logo
#

أحدث الأخبار مع #بتريليوني

أموال بالملايين خارج النظام المصرفي.. قضية نوال الدجوي تفتح ملف تخزين الدولارات داخل المنازل في مصر وتبعاتها على الاقتصاد
أموال بالملايين خارج النظام المصرفي.. قضية نوال الدجوي تفتح ملف تخزين الدولارات داخل المنازل في مصر وتبعاتها على الاقتصاد

بوست عربي

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • بوست عربي

أموال بالملايين خارج النظام المصرفي.. قضية نوال الدجوي تفتح ملف تخزين الدولارات داخل المنازل في مصر وتبعاتها على الاقتصاد

أعادت واقعة بلاغ السرقة المقدَّم من سيدة الأعمال المصرية نوال الدجوي، رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في الاقتصاد المصري، وهي امتلاك المواطنين احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية والمعدن النفيس خارج الأطر المصرفية الرسمية. ففي تفاصيل الواقعة التي نقلتها الصحف المصرية ، أفادت الدجوي أنها تعرضت لسرقة مبالغ مالية كبيرة كانت تحتفظ بها داخل إحدى الخزائن في فيلتها الكائنة بمدينة 6 أكتوبر، حيث تم تغيير أرقام الخزائن دون علمها، وهو ما دفعها لتقديم بلاغ رسمي فُتح على إثره تحقيق واسع من قبل الأجهزة الأمنية. تفاصيل حادث نوال الدجوي في أقوالها أمام جهات التحقيق، أوضحت الدجوي أنها تقيم عادة في منطقة الزمالك، غير أن لديها فيلا أخرى بمدينة 6 أكتوبر، تحتوي على ثلاث خزائن حديدية كبيرة داخل غرفتها، كانت تستخدمها لحفظ مستندات وأوراق خاصة، إلى جانب مبالغ مالية ضخمة قالت إنها ميراث عائلي. وكشفت أن المحتويات المسروقة شملت خمسين مليون جنيه مصري، وثلاثمائة وخمسين ألف جنيه إسترليني، وثلاثة ملايين دولار أمريكي، إضافة إلى خمسة عشر كيلوجراماً من الذهب. وهو ما أثار حالة من الجدل العام، ليس فقط حول الواقعة في حد ذاتها، وإنما بشأن مدى شيوع ظاهرة تخزين العملات الأجنبية خارج البنوك، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة حادة في توافر العملة الصعبة. أزمة العملة الأجنبية في مصر قال الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي والخبير الاقتصادي البارز، في تصريحاته لـ"عربي بوست"، إن السيولة النقدية في السوق المصري تُقدَّر بنحو 6.5 تريليون جنيه مصري، ما يعكس حجم التداول المالي الكبير. وينتظم نحو 4.5 تريليون جنيه منها داخل القطاع المصرفي. في المقابل، حسبما يقول العمدة، يحتفظ الأفراد بتريليوني جنيه تقريباً خارج البنوك، ما يعكس تفضيل شريحة واسعة من الناس الاحتفاظ بالسيولة النقدية للمعاملات اليومية أو غير الرسمية. وفيما يخص العملات الأجنبية، ذكر العمدة أن حجمها كبير لكن يصعب تحديده بدقة لتنوع مصادرها وطبيعة المعاملات الخارجية، خاصة التحويلات من المصريين العاملين بالخارج والاستثمارات الأجنبية. الثقة في النظام المصرفي وسلوك رجال الأعمال عزا العمدة ميل العديد من رجال الأعمال إلى الاحتفاظ بأموالهم خارج النظام المصرفي، سواء في المنازل أو الخزائن الخاصة، إلى طبيعة التعاملات التجارية الكبيرة التي تتطلب سيولة فورية، بالإضافة إلى وجود صفقات غير معلنة تحتاج إلى مرونة