logo
#

أحدث الأخبار مع #العلومالطبيعية

العلوم الطبيعية والإنسانية - توأمان في رحم الحضارة
العلوم الطبيعية والإنسانية - توأمان في رحم الحضارة

البلاد البحرينية

timeمنذ 17 ساعات

  • علوم
  • البلاد البحرينية

العلوم الطبيعية والإنسانية - توأمان في رحم الحضارة

يشهد الخطاب الأكاديمي المعاصر محاولات متكررة لرسم حدود فاصلة بين ما يُسمى بالعلوم الطبيعية (الفيزياء، الكيمياء، الأحياء) وما يُعرف بالعلوم الإنسانية (الفلسفة، التاريخ، الأدب، علم الاجتماع). غير أن هذا الفصل المصطنع يتجاهل حقيقة أساسية: أن العلاقة بين هذين المجالين علاقة جدلية عميقة (Dialectical Relationship)، تقوم على التأثير المتبادل والتكامل المستمر، ولا يمكن لأيٍ منهما أن يتطور بمعزل عن الآخر. إن محاولات الفصل بينهما تعكس نظرة اختزالية للمعرفة (Reductionist View of Knowledge) لا تستوعب تشابك مجالاتهما وتداخل أبعادهما في تفسير الوجود الإنساني والكوني. يقول إدغار موران، الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي: "المعرفة الحقيقية لا تنقسم إلى أقسام، بل هي منظومة تفكير معقدة تدرك الترابط بين الأشياء والظواهر." هذه الرؤية للمعرفة كنسيج متكامل تتعارض مع النزعة التجزيئية (Fragmentary Tendency) التي سادت الأوساط الأكاديمية لعقود طويلة. تتخصص العلوم الطبيعية في فهم قوانين الكون وتفسير الظواهر المادية من حولنا، مستندة إلى المنهج التجريبي (Empirical Method) والقياس الكمي (Quantitative Measurement) والرصد الدقيق. تقدم هذه العلوم للبشرية فهمًا عميقًا للعالم الطبيعي، وتسهم في تطوير التقنيات التي تُيسر حياتنا وتمد في أعمارنا، من الطب إلى الاتصالات إلى استكشاف الفضاء. غير أن هذه العلوم رغم دقتها وموضوعيتها، لا تستطيع وحدها أن تجيب عن الأسئلة المتعلقة بمعنى الحياة، أو القيم الأخلاقية(Ethical Values)، أو طبيعة الجمال، أو تعقيدات السلوك البشري والتفاعلات الاجتماعية. كما أنها تحتاج إلى إطار قيمي وأخلاقي يوجه تطبيقاتها ويضبط مسارها. لقد شهدنا في العقود الأخيرة كيف أن التطور المذهل في مجال التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية قد أثار قضايا أخلاقية عميقة تتعلق بحدود التدخل في الجينوم البشري، وحقوق الأجنة، وتعديل الصفات الوراثية. هذه القضايا لا يمكن للعالِم الطبيعي وحده البت فيها، بل تحتاج إلى حوار مجتمعي واسع يشارك فيه الفلاسفة ورجال الدين وعلماء الاجتماع والقانونيون. كما يقول الفيزيائي النمساوي إرفين شرودنغر في كتابه الطبيعة والإغريق: "العلم جزء من محاولتنا لفهم العالم وأنفسنا، لكنه لا يستطيع إخبارنا بما ينبغي علينا فعله، بل بما يمكننا فعله فقط." في المقابل، تتعامل العلوم الإنسانية مع الإنسان كذات مفكرة وشاعرة، وتدرس منتجاته الثقافية والفكرية والفنية، وتحاول فهم السلوك البشري في سياقاته المتنوعة. تقدم هذه العلوم للبشرية أدوات للتفكير النقدي والتأمل العميق والتعبير الإبداعي، وتساعد في بناء الهويات الثقافية وتشكيل المنظومات القيمية والأخلاقية. لكن هذه العلوم أيضًا لا يمكنها الاستغناء عن المعطيات التي تقدمها العلوم الطبيعية، خاصة في مجالات مثل علم النفس المعرفي أو الأنثروبولوجيا أو دراسة تطور اللغات. كما أنها تستفيد من التقنيات المتطورة في دراسة التراث وتحليل النصوص والأعمال الفنية. يمكننا أن نرى هذا التكامل بوضوح في علوم الآثار المعاصرة، حيث يستخدم الأثريون أحدث التقنيات العلمية مثل التأريخ بالكربون المشع، والتصوير المقــطعي، والتحليل الطيــفي، واختبارات الحمـــض النـــــــووي لدراسة المواقع الأثرية والقطع التاريخية. هذه الأدوات العلمية تمكّن المؤرخين من إعادة بناء صورة أكثر دقة للحضارات القديمة وفهم تطورها الاجتماعي والثقافي. يرى الفيلسوف الألماني هانز يوناس بأن "التكنولوجيا الحديثة تقود البشرية لعواقب بعيدة المدى تتطلب أطرا أخلاقية جديدة". تتجلى العلاقة الجدلية بين العلوم الطبيعية والإنسانية في العديد من المجالات. فلا يمكن، على سبيل المثال، تطوير تقنيات متقدمة دون فهم السياقات الثقافية والاجتماعية التي ستُستخدم فيها. وقد أدركت الشركات التكنولوجية العملاقة هذه الحقيقة، فأصبحت توظف خريجي العلوم الإنسانية لفهم احتياجات المستخدمين وسلوكياتهم، ولصياغة رسائل تسويقية مؤثرة، ولتصميم منتجات تتناسب مع القيم الثقافية المختلفة. ومن الأمثلة البارزة على هذا التكامل ما نشهده في مجال تصميم الذكاء الاصطناعي، حيث تلعب العلوم الإنسانية دورًا محوريًا في تطوير نظم أخلاقية تحكم عمل الخوارزميات، وتضمن عدم انحيازها ضد فئات معينة، وتحدد مسؤوليات صانعيها. فلا يمكن أن نترك تطوير هذه التقنيات الثورية للمبرمجين والمهندسين وحدهم، بل تحتاج إلى إشراك الفلاسفة وعلماء الاجتماع وخبراء القانون والأخلاق في إدارتها وتطويرها. تؤكد الأستاذة الأمريكية في دراسات العلوم والتكنولوجيا الاجتماعية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا شيري توركل على أن التكنولوجيا "لا تقوم بالأشياء نيابةً عنا فحسب، بل تقوم بتغييرنا؛ إنها لا تغير ما نفعله فقط، بل تغيرنا نحن وتغير من نكون." ولذا فهي تدعو إلى اعتماد منهجيات تأملية تستند إلى علم النفس وعلم الاجتماع والتخصصات الإنسانية مثل الفلسفة والأدب لفهم تأثير التكنولوجيا على المجتمع. كما يظهر تكامل العلوم الطبيعية والإنسانية بوضوح في دراسة الأوبئة والأمراض المعدية. فرغم أن فهم المرض بيولوجيًا ضروري لتطوير اللقاحات والعلاجات، إلا أن مكافحة انتشاره تتطلب فهمًا عميقًا للسلوكيات البشرية والعادات الاجتماعية والسياقات الثقافية. ولذلك نجد أن فِرَق مكافحة الأوبئة تضم إلى جانب الأطباء والبيولوجيين خبراء في علم الاجتماع وعلم النفس والأنثروبولوجيا. وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 بشكل جلي أهمية هذا التكامل، حيث كانت المعرفة الطبية وحدها غير كافية لاحتواء الفيروس. وكانت هناك حاجة ماسة لفهم ديناميكيات انتشار المعلومات المضللة (Misinformation Dynamics)، ودوافع الامتثال أو عدم الامتثال للإجراءات الوقائية، وتأثير الأبعاد السياسية والاقتصادية على استجابة المجتمعات. هذه العوامل كلها تقع في صميم اهتمامات العلوم الإنسانية والاجتماعية. وفي مجال العمارة والتخطيط الحضري، نرى كيف تتلاقح العلوم الهندسية مع العلوم الإنسانية لإنتاج مساحات عمرانية لا تراعي فقط الاعتبارات التقنية كالمتانة والكفاءة، بل تستجيب أيضًا للاحتياجات النفسية والاجتماعية للسكان، وتعكس الهويات الثقافية المحلية، وتعزز الشعور بالانتماء والرفاهية. هذا التكامل أدى إلى ظهور تخصصات بينية مثل علم النفس المعماري (Architectural Psychology) وعلم الاجتماع الحضري (Urban Sociology). إن العلوم الطبيعية والإنسانية كالعين والأذن في جسد المعرفة البشرية؛ تختلف وظيفة كل منهما، لكنهما يتكاملان