أحدث الأخبار مع #بالاتحادالسوفياتي


Independent عربية
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
ستالين يصفق لمسرحية بولغاكوف والرقابة السوفياتية تحاصره
يعرف الكاتب "السوفياتي" ميخائيل بولغاكوف بروايته الأساسية "المعلم ومرغريتا" التي عاشت مع الرقابة السوفياتية واحدة من أغرب حكايات تلك الرقابة وأطولها عمراً. والحقيقة أن تلك الرواية التي شرع بولغاكوف يكتبها منذ عام 1929 ولم ينجزها إلا في عام 1940 ولن تنشر إلا بعد ذلك بأكثر من ربع قرن، أي بعد وفاة ستالين، تستحق أن تعتبر كما حالها تماماً، أشهر روايات بولغاكوف وأقواها، لكنها بالتأكيد لم تكن روايته الوحيدة ولا أول أعماله الكبيرة. وذلك لأنه كان سبق للكاتب الطبيب المولود في كييف بأوكرانيا - كما معظم مبدعي ما سيعرف منذ بداية عشرينيات القرن العشرين، بالاتحاد السوفياتي- عام 1891، ابناً أول لعائلة متعددة الأبناء والبنات، سبق له أن نشر العديد من النصوص ومن أشهرها قبل "المعلم ومرغريتا" رواية "الحرس الأبيض" 1925 التي يجدر بكييف نفسها أن تحتفل هذا العام، بالتحديد، بالمئوية الأولى لولادتها ولكن ليس فقط على شكل رواية ولا حتى على شكل مسرحية هي التي حوّلها الكاتب بنفسه إلى مسرحية حين عجز عن نشرها كرواية مكتملة. والحقيقة أن حكاية هذا "العجز" هي التي تهمنا هنا وربما تحديداً لأن الحكاية تعتبر أول تصادم لبولغاكوف مع الرقابة وبل حتى مع السلطات الستالينية في بلاد السوفيات، التصادم الذي سيصل إلى ذروته مع "المعلم ومرغريتا" كما نعرف وتخبرنا وثائق الحياة الأدبية في الزمن السوفياتي. ولادة رواية "عائلية" قبل الوصول إلى "حكاية الحكاية" لا بد أولاً من أن نقول عمّ تتحدث "الحرس الأبيض" التي كتبها بولغاكوف وكان بعد يمضي آخر سنواته متنقلاً بين مسقط رأسه كييف وموسكو التي كانت قد أضحت عاصمة للبلاد البولشفية بديلة لبطرسبرغ. ومن هنا لم يكن غريباً للكاتب الطبيب الشاب، أن يحاول في تلك الرواية أن يتناول حياته وحياة عائلته ومدينته كييف، حتى وإن كان قد وضع أقنعة على وجوه وشخصيات معظم أبطالها. فالحال أن العائلة التي يصف بولغاكوف حياة أفرادها تحمل اسم "أيام آل توربين" وهو على أية حال الاسم الأصلي لجدة عائلة بولغاكوف، تماماً كما أن البيت الذي تقطنه عائلة توربين في الرواية وتدور فيه أحداثها، هو بيت عائلة أسرة بولغاكوف بطلعة سانت أندريه في كييف- وقد تحول بعد سقوط الحكم السوفياتي إلى متحف باسم ميخائيل بولغاكوف نفسه-، علماً بأن وصف الكاتب الدقيق للبيت يجعل زائري المتحف المطلعين على أدب بولغاكوف ولا سيما "الحرس الأبيض" يتعرفون بدقة إلى الغرف والزوايا والممرات داخل بيت كان يتسع لنحو عشرين نفراً بينهم نحو عشرة أبناء وبنات، وجعل بولغاكوف للمكان في الرواية دوراً كبيراً حتى وإن كان معروفاً، وباعترافه دائماً أنه ما كتب تلك الرواية إلا في محاولة منه للسير على خطى وصف تولستوي لـ"العائلة السعيدة" في روايته "الحرب والسلام". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومهما يكن من أمر هنا، لا بد من القول إن بولغاكوف على رغم استلهامه تولستوي، كان مراده في "الحرس الأبيض" أن يكتب تاريخاً لعائلة روسية الجذور تعيش في كييف هي عائلته، واصفاً بالتحديد حياته وصباه هو الطبيب الذي انطلق في حياته مولعاً بالكتابة تماماً كما هي حال بطل روايته. والحقيقة أن مراد بولغاكوف، كان أن تكون "الحرس الأبيض" جزءاً أول من ثلاثية نعرف أنها لم تكتمل أبداً، وبسبب الرقابة التي وجدت منذ الجزء الأول أن عليها أن تتحرك، ما يعيدنا هنا إلى ما أسميناه أول هذا الكلام، "حكاية الحكاية". من الرواية إلى الخشبة باختصار إذاً أن "حكاية الحكاية" إنما هي بالنسبة إلى ميخائيل بولغاكوف تلك الحكاية التي عاشها بدءاً من عام 1925 العام الذي بدأ فيه الكاتب بإرسال الفصول الأولى من روايته الطويلة الأولى "الحرس الأبيض" إلى مجلة "روسيا"، التي كانت ذات شأن أدبي في ذلك الحين، وذلك بالتوازي مع كتابات أخرى راحت تصنع له مكانة ولكن في الوقت نفسه