أحدث الأخبار مع #تشابلهيل


النهار
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- النهار
"رجل ذكي جدا"... ترامب يتباهى بعلاقته ببوتين
أثناء مشادته الكلامية الحادة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض الشهر الماضي، استخدم دونالد ترامب عبارة لم تنل اهتماما كبيرا، لكنها كشفت عن التقارب الذي يرى الرئيس الأميركي أنه يجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وقال ترامب لزيلينسكي أثناء المشادة العلنية وغير المسبوقة في البيت الأبيض في 28 شباط/فبراير: "دعني أخبرك، بوتين مرّ بالكثير معي". أضاف: "لقد عانى من مطاردة مزيفة"، في إشارة الى تحقيق خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي، بشأن التواطؤ مع روسيا في حملته للانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2016. ورغم نفي الكرملين مرارا هذا الاتهام، يبدو أن الرئيس الجمهوري يرى أن تلك القضية رسخت شعورا بالتضامن بينه وبين نظيره الروسي. في اليوم السابق للمشادة، أعرب ترامب أثناء استقباله رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتقاده بأن بوتين "سيفي بوعده"، مضيفا: "تحدثت معه، أعرفه منذ فترة طويلة". وتقول المديرة المساعدة لمختبر السياسات الاستبدادية في جامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل ساشا دي فوغل، إن ترامب "يرى بوتين كشخصية ملِهمة تقريبا". وتضيف أنه "يرى بوتين كرجل قوي وزعيم يتخذ القرار في المواقف التي ينخرط فيها، رجل جعل روسيا دولة أقوى بكثير على الساحة العالمية خلال حمنه، ويريد ترامب أن يكون في الموقف ذاته". غير أن الباحثة تعتقد أن ترامب "يبالغ في تقدير علاقتهما". وتوضح: "بوتين ليس رجل أعمال يمكن لترامب أن يكسب ثقته. بوتين سياسي استراتيجي للغاية وذو خبرة كبيرة"، مضيفة ان العنصر السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتية "لا يتصرف بناء على الإعجاب أو عدم الإعجاب الشخصي". سياسات دول عظمى يشير خبراء آخرون إلى تقارب أيديولوجي ما بين الرئيس الروسي المخضرم والإدارة الأميركية الجديدة. ويأمل بوتين في "العودة إلى نموذج سياسات القوى العظمى، حيث يمكن للولايات المتحدة وروسيا التفاوض على قدم المساواة والاتفاق على مناطق النفوذ"، بحسب ما كتبت ناتيا سيسكوريا، الزميلة المشاركة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية. ووفقا لسيسكوريا، يعتقد بوتين أن كل أراضي الاتحاد السوفياتي السابق هي "منطقة نفوذ مشروعة"، في حين أن لدى ترامب "عقلية توسعية" مماثلة تمتد إلى غرينلاند وكندا وحتى قناة بنما. وبعد محادثة مطولة في 12 شباط/فبراير مع بوتين، قال ترامب إن الرئيس الروسي يريد "السلام" في أوكرانياK مضيفا "أعتقد أنه كان لأخبرني لو لم يكن الأمر كذلك". وفي مناسبات أخرى أشار ترامب إلى بوتين على أنه "رجل ذكي جدا" و"شخص على درجة كبيرة من الدهاء"، محجما عن وصفه بـ"الديكتاتور"، وهي المفردة التي استخدمها في وصف زيلينسكي. ويرى تيموثي آش، خبير الشؤون الروسية في معهد تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، إن ترامب "يريد أن يحظى بإعجاب واحترام بوتين من دون أن يدرك أن... تملّقه سيقابل بالازدراء في الكرملين". غير أن دي فوغل تقول إن اعتبار ترامب دمية في يد بوتين كما فعل بعض الديموقراطيين، أمر مبالغ به. وتوضح لفرانس برس إن ترامب "يغير رأيه بسرعة. إنه مدفوع بالعاطفة والانتقام الشخصي وأمور كهذه"، مضيفة: "ولهذا السبب فهو أيضا متقلب كشريك لروسيا". خلال الولاية الأولى لترامب في البيت الأبيض (2017-2021)، لم تكن الولايات المتحدة مؤاتية لموسكو كما كان الكرملين يأمل، اذ أن الرئيس الأميركي وافق على بيع كييف صواريخ جافلين المضادة للدبابات وفرضت إدارته مجموعة من العقوبات على روسيا. وأحدث ترامب مفاجأة مجددا الجمعة عندما لوّح بفرض عقوبات مصرفية واسعة النطاق ورسوما جمركية على روسيا على خلفية قيامها بقصف الأراضي الأوكرانية، حتى التوصل الى تسوية نهائية بشأن الحرب التي بدأت عام 2022، وذلك في منشور عبر منصته للتواصل الاجتماعي. لكنه بدّل نبرته بعيد وقت قصير، وقال للصحافيين إنه يجد التعامل مع روسيا "أسهل" من التعامل مع أوكرانيا. أضاف: "لطالما كانت علاقتي ببوتين جيدة. كما تعلمون، فهو يريد إنهاء الحرب"، مضيفا: "أعتقد أنه سيكون أكثر سخاء مما ينبغي، وهذا أمر جيد جدا. وهذا يعني الكثير من الأشياء الجيدة".


