أحدث الأخبار مع #العيسة


جريدة الايام
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الايام
أسامة العيسة في حضرة درويش: العمل الإبداعي مغامرة لا تعرف الاكتمال!
وصف الروائي أسامة العيسة العمل الأدبي بـ"المغامرة"، التي لا يفارقها البحث وربّما الاضطراب، مؤكداً أن "لا اكتمال" في الإبداع، كاشفاً أن السجن وهزيمة العام 1967 ثيمتان تحضران في معظم أعماله الروائية، وإن لم يكن ذلك مقصوداً. جاء ذلك خلال حوارّية ضمن مشروع "مبدع في حضرة درويش"، حاوره فيها الكاتب تحسين يقين، واحتضنتها قاعة الجليل في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء أول من أمس. وبدأ العيسة حديثه عن روايته "المسكوبية"، مشيراً إلى أنها تتناول تجربة فتى فلسطيني في آذار من العام 1982، حيث كان يقبع هو في معتقل التحقيق الإسرائيلي (المسكوبية) راصداً ليس فقط تجربته، بل تجارب ونماذج "كثيرة ومهمة" من حوله، لافتاً إلى أنه كان من الصعب الكتابة عنها، وقتذاك، لأكثر من سبب، بينها طبيعة صورة المناضل الفلسطيني، بحيث لم يكن مُستوعباً الكتابة عنه كإنسان، أو كشخص حالم قد تتملكه لحظات من الضعف، وهو ما ينطبق على "العالم السفلي من القدس"، حيث اعتقل مع "التحتيّين" في مدينة القدس، لذا انتظر حتى العام 2010، ليُصدرها رواية، تسلح في كتابتها بتقنيات صحافية، وبالعودة إلى قصاصات الجرائد، والبحث أيضاً. وعن روايته "قبلة بيت لحم الأخيرة"، أحال العيسة الجمهور إلى وصف بعض النقاد لها باعتبارها رواية ملحمية عن بيت لحم، مضيفاً: هي ليست فقط عن التحولات في الواقع الفلسطيني، بل بالأساس مراجعة لتجربة اليسار الفلسطيني، علاوة على كونها رواية مكان أيضاً. وفي حديثه عن رواية "مجانين بيت لحم"، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2015، وتبعاً لأسئلة مُحاوره، لفت العيسة إلى أنه ولد في مخيم الدهيشة للاجئين، لأسرة لجأت من قرية ما بين جبال الخليل والقدس، ووصفوا بالمجانين لمغادرتهم أراضيهم ومنازلهم، لكنهم وجدوا قبلهم "مجانين" آخرين في المنطقة، وهم نزلاء مستشفى الأمراض العقلية والنفسية في المدينة، مشدداً أنه لم يستخدم كلمة "جنون" أو وصف "مجانين" كوصمة. وأشار العيسة إلى أن علاقة خاصة نشأت بينه وبين سكّان المخيم والمستشفى، بحيث عمل العديد من أقاربه وجيرانه فيه، كما أن الطريق المختصرة من المخيم إلى بيت لحم المدينة كانت تمر من وسط الأراضي التابعة للمستشفى، بل "تعرّفنا على الكثيرين من الذين يسكنون هذا المستشفى، وبعضهم كان يحدثنا عن قصص حب تولدت بينهم"، كاشفاً أن بعض جنود الجيوش العربية، وإثر هذه الهزيمة أو تلك، كانوا من سكان "هذا المكان"، الذي يمكن أن يؤرخ لفترات زمنية ممتدة، فهو تعبير عن تحالف بين الإمبراطورية الألمانية والعثمانيين، بحيث بني كميتم لأطفال الأرمن الذين نجوا وقضت عائلاتهم في المذابح العثمانية، ومع الوقت غنمته السلطات البريطانية، إلى أن تحوّل إلى