logo
#

أحدث الأخبار مع #الخميرالحمر،

الحزب الشيوعي الفيتنامي هيئة سياسية تختزل تاريخ دولة
الحزب الشيوعي الفيتنامي هيئة سياسية تختزل تاريخ دولة

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

الحزب الشيوعي الفيتنامي هيئة سياسية تختزل تاريخ دولة

الحزب الشيوعي الفيتنامي هو الركيزة الأساسية للنظام السياسي في جمهورية فيتنام الاشتراكية ، وهو الحزب الحاكم والوحيد، وينظر إليه على أنه قوة قيادية عليا للدولة والمجتمع. تأسس على يد هو شي منه في هونغ كونغ عام 1930. كان له دور محوري في قيادة الثورة الفيتنامية وتحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي وتوحيدها بعد الاستقلال، واستند إلى أيديولوجية الماركسية اللينينية، كما تبنى فكر مؤسسه. من رموز وأعلام الحزب لي دوان وترونغ تشينه وفام فان دونغ ونغوين فو ترونغ وتران فو ولي هونغ فونغ وها هوي تاب. وشهد الحزب الشيوعي الفيتنامي محطات تاريخية عديدة أهمها: حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي، و حرب فيتنام والحرب ضد نظام الخمير الحمر، إضافة إلى حرب حدودية مع الصين. النشأة والتأسيس تأسس الحزب الشيوعي الفيتنامي الاشتراكي في 3 فبراير/شباط 1930 في شبه جزيرة كولون بهونغ كونغ، على يد القائد الثوري هو شي منه، وهو أحد أبرز القادة الثوريين الشيوعيين في القرن الـ20، وأول رئيس لجمهورية فيتنام الديمقراطية بعد استقلالها عام 1945. ولدت فكرة تأسيس الحزب الشيوعي الفيتنامي أثناء فترة الاستعمار الفرنسي لفيتنام، وكان الهدف تشكيل جبهة موحدة لنيل الاستقلال، وأطلق عليه في البداية اسم "الحزب الشيوعي للهند الصينية". تبلورت الفكرة بعد أن عقد هو شي منه اجتماعا سريا في هونغ كونغ، جمع فيه 3 تنظيمات شيوعية كانت تنشط في فيتنام آنذاك، وهي الحزب الشيوعي الهندي الصيني وحزب أننام الشيوعي ورابطة الشيوعيين الفيتناميين، ودعاهم إلى تشكيل قوة سياسية مناضلة موحدة وإنهاء الانقسام. ومن أبرز رواد الحزب الذين أسهموا في تأسيس وتوحيد الحركة الشيوعية وصياغة أيديولوجياتها، المفكر السياسي تران فو، وهو الأمين العام الأول للحزب، وخلفه لي هونغ فونغ، إضافة إلى ها هوي تاب، الذي ترأس أول مؤتمر وطني للحزب في ماكاو عام 1935، وعين أمينا عاما للجنة المركزية في 1936. الفكر والأيديولوجيا استندت أيديولوجية الحزب الشيوعي الفيتنامي إلى مجموعة من المبادئ الماركسية اللينينية التي دعت إلى القضاء على الطبقية وبناء مجتمع اشتراكي كمرحلة انتقالية نحو الشيوعية، إلى جانب تأثيرات فكر هو شي منه. وسعى الحزب منذ بدء نشاطه في الساحة الدولية السياسية إلى تحقيق أهداف إستراتيجية عدة، منها تحقيق الاستقلال الوطني والوحدة، وبرز ذلك في التخلص من الاستعمار الفرنسي وتوحيد فيتنام الشمالية والجنوبية تحت نظام اشتراكي واحد، وقد تحقق ذلك عام 1975. وفي أواخر الثمانينيات، طبق الحزب إصلاحات اقتصادية عرفت "بسياسات دوي موي" أو "التحديث"، وفتحت المجال للسوق الحرة وشجعت على الاستثمار الخاص وتنمية قطاع التجارة. كما عملت على تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة بعدما كانت الدولة تسيطر على جميع الأنشطة الاقتصادية، مما ساعد في بناء الاشتراكية والتنمية المستدامة. وقد أكد الخبراء الدوليون الذين شاركوا في المنتدى الدولي الـ11 للاشتراكية في فيتنام، أن الحزب الشيوعي الفيتنامي قد طبق الماركسية اللينينية "بشكل مبدع ومرن"، مما جعلها تتناسب مع ظروف البلاد في ذلك الوقت. وقالت البروفيسورة هي تشين من قسم أكاديمي للماركسية في معهد الدراسات المعاصرة للصين التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، إن فيتنام منذ إطلاق "سياسة دوي موي قد طورت نظرية ماركسية محلية وحديثة تحمل خصائص فريدة للبلاد". وأكدت أن الحزب الشيوعي الفيتنامي قد طور فكر هو شي منه، وقدم حلولا مبتكرة لانتقال فيتنام لدولة القانون الاشتراكية. وعمل الحزب على تحسين الظروف المعيشية لجميع المواطنين عبر تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الاجتماعية وتوفير فرص العمل، وحاول أن يقضي على الفقر وعدم المساواة الاقتصادية وطبق سياسات توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية. كما عزز الابتكار والتصنيع والتحديث بشكل شامل ومتزامن وركز على تطوير الموارد البشرية والعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى تحسين جودة التعليم والتدريب. وأولى اهتماما بالغا بتقوية الدفاع والأمن الوطنيين باعتباره أساسا من إستراتيجية حماية الوطن والشعب الفيتنامي. الهيكل التنظيمي تدير الحزب الشيوعي الفيتنامي الهياكل والمؤسسات التنظيمية التالية: المؤتمر الوطني: يعقد كل 5 سنوات ويعتبر أعلى سلطة تقريرية في الحزب، وتنتخب فيه اللجنة المركزية التي تتولى التنسيق بين المؤتمرات. اللجنة المركزية: تتألف من 180 عضوا، وهي أعلى هيئة تنفيذية في الفترة بين المؤتمر الذي انتخبت فيه والمؤتمر الموالي، وتشرف على تنفيذ السياسات وصياغة القرارات. المكتب السياسي: وهو الهيئة القيادية اليومية للحزب، ويتكون من أعضاء تنتخبهم اللجنة المركزية، كما يهتم بتوجيه السياسات العامة وتنفيذ القرارات. الأمانة العامة: وهي جهاز تنفيذي تابع للمكتب السياسي، وتشرف -برئاسة الأمين العام- على السير اليومي لأنشطة الحزب. اللجان الإشرافية: تعنى بمراقبة تنفيذ السياسات العامة والقرارات، وكذا التحقق من عدم وجود مخالفات أو تجاوزات داخل منظومة الحزب. اللجان المحلية: تشرف على تنظيم سياسات وقرارات الحزب إداريا، وتنسق الأنشطة الحزبية على مستوى المدن والمقاطعات والأحياء. الخلايا الحزبية: وهي الوحدة الأساسية للحزب وتشملها المؤسسات الحكومية والشركات والهيئات الاجتماعية. الأعلام والرموز تعاقب على الحزب الشيوعي الفيتنامي منذ تأسيسه قادة كانت لهم أدوار محورية في توجيه مسار النضال الوطني والسياسي لفيتنام ومن بينهم: تران فو ولد في 1 مايو/أيار 1904 بمحافظة ها تينه في فيتنام، تلقى تعليمه في الاتحاد السوفياتي سابقا، وتربى على الفكر الماركسي في جامعة كومنترن بموسكو وتخرج بمرتبة الشرف. إعلان أثناء دراسته عين سكرتيرا للمجموعة الفيتنامية في الجامعة، ما سمح له بالتواصل مع قادة شيوعيين من مختلف أنحاء العالم، ثم عاد إلى