الجزيرة
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
عصر غامض من السكون.. ما الذي حصل للكون قبل 13 مليار سنة؟
مقدمة للترجمة قررتْ مجموعة جريئة من علماء الكونيات التشكيك في الفهم التقليدي للكون، إذ تقترح هذه المجموعة أن تاريخ الكون ربما تخللته فترات من السكون الغامض، وعلى الأرجح حلَّت فترات السكون الكوني هذه محل عصور كاملة من التاريخ الكوني التقليدي، أو لعلها اندمجت ضمن الجدول الزمني المعروف لتاريخ الكون، فما الذي يعنيه ذلك؟ وهل يمر الكون حاليا بفترة من السكون أم أنه في نهاية واحدة من تلك الفترات؟ وما تأثير هذه الفرضية على فهمنا لماض الكون ومستقبله؟ نص الترجمة إذا سألت أحدهم كيف بدأ الكون، فعلى الأرجح سيجيبك بالجملة الشائعة: بدأ "بالانفجار العظيم". ولكن حتى ستينيات القرن العشرين، احتدم الجدال بين علماء الكونيات بشدة في هذه المسألة. فقد ظهر رأي آخر معارض لفكرة الانفجار العظيم ومؤيد لنظرية "الحالة الثابتة" للكون. وفقًا لهذه النظرية، فإن الكون ثابت وغير قابل للتغير في شكله العام، ويحتفظ بكثافة ثابتة بإضافة مادة جديدة باستمرار أثناء تمدده، (وذلك لتعويض الفجوات الناتجة عن التمدد، وعليه تظل كثافة الكون ثابتة بمرور الزمن*). لكن في النهاية، استبعدتْ الملاحظات العلمية نظرية "الحالة الثابتة للكون"، وعززت بدلا منها مكانة الانفجار العظيم باعتبارها النظرية الأكثر قبولا في علم الكونيات، فقد أثبتت الأدلة أن الانفجار العظيم كان انفجارًا بدائيًا أفضى إلى عملية من التوسع المستمر للكون. ونتيجة لذلك، يفترض علماء الكونيات اليوم أن الكون مكان دائم التغير. تصور جديد لتاريخ الكون ولكن حاليًا قررتْ مجموعة جريئة من علماء الكونيات التشكيك في الفهم التقليدي للكون. ولنكن واضحين، لا يضمر هؤلاء العلماء نية العودة إلى الحالة الثابتة للكون، بل السبب الحقيقي الكامن وراء سعيهم الحثيث هي فكرة أكثر إثارة للاهتمام، إذ تقترح هذه المجموعة أن تاريخ الكون ربما تخللته فترات من السكون الغامض، وعلى الأرجح حلَّت فترات السكون الكوني هذه محل عصور كاملة من التاريخ الكوني التقليدي، أو لعلها اندمجت ضمن الجدول الزمني المعروف لتاريخ الكون. لا شك أن وصف هذه الفرضية بأنها تتسم بالجرأة هو الوصف الأمثل لها، إذ تقول أدريان إريكسيك من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل بالولايات المتحدة (والتي لم تشارك في العمل): "إن هذه الفرضية تشير إلى مجموعة كاملة من الاحتمالات المختلفة التي لم ندرك من قبل أنها قد تحدث"، ولكن إذا ثبت وجود مثل هذه الفترات الساكنة في تاريخ الكون، فقد يساعد ذلك في حل ألغاز عدة بما فيها مكونات المادة المظلمة. أما الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن هذه الأفكار قد تصبح قابلة للاختبار في المستقبل القريب. قبل أن نبدأ في وضع تصورات بديلة لتاريخ الكون، من المهم أولًا أن نستعرض الجدول الزمني التقليدي لتطور الكون. بدأ الانفجار العظيم منذ نحو 14 مليار عام، وهو ما أفضى إلى تضخم الفضاء، ومع استمرار هذا التضخم، حدثت تغيرات في توزيع طاقة الكون، وبمرور الزمن، تحولت الطاقة إلى أشكال مختلفة. واليوم، ينظر علماء الكونيات إلى تاريخ الكون باعتباره مقسّما إلى سلسلة من العصور أو الحقب الزمنية، يهيمن على كل منها شكل مختلف من أشكال الطاقة. وفقًا للنموذج الكوني التقليدي، بدأت المرحلة الأولى من تاريخ الكون بفترة تسمى "حقبة التضخم". شهدت هذه الفترة تسارعًا هائلًا في تمدد الكون استمر لمدة جزء صغير جدًا من الثانية. سيطرت على هذه الحقبة طاقة مرتبطة بالفراغ في الزمكان، ويُعتقد أن هذه الطاقة نتجت عن جسيم أولي افتراضي يُسمى الإنفلاتون (لفهم فكرة التضخم تخيل أن الكون هو سطح بالون ينتفخ، بدأ من نقطة واحدة ثم استمر في التوسع، وفترة التضخم بشكل خاص شهدت تسارع كبير في هذا التوسع، وكأن البالون فجأة وصل لحجم كرة قدم في لحظة، ثم استمرر في التوسع بشكل بطيء وطبيعي*) بعد انتهاء مرحلة التضخم، دخل الكون في الحقبة الثانية وهي "حقبة إعادة التسخين". خلال هذه الفترة، تحولت طاقة الفراغ التي سيطرت على حقبة التضخم إلى مادة، ثم بدأت هذه المادة في التحلل إلى إشعاع، وهو ما مهّد الطريق للمرحلة الثالثة، وهي حقبة الإشعاع. سُميت حقبة الإشعاع بهذا الاسم لوجود طاقة إشعاعية أكبر بكثير من المادة، مع