لتقديم صورة شاملة عن العالم. يشير الفيلسوف الألماني هانز-جورج غادامير في كتابه الحقيقة والمنهج إلى أهمية الحوار بين العوالم المعرفية المختلفة، خاصة بين العلوم الطبيعية (التي تعتمد على المنهج التجريبي) والعلوم الإنسانية (التي تركز على الفهم والتأويل والمعنى)، مؤكدا على أن الفهم الإنساني لا يمكن أن يكون كاملاً دون إشراك التراث الثقافي، والتاريخ، واللغة، والتقاليد في هذه العملية. وهكذا، فإن العلاقة الجدلية بين العلوم الطبيعية والإنسانية ليست مجرد تعاون تكتيكي أو تقاطع عرضي، بل هي تعبير عن وحدة المعرفة البشرية وتكاملها. وكلما ازداد التواصل والتفاعل بين هذين المجالين، كلما اقتربنا من فهم أعمق وأشمل للإنسان والكون. وإذا نظرنا إلى تاريخ المعرفة البشرية، نجد أن العصور الذهبية للحضارات - سواء في الإغريقية القديمة أو في الحضارة الإسلامية خلال عصرها الذهبي أو خلال عصر النهضة الأوروبية - كانت هي الفترات التي لم تشهد فصلا حادا بين العلوم الطبيعية والإنسانية. فكان العالِم الكبير في تلك العصور موسوعيًا، يجمع بين معارف متنوعة ويرى الترابط بين مختلف مجالات المعرفة. يؤكد المؤرخ الأمريكي توماس كون على أن تاريخ العلم يكشف بأن التقدم العلمي يتأثر بالسياقات الاجتماعية والثقافية والفكرية الأوسع، وليس فقط بالمنطق الداخلي للعلم نفسه. ومن هنا يأتي خطر التخصص المُفرِط (Excessive Specialization) الذي نشهده في عصرنا الحالي، والذي قد يؤدي إلى تفتيت المعرفة وتجزئتها بشكل يُفقِدها قدرتها على تقديم رؤية متكاملة للوجود. ولتجاوز هذا الخطر، لا بد من تعزيز الحوار المستمر بين التخصصات المختلفة، وتشجيع البرامج البينية (Interdisciplinary Programs) في الجامعات، وبناء أرضية مشتركة للتفاهم بين مختلف فروع المعرفة. في كتابها ليس من أجل الربح: لماذا تحتاج الديمقراطية إلى الدراسات الإنسانية، تؤكد الفيلسوفة الأمريكية مارثا نوسباوم على أن التركيز المتزايد على التعليم التقني القائم على الربح على حساب العلوم الإنسانية يُقوّض تنمية التفكير النقدي والتعاطف والقدرة على التعامل مع القضايا الاجتماعية والأخلاقية المعقدة - وهي مهارات تعتبرها أساسية للمواطنة الديمقراطية والازدهار البشري. ثمة ميل متزايد نحو تهميش العلوم الإنسانية لحساب العلوم التطبيقية والتقنية، تحت ذريعة أن الأخيرة هي المحرك الأساسي للتقدم الاقتصادي والتنمية المادية. هذا التوجه يتجلى في تقليص الميزانيات المخصصة لأقسام العلوم الإنسانية في الجامعات، وتراجع الإقبال الطلابي عليها، وانخفاض التمويل المخصص للأبحاث في هذه المجالات. غير أن هذا التهميش ينطوي على مخاطر جسيمة تهدد المشروع الحضاري الإنساني برمته. إن تهميش العلوم الإنسانية يؤدي أولًا وقبل كل شيء إلى إضعاف الإبداع المجتمعي، ويحدّ من التقدم الشمولي للحضارة. فالعلوم الإنسانية بما تقدمه من تفكير نقدي ورؤى متعددة للواقع، تمثل حاضنة أساسية للإبداع والابتكار. وقد أثبتت الدراسات أن خريجي العلوم الإنسانية يتميزون بمهارات التفكير النقدي والتحليلي، والقدرة على النظر إلى المشكلات من زوايا متعددة، وهي مهارات أساسية في عصر يشهد تحولات متسارعة وتحديات غير مسبوقة. ومن الملاحظ أن الشركات التكنولوجية الكبرى في وادي السيليكون وغيرها بدأت تدرك أهمية هذه المهارات وتبحث عن خريجين يمتلكون خلفية قوية في العلوم الإنسانية إلى جانب معرفتهم التقنية. فشركة آبل، على سبيل المثال، تؤكد دائمًا أن سر نجاحها يكمن في الجمع بين التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، وهو ما جعلها تتفوق على منافسيها في تصميم منتجات تلامس احتياجات المستخدمين وتراعي الجوانب الجمالية والإنسانية. وقد عبّر ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة آبل عن هذه الفلسفة بقوله: "إن الإيمان بأن التكنولوجيا وحدها ليست كافية يكمن في صميم هوية آبل؛ التكنولوجيا التي تتزاوج مع الفنون الحرة وتتحد مع العلوم الإنسانية هي التي تمنحنا نتائج تجعل قلوبنا تغني." كما أن العلوم الإنسانية ضرورية لتنشئة ذهنية ناقدة ومبدعة قادرة على مساءلة المسلمات وتجاوز الأطر الجاهزة. فدراسة الفلسفة، على سبيل المثال، تدرب العقل على التفكير المنهجي العميق وتفكيك الأفكار المعقدة، بينما تساعد دراسة الأدب على تنمية الخيال وفهم التجارب الإنسانية المتنوعة، وتسهم دراسة التاريخ في فهم الحاضر واستشراف المستقبل من خلال تحليل تجارب الماضي. وكما أسلفنا سابقا، فقد ثبت تاريخيًا أن المجتمعات التي تعطي أهمية متوازنة للعلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية هي الأكثر قدرة على الابتكار والتطور. فالنهضة الأوروبية مثلاً، كانت وليدة استعادة الاهتمام بالفلسفة والآداب والفنون اليونانية والرومانية القديمة، وليست فقط نتيجة للتقدم العلمي والتقني. وكذلك فإن العصر الذهبي للحضارة الإسلامية ارتبط بازدهار علوم اللغة والأدب والفلسفة جنبًا إلى جنب مع الرياضيات والفلك والطب. أما الوجه الثاني لتأثير تهميش العلوم الإنسانية فيتمثل في خلل التوازن المعرفي في المجتمع. إذ يؤدي هذا التهميش إلى تضخم الاهتمام بالتطور التقني دون مواكبةٍ في النضج الأخلاقي والإنساني، مما يخلق فجوة خطيرة بين القدرة على الفعل والحكمة في توجيه هذا الفعل. ويظهر هذا الخلل بوضوح في التحديات المعاصرة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحيوية، حيث يتسارع التطور التقني بوتيرة تفوق قدرتنا على استيعاب آثاره الاجتماعية والأخلاقية. وقد حذر العالم البريطاني ستيفن هوكينج من هذا الخلل بقوله: "إن تطور الذكاء الاصطناعي الكامل قد يعني نهاية الجنس البشري، إذ سيبدأ في العمل بشكل مستقل، ويعيد تصميم نفسه بوتيرة متسارعة باستمرار. أما البشر، المحكومون بتطور بيولوجي بطيء، لن يتمكنوا من المنافسة، وسيتم تجاوزهم واستبدالهم". فعلى سبيل المثال، تطرح تقنيات التعديل الجيني مثل كريسبر(CRISPR) إمكانات هائلة لعلاج الأمراض الوراثية، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات عميقة حول حدود التدخل البشري في التكوين الجيني، وعن إمكانية ظهور طبقية جينية في المجتمع، وعن حقوق الأجيال القادمة في تراث جيني غير معدل. هذه التساؤلات لا يمكن الإجابة عنها فقط من منظور علمي تقني، بل تتطلب إسهام الفلسفة والأخلاق والقانون وعلم الاجتماع. في كتابه التقنية والعلم كأيديولوجيا، يبين الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس كيف يمكن للتكنولوجيا أن تصبح شكلاً من أشكال الهيمنة التي تحدّ من استقلالية الإنسان، خاصة عندما تعمل هذه التكنولوجيات خارج الأطر والسياقات الأخلاقية الأوسع ودون الرقابة الديمقراطية. ومن الأمثلة الواضحة على خطورة تهميش العلوم الإنسانية ما نشهده من ضعف في السياسات العامة التي تتجاهل المعطيات النفسية والاجتماعية والثقافية. فكثيرًا ما تفشل المشروعات التنموية والإصلاحية