أحدث الأخبار مع #الخديوإسماعيل،


المصري اليوم
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المصري اليوم
«يعود إلى عثمان بن عفان».. حكاية أقدم مصحف في مصر (فيديو)
أكد أسامة طلعت رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، وأستاذ الآثار الإسلامية والقبطية، أن عمله في دار الكتب والوثائق ممتع، لكنه في الوقت ذاته يحمل مسؤولية كبيرة. وأضاف خلال مشاركته في برنامج «معكم منى الشاذلي»، مساء أمس الجمعة، مع الإعلامية منى الشاذلي، المذاع عبر شاشة «ON»، احتفالا بمرور 155 سنة على تأسيس دار الكتب، أن دار الكتب والوثائق تُعد واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في تاريخ مصر الحديث، وتمتد جذورها إلى بدايات القرن التاسع عشر، إذ تعود نشأة دار الوثائق القومية إلى عام 1828 بأمر من محمد على، كأول أرشيف وطني في المنطقة، لتُسجَّل بذلك مصر كثالث دولة في العالم تؤسس أرشيفًا وطنيًا بعد إنجلترا وفرنسا. أوضح الدكتور «طلعت» أن دار الكتب، بجناحيها الأساسيين «دار الكتب» و«دار الوثائق»، تُعد امتدادًا طبيعيًا لتاريخ مصر العريق في التدوين، الذي بدأ منذ 3200 قبل الميلاد، مشيرًا إلى أن الأمر العالي بتأسيس دار الكتب صدر عام 1870 في عهد الخديو إسماعيل، بينما تحتفل مصر عام 2028 بمرور 200 عام على تأسيس دار الوثائق. وكشف عن وجود وثائق نادرة في حوزة الهيئة، من أقدمها وثيقة تعود إلى سنة 534 هـ (نحو 900 عام)، وهي عبارة عن عقد بيع أراضٍ من الخليفة الفاطمي إلى وزيره الأشهر الصالح طلائع بن رزيك، والذي ما زال جامعُه التاريخي قائمًا حتى اليوم أمام باب زويلة بمنطقة الدرب الأحمر. وأكد «طلعت» أن دور الهيئة لا يقتصر على حفظ وثائق الدولة الرسمية فقط، بل يمتد أيضًا لحماية ملكيات الأفراد وتوثيق ممتلكاتهم عبر التاريخ. ولفت إلى أن الهدف الرئيسي من تأسيس دار الكتب، والذي تقدم به على باشا مبارك للخديوي إسماعيل، كان جمع المصاحف النادرة والنفيسة الموجودة في المساجد، خاصة الجامع العتيق (جامع عمرو بن العاص) الذي كان يُعتبر المسجد الرسمي للدولة، حفاظًا عليها، باعتبارها من الأوقاف التي لا يجوز شرعًا تغيير نية وقفها. بيّن «طلعت» أن العديد من المصاحف كانت تُهدى من الناس للجامع في إطار عمل الخير، وظلت هذه العادة قائمة، ومن هنا جُمعت هذه المصاحف ووُضعت في دار الكتب لصيانتها وحمايتها، ولا تزال محفوظة حتى اليوم. وأشار إلى إن دار الكتب تحتفظ بنسخ نادرة جدًا من المصاحف الشريفة، تعود لمختلف العصور، وتتميز بجمال فنونها وروعة خطوطها، مشيرًا إلى أن أحد أقدم هذه المصاحف هو مصحف يُعرف باسم «مصحف سيدنا عثمان»، محفوظ في دار الكتب، ومكتوب على جلد غزال (رق)، بالخط الكوفي البسيط، دون تشكيل أو إعجام، كما كانت تُكتب المصاحف في ذلك الوقت. أوضح أن هذه النسخة غير مكتملة، وأن الأصل منها يُنسب إلى سيدنا عثمان بن عفان، الذي أمر بنسخ مجموعة من المصاحف وتوزيعها على الأمصار الإسلامية مثل دمشق والبصرة والكوفة والفسطاط، بعدما بدأت تظهر مشكلات في قراءة القرآن لدى بعض المسلمين غير العرب، نتيجة اللحن وتغيّر