logo
#

أحدث الأخبار مع #انطونتشيخوف

الخذلان .. وأي ألمٍ أقسى منه؟!
الخذلان .. وأي ألمٍ أقسى منه؟!

عمون

time١٩-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عمون

الخذلان .. وأي ألمٍ أقسى منه؟!

يقول انطون تشيخوف 'لم أعلم يوماََ.. أن الخُذلان قاسي جداََ.. لدرجة أن تشعر بالشفقة على نفسك'.. فما أقساه من شعور.. أن تنظر في أعماقك.. فلا تجد سوى بقايا روح منهكة.. لا تملك حتى أن تغضب.. أو تحزن.. فقط صمتٌ لا روح فيه.. يحيط بك.. تتأمل ذاتك.. وكأنك تعتذر لها على الأوهام التي خدعتك.. على الأحلام التي شيدتها بيديك.. ثم تهاوت أمامك.. دون أن تملك القدرة على إنقاذها.. فالخذلان ليس مجرد خيبة عابرة.. بل انكسار داخلي.. يسلبك الشعور ذاته.. فلا تلوم أحداً.. ولا تنتظر حتى كلمة مواساة.. فقط تواجه الحقيقة.. عارياً من كل يقين.. الخذلان ليس حكراً على صديقٍ خان العهد.. أو حبيبٍ لم يصن الوعد.. أو شخصٍ منحته ثقتك.. فانقلب عليك.. بل يمتد ليشمل كل ما ظننته ثابتاً.. ثم اكتشفت أنه مجرد سراب.. خذلان الحكومات.. حين تتنكر لحقوق مواطنيها.. خذلان النواب.. حين يبيعون وعودهم بثمن بخس.. خذلان المسؤولين.. حين يقدمون المصالح على المبادئ.. بل هو خذلان الدول.. حين تتاجر بآلام الضعفاء.. فالشعوب المقهورة أيضاً.. تصاب بالخذلان.. حين تكتشف أن أصواتها.. ليست إلا صدى يتلاشى في الفراغ.. وأن جراحها وآلامها.. ما هي إلا مشاهد على الشاشات.. وأن أحلامها بالحرية والعدالة.. ما هي إلا سراب.. يتلاعب به الأقوياء كيفما شاؤوا.. وميدان للمزايدات.. ولكن.. هل هناك شعور أقسى من الخذلان؟!.. أن تفقد الثقة.. ليس فقط بالآخرين.. بل بنفسك أيضاً.. أن تجد نفسك غريباً في داخلك.. تسير بلا يقين.. تعيش دون توقعات.. تخشى الأمل.. لأنه قد يتحول إلى خيبة جديدة.. علم النفس والاجتماع.. يتحدثان عن هذا الألم العميق.. بمفاهيم متعددة.. في نظرية التعلق لـ"جون بولبي".. نجد أن الإنسان.. يبني روابط عاطفية أساسية.. وحين تنهار هذه الروابط بالخذلان.. يُوَلِد ذلك شعوراً بالهشاشة الداخلية.. وفقدان الأمان.. أما في نظرية الصدمة النفسية.. فيتحدث الخبراء عمّا يسمى بـ"العجز المكتسب".. حيث يفقد الإنسان الرغبة في المحاولة مجدداً.. ويصبح أسيراً لفكرة.. أن كل شيء سيتكرر بنفس الألم.. والسؤال المطروح هنا.. هل هناك مخرج لمن شعر بالخذلان؟!.. المخرج والترميم لا يكون بالنسيان.. فهذا وهم.. بل بفهم التجربة.. واستيعاب الدرس.. أن تدرك أن الخذلان ليس عيباً فيك.. بل في مَن خذلك.. أن تعي.. أن الحياة ليست مدينة لك بالعدل المطلق.. لكنها تمنحك القوة.. لتنهض كلما سقطت.. أن تعود إلى ذاتك.. إلى حقيقتك.. دون أن تصبح نسخة أخرى من قساوة العالم.. أن تتعلم كيف تميز بين من يستحق قلبك.. ومن لا يستحق حتى وقتك.. أن تجعل من كل خذلانٍ.. نقطة تحولٍ.. لا نقطة انكسار.. لعلنا نعود إلى إنسانيتنا.. لعلنا نتذكر أن أقبح ما قد نفعله.. هو أن نجعل أحداً يشعر بهذا الألم.. الألم الذي عرفناه.. فبعض الجراح تلتئم.. لكن خذلان الروح.. قد يظل ندبة لا تُمحى.. لكن.. حتى الندوب.. قد تصبح يوماً ما دليلاً على قوة مَن مرّ بها.. لا على ضعفه..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store