أحدث الأخبار مع #الكيوبتات


البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- علوم
- البلاد البحرينية
قفزة نوعية نحو إنترنت المستقبل الكمي
في خبر يبدو كأنه مأخوذ من صفحات الخيال العلمي، أعلنت جامعة أكسفورد عن إنجاز غير مسبوق: نقل كمي للمعلومات بين حاسوبين كموميين باستخدام تقنية التشابك الكمي. ليس الأمر هنا عن تسريع الإنترنت أو تحسين جودة الاتصالات، بل عن تغيير جذري في قواعد اللعبة، عن صياغة جديدة لفهمنا لطبيعة نقل البيانات ذاتها. هذه القفزة العلمية تقرّبنا من عصر جديد يُعرف بـ 'إنترنت كمومي' لا يقوم على إرسال الإشارات الكلاسيكية، بل على إعادة خلق المعلومات آنيا في مكان آخر، وكأن البيانات تسافر دون أن تمر بالفضاء بين نقطتين. لكن ما هو النقل الكمي؟ ببساطة، هو طريقة لنقل المعلومات دون المرور التقليدي بإشارات أو كابلات. بل يعتمد على خاصية فيزيائية مدهشة تُعرف بـ 'التشابك الكمومي' (quantum entanglement)، حيث تصبح جزيئتان أو 'كيوبتان' مترابطتين بطريقة تجعل حالة إحداهما تحدد حالة الأخرى فورًا، مهما كانت المسافة بينهما. تخيّل أن تهمس بسر في أذن شخص في لندن، فيسمعه شخص آخر في طوكيو في اللحظة ذاتها، دون وسيط، دون تأخير، ودون أن تمر الرسالة بأحد. على الصعيد العلمي البحت، ما يجعل هذا النقل الكمومي بين حاسوبين في 'أكسفورد' استثنائيًا، هو استخدام تقنية تُعرف بـ 'حجز الأيونات' (ion trapping)، وهي طريقة لحفظ الكيوبتات (الوحدات الأساسية للمعلومة الكمومية) في حالة مستقرة وفعّالة. وبخلاف الحوسبة التقليدية التي تعتمد على 'بتات' تأخذ إما 0 أو 1، فإن الكيوبت قادر على الوجود في حالة تراكب (superposition)، تجمع بين 0 و1 في الوقت ذاته؛ ما يمنحه قدرة حسابية هائلة. ولعل التحدي الأكبر الذي واجهه الباحثون، هو الحفاظ على الترابط الكمومي بين الكيوبتات لمسافة معينة دون أن تنهار الحالة الكمومية بسبب التداخل أو الضوضاء البيئية. تمكن فريق جامعة أكسفورد من التغلب على هذه العقبة عبر نظام تبريد دقيق، وحواجز مغناطيسية معزولة، وسلسلة من الليزرات فائقة الدقة؛ لضبط حالة الأيونات بدقة لا متناهية. إن التحكم بهذه الدقة في بيئة هشّة بهذا الشكل يوازي النجاح في تشغيل أوركسترا كاملة فوق حبل مشدود، دون أن تفقد نغمة واحدة. ما تحقّق في مختبرات 'أكسفورد' ليس مجرد برهان علمي، بل بذرة عملية لأول شبكة إنترنت كمومي قابلة للتطبيق، إنترنت لا يُنقل فيه الملف من المرسل إلى المستقبل، بل يُعاد بناؤه لحظيًا في الجهة الأخرى عبر تشابك كمومي؛ ما يجعل التنصت أو التطفل مستحيلًا نظريًا. فبمجرد أن يحاول طرف خارجي التداخل مع الاتصال، ينهار النظام الكمومي تلقائيًا، وتُكشف المحاولة فورًا. تخيّل ما يعنيه ذلك للبنوك، للمخابرات، للطب، وللأفراد في زمن تُباع فيه الخصوصية بأثمان بخسة. أمن المعلومات، الذي كان دومًا سباق توازن بين القفل