فيتنام في نوفمبر/تشرين الثاني 1929 وكان من بين من وضعوا الأسس الأيديولوجية والتنظيمية للحزب، وانتخب أمينا عاما له في أكتوبر/تشرين الأول 1930. وبعد فترة قصيرة من توليه المنصب اعتقلته السلطات الفرنسية في أبريل/نيسان 1931، وتوفي في سجن سايغون يوم 6 سبتمبر/أيلول 1931 عن عمر لم يتجاوز 27 عاما بعد تعرضه للتعذيب. ولد ترونغ تشينه يوم 9 فبراير/شباط 1907 في مقاطعة نام دينه، وتلقى تعليمه المبكر في مدارس استعمارية فرنسية مثل ثانه تشونغ، حيث تأثر بالفكر الفلسفي الفرنسي وخاصة أفكار الفيلسوفين جان جاك روسو و شارل مونتسكيو. انخرط في الحركة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي في عام 1925، وشارك في تنظيم احتجاجات ضد الاحتلال في 1928، ثم انضم إلى الحركة الطلابية الثورية في تون كين. كان تشينه أحد المؤسسين البارزين للحزب الشيوعي الفيتنامي، وفي 1940 شغل منصب أمينه العام. هو شي منه وُلد يوم 19 مايو/أيار 1890، بقرية كيم ليين التابعة لبلدية نام ليين (أصبحت تُعرف بـ"كيم ليين")، بمحافظة ني آن شمالي البلاد. عُرف في طفولته باسم "نغوين سينه كونغ"، ثم اتخذ لاحقا أثناء مسيرته الدراسية اسم "نغوين تات ثانه"، قبل أن يعرف باسم "نغوين آي كووك" في سنوات نضاله الثوري. نشأ في أسرة تجمع بين عمق الثقافة الريفية والتزامها الوطني؛ فوالده عالم في الأدب الكلاسيكي الصيني، بينما كانت والدته مزارعة، وكان شقيقه وشقيقته من أوائل المنخرطين في مقاومة الاستعمار الفرنسي. تلقى تعليمه الثانوي في مدينة هوي، ثم تولى إدارة مدرسة محلية في فان ثيت، قبل أن يتابع تكوينه الفني في معهد تقني بمدينة سايغون. وفي الفترة بين عامي 1934 و1938، التحق بمعهد الأبحاث في المشاكل الوطنية والاستعمارية في موسكو (الاتحاد السوفياتي)، وهناك تلقى تكوينا أكاديميا عميقا في قضايا التحرر الوطني والثورة الاجتماعية، واستمر في متابعة الحركة الثورية الفيتنامية وتوجيهها. أقام في لندن، ثم انتقل إلى فرنسا، وتقلب بين مهن مختلفة، إذ عمل بستانيا وعامل نظافة ونادلا وطباخا. ونشط مع التيار الشيوعي والاشتراكي، وساهم في الحركة الثورية في فيتنام. وفي عام 1925 أسس جمعية الشباب الثوري الفيتنامي، وأشرف على تنظيم دورات تدريبية للكادر الثوري، وشارك في تأسيس "رابطة شعوب آسيا المضطهدة" التي هدفت إلى توحيد حركات التحرر ضد القوى الاستعمارية. في الفترة بين يوليو/تموز 1928 ونوفمبر/تشرين الثاني 1929، عمل في قيادة الحركة الوطنية الفيتنامية في الخارج. وترأس اجتماع تأسيس "الحزب الشيوعي الفيتنامي" في كولون (هونغ كونغ) في الثالث من فبراير/شباط 1930، وصاغ البرنامج السياسي والنظام الأساسي للحزب وأطلق نداء توحيد النضال الوطني. شارك في طرد الاستعمار الفرنسي وتأسيس جمهورية فيتنام الديمقراطية في أربعينيات القرن العشرين، وشغل منصب رئيس البلاد وكذا رئيس الوزراء، وتوفي في الثاني من سبتمبر/أيلول 1969 في هانوي. ولد لي دوان في 7 أبريل/نيسان 1907 في مقاطعة كوانغ تري بفيتنام، نشأ في عائلة محدودة الدخل وواجه تحديات معيشية كبيرة ما دفعه إلى العمل في محطة للسكك الحديدية، حيث