مستشفى للأمراض العقلية، وكان فيه مرضى فلسطينيون ويهود، الذين غادروه في أعقاب ثورة العام 1936.. قصة المكان جزء من قصة فلسطين، بحيث سيطر عليه الأردنيون في مطلع خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم الإسرائيليون، ومن ثم السلطة الفلسطينية، وكيف حدث في عهدها "حيث تم بناء العديد من المباني الرسمية والحكومية عليها، بل ومنح قطعة أرض من أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية الجديدة بقيادة بوتين ليبني عليها المركز الثقافي الروسي". أما عن روايته "قط بئر السبع"، فأكد أنها ليست فقط عن السجن، وتجربة الأسر، وحكايات الأسرى في زنازين الاحتلال، بل هي أيضاً عن الطبيعة الفلسطينية، بما فيها من حيوانات، فالقط الذي يتسلل إلى غرف الأسرى هو "البطل الحقيقي" لها، وكان يساعدهم في عديد الأمور، هي مبنية على قصة حقيقية. ولم يغفل العيسة في رده على أسئلة مُحاوره، الحديث عن روايته الأحدث "سماء القدس السابعة"، ونافست على الجائزة العالمية للرواية العربية في الدورة قبل الأخيرة، بوصولها إلى القائمة القصيرة، مشيراً إلى أن "نكسة العام 1967" كما "نكبة العام 1948" تحضران فيها، في إطار "رغبتي بكتابة رواية ملحمية عن مدينة القدس، وعن علاقتها بريفها، وكيف تطورت المدينة على مدار عقود لتختتم ما قبل الانتفاضة الثانية"، وفيها ميثولوجيا، واستعادة شخصيات مقدسية كان لها حضورها في المدينة عبر الزمن، وتوظيف أحداث بعينها، وغير ذلك، دون أن تخلو من فنتازيا أيضاً.


جريدة الايام
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الايام
أسامة العيسة يكتب يوميّاته في انتفاضة "بهمّش"!
تحت عنوان "بهمّش.. يوميّات كاتب في انتفاضة مغدورة"، يعيدنا الروائي والكاتب أسامة العيسة، إلى الوراء عشر سنوات تقريباً، وتحديداً إلى العام 2015، وشهر تشرين الأول منه، حيث تفاقمت ما اصطلح عليها "انتفاضة السكاكين"، أو"هبّة السكاكين"، في حين أطلق البعض "الانتفاضة الثالثة"، هي التي تواصلت لقرابة العام، وكان لها ما قبلها وما بعدها، عبر سرد ليومياته خلال هذا العام أو جزء كبير منه. وآثر العيسة في كتابه، الصادر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، تسميتها انتفاضة أو هبّة "بهمش"، الكلمة التي اشتهرت على لسان الحاج زياد أبو هليّل، الذي كان ينزل إلى نقطة تماس المواجهات في مدينة الخليل، محاولاً حماية الفتية حاملي الحجارة من رصاص جنود الاحتلال، مخاطباً إياهم بالدارجة بأن "بهمش"، أي أن لا مشكلة فيما يفعلون، حتى باتت "ترند"، بلغة العصر، تحوّل إلى أغنيات، وتطبع على "البلايز"، بل وتقتحم قصّات شعر الشباب. نزل العيسة إلى حيث مواقع المواجهات، في محاولة منه للتعرف أكثر وعن قرب، بل وإدراك ماذا يدور في أذهان جيل جديد من الفتية، شبّوا على رشق الحجارة، ليكتب يوميات تحت عنوان "أكتوبر الخامس عشر"، قبل اعتماد "بهمش" عنواناً لها وللهبة أو الانتفاضة، على