٠٧-٠٥-٢٠٢٥
"فضيحة غذائية".. ما سر انتشار السلع المغشوشة في تركيا؟
تبدلت ملامح السوق التركية التي اشتهرت، لسنوات، بالجودة وتنافسية الأسعار، بعد تفشي السلع المخالفة للمواصفات أو مشكوك في صلاحيتها، ما أدى إلى حالات تسمم عديدة، كما حدث مع مشروبات كحولية أخيراً أو تغريم شركات ومنافذ بيع شهيرة، من جراء استغلال السوق سواء برفع الأسعار أو تدني المواصفة، لتطاول التهم، إحدى أشهر العلامات التجارية في صناعة الأجبان، كما أعلنت وزارة الزراعة والغابات التركية عن ما وصفته "فضيحة غذائية " لتدرج بعض إنتاج شركة "ايكنجي بينيز" ضمن قائمة الأطعمة المغشوشة التي نشرتها الوزارة.
وأدرجت وزارة الزراعة والغابات التركية، الثلاثاء، سلعاً جديدة، تحوي على مكونات مقلّدة. وشملت القائمة 10 علامات تجارية للعسل تُباع في مواقع التجارة الإلكترونية وحتى في سلاسل المتاجر الشهيرة.
وتعليقا على هذا التطور يقول الخبير الاقتصادي التركي، خليل أوزون، إن السوق التركية كبيرة وواسعة، وفيها مستويات متباينة من الأسواق، ابتداء من البازارات الأسبوعية التي تقام بالأحياء، للبيع المباشر وبأسعار أقل من السوق، وصولاً إلى المولات الكبرى والعلامات العالمية، التركية أو الدولية، الأمر الذي يسهّل على بعض المتلاعبين الغش أو التدليس أو عدم الالتزام بالمواصفة القياسية، وهذا يحدث في جميع الأسواق العالمية، ولكن بتركيا، هذه "جرائم " لا يتم التغافل عنها مهما كانت السلع ومنتجوها.
وأضاف أوزون: "ولعل بإدراج ومعاقبة سلاسل التوزيع الكبرى مؤخراً، وزيادة حملات المراقبة وتحليل المنتجات، دليلاً على المحافظة على سمعة المنتج التركي وحماية المستهلك وضرب الغش بغرامات وإغلاق وربما أكثر إن تكررت الحالة". كاشفاً أن تركيا رفعت غرامة الغش والتلاعب بالأسعار مطلع العام الجاري.
وكانت تركيا بالفعل قد زادت الغرامات المفروضة بنسبة 43.93%. اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2025، ليتم تحديد الحد الأدنى للغرامات المفروضة على الشركات التي ترفع الأسعار بشكل مبالغ فيه بمبلغ 143,930 ليرة، في حين سيكون الحد الأقصى للغرامات 1,439,300 ليرة.
أسواق
التحديثات الحية
تركيا ترفع سعر الفائدة 3.5% لمواجهة التضخم واحتواء اضطرابات الليرة
"غش مستورد"
وحول الأنشطة التي تؤدي إلى اختلال الأسواق التركية أو تعيق وصول المستهلكين إلى السلع، وفي حال كان هناك تلاعب في السوق أو تعطيل المنافسة الحرة من قبل الشركات المنتجة أو الموردة أو التجارية، فقد تم رفع الغرامة من بين 1 حتى 12 مليون ليرة في عام 2024 إلى ما بين 1.439 حتى 17.171 مليون ليرة هذا العام. وحول أثر تلك المخالفات على سمعة المنتجات التركية في الخارج، يضيف أوزون أن السلع المصدرة تخضع لمواصفات قياسية صارمة، ولا يمكن اللعب بالمواصفة أو الإساءة إلى الصادرات التركية التي تعول عليها البلاد، بعد تخطيها 256 مليار دولار العام الماضي، وفتح أسواق جديدة للمنتج التركي، الزراعي والغذائي والصناعي، في الدول المجاورة وأفريقيا، فضلاً عن الأسواق التقليدية بالقارة الأوروبية.
