منذ 16 ساعات
رقم قياسي لطلبات الأميركيين على الجنسية البريطانية مع بدء ولاية ترامب الثانية
بينما كان دونالد ترامب يضع يده على الكتاب المقدّس معلناً بدء ولايته الرئاسية الثانية، كانت آلاف الأيدي الأميركية تمتدّ نحو أبواب أوروبا طلباً للجنسية.
كشفت وزارة الداخلية البريطانية أن عدد طلبات الجنسية البريطانية المقدمة من أميركيين بين يناير كانون الثاني ومارس آذار 2025 سجّل رقماً قياسياً بلغ 1,931 طلباً، وهو الأعلى منذ بدء التسجيلات الرسمية عام 2004، وبزيادة قدرها 12 في المئة مقارنة بالربع السابق الذي شهد أيضاً ارتفاعاً حاداً تزامن مع إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر الماضي.
اللافت أن هذا الارتفاع لم يكن فقط في طلبات الجنسية، بل أيضاً في عدد الأميركيين الذين حصلوا على الإقامة الدائمة في بريطانيا خلال عام 2024، إذ بلغ عددهم أكثر من 5,500 شخص، أي بزيادة 20 في المئة على عام 2023، وهي خطوة تمنحهم الحق في العيش والعمل والدراسة بشكل دائم، وتُعد مقدمة طبيعية للحصول على الجنسية لاحقاً.
نحو 2,000 أميركي قدّموا طلبات للحصول على الجنسية البريطانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بزيادة قدرها 12 في المئة مقارنة بالربع السابق.
هذه ليست المرة الأولى التي ترتفع فيها معدلات الهجرة الأميركية إلى بريطانيا بشكل لافت، في عام 2020، خلال فترة ولاية ترامب الأولى وأوج تفشي جائحة كورونا، شهدت السلطات البريطانية قفزة مماثلة.
وفي الفترة نفسها، كشف مكتب «بامبريدج للمحاسبة»، المتخصص في قضايا الضرائب عبر الحدود، أن أكثر من 5,800 أميركي تخلوا عن جنسيتهم خلال النصف الأول من 2020، أي قرابة ثلاثة أضعاف ما تم تسجيله في عام 2019 كاملاً.
قال أليستير بامبريدج الشريك في المكتب ذاته، إن معظم هؤلاء «غادروا أميركا بالفعل وكانوا ببساطة قد سئموا من كل شيء»، مشيراً إلى أن أسباب التخلي عن الجنسية لم تكن سياسية فقط، بل شملت أيضاً الضرائب المعقدة المفروضة على المواطنين الأميركيين المقيمين في الخارج.
ورغم هذا التوجه الواضح نحو أوروبا، يبدو أن الطريق لم يعد سهلاً كما كان.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعلن الأسبوع الماضي نية حكومته تشديد شروط الهجرة الشرعية ورفع فترة الانتظار اللازمة قبل التقدم للجنسية.
وفي إيطاليا، تم اتخاذ خطوة أكثر حدة، حيث أُلغيت إمكانية الحصول على الجنسية من خلال سلالة الأجداد العظماء، وهي وسيلة كانت شائعة بين الأميركيين من أصول إيطالية، كما تم تشديد القواعد المتعلقة بتأشيرات الدخول لغير مواطني الاتحاد الأوروبي.
الأرقام لا تكذب.. لم يعد المواطن الأميركي يشعر أن بلاده تمنحه الاستقرار الكافي، سواء من حيث البيئة السياسية أو النظام الضريبي، وما نشهده هو موجة «هجرة نوعية» هدفها الأمان والفرص البديلة، وليس فقط البحث عن عمل أو لجوء.
ومع أن أوروبا تحاول الحد من تدفقات الهجرة، خصوصاً بعد اضطرابات ما بعد البريكست وتنامي الشعبويات، فإن تدفّق الأميركيين، وهم من الفئات الأكثر تأهيلاً وتعليماً، يُثير مفارقة كبيرة.. القلق من الداخل الأميركي يدفع نخبه نحو الخارج.
ما كان يُنظر إليه سابقاً كأرض الأحلام، بات مصدر قلق لآلاف الأميركيين.
الجنسية باتت ليست مجرد وثيقة قانونية، بل خياراً استراتيجياً للهروب من واقع سياسي معقّد... و«أوروبا» أصبحت، في نظر كثيرين، الضفة الأكثر هدوءاً وسط عاصفة ترامب الثانية.