تعرف على ناشطين شيوعيين. بدأ نشاطه الثوري مبكرا وأصبح عضوا في رابطة الشباب الثوري الفيتنامي عام 1928، ثم شارك في تأسيس "حزب العمال الهندوصيني" الذي أصبح لاحقا الحزب الشيوعي الفيتنامي عام 1930. اعتقل مرتين بسبب نشاطاته الثورية، وأفرج عنه بعد ثورة أغسطس 1945، وفي سبتمبر/أيلول 1960 أصبح السكرتير الأول للحزب الشيوعي الفيتنامي، ثم تولى فعليا قيادة فيتنام الشمالية في 1969، وحكم البلاد بعد هو شي منه حتى وفاته عام 1986. فام فان دونغ ولد فام فان دونغ في 1 مارس/آذار 1906 في مقاطعة كوانغ نغاي وسط فيتنام، وتلقى تعليمه في المدارس الفرنسية الاستعمارية، وتأثر بالفكر الاشتراكي والمبادئ الماركسية. إعلان انطلقت حياته السياسية مبكرا، إذ شارك في الأنشطة الثورية ضد الاستعمار الفرنسي، ثم انضم في 1930 للحزب الشيوعي الهندوصيني، وكان من المقربين لهو شي منه. بعد ثورة أغسطس 1945، أصبح عضوا في الحكومة المؤقتة، وتقلد مناصب عديدة منها رئيس وزراء فيتنام الديمقراطية من عام 1955 حتى 1976، ورئيس وزراء فيتنام الموحدة من 1976 حتى تقاعده عام 1987، توفي في هانوي عام 2000. نغوين فو ترونغ ولد في 14 أبريل/نسيان 1944 في مقاطعة نام دينه شمالي فيتنام، درس الأدب والفلسفة وحصل على الماجستير من جامعة هانوي. انضم إلى الحزب الشيوعي الفيتنامي في 1967، ثم بدأ بعد ذلك مسيرته في الإعلام وتدرج في المناصب الحزبية، إذ شغل عضوية المكتب السياسي للحزب في 1994 ثم عين أمينا عاما له في 2011، وركز في فترة قيادته على محاربة الفساد وتوفي في 21 سبتمبر/أيلول 2024. أبرز المحطات حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي 1930ـ1945 قاد الحزب الشيوعي الفيتنامي الحركة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي ونظم مظاهرات واحتجاجات في كبرى المدن ومن بينها هانوي. وفي أغسطس/آب 1945 اندلعت ثورة أغسطس/آب، وتجمع مئات الآلاف من الفيتناميين في الشوارع وطالبوا بالحرية والاستقلال. وأعلن قائد الحزب هو تشي منه استقلال فيتنام في 2 سبتمبر/أيلول 1945 في ساحة باودين بهانوي، وقد شكلت هذه الثورة نقطة تحول مهمة. ورغم نجاح الثورة فإن فرنسا رفضت الاعتراف بالهزيمة أمام فيتنام، مما أدى إلى نشوب حرب الاستقلال في 1946. وبعد 8 سنوات من الصراع توصل الطرفان إلى اتفاقية جنيف، التي أنهت الوجود الفرنسي وقسمت فيتنام إلى قسمين: شمال شيوعي بقيادة هو شي منه مدعوم من الاتحاد السوفياتي ، وجنوب برئاسة نغو دينه ديم مدعوم من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين. وفي 7 مايو/أيار 1954 انتهت الحرب بانتصار الحزب الشيوعي وانسحاب الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو. إعلان تصاعدت التوترات بين فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية بعد الانقسام، وشن الحزب الشيوعي حربا شاملة ضد حكومة الجنوب وتصاعد النزاع إلى أن تدخلت الولايات المتحدة عسكريا عام 1965. انتهت الحرب في 1975 بسقوط سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية وانتصار الشيوعيين وتوحيد البلاد تحت حكم الحزب الشيوعي الفيتنامي. الحرب