logo
#

أحدث الأخبار مع #الداعيالحكيم

ولا تلبسوا الحقّ بالباطل!!
ولا تلبسوا الحقّ بالباطل!!

الخبر

timeمنذ 10 ساعات

  • منوعات
  • الخبر

ولا تلبسوا الحقّ بالباطل!!

إن معرفة الحق من أعظم الفضائل والنعم التي يسعى لها الإنسان، ومثلها في العظمة التمسك بالحق والاستماتة في نصرته والدفاع عنه، والذي لا يعرف الحق يعيش في ضلال وتذهب حياته في باطل، كما أن من عرف الحق وكتمه وخالفه وخذله وخذل أهله هو حتما من الأخسرين أعمالا {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}. وفي الدعاء المأثور 'اللهم أرنا الحق حقا وألهمنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وألهمنا اجتنابه'، وهو دعاء حكيم، إذ لم يكتف بالتضرع إلى الله أن يريه الحق، بل أن يريه الحق حقا والباطل باطلا؛ لأن أشد الفتن تكون عند التباس الحق بالباطل، فيرى بعض الناس أو يصورون الحق باطلا أو الباطل حقا، وقد يتداخل الباطل مع قليل من الحق فيرونه حقا أو يشوب الحق شيء من الباطل فيحسبونه باطلا، وهذا أعظم مداخل شياطين الإنس والجن لإضلال الناس. ثم زاد الداعي الحكيم بأن سأل الله أن يلهمه اتباع الحق بعد معرفته واجتناب الباطل بعد العلم به، ذلك أنه لا فائدة من معرفة الحق والباطل والعلم بهما إذا لم تؤد تلك المعرفة إلى سلوك سبيل الحق وتنكّب طريق الباطل، بل إن من يعرف الحق ولا يتبعه ويعرف الباطل ولا يجتنبه قد جنى على نفسه، وكانت تلك المعرفة حجة عليه! وهو أسوأ حالا ممن لا يعرف الحق أصلا. وللأسف أننا في زمن غلب عليه الباطل، وضعف فيه أهل الحق، وشاع فيه التدليس والتلبيس، ووجد فيه من يستغل الحق لنصرة الباطل، ومن يستغل الدين لتسويغ المعاصي، ومن يحمل لافتة السلام وهو مِسْعَر حرب، ومن يرفع شعار الشرف ليمرر مشاريع الخيانة!! والأسوأ أن يكثر فيه من أكرمه الله بشيء من العلم بشرع الله تعالى ودينه، فصار يُذكر به ويُذكر في أهله، فيسخر علمه للتدليس على الناس، وتلبيس الحق بالباطل خدمة لنفسه أو خدمة لأسياده!! مع أنه بلا ريب يحفظ قول الله تعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}. إن قضية تلبيس الحق بالباطل والتدليس على الخلق قضية جوهرية مصيرية في حياة الإنسان؛ ولهذا نبّه عليها القرآن العظيم باللفظ الصريح. ومن المهم أن نعلم أن القرآن الكريم حين يتكلم على ظاهرة إنسانية ما فهو يتكلم على نماذج تتكرر في واقع الناس وحياتهم على مر الدهور وفي مختلف العصور، وهو حين يستفيض في وصف انحراف بني إسرائيل عن الصراط المستقيم، والتواءاتهم وحيلهم وخبثهم في التعامل مع دين الله تعالى ورسله، فهو يحدثنا عن ظواهر لا تخلو منها أمة من الأمم ولا أصحاب دين من الأديان، لا جرم أن وُجد في المسلمين وفي علمائهم من يعمل عمل اليهود ويسير على طريقتهم المنحرفة الضالة، وفي الحديث الشهير: «لتتبعُنَّ سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم». قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟!» رواه البخاري. وقد تبع -للأسف الشديد- بعض علماء المسلمين وبعض أدعياء العلم منهم سنن من قبلنا ودلّسوا ولبّسوا الحق بالباطل وكتموا الحق وهم يعلمون! بقصد بلبلة الأفكار في المجتمع المسلم، وإشاعة الشك والاضطراب فيه خدمة (لأجندات) داخلية أو خارجية!، قال الإمام الأستاذ الطاهر بن عاشور رحمه الله: 'فلبس الحق بالباطل ترويجا لباطل في صورة الحق.. وأكثر أنواع الضلال الذي أُدخل في الإسلام هو من قبيل لبس الحق بالباطل'. ثم لا شك أن انحرافات اليهود التي عرض لها القرآن العظيم كثيرة، لكن يبقى موقفهم من الحق من أعجب العجب!