منذ يوم واحد
هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟
بلهجة وصفت بأنها تعكس حالة من «الثقة»، قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة: «اليوم ننتقل من مرحلة التحدي إلى مرحلة التمكين؛ ومن الفوضى إلى تثبيت أركان الدولة. الجميع أذعن لمشروع الدولة وإجراءاتها السيادية».
وضعية الدبيبة راهناً، وهو الذي ظلت حكومته «مهددة» بعد مطالب متكررة لمتظاهرين بضرورة عزلها عن السلطة، طرحت تساؤلات حول مدى إحكام قبضته على العاصمة الليبية.
وترأس الدبيبة اجتماعاً أمنياً موسعاً لمتابعة تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية الجديدة في العاصمة طرابلس، بحضور وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، ووكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية محمود سعيد، ومدير أمن طرابلس خليل أوهيبة، وعدد من القيادات الأمنية.
من مخلفات الاشتباكات الدموية التي عرفتها العاصمة الليبية (أ.ف.ب)
وأوضح الدبيبة أن ما تحقق من تمكين وزارة الداخلية لتأمين العاصمة وحدها «انتصار حقيقي للدولة، لم يحدث منذ عام 2011»، مشدداً على أن «هذا الإنجاز ما كان ليتم لولا القضاء على كبرى المجموعات الخارجة عن القانون، وإذعان الجميع لإجراءات الدولة ومشروعها السيادي».
وأضاف الدبيبة موضحاً: «انتهى عصر الشيخ والحاج في أجهزتنا الأمنية والعسكرية، ولا مكان في الصفوف إلا لمن هو مؤهل منضبط، وخاضع للسلطة، وخادم للقانون وحده»، في إشارة إلى عبد الغني الككلي، الذي قتل في عملية وصفتها حكومته بـ«أمنية معقدة»، وعبد الرؤوف كارة رئيس «جهاز دعم الاستقرار».
ويرى سياسيون ليبيون أن الأحداث السياسية الكبرى المحيطة بالبلاد، مثل الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، والتقلبات الدولية، ساهمت في الانشغال بالتظاهر ضده، لكنهم تحدثوا عن أن التظاهر ضد حكومة «الوحدة» سيتواصل في قادم الأيام.
وفي «نداء عاجل إلى أحرار ليبيا»، دعا «حراك أبناء سوق الجمعة» إلى مظاهرة حاشدة، (الجمعة)، أمام مقر رئاسة الوزراء بطريق السكة، وقال إنه «آن الأوان لكي نقول كلمتنا بصوت واحد لا يرتجف... لا للتطبيع، لا للفساد، لا لحكومة الدم».
وزير داخلية حكومة «الوحدة» (حكومة «الوحدة«)
وطالب «الحراك» جميع أطياف الشعب بالمشاركة في المظاهرة عصر الجمعة، لإسقاط حكومة ما أسماها بـ«التطبيع»، ومحاسبة «كل من تورط في الجرائم ضد المدنيين، ورفض أي محاولة لجرّ ليبيا نحو الاحتلال أو التبعية».
وللتأكيد على المشاركة في الاحتجاج ضد الدبيبة، تبنت صفحات كثيرة على مواقع التواصل الدعوة للتظاهر تحت عنوان «جمعة النهاية»، مؤكدين أن هذه الجمعة تمثل نقطة مفصلية في مسار الرفض الشعبي لحكومة وصفوها بـ«الفاشلة والمرتهنة»، مؤكدين أن البلاد لم تعد تحتمل مزيداً من الانقسام والعبث بمؤسسات الدولة.
ويرى سياسي معارض لحكومة الدبيبة، يقيم في غرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، أن بقاءها في السلطة «سيعوق أي تقدم قد تحرزه البعثة في طريق الانتخابات الليبية»، وقال إن هذه الحكومة وباقي الأجسام السياسية في ليبيا «تلعب على ورقة استنزاف الوقت للبقاء على كراسيها».
غير أن الدبيبة أكد في اجتماعه بمسؤولين في حكومته على حق التظاهر السلمي للمواطنين، وقال إن «أمن الدولة يُبنى على احترام الحريات لا قمعها».
وفي فترة هدوء تشهدها العاصمة على وقع هدنة توصف بأنها «هشة» بين مقاتلين موالين لها وتشكيلات مسلحة، قال الدبيبة: «وصلنا إلى مرحلة تؤهل وزارتي الداخلية والدفاع لتأسيس الدولة ومؤسساتها؛ وما تحقق هو انتصار حقيقي للدولة، لم يكن ليتحقق لولا القضاء على أكبر ميليشيا إجرامية»، في إشارة إلى «دعم الاستقرار» التي كان يقودها الككلي.
ورغم التحضيرات الجارية لمظاهرة (الجمعة)، استعرض وزير الداخلية الطرابلسي، خطة الترتيبات الأمنية الجديدة في العاصمة، مؤكداً أن الوزارة تعمل «وفق رؤية واضحة لبسط الأمن، وتعزيز انتشار مراكز الشرطة، وضمان التنسيق الفعّال مع وزارة الدفاع وجهاز الأمن الداخلي».
وأكد الطرابلسي الالتزام بتنفيذ الخطة الأمنية وفقاً للتعليمات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، وبما يضمن حماية المواطنين ومؤسسات الدولة.
كما أكد مدير أمن طرابلس، اللواء خليل أوهيبة، أن الخطة الميدانية شملت 187 تمركزاً أمنياً جديداً، نُفذت في المواقع التي كانت تشغلها التشكيلات المسلحة سابقاً، مشيراً إلى أن إعادة الانتشار تمت بشكل مدروس لتأمين مفاصل العاصمة، وإنهاء أي فراغ أمني، وبسط سلطة الدولة بالكامل.
من مظاهر تأمين العاصمة طرابلس خوفاً من عودة الاشتباكات (إ.ب.أ)
وشدّد الحاضرون في الاجتماع على أن نجاح الخطة يعتمد على استمرار الدعم السياسي والإداري للجهات الأمنية، وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم النظامية.
في غضون ذلك، يلفت نشطاء ضد حكومة «الوحدة» إلى أن الرهان على الإطاحة بها يتمثل في «اعتصام المتظاهرين بالميادين طويلاً؛ والاستمرار في العصيان المدني»، لكنهم يرون أن هذا الهدف راهناً «بات صعب المنال، بعد نجاح الدبيبة في استقطاب تشكيلات مسلحة بعد ترضيتها».