ملفاً لدى الرقابة، التي رأت فيها "نوعاً من حنين إلى روسيا القديمة قد يحمل رفضاً ما للواقع السوفياتي الجديد". وما إن أطل العام التالي وأنجز الكاتب فصولاً إضافية من الرواية، حتى قررت تلك الرقابة أنها لا يمكنها أن تصبر عليه أكثر من ذلك، فتفجرت علاقته بها في الوقت نفسه الذي كان هو قد قرر الالتفاف على الأمر، بتحويل الرواية إلى مسرحية تحمل هذه المرة عنوان "أيام آل توربين" لتقدم على خشبة مسرح الفن الشهير في خمسة فصول و13 لوحة، وهو عمل انكب عليه منذ نهاية صيف عام 1925 على أية حال. ومنذ البداية كانت الرقابة بالمرصاد ولكن ليس وحدها بل شراكة مع مجمل المطبوعات الرسمية، التي اهتمت بالرواية اهتماماً استثنائياً جعل معظم المقالات التي تتناول عمل بولغاكوف منددة بالعمل. وكذلك لاحقاً حين تحولت إلى مسرحية حرص الكاتب على التخفيف من غلواء بعض شخصياتها على أية حال. والحقيقة أن المسرحية عرضت بقدر لا بأس به من النجاح الذي فاقم منه إمعان "النقاد" في مهاجمة العمل ورجعيته حتى وإن كانوا قد عجزوا عن جعله يمنع مسرحياً. ففي ذلك الحين، ومقابل التشدد في الرقابة على الأعمال المطبوعة، كان ثمة نوع من التهاون مع الأعمال المسرحية باعتبارها نخبوية "ولا يمكنها أن تفسد أخلاق الطبقة العاملة". ومن هنا على رغم ما سيقوله بولغاكوف في نص لاحق له من أنه رصد 298 مقالة تهاجم المسرحية مقابل 3 مقالات تمتدحها، واصل "مسرح الفن" عرض المسرحية شهوراً طويلة (وربما لسبب سنذكره بعد سطور). كانت من أكثر الشهور في مسيرة بولغاكوف المهنية إيلاماً له. رسالة إلى ستالين من هنا نجده وقد أضنته الحكاية كلها، يقرر أنه لم يعد في إمكانه أن يحتمل أكثر مما فعل فيكتب إلى "الرفيق ستالين" رسالة يحاول فيها الحصول من هذا الأخير على إذن خاص بمبارحة الاتحاد السوفياتي برفقة زوجته ولو مطروداً!... ولكن يبدو أن سيد الكرملين لم يجب على الرسالة أو لم يقرأها. وبالتالي ها هو بولغاكوف وفي مستهل ربيع العام التالي يكتب هذه المرة رسالة موجهة إلى "حكومة الاتحاد السوفياتي" يقول فيها– وعلى الأرجح كرد على نصيحة ما، كانت قد وجهت إليه– أنه وعلى رغم النصائح الكريمة "غير قادر على أن يكتب مسرحية شيوعية"، مذكراً بمجموع الشتائم التي وجهت إليه على صفحات الصحافة الرسمية ومنها ما كانت "البرافدا" قد نشرته قبل حين من أن "هذا الكاتب يبدو أعجز من أن يسمم بأفكاره الطبقة العاملة ماسخاً مثلها العليا البولشفية"، واصفة مسْرَحَته لـ"الحرس الأبيض" بأنه "عمل تفوح منه رائحة القذارة". ولئن كان يبدو أن ثمة في الأمر تناقضاً غريباً، إذ كيف يعقل أن يستمر عرض المسرحية طول كل تلك الشهور فيما يتواصل الهجوم الصحافي عليها؟ هنا يأتي الجواب المدهش: لقد أحب ستالين تلك المسرحية إلى درجة يقول جورج نيفا مؤرخ الأدب الروسي في فرنسا إن سيد الكرملين قد شاهد "أيام آل توربين" خمسة عشر مرة وكان في كل مرة يضحك كما لو أنه يشاهدها للمرة الأولى. ومن هنا بقيت تعرض وبقيت تهاجم. أما بالنسبة إلى بولغاكوف فإنه لم يهاجر بل بقي ولو أنه لم يخلد إلى الصمت هو الذي قال ذات مرة وقد أدرك أنه قادر على الاستفادة من تناقضات موقف ستالين: "إن النضال ضد الرقابة، وكل أنواع الرقابة وفي ظل أية سلطة من السلطات، هو الواجب الذي نذرت له نفسي ككاتب كما آليت على هذه النفس أن تدافع عن حرية الصحافة...". وفي النهاية إذ أدرك بولغاكوف أنه بدوره سوف يعيش ذلك التناقض، راح يسعى للحصول على عمل يمكنه من البقاء والعيش، كمساعد مخرج مسرحي أو ممثل ثانوي أو حتى عامل ديكور وأكسسوار. وواصل الكتابة فيما واصلت الرقابة المنع وواصل ستالين الاستمتاع وربما مشبهاً نفسه بالقيصر نيقولاي الأول، الذي كان قبله من كبار المصفقين لمسرحية غوغول "المفتش العام" على رغم ما تحمله من انتقاد حاد لحكومته وإدارته... بل وربما لما تحمله من ذلك الانتقاد!


Independent عربية
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
بولغاكوف يؤرخ لمدينته وعائلته فيتحول إلى ضحية للرقابة بينما ستالين يتفرج ويصفق!
