمر والناهي، إلا إذا اصطدمت بحلفائها الآخرين، وعنده ستكون كل الاحتمالات مفتوحة.


الشرق الأوسط
٢٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
عودة لـ «الاتفاق الإطاري»
من السرديات المتداولة بشدة في بعض الأوساط السياسية والإعلامية السودانية أن «الاتفاق الإطاري» هو سبب الحرب، ولولاه لما نشبت. ولمصلحة غير المتابعين للشأن السوداني بدقة، فالاتفاق الإطاري هو عبارة عن اتفاق سياسي وقّعته المجموعة العسكرية الحاكمة، بقيادة الفريق البرهان وحميدتي، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022 مع مجموعة من القوى السياسية والمهنية والمدنية بقيادة قوى «الحرية والتغيير» التي كانت تقود الفترة الانتقالية. ليس في السياسة السودانية ما يدهش؛ فالبرهان وحميدتي نفذا انقلاباً ضد المدنيين في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وتفردا بالسلطة بمساعدة ودعم حركات سياسية محدودة، وتم بذل جهود محلية وإقليمية لمحاولة إيجاد ظهير سياسي مدني للانقلاب، لكن باءت المحاولات بالفشل، بل إن الحليفين، البرهان وحميدتي، فشلا في تكوين حكومة، وتم تكليف وكلاء الوزارات بتصريف الأمور، وهي الحكومة التي لا تزال موجودة حتى الآن، ثم توترت العلاقات بين الشريكين، البرهان وحميدتي، لدرجة كادت تصل للصدام العسكري، وتدخّل وسطاء كثر من داخل وخارج السودان، وبذلت بعثة الأمم المتحدة بالسودان (يونيتامس) جهوداً كبيرة، كما تدخّلت بعض دول الإقليم التي كان بعضها داعماً للانقلاب العسكري، لكنها توصلت إلى قناعة بعدم إمكانية استمرار الأوضاع كما هي. وأفلحت الجهود في إقناع البرهان، ومن بعده حميدتي، بضرورة الحوار مع القوى المدنية، وفي مقدمتها قوى «الحرية والتغيير» التي كانت تمثل الشريك المدني قبل الانقلاب. بعد جهود كبيرة توصل الطرفان المدني والعسكري لصيغة اتفاق، تم عرضه على بقية القوى السياسية، ما عدا «الحركة الإسلامية» وحزبها «المؤتمر الوطني». رفضت الكتلة الديمقراطية التي تقودها حركات دارفور المسلحة الاتفاق، كما رفضه الحزب الشيوعي، وعارضه الإسلاميون بشدة. ماذا حمل الاتفاق الإطاري في طياته وجعل له مؤيدين وأيضاً معارضين بشدة؟ نصَّ الاتفاق على مدنية الدولة والحكومة (السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية - المادة 3)، وإبعاد المكون العسكري من مجلسَي «السيادة» والوزراء، وتكوين مجلس سيادة ومجلس وزراء ومجلس تشريعي قومي بعد مشاورات مكثفة بين القوى المدنية، دون أن يكون هناك تمثيل للمكون العسكري. لكن أهم وأخطر ما حمله الاتفاق الإطاري كان حل «الدعم السريع» ودمجها في الجيش، وكذلك بقية الحركات المسلحة، وتكوين جيش قومي موحد (التأكيد على جيش مهني قومي واحد ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة وقائم بواجباته في حماية حدود الوطن والدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي - المادة 10). جاء حل «الدعم السريع» في المادة «6 ج» (دمج «قوات الدعم السريع» في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية، وقوات حركات الكفاح المسلح). وقّع الفريق عبد الفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو، والقوى السياسية المدنية، وممثلون للمجتمع المدني والنقابات، على