#أحدث الأخبار مع #بيترألبرترايلتون،Independent عربية٠٨-٠٥-٢٠٢٥علومIndependent عربيةباحثون أميركيون يؤسسون علم نفس استشراف المستقبلينطلق كتاب Homo Prospectus من ملاحظة مؤلفيه أن علم النفس المعاصر يعاني أزمة حقيقية، لها تاريخها الممتد، وهي أنه ظل أسير تاريخ طويل من الاهتمام بدور الماضي من ناحية، والحاضر من ناحية أخرى في التجكم والتنبؤ بالسلوك الإنساني. شارك في تأليف هذا الكتاب عالم النفس مارتن بيتر سيليغمان، وفيلسوف الأخلاق بيتر ألبرت رايلتون، وأستاذ علم النفس روي ف. بوميستر، والباحث في مجالي علم الأعصاب والفلسفة شاندرا سريبادا. ولاحظ الرئيس السابق لجمعية علم النفس الأميركية مارتن سيلغمان في تقديمه للكتاب أن القدرة على تخيل بدائل وخيارات محتملة تمتد إلى المستقبل – أي استشراف المستقبل – هي ما يميز الإنسان العاقل. وأوضح أن الهدف الأساسي من تأليف هذا الكتاب هو المساعدة في تحفيز الاهتمام بمثل هذا العلم، ومن ثم كان على مؤلفيه النظر مطولاً في أفضل السبل لتحقيق هذا الدافع المحرك. حصان الخيال الكتاب في ترجمته العربية (المركز القومي للترجمة) يرى مترجم الكتاب أن ما يطرحه مؤلفوه هو تأكيد أن المستقبل هو الذي يتحكم في سلوكنا أكثر من الماضي والحاضر، وأن الفرد يتأمل الماضي وهو يرتدي نظارة المستقبل، فهو ينظر إلى الماضي لا بوصفه ما يشكل المستقبل، بل بوصفه، ما تسعى النظرة المستقبلية لتجاوزه، كما ينظر إلى الحاضر بوصفه محطة لبلوغ أهدافه وتحقيق توقعاته. ومن ثم يخضع الماضي والحاضر دائماً لتوقعات الفرد واستشرافه للمستقبل. ومن هنا يرى مؤلفو الكتاب أن المنطق يحتم اعتبار المستقبل هو الأساس، لأن الماضي لا نستطيع أن نغيره، فأحداثه "وقعت" بالفعل، وأن الحاضر يصعب التحكم في أحداثه لأنها تقع وفقاً لمحددات موضوعية وواقعية، أما المستقبل فهو من يركب حصان الخيال الجامح، المنطلق إلى الأمام ويجُر في أذياله الماضي والحاضر، ويوجههما أينما أراد. ويضيف أيمن عامر أنه متى أقررنا مع مؤلفي الكتاب بأن هذه هو التوجه الجديد لعلم النفس، نكون قد خطونا معهم أولى خطوات التوجه السائد في علم النفس المعاصر وهو علم النفس الإيجابي، الذي قاد الدعوة إليه في الفترة الأخيرة من تاريخ علم النفس مارتن سليغمان نفسه. وهي دعوة واكبت جهود تيار علم النفس الإنساني (وعلى رأسه ماسلو ةروجرز) الذي حاول أن يؤكد تفرد الإنسان، وتميز إنسانيته، ويبتعد عما حاولت أن ترسخه السلوكية بتجاربها في التعلم، وتشكيل البيئة للسلوك، وإخضاعه كذلك للمنطق نفسه الذي يمكن من خلاله تشكيل سلوك الدب في الغابة، والقط في القفص، والنمر في السيرك. خاصية إنسانية الكتاب باللغة الانجليزية (أمازون) جاء في متن الكتاب الذي يتألف من 11 فصلاً موزعة على جزئين في 399 صفحة من القطع فوق المتوسط، أن التنبؤ بالمستقبل أو استشرافه كحقيقة هو خاصية إنسانية. وهذا الرأي لا يريح الكثير من العلماء الذين يعتقدون أن الأشياء تصبح حقيقية فقط إذا كانت أحداثاً مادية وسبَّبتها أحداث مادية. اجتمع مؤلفو هذا الكتاب للتخطيط له