يعرف الكاتب "السوفياتي" ميخائيل بولغاكوف بروايته الأساسية "المعلم ومرغريتا" التي عاشت مع الرقابة السوفياتية واحدة من أغرب حكايات تلك الرقابة وأطولها عمراً. والحقيقة أن تلك الرواية التي شرع بولغاكوف يكتبها منذ عام 1929 ولم ينجزها إلا في عام 1940 ولن تنشر إلا بعد ذلك بأكثر من ربع قرن، أي بعد وفاة ستالين، تستحق أن تعتبر كما حالها تماماً، أشهر روايات بولغاكوف وأقواها، لكنها بالتأكيد لم تكن روايته الوحيدة ولا أول أعماله الكبيرة. وذلك لأنه كان سبق للكاتب الطبيب المولود في كييف بأوكرانيا - كما معظم مبدعي ما سيعرف منذ بداية عشرينيات القرن العشرين، بالاتحاد السوفياتي- عام 1891، ابناً أول لعائلة متعددة الأبناء والبنات، سبق له أن نشر العديد من النصوص ومن أشهرها قبل "المعلم ومرغريتا" رواية "الحرس الأبيض" 1925 التي يجدر بكييف نفسها أن تحتفل هذا العام، بالتحديد، بالمئوية الأولى لولادتها ولكن ليس فقط على شكل رواية ولا حتى على شكل مسرحية هي التي حوّلها الكاتب بنفسه إلى مسرحية حين عجز عن نشرها كرواية مكتملة. والحقيقة أن حكاية هذا "العجز" هي التي تهمنا هنا وربما تحديداً لأن الحكاية تعتبر أول تصادم لبولغاكوف مع الرقابة وبل حتى مع السلطات الستالينية في بلاد السوفيات، التصادم الذي سيصل إلى ذروته مع "المعلم ومرغريتا" كما نعرف وتخبرنا وثائق الحياة الأدبية في الزمن السوفياتي. ولادة رواية "عائلية" قبل الوصول إلى "حكاية الحكاية" لا بد أولاً من أن نقول عمّ تتحدث "الحرس الأبيض" التي كتبها بولغاكوف وكان بعد يمضي آخر سنواته متنقلاً بين مسقط رأسه كييف وموسكو التي كانت قد أضحت عاصمة للبلاد البولشفية بديلة لبطرسبرغ. ومن هنا لم يكن غريباً للكاتب الطبيب الشاب، أن يحاول في تلك الرواية أن يتناول حياته وحياة عائلته ومدينته كييف، حتى وإن كان قد وضع أقنعة على وجوه وشخصيات معظم أبطالها. فالحال أن العائلة التي يصف بولغاكوف حياة أفرادها تحمل اسم "أيام آل توربين" وهو على أية حال الاسم الأصلي لجدة عائلة بولغاكوف، تماماً كما أن البيت الذي تقطنه عائلة توربين في الرواية وتدور فيه أحداثها، هو بيت عائلة أسرة بولغاكوف بطلعة سانت أندريه في كييف- وقد تحول بعد سقوط الحكم السوفياتي إلى متحف باسم ميخائيل بولغاكوف نفسه-، علماً بأن وصف الكاتب الدقيق للبيت يجعل زائري المتحف المطلعين على أدب بولغاكوف ولا سيما "الحرس الأبيض" يتعرفون بدقة إلى الغرف والزوايا والممرات داخل بيت كان يتسع لنحو عشرين نفراً بينهم نحو عشرة أبناء وبنات، وجعل بولغاكوف للمكان في الرواية دوراً كبيراً حتى وإن كان معروفاً، وباعترافه دائماً أنه ما كتب تلك الرواية إلا في محاولة منه للسير على خطى وصف تولستوي لـ"العائلة السعيدة" في روايته "الحرب والسلام". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومهما يكن من أمر هنا، لا بد من القول إن بولغاكوف على رغم استلهامه تولستوي، كان مراده في "الحرس الأبيض" أن يكتب تاريخاً لعائلة روسية الجذور تعيش في كييف هي عائلته، واصفاً بالتحديد حياته وصباه هو الطبيب الذي انطلق في حياته مولعاً بالكتابة تماماً كما هي حال بطل روايته. والحقيقة أن مراد بولغاكوف، كان أن تكون "الحرس الأبيض" جزءاً أول من ثلاثية نعرف أنها لم تكتمل أبداً، وبسبب الرقابة التي وجدت منذ الجزء الأول أن عليها أن تتحرك، ما يعيدنا هنا إلى ما أسميناه أول هذا الكلام، "حكاية الحكاية". من الرواية إلى الخشبة باختصار إذاً أن "حكاية الحكاية" إنما هي بالنسبة إلى ميخائيل بولغاكوف تلك الحكاية التي عاشها بدءاً من عام 1925 العام الذي بدأ فيه الكاتب بإرسال الفصول الأولى من روايته الطويلة الأولى "الحرس الأبيض" إلى مجلة "روسيا"، التي كانت ذات شأن أدبي في ذلك الحين، وذلك بالتوازي مع كتابات أخرى راحت تصنع له مكانة ولكن في الوقت نفسه ملفاً لدى الرقابة، التي رأت فيها "نوعاً من حنين إلى روسيا القديمة قد يحمل رفضاً ما للواقع السوفياتي الجديد". وما إن أطل العام التالي وأنجز الكاتب فصولاً إضافية من الرواية، حتى قررت تلك الرقابة أنها لا يمكنها أن تصبر عليه أكثر من ذلك، فتفجرت علاقته بها في الوقت نفسه الذي كان هو قد قرر الالتفاف على الأمر، بتحويل الرواية إلى مسرحية تحمل هذه المرة عنوان "أيام آل توربين" لتقدم على خشبة مسرح الفن الشهير في خمسة فصول و13 لوحة، وهو عمل انكب عليه منذ نهاية صيف عام 1925 على أية حال. ومنذ البداية كانت الرقابة بالمرصاد ولكن ليس وحدها بل شراكة مع مجمل المطبوعات الرسمية، التي اهتمت بالرواية اهتماماً استثنائياً جعل معظم المقالات التي تتناول عمل بولغاكوف منددة بالعمل. وكذلك لاحقاً حين تحولت إلى مسرحية حرص الكاتب على التخفيف من غلواء بعض شخصياتها على أية حال. والحقيقة أن المسرحية عرضت بقدر لا بأس به من النجاح الذي فاقم منه إمعان "النقاد" في مهاجمة العمل ورجعيته حتى وإن كانوا قد عجزوا عن جعله يمنع مسرحياً. ففي ذلك الحين، ومقابل التشدد في الرقابة على الأعمال المطبوعة، كان ثمة نوع من التهاون مع الأعمال