مالية لا توفرها القنوات البنكية التقليدية. ورأى العمدة أن هذا السلوك، على الرغم من كونه متوقعاً في اقتصاد حيوي مثل الاقتصاد المصري، يمثل تحدياً لجهود الحكومة في تعزيز الشمول المالي. يُذكر أنه ومنذ العام 2022، دخلت مصر في دوامة أزمة متصاعدة تتعلق بتوافر العملة الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، نتيجة تضافر عوامل محلية ودولية. في مقدمة الأسباب الخارجية جاءت الحرب الروسية الأوكرانية، التي أحدثت اضطراباً حاداً في سلاسل الإمداد العالمية، ورفعت أسعار السلع الأساسية بصورة مفاجئة، وهو ما حمَّل الميزان التجاري المصري أعباء إضافية، خصوصاً أن البلاد تعتمد على استيراد القمح والطاقة من الخارج. وتزامن ذلك مع موجة تشديد نقدي عالمي بقيادة الولايات المتحدة، التي رفعت أسعار الفائدة على الدولار، ما دفع رؤوس الأموال الأجنبية إلى مغادرة الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر التي خسرت قرابة عشرين مليار دولار من استثمارات المحافظ خلال فترة وجيزة. داخلياً، عمَّقت الأزمة أوجه الخلل الهيكلي في الاقتصاد المصري، وعلى رأسها انخفاض تحويلات العاملين بالخارج من 15.5 مليار دولار إلى نحو 12 ملياراً في النصف الثاني من عام 2022، بسبب انتشار السوق السوداء التي باتت تقدم أسعاراً أعلى بكثير من السعر الرسمي، ما دفع المصريين في الخارج إلى التحويل بطرق غير رسمية. كما تأثرت عائدات السياحة سلباً بفعل التوترات الإقليمية، وانعكس ذلك على قناة السويس أيضاً، رغم كونها أحد المصادر المستقرة للعملة الأجنبية. هذا النقص الحاد في السيولة الدولارية دفع الدولة إلى فرض قيود صارمة على الاستيراد والتحويلات، ما أدى بدوره إلى تفاقم الأزمة بدلاً من احتوائها. في حين يرى الخبير المصرفي عز الدين حسانين أن احتفاظ بعض الأفراد في مصر بمبالغ مالية كبيرة، تصل إلى 300 مليون جنيه، في منازلهم بدلاً من إيداعها في البنوك، يمثل ظاهرة تعكس عدة عوامل اقتصادية وسلوكية مرتبطة بالوضع الاقتصادي الراهن في البلاد. ففي ظل التحديات الاقتصادية التي تشهدها مصر، كارتفاع معدلات التضخم، وتقلبات أسعار الصرف، والقيود المفروضة على التعاملات المصرفية، يجد بعض الأشخاص في هذا الأسلوب وسيلة لتجنب القيود على عمليات السحب والإيداع، خاصة إذا كانت الأموال تتضمن عملات أجنبية أو كميات كبيرة من الذهب، التي تُعد أصولاً آمنة في أوقات الاضطراب الاقتصادي. من جانبها، وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، قالت النائبة مها عبد الناصر، عضو البرلمان المصري، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إن تحديات السياسات النقدية ومشكلات سحب العملات الأجنبية تؤثر على سلوك المواطنين في إدارة أموالهم، وتدفع العديد منهم إلى حفظ أموالهم في المنازل بدلاً من إيداعها في البنوك، خاصة في ظل وجود التزامات مالية بالعملات الأجنبية. ووفقاً لتصريحات النائبة مها عبد الناصر، فإن هذا السلوك يتفاقم بشكل خاص بين الأفراد والشركات الذين لديهم التزامات مالية بالعملات الأجنبية، مثل الشركات العاملة في مجال الاستيراد والتصدير، أو الأفراد