ضد كمبوديا ولاوس 1978ـ1989 بعد نهاية حرب فيتنام، دخل الحزب الشيوعي الفيتنامي في حرب ضد حركة الخمير الحمر في كمبوديا عام 1978، بسبب الأيديولوجية التي تبنتها الحركة بقيادة بول بوت، والتي شكلت تهديدا على أمن المنطقة. حرب الحدود مع الصين 1979 نشبت حرب قصيرة بين فيتنام والصين بسبب النزاعات الحدودية والمواقف السياسية المتباينة، واستاءت الصين من الدور الفيتنامي في الإطاحة بحركة الخمير الحمر في كمبوديا، وكذلك من علاقاتها القوية مع الاتحاد السوفياتي. انتهت الحرب بعد بضعة أسابيع، ولكنها كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى قوة الحزب الشيوعي الفيتنامي وقدرته على الصمود في وجه الضغوط الخارجية. موقفه من القضية الفلسطينية أبدى الحزب الشيوعي الفيتنامي منذ عقود مساندته للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بما في ذلك إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس. وتجسد ذلك في تصريحات كبار المسؤولين في الحكومة الفيتنامية ومواقفهم السياسية الثابتة ودعمهم المادي وتعاونهم مع منظمات وهيئات عالمية من بينها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). أقام الحزب الشيوعي الفيتنامي في 1968 علاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدا دعمه لكفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. في عام 1976 افتتحت المنظمة مكتبا في هانوي، وفي 1982 حولته فيتنام إلى سفارة لدولة فلسطين. وقدمت الحكومة الفيتنامية مساعدات لفلسطين عام 1995 بقيمة 314 ألف دولار أميركي، تمثلت في ألفي زي لأفراد الشرطة وألف طن من الأرز. إعلان وفي مارس/آذار عام 2000 استضافت فيتنام مؤتمر الأمم المتحدة الإقليمي حول فلسطين، وأعلنت الحكومة الفيتنامية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تبرعها بمبلغ 500 ألف دولار أميركي لأونروا. وأكد نائب وزير الخارجية الفيتنامي داو فيت ترونغ في مؤتمر وزاري بإندونيسيا يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 قدمت فيتنام مساعدات مالية سنوية بقيمة 120 ألف دولار أميركي لدولة فلسطين، وخصصت منحا دراسية لطلاب فلسطينيين لدراسة اللغة الفيتنامية. كذلك بعث الرئيس الفيتنامي لوونغ كوونغ رسالة تضامن إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمناسبة "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عبر فيها عن قلقه إزاء الوضع المتوتر في قطاع غزة.

الفن يوثق الإبادة الجماعية في كمبوديا
الفن يوثق الإبادة الجماعية في كمبوديا

الشرق السعودية

time١٦-٠٢-٢٠٢٥

  • الشرق السعودية

الفن يوثق الإبادة الجماعية في كمبوديا