المسرحية باعتبارها نخبوية "ولا يمكنها أن تفسد أخلاق الطبقة العاملة". ومن هنا على رغم ما سيقوله بولغاكوف في نص لاحق له من أنه رصد 298 مقالة تهاجم المسرحية مقابل 3 مقالات تمتدحها، واصل "مسرح الفن" عرض المسرحية شهوراً طويلة (وربما لسبب سنذكره بعد سطور). كانت من أكثر الشهور في مسيرة بولغاكوف المهنية إيلاماً له. رسالة إلى ستالين من هنا نجده وقد أضنته الحكاية كلها، يقرر أنه لم يعد في إمكانه أن يحتمل أكثر مما فعل فيكتب إلى "الرفيق ستالين" رسالة يحاول فيها الحصول من هذا الأخير على إذن خاص بمبارحة الاتحاد السوفياتي برفقة زوجته ولو مطروداً!... ولكن يبدو أن سيد الكرملين لم يجب على الرسالة أو لم يقرأها. وبالتالي ها هو بولغاكوف وفي مستهل ربيع العام التالي يكتب هذه المرة رسالة موجهة إلى "حكومة الاتحاد السوفياتي" يقول فيها– وعلى الأرجح كرد على نصيحة ما، كانت قد وجهت إليه– أنه وعلى رغم النصائح الكريمة "غير قادر على أن يكتب مسرحية شيوعية"، مذكراً بمجموع الشتائم التي وجهت إليه على صفحات الصحافة الرسمية ومنها ما كانت "البرافدا" قد نشرته قبل حين من أن "هذا الكاتب يبدو أعجز من أن يسمم بأفكاره الطبقة العاملة ماسخاً مثلها العليا البولشفية"، واصفة مسْرَحَته لـ"الحرس الأبيض" بأنه "عمل تفوح منه رائحة القذارة". ولئن كان يبدو أن ثمة في الأمر تناقضاً غريباً، إذ كيف يعقل أن يستمر عرض المسرحية طول كل تلك الشهور فيما يتواصل الهجوم الصحافي عليها؟ هنا يأتي الجواب المدهش: لقد أحب ستالين تلك المسرحية إلى درجة يقول جورج نيفا مؤرخ الأدب الروسي في فرنسا إن سيد الكرملين قد شاهد "أيام آل توربين" خمسة عشر مرة وكان في كل مرة يضحك كما لو أنه يشاهدها للمرة الأولى. ومن هنا بقيت تعرض وبقيت تهاجم. أما بالنسبة إلى بولغاكوف فإنه لم يهاجر بل بقي ولو أنه لم يخلد إلى الصمت هو الذي قال ذات مرة وقد أدرك أنه قادر على الاستفادة من تناقضات موقف ستالين: "إن النضال ضد الرقابة، وكل أنواع الرقابة وفي ظل أية سلطة من السلطات، هو الواجب الذي نذرت له نفسي ككاتب كما آليت على هذه النفس أن تدافع عن حرية الصحافة...". وفي النهاية إذ أدرك بولغاكوف أنه بدوره سوف يعيش ذلك التناقض، راح يسعى للحصول على عمل يمكنه من البقاء والعيش، كمساعد مخرج مسرحي أو ممثل ثانوي أو حتى عامل ديكور وأكسسوار. وواصل الكتابة فيما واصلت الرقابة المنع وواصل ستالين الاستمتاع وربما مشبهاً نفسه بالقيصر نيقولاي الأول، الذي كان قبله من كبار المصفقين لمسرحية غوغول "المفتش العام" على رغم ما تحمله من انتقاد حاد لحكومته وإدارته... بل وربما لما تحمله من ذلك الانتقاد!


Independent عربية
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
وثائق اغتيال كينيدي: 10 أسئلة
في حادثة لا تزال تثير الجدل حتى اليوم، شكل اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي في الـ22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 واحدة من أكثر الجرائم السياسية غموضاً في التاريخ الحديث. قتل كينيدي أثناء موكبه الرئاسي في دالاس بتكساس، ووجهت التهمة إلى لي هارفي أوزوالد مباشرة، الذي لم يتح له المثول أمام القضاء، إذ قتل بعد يومين على يد جاك روبي داخل مركز شرطة دالاس، مما زاد من الشكوك والتكهنات حول أبعاد الحادثة. وعلى رغم مرور عقود، لا تزال بعض الوثائق المتعلقة بالتحقيقات سرية، مما عزز نظريات المؤامرة حول ملابسات الاغتيال وإمكان تورط أجهزة استخبارية. في خطوة أعادت الجدل حول القضية، نشر الأرشيف الوطني الأميركي مساء أول من أمس الثلاثاء أكثر من 80 ألف وثيقة متعلقة باغتيال الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي، تنفيذاً للوعد الانتخابي للرئيس دونالد ترمب بالكشف عن جميع الملفات المرتبطة بهذه الحادثة التاريخية. ويتوقع أن تسهم هذه الوثائق في تسليط الضوء على بعض الجوانب الغامضة التي أحاطت بالقضية، وأسهمت في إعادة تشكيل المشهد السياسي الأميركي. 1- ما أبرز المعلومات التي كشفت عنها وثائق كينيدي التي نشرها ترمب؟ كشفت الوثائق عن عمليات تنصت واسعة قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" الأميركية في مدينة مكسيكو، إذ كانت تراقب اتصالات الدبلوماسيين السوفيات والكوبيين. كما كشفت عن لقاء جمع لي هارفي أوزوالد بضابط استخبارات سوفياتي يدعى فاليري كوستيكوف، الذي كان مرتبطاً بالقسم 13 في جهاز الـ"كي جي بي"، المسؤول عن تنفيذ الاغتيالات. وقللت وثائق أخرى من شأن صلة أوزوالد بالاتحاد السوفياتي. كما تناولت الوثائق تفاصيل محاولات "سي آي أي" اغتيال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، إضافة إلى الصراع الداخلي بين وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية حول السيطرة على العمليات الخارجية. وكشفت وثيقة أخرى أن صحيفة بريطانية تلقت اتصالاً مجهول المصدر قبل 25 دقيقة فقط من اغتيال كينيدي، يحذرها من "خبر كبير" قادم من الولايات المتحدة. كما تضمنت بعض الشهادات التي تدعم نظرية وجود مطلق نار ثان في حادثة اغتيال كينيدي، وهو ما يتناقض مع التقرير الرسمي للجنة وارن. 2- ما لجنة وارن؟ لجنة "وارن" هي الهيئة التي شكلتها الحكومة الأميركية للتحقيق في اغتيال الرئيس جون كينيدي، وتأسست في الـ29 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 برئاسة رئيس المحكمة العليا إيرل وارن. جرى تكليف اللجنة بدراسة جميع الأدلة المتعلقة بالحادثة، وإصدار تقرير نهائي يوضح حقيقة ما حدث. خلصت لجنة "وارن" بعد تحقيقات مكثفة إلى أن لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده عندما أطلق النار على الرئيس الأميركي جون كينيدي من الطابق السادس لمستودع الكتب المدرسية في دالاس بتكساس. غير أن تقرير اللجنة، الصادر عام 1964، لم يضع حداً للجدل المستمر حول ملابسات الاغتيال، إذ استمرت الشكوك في شأن احتمال وجود مؤامرة أوسع، لا سيما مع ظهور وثائق جديدة تشير إلى فرضيات لم تبحث بصورة كافية في ذلك الوقت. وأدى مقتل أوزوالد بعد يومين على يد مالك ناد ليلي يدعى جاك روبي إلى تغذية هذه الشكوك، إذ تعددت النظريات حول الجهة التي قد تكون وراء الاغتيال. وبينما يعتقد بعضهم أن الاتحاد السوفياتي أو كوبا قد يكونان متورطين، يرى آخرون أن الحادثة جاءت نتيجة مؤامرة دبرتها المعارضة الكوبية المناهضة لفيدل كاسترو، بدعم من أجهزة الاستخبارات الأميركية أو أطراف معارضة لكينيدي داخل الولايات المتحدة. 3- ما طبيعة الصراع الذي كشفت عنه الوثائق بين وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية في ما يخص إدارة العمليات الخارجية؟ أظهرت الوثائق أن هناك صراعاً داخلياً بين وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية حول تنفيذ العمليات السرية في الخارج، لا سيما في كوبا وأميركا اللاتينية، إذ تمحور الخلاف حول مدى استقلالية الوكالة في التخطيط والتنفيذ من دون العودة لوزارة الخارجية. إحدى الوثائق كشفت عن أن توتراً نشأ بين الطرفين في شأن إدارة العلاقات مع الدول الحليفة، إذ حاولت "سي آي أي" تجنيد موظفين أجانب من دون علم الخارجية، مما أثار مخاوف من تأثير ذلك في السياسة الدبلوماسية الأميركية. وفي وثيقة أخرى، أبلغ المساعد آرثر شليزنغر الرئيس جون كينيدي بأن اعتماد الوكالة على مصادر أميركية خاضعة للرقابة يمثل تجاوزاً لمهمات وزارة الخارجية التقليدية. كما اشتكت السفارة الأميركية في باريس من محاولات "سي آي أي" احتكار قنوات الاتصال مع شخصيات سياسية فرنسية بارزة، من بينها رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية. وتشير الوثائق أيضاً إلى أن بعض مسؤولي الخارجية كانوا يرون أن أنشطة الوكالة قد تؤدي إلى تصعيد دبلوماسي غير مرغوب فيه، خصوصاً إذا جرى الكشف عن تفاصيل بعض العمليات السرية. وفي المجمل، بينت هذه الوثائق أن "سي آي أي" عملت بصورة شبه مستقلة، مما تسبب في احتكاكات دائمة مع وزارة الخارجية، إذ سعت الأخيرة إلى الحد من نفوذ الوكالة، بينما حاولت الأخيرة تعزيز سيطرتها على العمليات الاستخبارية، خصوصاً في أميركا اللاتينية. 4- ما دور العميل السوفياتي فاليري كوستيكوف في لقاءاته مع لي هارفي أوزوالد، وكيف فسرت الوثائق انتقاله للبنان عام 1978؟ أوضحت الوثائق أن فاليري كوستيكوف، ضابط الاستخبارات السوفياتي المتخصص في العمليات السرية عضو القسم الـ13 في "كي جي بي" المسؤول عن تنفيذ الاغتيالات، التقى لي هارفي أوزوالد في السفارة السوفياتية في مكسيكو سيتي قبل شهرين من اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي. وذكرت الوثائق أن أوزوالد زار السفارة في سبتمبر (أيلول) 1963، إذ التقى بكوستيكوف، في محاولة للحصول على تأشيرة لدخول الاتحاد السوفياتي، لكنه لم ينجح. كما أشارت إحدى الوثائق إلى أن "سي آي أي" اعترضت مكالمة هاتفية كشف فيها أوزوالد عن اسمه الحقيقي أثناء الاتصال بالسفارة السوفياتية، مما أثار تساؤلات حول سبب عدم اتخاذ السلطات الأميركية إجراءات ضده قبل تنفيذ الاغتيال. وفي سياق آخر، كشفت الوثائق عن أن كوستيكوف انتقل إلى بيروت عام 1978، إذ شغل منصب سكرتير أول في السفارة السوفياتية، وهو ما أثار قلق "سي آي أي" التي اشتبهت في تورطه بأنشطة تخريبية تستهدف السفارات الغربية، إضافة إلى دوره المحتمل في تعزيز النفوذ السوفياتي في المنطقة. 5- ما الأدلة الجديدة التي تدعم نظرية وجود أكثر من مطلق نار في حادثة اغتيال كينيدي؟ أشارت بعض الوثائق إلى أن هناك تقارير تفيد بإطلاق نار من "المرتفع العشبي"، وهو موقع أمام موكب كينيدي، مما يتناقض مع الرواية الرسمية التي قالت إن أوزوالد كان المسلح الوحيد وأطلق جميع الطلقات من مبنى مستودع الكتب المدرسية. 6- كيف سلطت الوثائق الضوء على أنشطة التجسس التي نفذتها "سي آي أي" في أميركا اللاتينية؟ أكدت الوثائق أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لعبت دوراً في شؤون أميركا اللاتينية من خلال دعم الانقلابات والتجسس على شخصيات سياسية في دول مثل تشيلي والمكسيك وكوبا، كما تجسست على السفارات السوفياتية والكوبية في المكسيك، وسعت إلى تجنيد عملاء مزدوجين ضمن عملياتها السرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأوضحت الوثائق أن "سي آي أي" نفذت عمليات تنصت واسعة على الهواتف في مدينة مكسيكو بين ديسمبر (كانون الأول) 1962 ويناير (كانون الثاني) 1963، بهدف مراقبة السفارتين السوفياتية والكوبية. واستخدمت الوكالة مواد كيماوية خاصة لتمييز أجهزة الهاتف بعلامات غير مرئية لا يمكن كشفها إلا بالأشعة فوق البنفسجية، مما مكن العملاء الأميركيين من تحديد الخطوط المستهدفة بالمراقبة. كما كشفت الوثائق عن عمليات تجسس مكثفة على السفارة الكوبية في المكسيك، في سياق مساعي الرئيس جون كينيدي إلى الإطاحة بفيدل كاسترو، وهي الجهود التي عززت التكهنات حول احتمال تورط كوبا في اغتياله. 7- ما عملية النمس؟ كشفت وثائق رفعت عنها السرية أن "عملية النمس" كانت حملة سرية أميركية للإطاحة بنظام فيدل كاسترو، بعد فشل غزو خليج الخنازير عام 1961. أطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) 1961 بإشراف الجنرال إدوارد لانسديل، وشاركت فيها وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية والبنتاغون. جندت "سي آي أي" معارضين كوبيين، دربتهم على التخريب والتجسس، وزودتهم بأسلحة لتنفيذ عمليات داخل كوبا، شملت تفجير مصانع، وإحراق حقول قصب السكر، وإفساد الإمدادات الغذائية، وحتى تلويث مصادر المياه. كما استخدمت الدعاية السرية، وفرق الكوماندوز، ومحاولات اغتيال كاسترو بأساليب غير تقليدية، منها سيجار مسموم ومتفجرات في قواقع بحرية. كما تضمنت الخطة تضليل الاتحاد السوفياتي بمعلومات مزيفة لدفعه لاتخاذ قرارات خاطئة في شأن دعم كاسترو، لكن العملية فشلت في تحقيق أهدافها. 8- لماذا فشلت "عملية النمس" وماذا كشفت عنه؟ على رغم جهود "سي آي أي" المكثفة، فشلت العملية بسبب يقظة الأمن الكوبي ودعم الاتحاد السوفياتي، مما ساعد في كشف العملاء الأميركيين، كما أثرت الخلافات داخل واشنطن وتردد كينيدي في التصعيد العسكري خشية الحرب مع موسكو. لاحقاً، غيرت أزمة الصواريخ الكوبية الأولويات الأميركية نحو الحل الدبلوماسي. 6 وثائق اغتيال كينيدي وثائق اغتيال كينيدي 1/6 جون كينيدي وزوجته جاكلين قبل زواجهما في منزل أهله (غيتي) جون كينيدي وزوجته جاكلين قبل زواجهما في منزل أهله (غيتي) 2/6 الوثائق التي نشرتها الولايات المتحدة أثارت الجدلحول اغتيال كينيدي من جديد (أ ب) الوثائق التي نشرتها الولايات المتحدة أثارت الجدلحول اغتيال كينيدي من جديد (أ ب) 3/6 جاكلين كينيدي مع العائلة خلال مراسم دفن زوجها (غيتي) جاكلين كينيدي مع العائلة خلال مراسم دفن زوجها (غيتي) 4/6 كينيدي مع مدير وكالة المخابرات المركزية جون ماكون في حديقة الورود (البيت الأبيض) كينيدي مع مدير وكالة المخابرات المركزية جون ماكون في حديقة الورود (البيت الأبيض) 5/6 كينيدي يوم اغتياله في تكساس (رويترز) كينيدي يوم اغتياله في تكساس (رويترز) 6/6 أوزولد، مكبل اليدين بعد اعتقاله من قبل شرطة دالاس (غيتي) رفع السرية عن وثائق "النمس" كشف عن حجم العمليات السرية خلال الحرب الباردة وأثار تساؤلات عن دور "سي آي أي" في مخططات مشابهة. في النهاية، بقي كاسترو في السلطة، وظلت "النمس" من أكثر العمليات الأميركية إثارة للجدل. 9- هل فعلاً الحكومة الأميركية لها علاقة بمقتل الرئيس كينيدي؟ لم تكشف الوثائق التي نشرها ترمب عن دليل قاطع يثبت تورط الحكومة الأميركية في اغتيال كينيدي، لكنها أثارت شكوكاً حول دور الاستخبارات في الحادثة، سواء بصورة غير مباشرة أو من خلال تجاهل مؤشرات تحذيرية. أظهرت الوثائق أن "سي آي أي" راقبت لي هارفي أوزوالد وعرفت بزياراته إلى سفارات سوفياتية وكوبية في المكسيك، لكنها لم تتخذ أي إجراءات لمنعه. كما كشفت عن اتصالات مريبة سبقت الاغتيال، من بينها مكالمات مجهولة المصدر جرى اعتراضها من دون تحرك جاد. إضافة إلى ذلك، حاولت الوكالة التعتيم على تقارير صحافية تشير إلى احتمال تورطها، مما عزز نظريات المؤامرة حول مسؤولية داخلية في اغتيال كينيدي. 10- لماذا تأخرت الحكومة الأميركية في الإفراج عن هذه الوثائق، وما الوثائق التي لا تزال سرية؟ على مدى عقود، سعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى إبقاء هذه الوثائق سرية، خشية كشف أساليبها في التجسس، فيما أجلت الحكومات المتعاقبة نشرها بحجة الحفاظ على "الأمن القومي". وعلى رغم إصدار ترمب قراراً برفع السرية عن معظمها، لا تزال آلاف الملفات غير منشورة، ويعتقد أنها تحتوي على تفاصيل حساسة حول جهات قد تكون متورطة في العملية. وخلال السنوات الأخيرة، نشرت إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية الأميركية عشرات آلاف السجلات المتعلقة باغتيال كينيدي، مشيرة إلى أن 97 في المئة منها باتت متاحة، وتشمل نحو 5 ملايين صفحة. ومع ذلك، لا تزال ثلاثة في المئة من الوثائق سرية، مما يثير تساؤلات حول محتواها، وما إذا كانت تخفي أدلة حساسة قد تكشف عن حقائق جديدة عن واحدة من أكثر الجرائم السياسية إثارة للجدل في التاريخ الأميركي.


