logo
#

أحدث الأخبار مع #بنك«دانسكي»

كيف تتخلص الشركات الأوروبية من التبعية الأمريكية؟
كيف تتخلص الشركات الأوروبية من التبعية الأمريكية؟

البيان

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

كيف تتخلص الشركات الأوروبية من التبعية الأمريكية؟

ريتشارد ميلن تلقى الرئيس التنفيذي لإحدى كبريات شركات إدارة الأصول الأوروبية مهمة غير اعتيادية من مجلس إدارته مؤخراً، حيث تم تكليفه بوضع استراتيجية لتخليص الشركة من الطابع الأمريكي المهيمن عليها. يعكس هذا الطلب بوضوح ملامح المرحلة الراهنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، فالتعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعزعت استقرار الأسواق والشركات على السواء، وقد جاء هذا التوجه قبل أسابيع من اليوم الذي بات يعرف بـ «يوم التحرير»، علماً بأن نهج ترامب تجاه جرينلاند وأوكرانيا كان قد دفع بالفعل العديد من المؤسسات الأوروبية لمراجعة الروابط والعلاقات التاريخية التي جمعتها بالولايات المتحدة على مدى عقود. وسينظر مدير الأصول في كل شيء، بدءاً من التعاملات مع البنوك وصولاً إلى الشراكات مع مزودي الخدمات السحابية، حيث لا يستهدف المشروع القطيعة التامة مع الاقتصاد الأمريكي، بل تقييم المخاطر المحتملة وبلورة استراتيجيات فعالة للتخفيف من تأثيراتها. ويكشف أحد كبار المديرين الأوروبيين، ممن شاركوا في نقاشات مماثلة على مستوى مجالس الإدارة، قائلاً: «نحن نتداول اليوم قضايا كنت سأعتبرها قبل أشهر خارج نطاق الخيال، لا نريد جميعاً انهيار النظام العالمي، لكن من الحكمة البالغة أن نختبر الأشياء والتأكد من أن لدينا على الأقل بدائل لأمريكا». لتوضيح الأمر، لا أحد يقترح قطيعة مفاجئة. الكثير من الشركات والصناعات وسلاسل الإمداد متشابكة لدرجة، لا تسمح بفعل أكثر من الدعاء بألا يتحقق السيناريو الأسوأ. خاصة في مجال التكنولوجيا، حيث يصعب تجنب الولايات المتحدة بأي شكل ذي مغزى. وفي كثير من الحالات، قد يكون البديل الوحيد، الصين، أكثر إشكالية. غير أن حالة القلق المتنامية في أروقة مجالس الإدارة الأوروبية تعكس معطيات واقعية، فهي ظاهرة تبلورت على مدار سنوات حتى قبل صعود ترامب إلى السلطة، ففي القطاع المصرفي تحديداً، ترسخت مخاوف عميقة منذ زمن بعيد حول منهجية أمريكا في فرض غرامات باهظة، تصل غالباً إلى مليارات الدولارات، على البنوك الأوروبية، بسبب أنشطة غير قانونية لا علاقة لها بالولايات المتحدة، إن لم يكن لها أي علاقة بها أساساً. فقد دفع بنك «دانسكي» غرامة بلغت 1.4 مليار دولار في 2022 للخزينة الأمريكية نتيجة إخفاقات في أنظمة مكافحة غسيل الأموال بفرعه في إستونيا، كما تكبد «ستاندرد تشارترد» غرامة 1.1 مليار دولار في 2019 لانتهاكه نظام العقوبات المفروضة على إيران وغيرها، في حين اضطر «بي إن بي باريبا» لتسوية مالية ضخمة بلغت 9 مليارات دولار في 2014 لمخالفات مماثلة. وعلق أحد كبار التنفيذيين في القطاع المالي الأوروبي قائلاً: «تسببت هذه النوعية من الغرامات في كثير من الذعر. هناك شعور بأن أمريكا استهدفت المؤسسات الأوروبية بشكل خاص، ويبدو أنه من المنطقي البحث عما إذا كانت هناك طريقة لتجنب ذلك في المستقبل»، معترفاً في الوقت نفسه بأن قطع الصلة بالدولار، الذي تسبب في التحقيقات والغرامات، يكاد يكون مستحيلاً. وبالنسبة لغالبية الشركات الأوروبية، فالتخلص من الطابع الأمريكي هدفا بعيد المنال، غير أن تعزيز هويتها الأوروبية وبناء قدراتها على مواجهة التحديات ليس مستحيلاً. ويؤكد يان-أولوف ياكه، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الأدوية أسترازينيكا والذي يتولى حالياً رئاسة اتحاد المؤسسات السويدية: «لا يدور الأمر حول التخلص من النفوذ الأمريكي، بل يتمحور حول تقوية أوروبا، فهناك كثير من المجالات التي تقع تحت سيطرتنا المباشرة ولا تعتمد على قرارات أشخاص على الضفة الأخرى من المحيط، مثل تحرير الأسواق وتعزيز أسواق رأس المال وإعادة النظر في السياسات الضريبية ونظم التقاعد». ربما يكون هذا المنطق أكثر وضوحاً في الوقت الراهن داخل قطاع صناعات الدفاع، حيث يهيمن شعار «اشتر منتجات أوروبية» على تفكير الكثيرين، ما أدى إلى تباين ملحوظ في أداء أسهم المجموعات الأمريكية والأوروبية، لكن تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية يتغلغل عبر سلاسل التوريد الراسخة ليطال مزيداً من القطاعات الصناعية. ويوضح أحد المسؤولين التنفيذيين في مؤسسة مالية أمريكية: «قد يؤدي انعدام القدرة على التنبؤ إلى ردة فعل عكسية تجاه أمريكا، فالعديد من الشركات تقوم حالياً بتقييم حجم انكشافها على السوق الأمريكية». وفي السياق ذاته، طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تساؤلاً الأسبوع الماضي: «أي رسالة سنوجهها إذا قامت كبرى المؤسسات الأوروبية بضخ مليارات اليورو في الاقتصاد الأمريكي في وقت تقوم فيه واشنطن بتوجيه ضربات اقتصادية لنا؟». رغم ذلك، تبقى هناك حدود لهذه المشاعر المؤيدة لأوروبا، فبالنسبة للشركات التكنولوجية الناشئة، لا تزال أمريكا تمثل القبلة الأساسية، حيث تسعى نخبة الشركات الأوروبية الصاعدة من «سبوتيفاي» إلى «كلارنا» للإدراج في البورصات الأمريكية. ويعلق أحد رواد الأعمال الأوروبيين المخضرمين في قطاع التكنولوجيا بقوله: «لا أرى بديلاً حقيقياً لأمريكا على مستويات متعددة، من توفر رؤوس الأموال إلى اتساع حجم السوق». وفي ظل النقص العام في رأس المال المخاطر في أوروبا، يأمل بعض التنفيذيين أن تؤدي صدمة التعريفات الجمركية إلى عودة تدفقات رأس المال من الولايات المتحدة إلى الداخل الأوروبي. لذا، لا ينبغي توقع تصريحات علنية كثيرة عن التخلص من التبعية الأمريكية في المستقبل المنظور، إلا أن المراجعات المكثفة خلف الأبواب المغلقة ستكون حتما على قدم وساق. واختتم ياكه بقوله: «رجل واحد على الجانب الآخر من الأطلسي يملي علينا أجندة نقاشاتنا، هذا أمر محبط للغاية».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store