العلم أن الإشعاع كان موجودًا في شكل جسيمات مثل الفوتونات، ولكن مع استمرار تمدد الكون، تناقص الإشعاع بمعدل أسرع من المادة، لأن الإشعاع يتأثر بالتمدد أكثر من المادة. وبعد نحو 50,000 عام من الانفجار العظيم، أصبحت المادة هي الشكل المهيمن للطاقة في الكون، وأطلق العلماء على هذه المرحلة "حقبة المادة". على مدار الـ 10 مليارات سنة التالية، تطورت المادة تدريجيًا من الذرات والجزيئات (أبسط أشكال المادة*) إلى النجوم والمجرات والشبكات الكونية الهائلة (التي تربط المجرات معًا في هياكل ضخمة*). ولكن مع استمرار تمدد الكون، بدأت مادة الكون في التناقص، وخضع الكون في النهاية لسيطرة نوع آخر من طاقة الفراغ الغامضة التي تُسمى الطاقة المظلمة، والتي لا تتلاشى مع تمدد الزمكان، بل تظل ثابتة، مما يجعل تأثيرها يتزايد بمرور الوقت. ومن المفترض أننا نعيش حاليًا في حقبة الطاقة المظلمة هذه، وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها الحقبة النهائية من تاريخ الكون. خلال هذه الحقبة، يستمر الكون في التمدد بوتيرة أسرع من أي وقت مضى بينما تتلاشى المادة باستمرار مع زيادة المسافات بين المجرات. يرى أغلب علماء الكونيات أن الانتقال بين هذه الحقب الكونية هو بمثابة مسار حتمي لا مفر منه، أي أنه يحدث بمعدل طبيعي ومستمر دون انقطاع. وتأكيدًا على ذلك، يقول كيث دينز من جامعة أريزونا الأميركية: "كان هذا هو الاعتقاد السائد منذ بداية علم الكونيات الحديث". على الجانب الآخر، أصبح الإجماع التقليدي بين علماء الكونيات على أن طاقة الكون تتحول باستمرار من شكل إلى آخر، محل شك وجدل واسع لدى فريق من الباحثين بقيادة كيث دينيز بالتعاون مع لوسيان هيرتييه من كلية كينجز في لندن، والعالم الصيني فاي هوانغ، وتيم تايت من جامعة كاليفورنيا في إيرفين، وبروكس توماس من كلية لافاييت في بنسلفانيا. وفي سلسلة من الأوراق البحثية الأخيرة، أجج هذا الفريق احتمالاً مدهشًا بإمكانية وجود حقب جديدة في تاريخ الكون تميزت بفترات من السكون، واستمرت فترات طويلة في الماضي الكوني، وربما تتكرر مرة أخرى في المستقبل (وهو ما يتعارض مع الفكرة التقليدية التي تشير إلى أن تطور الكون هو عملية مستمرة وغير متوقفة من التحولات في أشكال الطاقة*). عملية توازن خلال فترات السكون الكوني، تظل كمية الطاقة الموجودة في أشكالها المختلفة مثل المادة والإشعاع وحتى الطاقة المظلمة، ثابتة رغم استمرار توسع الكون (وهو ما يتعارض مع الفهم التقليدي الذي يشير إلى الطاقة تتغير عادة مع التمدد*)، كما لا يوجد شكل واحد من الطاقة يهيمن خلال هذه الفترات، بخلاف الحقب التقليدية التي تُهيمن على كل واحدة منها طاقة معينة، لكن أثناء فترات السكون الكوني، يظهر نوع غريب من التوازن بين كل هذه الأنواع، إذ تحافظ جميع أشكال الطاقة المختلفة على حالة توازن دقيقة بينها، بحيث لا يطغى أي منها على الآخر. إن إعادة كتابة تاريخ الكون بطريقة جديدة قد تبدو فكرة جريئة، لكنها لم تكن الهدف الأصلي للباحثين، فلم يخطط الباحثون في البداية لإعادة النظر في تاريخ الكون، بل انطوت نيتهم على دراسة جسيمات لم تُكتشف بعد، وتعرف باسم "الأبراج"، وهي مجموعة من الجسيمات المرتبطة ببعضها بعضا بخصائص معينة مثل الكتل. قد تشمل هذه الأبراج ما يُعرَف بـ "الشركاء الفائقين"، وهي جسيمات أثقل من الجسيمات المعروفة حاليًا، وتنبأت بها فرضية تُسمى التناظر الفائق (التي تهدف إلى حل بعض المشكلات في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات*). قد تحتوي هذه الأبراج أيضًا على مجموعة من جسيمات المادة المظلمة المختبئة في أبعاد إضافية، مثل جسيمات تُسمى الأكسيونات، تنبأت بها نظرية الأوتار التي تفترض أن كل شيء في الكون يتكون من أوتار مهتزة أحادية البعد. ويُعتقد أن الأكسيونات قد تفسر العديد من ألغاز الكون، مثل المادة المظلمة، والطاقة المظلمة، وحقبة التضخم الكوني. في السياق ذاته، يشكك العلماء في صحة الأفكار المطروحة عن الجسيمات الجديدة وفترات السكون الكوني. إلا أن العديد من علماء الفيزياء يفترضون وجود جسيمات لم تُكتشف بعد لا بد أن تكون موجودة بطريقة أو بأخرى. وعن ذلك، تقول أدريان إريكسيك من جامعة نورث كارولينا: "المادة المظلمة هي بالتأكيد علامة على أن النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات غير مكتمل. إذ يحمل