الاتفاق في القصر الجمهوري بالخرطوم وسط حضور إقليمي ودولي، وتم الاتفاق على عقد ورش عمل لمناقشة تفاصيل بعض القضايا التي تحتاج لحوار معمق، وهي العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، واتفاق جوبا للسلام، وأوضاع شرق السودان، وتفكيك نظام «المؤتمر الوطني». يبدو الاتفاق وكأنه سيحل كل مشاكل السودان العالقة في تلك الفترة؛ يثبت مدنية الدولة، ويبعد العسكريين للثكنات، ويحل «الدعم السريع»، فلماذا لم ينجح الاتفاق؟ ولماذا عارضه البعض؟ عارض الإسلاميون الاتفاق؛ لأنه يعيدهم لهامش الحياة السياسية بعد أن كان الانقلاب العسكري أعطاهم أملاً كبيراً وأعاد تموضعهم في مفاصل الدولة. ولقيادات الإسلاميين تسجيلات معروفة ومتداولة قالوا فيها إن الاتفاق لن يمر إلا فوق جثثهم، وإنهم سيشعلون السودان من كل أطرافه في حال المضي فيه. وعارضته المجموعة التي أيّدت الانقلاب وتمتعت بالانفراد بمشاركة العسكريين في الحكم؛ لأنها إما ستستبعد أو سيقل نصيبها من المقاعد. وعارضته مجموعات من العسكريين لم ترغب في الابتعاد عن السلطة، وشكّلت «لوبي» قوياً تحالف مع كل المجموعات الرافضة للاتفاق وعمل على التحريض ضده، كما عملت ضده بعض دول الإقليم التي ليست على وفاق مع قوى «الحرية والتغيير» التي ستعود للحكم. المدهش كان هو معارضة بعض قوى الثورة، والتي كان دافعها الخلاف مع قوى «الحرية والتغيير»، ثم كانت شرارة التفجير في الورشة الأخيرة التي ناقشت الإصلاح الأمني والعسكري؛ إذ أوصى الخبراء بمدة تتراوح بين عامين وأربعة أعوام لإكمال عملية الدمج والبدء بتوحيد القيادة، في حين أصر ممثلو الجيش على أشهر قليلة، وهنا انفتح باب المزايدة، فطالب ممثلو «الدعم السريع» بعشر سنوات، وانهارت الورشة وبدأت نذر الحرب التي اشتعلت بعد أيام قليلة. فهل كان الاتفاق الإطاري سبباً في الحرب، أو أنه ربما كان مانعاً للحرب؟


الشرق الأوسط
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
من هو عبد الله العقيل؟
قلت في المقال السابق إن عبد الله العقيل، الذي هو من «شبان الإخوان المسلمين» الذين استقبلوا مسعود الندوي عند قدومه مع مساعده محمد عاصم حداد إلى العراق، وفّر لنا تبيان تسلل الفكر المودودي إلى القاهرة. وتبيانه أبان لنا – كما رأينا في المقال السابق – أنه كان بمثابة العربة التي حملت الفكر المودودي من بيتيه في الزبير وفي البصرة إلى القاهرة. وقبل استئناف الحديث عن المسألة المودودية في القاهرة وتأثيرها على الفكر «الإخواني» في مصر على صعد شتى، لا بد من إيضاح أكثر لصلته بالرحلة المودودية التي قام بها تابع المودودي ومترجمه الأول إلى العربية مسعود الندوي، مع تعريف موجز به. هذا الإيضاح وفّره هو لنا أيضاً حين قدّم ترجمة لتقي الدين الهلالي في كتابه «من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة». وتقي الدين هذا شيخ مغربي، كان مسعود الندوي من بين الذين درسوا على يديه في الهند اللغة والأدب العربي. وفي أثناء زيارة مسعود الندوي إلى العراق كان الشيخ تقي الدين يدرّس في كلية عالية ببغداد. يقول عبد الله العقيل: «وفي سنة 1949م جاءتني رسالة منه – أي تقي الدين الهلالي – من بغداد يوصيني بالشيخ مسعود عالم الندوي، ورفيقه محمد عاصم الحداد، اللذين