Independent عربية
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
"سي آي إيه" سعت إلى التحكم في المعلومات حول اغتيال كينيدي أكثر من كشفها
تشير إحدى الوثائق التي كشف عنها الأرشيف الوطني الأميركي من بين آلاف الوثائق التي أمر الرئيس دونالد ترمب بالكشف عنها حول اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي في الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) اعترفت بأنها تسترت على بعض المعلومات خلال التحقيقات التي أجرتها "لجنة وارن" التي أنشأها الرئيس ليندون جونسون، على رغم أن هذه المعلومات ربما كانت على صلة باغتيال كينيدي. تحكم في المعلومات ووفقاً لتقييم وكالة الاستخبارات الأميركية فإن الوكالة تعاملت مع التحقيقات التي جرت عقب الاغتيال ضمن عملية مصممة للتحكم في المعلومات أكثر من الحصول عليها وكشفها، ومن بينها أن رجال الاستخبارات المركزية الأميركية حاولوا قتل الرئيس الكوبي فيديل كاسترو، وأن هذا التستر جاء خشية تأجيج فكرة المؤامرة التي كانت تسيطر على عقول الأميركيين الذين اعتقد 70 في المئة منهم في نظرية المؤامرة وقتها، وأيضاً لأنه قبل شهرين فقط من اغتيال كينيدي حذر كاسترو من أنه إذا حاولت الولايات المتحدة قتل القادة الكوبيين فلن يكون القادة الأميركيون أنفسهم آمنين. وعلى هذا الأساس تعاملت "سي آي أيه" مع أي تورط محتمل من قبل كاسترو على أنه إشاعة لا أساس لها من الصحة، لأنها يمكن أن تؤدي إلى صراع مباشر مع الاتحاد السوفياتي. ورأت الوكالة أن وظيفتها الأساس هي الابتعاد من أية معلومات من شأنها أن تغذي هذا التصور، وبدلاً من ذلك عليها أن تقدم فقط المعلومات التي تؤدي إلى أفضل حقيقة بأن لي هارفي أوزوالد، وهو المتهم الوحيد، قتل كينيدي لأسباب غير واضحة. رد الفعل الفوري وكان رد الفعل الفوري في لانغلي، مقر "سي آي أيه" شمال ولاية فيرجينيا، كما هي الحال في أماكن أخرى في الحكومة الأميركية، هو الشك في وجود محاولة أجنبية بتوجيه شيوعي لزعزعة استقرار الولايات المتحدة، واستمر هذا بعض الوقت بعد الاغتيال وبخاصة بعد اغتيال أوزوالد في مقر شرطة دالاس في الـ 24 من نوفمبر عام 1963 برصاص جاك روبي، وهو مالك ملهى ليلي أُطلق النار على أوزوالد انتقاماً لمقتل كينيدي، إذ لم يستبعد قادة الوكالة وجود مؤامرة محلية أو أجنبية، بينما كانوا يحاولون تحديد ما إذا كانت هناك أزمة دولية وشيكة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تعاون سلبي وتفاعلي وانتقائي وبتوجيه من جون ماكون مدير "سي آي أيه" بين عامي 1961 و 1965، دعمت وكالة الاستخبارات المركزية "لجنة وارن" بطريقة يمكن وصفها بأنها سلبية وتفاعلية وانتقائية، إذ أبلغ ماكون في أوائل عام 1965 وزارة العدل أنه أصدر تعليماته لمسؤولي الوكالة بالتعاون الكامل مع "لجنة وارن" وعدم حجب أي شيء عن تحقيقاتها"، وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 1964 زودتها وكالة الاستخبارات المركزية بنحو 77 وثيقة، وأعدت 38 تقريراً متفاوتة الطول استجابة لمهماتها. ومع ذلك كان هذا التعاون أضيق مما قد توحي به هذه الأرقام، إذ أنتجت الاستخبارات المركزية معلومات فقط استجابة لطلبات اللجنة التي كان معظمها يتعلق بالاتحاد السوفياتي أو أنشطة أوزوالد أثناء وجوده خارج الولايات المتحدة، ولم تتطوع "سي آي أيه" بتقديم أي مواد حتى لو كانت ذات صلة. وعند درس الاغتيال في مناخ سياسي مختلف، خلصت "لجنة تشيرش" التابعة لمجلس الشيوخ عام 1976 إلى أن تحقيق الوكالة كان محدوداً في فحص اتصالات أوزوالد مع الجماعات المؤيدة لكاسترو والمناهضة له قبل الاغتيال، وأن كبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية كان ينبغي أن يدركوا أن عمليات الوكالة في كوبا بحاجة إلى درس من قبل اللجنة. ووفقاً للأرشيف الوطني الأميركي فلم يعترف أوزوالد بأنه أطلق النار على كينيدي أبداً خلال وجوده مع الشرطة ليومين قبل وفاته في مقر شرطة دالاس، ولا توجد أية سجلات لمقابلات أوزوالد مع الشرطة. وكانت "لجنة وارن" التي أنشأها الرئيس جونسون للتحقيق في اغتيال كينيدي أثناء مروره في موكب سيارات مكشوفة عبر دالاس قد خلصت إلى أن أوزوالد تصرف بمفرده، لكن على مدى عقود ظل المهتمون بحادثة الاغتيال غير راضين، مما غذى نظريات مفادها بأن قوى أخرى كانت ضالعة في عملية القتل.