ولكن، العكس أحياناً يحدث، فقد تأتي إلى الأسواق التركية سلع ومنتجات مخالفة للمواصفات، يتم حجزها والتقصي حول العقود والموردين، لاتخاذ اللازم، كما يحدث اليوم مع قضية البطاطس السامة التي يضجّ بها الإعلام التركي. وكشفت تركيا وجود فيروسات مختلفة في شحنات كبيرة من البطاطس القادمة من اسكتلندا وهولندا وألمانيا، مما أثار القلق بشأن سلامة المنتجات المستوردة. وقد أًعيد 2,223 طنًّا و150 كيلوغرامًا من البطاطس إلى البلدان التي جلبت منها.
أسواق
التحديثات الحية
تراجع التضخم السنوي في تركيا إلى أدنى مستوى منذ 40 شهراً
وكانت شحنات البطاطا وصلت إلى تركيا خلال الشهرين الماضيين، تحتوي على مواد سامة. تم فحص الشحنات التي وصلت عبر البحر الأبيض المتوسط إلى ميناء مرسين من قبل مفتشي وزارة الزراعة والغابات، قسم الأغذية والمراقبة العامة، المتخصصين في مراقبة صحة النباتات. وأظهرت الفحوصات أن البطاطس القادمة من اسكتلندا كانت تحتوي على 850 طناً من بذور البطاطس، بينما تم شحن 585 طناً و400 كيلوغرام من هولندا في 4 دفعات، بالإضافة إلى 150 طناً من ألمانيا. وقد تم اكتشاف وجود فيروس 'Potato leafroll polerovirus'و' Tobacco rattle tobravirus' في هذه الشحنات. تم اتخاذ إجراءات فورية لإعادة جميع الكميات المصابة إلى البلدان المصدرة.
ويتساءل الاقتصادي التركي أوزون عن سبب استيراد البطاطس من الخارج، رغم ارتفاع الإنتاج التركي أكثر من 100% عن العام الماضي وزيادة صادرات البطاطس التركية إلى الأسواق الخارجية بعد أن احتلت بلده المرتبة 15 عالمياً.
وتشهد تركيا زيادة ملحوظة في إنتاج البطاطس خلال السنوات الخمس الماضية، حيث ارتفع الإنتاج بمقدار مليون طن ليصل إجمالي الحصاد السنوي إلى حوالي 6 ملايين طن. وتشتهر ولاية نيغده بوصفها أكبر منتج وصل 750 ألف طن، تليها قيصري، أفيوكاراهيسار، إزمير، قونية، سيفاس، نيوشهير، أكسراي، بتليس، أضنة. وبشكل عام، يتم إنتاج نحو 5 ملايين طن من إجمالي 6 ملايين طن من البطاطس في 10 ولايات تركية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
هل تعود تركيا إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية؟
فخ التجار
من جهته، يرى الاقتصادي التركي، مسلم أويصال أن مساعي بعض المنتجين والتجار للربح السريع، يوقع الأسواق والمستهلكين في أفخاخ السلع المغشوشة أو متدنية المواصفة، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن مراقبة الأسواق وتحليل كل منتج على حدة، أمر بالغ الأهمية، خاصة التي تنتج بمنشآت صغيرة وتبيع إنتاجها، بأسعار منخفضة، بالأسواق الشعبية أو البازارات، مستغلة غلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للأتراك، بسبب التضخم واستمرار تراجع صرف الليرة التركية التي سجلت اليوم الأربعاء 38.6 ليرة للدولار الواحد.
وفي حين ثبتت تركيا الحد الأدنى للأجور، عند 22 ألفاً و104 ليرات تركية مطلع العام الجاري وربما لا تقدم على زيادة ثانية الشهر المقبل، ارتفعت تكاليف معيشة الأسرة التركية بحسب وكالة التخطيط التابعة لولاية إسطنبول التي أشارت أمس أن متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من أربعة أفراد في المدينة ارتفع إلى 90 ألفًا و32 ليرة تركية خلال شهر نيسان/إبريل 2025 في حين كانت خلال شهر فبراير الماضي وبحسب بيانات اتحاد العمال التركي بنحو 76,922 ليرة تركية. ويعكس هذا الرقم زيادة ملحوظة في النفقات المعيشية مقارنة بالأشهر السابقة، في ظل استمرار التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات والخدمات الأساسية في أكبر المدن التركية.