#أحدث الأخبار مع #الذائقة_الجماليةاليوم السابعمنذ 2 أياممنوعاتاليوم السابع"الذائقة" و"المبالغة".. ودموع الحبترتبط "الذائقة الجمالية"، فيما ترتبط، بسياقات متعددة، وبوظائف متنوعة، ومن هنا يمكن لهذه الذائقة أن تتغير، أو أن تتحول، من مجتمع لآخر، ومن عصر لآخر، وهناك ميراث ممتد، قطعته الإبداعات الإنسانية، منذ العصور المبكرة التي لم تكن فيها الوظيفة الجمالية منفصلة عن الوظيفة النفعية، أى منذ صنع الإنسان سكاكين وأوانى وأدوات أخرى جميلة ونافعة معا.. حتى هذا العصر الحديث الذي نعيش فيه. وخلال هذا التاريخ الطويل، تغير بعض القيم الجمالية، أحيانا ببطء وأحيانا بسرعة، كما تباينت هذه القيم من حيث مدى قدرتها على مقاومة الزمن والقدرة على البقاء (ومن هنا انبثقت، ثم تباينت، التصورات التي تفسر بقاء بعض الأعمال الإبداعية التي يقال إنها "أعمال خالدة"). في تاريخ لاحق للاقتران القديم بين "الجميل" و"النافع"، طرحت أفكار ورؤى كثيرة حول ضرورة، أو عدم ضرورة، الجمع بينهما، وكان من ذلك الأفكار التى تتصل بمقولات مثل: "الفن للفن"، أو الأفكار التي تركز على دور الأعمال الأدبية ووظيفتها دون اهتمام كبير بقيمتها الجمالية.. كما طرحت أفكار ورؤى كثيرة حول "التحولات" التي ارتبطت ببعض الجماليات وصلتها بعلاقات المجتمع، وبالذائقة التي تسود فيه. تأسيسا على هذا، يمكن ملاحظة تحولات كثيرة طرأت على الذائقة الجمالية في مسيرة الشعر العربي، على مستوى إبداعه وعلى مستوى تلقيه معا، وهي تحولات مشهودة وواضحة في جوانب كثيرة من جماليات هذا الشعر... ولكن يمكن أيضا ملاحظة بعض صياغات جمالية بعينها، ظلت ماثلة في هذا الشعر لفترات تاريخية طويلة. في هذه الوجهة الأخيرة، وعلى سبيل التمثيل، يمكن الإشارة إلى "تفصيلة" واحدة، جزئية ولكن دالة، تتمثل في قيمة "المبالغة" التي وضحت في تناولات متعددة من هذا الشعر، ومن بينها ما يتمثل في تعبيرات واحدة، متكررة لأزمنة متتالية، عن تجربة واحدة أو متقاربة: "دموع الحب": في العصر الجاهلى اقترنت دموع الحب بمبالغات واضحة، كما نعرف جميعا. كان هناك غياب المحبوبة الذي يستثير الألم، أو استدعاء تجارب الحب المنقضية التي تستدعي البكاء: (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)، أو (فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً/ عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي).. وفيما بعد العصر الجاهلي سالت دموع غزيرة جدا في تعبيرات لا حصر لها عن لوعة الحب وتجاربه التي تستدعي البكاء والدموع: ـ"والدمع للشوق متباع فما ذكرت/ إلا ترقرق دمع العين فانسكبا" ـ عمر ابن أبي ربيعة. ـ و" دَمعٌ جَرَى فَقَضى في الرَّبع ما وَجَبَا/ لأهلِهِ وَشَفَى أنَّى وَلا كَرَبا" ـ المتنبي. ـ و" بكيـنا دمـاً؛ حتى كأن عيــوننا/ لجرى الدمـوع الحمر منها جِراح" ـ المعتمد بن عباد". ـ و"ذهب البكاء بعبرتي/حتى بكيت على البكاء" ـ كشاجم. ـ و" أقِيما فروضَ الحُزنِ فالوَقتُ وقتها، لشّمسِ ضُحىً عِندَ الزَّوالِ نَدَبتُها/ ولا تَبخَلا عَني بإنفاقِ أدمُعٍ مُلوَّنة أكوى بها إنْ كَنزتُها"ـ ابن نباتة المصري"..إلخ.. وفي العصر الحديث، نسبيا، اتسعت حدود المبالغة في التعبير عن الدموع التي فاضت بغياب الأحبة: ـ وَمَا زَاد ماءُ النِّيِلِ إِلَّا لأَنَّنِي/ وَقَفْتُ بِهِ أَبْكِي فِرَاقَ الْحَبَائِبِ ـ محمود سامي البارودي.. .. اتصلت إذن واستمرت، لفترات طويلة، المبالغة للتعبير عن لوعة الحب التي تستثير الدموع في الشعر العربي. ولكن لعل الشعر اللاحق على ما كتبه البارودي (وشعره لم يبتعد كثيرا عن جماليات الميراث الشعري العربي القديم)، لم تعد دموع الحب تسيل بالقدر نفسه.. (أو هكذا أتصور!)، وإن ظلت الدموع تسيل غزيرة ومدرارة في كثير جدا من الأغاني العاطفية التي شاعت بأصوات كثيرات وكثيرين من المغنيات والمغنين.. (ونستطيع أن نستدعي الكثير منها بسهولة، دونما جهد كبير !).. يقودنا هذا، فيما يمكن أن يقودنا، إلى التساؤل، في مجالات الإبداع المتنوعة، حول ما يبقى في الذائقة الجمالية، عبر حركة الزمن، وما يتوارى منها وعنها.. كما يقودنا إلى التساؤل عن الدلالات والتفسيرات الممكنة لهذا البقاء أو لهذا التواري..