اختلاف تسمياتها المتداولة. يبدأ العيسة بحكاية "الصديقة" أزهار أبو سرور والقبر المفتوح الذي تجلس عنده بانتظار جثمان ابنها عبد الحميد، لتدفنه و"تطمئن عليه تحت الأرض، وقريباً منها"، قبل أن يتقدم أكثر حتى "صرح يحمل صورة كبيرة للشهيد الطفل عبيد الله"، وكتابة بالإنكليزية "على لسانه تشرح للعالم ظروف إعدامه برصاصة استقرت في قلبه من قنّاص على أحد أبراج السور المحيط بقبّة راحيل، المطل على مخيم عايدة". وما بعد تشييعه في السادس من تشرين الأول 2015 كتب العيسة في يوميّاته التي أخرجها بين دفتي الكتاب حديث النشر حول "الانتفاضة المغدورة" أو هبّة "بهمّش": تمكن الطفل الشهيد عبد الرحمن شادي عبيد الله من إعادة الحشود الجماهيرية الكبيرة إلى شوارع بيت لحم، خلال تشييع جثمانه اليوم، بعد يوم من استشهاده، برصاصة قنّاص احتلالي، عندما كان يقف على مدخل مخيم عايدة شمال بيت لحم، مُرتدياً زيّه المدرسي، وما زالت حقيبته المدرسيّة على ظهره. والعيسة، الذي أشار إلى أنه "في هذه اليوميّات"، رجع قليلاً ليدرج "يوميّات" وجدها ضرورية لترابطها مع ما يليها، في حين ألغى يوميّات عديدة حتى لا يُكثر على القارئ، بينما أدرج يوميّات متأخرة لها علاقة بيوميّات أسبق. وشدد الروائي الذي حصد العديد من الجوائز الأدبية والإبداعية العربية البارزة، ونافس على أخرى، على أنه "من الصعب تحديد وقت انتهاء انتفاضة بهمّش، فعمليات المقاومة لا تنتهي، وإن كانت تضعف وتقوى لأسباب ليس دائماً يمكن تحديدها"، مؤكداً أن "انتفاضة بهمّش، هي انتفاضة مهدورة، لم تخلف غير الدم والألم، ولم تُستثمر سياسيّاً"، واصفاً ذات الهبّة بأنها "انتفاضة مغدورة" أيضاً، كما في عنوان الكتاب وشيء من متنه. وأخذ الكتاب التوثيقي شكل قصص قصيرة أخذ كل منها عنواناً، وتوزعت على ما يزيد على الثلاثمائة صحفة، بعشرين أو أكثر، صيغت بأسلوب يمزج التوثيق الصحافي بالأدبي، ويتطرق بجرأة ودون مواربة لمشاهد لم ترصدها عدسات الكاميرات، في حين لم تخل بعض الحكايات من تحليل أو مقاربة سياسية لكاتبها، مع حضور عنصر السخرية من واقع صعب في عديد قصص انتفاضة "بهمّش"، التي اعتمد تسلسلها تبعاً لتاريخ وقوع الحدث الذي تتكئ عليه. تحت عنوان "فتى الكرسي" يرصد أسلوباً نضالياً مغايراً لأحد الفتية، فنراه يستعيد ما كتبه في الثامن ممن تشرين الأول 2015: لا يختلف مظهره عن أي من الفتية الملثّمين بشكل كامل أو جزئي، الذين يقارعون قوات الاحتلال على خط التماس قرب "قبّة راحيل"، ولكن يختلف عنهم فيما يمكن وصفها بمهمته التي وضعها لنفسه، وهي وضع كرسي في أقرب نقطة قريبة من جنود الاحتلال، لا تفصله عنهم سوى الإطارات المشتعلة والجلوس على الكرسي.. "صاحب الكرسي" أو "فتى الكرسي" هي الكنية أو الصفة التي أصبح يُعرف بها منذ تجدّد المواجهات على "قبّة راحيل"، واستشهاد الطفل عبيد الله، وإصابة العديد من الأطفال والفتية بجروح.. يجلس "فتى الكرسي"، على كرسي بلاستيكي، يضعه