في براري جنوب أستراليا عام 2013. ناقشوا بجدية كيف يمكن تصور المستقبل والتصرف على هذا الأساس، مع الأخذ في الاعتبار أن المستقبل يجري إنشاؤه ورسم خرائطه، ليس من قبل الأفراد بل من قبل الجماعة الاجتماعية. يسمي البشر أنفسهم "الإنسان العاقل" بناء على ذكائهم الفردي الظاهر، لكن العقل البشري المنفرد لا يستطيع إنجاز الكثير، "فالتقدم العظيم للثقافة الإنسانية من تراكم العديد من خبرات الأفراد المختلفين الذين يساهمون في مخزون مشترك من المعرفة" ص 136. وهنا يشدد مؤلفو الكتاب على إقتناعهم بأن المستقبل ليس احتمالاً موضوعياً ولا إنسانياً ولا نتاجاً للخيال الفردي، وإنما هو نتاج التخيل المشترك للجماعة في مواجهة حقائق مادية. وهكذا فخلاصة الأمر هي أنه يوجد مستقبل حقيقي لكن وجوده يعتمد على الفهم المشترك للفئة الاجتماعية. الانتقاء الطبيعي في قلب هذا الكتاب – يقول سيلغمان - اقترحنا أن القدرة على بناء سلوك الفرد بناء على المستقبل بدلا من الماضي تحتاج إلى درجة عالية من التكيف، ومن ثم فإن أي تقدم تطوري في القدرة العقلية سعياً للتنبؤ بشكل أفضل بالمستقبل وتعديل السلوك وفقاً لذلك، من شأنه أن يمنح ميزة كبيرة للانتقاء الطبيعي. وفي الخلاصة أيضاً لأن المخلوقات التي تصرَّفت على أساس الماضي، لن تعيش وتتكاثر مثل المخلوقات التي يمكن أن تبني أفعالها على المستقبل. ما الذي جعل البشرية قادرة على السيطرة على جميع الحيوانات الأخرى؟ إنسان واحد لا يضاهي أسداً أو نمراً أو دباً، أو حيوان مفترس كبير آخر، لكن مجموعات من البشر عملت معاً للسيطرة على العالم. وللقيام بذلك احتاجوا - كما يقول مؤلفو الكتاب - إلى أكثر من قدرة عقل فردي لتخيل المستقبل والتخطيط له، وقد كانوا بحاجة للقيام بذلك معاً. القردة تفهم المنافسة غريزياً وتصبح ماهرة للغاية في توقع ما سيفعله المنافسون. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومع ذلك، فإن فكرة أن الغرباء قد يرغبون في التعاون معهم لا تأتيهم بشكل طبيعي، فهذه من ابتكار البشر. ومع ذلك، يتطلب التعاون قدراً أكبر من الكفاءة العقلية عن المنافسة. باختصار؛ يجب على المتعاونين الشعور بالقلق بشأن سمعتهم بطرق لا يفعلها المتنافسون. كيف يؤدي توقع المستقبل إلى تحسين الثقافة وتسييرها؟ إذا كان بناء الثقافة هو الطريقة البشرية لحل المشكلات البيولوجية الأساسية للبقاء والتكاثر، فإن توقع المستقبل – يقول مؤلفو الكتاب - أفاد البشر من خلال تقوية الثقافة التي هي ممكنة على أية حال، لكن توقع المستقبل، يحسن بشكل كبير من قدرة الجماعات على التشارك في المعلومات. لكن يجب أن تعمل الثقافة في ظل إدراك أن المستقبل هو مسألة احتمالات وليس مساراً ثابتاً. أما الدين فهو على الدوام بناء ثقافي قوي. ولم يكن ذلك ممكناً من دون توقع المستقبل. كان جزءاً من قوة الدين أن بإمكانه تفسير الكون الممتد. منذ أكثر من قرن مضى افترض وليام جيمس أن التفكير هو من أجل الفعل، وقد أعادت سلسلة من المفكرين اللاحقين تأكيد حكمة ودقة هذا الادعاء، وهو أمر ينطبق جيداً على التفكير في المستقبل.