الكون في طياته عددًا هائلًا من الجسيمات يتجاوز بكثير مما قد يجول في خاطرنا ". في ربيع عام 2020، عمل لوسيان هيرتييه مع ديينز على محاكاة لدراسة ما إذا كانت أبراج الجسيمات هذه ستؤثر على التضخم أو تداعياته، وتمحور تركيزهم في هذه المرحلة على كيفية تحلل المادة. ومن جانبه يعلِّق هيرتييه: "بدأتُ في بناء أحد الأكواد، وأضفت كثيرا من الجسيمات المختلفة. والمفاجأة أننا لاحظنا دائمًا في المحاكاة أن المادة والإشعاع كانا يتوازنان بطريقة غريبة". وبغض النظر عن نوع برج الجسيمات الذي بدأوا به، كانت المحاكاة دائمًا تتطور بمعدل طبيعي نحو فترة ممتدة من السكون الكوني. ومن جانبه، يقول ديينز معلقًا على النتيجة غير المتوقعة: "ما اكتشفناه كان محض صدفة بحتة، هذا إذن ما يفعله الكون حينما تتواجد أبراج من الجسيمات". في عام 2022، نشر الباحثون الخمسة (دينيز وفريقه) ما يُمكن اعتباره "الوصفة السحرية لحدوث فترات السكون"، تشرح هذه الوصفة كيف يمكن للمادة والإشعاع أن يظلّا في حالة توازن ثابت خلال فترات معينة من تاريخ الكون دون أن يهيمن أحدهما على الآخر. أثبت الفريق أن فترات السكون الكوني ما زالت تحدث حتى عند إضافة الطاقة المظلمة إلى النموذج. (هذا يعني أن الطاقة المظلمة، المعروفة بأنها القوة الدافعة وراء التمدد المتسارع للكون، يمكنها أن تتوازن مع المادة والإشعاع لفترات زمنية ممتدة من السكون الكوني*). اكتشف الباحثون أن فترات السكون الكوني هذه يمكن أن تحل محل بعض الحقب المعروفة في تاريخ الكون، أو تُدمج في الجدول الزمني التقليدي لتاريخ الكون. وهنا ربما يراودك سؤال مهم: لماذا قد تحدث فترات السكون الكوني هذه؟ قد تحدث هذه الفترات لأن الجسيمات الأثقل في هذه الأبراج تتحلل إلى جسيمات أخف وزناً، وأثناء هذا التحلل، تنبعث الإشعاعات. وكما ذكرنا في وقت سابق، عندما يتمدد الكون، يتلاشى الإشعاع بسرعة أكبر من المادة. ولكن في هذا النموذج الجديد، يُعَوض النقص في الإشعاع بإشعاع جديد ناتج عن تحلل الجسيمات الثقيلة. وعلى نحو مماثل، وجود جسيمات إضافية يعني أن المادة لا تتلاشى بسرعة مقارنة بـالطاقة المظلمة، مما يسمح للكون أيضاً بالتوازن. في السياق ذاته، تقول إريكسك: "فكرة أن بإمكانك (إيقاف) الكون مؤقتًا، هي فكرة مثيرة جدًا للاهتمام". في العادة، يُنظر إلى التمدد الكوني على أنه يعني تطورا مستمرا، لكن هذه الفرضية الجديدة تمثل حالة استثنائية توضح أن التمدد لا يعني بالضرورة تغيّرًا في طبيعة الكون. ثمة طرق متعددة لحدوث فترات السكون الكوني، ويعتمد توقيت ظهورها وكيفية حدوثها على النظريات المختلفة التي تتجاوز النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. يتأثر توقيت وكيفية ظهور السكون الكوني بعدد الجسيمات في الأبراج، بجانب كتل الجسيمات (فالجسيمات الأثقل تتحلل بمعدل مختلف عن الجسيمات الأخف، ما يؤثر على كيفية توليد الإشعاع*). وأخيرًا تعتمد فترات السكون على معدلات التحلل، بمعنى أن سرعة تحلل الجسيمات إلى مستويات أخف في الأبراج تؤثر على مدى سرعة تحقيق التوازن بين المادة والإشعاع والطاقة المظلمة. حالة الكون الآن على الجانب الآخر، يفترض هيرتييه أن الكون قد يكون حاليًا إما في بداية أو نهاية فترة من السكون الكوني. إننا نعلم أن مزيج الطاقة في الكون قد تغير في التاريخ الكوني الحديث، فقبل عدة مليارات من السنين، تألف الكون في الغالب من المادة، أما الآن فالطاقة المظلمة هي التي تهيمن عليه. لكن قد تتساءل عن علاقة هذا بالسكون الكوني. يقول هيرتييه إن المحاكاة تُظهِر أن التغيّرات الكبيرة في مزيج الطاقة يمكن أن تحدث في بداية فترة السكون الكوني أو نهايتها. إذا كان الكون يخرج حاليًا من فترة سكون كوني، أو إذا حدثت هذه الفترة من السكون خلال الوقت الذي كانت فيه المادة هي المكون الرئيسي للكون، فقد يساعد هذا في حل لغز كوني معروف باسم توتر هابل، وهو اختلاف طفيف لكنه مهم بين السرعة الفعلية التي نقيس بها تمدد الكون الآن، والسرعة المتوقعة لهذا التمدد بناءً على الحسابات النظرية. يمكن للعلماء حساب التوقعات من خلال قياس إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو توهج لاحق انبعث بعد 380 ألف عام من الانفجار العظيم. وفعلا، بعد قياس إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، قرر العلماء تقديم الساعة إلى الأمام حتى اليوم (لمحاكاة تطور الكون) ومعرفة سرعة التمدد المتوقعة، وفي الأثناء واجهتهم مشكلة، وهي أن التوقعات تعتمد على افتراضات عن محتوى الطاقة في الكون مباشرة قبل وأثناء وبعد إنتاج إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. ومع ذلك، ثمة فجوة بين التوقعات والقياسات الحالية، مما يخلق لغز توتر هابل. إذن كيف يمكن لفترات السكون الكوني حل هذا اللغز؟ يقترح هيرتييه أن هذه الحسابات قد تكون خاطئة لأن النماذج التقليدية لم تأخذ في الحسبان فترات السكون، حيث تتعايش أثناءها أنواع مختلفة من الطاقة. ما نعرفه هو أن فترات السكون الكوني لا يمكن أن تحدث في الفترة التي تسبق انبعاث إشعاع الخلفية الكونية مباشرة. وقد أجرى علماء الفيزياء الفلكية قياسات دقيقة للغاية لهذا الإشعاع، وتطابقت هذه القياسات تمامًا مع القياسات الأخرى التي تعود إلى فترة أقدم، وهي فترة تخليق الأنوية الخفيفة مثل الهيليوم بعد نحو دقيقة واحدة من الانفجار العظيم. وربما تتساءل: لماذا لا يمكن أن تحدث فترات السكون هنا؟ تتطلب فترات السكون إنتاج إشعاع جديد إما من تحلل المادة إلى إشعاع، أو في بعض النماذج، من الطاقة المظلمة. ولكن، بما أن القياسات توضح أن جميع الإشعاعات في تلك الفترة محسوبة بدقة ولا يوجد ما يشير إلى إنتاج إشعاع إضافي، فهذا يستبعد تمامًا حدوث فترات سكون بين الدقيقة الأولى من الانفجار العظيم و380,000 سنة بعده، وفقًا لما تقوله إريكسيك. ومن جانبه، يعلِّق ديينز: "نعتقد أن فترة السكون الكوني ربما حدثت في الدقيقة الأولى بعد الانفجار العظيم". ورغم أن الدقيقة الأولى تبدو زمنًا قصيرًا جدًا، لكنها كانت لحظة حاسمة للغاية في تحديد كيفية تطور الكون لاحقًا. يتضح الأمر أكثر عندما نفكر في الماضي باستخدام وحدة الزمن المفضلة لدى علماء الكونيات وهو "الإي-فولد" أو "الطية الأسية". تتيح لنا هذه الطريقة وصف عمر الكون من حيث سرعةُ توسعه، إذ تمثل كل طية أسية زيادة في حجم الكون بمقدار 2.718 مرة تقريبًا، أي أن التوسع يحدث بمعدل أُسِّي استنادًا إلى الثابت الرياضي e. وحتى يومنا هذا، استغرق تاريخ الكون بأكمله نحو 120 زيادة أسية لإي-فولد، إلا أن الدقيقة الأولى وحدها مثّلت نحو 50 إلى 60 زيادة أسية، وهو ما يعني أن نصف تاريخ الكون تقريبًا (من حيث التوسع) حدث في تلك الدقيقة الأولى فقط، وإذا حدثت فترات من السكون الكوني خلال الدقيقة الأولى بعد الانفجار العظيم، فقد تؤثر بدرجة كبيرة في تقدير عمر الكون عند استخدام مقياس الزيادة الأسية. ما زلنا لا نعرف إلا القليل جدًا عما حدث قبل عملية التخليق النووي للانفجار العظيم، بما فيها كيفية حدوث التضخم الكوني ومرحلة إعادة التسخين. وتأكيًدا على ذلك، يقول ديينز: "ليس لدينا أي بيانات واضحة حقًا عن تلك الفترة". وللتغلب على ذلك، يتعين علينا أن نفترض حدوث نوع من عملية إعادة التسخين، وهو ما أدى إلى ملء الكون بالمادة والإشعاع مرة أخرى، ثم بطريقة ما، انتقلتْ هذه الفترة إلى عصر يهيمن عليه الإشعاع في الجدول الزمني التقليدي. من المهم إدراك أنه في النماذج التقليدية للتضخم الكوني، تبدأ طاقة مخزنة في حقل يُسمى "الإنفلاتون" في عملية التوسع، إلا أننا لا نعرف بالضبط ما هو هذا الحقل أو لماذا انتهى بعد جزء صغير جدًا من الثانية. ولتفسيره، يضطر الفيزيائيون إلى وضع كثيرٍ من الافتراضات عن طبيعة هذا الحقل، إضافة إلى أن التضخم التقليدي يؤدي إلى تخفيف كثافة المادة والإشعاع، تاركًا الكون في النهاية باردًا وخاليًا. ولتجاوز هذه المشكلة، يعتَقد العلماء أن الكون مرَّ بمرحلة "إعادة التسخين"، لملء الكون بالمادة والإشعاع، لينتقل بعدها إلى عصر الإشعاع وفقًا للجدول الزمني التقليدي. تبدو النماذج التقليدية وكأنها تحاول تبرير ما حدث بعد وقوعه. لكن وجود أبراج من الجسيمات التي تظهر أثناء إعادة التسخين من شأنها أن تملأ الكون بالمادة والإشعاع أثناء تحللها، و بعد أن يتحلل البرج بأكمله، لن يبقى سوى الإشعاع، ومن هذه النقطة فصاعدًا، سنعود إلى السيناريو التقليدي للكون وفقًا لدينييز. وعلى نحو مماثل، قد تؤدي أبراج الجسيمات المتحللة بصورة طبيعية إلى كون ينطوي على نسبة كبيرة من طاقة الفراغ، وهذا من شأنه أن يُفضي إلى تسريع عملية تمدد الكون لفترة زمنية ممتدة. بعبارة أخرى، وفقًا لأحدث ورقة بحثية للفريق في يونيو/حزيران 2024 (والتي لم تخضع بعد