لأنها تركز على الجوانب التقنية والاقتصادية وتهمل العوامل الثقافية والاجتماعية. على سبيل المثال، قد تفشل حملة صحية رغم توفر الموارد المادية والخبرات الطبية إذا تجاهلت فهم العادات والمعتقدات السائدة في المجتمع المستهدف. أما الجانب الثالث من آثار تهميش العلوم الإنسانية فيتمثل في تراجع المنظومة القيمية التي تحكم المجتمع. فالعلوم الإنسانية، ولا سيما الفلسفة والأخلاق والدراسات الدينية، تلعب دورًا محوريًا في بلورة منظومة القيم التي تحكم المجتمع وتوجه سلوك أفراده وتحدد أولوياتهم. وحين يتراجع الاهتمام بهذه العلوم، تضعف الأطر الأخلاقية التي تحكم التطور العلمي والتقني وتوجهه نحو خدمة الإنسان وتحقيق سعادته. وقد تجلى هذا الضعف في الأزمات الأخلاقية التي تواجهها المجتمعات الحديثة، مثل أزمة المناخ وانهيار التنوع البيولوجي وتفاقم اللامساواة الاقتصادية واستغلال بيانات المستخدمين دون موافقة مستنيرة. هذه الأزمات في جوهرها ليست أزمات تقنية، بل هي نتاج نظام قيمي يُعلي من شأن الربح السريع والنمو الاقتصادي غير المحدود على حساب العدالة والاستدامة والخصوصية وكرامة الإنسان. وكما تقول الفيلسوفة وعالمة البيئة الهندية فاندانا شيفا: "الأزمة البيئية ليست مجرد قضية علمية أو تقنية، بل هي أزمة قيمية وأخلاقية"، وأن "التكنولوجيا وحدها لا تكفي، بل نحتاج إلى تغيير جذري في علاقتنا مع الطبيعة". كما وتؤكد على أنه "لا يمكن حل مشكلة تغير المناخ بالمزيد من الأجهزة التقنية، فهي أزمة قيم تُحوّل الحياة نفسها إلى سلعة"، محذرة في الوقت نفسه من خطورة فصل الأخلاق عن التكنولوجيا. أما الوجه الرابع لتأثير تهميش العلوم الإنسانية فيظهر في تآكل الهوية الثقافية للمجتمعات. فالعلوم الإنسانية، ولا سيما دراسات اللغة والأدب والتاريخ والفنون، تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على الذاكرة الجماعية للمجتمع وصيانة تراثه الثقافي وتطوير لغته وآدابه بما يضمن استمرارية هويته وحيويتها. وقد عبّر عن هذا المعنى المفكر إدوارد سعيد بتأكيده على أهمية القراءة النقدية للتراث الثقافي والأدب والتاريخ في تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع وكوسيلة للمقاومة ضد الهيمنة الثقافية وبوصفها ضرورة لفهم الذات، محذرا من خطورة الانقطاع عن التراث النقدي الذي يؤدي بالضرورة إلى الإغتراب الذاتي والمعرفي. حين تتراجع هذه العلوم، يفقد المجتمع ارتباطه بجذوره الحضارية، ويصبح أكثر عرضة للاستلاب الثقافي والذوبان في ثقافة عالمية استهلاكية تفتقر إلى العمق والأصالة. وهذا ما نلاحظه في كثير من المجتمعات التي تعاني من أزمة هوية حادة، حيث تتراجع اللغات المحلية لصالح اللغات العالمية، وتندثر التقاليد والفنون الأصيلة، وتنقطع الصلة بين الأجيال الجديدة والتراث الثقافي لمجتمعاتها. كذلك نرى تجليات تهميش العلوم الإنسانية في ضعف الخطاب الإعلامي والسياسي وافتقاره للعمق والرؤية، وفي انتشار الفكر الأحادي الذي يرفض التعددية والاختلاف، وفي تراجع قيم التسامح والتفاهم بين الثقافات، وكلها مؤشرات على أزمة عميقة تهدد التعايش الإنساني وتخلق بيئة خصبة للتطرف والعنف. ويرتبط بهذا أيضًا تصاعد ظاهرة "ما بعد الحقيقة" (Post-truth) في الخطاب العام، حيث تتراجع قيمة الحقيقة الموضوعية أمام الروايات العاطفية المثيرة، ويصبح الرأي العام أكثر عرضة للتلاعب والتضليل. وهذه الظاهرة هي في جانب منها نتيجة لضعف التفكير النقدي وتراجع ثقافة الحوار والنقاش العقلاني، وهي جميعها مهارات تنميها العلوم الإنسانية وتعززها. يؤكد الفيلسوف الكندي تشارلز تايلور على أهمية الأطر الأخلاقية والقيم الثقافية في جعل الحياة الإنسانية ذات معنى، وأن فقدان هذه الأطر يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالاغتراب في المجتمعات الحديثة. ومن النماذج الصارخة لمخاطر تهميش العلوم الإنسانية ما شهده العالم من أزمات أمنية وإنسانية متعاقبة، حيث غالبًا ما تكون الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية البحتة عاجزة عن معالجة جذور الصراعات والتوترات التي تكمن في عوامل ثقافية واجتماعية ودينية معقدة. وقد أثبتت التجارب أن المقاربات التي تأخذ بعين الاعتبار البعد الثقافي والإنساني هي الأكثر نجاحًا في بناء السلام المستدام وتعزيز التعايش بين المجتمعات. ولذلك، فإن إعادة الاعتبار للعلوم الإنسانية ليس ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة حضارية ملحة لضمان تقدمٍ متوازن ومستدام يجمع بين التطور المادي والرقي الروحي والأخلاقي. وهذا يتطلب جهودًا حثيثة على مستوى السياسات التعليمية والبحثية، وعلى مستوى الخطاب الثقافي والإعلامي، لإبراز قيمة العلوم الإنسانية ودورها المحوري في بناء الإنسان والمجتمع. وكما يؤكد الفيلسوف الأمريكي جون ديوي: "التعليم ليس إعدادًا للحياة، بل هو الحياة نفسها" مشيرا إلى إيمانه بأن "العملية التعليمية لها جانبان – أحدهما نفسي والآخر اجتماعي؛ ولا يمكن إهمال أحدهما أو جعله تابعًا للآخر دون أن تترتب على ذلك نتائج سيئة". وتقتضي إعادة الاعتبار للعلوم الإنسانية تبني رؤية تكاملية للمعرفة، تتجاوز التقسيم التقليدي بين "العلوم "الصلبة" (Hard Sciences) و"العلوم الناعمة" (Soft Sciences)، وتدرك أن التقدم الحقيقي للبشرية يتطلب تضافر جميع فروع المعرفة. كما تتطلب إعادة النظر في فلسفة التعليم وأهدافه، بحيث لا تقتصر على إعداد الطلاب لسوق العمل فحسب، بل تهدف أيضًا إلى بناء شخصية متكاملة قادرة على المساهمة الفاعلة في المجتمع، والتفاعل الإيجابي مع التحديات المتسارعة التي تواجه البشرية. إن تأثير تهميش العلوم الإنسانية يتجاوز بكثير القضايا الأكاديمية أو التعليمية البحتة، ليطال جوهر المشروع الحضاري البشري ومستقبله. ولعل أحد أهم دروس الأزمات المتلاحقة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، من الأزمات المالية إلى الأوبئة والتغير المناخي، هو أن العلم والتقنية وحدهما لا يكفيان لبناء مستقبل يحفظ كرامة الإنسان ويرتقي بحياته، بل لا بد من تكاملهما مع العلوم الإنسانية التي تقدم البوصلة الأخلاقية والرؤية الفلسفية التي توجه التقدم التقني نحو خير الإنسان والحفاظ على كوكبه. وفي الختام، يمكننا القول إن التكامل بين العلوم الطبيعية والإنسانية ليس ترفًا فكريًا بل ضرورة حضارية. فالتحديات الكبرى التي تواجه البشرية اليوم – من التغير المناخي إلى الأوبئة العالمية إلى الثورة الرقمية وتأثيراتها – هي تحديات معقدة متعددة الأبعاد، تتطلب مقاربات شاملة تجمع بين مختلف العلوم والمعارف. في هذا السياق، يؤكد عالم الفيزياء والبيئة فريتيوف كابرا: "نحن نحتاج اليوم إلى رؤية إيكولوجية عميقة للمعرفة (Deep Ecological View of Knowledge) لا ترى العالم كمجموعة من االأشياء المنعزلة المنفصلة، بل كشبكة من الظواهر المترابطة والمتداخلة بشكل جوهري والتي تعتمد على بعضها البعض".