على الجزيرة الصغيرة وسط الشارع، يغطي نصف وجهه الأسفل، يراقب ما يحدث، يمد رجله وكأنه في نزهة، يتحمّل أدخنة النار القريبة منه، والغاز المدمع، إن كان غير كثيف، وعندما تشتد المواجهات، وتصله حجارة المنتفضين من الخلف، أو قنابل ورصاص الجنود من الأمام، يقف مكانه، ويضع الكرسي فوق رأسه محتمياً، وعندما يسود هدوء نسبي يعود إلى جلسته. وفي استعادة لما كتبه يوم 13 من الشهر نفسه، وتحت عنوان "زجاجة البنانير.. حجم عائلي"، كتب العيسة عن طفل آخر "عمره 11 عاماً، يأتي إلى المواجهات، واضعاً على كتفه زجاجة مشروبات غازية من الحجم العائلي"، تحوي "بنانير"، هو الذي أكد للكاتب أنها تتسع لـ 250 "بنورة"، هي حصيلة ما كسبه من اللعب مع أقرانه في حواري المخيم.. "لا تفارق الزجاجة كتفه، يتقدم مع المتقدمين، ويهرب مع الهاربين، عندما يطلق الجنود الغاز السام المدمع"، مؤكداً أنه يزوّد بها "من يحب من الرماة الماهرين"! في "أولاد الجبل" التي تعود إلى 20 تشرين الثاني 2015 كتب العيسة عن "القدّيس الشعبي أبو نجيم"، سبقه بيوم حديث عن "بنات أكتوبر" ارتبط بسؤال للمرحوم محمود الخطيب (أبو نبيل) عن تطوّر دور المرأة النضالي، وبعده بيوم كان الحديث عن مركز التراث الفلسطيني الذي تديره الباحثة مها السقا، تحت عنوان "عينا المها اليقظة"، ليتحدث في 25 من الشهر نفسه عن معاناة "آل حرب"، لكون منزلهم هو الأقرب إلى خط التماس (قبّة راحيل)، بين بيت لحم والقدس، وهو ما انعكس حتى على الدخول إلى المنزل أو الخروج منه. وفي مطلع تشرين الثاني 2015، وتحت عنوان "حمالة عزرائيل زادت عن جسد الرضيع"، رصد العيسة: بدا جسد الشهيد الرضيع رمضان محمد فيصل ثوابتة، المسجى على حمالة الموتى، التي حملها ثلة من جنود الأمن الوطني، الذي قضى يوم أول من أمس بسبب الغاز المدمع، الذي أطلقه جنود الاحتلال في بلدة بيت فجّار، وكأنه مشهد من فيلم ملحمي. وتحت عنوان "حقائب" تمحورت القصة التوثيقية التي كان كتبها في 19 من الشهر نفسه، حول وصول "الأولاد إلى قبة راحيل"، ويقصد مجموعة صغيرة من الطلبة، "تلثموا، وضعوا حاويات القمامة في وسط الشارع، أخرجوا المقاليع من حقائبهم المدرسية، ورشقوا الجنود.. رد الجنود بقسوة، هرب الأولاد، منهم من ترك حقيبته خلفه، اعتقل الجنود الحقائب". في القصص التي تتجمع سردية من نوع خاص حول انتفاضة أو هبّة "بهمش"، ثمة رصد بعين ثاقبة، وكلمات معبّرة، للفتية الذين كانوا قادتها ووقودها في آن، ولشخصيات عرفها العيسة جيداً، أو كان شاهداً على حكايتها، أو سمع ربّما عنها، عبرت السرد دون أن تكون عابرة، كـ"جميل البعبيش"، و"الحاج أبو زياد"، و"عوني الشيخ"، و"مرام حسونة"، و"إلياس حلبي"، و"محمد عليان"، و"أم الشهيد خالد جوابرة"، و"الفنانة رنا بشارة"، و"محمد القيق"، وغيرهم الكثير، في وثيقة تأريخية أدبية لحقبة زمنية لم يسبقه، حدّ علمي، إلى توثيقها أحد، وأعني "انتفاضة السكاكين" أو هبّة "بهمّش"، كما فضل تسميتها.