Independent عربية٠٨-٠٥-٢٠٢٥علومIndependent عربيةباحثون أميركيون يؤسسون علم نفس استشراف المستقبلينطلق كتاب Homo Prospectus من ملاحظة مؤلفيه أن علم النفس المعاصر يعاني أزمة حقيقية، لها تاريخها الممتد، وهي أنه ظل أسير تاريخ طويل من الاهتمام بدور الماضي من ناحية، والحاضر من ناحية أخرى في التجكم والتنبؤ بالسلوك الإنساني. شارك في تأليف هذا الكتاب عالم النفس مارتن بيتر سيليغمان، وفيلسوف الأخلاق بيتر ألبرت رايلتون، وأستاذ علم النفس روي ف. بوميستر، والباحث في مجالي علم الأعصاب والفلسفة شاندرا سريبادا. ولاحظ الرئيس السابق لجمعية علم النفس الأميركية مارتن سيلغمان في تقديمه للكتاب أن القدرة على تخيل بدائل وخيارات محتملة تمتد إلى المستقبل – أي استشراف المستقبل – هي ما يميز الإنسان العاقل. وأوضح أن الهدف الأساسي من تأليف هذا الكتاب هو المساعدة في تحفيز الاهتمام بمثل هذا العلم، ومن ثم كان على مؤلفيه النظر مطولاً في أفضل السبل لتحقيق هذا الدافع المحرك. حصان الخيال الكتاب في ترجمته العربية (المركز القومي للترجمة) يرى مترجم الكتاب أن ما يطرحه مؤلفوه هو تأكيد أن المستقبل هو الذي يتحكم في سلوكنا أكثر من الماضي والحاضر، وأن الفرد يتأمل الماضي وهو يرتدي نظارة المستقبل، فهو ينظر إلى الماضي لا بوصفه ما يشكل المستقبل، بل بوصفه، ما تسعى النظرة المستقبلية لتجاوزه، كما ينظر إلى الحاضر بوصفه محطة لبلوغ أهدافه وتحقيق توقعاته. ومن ثم يخضع الماضي والحاضر دائماً لتوقعات الفرد واستشرافه للمستقبل. ومن هنا يرى مؤلفو الكتاب أن المنطق يحتم اعتبار المستقبل هو الأساس، لأن الماضي لا نستطيع أن نغيره، فأحداثه "وقعت" بالفعل، وأن الحاضر يصعب التحكم في أحداثه لأنها تقع وفقاً لمحددات موضوعية وواقعية، أما المستقبل فهو من يركب حصان الخيال الجامح، المنطلق إلى الأمام ويجُر في أذياله الماضي والحاضر، ويوجههما أينما أراد. ويضيف أيمن عامر أنه متى أقررنا مع مؤلفي الكتاب بأن هذه هو التوجه الجديد لعلم النفس، نكون قد خطونا معهم أولى خطوات التوجه السائد في علم النفس المعاصر وهو علم النفس الإيجابي، الذي قاد الدعوة إليه في الفترة الأخيرة من تاريخ علم النفس مارتن سليغمان نفسه. وهي دعوة واكبت جهود تيار علم النفس الإنساني (وعلى رأسه ماسلو ةروجرز) الذي حاول أن يؤكد تفرد الإنسان، وتميز إنسانيته، ويبتعد عما حاولت أن ترسخه السلوكية بتجاربها في التعلم، وتشكيل البيئة للسلوك، وإخضاعه كذلك للمنطق نفسه الذي يمكن من خلاله تشكيل سلوك الدب في الغابة، والقط في القفص، والنمر في السيرك. خاصية إنسانية الكتاب باللغة الانجليزية (أمازون) جاء في متن الكتاب الذي يتألف من 11 فصلاً موزعة على جزئين في 399 صفحة من القطع فوق المتوسط، أن التنبؤ بالمستقبل أو استشرافه كحقيقة هو خاصية إنسانية. وهذا الرأي لا يريح الكثير من العلماء الذين يعتقدون أن الأشياء تصبح حقيقية فقط إذا كانت أحداثاً مادية وسبَّبتها أحداث مادية. اجتمع مؤلفو هذا الكتاب للتخطيط له في براري جنوب