واللص، سيجد نفسه في لحظة قفزة كمومية حاسمة: لا مفاتيح قابلة للنسخ، ولا بيانات قابلة للسرقة. التحديات التي تنتظرنا ومع كل الحماسة التي تثيرها هذه التجربة الرائدة، لا بد من الاعتراف بأن الطريق إلى شبكة كمومية عالمية ما يزال محفوفًا بتحديات علمية وهندسية ضخمة. فالحفاظ على التشابك الكمومي عبر مسافات طويلة دون أن تتلاشى الحالة الكمومية أو تنهار تحت ضغوط البيئة الطبيعية، ما يزال أمرًا صعبًا. كما أن توسيع نطاق هذه التقنية من مختبر محدود إلى شبكة عالمية سيتطلب بنية تحتية جديدة بالكامل، وكوادر مدرّبة، واستثمارات هائلة. إضافة إلى ذلك، ما يزال هناك تحدٍ فلسفي وعلمي حول حدود هذا النوع من الاتصالات: هل يمكننا بناء شبكة كمومية تربط العالم كله دون أن تنهار من ذاتها؟ وهل يمكن إيجاد بروتوكولات تنظيمية تحمي من الاحتكار أو التسلط على هذه التقنية الجديدة؟ الأسئلة مفتوحة، والإجابات لم تُكتب بعد. لمحة عن المستقبل لكن، وسط هذه الأسئلة، يبقى الإنجاز الأكاديمي من جامعة أكسفورد بمثابة ومضة من المستقبل. ومضة تشير إلى أن أحلام البشرية في سرعة غير مسبوقة، وأمان لا يُخترق، وكمون صفري في الاتصالات، لم تعد محض خيال. بل نحن، ولأول مرة، نمشي على أول جسر بين الفيزياء النظرية والواقع التقني الكمومي. سيأتي يوم يُستبدل فيه الإنترنت الحالي بشبكة كمومية لا تُخزّن فيها البيانات على الخوادم، بل تُوزّع ويُعاد بناؤها لحظيًا. يوم تُصبح فيه الخصوصية افتراضية بمعناها الحقيقي. يوم تُدار فيه أنظمة المرور، والمال، والدفاع، والطب، عبر حواسيب كمومية لا تخطئ ولا تُخترق. إن ما بدأ بتشابك بين أيونين في مختبر بريطاني قد ينتهي بتشابك مصائر أمم كاملة في شبكة عالمية من الثقة والسرعة. وما كان يُعد سحرًا قبل أعوام، صار اليوم علمًا.. وغدًا، سيكون بنية تحتية.


أخبارنا
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- أخبارنا
حسام الحوراني : الحوسبة الكمومية بوابة لتطوير مواد جديدة تُغيّر وجه العالم
أخبارنا : في الأعماق الهادئة لمختبرات الفيزياء المتقدمة، تجري حاليًا ثورة علمية صامتة ستغير شكل المستقبل كما نعرفه. إنها ثورة الحوسبة الكمومية، تحديدًا باستخدام الكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل، وهي تقنية تُحدث نقلة نوعية في مجالات متعددة، لكن واحدة من أكثر تطبيقاتها إثارة للعقول والخيال هي: تطوير مواد جديدة بمستويات غير مسبوقة من الدقة والابتكار. لفترة طويلة، كان اكتشاف المواد يتم عن طريق التجربة والخطأ. نخلط المركبات، نراقب النتائج، ونعيد التجربة مرات لا تُعد. لكن مع الحوسبة الكمومية، وتحديدًا مع التقدم في بناء أنظمة قائمة على الكيوبتات الفائقة التوصيل، أصبح بإمكاننا محاكاة التفاعلات الكيميائية والفيزيائية للجزيئات والمواد على مستوى الذرات، بدقة تعجز عنها أقوى الحواسيب التقليدية. فما علاقة هذه «الكيوبتات» بصناعات مثل الطيران، البناء، الطاقة أو حتى الهواتف الذكية؟ الإجابة تكمن في أن كل صناعة تعتمد على مادة معينة: سبائك خفيفة وأقوى للطائرات، موصلات أفضل للإلكترونيات، مواد عازلة للطاقة، مركبات كيميائية أكثر كفاءة للبطاريات، أو حتى مواد حيوية لاستخدامها داخل جسم الإنسان. كل هذه المواد – في نهاية المطاف – تُبنى من تفاعلات ذرية دقيقة. ومع الحوسبة الكمومية، يمكننا تصميم مواد بخصائص محددة قبل أن نصنعها فعليًا في المختبر، ما يُسرّع عملية الاكتشاف ويخفض كلفتها بشكل مذهل. وعندما نتحدث عن الكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل، فإننا نتحدث عن النوع الأكثر واعدًا من حيث الأداء والاستقرار، والقادر على إجراء محاكاة جزيئية معقدة بسرعة خارقة ودقة غير مسبوقة. هذه الكيوبتات تعمل في درجات حرارة منخفضة جدًا (قريبة من الصفر المطلق) وتتميز بإمكانية التحكم بها بسهولة نسبية مقارنة بأنواع أخرى، مثل الكيوبتات الضوئية أو الأيونية. وقد بدأت شركات عملاقة مثل Google وIBM وMicrosoft بالاستثمار الهائل في هذه التكنولوجيا، لإنشاء ما يُعرف بـ»منصات المواد الكمومية» وهي أنظمة ذكية تُستخدم لاكتشاف وتصميم المواد الجديدة بناء على المحاكاة الكمومية بدلاً من التجربة المخبرية البطيئة والمكلفة. خذ على سبيل المثال تطوير موصلات فائقة تعمل في درجات حرارة أعلى من المعتاد. هذه المواد – التي تسمح بمرور الكهرباء دون فقد للطاقة – تُعد حلمًا للمهندسين ومصممي شبكات الكهرباء. ولكن فهم كيفية تشكل هذه الموصلات كان شبه مستحيل نظرًا لتعقيد التفاعلات الداخلية. اليوم، باستخدام معالجات كمومية فائقة التوصيل، يمكن محاكاة تلك التفاعلات بدقة، ما يُمهّد الطريق لاكتشاف موصلات جديدة تُحدث ثورة في النقل الكهربائي حول العالم. في مجال الطاقة المتجددة، مثلاً، يُمكن لمحاكاة كمومية أن تكتشف مواد أفضل لتخزين الهيدروجين أو تحسين كفاءة الألواح الشمسية. وفي الفضاء والطيران، يمكن للمواد الجديدة التي تُطوّر كموميًا أن تكون أخف وزنًا، وأقوى في التحمل، وأكثر مقاومة للإشعاع – مما يقلل من التكاليف ويحسن الأداء. الأمر لا يقف عند المواد الصلبة فقط. حتى الكيماويات الصناعية – من الأسمدة إلى الوقود – يمكن تحسينها واكتشاف بدائل أكثر أمانًا وصداقة للبيئة من خلال المحاكاة الكمومية التي تتعمق في خصائص كل ذرة وكل رابط كيميائي. لكن التأثير الحقيقي لهذه التكنولوجيا سيظهر عندما تنتقل من المختبرات إلى العالم الواقعي. وعندها، سنشهد تسارعًا غير مسبوق في تطوير مواد وأدوية وأجهزة، قد تُغيّر معايير الحياة كما نعرفها. ستكون هناك أقمشة تنظف نفسها، زجاجٌ يرمم خدوشه، بطاريات تشحن في ثوانٍ، وأجهزة طبية تذوب في الجسم بعد أن تُتم وظيفتها. ومع كل هذا التقدم، تُطرح تساؤلات مشروعة: من سيسيطر على هذه التكنولوجيا؟ ومن سيحكم استخدامها؟ وهل ستكون متاحة للدول النامية، أم حكرًا على القوى العظمى؟ في هذا السياق، يُمكن للدول العربية التي تسعى إلى تحقيق رؤية اقتصادية قائمة على المعرفة، أن تدخل هذا السباق من بابه الصحيح، عبر الاستثمار في البحث العلمي، وتعليم الجيل الجديد مفاهيم الحوسبة الكمومية، وعقد شراكات مع مراكز أبحاث عالمية. لا نحتاج إلى بناء حاسوب كمومي من الصفر، بل إلى أن نعرف كيف نستخدمه بذكاء في مجالات تخدم احتياجاتنا التنموية. بالمختصر، لا تُعتبر الكيوبتات الفائقة التوصيل مجرد تقنية جديدة، بل نقلة نوعية في العقل البشري نفسه، تُتيح لنا تجاوز حدود الطبيعة لفهمها وتشكيلها من جديد. ومع الحوسبة الكمومية، لم نعد فقط نرصد العالم، بل نعيد تصميمه – ذرة بذرة. فهل من مدكر؟

الدستور
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- الدستور
الحوسبة الكمومية بوابة لتطوير مواد جديدة تُغيّر وجه العالم
في الأعماق الهادئة لمختبرات الفيزياء المتقدمة، تجري حاليًا ثورة علمية صامتة ستغير شكل المستقبل كما نعرفه. إنها ثورة الحوسبة الكمومية، تحديدًا باستخدام الكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل، وهي تقنية تُحدث نقلة نوعية في مجالات متعددة، لكن واحدة من أكثر تطبيقاتها إثارة للعقول والخيال هي: تطوير مواد جديدة بمستويات غير مسبوقة من الدقة والابتكار. لفترة طويلة، كان اكتشاف المواد يتم عن طريق التجربة والخطأ. نخلط المركبات، نراقب النتائج، ونعيد التجربة مرات لا تُعد. لكن مع الحوسبة الكمومية، وتحديدًا مع التقدم في بناء أنظمة قائمة على الكيوبتات الفائقة التوصيل، أصبح بإمكاننا محاكاة التفاعلات الكيميائية والفيزيائية للجزيئات والمواد على مستوى الذرات، بدقة تعجز عنها أقوى الحواسيب التقليدية. فما علاقة هذه «الكيوبتات» بصناعات مثل الطيران، البناء، الطاقة أو حتى الهواتف الذكية؟ الإجابة تكمن في أن كل صناعة تعتمد على مادة معينة: سبائك خفيفة وأقوى للطائرات، موصلات أفضل للإلكترونيات، مواد عازلة للطاقة، مركبات كيميائية أكثر كفاءة للبطاريات، أو حتى مواد حيوية لاستخدامها داخل جسم الإنسان. كل هذه المواد – في نهاية المطاف – تُبنى من تفاعلات ذرية دقيقة. ومع الحوسبة الكمومية، يمكننا تصميم مواد بخصائص محددة قبل أن نصنعها فعليًا في المختبر، ما يُسرّع عملية الاكتشاف ويخفض كلفتها بشكل مذهل. وعندما نتحدث عن الكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل، فإننا نتحدث عن النوع الأكثر واعدًا من حيث الأداء والاستقرار، والقادر على إجراء محاكاة جزيئية معقدة بسرعة خارقة ودقة غير مسبوقة. هذه الكيوبتات تعمل في درجات حرارة منخفضة جدًا (قريبة من الصفر المطلق) وتتميز بإمكانية التحكم بها بسهولة نسبية مقارنة بأنواع أخرى، مثل الكيوبتات الضوئية أو الأيونية. وقد بدأت شركات عملاقة مثل Google وIBM وMicrosoft بالاستثمار الهائل في هذه التكنولوجيا، لإنشاء