logo
#

أحدث الأخبار مع #تزفيتانتودوروف،

الشعري والنثري… الناقد المغربي رشيد يحياوي يعيد رسم الحدود
الشعري والنثري… الناقد المغربي رشيد يحياوي يعيد رسم الحدود

إيطاليا تلغراف

time٢٩-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • إيطاليا تلغراف

الشعري والنثري… الناقد المغربي رشيد يحياوي يعيد رسم الحدود

نشر في 29 مارس 2025 الساعة 11 و 06 دقيقة إيطاليا تلغراف عبداللطيف الوراري كاتب مغربي التباس الحدود كان النوع الأدبي إلى وقت قريب «مُؤسَّسة» بتعبير تزفيتان تودوروف، بحيث كان له وضع المؤسسة التي تستند إلى تراتبية متواضع عليها، إذ كان يفيد في تصنيف الأعمال الأدبية وإعادة تجميعها، وفق معايير مُحدَّدة. لكن هذ الواقع صار من الماضي، بعد أن حدثت داخل معمار الممارسة الأدبية خروقات لا يستهان بها، مسّتْ نقاء النوع الأدبي واستقلاليته، بقدر ما استتبعت تحطيما جذريّا للترسيمات الفاصلة بين هذا النوع وذاك، على نحو أعاد النظر في نظرية الأنواع الأدبية ومقولاتها وتراتُبيّتها المعهودة. من هنا، كان تشويش الحدود بين الشعري والنثري أحد وجوه الحداثة في الآداب العالمية، في أوروبا وأمريكا وروسيا، وفي المجال العربي تحت تأثير المثاقفة والترجمة. فمن خلال التقاطع بين ما هو شعري وما هو نثري أو سردي، صارت البنيات، سرديّة كانت أم شعريّة، تتحوّل إلى مجالٍ مفتوحٍ قابلٍ لاستيعاب التنوُّع أو الحوار الأجناسي على صعد الثيمات واللُّغة والبناء، وإيقاع الذات عبر الكتابة، ومن ثمّة لم يعد ممكنا الحديث عن الرواية باعتبارها نثرا وحسب، أو القصيدة باعتبارها شعرا خالصا، وقس على ذلك. وهذا ما عبّر عنه رومان ياكبسون في قوله ذائع الصيت: «ما الشعر؟ ينبغي لنا إذا أردنا تحديد هذا المفهوم أن نعارضه بما ليس شعرا، إلا أنّ تعيين ما ليس شعرا ليس، اليوم، بالأمر السهل». مشروع تأصيلي في كتابه «الشعري والنثري في الأدب العربي الحديث»، يُقرّ الناقد المغربي رشيد يحياوي، بأنّ الحدود بين الشعري والنثري أصبحت ملتبسة أكثر من أي وقت مضى، وأن العديد من نصوصنا يسير إما على الحد الفاصل بين الشعري والنثري، أو يعبر مُراوِحا بين الطرفين. يرتبط الكتاب بمشروع تأصيلي بدأه الناقد في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين، وظهرت بواكيره في «مقدمات في نظرية الأنواع الأدبية» و«الشعرية العربية» (1991)، وفي «شعرية النوع الأدبي» (1994)، ثم تطوَّر المشروع من مقاصده الأصلية، التي اهتمت بالمبدأ الأنواعي في التراث العربي، على ضوء نظرية الأنواع الأدبية، إلى الاهتمام بواقع الممارسة الأدبية الحديثة، التي نزعت نحو التفرد عن البنيات الأنواعية السائدة، وبلبلت معمارها الكتابي المتعارف عليه، كما تجلى في كتابيه «قصيدة النثر العربية أو خطاب الأرض المحروقة» (2008)، و»في أنواعية الشعر» (2014). وفي هذا السياق، بحث ثنائية الشعري والنثري في علاقتهما بالخطاب، ومفاهيم قصيدة النثر ومقترحاتها