أحدث الأخبار مع #الطيبصالح


الشرق الأوسط
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
«الحب عربة مهترئة»... رواية تحاكم الماضي من منظور فلسفي
تتناول رواية «الحب عربة مهترئة»، الصادرة أخيراً عن دار «الشروق» بالقاهرة للكاتب الجزائري أحمد طيباوي، تجربة رجل استقر على سرير المرض في إحدى مصحات العلاج. ينطلق السرد من تلك المنطقة المفعمة بالهشاشة الإنسانية ليطرح تأملات إنسانية في الماضي والحاضر، المرض والصحة، الحياة والموت، من خلال قيام الراوي بما يمكن تسميته «كشف حسابه» للعديد من الجوانب التي لم ينتبه لها سابقاً في حياته، فضلاً عن الشخصيات التي عاش معها، في لحظة أقرب إلى جلسة محاكمة شاملة. عبر «لعبة التذكر» يستعيد الراوي علاقة شائكة مع الوالد ومع الزوجة التي هجرته، ويرسم تفاصيل علاقته بالفتاة الوحيدة التي أحبها أملاً في استردادها، كما يتأمل علاقته مع صديقه الوحيد. على هذه الخلفية، يرسم الراوي ثلاثة سيناريوهات متخيلاً الحياة بعد المرض حيث يتلاعب فيها بمصيره ومصير الشخصيات كافة تحت ضغط اللحظة الهشة التي يعيشها. «الحب عربة مهترئة» رواية عن جيل يسميه الكاتب «جيل الاختيارات المحدودة» الذي تسير حياته دائماً وفق الاختيار الوحيد المتاح وضمن «الحتمية» المفروضة عليه. يذكر أن أحمد طيباوي أكاديمي يحاضر في إدارة الأعمال، حصلت روايته «اختفاء السيد لا أحد» على جائزة «نجيب محفوظ» التي تقدمها الجامعة الأميركية، كما فازت روايته «موت ناعم» بجائزة «الطيب صالح» للإبداع الكتابي. ومن أجواء الرواية نقرأ: «كان مستواي لا بأس به في الرياضيات ولم أجد أي صعوبة في سبيل التخرج، رغم أنني أحببت الانتساب لكلية الآداب لولا حكمة الرجل الذي وُلدت ووجدته والدي، حكمة علوية لم أدركها أبداً. تخرجت وعملت أستاذاً في ثانوية بضاحية بائسة من ضواحي العاصمة، بيوت قصديرية وأطفال مشردون... يا له من مجد أراده لي! بدأت حياتي المهنية في حي ابن طلحة، الذي بالكاد تعافى أهله من ذكرى مجزرة فظيعة حدثت في التسعينات، وسمع بها العالم كله وكانت وقتها أقوى إثبات على أن الإنسان هو العدو الأكبر للإنسانية. في البداية حاولت أن أبقي على حماسي في التدريس، وحققت الرضا عن نفسي، وكان بعض تلاميذي نجباء وأسعدوني بنتائجهم ثم سنة بعد سنة انطفأ الحماس وأصابني فتور كبير. الروتين والتكرار واستغراق الأيام في عمل نسخ كربونية عن بعضها البعض، التلقين بدل الفهم وبناء العقول، الشهادة المضمونة للجميع بأوامر عليا والنجاح المزيف، الغش في الامتحانات وسلوك التلاميذ، زملائي الأساتذة وهم يتحدثون عن تأخر راتبهم الشهري، الناس في الشوارع والمقاهي، الحرارة والرطوبة، الذباب الذي يترك آثاره على الأشياء أو يحط على أنفي ليستريح، الاهتمام الغبي للجماهير بكرة القدم، كل شيء أصبح مصدر قلق ويصيبني بالضيق والكآبة. أنا من جيل الاختيارات المحدودة، بل إني حالة خاصة من بين أبناء ذلك الجيل حيث كانت حياتي تسير دائماً وفق الاختيار الوحيد المتاح وهو «الحتمية». لم يكن لتاريخي بدائل ضائعة. كل الآخرين الذين أعرفهم وحتى أولئك الذين لم ألتقِ بهم يوماً وحركوا حياتي من خلف الستار والمدعون أساتذتي وأصحابي، كلهم كانوا أنا، إلا أنا لم أكن نفسي يوماً. الآخرون هم جحيمنا الأبدي».