"نشكر الحياة، نحن ما زلنا أحياء".. صرخت سائحة سويسرية، ثم أجهشت بالبكاء، أثناء وقوفها أمام موقع يضمّ قبوراً بيضاء في كمبوديا، حيث دُفنت آخر دفعة من الضحايا، وعددهم 14 شخصاً، في مركز التعذيب "تول سلينغ". لاحقاً أصبح المركز متحفاً للإبادة الجماعية في العاصمة الكمبودية فنوم بن، إثر سقوط نظام "الخمير الحمر"، بقيادة بول بوت (1975-1979)، من قِبل القوات الشعبية الفيتنامية التي "حرّرت" كمبوديا. ترمز هذه القبور إلى ضحايا الجرائم المرتكبة، ويشكّل المتحف رمزاً للذاكرة الوطنية، وهو موقع مهم للباحثين وللناجين من الإبادة وللزوّار أيضاً، الذين يسعون لفهم واحدة من أفظع الجرائم الإنسانية في القرن العشرين. كان المتحف عبارة عن مدرسة ثانوية، أصبحت سجناً ومركز استجواب وإبادة، من قِبل جماعة "الخمير الحمر" اليسارية المتطرّفة، المدعومة من نظام الصين الشعبية حينذاك، بما يسمّى"الماويون"، إشارة إلى زعيم الصين الشعبية ماو تسي تونغ. تقع المدرسة وسط العاصمة فنوم بن، وتتكوّن من ثلاثة طوابق، وتحتوي على 20 زنزانة، فضلاً عن أدلة تاريخية، تُوثّق جرائم التعذيب والتصفية. تذكر لافتة تعريفية أمام المتحف: "أحدث تقدير لعدد الضحايا في المعتقل هو 18,063، من بينهم 12 شخصاً (8 بالغين و 4 أطفال) نجوا". تمّ استخدام المدرسة زنازين فردية في الطابقين الأرضي والأوّل، أما الثاني، فكان عبارة عن غرف صغيرة لزنازين جماعية. تضمّ الغرف كلها أسماء الضحايا، كما تشتمل على صور بعضهم، وأدوات التعذيب ونماذج من خراطيش الرصاص، فضلاً عن أسرّة حديدية، كانت تُستخدم لتقييد المعتقلين في أثناء استجوابهم أو تعذيبهم، بما يشي بالظروف القاسية التي كان يعاني منها السجناء. الفن والجرائم هناك معرض تشكيلي دائم في الطابق الثالث، من لوحات جرافيكية وتشكيلية، تصوّر عمليات إعدام الضحايا، فضلاً عن أدوات الزراعة المستعملة من قِبل نظام بول بوت، في تطبيق خطته بترييف البلاد، وتحويلها إلى مزرعة كبيرة، بما يذكّر بنظام "الكولخوزات" السوفييتي (التعاونيات الزراعية). قام نظام "الخمير الحمر"، فور استلام السلطة عام 1975، بتهجير سكان المدن إلى الأرياف لتحقيق ذلك، مستخدماً نظام السخرة، الذي لم ينج منه حتى الأطفال، الذين نرى صورهم في المتحف، وهم يرتدون زيّ العمل الشعبي وأدوات الزراعة. أجبر النظام الشعب الكمبودي على العمل في مشروعات زراعية وصناعية قاسية، في ظروف لا إنسانية، ما أدى إلى موت الملايين نتيجة الجوع والإرهاق، وسوء المعاملة. 2 مليون ضحية يحتفظ المتحف بخرائط تهجير من المدن الكبرى والمناطق الحضرية الرئيسة إلى الأرياف، وتمّ التهجير الأوّل للسكان من المراكز الحضرية والمدن الكبرى، في 17 أبريل 1975. كان هذا جزءاً من سياسة نظام "الخمير الحمر"، لتحويل البلاد إلى مجتمع زراعي شيوعي مكتفي ذاتياً، ما أدى إلى كارثة إنسانية تمثّلت بوفاة ملايين الأشخاص بسبب الجوع، العمل القسري، والإعدامات الجماعية (2 مليون ضحية بحسب نشرة المتحف). ذاكرة العالم أدرجت منظمة الأمم المتحدة "اليونسكو" أرشيف المتحف في برنامجها "سجل ذاكرة العالم"، ما يشير إلى الاعتراف الدولي بأهميته كجزء من التراث الوثائقي العالمي، تخليداً لذكرى الفظائع التي وقعت خلال حُكم نظام "الخمير الحمر". استطاعت الحكومة الكمبودية بفضل المساعدات الدولية المالية والتقنية، جمع الصور والوثائق ووسائل التعذيب والإبادة، وإقامة متحف وتقديمه باعتباره شاهداً تاريخياً على أكبر وأفظع أنظمة الإبادة الجماعية في العصر الحديث، (لا يضاهيه سوى الإبادة الجماعية المُنظّمة في العراق، حيث ملايين