Independent عربية
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
"سي آي أيه" سعت إلى التحكم في المعلومات حول اغتيال كينيدي أكثر من كشفها
تشير إحدى الوثائق التي كشف عنها الأرشيف الوطني الأميركي من بين آلاف الوثائق التي أمر الرئيس دونالد ترمب بالكشف عنها حول اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي في الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) اعترفت بأنها تسترت على بعض المعلومات خلال التحقيقات التي أجرتها "لجنة وارن" التي أنشأها الرئيس ليندون جونسون، على رغم أن هذه المعلومات ربما كانت على صلة باغتيال كينيدي. تحكم في المعلومات ووفقاً لتقييم وكالة الاستخبارات الأميركية فإن الوكالة تعاملت مع التحقيقات التي جرت عقب الاغتيال ضمن عملية مصممة للتحكم في المعلومات أكثر من الحصول عليها وكشفها، ومن بينها أن رجال الاستخبارات المركزية الأميركية حاولوا قتل الرئيس الكوبي فيديل كاسترو، وأن هذا التستر جاء خشية تأجيج فكرة المؤامرة التي كانت تسيطر على عقول الأميركيين الذين اعتقد 70 في المئة منهم في نظرية المؤامرة وقتها، وأيضاً لأنه قبل شهرين فقط من اغتيال كينيدي حذر كاسترو من أنه إذا حاولت الولايات المتحدة قتل القادة الكوبيين فلن يكون القادة الأميركيون أنفسهم آمنين. وعلى هذا الأساس تعاملت "سي آي أيه" مع أي تورط محتمل من قبل كاسترو على أنه إشاعة لا أساس لها من الصحة، لأنها يمكن أن تؤدي إلى صراع مباشر مع الاتحاد السوفياتي. ورأت الوكالة أن وظيفتها الأساس هي الابتعاد من أية معلومات من شأنها أن تغذي هذا التصور، وبدلاً من ذلك عليها أن تقدم فقط المعلومات التي تؤدي إلى أفضل حقيقة بأن لي هارفي أوزوالد، وهو المتهم الوحيد، قتل كينيدي لأسباب غير واضحة. رد الفعل الفوري وكان رد الفعل الفوري في لانغلي، مقر "سي آي أيه" شمال ولاية فيرجينيا، كما هي الحال في أماكن أخرى في الحكومة الأميركية، هو الشك في وجود محاولة أجنبية بتوجيه شيوعي لزعزعة استقرار الولايات المتحدة، واستمر هذا بعض الوقت بعد الاغتيال وبخاصة بعد اغتيال أوزوالد في مقر شرطة دالاس في الـ 24 من نوفمبر عام 1963 برصاص جاك روبي، وهو مالك ملهى ليلي أُطلق النار على أوزوالد انتقاماً لمقتل كينيدي، إذ لم يستبعد قادة الوكالة وجود مؤامرة محلية أو أجنبية، بينما كانوا يحاولون تحديد ما إذا كانت هناك أزمة دولية وشيكة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تعاون سلبي وتفاعلي وانتقائي وبتوجيه من جون ماكون مدير "سي آي أيه" بين عامي 1961 و 1965، دعمت وكالة الاستخبارات المركزية "لجنة وارن" بطريقة يمكن وصفها بأنها سلبية وتفاعلية وانتقائية، إذ أبلغ ماكون في أوائل عام 1965 وزارة العدل أنه أصدر تعليماته لمسؤولي الوكالة بالتعاون الكامل مع "لجنة وارن" وعدم حجب أي شيء عن تحقيقاتها"، وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 1964 زودتها وكالة الاستخبارات المركزية بنحو 77 وثيقة، وأعدت 38 تقريراً متفاوتة الطول استجابة لمهماتها. ومع ذلك كان هذا التعاون أضيق مما قد توحي به هذه الأرقام، إذ أنتجت الاستخبارات المركزية معلومات فقط استجابة لطلبات اللجنة التي كان معظمها يتعلق بالاتحاد السوفياتي أو أنشطة أوزوالد أثناء وجوده خارج الولايات المتحدة، ولم تتطوع "سي آي أيه" بتقديم أي مواد حتى لو كانت ذات صلة. وعند درس الاغتيال في مناخ سياسي مختلف، خلصت "لجنة تشيرش" التابعة لمجلس الشيوخ عام 1976 إلى أن تحقيق الوكالة كان محدوداً في فحص اتصالات أوزوالد مع الجماعات المؤيدة لكاسترو والمناهضة له قبل الاغتيال، وأن كبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية كان ينبغي أن يدركوا أن عمليات الوكالة في كوبا بحاجة إلى درس من قبل اللجنة. ووفقاً للأرشيف الوطني الأميركي فلم يعترف أوزوالد بأنه أطلق النار على كينيدي أبداً خلال وجوده مع الشرطة ليومين قبل وفاته في مقر شرطة دالاس، ولا توجد أية سجلات لمقابلات أوزوالد مع الشرطة. وكانت "لجنة وارن" التي أنشأها الرئيس جونسون للتحقيق في اغتيال كينيدي أثناء مروره في موكب سيارات مكشوفة عبر دالاس قد خلصت إلى أن أوزوالد تصرف بمفرده، لكن على مدى عقود ظل المهتمون بحادثة الاغتيال غير راضين، مما غذى نظريات مفادها بأن قوى أخرى كانت ضالعة في عملية القتل.