#أحدث الأخبار مع #بوليفيانوبوليفيCNN عربية١١-٠٣-٢٠٢٥CNN عربيةجبل "يلتهم" الرجال.. ما قصة مدينة التعدين الأعلى بالعالم في بوليفيا؟دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يجلس ستة سياح يرتدون خوذات صلبة وبدلات ثقيلة، في منجم ضيق، حيث يسحب مرشد سياحي محلي ولاعة تُستخدم لمرة واحدة، ويشعل بها فتيلًا أخضر اللون، ثم يطلب بهدوء من الجميع التراجع إلى الخلف. بعد لحظة، تخترق موجة صدمة قوية النفق، تتبعها سحابة من الغبار. وقام المرشد السياحي بتفجير عصا ديناميت اشتراها أحد السياح بالسوق المحلي في وقت سابق من ذلك اليوم، بتكلفة 13 بوليفيانو بوليفي (أقل من دولارين). تُعد مدينة التعدين البوليفية، بوتوسي، المكان الوحيد في العالم الذي يمكن فيه للزوار شراء الديناميت بشكل قانوني. قال جوني كوندوري، وهو دليل سياحي يعمل بمناجم بوتوسي: "بالنسبة للعمال، أهم شيء هو الديناميت"، مضيفًا: "إذا لم تكن تعرف كيفية التعامل معه، فإنه خطير". لكن بالنسبة للعمال من ذوي الخبرة، فإنه يسرّع بشكل كبير معدل استخراج المعادن. وتمتد شبكة المناجم في بوتوسي التي يبلغ عمرها قرونا من الزمن، إلى مساحة شاسعة، حيث يركض عمال المناجم صعودًا وهبوطًا عبر ممرات طويلة وضيقة، ويدفعون عربات مليئة بالصخور المتفتتة على سكك حديدية مهترئة، في مشهد يذكّر بشيء من فيلم "إنديانا جونز ومعبد الهلاك". وتقع بوتوسي على ارتفاع يزيد عن 4,000 متر فوق مستوى سطح البحر، ما يجعلها واحدة من أعلى المدن في العالم. وتكشف شوارعها الضيقة، وأسقفها المكسوة بالقرميد الأحمر، وجدرانها الجصية عن ماضيها الاستعماري الإسباني. وتتركز غالبية عمليات التعدين داخل جبل "سيرو ريكو" المجاور، الذي يعني اسمه حرفيًا "الجبل الغني"، وسُمّي كذلك بسبب الثروة الهائلة التي جلبها إلى المدينة في الماضي. لكن اليوم، يقول خوليو فيرا أيراشي، وهو دليل سياحي محلي آخر: "تُعتبر بوتوسي واحدة من أفقر المناطق في بوليفيا بأكملها". مصور يلتقط صورة لطيور الفلامنغو وكأنها في "السماء بين الغيوم" في بوليفيا وتحكي الأسطورة أن الودائع الغنية بالفضة في سيرو ريكو تم اكتشافها لأول مرة من قبل دييغو غوالبا، وهو منقب أصلي من الأنديز، حيث عثر عليها بالصدفة في عام 1545. وقال كريس لين، وهو أستاذ الفنون الحرة في جامعة تولين في نيو أورلينز ومؤلف كتاب "بوتوسي: مدينة الفضة التي غيرت العالم" إن "السر انتشر بسرعة. لا يمكنك إخفاء مثل هذه الأخبار". ولم يمضِ وقت طويل حتى علم المستعمرون الإسبان، الذين كانوا قد وصلوا إلى المنطقة قبل بضع سنوات فقط، بهذا الاكتشاف، وبدأوا باستغلال الفضة الوفيرة في الجبل. وأوضح لين: "تطورت الأمور بسرعة لتتحول إلى كابوس. إنه مكان خارج عن القانون للعمل القسري". وأُجبر السكان على العمل وتقديم الضريبة لملك إسبانيا، في ظل نظام كان قريبًا جدًا من العبودية. وبدأ تدفق التجار الأثرياء من جميع أنحاء العالم لبناء البنية التحتية والاستفادة من المناجم. مع تحسّن التقنيات، تدهورت الظروف أكثر، حسبما ذكره لين. وتم إدخال الزئبق السام إلى عملية التكرير، وتسرّب إلى البيئة، مما تسبب بوفاة العديد من الأشخاص. وأصبح "سيرو ريكو" يُعرف باسم "الجبل الذي يلتهم الرجال"، وهو اسم لا يزال شائعًا بين عمال المناجم حتى اليوم. وسرعان ما نمت بوتوسي لتصبح رابع أكبر مدينة في العالم المسيحي، حيث بلغ عدد سكانها أكثر من 200 ألف بحلول نهاية القرن السادس عشر. ويُعتقد أنها كانت تزوّد العالم بـ 60% من الفضة في ذلك الوقت، ما موّل الإمبراطورية الإسبانية وسلالات أخرى حول العالم. لكن، مع مرور الوقت، بدأت احتياطيات الفضة التي كانت تبدو بلا نهاية تنضب. وبحلول الوقت الذي أعلنت فيه بوليفيا استقلالها في عام 1825، كان قد تم استخراج