أستراليا عام 2013. ناقشوا بجدية كيف يمكن تصور المستقبل والتصرف على هذا الأساس، مع الأخذ في الاعتبار أن المستقبل يجري إنشاؤه ورسم خرائطه، ليس من قبل الأفراد بل من قبل الجماعة الاجتماعية. يسمي البشر أنفسهم "الإنسان العاقل" بناء على ذكائهم الفردي الظاهر، لكن العقل البشري المنفرد لا يستطيع إنجاز الكثير، "فالتقدم العظيم للثقافة الإنسانية من تراكم العديد من خبرات الأفراد المختلفين الذين يساهمون في مخزون مشترك من المعرفة" ص 136. وهنا يشدد مؤلفو الكتاب على إقتناعهم بأن المستقبل ليس احتمالاً موضوعياً ولا إنسانياً ولا نتاجاً للخيال الفردي، وإنما هو نتاج التخيل المشترك للجماعة في مواجهة حقائق مادية. وهكذا فخلاصة الأمر هي أنه يوجد مستقبل حقيقي لكن وجوده يعتمد على الفهم المشترك للفئة الاجتماعية. الانتقاء الطبيعي في قلب هذا الكتاب – يقول سيلغمان - اقترحنا أن القدرة على بناء سلوك الفرد بناء على المستقبل بدلا من الماضي تحتاج إلى درجة عالية من التكيف، ومن ثم فإن أي تقدم تطوري في القدرة العقلية سعياً للتنبؤ بشكل أفضل بالمستقبل وتعديل السلوك وفقاً لذلك، من شأنه أن يمنح ميزة كبيرة للانتقاء الطبيعي. وفي الخلاصة أيضاً لأن المخلوقات التي تصرَّفت على أساس الماضي، لن تعيش وتتكاثر مثل المخلوقات التي يمكن أن تبني أفعالها على المستقبل. ما الذي جعل البشرية قادرة على السيطرة على جميع الحيوانات الأخرى؟ إنسان واحد لا يضاهي أسداً أو نمراً أو دباً، أو حيوان مفترس كبير آخر، لكن مجموعات من البشر عملت معاً للسيطرة على العالم. وللقيام بذلك احتاجوا - كما يقول مؤلفو الكتاب - إلى أكثر من قدرة عقل فردي لتخيل المستقبل والتخطيط له، وقد كانوا بحاجة للقيام بذلك معاً. القردة تفهم المنافسة غريزياً وتصبح ماهرة للغاية في توقع ما سيفعله المنافسون. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومع ذلك، فإن فكرة أن الغرباء قد يرغبون في التعاون معهم لا تأتيهم بشكل طبيعي، فهذه من ابتكار البشر. ومع ذلك، يتطلب التعاون قدراً أكبر من الكفاءة العقلية عن المنافسة. باختصار؛ يجب على المتعاونين الشعور بالقلق بشأن سمعتهم بطرق لا يفعلها المتنافسون. كيف يؤدي توقع المستقبل إلى تحسين الثقافة وتسييرها؟ إذا كان بناء الثقافة هو الطريقة البشرية لحل المشكلات البيولوجية الأساسية للبقاء والتكاثر، فإن توقع المستقبل – يقول مؤلفو الكتاب - أفاد البشر من خلال تقوية الثقافة التي هي ممكنة على أية حال، لكن توقع المستقبل، يحسن بشكل كبير من قدرة الجماعات على التشارك في المعلومات. لكن يجب أن تعمل الثقافة في ظل إدراك أن المستقبل هو مسألة احتمالات وليس مساراً ثابتاً. أما الدين فهو على الدوام بناء ثقافي قوي. ولم يكن ذلك ممكناً من دون توقع المستقبل. كان جزءاً من قوة الدين أن بإمكانه تفسير الكون الممتد. منذ أكثر من قرن مضى افترض وليام جيمس أن التفكير هو من أجل الفعل، وقد أعادت سلسلة من المفكرين اللاحقين تأكيد حكمة ودقة هذا الادعاء، وهو أمر ينطبق جيداً على التفكير في المستقبل.