أحدث الأخبار مع #تايلوس


الشرق الأوسط
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- منوعات
- الشرق الأوسط
شاهدان جنائزيان من البحرين
ازدهر فن النحت الجنائزي بشكل كبير في جزيرة البحرين خلال القرون الميلادية الأولى، كما تؤكّد شواهد القبور العديدة التي خرجت في العقود الأخيرة من سلسلة من المدافن الأثرية التي تقع في شمال العاصمة المنامة. يتبع هذا النحت بشكل عام طرازاً جامعاً يتمثّل في ظهور صاحب الشاهد بشكل منفرد في وضعية المواجهة، ولا يخرج عن هذا النسق المفرد إلا في حالات نادرة، كما نرى في شاهدين يجمع كل منهما بين شخصين يحضران جنباً إلى جنب، رافعين أيديهما نحو الصدر في حركة واحدة ثابتة. عُرض هذا الشاهدان معاً على منصّة واحدة في معرض أُقيم عام 2012 في متحف البحرين الوطني، وضمّ قرابة 400 قطعة مصدرها المقابر البحرينية. جاء هذا المعرض تحت عنوان «تايلوس... رحلة ما بعد الحياة»، وتايلوس هو الاسم الهلنستي الذي عُرفت به جزيرة البحرين في الفترة الممتدة بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثالث للميلاد، وفيها ازدهرت حركة التجارة، ونما اقتصاد هذه الجزيرة بشكل كبير، كما تؤكّد المكتشفات الأثرية المتعدّدة الأنواع التي تعود إلى تلك الحقبة. يتشابه هذان الشاهدان من حيث التأليف الجامع، ويختلفان من حيث التفاصيل الخاصة بتكوين كلّ منهما، ومصدرهما مقبرة تحمل اسم قرية الشاخورة التي تجاورها، وتقع على بعد نحو 700 متر جنوب شارع البديع. حافظ أحد الشاهدين على معالمه، بخلاف الآخر الذي بدا وكأنه غير مكتمل، نظراً لذوبان الكثير من تفاصيله في الكتلة الحجرية التي شكّلت أساساً له. القطعتان متقابلتان من حيث الحجم، غير أن الشاهد الأول يبدو أكبر بشكل طفيف، وفيه يحضر رجلان تحت قوس يرتفع فوق عمودين، وفقاً لتقليد يوناني كلاسيكي يُعرف في قاموس الفنون باسم «قوس المجد». القوس منجز بشكل متقشّف وبسيط، وكذلك العمودان المجرّدان من أي زينة زخرفية. يشكّل هذان العمودان أساساً لإطار بيضاوي بسيط يضمّ رجلين ملتحيين يقفان في صورة نصفيّة تمثل الجزء الأعلى من قامة الجسد. تحضر هذه الصورة النصفية في وضعية واحدة، وفقاً لطراز يتكرّر في عدد كبير من الشواهد المفردة التي خرجت من مدافن البحرين الأثرية. الوجه واحد، وهو أشبه بكتلة بيضاوية تتوسّطها عينان لوزيتان ضخمتان، يعلوهما حاجبان عريضان. الأنف قصير وناتئ، وهو على شكل مساحة مستطيلة مجرّدة من التفاصيل. الأذنان كبيرتان ومقوّستان. العنق صغير وشبه غائب، والصدر كتلة مسطّحة تحدها في الأعلى كتفان تمتدان أفقياً. مفاصل الجسد غائبة تماماً تحت لباس بسيط قوامه