ضحايا القتل والتعذيب والحروب، وسجون صيدنايا وتدمر في سوريا). ولكن، بالرغم من الدعم، لا يزال المتحف يعاني من الضعف التقني في وسائل العرض الحديث، علاوة على شحّ المعلومات الأرشيفية، في ما يتعلق بقصص الضحايا وحياتهم الشخصية ومذكراتهم. تشير لافتة في المتحف إلى أنه "حتى هذا اليوم، لا يَعرف المتحف بدقّة، كم عدد الغرف التي تمّ التقاط هذه الصورة فيها، البحث لا يزال جارياً"، أي هناك تفاصيل لا تزال غير معروفة بالكامل عن جرائم تلك الحقبة المظلمة من تاريخ كمبوديا. يسأل الزائر غالباً، أين جهود الدولة في البحث والتوثيق، بعد مضي أربعين عاماً على سقوط نظام "الخمير الحمر"، كذلك أين جهود الدولة العراقية الراهنة في توثيق أفظع إبادة إنسانية، والجهود العربية عامة في توثيق جرائم الإبادة في فلسطين وسوريا وليبيا وغيرها. يضمّ المتحف آلاف الصور، وقسماً خاصاً لعرض الجماجم، ولكن هذا لا يعتبر كافياً مقارنة بالأهوال والفظائع المرتكبة، فضلاً عن بساطة العرض التقني والجمالي، إذ ليس هناك شاشات للتوثيق إلا نادراً، أو تكوينات حديثة ومعاصرة، تلافياً لنمطية العرض، ووجوب تقديم المعلومات على شكل صور بصرية، ستبقى في ذهن الزائر طويلاً، كما هي صورة النصب الرائع في ساحة المتحف وكتب عليه: "كي لا ننسى جرائم الإبادة لنظام بول بوت". تزخر العاصمة فنوم بن بالنُصب التذكارية الجميلة في الساحات العامّة، وهي عبارة عن متحف فني ثابت، يصادفه الزائر في كل مكان، مثل نصب "الاستقلال "و"الدستور"، نصب "الصداقة الكمبودية الفيتنامية"، والنصب البوذية بتفاصيلها الدقيقة المُذهّبة. ملاعب الأطفال ساحات للإعدام حوّل نظام الخمير الحمر، ملاعب المدرسة إلى ساحات للإعدام. ووصف أحد الطلاب مدرسته قائلاً: "كنا نلعب كرة الطائرة، ونتسلّق الحبال هنا، وكان هناك صالة رياضية. أتذكّر هذا المكان القديم جيداً". يضيف: "خلال فترة ما يسمّى "كمبوديا الديمقراطية"، استخدم "الخمير الحمر" موقع المدرسة كمركز احتجاز، وحوّلوا أعمدة الرياضة إلى أدوات تعذيب. الفنان الكمبودي فان ناث، الذي كان محتجزاً في "S-21" أدلى بشهادته، عن سبب رسم لوحته أمام محكمة "الخمير الحمر" قائلاً: "رسمت لوحتي بناءً على ما رأيته بوضوح"، وعليه، تمّت إدانة هذا الفنان ودفن حياً في جرّة فخارية في ساحة المدرسة. قواعد الاستجواب تشير لوحة توثيقية كُتبت باليد، إلى النظام الصارم في ترهيب السجناء، بداية من أخذ صورة لهم، إذ يُعلّق رقم على صدره، فيصبح مجرد رقم. وتنص قوانين المعتقل على التالي: "يجب عليك الإجابة على أسئلتي وفقاً لما أطلبه، لا تتهرّب منها، لا تحاول إخفاء الحقائق بتقديم الأعذار عن هذا أو ذاك. يُمنع معارضتي تماماً". كذلك "لا تبكِ، أو تصرخ، عند الجَلد أو الصعق الكهربائي، لا تفعل شيئاً، اجلس بهدوء وانتظر أوامري. لا تتظاهر بالجهل، لأنك شخص يحاول عرقلة الثورة، إذا لم تكن هناك أوامر، التزم الصمت، وعندما أطلب منكَ فعل شيء، يجب عليك القيام به فوراً دون احتجاج". معرض صور الضحايا توجد صور كثيرة جداً للضحايا، نساء، أطفال، شيوخ، كأن الحياة غادرتهم من دون مبالاة؛ تحوّلت بعض الصور إلى جماجم في