ما يُعرف بـ»منصات المواد الكمومية» وهي أنظمة ذكية تُستخدم لاكتشاف وتصميم المواد الجديدة بناء على المحاكاة الكمومية بدلاً من التجربة المخبرية البطيئة والمكلفة. خذ على سبيل المثال تطوير موصلات فائقة تعمل في درجات حرارة أعلى من المعتاد. هذه المواد – التي تسمح بمرور الكهرباء دون فقد للطاقة – تُعد حلمًا للمهندسين ومصممي شبكات الكهرباء. ولكن فهم كيفية تشكل هذه الموصلات كان شبه مستحيل نظرًا لتعقيد التفاعلات الداخلية. اليوم، باستخدام معالجات كمومية فائقة التوصيل، يمكن محاكاة تلك التفاعلات بدقة، ما يُمهّد الطريق لاكتشاف موصلات جديدة تُحدث ثورة في النقل الكهربائي حول العالم. في مجال الطاقة المتجددة، مثلاً، يُمكن لمحاكاة كمومية أن تكتشف مواد أفضل لتخزين الهيدروجين أو تحسين كفاءة الألواح الشمسية. وفي الفضاء والطيران، يمكن للمواد الجديدة التي تُطوّر كموميًا أن تكون أخف وزنًا، وأقوى في التحمل، وأكثر مقاومة للإشعاع – مما يقلل من التكاليف ويحسن الأداء. الأمر لا يقف عند المواد الصلبة فقط. حتى الكيماويات الصناعية – من الأسمدة إلى الوقود – يمكن تحسينها واكتشاف بدائل أكثر أمانًا وصداقة للبيئة من خلال المحاكاة الكمومية التي تتعمق في خصائص كل ذرة وكل رابط كيميائي. لكن التأثير الحقيقي لهذه التكنولوجيا سيظهر عندما تنتقل من المختبرات إلى العالم الواقعي. وعندها، سنشهد تسارعًا غير مسبوق في تطوير مواد وأدوية وأجهزة، قد تُغيّر معايير الحياة كما نعرفها. ستكون هناك أقمشة تنظف نفسها، زجاجٌ يرمم خدوشه، بطاريات تشحن في ثوانٍ، وأجهزة طبية تذوب في الجسم بعد أن تُتم وظيفتها. ومع كل هذا التقدم، تُطرح تساؤلات مشروعة: من سيسيطر على هذه التكنولوجيا؟ ومن سيحكم استخدامها؟ وهل ستكون متاحة للدول النامية، أم حكرًا على القوى العظمى؟ في هذا السياق، يُمكن للدول العربية التي تسعى إلى تحقيق رؤية اقتصادية قائمة على المعرفة، أن تدخل هذا السباق من بابه الصحيح، عبر الاستثمار في البحث العلمي، وتعليم الجيل الجديد مفاهيم الحوسبة الكمومية، وعقد شراكات مع مراكز أبحاث عالمية. لا نحتاج إلى بناء حاسوب كمومي من الصفر، بل إلى أن نعرف كيف نستخدمه بذكاء في مجالات تخدم احتياجاتنا التنموية. بالمختصر، لا تُعتبر الكيوبتات الفائقة التوصيل مجرد تقنية جديدة، بل نقلة نوعية في العقل البشري نفسه، تُتيح لنا تجاوز حدود الطبيعة لفهمها وتشكيلها من جديد. ومع الحوسبة الكمومية، لم نعد فقط نرصد العالم، بل نعيد تصميمه – ذرة بذرة. فهل من مدكر؟


جهينة نيوز
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- جهينة نيوز
حين تقترب المعجزة من الحياة اليومية : التقدم في الحوسبة الكمومية