النصية، وأنواعية الشعر، وسؤال الكتابة العابرة للأنواع، في أعمال بعض الأدباء المُجدّدين مثل أمين صالح وأمجد ناصر وغيرهما. فالناقد، عبر مسار هذا المشروع، يسعى لبناء تلقٍّ أنواعي ذي منحى تبالغي، يهدف إلى التمييز بين الأشكال التي تختارها الكتابة وتؤسس من خلالها أنواعها الشعرية والنثرية، أو تنفتح على ذلك ضمن حوامل رقمية يتزايد الاهتمام بها والتجديد فيها. بناء على هذا الاعتبار، يسعى الناقد إلى تفكيك العلاقة بين الشعري والنثري، ولاسيما حين يكون الشعر مُسْهما في بناء بلاغية النص في السرد النثري. وهذا الرهان النقدي لن يتحقق إلا بتجاوز المستوى الأنواعي الكلاسيكي، المتمثل في المقارنة بين الشعر والنثر، أي ضمن القسمة الثنائية المتعارف عليها، إلى استشكال العلاقة بينهما في ضوء منجز الأنواع الجديدة، التي أخذت تخترق هذه القسمة نفسها، وفي طليعتها قصيدة النثر، ولكن خارج الاهتمام بالنماذج التي قد تمثل حدودا مفترضة للتباعد بينهما. فكان الإشكال الذي يُوجّه أطروحة الكتاب، هو كيف نتلقى نصوصا لا تعلن عن نوعها؟ هل نشغل آليات التنويع، بأن ندرجها ضمن خانات أنواعية معروفة؟ أم نقترح لها خانات جديدة؟ وإذا تمّ ذلك، فعلى أيّ بناء أو نسق مفاهيمي؟ في حدود هذ الأسئلة المطروحة التي يرسمها الكتاب، يتناول رشيد يحياوي نظرية الأنواع في المجال الغربي (أرسطو، أفلاطون، أوستن وارين، تزفيتان تودوروف، جيرار جينيت، جان ماري شيفر)، التي تراوحت بين كونها معيارية وأخلاقية، تعنى برسم الحدود بين الأنواع، ووصفية في المقام الأول داخل النظرية الحديثة. وفي المجال العربي، يرى أن شعرية أرسطو لم يخلف دخولها إلى الثقافة العربية أي منجز يُذكر في ما يتعلق بإعادة تفسير الأنواع اليونانية. بيد أن الشعر بوصفه نمطا جامعا للأنواع، أو قابلا للنمذجة الشكلية، كان يقع في دائرة اهتمام الأنواعية الشعرية العربية القديمة (الفارابي، ابن وهب..). ثم تجدد المسألة الأنواعية في النقد العربي الحديث عبر ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل الخمسينيات المتأثرة بنقد البلاغة العربية القديم، ومرحلة وسيطة يمثّلها نقاد سعوا لتأسيس نظريات أدبية حديثة، استنادا إلى منجز الثقافة الغربية (محمد مندور، محمد غنيمي هلال، عز الدين إسماعيل..)، ثُمّ مرحلة حديثة شغلت جهازا مفاهيميّا، أكثر وعيا بالمسألة الأنواعية (عبد الفتاح كيليطو، محمد بنيس..). يناقش الناقد اتجاهات «المسألة الأنواعية» عند هؤلاء النقاد المحدثين، من منظور أبستيمولوجي (غياب المرجعية، عدم انسجام المبدأ التصنيفي، ارتباك المفاهيم..)، ويقترح مداخل جديدة ومختلفة لدراسة أنواعية الشعر؛ مثل حرية الشعر عند أحمد زكي أبي شادي، والغنائية في الشعر العربي الحديث، ولن يتمّ ذلك إلا من خلال مساءلة النسق الأنواعي الداخلي للشعر في ذاته بوصفه خطابا قابلا للنمذجة الأنواعية. «الشعري».. بأيّ صفة؟ ثمّة مسارٌ تاريخي يضع الشعري مقابل النثري، ابتداء من أرسطو الذي قام منهجه على المقارنة بين الأنواع الشعرية، لبيان مكونات شكلها ومقاصدها ومحتواها، فلم يكن مُرْغما على جعل النثري معيارا يتمُّ بالعودة إليه لتحديد بلاغية الشعر. وسوف تتكرّس هذه التفرقة بين الشعري والنثري، على أساس الكمّ والواقعية داخل النقد الغربي، وحتى في النقد العربي الحديث نفسه، كما عند عباس محمود العقاد وطه حسين ومحمد مندور ومن والاهم، بل أصبحت في صلب الصعوبات التي على قصيدة النثر وتجارب النصوص العابرة للأنواع أن تواجهها، لتقنع القراء بالمحتمل الشعري «النثري». لهذا، يكون من الأولى هو معرفة السؤال المتعلق بما هو شعري وبما هو نثري، الذي ينبغي أن يتقوّم على أساس مستوى المنجز التعبيري تحديدا، وليس على المستوى المفاهيمي المجرد الذي حكم علينا بـ»الحلقة المفرغة»، ولاسيما في نقاشنا حول قصيدة النثر: أين يبتدئ فيها كل من الشعري والنثري، وأين ينتهيان؟ فالتمييز سواء بين الشعري والنثري، وترتيبا عليه بين مختلف أشكال الأدب وممارساته، لا يتمّ إلا إذا حدث وعي بالظواهر، بدل التخبُّط في حلقات مفرغة تستهلك الجهد والتفكير بلا طائل. وفي مقدّمته أن يجري التفكير في وضع «الشعري» داخل القصيدة، ووضعه خارجها، كما في الرواية والقصة وفي النثر البليغ إجمالا. فهو حين يندمج بخطاب نوع غير معدود بأنه شعر، يكون قد انفصل عن القصيدة حاضنته الأم. وقد تتزايد درجة التجريد لنقل «الشعري» إلى ما ليس بملفوظ، كما في اللوحة التشكيلية والموسيقى والفيلم، بل قد يحدث من باب الادعاء الاستعاري وَسْم الشعري خارج الملفوظ بكونه قصيدة. صحيحٌ أن التوظيف الشعري في السرود النثرية داخل القصة والرواية العربيتين، ولاسيما تلك التي نُشرت عقب النكسة، قد ردم الهوّة بين ما هو نثري وشعري إلى حدّ كبير. وفي السرود غير التخييلية (اليوميات، المذكرات والسير الذاتية) وظف الكتاب الشِّعر. وصحيحٌ أن هذا التوظيف «الأنواعي» أخذ ينتعش في النصوص الحديثة ذات المنزع التجديدي للغة السرد النثري المنفتحة على الشعر، بل ذهبت إلى حدّ إلغاء التعيين الأنواعي، وخلخلة جهاز التلقي، كما في كتابات إدوارد الخراط وسليم بركات وأمين صالح. كما استطاعت قصيدة النثر بدورها أن تستفيد من هذا التوظيف وتبرز فيه. غير أنّ تلقّي هذا النتاج ما زال – مع ذلك- يخضع للتصور الكلاسيكي التقاطبي الذي يرى الإبداع اللغوي مُنْقسما بين شعر ونثر، ولم يحدث بعدُ انعطافا في طرائق فهم الأدب الجديد وتذوقه وتأويله. يأتي المسعى النقدي الأبرز للكتاب، في أنه ينقل مشكلات هذا الأدب وقراءته ليس بوصفها «ترفا نقديّا»، بقدر ما يرتفع بها إلى درجة أن تصبح مَطْلبا أبستمولوجيّا يحرص على بناء المفهوم وتجديد النظر فيه، وإلا ازدادت غربة الأدب ولا جدواه بقدر ما أنّ دائرة تلقّيه وتأثيره في الناس أخذت تضيق بشكل مزمن. الشعري والنثري… الناقد المغربي رشيد يحياوي يعيد رسم الحدودعبداللطيف الوراري

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store