غالبية مخزون الفضة بالفعل، وتحولت بوتوسي إلى مجرد ظل مقارنة بما كانت عليه في السابق. رغم أن التعدين لا يزال مستمرًا حتى اليوم، إلا أن الكثير منه يركّز على معادن أرخص مثل القصدير والزنك. وقد أدت مئات الأميال من الأنفاق إلى خلل في استقرار الجبل. دوزداغ: منتجع صحي يختبئ في أعماق منجم للملح بطرف آسيا أوضح الدليل السياحي المحلي أوسكار توريز فيلابوما أن عمال المناجم في بوتوسي لا يزالوا يصلّون للآلهة نفسها، ويتبعون الطقوس ذاتها، ويموتون بسبب الأمراض التنفسية ذاتها التي أصابت أسلافهم قبل قرون. ويجمل كل مدخل لمنجم في بوتوسي تمثالًا شيطاني الشكل بقرون يُعرف محليًا باسم "El Tío" (العم). عادةً ما يكون "El Tío" أحمر اللون، ومزخرفًا بشرائط ملوّنة حول عنقه، وغالبًا ما يُصوّر بعضو ذكري، كرمز للخصوبة. ماذا تفعل امرأة بمفردها على "جزيرة الشيطان" التي يسكنها مجرمون مدانون؟ وتمنح تماثيل "El Tío" بحسب اعتقاد العمال المرور الآمن عبر المناجم، والمعادن الوفيرة. ويقوم السكان المحليون بانتظام بذبح حيوانات اللاما ودهن مداخل المناجم بدمائها، على أمل إشباع عطش "El Tío" للدماء. تستضيف مدينة بوتوسي "كرنفال التعدين" النابض بالحياة بين شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار من كل عام، والذي يجذب أعدادًا هائلة من المسافرين. وتقضي التقاليد بأن يرتدي عمال المناجم زي العمل الخاص بهم ويرقصون في جميع أنحاء المدينة، ويشربون الجعة، ويحملون دمى "El Tío"، بينما ترتدي النساء المحليات، المعروفات باسم تشوليتاس، فساتين متقنة ويقمن بتأدية عروضًا مصممة على أنغام فرق الموسيقى العسكرية. بعد الاحتفالات، يعود العديد من السياح إلى عاصمة بوليفيا، لاباز، على طريق الحافلات الليلية الوعرة التي أوصلتهم إلى بوتوسي. أما عمال المناجم وعائلاتهم، فيعودون إلى روتينهم اليومي القاسي والمتكرر لعام آخر.
CNN عربية١١-٠٣-٢٠٢٥CNN عربيةجبل "يلتهم" الرجال.. ما قصة مدينة التعدين الأعلى بالعالم في بوليفيا؟دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يجلس ستة سياح يرتدون خوذات صلبة وبدلات ثقيلة، في منجم ضيق، حيث يسحب مرشد سياحي محلي ولاعة تُستخدم لمرة واحدة، ويشعل بها فتيلًا أخضر اللون، ثم يطلب بهدوء من الجميع التراجع إلى الخلف. بعد لحظة، تخترق موجة صدمة قوية النفق، تتبعها سحابة من الغبار. وقام المرشد السياحي بتفجير عصا ديناميت اشتراها أحد السياح بالسوق المحلي في وقت سابق من ذلك اليوم، بتكلفة 13 بوليفيانو بوليفي (أقل من دولارين). تُعد مدينة التعدين البوليفية، بوتوسي، المكان الوحيد في العالم الذي يمكن فيه للزوار شراء الديناميت بشكل قانوني. قال جوني كوندوري، وهو دليل سياحي يعمل بمناجم بوتوسي: "بالنسبة للعمال، أهم شيء هو الديناميت"، مضيفًا: "إذا لم تكن تعرف كيفية التعامل معه، فإنه خطير". لكن بالنسبة للعمال من ذوي الخبرة، فإنه يسرّع بشكل كبير معدل استخراج المعادن. وتمتد شبكة المناجم في بوتوسي التي يبلغ عمرها قرونا من الزمن، إلى مساحة شاسعة، حيث يركض عمال المناجم صعودًا وهبوطًا عبر ممرات طويلة وضيقة، ويدفعون عربات مليئة بالصخور المتفتتة على سكك حديدية مهترئة، في مشهد يذكّر بشيء من فيلم "إنديانا جونز ومعبد الهلاك". وتقع بوتوسي على ارتفاع يزيد عن 4,000 متر فوق مستوى سطح البحر، ما يجعلها واحدة من أعلى المدن في العالم. وتكشف شوارعها الضيقة، وأسقفها المكسوة بالقرميد الأحمر، وجدرانها الجصية عن ماضيها الاستعماري الإسباني. وتتركز غالبية عمليات التعدين داخل جبل "سيرو ريكو" المجاور، الذي يعني اسمه حرفيًا "الجبل الغني"، وسُمّي كذلك بسبب الثروة الهائلة التي جلبها إلى المدينة في الماضي. لكن اليوم، يقول خوليو فيرا أيراشي، وهو دليل سياحي