، حيث أنهم بعد أن أكرمهم الله تبارك وتعالى بتعريفهم الحق تمام المعرفة وقامت عليهم الحجة التامة في ذلك، صاروا أعدى أعداء الحق تحريفا وكتما وتلبيسا وتدليسا وتشويشا، قال لهم ولنا الله العليم الخبير: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}، وقد جمع الأمر الرباني النهي عن الطريقين الذين لا يضل شخص إلا عن طريقهما: تشويش الدلائل والبراهين عليه (تلبيس الحق بالباطل)، أو منعه من الوصول إلى الدلائل والبراهين (كتم الحق)، ذلك أن الإنسان لا يخلو من حالين: إما أن يكون قد سمع الحق أو لا يكون قد سمعه، 'فإن كان قد سمع دلائل الحق فإضلاله لا يمكن إلا بتشويش تلك الدلائل عليه، وإن كان ما سمعها فإضلاله إنما يمكن بإخفاء تلك الدلائل عنه ومنعه من الوصول إليها'. وفي آية أخرى قال الحق سبحانه: {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}. ومعلوم أنه لا يكتم الحق إلا من كان عالما به عارفا له، وإلا كيف يكتم ما لا يعرف ولا علم له به؟! وكذلك لا يلبس الحق بالباطل إلا من كان عالما بهما عارفا بحقيقتها، وإلا كيف يتسنى له الخلط بينهما ولبس هذا بذاك إن لم يكن عالما بهما؟!؛ ولهذا ختمت الآيتان بقوله عز شأنه: {وأنتم تعلمون}، فلا غَرْوَ أن كانت هذه المعصية الكبيرة الموبقة خاصة بالعلماء أكثر من غيرهم من عامة الناس!، وبعضهم ممن باع دينه بدنيا غيره هو من تولى كِبرها وأورى نارها وبثّ شرورها!. قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: '{ولا تلبسوا} أي: تخلطوا {الحق بالباطل وتكتموا الحق} فنهاهم عن شيئين، عن خلط الحق بالباطل، وكتمان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم، تمييز الحق، وإظهار الحق؛ ليهتدي بذلك المهتدون، ويرجع الضالون، وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصّل آياته وأوضح بيناته؛ ليميز الحق من الباطل، ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم، فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم. ومن لبّس الحق بالباطل، فلم يميز هذا من هذا، مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه، وأمر بإظهاره، فهو من دعاة جهنم؛ لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم، فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين'. إن وجود هذا الصنف من العلماء الذين يلبّسون الحق بالباطل ويكتمون الحق عن علم وعمد، يوجب على كل واحد منا الحذر والحيطة فلا يصدّق بكل ما يسمع ويرى، ولا يسلّم عقله لأي كان يُحشّيه بما شاء، ولو كان عالما يشار له بالبنان!، ولو كان يخطب من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم!. ولله در الإمام علي رضي الله تعالى عنه القائل: 'لا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف فأهله'. وإنه من لطائف أسرار القدر أن يكون النهي عن لبس الحق بالباطل جاء في القرآن الحكيم في سياق الحديث عن بني إسرائيل، وأن يقوم في هذه الحقبة مجموعة ممن يُنسبون إلى العلم يلبسون الحق بالباطل بإثارة الشبهات حول المجاهدين الأشاوس من القسام والجهاد وباقي فصائل المقاومة الباسلة نصرة لإخوانهم الصهاينة، فيعملون عمل بني إسرائيل ويتبعون سننهم، وتكون بذلك أوضح وأفضح صورة للبس الحق والباطل ذات صلة باليهود والصهاينة قديما وحديثا.. فتأمّل!!.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store