للمراجعة)، فإن التضخم قد يكون في الواقع فترة من السكون الكوني. على عكس النماذج التقليدية للتضخم، يفسر نموذج السكون كيف انتهى التضخم دون الحاجة إلى افتراضات إضافية. فعندما تتحلل أبراج الجسيمات بالكامل، ينتهي التضخم تلقائيًا، وعند هذه النقطة، سينبعث كثيرٌ من الإشعاع، لذلك لن تكون هناك حاجة لعملية إعادة التسخين المعقدة التي تتطلبها النماذج التقليدية. إثبات فترات السكون في السياق ذاته، يقول جوزيف كونلون، عالم نظرية الأوتار من جامعة أكسفورد، إن استكشاف فترات السكون أمر جدير بالاهتمام، ومع ذلك، يشير إلى أن العديد من هذه النماذج المقترحة تعتمد على أبراج من الجسيمات الثقيلة جدًا، والتي تتحلل بسرعة كبيرة، مما يمنعها من إحداث تأثير كوني ملحوظ. من ناحية أخرى، إذا كانت الجسيمات المعنية خفيفة، فإنها ستنتج أبعادًا إضافية كبيرة، وبما أن هذه الأبعاد لم تُرصَد بعد، فهذا يُعد دليلًا ضد صحة الفرضية". ومع ذلك، ثمة عدة طرق يمكن من خلالها أن تكشف الملاحظات المستقبلية القريبة عن أدلة على وجود فترات من السكون الكوني بأشكالها المختلفة، وإحدى هذه الطرق هي موجات الجاذبية أو الموجات الثقالية. فنحن الآن نرصد هذه التموجات في الزمكان رصدًا روتينيًا، نتيجة لتصادم أجسام ضخمة مثل الثقوب السوداء. وفي عام 2023، رصد العلماء طنينًا أكثر خفوتًا يُعرف باسم خلفية الموجة الثقالية، وربما بدأ هذا التذبذب منخفض المستوى في الزمكان خلال فترة التضخم الكوني. وخلال العقد القادم، تُخطط تلسكوبات فضائية مثل هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي (LISA)، لدراسة هذا الطنين بدقة شديدة، ومعرفة مصدره وكيفية نشأته. يعمل ديينز وفريقه الآن على فهم كيف يمكن أن تؤثر فترات السكون الكوني في الملاحظات الفلكية الحالية. وعن ذلك، تقول إريكسيك: "إن إضافة وحدات زمنية جديدة (e-folds) إلى فترة التضخم الكوني تعني أن تنبؤات النماذج الكونية التقليدية ستتغير". وفي الوقت نفسه، يُضيف العالم الصيني فاي هوانغ: "ستترك فترات السكون الأخرى بصمة فريدة على خلفية الموجات الثقالية". وبالتفكير قليلا، سنجد احتمالا آخر، وهو أن فترات السكون الكوني المبكرة قد تؤثر في كيفية توزيع المادة على المقاييس الصغيرة، وسببُه هو وجود إشعاع خلال هذه الفترات يمنع المادة من التكتل معًا. وهو ما يعني أن تجمعات المادة المظلمة ستكون أصغر من تلك التي تتوقعها النماذج الكونية التقليدية. (بمعنى أبسط: في النماذج التقليدية، تتجمع المادة المظلمة لتشكيل البُنى الكبيرة مثل المجرات، لكن إذا تواجدت فترات من السكون حيث الإشعاع يملأ الكون، فهذا الإشعاع سيشكِّل حاجزًا يمنع المادة من التجمع، والنتيجة هي تشكيل تكتلات أصغر من المادة المظلمة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة التفكير في كيفية تشكل المجرات والهياكل الكونية الأخرى*). أصبح علماء الفيزياء الفلكية أكثر مهارة في اكتشاف هذه الاختلافات الطفيفة في المادة المظلمة من خلال ملاحظة كيف تعمل هذه المادة على انحناء أو تشويه الضوء القادم من النجوم خلفها، وهو التأثير الذي يُسمى العدسات الصغرية (Microlensing). وعلى نحو مماثل، يمكن لمصفوفات التوقيت المعتمدة على النجوم النابضة (وهي الأجرام الفلكية التي تُصدِر ومضات من الإشعاع في فواصل زمنية محددة) أن تكشف عن تأثير جاذبي ناتج عن تجمعات المادة المظلمة. وعن ذلك، تقول إريكسك: "صحيح أن الأمر صعب، إلا أن هناك دائمًا أملا يمكن أن نستضيء بنوره". وفعلا، بدأ علماء آخرون في استكشاف النموذج الجديد للسكون الكوني. ففي أغسطس/ آب 2024، اكتشف العالمان جيمس هالفيرسون، وسنيه باندايا من جامعة نورث إيسترن في ولاية ماساتشوستس الأميركية أن السكون الكوني يمكن أن يحدث من تحلل أبراج من جسيمات تُعرف بـ "الأكسيونات"، وهذه الاكتشافات جاءت ضمن نماذج من نظرية الأوتار. إعلان قبل أقل من قرن من الزمان، لم يكن الانفجار العظيم فكرة بديهية لمعظم علماء الكون، ومع ذلك، أصبح اليوم من الركائز الأساسية في علم الكونيات. والآن يأمل الفريق الذي اكتشف بالصدفة فرضية "فترات السكون الكوني" أن يتبنى الباحثون الآخرون هذا المفهوم الجديد أيضًا، وأن يدركوا أن السكون قد يكون جزءًا طبيعيًا من الكون تمامًا مثل التغيير. وفي نهاية المطاف، يختتم بروكس توماس من كلية لافاييت في بنسلفانيا حديثه: "إذا افترضنا وجود أبراج من الجسيمات، فغالبًا ما سنعثر على نوع من السكون باعتباره جزءاً من الطبيعة". ____________ * إضافة المترجم