محلي آخر: "تُعتبر بوتوسي واحدة من أفقر المناطق في بوليفيا بأكملها". مصور يلتقط صورة لطيور الفلامنغو وكأنها في "السماء بين الغيوم" في بوليفيا وتحكي الأسطورة أن الودائع الغنية بالفضة في سيرو ريكو تم اكتشافها لأول مرة من قبل دييغو غوالبا، وهو منقب أصلي من الأنديز، حيث عثر عليها بالصدفة في عام 1545. وقال كريس لين، وهو أستاذ الفنون الحرة في جامعة تولين في نيو أورلينز ومؤلف كتاب "بوتوسي: مدينة الفضة التي غيرت العالم" إن "السر انتشر بسرعة. لا يمكنك إخفاء مثل هذه الأخبار". ولم يمضِ وقت طويل حتى علم المستعمرون الإسبان، الذين كانوا قد وصلوا إلى المنطقة قبل بضع سنوات فقط، بهذا الاكتشاف، وبدأوا باستغلال الفضة الوفيرة في الجبل. وأوضح لين: "تطورت الأمور بسرعة لتتحول إلى كابوس. إنه مكان خارج عن القانون للعمل القسري". وأُجبر السكان على العمل وتقديم الضريبة لملك إسبانيا، في ظل نظام كان قريبًا جدًا من العبودية. وبدأ تدفق التجار الأثرياء من جميع أنحاء العالم لبناء البنية التحتية والاستفادة من المناجم. مع تحسّن التقنيات، تدهورت الظروف أكثر، حسبما ذكره لين. وتم إدخال الزئبق السام إلى عملية التكرير، وتسرّب إلى البيئة، مما تسبب بوفاة العديد من الأشخاص. وأصبح "سيرو ريكو" يُعرف باسم "الجبل الذي يلتهم الرجال"، وهو اسم لا يزال شائعًا بين عمال المناجم حتى اليوم. وسرعان ما نمت بوتوسي لتصبح رابع أكبر مدينة في العالم المسيحي، حيث بلغ عدد سكانها أكثر من 200 ألف بحلول نهاية القرن السادس عشر. ويُعتقد أنها كانت تزوّد العالم بـ 60% من الفضة في ذلك الوقت، ما موّل الإمبراطورية الإسبانية وسلالات أخرى حول العالم. لكن، مع مرور الوقت، بدأت احتياطيات الفضة التي كانت تبدو بلا نهاية تنضب. وبحلول الوقت الذي أعلنت فيه بوليفيا استقلالها في عام 1825، كان قد تم استخراج غالبية مخزون الفضة بالفعل، وتحولت بوتوسي إلى مجرد ظل مقارنة بما كانت عليه في السابق. رغم أن التعدين لا يزال مستمرًا حتى اليوم، إلا أن الكثير منه يركّز على معادن أرخص مثل القصدير والزنك. وقد أدت مئات الأميال من الأنفاق إلى خلل في استقرار الجبل. دوزداغ: منتجع صحي يختبئ في أعماق منجم للملح بطرف آسيا أوضح الدليل السياحي المحلي أوسكار توريز فيلابوما أن عمال المناجم في بوتوسي لا يزالوا يصلّون للآلهة نفسها، ويتبعون الطقوس ذاتها، ويموتون بسبب الأمراض التنفسية ذاتها التي أصابت أسلافهم قبل قرون. ويجمل كل مدخل لمنجم في بوتوسي تمثالًا شيطاني الشكل بقرون يُعرف محليًا باسم "El Tío" (العم). عادةً ما يكون "El Tío" أحمر اللون، ومزخرفًا بشرائط ملوّنة حول عنقه، وغالبًا ما يُصوّر بعضو ذكري، كرمز للخصوبة. ماذا تفعل امرأة بمفردها على "جزيرة الشيطان" التي يسكنها مجرمون مدانون؟ وتمنح تماثيل "El Tío" بحسب اعتقاد العمال المرور الآمن عبر المناجم، والمعادن الوفيرة. ويقوم السكان المحليون بانتظام بذبح حيوانات اللاما ودهن مداخل المناجم بدمائها، على أمل إشباع عطش "El Tío" للدماء. تستضيف مدينة بوتوسي "كرنفال التعدين" النابض بالحياة بين شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار من كل عام، والذي يجذب أعدادًا هائلة من المسافرين. وتقضي التقاليد بأن يرتدي عمال المناجم زي العمل الخاص بهم ويرقصون في جميع أنحاء المدينة، ويشربون الجعة، ويحملون دمى "El Tío"، بينما ترتدي النساء المحليات، المعروفات باسم تشوليتاس، فساتين متقنة ويقمن بتأدية عروضًا مصممة على أنغام فرق الموسيقى العسكرية. بعد الاحتفالات، يعود العديد من السياح إلى عاصمة بوليفيا، لاباز، على طريق الحافلات الليلية الوعرة التي أوصلتهم إلى بوتوسي. أما عمال المناجم وعائلاتهم، فيعودون إلى روتينهم اليومي القاسي والمتكرر لعام آخر.