ثوب من قطعة واحدة، يعلوه حزام عريض معقود حول الوسط، وقطعة قماش تتدلّى أفقياً على الكتف اليسرى. الذراعان متلاصقتان بالصدر. اليد اليمنى مرفوعة عمودياً في اتجاه الصدر، وراحتها منبسطة، وتحدّها خمس أصابع متلاصقة متساوية في الحجم. اليد اليسرى مرفوعة أفقياً، وهي مجسّمة في أسلوب مماثل، وتحدّها أربع أصابع تمسك بالقماشة المتدلية على الكتف. يتبنّى هذا الشاهد نموذجاً تقليدياً معروفاً، ويتميّز بظهور شخصين متجاورين في شاهد جنائزي واحد يجمع بينهما. يُعرف هذا النموذج بالفرثي، نسبة إلى الإمبراطورية الفرثية التي امتدت من الروافد الشمالية للفرات إلى شرق إيران، وهو من النماذج التي انتشرت انتشاراً واسعاً في بقاع متفرّقة خلال القرون الميلادية الأولى، ومنها البحرين، كما تؤكّد القطع الأثرية العديدة التي تتبناه. الشاهد الثاني مشابه، وملامحه ممحوة بشكل كبير للأسف، ويتمثّل في كتلة فقدت إطارها. تجمع هذه الكتلة بين رجلين متجاورين، يحضر كل منهما تحت قوس مجد صغير خاص به. الطراز الغالب فرثي كما يبدو، بالرغم من غياب القماشة المتدلية تقليدياً على الكتف اليسرى. اليد اليمنى مبسوطة عند أعلى الصدر، وملامحها ذائبة في الكتلة الحجرية. اليد اليسرى ممتدة أفقياً، وتمسك بكتلة دائرية تظهر جلياً في صورة القامة المنتصبة في الجهة اليسرى. هذه الكتلة معروفة في الفن الجنائزي الكلاسيكي، وهي أشبه بكرة صغيرة يحملها عادة أشخاص صغار في السن، وهي من الرموز الفردوسية المعتمدة في هذا التقليد الجنائزي، مثل الطير وعنقود العنب. والغريب أن هذه الكرة تظهر في البحرين استثنائياً وسط أصابع يد رجل ملتحٍ، وهويّة هذا الرجل مجهولة، نظراً إلى غياب أي كتابة تعرّف به. في تدمر، كما في نواحٍ متعدّدة من الشرق الهلنستي، تحضر الشواهد الجنائزية المفردة إلى جانب شواهد جماعية متعدّدة. ويبرز في هذا الميدان نموذج يُعرف باسم السرير الجنائزي، وهو على شكل منحوتة جماعية تمثل صاحب المدفن وأفراد أسرته، في وليمة رمزية تحضر في قلب المدفن، وهو بحسب التعبير المعتمد في تدمر، «بيت الأبدية». في هذا التقليد، عُرف شاهد القبر المنحوت باسم «نفشا»، أي «نَفَس»، وحمل اسم الميت وتاريخ وفاته، إضافة إلى عبارة «هبل» أي «وا أسفاه». في البحرين، يغيب السرير الجنائزي، وتتكرّر الشواهد المنحوتة الفردية بشكل طاغٍ كما يبدو. يحضر في هذا النتاج المحلي المميّز شاهدان يجمع كلّ منهما رجلين، هما على الأرجح شقيقان أو قريبان، كما جرت العادة في العالم الهلنستي. يتبع هذان الشاهدان النسق الذي شاع في البحرين، ويتميّزان بحضور شخصين على كلّ منهما، بخلاف التقليد المفرد الشائع كما يبدو.