تفاصيل تقسيم مواد الثانوية العامة 2025 في نظام التعليم الجديد
تفاصيل تقسيم مواد الثانوية العامة 2025 في نظام التعليم الجديد

بوابة الفجر

timeمنذ 17 ساعات

  • علوم
  • بوابة الفجر

تفاصيل تقسيم مواد الثانوية العامة 2025 في نظام التعليم الجديد

مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة لعام 2025، تزداد اهتمامات الطلاب وأولياء الأمور بالتفاصيل الدقيقة للنظام الجديد الذي أقرّته وزارة التربية والتعليم، والذي يحمل في طياته تغييرات جوهرية على صعيد تقسيم المواد الدراسية وآليات التقييم. ويأتي هذا التحديث في سياق خطة شاملة لتطوير منظومة التعليم، تهدف إلى تحقيق التوازن بين التخصص الأكاديمي العميق والمعرفة العامة، بما يتماشى مع متطلبات العصر ويأخذ في الحسبان تنوع ميول وقدرات الطلاب. في ضوء هذا النظام، تم إعادة توزيع المناهج الدراسية وفق التخصصات الرئيسية التي ينتمي إليها الطلاب، وهي شعبة العلوم، شعبة الرياضيات، والشعبة الأدبية، حيث رُوعي في هذا التقسيم أن يحظى الطالب بفرصة حقيقية للتركيز على مجالات قوته واهتمامه، دون أن يُحرم من تنمية مهاراته العامة في اللغة والثقافة والهوية. في شعبة العلوم، يدرس الطالب مواد تخصصية تعتبر حجر الأساس في المسار العلمي، وهي الفيزياء والكيمياء والأحياء، وهي مواد تقوم على الفهم والتحليل والتجريب وتفتح المجال أمام الطلاب للتعمق في العلوم الطبيعية. إلى جانب هذه المواد، يتلقى الطالب تعليمًا في مواد عامة مشتركة تشمل اللغة العربية واللغة الإنجليزية واللغة الأجنبية الثانية، إضافة إلى مادتي التربية الدينية والتربية الوطنية، وهو ما يعزز تكوينه اللغوي والقيمي والوطني. أما في شعبة الرياضيات، فيركز الطالب على دراسة الرياضيات بفروعها البحتة والتطبيقية، بالإضافة إلى مادتي الفيزياء والكيمياء، وهي مواد تُعِد الطالب لميادين تتطلب مهارات حسابية ومنطقية متقدمة مثل الهندسة، تكنولوجيا المعلومات، والعلوم التطبيقية. كما تشمل هذه الشعبة المواد العامة المشتركة نفسها، والتي تضمن تزويد الطالب بأساس معرفي ولغوي متين. وفي الشعبة الأدبية، يتجه الطلاب إلى دراسة المواد التي تنتمي إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، مثل التاريخ والجغرافيا والإحصاء، وهي مواد توسّع من مدارك الطلاب وتُنمّي قدرتهم على التحليل والفهم العميق للظواهر الاجتماعية والتاريخية. وكما في الشعبتين الأخريين، يدرس طلاب الأدبي المواد العامة المشتركة، التي تسهم في تشكيل قاعدة معرفية شاملة تشمل اللغة، القيم، والثقافة الوطنية. هذا التقسيم الجديد يعكس رؤية واضحة نحو تعليم أكثر تخصيصًا ومرونة، يتيح للطلاب الانخراط في مجالات تتناغم مع تطلعاتهم وتفضيلاتهم، دون إغفال الجانب المتكامل للتكوين المعرفي والوطني، في خطوة تسعى من خلالها وزارة التربية والتعليم إلى إعداد جيل يمتلك أدوات العصر وينتمي لهويته.