الجزيرة
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
شاهد.. السلاحف تتذكر الخرائط المغناطيسية للأرض وتعلّمها "برقصات مميزة"
أظهرت دراسة جديدة أول دليل ملموس على أن السلاحف البحرية من نوع "اللوجرهيد" تستطيع تعلم وتذكر الحقول المغناطيسية الفريدة للمواقع الجغرافية المختلفة، وتقوم برقصة عندما تكون في مكان يرتبط بالطعام. ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على كيفية تنقل هذه الحيوانات المهاجرة لمسافات شاسعة عبر المحيطات للوصول إلى مواقع التغذية والتكاثر المحددة. وتشير نتائج الدراسة التي نشرت في 12 فبراير/شباط في مجلة "نيتشر" إلى أن السلاحف البحرية تمتلك حاستين مغناطيسيتين متميزتين تعملان بطرق مختلفة لاكتشاف المجال المغناطيسي للأرض، مما يمكنها من تطوير خريطة داخلية لمحيطها. وهذا مقطع فيديو قصير وثقه الباحثون للرقصات المميزة لسلاحف اللوجرهيد عندما تكون في مكان يرتبط بالطعام: طفرة في فهم هجرات السلاحف تعرف سلاحف "اللوجرهيد" بهجراتها الطويلة المدى، والتي يعتقد العلماء منذ فترة طويلة أنها موجهة بواسطة خريطة مغناطيسية داخلية. تساعد هذه الخريطة السلاحف على اكتشاف التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض وتحديد موقعها بدقة. لكن حتى الآن، لم يتم إثبات أن هذه السلاحف يمكنها تعلم وتذكر الحقول المغناطيسية المرتبطة بالمواقع المهمة. تقول المؤلفة الرئيسة للدراسة "كايلا جوفورث"، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في علم الأحياء في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: "بحثنا لأول مرة فيما إذا كان بإمكان الحيوانات المهاجرة تعلم التعرف على التوقيعات المغناطيسية للمناطق الجغرافية المختلفة. لطالما اشتبه العلماء في أن الحيوانات يمكنها حفظ المعالم المغناطيسية، لكن هذه هي أول إثبات علمي على تلك القدرة". ومن خلال تجارب محكمة، أظهر الباحثون أن سلاحف "اللوجرهيد" تستطيع تعلم وتذكر الحقول المغناطيسية للأماكن التي تجد فيها الطعام. وهذا يعني أن السلاحف قد تستخدم هذه المعلومات المكتسبة للعودة إلى مناطق التغذية المحددة، مما يفسر دقتها المذهلة في التنقل لمسافات طويلة. كما أن لهذه النتائج تأثيرا واسع النطاق، إذ يمكن أن تنطبق على العديد من الأنواع المهاجرة التي تعتمد على المجال المغناطيسي للأرض في تحركاتها، وفقا لتصريحات "جوفورث" لـ"الجزيرة نت". تضيف الباحثة أن "القدرة على التمييز بين الحقول المغناطيسية لمناطق جغرافية مختلفة تفسر كيف يمكن للعديد من الحيوانات -وليس فقط السلاحف البحرية- أن تسافر لمسافات طويلة وتعود إلى مواقع محددة بدقة". حاستان مغناطيسيتان تتناول الدراسة أيضا الآليات التي تستخدمها السلاحف البحرية في إدراك واستخدام الحقول المغناطيسية. وتشير النتائج إلى أن تنقلها يعتمد على نظامين منفصلين: أحدهما يعمل كبوصلة، لمساعدتها على الحفاظ على الاتجاه، والآخر كخريطة تمكنها من التعرف على المواقع المحددة. ويعد هذا الاكتشاف خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم كيفية تفاعل الحيوانات مع المجال المغناطيسي للأرض. "يوفر هذا الاكتشاف رؤى جديدة ليس فقط حول كيفية تنقل السلاحف، ولكن أيضا حول كيفية تكوين وتحديث خرائطها الداخلية. إذ إن من المدهش أن هذه الحيوانات يمكنها الوصول إلى معلومات غير مرئية بهذه الدقة لتوجيه رحلاتها"، وفق ما أوضحت جوفورث. وتضيف الباحثة أنه إلى جانب أهميته العلمية، يمكن أن يساعد هذا البحث في جهود الحفاظ على البيئة وتطوير التكنولوجيا. فقد يسهم فهم كيفية اكتشاف السلاحف للمجالات المغناطيسية وتفسيرها في تقليل الاضطرابات التي تسببها الهياكل التي يصنعها الإنسان، مثل خطوط الطاقة ومزارع الرياح البحرية، والتي قد تؤثر على الإشارات المغناطيسية الطبيعية. وتضيف جوفورث: "علاوة على ذلك، قد تلهم هذه النتائج تطوير تقنيات ملاحة جديدة مستوحاة من الطبيعة، خاصة في إنشاء أنظمة تعتمد على الإشارات المغناطيسية في التوجيه. ومن خلال كشف القدرات الخفية للسلاحف البحرية، تفتح هذه الدراسة الباب أمام تساؤلات جديدة حول كيفية تنقل الأنواع المهاجرة الأخرى، ومدى تأثير الأنشطة البشرية على بقائها".