واجهة عرض زجاجية. حقاً، نشكر الحياة لأننا أحياء. لا يستطيع الزائر سوى أن يفتح عينيه، لكي يرى ويوثّق، ليحافظ على حقوق الآخر في الحياة الكريمة، يقول الشاعر التشيلي، بابلوا نيرودا: "لتلمس جفوني كلّ هذه … حتى تعرفها، حتى تتجرّح، وليحتفظ دمي بنكهة الظل الذي، لا يستطيع السماح بالنسيان". ذلك، ما تقوله صور آلاف الضحايا أيضاً، من بينها صورة امرأة شابة تحتضن طفلها نائماً بين يديها، ورقم السجن مُعلّقاً على صدرها. أي قوّة وبسالة بريئة في نظرتها، وأي نوم عميق لطفلها، مستقبل كمبوديا؛ العدالة آتية لا ريب، ولكنها ويا للأسف تأتي ناقصة دائماً. تنبغي الإشارة، إلى وجود "ساحة القتل" في العاصمة فنوم بن، في مكان بعيد عن المتحف، وهي مكان للتصفية ويضمّ المقابر الجماعية. سجل الزيارات لم يكتف الزوّار بالمشاهدة، بل دوّنوا تعاطفهم وتضامنهم، كما يقول فرويد "التعاطف هو أعظم وأقدم صفة بشرية". لم تتمكّن العدالة من محاكمة المجرم بول بوت، إذ التجأ إلى الأرياف، وقُتل بظروف غامضة، بعد انشقاق حركته. أسهم متحف الإبادة الجماعية في توفير الوثائق للمحاكم، بما في ذلك الاعترافات، والسِير الذاتية الموجزة، وقوائم السجناء 18,063، في قضية محاكمة دوتش، الرئيس السابق لسجن S-21. في 3 فبراير 2012، حكمت المحكمة العليا الكمبودية الخاصة (ECCC) على دوتش بالسجن مدى الحياة بتهم جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. تجب الإشارة إلى أن الوضع السياسي في كمبوديا كان معقدّاً جداً، وتحالف فيه الأعضاء التقليديون في ما بينهم، الصين مع أميركاً مثلاً، إذ دأبت مجموعات "الخمير الحمر" والمليشيات المدعومة من قِبل الصين والولايات المتحدة، بالقتال ضد الحكومة الفيتنامية والكمبودية الجديدة. استمرت هذه الحروب حتى أواخر الثمانينات. هكذا، تصارعت أربعة أنظمة شيوعية في ما بينها، وكان الإنسان هو الضحية؛ فلم تعترف أميركا وبعض الدول الغربية بحكومة "جبهة التحرير الوطني الكمبودي"، واعتبرت موالية لفيتنام والاتحاد السوفييتي يومذاك. بعد الإطاحة بالخمير الحمر عام 1979، تمّت استعادة الملكية في كمبوديا، وعاد الملك نورودوم سيهانوك إلى العرش بعد فترة من الانقطاع، ليصبح ملكاً مرّة أخرى. ساعدت اتفاقية باريس للسلام 1991، في إنهاء سنوات من الحرب الأهلية والصراع الطويل، بمشاركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، التي نظّمت انتخابات حرّة عام 1993، بقيادة الأمير نورودوم سيهاموني. كمبوديا الجديدة الجدير ذكره، أن كمبوديا لم تحقّق نهضتها المأمولة، مقارنة بفيتنام مثلاً، الخارجة هي الأخرى من حرب مدمّرة، اشتهرت في التاريخ المعاصر، فها هم أطفال كمبوديا، الذين تم استغلالهم من قِبل نظام بول بوت الفاشي، في أسوأ حالات الفقر والعمل القسري في المزارع والمصانع، وتشتهر كمبوديا بعمالة الأطفال، على الرغم من تحريم قوانينها لذلك. في المقابل، تخضع البلاد تحت تأثير الاستثمارات الصينية الهائلة، ضمن مشروع "الحزام والطريق"، ما يثير مخاوف المواطن الكمبودي، من العجز من سداد الديون في المستقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store