مصرس
١١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
حين رفض صنع الله إبراهيم جائزة ملتقى الرواية.. جدل لا ينتهى حول موقف المثقف من جوائز الدولة
تظل واحدة من أكثر مواقف الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إثارة للجدل، وهو عندما رفض تسلم جائزة ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى، عام 2003، في دورتها الثانية، والممنوحة من قبل المجلس الأعلى للثقافة بمصر، مبررا ذلك بسبب سياسات القمع والتطبيع وغياب العدالة الاجتماعية. وكان موقف صنع الله إبراهيم بمثابة بيان سياسي أكثر من كونه موقفا أدبيا، حيث وقف صنع الله على المنصة ليقول إن السلطة لا تمنح الشرعية للمثقفين، بل إن المثقف هو من يحاكم السلطة، وكان ذلك في أعقاب غزو العراق، وكان يريد الربط بين الداخل والخارج، وبين المثقف والضمير القومي.وقال حينها صنع الله إبراهيم في كلمة وزعها على المجتمعين "في هذه اللحظة التي نجتمع فيها هنا، تجتاح القوات الإسرائيلية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتقتل النساء الحوامل والأطفال وتشرد الآلاف وتنفذ بدقة منهجية واضحة إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، لكن العواصم العربية تستقبل زعماء إسرائيل بالأحضان، وعلى بعد خطوات من هنا يقيم السفير الإسرائيلي في طمأنينة، وعلى بعد خطوات أخرى يحتل السفير الأميركي حيا بأكمله بينما ينتشر جنوده في كل ركن من أركان الوطن الذي كان عربيا".وتذكر عدد من التقارير الصحفية فى ذلك التوقيت، أنه فور انسحاب صنع الله إبراهيم، توجه الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة آنذاك، إلى المنصة ليلقى كلمة قصيرة، واعتذر لأعضاء لجنة التحكيم، مشيدا بجهدهم كى ينتهوا إلى هذا "الاختيار الجيد"، ونقلت الصحف عن الوزير السابق: "هذه الجائزة لم تمنحها له الوزارة ولا الحكومة، وإنما منحتها لجنة من الأدباء العرب ترأسها الأديب السوداني الكبير الطيب صالح، وهى جائزة استحدثناها فى المجلس الأعلى للثقافة للرواية والشعر العربى".فيما روت بعد ذلك بسنوات الدكتورة سيزا قاسم على صفحتها قصة التصويت على الجائزة وكيف ذهبت فى النهاية إلى صنع الله إبراهيم قبل أن يرفضها: "منذ سنة 2003 وهناك موضوع يؤرقني وهو موضوع جائزة الرواية التي منحت لصنع الله ابراهيم في الواقع لم اعط صوتي لصنع الله ولكن اعطيته لإدور الخراط الذي اراه أعظم الروائيين المصريين، حاول الطيب صالح أن يحيدني عن تصويتي لكي تعطى الجائزة بالاجماع ولكنني لم اتفق معه في الرأي وأصررت على موقفي عند إعلان النتيجة، كذب الطيب واعلن ان التصويت كان بالاجماع، أهذا التصرف يدل على الاعتراف بالديمقراطية؟".وأضافت "قاسم": "تركت الموضوع بعد ذلك وعرف إدور وشكرني على مساندتي، أشعر بالندم أنني لم أعلن موقفي على الملأ و شعرت في هذا الوقت أن الاعلان لن يغير شيئا ولكن الآن اشعر أنني أخطأت، لأن الأعلان كان سيفضح الطيب ويضعه في موقف حرج" بهذه الكلمات فجرت الدكتورة والناقدة الادبية سيزا قاسم بعد 19 عاما قضية تناستها الذاكرة الثقافية المصرية والعربية؛ ألا وهى تدخل الطيب صالح رئيس لجنة تحكيم الدورة الثانية من ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى عام 2003 لإعطاء الجائزة الى الروائى اليسارى صنع الله إبراهيم بدلاً من إدوارد الخراط، وخيرى شلبى الذى صوت له فيصل دراج عضور اللجنة، وجمال الغيطانى الذى أنقسمت أصوات أعضاء لجنة تحكيم الجائزة نحوه".بعد ما أثارته الدكتورة سيزا قاسم على حسابها بموقع "فيس بوك"، علق الدكتور أحمد مجاهد على ما كشفته الدكتورة سيزا قاسم؛ قائلاً:" أشهد بأن هذا قد حدث وبأن حضرتك لم تغيرى رأيك، بل أشهد ولدي المستندات، بأن الدفة كانت تميل بالكامل ناحية إدوار، لولا تغيير الآراء لأسباب أعرفها ولن أتحدث عنها ..وكان فيصل دراج يرشح ويدافع عن خيرى شلبى، لكنه وافق فى النهاية على ما انتهت إليه الجماعة".