الذين يتعاملون في معاملات دولية. أزمة سقف السحب والقيود على العملات الأجنبية في سياق الحديث عن حدود السحب النقدي، نوه الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي والخبير الاقتصادي البارز، إلى أن القيود على سحب الجنيه المصري شهدت مرونة أكبر مؤخراً، ما يعكس تحسناً في إدارة السيولة المحلية. لكنه استدرك بأن العملات الأجنبية لا تزال تخضع لضوابط صارمة، حيث يسهل التعامل مع المبالغ المتوسطة نسبياً، بينما تخضع المبالغ الكبيرة لتدقيق مكثف من البنوك. وعزا هذه القيود إلى ضرورة الحفاظ على الاحتياطيات من العملة الأجنبية في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتقلبات أسواق الطاقة. ومع استقرار سعر الصرف بعد تدخلات البنك المركزي، لاحظ العمدة تباطؤاً في وتيرة سحب الأموال من البنوك، ما ساهم في تحقيق استقرار نسبي في السوق. أوضح العمدة أن لرجال الأعمال معاملات مشروعة تمنحهم قدراً أكبر من المرونة في التعامل بالعملات الأجنبية، سواء لأغراض استثمارية أو تجارية. ومع ذلك، أكد على استمرار القيود على استقبال وسحب العملات الأجنبية، مع وجود مساءلة قانونية لبعض الأفراد لضمان الشفافية. لكن مها عبد الناصر ترى أن أسباب اللجوء إلى حفظ الأموال في المنازل هي: صعوبات سحب العملات الأجنبية: إذ تشير النائبة إلى أن القيود المفروضة على سحب العملات الأجنبية من البنوك، سواء بسبب نقص السيولة الدولارية أو السياسات النقدية المتبعة، دفعت الأفراد إلى تفضيل الاحتفاظ بالعملات الأجنبية في المنازل لضمان توافرها عند الحاجة. عدم الاستقرار الاقتصادي: التقلبات في سعر الصرف وارتفاع التضخم يزيدان من قلق المواطنين بشأن قيمة مدخراتهم، ما يدفعهم إلى تجنب المخاطر المرتبطة بالنظام المصرفي. الالتزامات الخارجية: الأفراد والشركات الذين لديهم التزامات مالية بالعملات الأجنبية، مثل سداد قروض أو دفعات مستحقة لموردين أجانب، يفضلون الاحتفاظ بالعملات الأجنبية في متناول اليد لتجنب أي تأخير أو تعقيدات. فيما يتعلق بحالات القبض على أفراد يسحبون دولارات قادمة من الخارج، أكد العمدة أن امتلاك المصريين لمدخرات بالعملات الأجنبية أمر طبيعي، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية التي تشجع الأفراد على الاحتفاظ بأصول آمنة كالدولار. لكنه أشار إلى لجوء الدولة لتطبيق القوانين لتنظيم هذه العمليات خلال الأزمات بهدف الحد من التلاعب في السوق أو تهريب العملات. كانت السلطات المصرية قد ألقت القبض في يناير/كانون الثاني 2025 على صانع المحتوى التعليمي أحمد أبو زيد، صاحب قناة "دروس أونلاين"، بتهمة الاتجار في العملات الأجنبية، بعد العثور على مبالغ دولارية بحوزته. هذه الواقعة فتحت الباب أمام تساؤلات قانونية واقتصادية بشأن طبيعة الأموال التي يتلقاها العاملون في المجال الرقمي من الخارج، سواء عبر منصات مثل يوتيوب أو من خلال شركات التكنولوجيا الدولية. لم توضح السلطات ما إذا كانت هذه الأموال ناتجة عن مصادر قانونية أم لا، فيما أشار بعض النواب إلى أن نشاط أبو زيد التعليمي والإعلامي لا ينسجم مع وصف "تاجر عملة"، وطالبوا بالإفراج