منذ 11 ساعات
عواقب عملية العنكبوت: مستقبل الحرب الهجينة في أوكرانيا
يرى المحللون أن الحملة الأخيرة التي شنتها أوكرانيا بطائرات بدون طيار في عمق الأراضي الروسية، والمعروفة باسم عملية العنكبوت، بمثابة تطور تكتيكي من شأنه أن يعيد تشكيل طبيعة الحرب الحديثة ويؤدي إلى عواقب جيوسياسية أوسع نطاقاً.
واستهدفت عملية 2 يونيو طائرات عسكرية روسية استراتيجية في قاعدة "موروزوفسك" الجوية ومواقع أخرى باستخدام طائرات مسيرة محلية الصنع معززة بالذكاء الاصطناعي. وأفادت التقارير بأنها ألحقت أضراراُ بقاذفات بعيدة المدى ووسائل مراقبة داخل روسيا.
قال خبراء دوليون إن العملية قد تُحدث تحولاً في السياسة العسكرية الغربية. وصرح "صمويل راماني"، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة والرئيس التنفيذي لشركة "بانجيا" للمخاطر الجيوسياسية، قائلاً: "من المرجح أن تكون إحدى النتائج الرئيسية موافقة الأوروبيين والأمريكيين على رفع قيود المدى المفروضة على الضربات الأوكرانية ضد الأهداف الروسية".
"إن ذلك من شأنه أن يساعد أوكرانيا على ضرب ليس فقط القاذفات الاستراتيجية، بل حتى مستودعات الذخيرة، ومواقع تخزين قذائف المدفعية، والأفراد الروس قبل أن يتمكنوا من شن هجمات."
وأشار أيضاً إلى أن استخدام الطائرات المسيرة المزودة بالذكاء الاصطناعي في العملية قد يؤثر على استعدادات الدول الأخرى للصراعات المستقبلية. وقال "راماني": "هذا أمرٌ يأمل التايوانيون أيضاً في تطويره في حال نشوب صراع أوسع نطاقاً مع الصين. لذا، سيكون أمراً مُلهماً للعديد من الدول الأخرى".
وأضاف "راماني" أن تصرفات أوكرانيا تؤثر بالفعل على ردود الفعل السياسية في الغرب، لا سيما الدعوات إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد "موسكو". وقال: "يطالب الأوكرانيون الآن بفرض هذا التشريع الجديد".
قال "راماني" تعليقاً على الهجوم: "هذا إنجازٌ استثنائي من الجانب الأوكراني. استغرق التحضير له 18 شهراً، كما عكست عملية "الشبكة العنكبوتية" العديد من الابتكارات التقنية. لقد دمر الهجوم أجزاءً حيوية من البنية التحتية العسكرية الروسية".
ومع ذلك، أشار إلى أن هذا التحول لا يُغيّر بالضرورة المسار العام للصراع. وقال: "لا يزال الروس الطرف المسيطر على العمليات الهجومية في أوكرانيا. هذه الهجمات لن تُغيّر الوضع... لكنها تُشكّل دفعة معنوية كبيرة للأوكرانيين".
رداً على هجمات الطائرات المسيرة، توعد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بالرد. في 7 يونيو، شنت روسيا ما وصفه عمدة "خاركيف" بأنه "أعنف هجوم" على المدينة منذ بداية الحرب. وأُبلغ عن وقوع ما لا يقل عن 40 انفجاراً، ومقتل شخص واحد في غارة على مبنى سكني في منطقة "كييفسكي"، وإصابة 18 آخرين، بينهم أربعة أطفال.
كيف يمكن لمثل هذه العمليات أن تؤثر على الاستقرار الإقليمي
وبعيداً عن التداعيات العسكرية المباشرة، أثارت حملة الطائرات بدون طيار مخاوف بين محللي الأمن العالمي بشأن الكيفية التي يمكن أن تؤثر بها مثل هذه العمليات على الاستقرار الإقليمي وإعادة تشكيل تقييمات المخاطر المدنية.
قالت "لويز هوجان"، كبيرة محللي الأمن لأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في منظمة "إنترناشونال إس أو إس": "نراقب الآثار الإقليمية المحتملة، بما في ذلك احتمال توسع الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل في الدول الأوروبية. ويُسلط هذا التصعيد الضوء على كيفية إعادة توظيف البنية التحتية التجارية والمدنية دون قصد من قِبل جهات حكومية".
نصحت شركة "إنترناشونال إس أو إس"، وهي شركة استشارية رائدة في مجال مخاطر الصحة والأمن، المؤسسات بمراجعة استراتيجياتها لإدارة المخاطر. وصرحت "هوجان": "ننصح بإجراء تدقيق وتقييم شاملين... مع مراعاة سلاسل التوريد والاتصالات وطرق النقل الخاصة بها. وينبغي على المؤسسات وضع واختبار خطة طوارئ قوية تتضمن بروتوكولات واضحة مع تحديد الأدوار والمسؤوليات".
وقد أثارت الطبيعة التقنية للهجوم بطائرات بدون طيار أيضاً مخاوف بشأن كيفية قيام دول أخرى، أو حتى جهات فاعلة غير حكومية، بتكرار مثل هذه العمليات في مناطق الصراع المستقبلية.
ومع استمرار الحرب، يشير المحللون إلى أن عملية الطائرات بدون طيار قد لا تكون حدثاً معزولاً، بل هي معاينة لكيفية خوض الصراعات المستقبلية باستخدام الأنظمة المستقلة والذكاء الاصطناعي والضربات الدقيقة خارج الخطوط الأمامية التقليدية.
قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ودُمرت مساحات شاسعة من شرق وجنوب أوكرانيا، وأُجبر الملايين على الفرار من ديارهم منذ غزو روسيا في فبراير 2022.