بوابة الأهرام
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- بوابة الأهرام
صدور العدد الجديد من مجلة «مصر المحروسة» الإلكترونية
مصطفى طاهر أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، اليوم الثلاثاء، العدد الإلكتروني الجديد (378) من المجلة الثقافية "مصر المحروسة" المعنية بالآداب والفنون. موضوعات مقترحة في مقال رئيس التحرير تكتب د. هويدا صالح "ملاحظات نقدية على كتاب قلق الجندر" الذي يشكل نقطة تحول في التفكير حول النوع الاجتماعي، وتدعو من خلاله المؤلفة جوديث بتلر إلى إعادة النظر في المفاهيم التقليدية للهوية. وترى "صالح" أن الكتاب على الرغم من أنه شكل نقطة تحول في الفكر النسوي، إلا أن أسلوبه اللغوي بحاجة إلى المراجعة من أجل وصول الأفكار إلى أكبر عدد من القراء. الحرف اليدوية والصناعات التقليدية وتتنوع أبواب وموضوعات المجلة الثقافية المقدمة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ففي باب "آثار" يكتب علي سرحان "الحرف اليدوية والصناعات التقليدية في مصر القديمة"، مشيرا إلى أن الدولة المصرية تمتلك إرثا تاريخيا من المنتجات الحرفية والإبداعية، فتعتبر الحرف اليدوية في مصر عنصر أساسي في الصناعات الوطنية، وتعد الورشة المكون الأساسي لهذه الحرف التي تضم أطياف مختلفة من فريق العمل: المعلم والصبية والصنايعية، والحرفيين، الذين ينفذون أعمالا وزخارف تعبر عن الروح المصرية الأصيلة. الصراع الفلسطيني والإسرائيلي وفي باب "ملفات وقضايا" يستكمل الدكتور حسن العاصي دراسته عن "الأيديولوجية الدينية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي"، ويطرح هذا الأسبوع مفهوم القومية للنقاش، باعتبارها مرجعا قويا للهوية وعنصرا فاعلا في تطور وتصاعد الصراع، خاصة القومية الدينية التي تتمثل في دمج الدين في السرد القومي، ما يمنحه شرعية أخلاقية، ويكرس فكرة قداسة الدولة القومية. ويضم عدد المجلة التابعة للإدارة المركزية للوسائط التكنولوجية، برئاسة د. إسلام زكي، عدة أبواب أخرى، منها باب "حوارات ومواجهات"، ويشمل هذا الأسبوع حوارا خاصا يجريه مصطفى عمار، مع المفكر والروائي الدكتور عمار علي حسن، الذي قدم سيرته الذاتية في كتاب "مكان وسط الزحام"، ويتطرق الحوار إلى أهم أعماله الأدبية التي تتنوع ما بين الروايات، المجموعات القصصية، والدواوين الشعرية وغيرها، علاوة على كتبه المقدمة في مجالات النقد الثقافي، والاجتماع السياسي، والتصوف، وترجمت إلى عدة لغات ونال عنها جوائز أبرزها: جائزة الدولة للتفوق، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، جائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية، وجائزة الطيب صالح في القصة القصيرة، وجائزة مؤسسة ساويرس عن كتاب "بصيرة حاضرة طه حسين من ست زوايا". وفي باب "مسرح" يقدم الناقد جمال الفيشاوي قراءة نقدية للعرض المسرحي "صديق العمر"، الذي قدمته فرقة الجيزة القومية على مسرح قصر ثقافة روض الفرج ضمن عروض فرق الأقاليم، العرض من إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتابة وإخراج محمد فاضل القباني، وقصته مستوحاة من نص مسرحية "الرجل الأحزن" للكاتب بيرج زيتونتسيان، وفيلم "الخلاص من شوشانك"، وتدور فكرته حول مفهوم الصداقة الحقيقية والعلاقات الإنسانية. وفي باب "كتب ومجلات" يستعرض عاطف عبد المجيد، كتاب "الخروج من الظل.. قراءة في القصة النسائية القصيرة في مصر" للمؤلف د. محمد السيد إسماعيل، ويتناول خلاله ما شهدته القصة القصيرة من تطور على مستوى تقنياتها الفنية، وخاصة القصة القصيرة النسائية التي شهدت طفرة واضحة في العقود الأخيرة، تمثلت في وفرة المادة وتنوع الاتجاهات الفنية والطرائق التقنية. أما في باب "خواطر وآراء" تواصل الكاتبة أمل زيادة رحلتها إلى "الكوكب التاني"، بطرح قضايا اجتماعية يومية تناقش فيها القارئ، كمحاولة لوضع حلول تساعد على الهروب من مأساوية الواقع.