عنه والتحقيق معه دون حبس احتياطي، الأمر الذي سلّط الضوء على هشاشة الفهم الرسمي لطبيعة الاقتصاد الرقمي وسبل تقنينه، في وقت لا تزال فيه القوانين المالية عاجزة عن اللحاق بالتطور التكنولوجي. السوق السوداء… مرآة الأزمة ونتيجتها عجز النظام المصرفي عن تلبية الطلب على الدولار أدى إلى بروز السوق السوداء كقناة موازية لتوفير العملة الصعبة، حيث تجاوز سعر الدولار في السوق غير الرسمية حاجز 70 جنيهاً في منتصف عام 2024، بينما ظل السعر الرسمي مستقراً عند حدود 31 جنيهاً. ولم تفلح حتى صفقات كبرى مثل صفقة "رأس الحكمة"، التي ضخت فيها الإمارات نحو 35 مليار دولار، في القضاء على السوق الموازية، إذ سرعان ما عادت للانتعاش عقب فرض قيود مصرفية جديدة في يونيو من نفس العام، لتظل الفجوة قائمة بين السوقين، ما شجع على المزيد من "الدولرة" في أوساط الأفراد والشركات. لذلك فقد لفت العمدة إلى أن السوق السوداء تستفيد من تخوف المواطنين من الاستفسارات البنكية حول مصادر أموالهم، مما يدفعهم للجوء إلى قنوات غير رسمية للحصول على العملات الأجنبية. كما أرجع ظاهرة الاحتفاظ بالأموال في المنازل إلى تأخر انتشار تطبيقات الدفع الإلكتروني في مصر، حيث لا يزال العديد من المعاملات اليومية يعتمد على النقد. وأوضح أن ضعف البنية التحتية للدفع الإلكتروني يشجع الأفراد على تفضيل الاحتفاظ بالسيولة النقدية، ما يقلل من فاعلية السياسات المالية التي تهدف إلى تعزيز الشمول المالي. دعوة لإصلاحات اقتصادية شاملة قال العمدة إن ظاهرة اكتناز الدولارات في المنازل لها تأثير بالغ السوء على مناخ الاستثمار في مصر، وعلى الاقتصاد بشكل عام، مؤكداً أن "اللي بيحصل دا بيخلق حالة من عدم الثقة بين المواطن والدولة". وأضاف: "لما الناس تبدأ تسحب العملة الأجنبية من السوق وتخزنها في البيوت، فإحنا مش بس بنتكلم عن تصرف فردي، إحنا قدام ظاهرة بتعمل خلل في سوق العملة الأجنبية وبتأثر على الاستقرار النقدي". وأوضح العمدة أن استمرار هذا السلوك يؤدي إلى سحب كميات كبيرة من الدولار من السوق الرسمي، وبالتالي تزداد الأزمة عمقاً، قائلاً: "كل ما الدولار يختفي من السوق، كل ما الضغط يزيد على الجنيه، والمستثمرين كمان بيبدأوا يقلقوا، لأنهم بيشوفوا إن الوضع غير مستقر". وتابع: "في النهاية، اللي بيحصل دا بيقوض مجهودات الدولة والبنك المركزي، وبيفتح الباب قدام السوق السوداء". اختتم العمدة تصريحاته بمطالبة الحكومة بتخفيف القيود على العملات الأجنبية وتطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني، مؤكداً أن هذه الخطوات ستشجع المواطنين ورجال الأعمال على إيداع أموالهم في البنوك. وأكد أن تعزيز الثقة في النظام المصرفي سيسهم في زيادة السيولة داخل القطاع المصرفي، ما يدعم الاستثمارات وينشّط الاقتصاد الوطني. وشدد على أن تحقيق انتعاش اقتصادي مستدام يتطلب سياسات مرنة وشفافة، بالإضافة إلى تحسين الخدمات المالية الرقمية لمواكبة التطورات العالمية في هذا المجال. فيما ركزت النائبة في البرلمان المصري مها عبد الناصر، على دور الحكومة في استعادة ثقة المواطنين بالنظام المصرفي، وأوصت بما يلي: