logo
#

أحدث الأخبار مع #القميصالمسروق،موتسريررقم12

"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)
"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)

مصراوي

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مصراوي

"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)

أنهينا مقالنا السابق بالتساؤل: وما علاقة المرأة بأدب كنفاني؟ قد يتعجب القراء الأعزاء، ويتبادر إلى أذهان البعض أنه سؤال بلا قيمة أو سؤال تشويقي لقراءة المقال القادم، إلا أن هذا التساؤل يكشف لنا جانبًا مهمًا من أدب كاتبنا العظيم. عزيزي القارئ، لما كانت المرأة عنصرًا إنسانيًا فاعلًا في المجتمع، وركنًا أساسيًا من بناء الشعب، فقد أعطاها غسان كنفاني اهتمامًا خاصًا، ونظرة متفردة بدت في أعماله بصور مختلفة، فهي جزء من صور الثورة والمقاومة والرفض أيضًا. كما أن المرأة في أدب غسان كنفاني تحتل جزءًا أساسيًا من وعيه الإيديولوجي وثقافته التي بنى شخصيته الأدبية والسياسية عليها، فكانت تشكل في عالمه الأدبي الخاص معادلًا موضوعيًا لأرض فلسطين في صورتها الإيجابية في مقابل أرض المنفى والمخيم في بعدها السلبي. ولهذا فإن المرأة في أدب غسان كنفاني مرتبطة بالأرض في معظم تجلياتها وأبعادها، وقد عبر الأديب عن هذه الفكرة بأكثر من أسلوب، سواء في روايته أم في قصصه القصيرة أم في مسرحياته، وحتى في رسائله إلى غادة السمان، على اعتبار أن تلك الرسائل تدرس في باب الأدب تحت ما يعرف بــ: أدب الرسائل. فالمرأة الكنفانية مرتبطة بالأرض الفلسطينية في معظم وجوهها وصورها. فجاءت المرأة في أدبه نتاجًا لتلك العلاقات النصية والثقافية التي تعبر عن واقع الفلسطيني والنضال المستمر من أجل تغييره وإحلال عالم السعادة والحب مكان المعاناة والحرب. ولذلك وجدنا في غسان كنفاني أنه ليس مجرد علامة مضيئة في تاريخنا المعاصر، بل هو يحمل بذور الكشف عن المسار الصحيح لعلاقتنا بهذا التاريخ. فكنفاني يقع بالضبط في نقطة التقاء الفجيعة والحلم، هذه النقطة التي تُسمى في لغة السياسة بـ "الممارسة". في هذه النقطة لم يكن الأدب ممارسة لعلاقة الإنسان بذاته أو بغيره من الناس، بل كان علاقة حميمية بالبحر الجماهيري الذي يختزن أعظم الطاقات، والذي يحمل في أحشائه فجر التحولات الجذرية. في نقطة اللقاء هذه كتب كنفاني الأدب، ممارسة تاريخية، في أقسى الظروف النضالية التي يمر بها شعب من الشعوب. «المخيم»، «الهجرة»، «المقاومة» ليست عناوين لروايات كنفاني وقصصه. إنها العصب الذي يشد الكلمات، فتخرج مليئة بطاقة الفعل، قادرة على طرح العديد من الأسئلة، وإن لم تكن قادرة على الإجابة عليها جميعًا. فنجد في كتابة كنفاني علاقة دائمة بين طرفين: القطيعة والاستعادة. القطيعة بوصفها رفضًا للماضي، رفضًا للمخيم والهجرة وقيمها التي تستلب الفلسطيني وتحيله لاجئًا. والاستعادة بوصفها اكتشافًا لجميع القيم الفضائلية الموجودة خلف ظاهرة المخيم. هذه العلاقة هي التي جعلت لكتابات كنفاني حضورًا مذهلًا. إنه الحضور وسط الآلام ووسط الدماء التي يدفعها الفلسطيني في احتفال ثوري جماعي في مواجهة لحظة الانحطاط في حياتنا العربية. ومن أبرز ما كتب كنفاني: "عالم ليس لنا"، "من قتل ليلى الحايك"، مسرحية "الباب"، "مسرحية "القبعة والنبي"، كتاب "عن الرجال والبنادق"، "كتاب "القميص المسروق، "موت سرير رقم 12"، "أرض البرتقال الحزين"، مقالات "فارس فارس"، رواية "عائد إلى حيفا"، رواية "رجال في الشمس"، "الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال"، رواية "أم سعد"، "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان"، "الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال 1948 – 1968م"، "في الأدب الصهيوني"، "ثورة 1936م". وفي الثامن من يوليو سنة 1972م، يخرج غسان من بيته بصحبة ابنة أخته (لميس) مُودعًا زوجته (آني) الوداع الأخير من حيث لا يشعر، حيث الموت الذي ينتظره في سيارته المفخخة. فتسمع (آني) صوت الانفجار الذي هز المكان هزًا بعد لحظات، فتتراكض الجماهير لالتقاط أشلائه، حيث يده التي سطرت تاريخ الشعب الفلسطيني، بثورته وعناده وألمه، تنتزع انتزاعًا عن جسده... مُعلنة شهادته. وأخيرًا، لقد رسم غسان كنفاني ملامح البطل الفلسطيني بكل أبعاده، ضمن رؤية ذكية تستشرف مستقبل القضية الفلسطينية، عندما كان أدبه رصدًا لتطور المراحل الزمنية التي مرت بها القضية، فكان واعيًا بأهمية التجربة الأدبية، من خلال أعماله الروائية والقصصية. ولهذا نجد غياب غسان كنفاني ليس إلا حضورًا من نوع جديد، ومعه ندرك أتم الإدراك "أن طريق الخلاص هو أن يصبح كل عربي فلسطينيًا، وكل فلسطيني عربيًا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store