إيطاليا تلغراف
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
مصادرة الكتب واندثار الصحف.. يا له من زمان!
إيطاليا تلغراف طلحة جبريل كنا نسمع في زمن مضى في بعض دول المنطقة الممتدة من الماء إلى الماء عن'مصادرة الصحف'. لم تعد هذه الظاهرة في بعض الدول، منها المغرب على سبيل المثال. هذا أمر إيجابي، لكن الثابت أن الصحف لا تُمنع بل تندثر. يبلغ عدد اليوميات الورقية في المغرب 17 يومية باللغتين العربية والفرنسية، جميعها توزع 15 ألف نسخة، أي بمعدل أقل من تسعمائة نسخة لكل صحيفة. قبل فترة اندثرت بعض الصحف اليومية، وعلى الرغم من ذلك لم يعبر أحد عن أسفه لذلك الاندثار. أتذكر جيداً عندما أُغلقت صحيفة 'إيفينينغ نيوز'البريطانية، كاد ذلك يؤدي إلى سقوط حكومة مارغريت تاتشر، وما أدراك ما تاتشر! حيث وُجهت لها انتقادات شديدة لأنها لم تتدخل لإنقاذ صحيفة عريقة من الإفلاس. ننتقل إلى موضوع آخر. في مناسبة 'المعرض الدولي للكتاب' الذي نُظم في الرباط واختُتم أمس الأحد، جرى تداول معلومة لست متيقناً منها بأنه مُنع عرض بعض الكتب في بعض الأروقة.لا أظن أن كاتباً يمكن أن يقبل فكرة منع كتاب، حتى ولو كان المنع بقرار قضائي. ننتقل إلى واقعتين فقط للتذكير. كان كتاب 'الخبز الحافي للصديق الراحل محمد شكري قد مُنع في الثمانينيات بقرار لم يعرف أحد من الذي أصدره، حتى انتقل الموضوع إلى البرلمان، وتبين وقتها أن الجهة التي منعت الكتاب هي 'وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية'. الواقعة الثانية كانت قرار منع تدريس رواية الطيب صالح 'موسم الهجرة إلى الشمال' في بداية التسعينيات في السودان، أي بلد الكاتب نفسه'.أجريت وقتها حواراً مع الطيب صالح، بعد ذلك القرار، ضمنته تقريراً بشأن الموضوع وبثته 'وكالة يونايتد بريس إنترناشونال' ( يو بي آي) التي كنت أدير مكتبها في الرباط. أقتطف لكم جزءاً منه:' 'عزا الكاتب والروائي السوداني الطيب صالح قرار الحكومة السودانية بمنع تداول روايته 'موسم الهجرة إلى الشمال' وحظر تدريسها في الجامعات، إلى أسباب سياسية، ووصف القرار بأنه 'بليد' لأنه يفترض أن الجامعات هي التي تختار ما يدرسه طلابها وليس الحكومات'.وأضاف: 'أنا حزين جداً على بلدي لأن هذا القرار يعكس مدى التخبط الذي يعيشه' وأضاف : صدر القرار عن حكومة لا تفهم قيمة الأدب، لأن رواية 'موسم الهجرة إلى الشمال' نُشرت عام 1966، وتُرجمت إلى 20 لغة، فكيف استيقظت الحكومة فجأة لتكتشف أنها رواية مُخلة بالآداب وتسخر من القيم السودانية'. إيطاليا تلغراف


المصري اليوم
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- المصري اليوم
السودان.. بين المجاعة واستعادة القصر!