تاريخ النشر : 2025-05-14 - 11:49 am حسام الحوراني في زاوية صغيرة من مختبرات المستقبل، حيث لا تُسمع أصوات ولا تُرى حركة، هناك جسيمات دون ذرية تتراقص داخل دوائر فائقة البرودة، في صمت يشبه السحر. ما يحدث هناك ليس مشهدًا من رواية خيال علمي، بل هو قلب ثورة علمية تحمل اسم الحوسبة الكمومية، ويقودها نوع فريد من التكنولوجيا يُعرف بـالكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل. لكن قبل أن نغوص في التقنية، دعونا نطرح السؤال الأهم: لماذا يجب أن نهتم؟ وما علاقة هذا التقدم الغامض في الفيزياء بحياتنا اليومية كمواطنين، وطلاب، وأطباء، ورجال أعمال؟ الجواب باختصار: هذا التقدم قد يُغيّر كل شيء. ما هي الدوائر الفائقة التوصيل؟ هي دوائر كهربائية مصنوعة من مواد فائقة التوصيل، قادرة على تمرير الكهرباء دون أي مقاومة عندما تُبرد لدرجات قريبة من الصفر المطلق. عندما تُستخدم هذه الدوائر في بناء الكيوبتات – وهي الوحدة الأساسية في الحوسبة الكمومية – فإنها تصبح منصة قوية لخلق حالات كمومية مستقرة تُستخدم في إجراء حسابات لا يمكن لأي حاسوب تقليدي تنفيذها، حتى لو استهلكت عمر الكون كله. في السابق، كانت الحوسبة الكمومية مجرد نظرية معقدة لا تغادر جدران الجامعات. لكن اليوم، ومع التقدم السريع في تصنيع الكيوبتات الفائقة التوصيل، أصبحت الشركات مثل IBM، Google، Rigetti، تبني حواسيب كمومية حقيقية تعتمد على هذه التكنولوجيا، وتُحقق فيها إنجازات مذهلة. تخيل حاسوبًا يستطيع محاكاة سلوك الدواء داخل جسم الإنسان في دقائق، أو التنبؤ بدقة بسلوك السوق المالي قبل أسابيع، أو ابتكار مواد جديدة للطاقة الشمسية، أو حتى فك شفرات الأمراض الوراثية. كل هذا لم يكن ممكنًا – ولا يزال مستحيلاً – باستخدام الحوسبة الكلاسيكية. لكن مع الكيوبتات فائقة التوصيل، بدأت هذه السيناريوهات تدخل حيز التجربة والتطبيق. كيف سيؤثر ذلك على حياتنا؟ الطب والعلاجات الخارقة : خلال سنوات قليلة، قد نصل إلى مرحلة يُصبح فيها تشخيص الأمراض وعلاجها يعتمد على حواسيب كمومية تحلل الجينات وتُصمم علاجات مخصصة بدقة لا تُصدق. قد تظهر أدوية للسرطان تُكتشف في أيام، وعلاجات نادرة لأمراض مستعصية تُصنع خصيصًا لجيناتك أنت. أمن رقمي غير قابل للاختراق : مع التقدم في هذه الكيوبتات، سنتمكن من الوصول إلى تشفير كمومي يجعل البيانات الرقمية غير قابلة للاختراق. في عالم يهدده القراصنة الرقميون، سيكون لديك بريد إلكتروني لا يمكن لأحد فتحه، واتصالات حكومية لا يمكن التجسس عليها، وبطاقات مصرفية تحمي نفسها ذاتيًا. تجارب يومية أسرع وأكثر ذكاءً : هل واجهت تأخيرًا في تحميل صفحة؟ أو تعطل تطبيق ذكي؟ بفضل الحساب الكمومي، ستحصل على سرعة استجابة فورية. تطبيقاتك ستتنبأ بما تحتاجه قبل أن تطلبه، والروبوتات المنزلية ستتفاعل معك كما يتفاعل الإنسان. نقلة نوعية في الاقتصاد : البنوك، والطيران، وسلاسل الإمداد، وحتى تسعير المواد الخام... ستُدار كلها بخوارزميات كمومية فائقة القدرة على التنبؤ، مما يُقلل الخسائر ويزيد من الكفاءة. هذا قد ينعكس على حياتك في شكل خدمات أرخص، أسرع، وأكثر دقة. الكيوبتات الفائقة التوصيل هي الأمل الأكبر لأنها ببساطة الأكثر استقرارًا وقابلية للتوسع حتى الآن. فبينما تعاني أنواع أخرى من الكيوبتات من مشاكل عدم الثبات أو صعوبة التصنيع، استطاعت الدوائر فائقة التوصيل أن تقدم أداءً عاليًا ومستقرًا في تجارب متعددة، مما يجعلها المرشح الأول لبناء أول حاسوب كمومي تجاري واسع الاستخدام. بل إن شركة Google أعلنت بالفعل في تجاربها منذ 2019 تحقيق ما يُعرف بـ"التفوق الكمومي"، عندما نجح معالجها الكمومي "Sycamore" – المبني على هذه الدوائر – في تنفيذ عملية استغرقت 200 ثانية، بينما تحتاج أقوى الحواسيب التقليدية إلى الاف السنوات لحلها. أنظمة الكيوبتات الفائقة التوصيل تحتاج إلى بيئة شديدة البرودة (قريبة من الصفر المطلق)، وهذا يجعل تشغيلها معقدًا ومكلفًا. لكن الشركات تعمل حاليًا على تصغير أنظمة التبريد وتطوير رقائق كمومية يمكن تشغيلها في بيئات أكثر واقعية. اما بالنسبة للعالم العربي، فان الفرصة أمامنا. الاستثمار في البحث الكمومي، دعم الجامعات، إرسال بعثات علمية، وإنشاء شراكات مع شركات عالمية، يمكن أن يجعل دولًا عربية في طليعة هذا السباق. لا نحتاج إلى أن نبدأ من الصفر، بل أن نستثمر في العقول والاتصال بالعالم. اخيرا، التقدم في الحوسبة الكمومية باستخدام الكيوبتات القائمة على الدوائر الفائقة التوصيل ليس مجرد إنجاز فيزيائي، بل هو بداية فصل جديد في قصة الإنسان مع التقنية. فصلٌ نعيد فيه تعريف الممكن، ونعبر فيه من المعرفة إلى المعجزة. تابعو جهينة نيوز على


أخبار ليبيا
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- أخبار ليبيا
وداعًا للأسلاك.. الحوسبة الكمومية تفتح باب الاتصالات الفورية
أذهل فريق بحثي من جامعة أكسفورد المجتمع العلمي بتمكنهم من تحقيق أول عملية نقل فورية للمعلومات بين حاسوبين عملاقين باستخدام تقنية الحوسبة الكمية. العملية التي جرت دون الحاجة لأي كابلات أو ألياف ضوئية، تمثل نقلة نوعية قد تغير وجه الاتصالات الحديثة. وفي خطوة لم يكن الكثيرون يتوقعونها، تمكن الباحثون من استخدام ظاهرة 'التشابك الكمي'، التي سبق أن أدهشت ألبرت آينشتاين، لتنفيذ نقل فوري للمعلومات بين جهازين كموميين، وقد تم ذلك باستخدام 'مصيدة الأيونات'، حيث تم توجيه شعاع ليزر بشكل دقيق نحو أيونات معلقة في مجال كهرومغناطيسي، مما مكن من نقل 'الكيوبت'، أو وحدة المعلومات الكمومية، من معالج إلى آخر. وأشار خبراء من 'ساينس أليرت' إلى أن هذا الإنجاز يعزز التوجه نحو بناء شبكات اتصال كمومية فائقة السرعة، تتميز بالأمان التام في نقل البيانات،فباستخدام هذه التقنية، ستكون البيانات مشفرة وغير قابلة للاختراق، ما يجعلها مثالية للاستخدام في مجالات حيوية مثل الحكومة والرعاية الصحية. والحوسبة الكمية هي نوع من الحوسبة التي تستخدم مبادئ الميكانيكا الكمومية (quantum