سوف يزوران العراق بتكليف من السيد أبي الأعلى المودودي، أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، وقد سعدنا بهما في البصرة والزبير، وقد بذلت مع إخواني، عبد الله الرابح، وعبد العزيز الربيعة، وعمر الدايل، وعبد الهادي الباحسين، وعبد الصمد الرديني، وعبد الواحد أمان، ما نستطيع من جهد لمساعدتهما في مهمتهما، ومن خلالهما اطلعنا على مؤلفات المودودي، وعرفنا الكثير عن الجماعة الإسلامية في الهند وباكستان». عبد الله العقيل وعبد العزيز سعد الربيعة وعمر الدايل وعبد الواحد وعبد الهادي الباحسين كانوا طلبة وكانوا شباناً وكانوا من «الإخوان المسلمين» وكانوا من بلدة الزبير، وهم من أسر نجدية هاجرت إلى هذه البلدة من إقليم نجد من قرون. عبد الواحد أمان كان طالباً وشاباً ومن «الإخوان المسلمين»، لكن لم يستبن لي هل هو من البصرة أم من الزبير. عدنان محمد سلمان الدليمي في كتابه «آخر المطاف: سيرة وذكريات» في أثناء توضيحه للطريقة التي دخلت بها دعوة «الإخوان المسلمين» المصرية إلى البصرة والزبير سنة 1941، عرّف بعبد الواحد أمان، فقال عنه: «تخرج لاحقاً في كلية التجارة في بغداد، واستعاد جنسيته الكويتية، فاستقر هو وإخوته هناك إلى أن أحيل إلى التقاعد، وقد أسهم في نشر دعوة (الإخوان) في الكويت». أما عبد الصمد الرديني، فقد قال عن أسرته إنها من أسر البصرة المشهورة. عبد الله الرابح – وهو من أسر الزبير – تحدث مسعود الندوي عنه في كتابه «شهور في ديار العرب» مرتين بوصفه عالماً لا بوصفه طالباً، كما الأسماء التي مرّ ذكرها آنفاً، كما أنه لم ينصّ على أنه من «الإخوان المسلمين». عبد الله العقيل يعود فرع أسرته في الزبير إلى بلدة حَرْمَة في منطقة سدير بإقليم نجد. اعتنق دعوة «الإخوان المسلمين»، وهو طالب في المدرسة المتوسطة بالبصرة مع رفاق له بالمدرسة عن طريق أستاذهم في المدرسة، محمد عبد الحميد أحمد، أحد الرسل المصريين الذين بعثهم حسن البنا إلى العراق للتبشير بدعوته الدينية الجديدة هناك. تقلد عبد الله العقيل عدة مناصب دينية في الكويت بالمحاكم وبوزارة العدل وبوزارة الأوقاف. وكان آخر منصب ديني تقلده هو الأمين العام المساعد لشؤون المساجد برابطة العالم الإسلامي بمكة. عبد الله اعتنق دعوة «الإخوان المسلمين» من صغره اعتناق المهيّم والمتيّم والمخلوب لبّه. ولأن اعتناقه لها جاء على هذا النحو، فإن إيمانه «الإخواني» غلبت عليه مسحة الدروشة «الإخوانية»، لا الانتهازية «الإخوانية» التي هي أمر مستلزم الأخذ به في دعوة «الإخوان المسلمين». دوره البارز في تاريخ الحركة الإسلامية دور عملي ميداني. أما كتاباته فهي لم تبرح مكانها من الوهن والضعف منذ أن بدأ الكتابة من أمد طويل. وأفضل ما كتب هو ترجماته لشخصيات إسلامية، مشهورة ومغمورة، عرفها معرفة شخصية. كتب المودودي المترجمة إلى العربية التي حملها عبد الله العقيل معه إلى القاهرة، حملها معه بتنسيق مسبق مع مسعود الندوي قبل أن يغادر هذا الأخير الزبير في 29 أغسطس (آب) 1949 إلى الكويت التي مكث فيها 4 أيام، ثم سافر بعدها إلى الرياض، وذلك للبحث عن ناشر لها في القاهرة، ووجد ضالته في نفر من الشباب الجامعي «الإخواني»، يطلقون على أنفسهم اسم «لجنة الشباب المسلم». كتبت هذه اللجنة في بعض منشوراتها من كتيبات، ما يلي: «تعريف بلجنة الشباب المسلم، للتأليف والترجمة والنشر. غرض اللجنة المشاركة في تكوين الوعي الإسلامي الرشيد عن طريق: 1- نشر الكتب الإسلامية، قديمها وحديثها. 