المعنى. وأكد أن هذه المصاحف كُتبت دون تنقيط أو تشكيل، لأن العرب آنذاك كانوا يقرأون الخط العربي بالسليقة، دون الحاجة إلى علامات أو حركات، وهو ما يفسّر غياب النقط والضبط في هذه المصاحف. كما لفت إلى وجود مصحف آخر منسوب إلى الإمام جعفر الصادق، مؤرخ بسنة 148 هـ، ويُقال إنه كُتب بخطه، وهو واحد من نوادر ما تملكه الدار، ويُقدّر عمره بما يقرب من 1300 سنة، مشيرًا إلى وجود مصحف نفيس آخر يُعرف بـ«مصحف ابن قلاوون»، وهو أحد أهم المصاحف التي تحتفظ بها دار الكتب، ويعود إلى فترة حكم أسرة قلاوون الشهيرة. وأوضح أن رأس هذه الأسرة هو السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، صديق السلطان بيبرس، ومن نفس دفعة سيف الدين قطز وفخر الدين أقطاي، وهم من غلمان المماليك الذين جُلبوا من بلاد القوقاز وآسيا الوسطى في عهد السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وتم تدريبهم وتربيتهم ليصبحوا قادة. وبيّن «طلعت» أن السلطان المنصور قلاوون أنجب السلطان الناصر محمد بن قلاوون، الذي تولّى الحكم ثلاث مرات، وكان محبوبًا من المصريين رغم إصابته بعرج في ساقه، مؤكدا أن هذا المصحف يُعد من أندر المقتنيات، ويُظهر روعة الفنون الخطية والمزخرفة التي تميّزت بها تلك الفترة، ويُعد شاهدًا على ازدهار فنون الكتاب في الدولة المملوكية. وتابع «طلعت» أن من أبرز مقتنيات دار الكتب أيضًا مصحف يُعرف باسم «مصحف قلچيتو»، أهداه سلطان الخانية المغولية في إيران إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، بعد أن صار صهره بزواجه من أميرة مغولية. وأوضح أن هذا المصحف النادر مسجل ضمن مجموعة المصاحف المملوكية في قائمة ذاكرة العالم باليونسكو منذ عام 1992، وهو مؤرخ بسنة 725 هـ، وما زال محفوظًا بحالته الأصلية دون أي تدخل في ألوانه أو نصه، ويُعرض كما كان في عهد السلطان الناصر محمد.


الدستور
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
هجرتك!
قضيت ليلة طويلة أتململ فى فراشى، تنكرت من كل ذنوبى وأنكرت كل مثالبى. أنكرت الزمان والمكان، لحظة مكاشفة. فجوة كبيرة من الإنكار أخذتنى بعيدًا. فتحت باب بيتى وانطلقت فى الشارع. وكأننى فتحت الباب على عالم آخر، الشوارع غريبة، نظيفة وراقية، أبيض وأسود، ولكننى أعرفها جيدًا. فى السنوات الأخيرة دائمًا بدت تلك الشوارع مزدحمة وقذرة وعشوائية. هذا المبنى أعرفه، إنه صيدناوى بواجهته الجميلة وحديقته المنسقة. أرى المصعد الخشبى يتحرك صعودًا وهبوطًا، وذلك المانيكان الوسيم يرتدى البيجامة الكستور ذات الخطوط الزرقاء. نعم هذا مدخل الرويعى من اتجاه شارع حديقة الأزبكية. تفقدت مدخل الحديقة والمسرح، تبدو الأمور هادئة، ليست هناك حفلة للست الليلة، ولا احتفال بعيد الثورة، ولا عيد الربيع. الأمور هادئة. الشوارع مظلمة نوعًا ما لكنها مريحة، أعرف الطريق، سأظل تحت البواكى التى أسسها الخديو إسماعيل، أتسلل داخل هوائها البارد حتى أصل إلى حارة النصارى، وفى مواجهة قهوة الجعافرة، ذاك مدخل شارع الجامع الأحمر، وعلى ناصيته بيت جدتى. وصلت.. القهوة خالية تمامًا، يجلس عليها اتنين أفندية وعلى الطرف الآخر يجلس عم على صاحب القهوة، وهو على أهبة الاستعداد لتلبية نداء الأفندية. يبدو أنه لا يريد أن يقاطعهما.. ربما منع الناس من المرور حتى لا يزعجهما. كيف عرفت عم على؟ عرفته من الصورة التى كانت معلقة عندنا فى البيت مع جدى وعمى عبدالعزيز.. لا تسألنى عنهما، فهما رحلا قبل مولدى بعشرين سنة. خلينا فى الأفندية.. أحدهما نحيل وقليل الحجم يرتدى بدلة سوداء، وعلى رأسه قبعة ويمسك ورقة فى يده يقرأ منها.. يبدو أنه شاعر غنائى يعرض أغنيته على الآخر. والآخر هذا طويل القامة، يرتدى بدلة رمادية وربطة عنق كبيرة، ووجه ممتلئ بالذكاء والحيوية. - إنت عاوز إيه يا أستاذ؟ - عاوزك تسمع الكلام، وتعمل لحن زى ما أقولك! - طيب ما تخلى الكلام عليك واللحن عليا! - لأ هتعمل اللى هقولك عليه. - طيب اتفضل يا أحمد بك. هجرتك يمكن أنسى هواك واودع قلبك القاسى وقولت أقدر فى يوم أسلاك وافضى من الهوا كاسى لقيت نفسى فى عز جفاك بفكر فيك وانا ناسى - الله عليك يا أستاذ.. قول كمان.. سمعنى كمان غصبت روحى على الهجران وانت هواك يجرى فى دمى وفضلت أفكر فى النسيان لما بقى النسيان همى أنا عاوز اللحن هنا يكون فيه عويل، صراخ، أستنجد بقوى الطبيعة. استنجد بربنا يا سنباطى. عاوز الناس تبكى مع الكمانجات.. عاوزك تنتقم منها.. اتصرف! طيب طيب اهدى الله يخليك. كمل.. صعبان عليا جفاك.. بعد اللى شفته فى حبك كلما اقتربت منهما وضحت لى الرؤية، عرفتهما وعرفت ماذا يصنعان.. الأستاذ رامى يكتب رسالة من نبضه الدامى إلى الست ويستنجد بالسنباطى ليضعها فى قالب موسيقى سحرى.. رامى يريد أن يحول العتاب والرسالة إلى قضية رأى عام. كل الناس فاهمة الحكاية. هو فقط يعيد صياغتها. ركنت ظهرى على باب البيت المواجه للقهوة بعد أن مررت على أطراف أصابعى. وكلما استمعت لهما سالت الدموع من عينى بشكل لا إرادى. أشار لى عم على أن أذهب، ولمّا تلكأت شخط فيا بصوت خفيض: امشى ياض على فوق. الجو متوتر بين الأستاذين! صعدت السلالم ووصلت إلى شقة جدتى، دخلت عليها فإذا هى تجلس أمام عدّة القهوة وحولها الجيران وعيونهم متطلعة إلى الراديو على الرف. مجرد أن رأونى فى نفس واحد «ششششش»، وأشارت إلىّ جدتى أن أجلس دون نفس دون حركة. الغريب أن اليوم فى النتيجة المعلقة عند جدتى هو ٣ مارس ١٩٦٠، عام كامل بين النتيجة المعلقة فى مقهى عم على «١٩٥٩».. هل تلاشى الزمن؟ أم أننى صعدت السلالم فى سنة. ماذا يجرى هنا! لقد قلت لك إننى خارج الزمان والمكان. بدأ الراديو الجديد يتحدث.. من على مسرح حديقة الأزبكية موعدنا مع وصلة جديدة لكوكب الشرق فى أغنيتها «هجرتك» من نبض الشاعر أحمد رامى، وألحان رياض السنباطى. الدقات التقليدية تؤذن برفع الستار عن أم كلثوم! تصفيق شديد. ثم ينحدر صوت القانون ومع كل وتر يشده أحمد عبده صالح تشرئب أعناق الجالسين، بل منهم من انحدرت دموعه مع أول نوتة. أما أنا فلا أعرف إن كنت بينهم حقيقة أم كنت أمام شاشة التليفزيون؟ هل سافرت فى الزمان والمكان؟ وهل كسرت الزمان مرتين بين رؤية أحمد رامى ورؤية جدتى؟ د. شريف.. ماذا يحدث؟ هل عندك تفسير؟ أرسل إليك هذه الرسالة من ٣ مارس ١٩٦٠ الموافق ٤ رمضان.