إرسال رسائل طمأنة: يجب على الحكومة تبني خطاب واضح وشفاف يؤكد أمان الأموال في البنوك، مع تقديم ضمانات ملموسة للمودعين. يمكن أن يشمل ذلك توضيح الإجراءات التي تتخذها الدولة لحماية الودائع وتعزيز السيولة. تعزيز الاستقرار المالي: اقترحت النائبة أن تعمل الحكومة على استقرار سوق الصرف وتوفير العملات الأجنبية بشكل كافٍ لتلبية احتياجات السوق، مما يقلل من الحاجة إلى الاحتفاظ بالعملات في المنازل. تشجيع الاستثمار: شددت على أهمية تحفيز المواطنين والشركات على إيداع أموالهم في البنوك من خلال تقديم حوافز، مثل فوائد تنافسية أو برامج تمويل ميسّرة، ما يعزز النشاط الاقتصادي ويحفز الأعمال التجارية. توضيح عدم وجود أزمة مصرفية: أكدت النائبة على ضرورة أن تنفي الحكومة بشكل قاطع أي شائعات حول وجود أزمة في سحب الأموال من البنوك، مع تقديم بيانات واضحة تثبت استقرار النظام المصرفي. وبخصوص البرلمان، فقد قالت النائبة إن البرلمان لن يتدخل بتشريعات لتنظيم سلوك الأفراد في حفظ أموالهم، معتبرة أن هذا الأمر يندرج ضمن نطاق الحرية الشخصية. وأوضحت أن فرض تشريعات لإجبار المواطنين على إيداع أموالهم في البنوك قد يكون له تأثير عكسي، إذ يمكن أن يزيد من عدم الثقة في النظام المالي. بدلاً من ذلك، دعت إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع المواطنين إلى هذا السلوك، مثل تحسين السياسات النقدية وزيادة الشفافية في التعاملات المصرفية. لماذا يهرب المواطن من البنوك؟ من جانبه قال كريم العمدة إن العملاء في البنوك المصرية يواجهون سلسلة من التحديات اليومية، تبدأ من الازدحام الشديد والطوابير الطويلة، وتمتد إلى الإجراءات البيروقراطية المرهقة، حتى في أبسط المعاملات. كما إن كثيراً من المواطنين يضطرون إلى تقديم وثائق متعددة لإجراء تحويل بسيط أو لسحب مبالغ مالية من حساباتهم، مع ما يصاحب ذلك من توتر وشك في أن النظام المصرفي لا يعمل لمصلحتهم. كما قال في تصريحاته، إنه رغم الحديث المتكرر عن التحول الرقمي، تعاني الخدمات الإلكترونية البنكية من أعطال متكررة وضعف في الأداء، ما يدفع الكثيرين للعودة إلى الفروع التقليدية. كذلك فإن القيود المشددة على التحويلات الدولية، خاصة للطلبة والمرضى، تجعل من البنوك جهة طاردة لا جاذبة، في وقت تتعاظم فيه الحاجة إلى خدمات مالية أكثر مرونة. من جانبه، أشار حسانين إلى أن سلوك الاحتفاظ بالأموال في المنازل قد يكون مدفوعاً بالرغبة في تحقيق سيولة نقدية فورية ومتاحة في أي وقت، بعيداً عن الإجراءات البنكية التي قد تتسم بالبطء أو التعقيد، أو بهدف الحفاظ على السرية المالية وتجنب رقابة البنوك والهيئات المعنية. كما يمكن أن يعكس هذا التوجه رغبة البعض في الحصول على مرونة أكبر في إدارة أموالهم، خاصة في ظل الصعوبات التي قد تعترض المعاملات المالية الرسمية، مثل متطلبات الإفصاح أو الضرائب. ومع ذلك، أكد حسانين على أن هذه الممارسة تنطوي على مخاطر قانونية كبيرة، لا سيما إذا كانت الأموال مرتبطة بأنشطة استثمارية غير مشروعة أو غير رسمية، كالتهرب الضريبي أو غسيل الأموال، ما قد يعرض أصحابها لعقوبات قانونية مشددة.