انحراف مسار التحول اللغوي ونظرية المعنى
انحراف مسار التحول اللغوي ونظرية المعنى

شبكة النبأ

timeمنذ 4 أيام

  • علوم
  • شبكة النبأ

انحراف مسار التحول اللغوي ونظرية المعنى

هل تراجعت اللغة كنسق نظامي مستقل في تعبيرها عن الوجود؟، وهل اصبحت جوهرا محايدا في فلسفة اللغة وتيارات فلاسفة التأويلية والتفكيكية والتحليلية في تعبير اللغة عن المعنى الدال وتراجعت مهمة التواصل المجتمعي اللغوي الى مرتبة ثانوية في خلق عوالمها الموازية لعالم الواقع الحقيقي لا تقاطعه ولا تحتدم معه... هل تراجعت اللغة كنسق نظامي مستقل في تعبيرها عن الوجود؟، وهل اصبحت جوهرا محايدا في فلسفة اللغة وتيارات فلاسفة التأويلية والتفكيكية والتحليلية في تعبير اللغة عن المعنى الدال وتراجعت مهمة التواصل المجتمعي اللغوي الى مرتبة ثانوية في خلق عوالمها الموازية لعالم الواقع الحقيقي لا تقاطعه ولا تحتدم معه بصراع ولا تتلاشى فيه كتكوين تجديدي؟ هل تنازلت اللغة عن مهمتها في تحقيقها الإدراك الشيئي القائم على مطابقة الدال اللغوي مع المدلول الشيئي مطابقة تامة تجعل من المدركات الشيئية بديهيات معرفية لا تقبل التشكيك بها ولا تحتاج برهان اثبات، بعدما إكتسبت تلك الاشياء البداهة الموجودية في مطابقة الدلالة اللغوية مع وجودها الشيئي زمكانيا؟ فلسفة اللغة أدخلت مبحث اللغة في دوامة من المتناقضات التي اعتبرها فلاسفة اللغة وعلوم اللسانيات وفلاسفة مبدأ التحول اللغوي علي يد كل من فريجة ودي سوسير، وفلاسفة اللغة، ونظرية القراءة الجديدة وحفريات النص في تقصّي البحث عن فائض المعنى اللغوي. المعنى غير المكتشف في ثنايا تداولية اللغة بمثابة محاولة عملية إنقاذ فاشلة لمباحث الفلسفة من تقليديتها الخاوية المفرغة في مرحلة الاحتضار والموت البطيء التي كانت تعانيه طيلة قرون طويلة في دورانها المتمركز حول الميتافيزيقا والمعرفة والوجود والطبيعة والعلاقات البينية بين تلك المباحث وغيرها. ما اقصده هنا هو تشخيص الاعتلال والمرض لا يعني إمكانية معالجة الشفاء منه كما حاولته تيارات ومدارس فلسفة اللغة والتحويل اللغوي. الحقيقة التي لا يمكن القفز من فوقها أن التيارات الفلسفية التي عمّت وسادت اوروبا وامريكا بعد أفول نجم البنيوية التي رافقت بكل إمكاناتها طروحات مرحلة ما بعد الحداثة، لم تحقق الطموح الذي كانت تتوخاه من عملية التحول اللغوي واعتماد علوم اللسانيات وفلسفة اللغة وما يتفرع عنها في محاولة إدخال فلسفة اللغة في كل مبحث فلسفي أو مبحث معرفي حتى وصل الحد تجاوز إدخال الفلسفة بعلوم الفيزياء الى إدخالها في علوم الرياضيات وباقي العلوم الطبيعية التي تمتلك خصائصها النوعية التي تقاطع منطق الفلسفة تماما. ليس في اختلاف شكلية التعبير اللغوي بين الفلسفة التي تعتمد اللغة الابجدية الصوتية، وبين العلوم الطبيعية التي يكون تعبيرها اللغوي هو علامات ورموز ما يسمى بالمعادلات الرياضية. في الفيزياء والكيمياء إنما الاختلاف أبعد من ذلك حول اهتمامات ما يشغل التفكير العلمي في تقاطعه مع ما يشغل مباحث الفلسفة. ولو نحن إستقصينا في جردة سريعة الإخفاقات التي رافقت فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات ولم تنجز اليسير مما كان يمّثل طموحا مرتجى صدر عنها وأعلنت هي عنه ، فلا البنيوية ولا التأويلية ولا حتى نهايات الوجودية الحديثة، ولا التفكيكية ، ولا العدمية ولا التحليلية المنطقية الانجليزية جميعهم منفردين ولا حتى متداخلين لم يتمكنوا من إسعاف بعضهم البعض ولا استطاعوا إنجاز ما كانوا يأملونه من توظيفات فلسفة اللغة وعلوم اللغة واللسانيات بما لا يمكن حصره من مباحث وقضايا كانت فلسفة اللغة على الدوام توازيها ولا تتقاطع أو تتداخل معها حينما كانت غارقة في مثالية اعتماد مركزية اللغة هي الحل السحري لمشاكل وقضايا الفلسفة المستعصية أو التي ميئوس منها. أغلب المطلعين على مباحث فلسفة اللغة يدركون جيدا أن المبدأ العام في المنطق النظري الذي طرحته فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات كان في تمام المقبولية والإقرار بحقيقة أن معنى اللغة أضاع على مباحث الفلسفة الوصول الى مثابات إرتكاز تجديدية لم تتحقق عبر تاريخها الطويل وبقيت مباحث الفلسفة التقليدية تراوح مكانها إجترارا تقليديا لا معنى له بات مركونا بالظل في غياب توافر ملء الفراغ التجديدي له. وقالوا مشكلة الفلسفة اولا واخيرا مشكلة تعبير اللغة. فلسفة اللغة حديثا شطرت مباحث الفلسفة شطرين: الاول أن مباحث فلسفة اللغة هي ليست الابحار العميق في تقليب صفحات تتوخى تصحيح نحو اللغة وقواعدها التركيبية لإعطاء كمال المعنى باللغة المجردة عن كل قصدية قبلية سابقة تروم وصولها. والثاني وجدوا في مباحث فلسفة اللغة أنها لم تكن غاية بذاتها بل وسيلة تصحيح مسارات مباحث الفلسفة الغارقة في مستنقعات الإعادة والتكرار في مواضيع تتوزعها مباحث الوجود ومباحث الابستمولوجيا والمعارف، ومباحث القيم الاخلاقية. لذا نجد أول من تنبّه تحاشي هذا المنزلق الخطير هو الفلسفة البنيوية التي ركنت مباحث فلسفة اللغة جانبا بعد أن كانت ألسبّاقة الاولى في فتحها فضاءات فلسفة اللغة والمعنى على يدي سوسير وشتراوس وبياجيه، كما وركنت مباحث الفلسفة التقليدية كالابستمولوجيا. ثانيا لتقوم بطرق أبواب مباحث فلسفية لم تكن ذات اهتمام عند الفلاسفة طيلة قرون، كما نجد ذلك عند فوكو والتوسير ولاكان ودي سوسير وليفي شتراوس وباشلار وهكذا في اشتغالهم على مباحث فلسفية لا علاقة ترابطية تداخلية لها مع مركزية فلسفة وعلوم اللغة. أبدأ بسؤال: هل فلسفة اللغة أغنت مباحث الفلسفة القديمة والحديثة التي جاءت بها؟ أم عملت على تشتيت اهتمامات الفلسفة في السير وراء تجريدات من الاشتغال على بنية اللغة كنصوص تتداولها الفلسفة بما هي لغة تشكيل علاماتي يتكوّن من (صوت ومعنى) مرتكزة نظام من نحو وقواعد وصرف خاص باللغة شكلا لا محتوى؟ أم أن فلسفة اللغة فتحت أبوابا بحثية فلسفية كانت موصدة ولم تحقق المرجو المطلوب منها حيث أضحى تراشق تهم خيانة اللغة وبراءة الفكر في أولويات مداخل مباحث الفلسفة اللغوية التي أصبحت في متراكمها الكمّي والنوع متاهات من التجريد الذي جعل من اللغة إنفصالا تاما عن كل ما هو جدير بالاهتمام في الحياة والانسان والعقل ناهيك عن العلم بكل تجليّاته. هنا ربما يساء الفهم أننا نطالب أن تكون مباحث فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات ايديولوجيات تعبوية ملتزمة قضايا الانسان في حياته اليومية. من هذه النقطة الاخيرة نستعير كلمات بول ريكور في إدانة إنفصال اللغة عن الواقع الميداني، والمفارقة الغريبة هي أن بول ريكور هو الآخركان يسبح في مغطس تضليل الفلسفة بإسم الإحتماء خلف فلسفة اللغة في تأويليته. لكنه ربما أراد ترقيع الفتق الفاصل بين اللغة والفلسفة بما أطلق عليه التأويلية أو الهورمنطيقا التي لم تغادر محكومية الانقياد وراء فلسفة اللغة لها. أمام حقيقة الاصطدام أن فلسفة اللغة أصبحت إنفصالا تاما عن التزامها التعبير عن الواقع الخارجي الحياتي للإنسان، وصف بول ريكور فيلسوف التاويلية إدانته الفلسفة البنيوية التي خرج من تحت عباءتها قائلا ما معناه التفكير البنيوي النسقي في البنيوية كان يتخّبط في نمطيّة كليّة من التفكير في عالم اللغة الداخلي الذي يتخّطى جميع الاشتراطات المنهجية الذي ينشدها عالم الانسان الخارجي، عليه لم تعد اللغة بعدها توسيطا بين العقل والاشياء بل البحث عن تشكيل بنية عالم لغوي منفرد خاص باللغة وحدها. بهذه النظرة رفض بول ريكور الفكرة الأساسية التي كان دافع فينجشتين عنها بإلحاح حينما كان أحد اعضاء فلسفة تحليلية اكسفورد في وجوب التعامل مع اللغة بوصفها صورة حياتية تنمو وتتطور من خلال طبيعتها المجتمعية، وفي وجوب جريان ينابيع اللغة مع دفق الحياة في سيرورتها الدائمية. وكأنما كنت هذه الدعوة من فينجشتين هي تكفير عن ذنب إرتكبه وخرجت معالجته من بين يديه. وحتى ريكور رغم إدانته الصحيحة للبنيوية فهو عجز عن إعطاء بديل عنها. بول ريكور في الهورمنطيقا سبق جميع التيارات الفلسفية السابقة عليه في رفضه إتجاهين فلسفيين رئيسيين أحدهما متمثلا بالفلسفة التي كانت تنادي في إصلاح معنى اللغة تمهيدا لإصلاح قضايا الفلسفة عامة في وضعها على سكة معالجتها قضايا فلسفية تكون فيها اللغة ليست بنية نسقية في تنظيم نفسها باستقلالية تامة عن عالم الانسان الخارجي، والإتجاه الثاني أن اللغة كبنية تبني نفسها بنفسها كي لا تكون سلوكا نفسيا ولا نزوعا فطريا يسكن الفرد يتطور ذاتيا بمعزل أن يكون للمجتمع دورا تكامليا معه. فأصبحت فلسفة اللغة لا علاقة لها مع وجوب معالجة قضايا إنسانية هي خارج تشكيل استقلالية بناء نسق لغوي من التجريد لا يمكن تطبيقه ولو جزئيا على ضروب معرفية سوى ما جرى على مستوى نقد الادب كما فعل رولان بارت، وغيره من المتاثرين بتفكيكية جاك دريدا ممن وجدوا في معالم التفكيكية وبعض موروثات البنيوية إمكانية أن تكون منهاجا تطبيقيا تجديديا في ضروب مناهج النقد الادبي. ربما يبدو مصادرة فكرية قولنا كان سعي بول ريكور تاسيس بنية لغوية هي إكتفاء لغوي ذاتي يقوم على إعتماد تطورات اللغة في مجمل التناقضات والاختلافات والفروقات القائمة داخل النظام اللغوي المستقل عن العالم الخارجي.. النسق اللغوي المكتفي ذاتيا الذي إخترعه ريكور ودريدا بفارق ليس جوهريا، هو خلق نسق لغوي إغترابي تعسّفي داخل نظام اللغة ما جعل الفلسفة تدور في مناخات البحث عن التجديد الذي قفلته مباحث فلسفة اللغة الخالية من مضمونية شكل اللغة بما هي قواعد نحوية. رغم أن البنيوية اشّرت وظيفة اللغة في فلسفة العقل ونظرية المعنى، أن وظيفة اللغة لم تعد تلك الوسيلة المعرفية لفهم الواقع والتعبير عن مشكلاته، وخرجت اللغة أن تكون وسيطا علائقيا بين الأفكار والاشياء. نجد بول ريكور شنّ هجوما على البنيوية من حيث أنها تعاملت مع اللغة خارج منطق اللغة في التعبير المستقل عن ذاتيتها كأداة توصيل المعنى بعيدا عن النسق البنيوي اللغوي المجرد المحكوم بضوابط واحكام اللغة. فالبنيوية لم تحاول مسك تلابيب الواقع الخارجي وتوظيف نظرية المعنى في جعل علاقة اللغة بالواقع علاقة جدلية مثمرة وليست منفصمة كما أرادت البنيوية وريكور ذلك. البنيوية منذ بدايات دي سوسير عام 1905 لم تعمل على ترسيخ حيوية اللغة في ربطها بالواقع كما تبنّى فينجشتين هذا الطرح لاحقا قبيل وفاته، وكان تحذيره من انزلاق الفلسفة نحو انشاء بنيّة كليّة تجعل من اللغة اكتفاءا ذاتيا لا يؤثر بالواقع الخارجي ولا يتأثر به ويكون خطرا لم تتم معالجته. ما عدا التماعات متناثرة تبنّاها جورج مور في دعوته من داخل الفلسفة المنطقية التحليلية الانجليزية الى أن يكون أصلاح قضايا الفلسفة إنما يكون في إصلاح نظام اللغة التي إنحرفت الفلسفة عموما به ودعا مور الى أهمية اللغة العادية المجتمعية في تطوير الفلسفة من جهة وتطوير مباحثها من جهة أخرى. هذه الدعوة ذهبت أدراج الرياح في إصرار كلا من بيرتراند رسل أن تكون مباحث فلسفة اللغة تقوم على الرياضيات والمنطق حسب وصّية فريجة نصا وأقنع فينجشتين بذلك ايضا. واهتمام راسل بمبحث الرياضيات بشكل استثنائي يوازي لابل يفوق اهتماماته الفلسفية والمنطقية ما جعله يتنقل في مؤلفاته من مبحث لآخر في تنويعة بدت لبعض المهتمين بالفلسفة متناقضات. والى جانب ذلك برزت مدرستي التوليدية اللغوية الفطرية لدى نعوم جومسكي، وأخرى مناوئة لها أطلقت على نفسها فلسفة السلوك اللغوي روادها ودعاتها هم الفلاسفة الأمريكان حصرا نأتي على ذكرهم لاحقا. طرح الباحث اللغوي عبد القادر البار تساؤلا هاما على صعيد إشكالية اللغة مع الفلسفة. قائلا: أين يوجد معنى اللغة؟ هل يوجد في أذهان البشر؟ أم يوجد في العالم الخارجي المشترك بينهم؟ وهل يمكن للمعنى أن يتكون وينمو خارج المكونات التقليدية الخاصة بما لا يمكن تجاوزه بسهولة؟ نجد في محاولة فتح هذه المسالك الفلسفية أن نبدأ بالوعي كمفردة مفتاحية للدخول في معترك تلك الاسئلة المتداخلة فلسفيا مع اللغة ومنظومة العقل الادراكية بكل حلقاتها التي تبدأ بالحواس وتنتهي بالقشرة الدماغية. فالوعي يمكننا تصنيفه الحذر أنه حلقة في بايولوجيا منظومة العقل الادراكية ليست لها ميزة فيزيائية غير تجريدية كما هو حال الفكر واللغة. والوعي الذي أصبح له فلسفة خاصة به. الوعي الذاتي أي تعبير ذهن الانسان عن مدركاته إنما يمتلك معان مستمدة من الاحساسات يمكن أن تكون إضافة نوعية تثري المعنى اللغوي في تعبيره. في أغلب الاحيان لا يطابق معنى الذهن معنى الموجود المادي في واقعه الاستقلالي، كون جوهر الذهن هو انطباعات عشوائية خارجية وليس جوهر الذهن افكارا اكتسبت كامل اليقينية، فهل نلجأ الى تفعيل دور الوعي أن يكون وسطا بين المدرك المادي ومعنى التعبير اللغوي عنه؟ الوعي يتداخل جدليّا بينه وبين ما يمتلكه الذهن من معنى لم يأخذ حيّز التنفيذ الإفصاحي لغويا له، لذا يكون الوعي توسيط بين الذهن حامل الانطباعات المؤقتة، والمعنى الدلالي اللغوي عن الشيء المقصود. والوعي كما أشرنا هو خصيصة إدراكية ذاتية منفردة، بمعنى حينما نقول الوعي الجمعي أو الوعي المجتمعي فهذا لا يتحقق على صعيد التفكير المنفرد بل يتحقق على صعيد التوافق غير المعلن لمجموعة من الناس في التعبير عن قضية أو عن موضوع يجمعون عليه سواء أكان ماديا أو غير مادي معين. وما يدركه الذهن من معنى هو إدراكات انطباعية لتداعيات فارقته بسهولة. الذهن ليس مستودعا لتخزين الانطباعات ولا حتى الافكار. والوعي لا يعمل في فراغ ولا يعّبر عن معنى غير قصدي يمكن التأكد منه. الذهن ليس ذاكرة من جهة، ولا هو عقل تفكيري ينوب عن العقل من جهة ثانية، واخيرا الذهن ليس مستودعا لتخزين الافكار فيه. الوعي هو معنى لغوي وحلقة غير منظورة في منظومة العقل الإدراكية، هذه المنظومة الادراكية بعضها بايولوجي عضوي وظيفي مثل الحواس والجهاز العصبي ومحتويات تكوين الدماغ، وبعضها الآخر له مناطق عصبية مسؤولة عنه في القشرة الإمامية للدماغ، وهي في حقيقتها الإفصاحية بالدلالة إنما هي تعبيرات من الفهم الادراكي التجريدي مثل الاحساسات، الاحاسيس، الذهن، الذاكرة، المخيلة، الوعي، الادراك، الفكر، واللغة. والوعي لا يكون تعبيرا أفصاحيا ذاتيا عن اشياء خارجية مادية فقط وإنما الوعي يكون استجابة إدراكية داخلية أيضا في التعبير عن النفس والعواطف والضمير والاخلاق والسلوك وغيرها. الوعي مصطلح فلسفي تجريدي – بيولوجي الولادة غامض، والخوض في معتركه لا يسلم صاحبه من الأخطاء لكن مع هذا فالدراسات والابحاث الفلسفية العديدة بدأت التركيز على بسط الوعي كمبحث فلسفي يستحق الاهتمام الاستثنائي به. ومنذ منتصف القرن العشرين حينما أصبحت فلسفة اللغة هي الفلسفة الاولى، نشأ الاهتمام الملتبس حول الوعي الفلسفي، وأكثر الفلاسفة اهتماما بالوعي هم الفلاسفة الأمريكان المعاصرين يتقدمهم جون سيرل وريتشارد رورتي وسيلارز وكواين يسبقهم الانجليزي جلبرت رايل فيلسوف العقل... حين وجدوا في فلسفة العقل واللغة الارضية المناسبة للاهتمام بدراسة الوعي من الناحية الفلسفية إذ لم يروا مناسبا طغيان التحول اللغوي على مباحث الفلسفة في هيمنة الفلاسفة الفرنسيين على المشهد اوربيا ويبقى الفلاسفة الأمريكان متفرجين، فعمدوا الى استعارة مفهوم الوعي من عميد البراجماتية الامريكية وليم جيمس عالم النفس وفيلسوف الذرائعية الذي لخّص فهمه الوعي: اولا الوعي يقوم على أساس أنه ليس جوهرا مستقلا بل هو وظيفة. نزع صفة الجوهر عن الوعي في اعتباره وظيفة فقط لا يقلل من أهميته أنه حلقة إدراكية غير فيزيائية تعبر عن جوهر العقل الذي ليس هو ماهية مفكرة فقط، لذا فالوعي يستمد جوهره من العقل باعتباره وظيفة ملحقة لا غنى للعقل عنها. فالوعي إفصاح ادراكي وسيلته التعبيرية الفكر واللغة. رب تساؤل يقول ما الفرق بين وظائف العقل والوعي والذهن والذاكرة، وهل بمكنة وإستطاعة الوعي الإنابة عن العقل بالوظيفة الإدراكية؟ لكي نجيب: الوعي لا يقوم بمهمة العقل التفكيرية بل هو الوسيلة العقلية لذلك. الوعي استجابة ناقلة لردود أفعال العقل، وكذلك وظيفة ناقله لانطباعات الذهن الى العقل. يشترك العقل والوعي بوسيلة الفكر واللغة في الافصاح التعبيري عن مدركاتهم تجريديا. ما يدركه العقل يدركه الوعي بالضرورة، بفارق العقل جوهر كليّ والوعي جوهر وظيفي جزئي حلقة في منظومة العقل الادراكية. الصفة الثانية للوعي حسب وليم جيمس أن الوعي تجربة صرفة لا يمكن تجزئتها الى أفكار واشياء، والوعي ليس تجربة عقلية ولا طبيعية. وتعقيبنا عليه هو: الوعي تجربة صرفة يمكن تجزئتها الى أفكار إدراكية لاشياء بإعتباره حلقة تابعة لمنظومة العقل الإدراكية. كل حلقة في منظومة العقل الادراكية هي جزء يمّثل نفسه بدلالة مرجعية العقل له، لكنه لا ينوب عن العقل في دلالة الادراك الكامل عن الاشياء منفردا. الوعي هو فكر وإحساس عن شيء شأنه شأن ووظيفة كل حلقة إدراكية مرجعيتها العقل. وليم جيمس كونه عالم نفس وفيلسوف يريد أن يجعل الوعي انطباع نفسي حين يصفه ليس تجربة عقلية ولا هو تجربة طبيعية. لا يمكن الحكم على الوعي انه ليس تجربة عقلية ولا طبيعية وهو حلقة توسيط ادراكية للعقل. الوعي تجربة عقلية في مرجعية العقل له وليس هناك وعي يريد الافصاح عن ذاتيته من غير وصاية العقل عليه. نعت وليم جيمس الوعي انه ليس تجربة عقلية ولا طبيعية تعبير خاطيء بوضوح، فالوعي يستمد سمته العقلية من جوهر العقل الادراكي التفكيري الذي يرتبط به الوعي، ولا يمكن أن يكون للعقل مخرجات معرفية يصدرها العقل عن شيء لا يكون الوعي ناقلا لها. قول وليم جيمس الوعي ليس تجربة طبيعية غير صحيحة، فالطبيعة وكل ما يدركه العقل يجري وفق تراتيبية نظامية طبيعية للعقل والوعي جزءا من العقل وليس طارئا منفصلا عنه. والوعي هو إدراك متعال على الطبيعة وليس ناتجا عنها.كما هو شان العقل بعلاقته بالطبيعة هو جزء منها متعال بذكائه عنها. اذا اعتبرنا مع وليم جيمس الوعي ليس تجربة طبيعية بمعنى ليس تجربة فطرية مرتبطة بفطرية العقل الادراكي يحوزها الانسان كجزء من تكوين العقل في وظيفته غير الفيزيائية كون الوعي تجريد لغوي يحتوي الفكر التجريدي بينما العقل تجريد ناتج عن منظومة عضوية بايولوجية هي جزء من تكوين جسم الانسان تسمى العقل الوظيفي العضوي الدماغ ومحتوياته من المخ ، المخيخ، النخاع الشوكي، ومنظومة شبكة الاعصاب الناقلة والمستلمة للاحساسات والمثيرات...لا يشترط أن يكون ما هو طبيعي جزءا من الطبيعة ولا منقادا لها وهو ما ينطبق على الوعي كونه حلقة إستدلالية معرفية تطال كل موجود في الطبيعة ولا تكون جزءا منها.