ربما تُصبح استعادة الجيش السودانى السيطرة على القصر الجمهورى فى الخرطوم بداية النهاية للحرب الأهلية المشتعلة منذ عامين، لكن، وكما يتفق محللون عسكريون، هذا النهاية ليست على مرمى البصر، وقد تأخذ وقتا طويلا. وحتى يأتى النصر وتعود للسودان وحدته، من المهم أن نتذكر أن الضحية الأكبر لهذه الحرب هم المدنيون الذين يدعى الطرفان المتحاربان، سواء الجيش أو قوات الدعم السريع، أنهما يحاربان من أجلهم، بينما الواقع يقول إنهم يموتون قصفا أو جوعا بسببهما. البلد الوحيد فى العالم حاليا الذى تأكد فيه حدوث المجاعة هو السودان. فى دول ومناطق أخرى، هناك تحذيرات لكن الكارثة حلت بالفعل فى السودان. محاولات المجتمع المدنى لإنقاذ ملايين الناس من الموت جوعا تصطدم بعدم وجود ممرات آمنة للوصول إلى المناطق الموبوءة، وهى عديدة. المناشدات الدولية لا تلقى آذانا صاغية لدى الطرفين المتحاربين. نصف الشعب السودانى تقريبا، أى حوالى ٢٥ مليون نسمة، يعانون إما نقص الغذاء أو المجاعة. طبقا للأمم المتحدة، تضرب المجاعة ٥ مناطق هى مخيمات زمزم والسلام وأبوشوك للنازحين داخليا، وفى جبال النوبة الغربية، مع توقع أن تتأثر ٥ مواقع إضافية جميعها شمال دارفور خلال الفترة الحالية وحتى مايو المقبل بالمجاعة. وهناك خطر وجودها فى ١٧ منطقة أخرى. تجميد المعونات الأمريكية تسبب فى وقف عمل ٨٠٪ من إجمالى ألف مطعم طوارئ كانت شريان حياة لمئات آلاف الأشخاص. ترامب قطع هذا الشريان. هل هناك من يسارع لإنقاذ الوضع ويعوض وقف المساعدات الإنسانية الأمريكية. الجالية السودانية فى الخارج لا يملك أفراد كثيرون منها المال الذى يمكنهم أن يحولوه إلى مؤن غذائية وطبية وملابس لمساعدة بنى جلدتهم. منظمات الإغاثة والحكومات العربية مطالبة بسد النقص والإسهام بشكل أكبر فى إنقاذ أرواح السودانيين. المجاعة ليست محض خيال ولا مبالغة. الكاتب الأمريكى البارز نيكولاس كريستوف زار مخيمات للنازحين وشهد الأوضاع الكارثية بأم عينه، وعاد ليحذر من أن مجاعة السودان ستصبح الأسوأ فى التاريخ إذا لم يقدم العالم المساعدات. ستتجاوز فى وحشيتها، المجاعة المروعة التى نهشت إثيوبيا ١٩٨٤، وأودت بحياة ١٠ ملايين شخص. الروائى العبقرى السودانى الطيب صالح (١٩٢٩- ٢٠٠٩)، كتب مقالا قبل سنوات طويلة يقول فيه: «أنتمى إلى أمة مقهورة ودولة تافهة.. من الذى يبنى لك المستقبل، يا هداك الله، وأنت تذبح الخيل وتُبقى العربات وتُميت الأرض وتُحيى الآفات؟ هل حرائر السودان مازلن يتسولن فى شوارع الخرطوم؟ هل مازال أهل الجنوب ينزحون إلى الشمال، وأهل الشمال يهربون إلى أى بلد يقبلهم؟.. من أين جاء هؤلاء الناس؟، بل من هؤلاء الناس (قاصدا أهل الحكم)؟». ويا أديبنا الراحل الطيب حال السودان أضحى أسوأ بكثير مما سطرت بقلمكم المُبدع. أصبح الذبح للبشر والخيل والعربات. البلاد من شرقها إلى غربها ساحة معارك كبرى وقودها الشعب. لا أحد يفكر فى المستقبل، بل فى النجاة والفرار إلى الخارج. المجد الذى يطمح المتحاربون إلى تحقيقه يجرى بناؤه على أشلاء السودان والسودانيين.