اليوم السابعمنذ 2 أياممنوعاتاليوم السابع"الذائقة" و"المبالغة".. ودموع الحبترتبط "الذائقة الجمالية"، فيما ترتبط، بسياقات متعددة، وبوظائف متنوعة، ومن هنا يمكن لهذه الذائقة أن تتغير، أو أن تتحول، من مجتمع لآخر، ومن عصر لآخر، وهناك ميراث ممتد، قطعته الإبداعات الإنسانية، منذ العصور المبكرة التي لم تكن فيها الوظيفة الجمالية منفصلة عن الوظيفة النفعية، أى منذ صنع الإنسان سكاكين وأوانى وأدوات أخرى جميلة ونافعة معا.. حتى هذا العصر الحديث الذي نعيش فيه. وخلال هذا التاريخ الطويل، تغير بعض القيم الجمالية، أحيانا ببطء وأحيانا بسرعة، كما تباينت هذه القيم من حيث مدى قدرتها على مقاومة الزمن والقدرة على البقاء (ومن هنا انبثقت، ثم تباينت، التصورات التي تفسر بقاء بعض الأعمال الإبداعية التي يقال إنها "أعمال خالدة"). في تاريخ لاحق للاقتران القديم بين "الجميل" و"النافع"، طرحت أفكار ورؤى كثيرة حول ضرورة، أو عدم ضرورة، الجمع بينهما، وكان من ذلك الأفكار التى تتصل بمقولات مثل: "الفن للفن"، أو الأفكار التي تركز على دور الأعمال الأدبية ووظيفتها دون اهتمام كبير بقيمتها الجمالية.. كما طرحت أفكار ورؤى كثيرة حول "التحولات" التي ارتبطت ببعض الجماليات وصلتها بعلاقات المجتمع، وبالذائقة التي تسود فيه. تأسيسا على هذا، يمكن ملاحظة تحولات كثيرة طرأت على الذائقة الجمالية في مسيرة الشعر العربي، على مستوى إبداعه وعلى مستوى تلقيه معا، وهي تحولات مشهودة وواضحة في جوانب كثيرة من جماليات هذا الشعر... ولكن يمكن أيضا ملاحظة بعض صياغات جمالية بعينها، ظلت ماثلة في هذا الشعر لفترات تاريخية طويلة. في هذه الوجهة الأخيرة، وعلى سبيل التمثيل، يمكن الإشارة إلى "تفصيلة" واحدة، جزئية ولكن دالة، تتمثل في قيمة "المبالغة" التي وضحت في تناولات متعددة من هذا الشعر، ومن بينها ما يتمثل في تعبيرات واحدة، متكررة لأزمنة متتالية، عن تجربة واحدة أو متقاربة: "دموع الحب": في العصر الجاهلى اقترنت دموع الحب بمبالغات واضحة، كما نعرف جميعا. كان هناك غياب المحبوبة الذي يستثير الألم، أو استدعاء تجارب الحب المنقضية التي تستدعي البكاء: (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)، أو (فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً/ عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي).. وفيما بعد العصر الجاهلي سالت دموع غزيرة جدا في تعبيرات لا حصر لها عن لوعة الحب وتجاربه التي تستدعي البكاء والدموع: ـ"والدمع للشوق متباع فما ذكرت/ إلا ترقرق دمع العين فانسكبا" ـ عمر ابن أبي ربيعة. ـ و" دَمعٌ جَرَى فَقَضى في الرَّبع ما وَجَبَا/ لأهلِهِ وَشَفَى أنَّى وَلا كَرَبا" ـ المتنبي. ـ و" بكيـنا دمـاً؛ حتى كأن عيــوننا/ لجرى الدمـوع الحمر منها جِراح" ـ المعتمد بن عباد". ـ و"ذهب البكاء بعبرتي/حتى بكيت على البكاء" ـ كشاجم. ـ و" أقِيما فروضَ الحُزنِ فالوَقتُ وقتها، لشّمسِ ضُحىً عِندَ الزَّوالِ نَدَبتُها/ ولا تَبخَلا عَني بإنفاقِ أدمُعٍ مُلوَّنة أكوى بها إنْ كَنزتُها"ـ ابن نباتة المصري"..إلخ.. وفي العصر الحديث، نسبيا، اتسعت حدود المبالغة في التعبير عن الدموع التي فاضت بغياب الأحبة: ـ وَمَا زَاد ماءُ النِّيِلِ إِلَّا لأَنَّنِي/ وَقَفْتُ بِهِ أَبْكِي فِرَاقَ الْحَبَائِبِ ـ محمود سامي البارودي.. .. اتصلت إذن واستمرت، لفترات طويلة، المبالغة للتعبير عن لوعة الحب التي تستثير الدموع في الشعر العربي. ولكن لعل الشعر اللاحق على ما كتبه البارودي (وشعره لم يبتعد كثيرا عن جماليات الميراث الشعري العربي القديم)، لم تعد دموع الحب تسيل بالقدر نفسه.. (أو هكذا أتصور!)، وإن ظلت الدموع تسيل غزيرة ومدرارة في كثير جدا من الأغاني العاطفية التي شاعت بأصوات كثيرات وكثيرين من المغنيات والمغنين.. (ونستطيع أن نستدعي الكثير منها بسهولة، دونما جهد كبير !).. يقودنا هذا، فيما يمكن أن يقودنا، إلى التساؤل، في مجالات الإبداع المتنوعة، حول ما يبقى في الذائقة الجمالية، عبر حركة الزمن، وما يتوارى منها وعنها.. كما يقودنا إلى التساؤل عن الدلالات والتفسيرات الممكنة لهذا البقاء أو لهذا التواري..