7054 باحثا مغربيا ضمن العلماء الأكثر تأثيرا عالميا والمملكة تحتل المرتبة الأولى إفريقيا
7054 باحثا مغربيا ضمن العلماء الأكثر تأثيرا عالميا والمملكة تحتل المرتبة الأولى إفريقيا

برلمان

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • علوم
  • برلمان

7054 باحثا مغربيا ضمن العلماء الأكثر تأثيرا عالميا والمملكة تحتل المرتبة الأولى إفريقيا

الخط : A- A+ إستمع للمقال يواصل المغرب تعزيز مكانته في الساحة العلمية العالمية، حيث أدرج تصنيف 'AD Scientific Index 2025' ما مجموعه 7054 باحثا مغربيا ضمن قائمته السنوية للعلماء الأكثر تأثيرا، موزعين على 54 مؤسسة تعليم عالٍ وبحث علمي. وبحسب التصنيف، احتل المغرب المرتبة الأولى إفريقيا و94 عالميا، ما يعكس التقدم النوعي في الإنتاج العلمي الوطني وزيادة الاستشهادات بالأبحاث المغربية على المستوى الدولي. وتربع على صدارة الترتيب الوطني والإفريقي الأستاذ عبد السلام حمادة، أستاذ الفيزياء بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بحصيلة بلغت 384,657 استشهادا، منها 124,012 خلال السنوات الست الأخيرة، محققا المرتبة 94 عالميا. إلى جانب ذلك، حلت في المرتبة الثانية وطنيا والثالثة إفريقيا الدكتورة فريدة فاسي، أستاذة الفيزياء بجامعة محمد الخامس بالرباط، بـ 331,147 استشهادا، تلتها الباحثة رجاء الشرقاوي المرسلي من نفس الجامعة في المرتبة الثالثة مغربيا والرابعة إفريقيا بـ 304,681 استشهادا. ويشار إلى أن الباحثات الثلاث ينتمين إلى مجالات الفيزياء النووية والفيزياء عالية الطاقة، وهي تخصصات تشهد تقليديا معدلات عالية من الاستشهادات ضمن العلوم الطبيعية. وجدير بالذكر، أن مؤشر 'AD Scientific Index' يعتمد في تقييمه على عدد الاستشهادات الكلية والحديثة (آخر 6 سنوات)، مع مراعاة التوازن بين التأثير الكمي والراهنية العلمية، ويعمل على استبعاد الاستشهادات غير الطبيعية الناتجة عن الإفراط في التأليف أو التحفيز المؤسسي غير المبرر.

منح دراسية للطلاب الدوليين بجامعة ياجيلونيا البولندية.. البرامج المتاحة والمستندات المطلوبة
منح دراسية للطلاب الدوليين بجامعة ياجيلونيا البولندية.. البرامج المتاحة والمستندات المطلوبة

الأسبوع

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الأسبوع

منح دراسية للطلاب الدوليين بجامعة ياجيلونيا البولندية.. البرامج المتاحة والمستندات المطلوبة

منحة جامعة ياجيلونيا البولندية زينب الدبيس منح دراسية للطلاب الدوليين.. أعلنت جامعة ياجيلونيا البولندية، فتح باب التقدم لمنح دراسية للطلاب الدوليين الراغبين في استكمال دراستهم بالمرحلة الجامعية بمختلف مراحلها. منحة جامعة ياجيلونيا البولندية وأوضحت جامعة ياجيلونيا البولندية، أن هذه المبادرة تشمل برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وتعد فرصة مميزة للراغبين في الدراسة في بيئة أكاديمية مرموقة مدعومة بتسهيلات شاملة. رابط التقديم في منحة جامعة ياجيلونيا البولندية ويمكن للطلاب الدوليين الراغبين في الاشتراك في منحة جامعة ياجيلونيا البولندية، تسجيل طلب الالتحاق، من خلال زيارة الرابط التالي: التقديم في منحة جامعة ياجيلونيا البولندية مزايا منحة جامعة ياجيلونيا البولندية - تغطية كاملة للرسوم الدراسية. - راتب شهري يبلغ 1500 زلوتي بولندي. - تأمين صحي شامل. - منحة انتقال لمرة واحدة عند الوصول. - دعم كامل في إجراءات التأشيرة والإقامة. برامج منحة جامعة ياجيلونيا البولندية - البكالوريوس: تستمر من 3 إلى 4 سنوات وتشمل دراسة نظرية وتدريبا عمليا - الماجستير: مدته سنتان ويركز على البحث العلمي - الدكتوراه: تمتد لأربع سنوات وتشمل مشروعا بحثيا وإشرافًا أكاديميا متخصصا تخصصات منحة جامعة ياجيلونيا البولندية الطب. الهندسة. - العلوم الطبيعية. - تكنولوجيا المعلومات. - الاقتصاد. - القانون. - العلوم الإنسانية. - الفنون. - التربية. المستندات المطلوبة للتقديم في منحة جامعة ياجيلونيا البولندية - جواز سفر ساري. - الشهادات الدراسية وكشف الدرجات. - شهادة لغة إنجليزية. - خطاب تحفيزي وسيرة ذاتية. - خطابي توصية. - صور شخصية حديثة. - ترجمة موثقة للوثائق إلى الإنجليزية أو البولندية، مع تصديق من السفارة البولندية. معايير اختيار الطلاب في منحة جامعة ياجيلونيا البولندية وأشارت الجامعة، إلى أنه يتم تقييم الطلبات بناء على المعدل الأكاديمي، ومستوى اللغة، وجودة خطاب التحفيز، وقوة خطابات التوصية، بالإضافة إلى المقابلة الشخصية عبر الإنترنت والإنجازات البحثية السابقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store