منذ 12 ساعات
تحرك سريع في السوق يعكس استجابة أولية لقرارات تنظيمية بارزةتصحيح حاد يفاجئ عقارات «الخير» بالرياض.. انخفاضات تتجاوز 65 %
شهد مؤشر البورصة العقارية يوم أمس تحركاً مفاجئاً في "حي الخير" بمنطقة الرياض، حيث سجلت البيانات انخفاضاً حاداً في أسعار المتر المربع تجاوزت نسبته 65 % خلال أقل من ساعة واحدة، وذلك وفق آخر أربع صفقات موثقة في نفس المخطط العقاري.
وبحسب بيانات البورصة، سُجلت صفقة عند الساعة 23:12 بسعر 1,284.05 ريالا للمتر المربع لمساحة 467 متراً مربعاً بقيمة إجمالية 600,000 ريال، بعد دقائق فقط، وتحديداً عند الساعة 23:05، انخفض السعر إلى 1,131.88 ريالا للمتر المربع على مساحة 398 متراً مربعاً بقيمة 450,000 ريال.
وفي أقل من ربع ساعة، تم تسجيل صفقتين جديدتين على أسعار أقل؛ الأولى عند الساعة 22:59 بسعر 1,111.11 ريالا للمتر المربع والثانية عند الساعة 22:47 بسعر 1,221.15 ريالا، بينما تراوحت القيم الإجمالية للصفقتين بين 400,000 و600,000 ريال.
وتشير هذه التحركات إلى موجة تصحيح حادة وغير معتادة في ذات المخطط العقاري (رقم 3543)، حيث تراجعت الأسعار بوتيرة متسارعة خلال وقت قصير، ما يعكس حالة من القلق أو الإقبال على البيع السريع من قبل بعض الملاك.
وبحسب مراقبين للسوق، فإن هذه الانخفاضات الحادة قد تكون جزءاً من تصحيح أوسع مدفوع بالتغيرات التنظيمية الأخيرة التي أعلنتها القيادة لفتح المزيد من الأراضي البيضاء شمال الرياض وتيسير فرص التملك للمواطنين.
ويربط مراقبون بين هذا التراجع السريع في الأسعار والإعلان الذي صدر عن سمو ولي العهد بشأن تخصيص مساحات واسعة من الأراضي الحكومية في شمال الرياض لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان وتخفيض أسعار الأراضي عبر تعزيز العرض.
ويعتقد مراقبون أن حي "الخير" تحديداً كان من الأحياء التي استفادت سابقاً من محدودية المعروض العقاري في شمال العاصمة، ما جعله مركز جذب للمضاربين خلال السنوات الماضية، ومع فتح مناطق جديدة قريبة مثل "العاذرية" و"الرمال"، بدأت بعض الأحياء المجاورة تفقد جزءاً من قيمتها الاستثمارية المرتفعة.
ويرى مراقبون أن التصحيح الحالي ليس عابراً، بل هو بداية لموجة تصحيح ستطال العديد من الأحياء في شمال الرياض، خاصة تلك التي شهدت ارتفاعات غير منطقية خلال العامين الماضيين بفعل المضاربات.
وأشار المراقبون إلى أن المستثمرين الأذكياء بدؤوا يعيدون تموضعهم في الأحياء القريبة من المرافق الحكومية الكبرى أو تلك المرتبطة بالمشاريع المستقبلية مثل "المسار الرياضي" و"القدية"، معتبرين أن تلك المواقع ستظل أكثر استقراراً في قيمها السوقية.
كما لفت المراقبون إلى أن بعض المستثمرين قد يتجهون إلى البحث عن الفرص في المناطق الأبعد نسبياً مثل المزاحمية وثادق، في حين ستشهد أحياء مثل الخير وبعض الأحياء المماثلة تصحيحاً تدريجياً قد يستمر لأشهر قادمة.
وبحسب التحليلات؛ فإن السوق العقاري في الرياض مقبل على إعادة توزيع طبيعية بين مناطق المضاربة قصيرة الأجل ومناطق الطلب الحقيقي طويل الأجل، مشيرين إلى أن القرار الحكومي الأخير سيكبح جماح المضاربات في المناطق التي تضخمت أسعارها بشكل غير مدعوم بأساسيات السوق.
وأكد المراقبون أن الطلب الحقيقي سيبقى موجوداً لكنه سيتجه تدريجياً نحو الأراضي المطورة والجاهزة للبناء والتي تواكب معايير المخططات الحديثة ومشاريع البنية التحتية الجديدة التي أطلقتها الحكومة.
وتقدم بيانات الصفقات الأربع الأخيرة المسجلة في حي الخير دليلاً ملموساً على التحولات المتسارعة في السوق العقاري، وتؤكد أهمية متابعة حركة المؤشر بشكل يومي، حيث أن هذه التقلبات اللحظية قد تكون مؤشراً على تغيّر أعمق في الاتجاهات السعرية خلال الفترة المقبلة.
كما يعكس تتابع الصفقات خلال أقل من ساعة واحدة أن السوق بدأ بالفعل في استيعاب تأثيرات القرار الحكومي، حتى قبل تفعيله بشكل كامل على أرض الواقع.
ويتفق مراقبون على أن ما حدث في حي "الخير" يمثل نقطة تحول هامة في السوق العقاري في الرياض، مشيرين إلى أن الفترة القادمة ستشهد مزيداً من إعادة التقييم لأسعار الأراضي بما يتناسب مع خطط الدولة لتوسيع المعروض وفتح فرص أكبر للمواطنين لامتلاك مساكنهم.
ويتوقع المراقبون أن تشهد أسعار الأراضي خلال الأشهر القادمة استقراراً عند مستويات أكثر واقعية، بعيداً عن موجات المضاربة التي سيطرت على السوق خلال الفترة الماضية.
وشدد مراقبون أن تصحيح الأسعار الحالي يمثل خطوة إيجابية لإعادة التوازن للسوق العقاري في العاصمة، ويعزز من فرص تحقيق رؤية 2030 في الوصول إلى سوق إسكان متوازن ومستدام يلبي احتياجات المواطنين ويحد من ظواهر الاحتكار.