يورو نيوز
١٣-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- يورو نيوز
دراسة جديدة تكشف: أدوية السمنة قد تساعد في تقليل الرغبة في الكحول والتدخين
وتُضيف الدراسة التي تم نشرها في مجلة جاما سايكايتري (JAMA Psychiatry) إلى مجموعة من الأدلة المتزايدة التي أظهرت تأثير الأدوية الشهيرة مثل "أوزيمبيك" و"ويغوفي" في السيطرة على الرغبة في تناول الطعام، بل إن نتائجها تبين أن هذه الأدوية قد تساعد أيضًا في الحد من الرغبة في تناول الكحول والتبغ. لكن، يبقى التساؤل قائمًا حول أمان هذه الأدوية بالنسبة لأولئك الذين لا يعانون من السمنة أو مشاكل صحية مرتبطة بها. وأكد الخبراء أنه بالرغم من هذه النتائج الواعدة، فإن الدراسة ليست حاسمة، حيث ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد مدى فاعلية هذه الأدوية بالنسبة لمجموعة أكبر من الأفراد. تقول الدكتورة كلارا كلاين، المشاركة في الدراسة من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: "البيانات التي حصلنا عليها مشجعة، ولكننا بحاجة إلى المزيد من الدراسات لتأكيد هذه النتائج". وتعمل هذه الأدوية عن طريق محاكاة الهرمونات في الأمعاء والدماغ لتنظيم الشهية وتحفيز الشعور بالشبع. وفي الدراسة الأخيرة، تم التركيز على "سيماجلوتايد"، الذي يُستخدم في عقاري "أوزيمبيك" و"ويغوفي". وقد تم تمويل البحث من قبل المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة. وفي إطار الدراسة، تم اختيار المشاركين الذين يعانون من أعراض اضطراب تعاطي الكحول ، مثل صعوبة التحكم في شرب الكحول، ولكنهم لم يكونوا يسعون بنشاط للعلاج. وحصل نصف المشاركين عشوائيًا على حقن سيماجلوتايد أسبوعية، بينما حصل النصف الآخر على حقن زائفة. وعلى مدار 9 أسابيع، تم متابعة عاداتهم في الشرب ورغبتهم في تناول الكحول. وكانت نتائج الدراسة ملفتة. ففي الأسابيع الأخيرة من الدراسة، أفاد حوالي 40% من المشاركين في مجموعة "سيماجلوتايد" أنهم قللوا من شرب الكحول بشكل ملحوظ مقارنةً بـ 20% فقط في المجموعة التي تناولت العلاج الوهمي. كما أظهرت نتائج الاختبار المخبري النهائي أن مجموعة "سيماجلوتايد" شربت نصف الكمية تقريبًا من الكحول مقارنةً بالمجموعة الأخرى. وأضافت لوبا يامين، من جامعة الصحة في هيوستن، التي تجري أبحاثًا على تأثيرات عقاقير جي بي أل- 1 (GLP-1) على المدخنين، أن المدخنين الذين تناولوا سيماجلوتايد في الدراسة قللوا أيضًا من عدد السجائر التي يدخنونها. وقالت إن النتائج واعدة ولكنها بحاجة إلى المزيد من البحث لتأكيد هذه التأثيرات. من جانبه، أشار الدكتور لورنزو ليجيو، الباحث في المعاهد الوطنية للصحة، إلى أن هذه الدراسة تقدم معلومات إضافية مهمة حول دور الأدوية في علاج أنواع معينة من الإدمان. وأضاف أن التجارب السريرية الأكبر ضرورية لتأكيد هذه النتائج بشكل نهائي. وفي الختام، تؤكد الدراسة أن العقاقير التي تعمل على تعديل الشهية قد تقدم حلولًا جديدة ليس فقط لعلاج السمنة ولكن أيضًا في مكافحة الإدمان على الكحول وغيره من المواد المسببة للإدمان. ومع ذلك، يظل من الضروري إجراء مزيد من الأبحاث للتأكد من فاعليتها وسلامتها للمجموعات المختلفة من المرضى.