لماذا لا تستخدم الصين حيازتها من السندات الأمريكية كسلاح؟
لماذا لا تستخدم الصين حيازتها من السندات الأمريكية كسلاح؟

الاقتصادية

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الاقتصادية

لماذا لا تستخدم الصين حيازتها من السندات الأمريكية كسلاح؟

الصين ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة ويمكنها إثارة الفوضى في سوق السندات الأمريكية عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات تقفز 50 نقطة أساس خلال أسبوع واحد وزارة الخزانة الأمريكية تحتاج لإصدار سندات بتريليوني دولار وإعادة تمويل 8 تريليونات تراجع هيمنة الدولار الأمريكي على عملات الاحتياطيات العالمية وسط توجه عالمي نحو الذهب انتهت الصين من الرد على الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، واعتبرت تحركات الإدارة بأنها "مزحة" لم تعد ترى أن من المجدي الرد عليها بالمثل. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيجد الرئيس الصيني شي جين بينغ سلاحاً أكثر فاعلية للرد على خصمه؟ جددت بكين، الجمعة الماضية، تعهدها بـ"القتال حتى النهاية ". إحدى الأوراق الخطيرة التي تملكها الصين تتمثل في حيازتها لسندات الخزانة الأمريكية، التي تبلغ قيمتها 760 مليار دولار. تُعد الصين ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة الأمريكية بعد اليابان . شهد الأسبوع الماضي قفزة في العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 4.49%، وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ 2001. سُجلت بعض من أشد التحركات خلال ساعات التداول الآسيوية، ما أثار تكهنات بأن بكين كانت تتدخل في السوق. فهل تلجأ الصين فعلاً إلى استخدام هذه الحيازة كسلاح وتبدأ في بيعها؟ شهد العائد على السندات الأمريكية قفزة الأسبوع الماضي، وسُجل بعضاً من أشد التحركات خلال ساعات التداول الآسيوية تعليق وزارة الخزانة الأمريكية وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت حاول التقليل من هذه المخاوف. ففي مقابلة أجراها أخيرا مع تاكر كارلسون، تحدث عن "روعة" كون الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مقترض في العالم. قال: "إذا اقترضت من البنك، يصبح البنك صاحب القرار ويمكنه الحجز على ما اقترضت مقابله. أما إذا اقترضت مبلغاً كبيراً جداً، فأنت تصبح صاحب القرار تقريباً ". رغم أن هذا التصور قد يكون صحيحاً في حالات الأزمات المالية، إلا أن هذا المنطق لا ينطبق تماماً على الوضع الحالي. التحول المفاجئ في سياسة الرسوم الجمركية من جانب ترمب كشف عن نقطة ضعف الإدارة الأميركية، إذ تراجع فجأة وأوقف الزيادات على جميع الدول باستثناء الصين، وذلك بعد أن شهدت سوق . يحتاج بيسنت، الذي يقود الآن مفاوضات الرسوم الجمركية، إلى سوق سندات مستقرة ليتمكن من بيع مزيد منها. تخطط وزارته لإصدار ديون جديدة بنحو تريليوني دولار العام الجاري، إضافة إلى إعادة تمويل نحو 8 تريليونات دولار من السندات التي يحين أجل استحقاقها. كل زيادة 1% في العائد تعني تكاليف إضافية على الحكومة تُقدر بنحو 100 مليار دولار . بيع السندات الأمريكية لكن هذا الضعف -أي أن البيت الأبيض لا يريد أزمة مالية- يفتح الباب أمام الصين لتستغل الموقف. فإذا أقدمت إدارة ترمب على خطوات تصعيدية "إبداعية" جديدة، يكفي أن تبيع بكين بعض السندات مع بداية جلسات التداول الآسيوية، لتشعر الإدارة الأمريكية فوراً بالضغوط . لا تحتاج الصين إلى بيع كميات ضخمة من السندات الأمريكية لتُبقي على سردية الهبوط قائمة. من المنطقي أن الدول الأجنبية لم تعد مضطرة للاحتفاظ بكميات ضخمة من الدولارات، طالما أن ترمب مصمم على استخدام . يواصل الدولار الأمريكي بالفعل فقدان بعض هيمنته في التجارة والتمويل الدوليين. تراجعت حصته من الاحتياطيات العالمية إلى 58% العام الماضي، بعدما كانت تتجاوز 70% قبل عقدين، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي. بعيداً عن التوترات التجارية، لم تحقق سندات الخزانة الأمريكية عوائد إجمالية مستقرة في السنوات الأخيرة، وسط تبدل مواقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بصورة متكررة بشأن أسعار الفائدة . وفي الأسبوع الماضي، وردت أنباء عن تعزيز بنك الشعب الصيني لاحتياطياته من الذهب للشهر الخامس على التوالي. أدى ذلك إلى موجة شراء محمومة، مع تزايد الرهانات على أن الذهب أصبح أكثر جاذبية من الدولار الأمريكي . تراجع الدولار الأمريكي، بينما ارتفع الذهب مدفوعاً بتعزيز بنك الشعب الصيني لاحتياطياته من المعدن الثمين للشهر الخامس على التوالي دراسة خيارات أخرى بعيداً عن أمريكا بمعنى آخر، في هذا المناخ العالمي المتقلب، حيث تسود مشاعر مناهضة لأمريكا ورافضة للهيمنة، فإن بنك الشعب الصيني لا يحتاج إلى كثير حتى يُضعف مكانة الدولار الأمريكي وسندات الخزانة كملاذ آمن. المستثمرون العالميون مستعدون لدراسة خيارات أخرى. على سبيل المثال، تدرس أكبر صناديق التقاعد في كندا حالياً توجيه استثماراتها نحو . على منصة "إكس"، أشاد الملياردير ومدير صندوق التحوط بيل آكمان بالتراجع المفاجئ للبيت الأبيض عن قرارات الرسوم الجمركية، واصفاً إياه بأنه "منفذ ببراعة" و"نموذجي لفن إبرام الصفقات ". هذه خطوة ذكية، فهي تُرضي غرور ترمب علناً، لكنها في الواقع تنطوي على قدر من المراوغة. على العكس تماماً، أظهرت سياسات ترمب العشوائية مكامن ضعفه الأساسية . وفي الوقت الحاضر، باتت الفوضى تحيط به داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وستجد الصين وسيلة للاستفادة من ترسانة أسلحتها من سندات خزانة أمريكية بقيمة 760 مليار دولار . خاص بـ"بلومبرغ"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store