الجزيرة
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
إنجاز غير مسبوق.. رسم أول خريطة ثلاثية الأبعاد لغلاف "كوكب جحيمي"
حقق علماء الفلك اكتشافا ثوريا يتمثل في رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لغلاف جوي لكوكب يقع خارج نظامنا الشمسي لأول مرة. وينتمي الكوكب، الذي يحمل اسم "تايلوس" (أو واسب 121 ب)، إلى فئة الكواكب الشديدة الحرارة الشبيهة بالمشتري، ويدور حول نجم ضخم. ومن خلال توظيف قدرات "المقراب الكبير جدا" في تشيلي، تمكن الباحثون من تحديد طبقات الغلاف الجوي للكوكب بدقة متناهية، حيث تتألف من 3 طبقات رئيسة، تتميز كل منها بتكوين كيميائي فريد وظروف مناخية قاسية. ويشكل هذا الاكتشاف تحديا للنماذج الحالية الخاصة بأغلفة الكواكب، ويفتح آفاقا جديدة لدراسة الكواكب الخارجية، مما يعزز فرص البحث عن عوالم قد تكون صالحة للحياة. طبقات جوية مميزة لوقت قريب، اقتصرت قدرة علماء الفلك على تحليل المكونات الكيميائية لأغلفة الكواكب الخارجية من دون فهم دقيق لبنيتها العمودية أو توزيع العناصر فيها، غير أن الدراسة الحديثة التي نُشرت في مجلة "نيتشر" قدمت لأول مرة تصورا دقيقا لطبقات الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية، كاشفة عن بنية معقدة تشبه طبقات حلوى الكعك. وتتألف الطبقة السفلى، الأقرب إلى سطح الكوكب، من الحديد في حالته الغازية بفعل الحرارة الشديدة. أما الطبقة الوسطى فتتميز بوجود الصوديوم، إذ كشف العلماء عن تيار نفاث يدور حول الكوكب بسرعة هائلة تبلغ 70 ألف كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تفوق أي رياح معروفة في نظامنا الشمسي. وتتكون الطبقة العليا في معظمها من الهدروجين، مع تسرب بعضه إلى الفضاء. كذلك رصد الباحثون وجود التيتانيوم في حالته الغازية، وهو أمر نادر مقارنة بغلاف الأرض، حيث يظل كل من الحديد والتيتانيوم في حالتهما الصلبة نظرا لدرجات الحرارة المنخفضة نسبيا. يتمتع هذا الكوكب بكتلة مماثلة لكوكب المشتري، لكنه يمتلك قطرا يعادل ضعفي قطره تقريبا، وذلك يجعله كوكبا منتفخا بفعل درجات الحرارة القصوى. ويدور حول نجمه على مسافة لا تتجاوز 2.5% من المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس، ليكمل دورة كاملة في غضون 1.3 يوم فقط. وللكوكب جانب يواجه النجم باستمرار، وذلك يجعل درجة حرارة هذا الجانب تقارب 2700 درجة مئوية، بينما تبلغ درجة حرارة الجانب الآخر حوالي 1250 درجة مئوية، وهو ما يضمه لفئة "الكواكب الجحيمية" الشديدة الحرارة. وهذا التباين الحاد في درجات الحرارة يؤدي إلى نشوء رياح عاتية وظواهر مناخية معقدة لا تزال قيد الدراسة. نافذة للبحث عن كواكب أخرى صالحة للحياة يمثل هذا البحث سابقة علمية في دراسة الكواكب الخارجية، إذ أتاح لعلماء الفلك تحليل بنية الغلاف الجوي بشكل أعمق من مجرد تحديد مكوناته الكيميائية. وقد أكدت الباحثة جوليا فيكتوريا سيدل، من المرصد الأوروبي الجنوبي، في بيان صحفي رسمي، أن هذا الاكتشاف يتحدى التوقعات السابقة حول سلوك الأغلفة الجوية للكواكب. كذلك فإن القدرة على دراسة مثل هذه البيئات القاسية باستخدام التلسكوبات الحالية تشير إلى إمكانية إجراء ملاحظات أكثر تفصيلا في المستقبل القريب. ومع التطورات المستمرة في علم الفلك الرصدي، يتوقع الباحثون تطبيق هذه الأساليب على كواكب أصغر حجما وأكثر برودة، وذلك قد يسمح بالكشف عن عوالم صخرية تتمتع بظروف مواتية للحياة. ومن المتوقع أن يسهم "التلسكوب الأوروبي الكبير جدا" الذي سيبدأ العمل بحلول نهاية العقد الجاري في توفير بيانات غير مسبوقة حول مناخ الكواكب المنتشرة عبر المجرة. ووفقا للباحثة المشاركة بيبيانا برينوث، من جامعة لوند السويدية، فإن هذه النتائج تقدم سياقا ضروريا لفهم مناخ الأرض بالمقارنة مع التنوع الهائل لأغلفة الكواكب الخارجية. يكشف هذا الإنجاز عن مدى التنوع الهائل في أنظمة الكواكب الواقعة خارج نظامنا الشمسي، ويثير تساؤلات جوهرية عن تطور المناخ واستقرار الأغلفة الجوية ومدى تفرد الظروف التي تميز كوكب الأرض عن بقية الكواكب في الكون.