mechanics) لتخزين ومعالجة المعلومات بطريقة تختلف بشكل جذري عن الحوسبة التقليدية. الحوسبة التقليدية تعتمد على البتات (bits) التي يمكن أن تكون في حالة واحدة فقط (0 أو 1) في وقت معين، بينما في الحوسبة الكمية، يتم استخدام الكيوبتات (qubits)، التي يمكن أن تكون في حالة 0 و 1 في نفس الوقت، بفضل خاصية التراكب الكمومي. المفاهيم الأساسية للحوسبة الكمية الكيوبت: هو وحدة المعلومات في الحوسبة الكمية، ويتميز بقدرته على التواجد في حالة التراكب الكمومي، أي يمكن أن يكون في حالة 0 و 1 في نفس الوقت. هذا يتيح للحاسوب الكمومي إجراء عمليات متعددة في وقت واحد. التشابك الكمومي: هو ظاهرة حيث ترتبط حالة الكيوبتات ببعضها البعض بشكل يجعل حالة واحدة تؤثر على الأخرى حتى لو كانت بعيدة عن بعضها البعض، هذه الظاهرة هي التي تجعل الحوسبة الكمية قادرة على إجراء عمليات معقدة بسرعة عالية. التداخل الكمومي: هو الظاهرة التي تسمح للكيوبتات بتعزيز أو إلغاء احتمالات مختلفة خلال الحسابات الكمومية، مما يساهم في حل المشكلات بشكل أسرع وأدق. القياس الكمومي: عند إجراء قياس على الكيوبتات، 'انهار' التراكب الكمومي ليأخذ الكيوبت قيمة ثابتة، إما 0 أو 1، مما يمكن من الحصول على النتيجة النهائية. الفرق بين الحوسبة التقليدية والكمية الحوسبة التقليدية تعتمد على البتات التي تكون في حالة ثابتة (0 أو 1) وتتم العمليات الحسابية عبر هذه القيم. الحوسبة الكمية تعتمد على الكيوبتات، التي يمكن أن تكون في حالات متعددة في وقت واحد، مما يتيح القدرة على إجراء عمليات حسابية بشكل أسرع وأقل استهلاكًا للوقت. التطبيقات المحتملة للحوسبة الكمية الذكاء الاصطناعي: الحوسبة الكمية يمكن أن تسهم في تحسين الخوارزميات المعقدة التي تعتمد على البيانات الضخمة. التحليل البيولوجي: من خلال المحاكاة الكمومية للجزيئات والمواد الكيميائية، قد تساعد الحوسبة الكمية في اكتشاف الأدوية والعلاجات الجديدة. التشفير والأمن: يمكن استخدام الحوسبة الكمية في تطوير تقنيات تشفير جديدة يصعب اختراقها باستخدام الحوسبة التقليدية. النمذجة المحاكاة: تمكن الحوسبة الكمية من إجراء محاكاة دقيقة وسريعة للأنظمة المعقدة التي يصعب محاكاتها باستخدام الحوسبة التقليدية. التحديات صعوبة الصيانة والتطوير: بناء حواسيب كمية مستقرّة وصيانتها أمر معقد، حيث أن الكيوبتات عرضة للتداخل مع البيئة الخارجية. الاستثمار والموارد: يتطلب تطوير الحوسبة الكمية استثمارات ضخمة في البحث والتطوير. يذكر أن الحوسبة الكمية هي في مراحلها المبكرة، ولكنها تَعِد بتغيير جذري في الطريقة التي نتعامل بها مع البيانات وحل المشكلات المعقدة في المستقبل القريب. The post وداعًا للأسلاك.. الحوسبة الكمومية تفتح باب الاتصالات الفورية appeared first on عين ليبيا | آخر أخبار ليبيا. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع عين ليبيا