2- ترجمة ما كتبه أهل الشرق والغرب عن الإسلام. 3- مجابهة مشاكل العصر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بأبحاث وافية وملائمة. 4- نشر تعاليم الإسلام بين الناس بإخراج طبعات شعبية رخيصة الثمن، أنيقة الطبع. 5- إنشاء الندوات الفكرية، وإخراج مجلة إسلامية. المراسلات باسم: محمد رشاد رفيق سالم، عضو اللجنة والمسؤول عن النشر 90 شارع أبي بكر الصديق بمصر الجديدة». مشروع اللجنة في أغراضه المعلنة – كما ترون – عالي الهمة، طويل النجاد، رفيق العماد، لكن واقعه يقول بخلاف ذلك. فأعضاء اللجنة لم ينجزوا تأليفاً ولا ترجمة، ولم ينيطوا بفريق من المترجمين المصريين المحترفين «ترجمة ما كتبه أهل الشرق والغرب عن الإسلام». إن أغلب ما نشره أصحاب هذا المشروع كتيبات للمودودي مع كتيبين دعائيين لجماعة المودودي أعدّهما مسعود الندوي؛ الأول كان بعنوان «الجماعة الإسلامية: دعوتها وأهدافها ومنهاج عملها»، والثاني كان بعنوان «الإسلام ودعوته» الذي فحواه، الإسلام كما يدعو إليه المودودي. نعم، هذه الكتيبات مترجمة، لكن الذي ترجمها إلى العربية من الأردو هي «دار العروبة للدعوة الإسلامية» بباكستان، وقامت بعد ترجمتها بطبعها ونشرها في هذه الدار باللغة العربية. وكل ما فعلته «لجنة الشباب المسلم» وأنجزته أنها أعادت الطبع والنشر في القاهرة. الغرض الثالث، وهو «مجابهة مشاكل العصر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بأبحاث وافية وملائمة»، مهمة القيام بها كانت متروكة لكتيبات المودودي وحدها. أما الغرض الرابع، فيحتاج إلى تعديل كلمة فيه، ليتطابق هذا الغرض مع مقتضى حال منشورات هذه اللجنة، بحيث تكون صيغته بعد تعديلها وإضافة عبارة إليها: «نشر تعاليم المودودي بين الناس في العالم العربي، بإخراج طبعات شعبية، رخيصة الثمن، أنيقة الطبع». وأما الغرض الأول، فليس ثمة كتب إسلامية قديمة، سوى نشر جزء يسير من كتاب «العواصم من القواصم» للقاضي أبي بكر بن العربي، حقّقه وعلّق عليه محبّ الدين الخطيب، وكتاب «رسالة الصلاة للإمام أحمد» وهو نسخة صحّحها وراجعها محمود محمد شاكر، وتلخيص لكتاب «تحفة الودود بأحكام المولود» لابن القيم نشر بعنوان محدث هو «أولادنا في آداب الإسلام». الكتب الإسلامية الحديثة هي كتيبات المودودي، ولم تشذ اللجنة عن هذه القاعدة في النشر إلا مع كتاب علي الطنطاوي، وعنوانه «أبو بكر الصديق». فكتاب «نظرة إجمالية في تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند وباكستان» لمسعود الندوي لا يخرج عن النطاق المودودي، ففي خواتمه دعاية ودعوة للمودودية، وهي التي اقتطف مسعود من صفحاتها كتيبه «الإسلام ودعوته». وكذلك هو حال كتيب «عن الإخوان أتحدث» لأبي الحسن الندوي، فهو لم يخرج فيه عن هذا النطاق. ولقد حرت في البداية في تصنيف كتاب «حجة النبي (صلعم) كما رواها جابر» لناصر الألباني، هل هو كتاب إسلامي قديم أم حديث؟ اختصار عبارة «صلى الله عليه وسلم» بكلمة «صلعم» واسم مؤلفه نبّهاني إلى أنه كتاب إسلامي حديث ومعاصر. وللحديث بقية.