logo
#

أحدث الأخبار مع #تولستوي

ضياء حلمي: التبادل التجاري بين مصر وروسيا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا
ضياء حلمي: التبادل التجاري بين مصر وروسيا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا

الدستور

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الدستور

ضياء حلمي: التبادل التجاري بين مصر وروسيا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا

قال الدكتور ضياء حلمي، عضو لجنة الشئون الآسيوية بالمجلس المصري للشؤون الخارجية، إن العلاقات المصرية الروسية دائمًا ما تتسم بالدفء والجودة، مشيرًا إلى أنها تتجلى على مستويات متعددة، سواء على مستوى القيادات والزعماء أو على المستوى الشعبي. وأضاف، خلال تصريحاته لبرنامج 'المراقب'، والمذاع عبر فضائية 'القاهرة الإخبارية'، أن العلاقات المصرية الروسية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كانت في أوج قوتها، حيث كانت تتمتع بدعم شعبي كبير، وهو ما يظهر حتى الآن في قطاع السياحة، حيث تستقبل الشواطئ المصرية أعدادًا كبيرة من السائحين الروس، ويحظون باستقبال مصري دافئ يعكس حالة من التوافق الشعبي إلى جانب التوافق الرسمي والسياسي والمصالح المشتركة. الجانب الثقافي يمثل جانبًا مهمًا في العلاقات بين البلدين وأشار إلى أن مصر وروسيا دولتين حضاريتين، موضحًا أن الجانب الثقافي يمثل جانبًا مهمًا في العلاقات بين البلدين، حيث يعرف المصريون أعمال الأدباء الروس مثل تولستوي ودوستويفسكي، وكانت المكتبات المصرية تزخر بالكتب الروسية المترجمة، موضحًا أن الطلبة المصريين يختارون الدراسة في روسيا بشكل اختياري، ما يعكس حالة من التعاون المستمر بين البلدين. وعن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للعاصمة الروسية موسكو، ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المشاركة في احتفالات عيد النصر الروسي، قال إن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا يتراوح بين سبعة وثمانية مليارات دولار سنويًا، وكان من المتوقع أن يصل إلى عشرة مليارات دولار لولا الأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكدًا أن هذه الأزمة مجرد ظرف مؤقت، وأن حجم التبادل التجاري مرشح للزيادة في المستقبل القريب.

برلماني روسي: محاولات فرنسا للعب دور هام في الصراع الأوكراني محكوم عليها بالفشل
برلماني روسي: محاولات فرنسا للعب دور هام في الصراع الأوكراني محكوم عليها بالفشل

روسيا اليوم

time٢٨-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • روسيا اليوم

برلماني روسي: محاولات فرنسا للعب دور هام في الصراع الأوكراني محكوم عليها بالفشل

وقال تولستوي على هامش المنتدى الدولي لدولة الاتحاد "التراث العظيم - المستقبل المشترك"، الذي ينعقد في فولغوغراد: "لقد قاوم الفرنسيون الفاشية لمدة 40 يوما كاملة، لذلك يبدو لي أن كل محاولات فرنسا اليوم للعب دور جاد حول النزاع في أوكرانيا، محكوم عليها بالفشل تاريخيًا". كما شدد تولستوي على أن الروس ملزمون من أجل المستقبل بالحفاظ على ذكرى من ماتوا خلال الحرب الوطنية العظمي، قائلا: "من المستحيل فهم البلد، ومن المستحيل فهم الشعب، ومن المستحيل اتخاذ قرارات بشأن المستقبل دون الاعتماد على الماضي. ومن المهم جدا ألا يتم تغيير هذا الماضي وتزييفه، وأن يتم الحفاظ عليه كما كان. يجب أن نحافظ على ذكرى أولئك الذين ماتوا، أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن ذكراهم اليوم. أعتقد أن هذا هو الغرض من هذا المنتدى". يشارك تولستوي في المنتدى الدولي لدولة الاتحاد "التراث العظيم - المستقبل المشترك" الذي يعقد في فولغوغراد، حيث سيناقش البرلمانيون والخبراء خلال المنتدى الحفاظ على الحقيقة التاريخية حول الحرب الوطنية العظمى والتربية الوطنية للشباب. المصدر: RT أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق استغلت أوكرانيا "بشكل سافر"، مشيرة إلى أنها كانت تعدها للذبح منذ البداية. صرح الفيلسوف الروسي المعروف المتخصص في العلوم السياسية ألكسندر دوغين بأن أوروبا مستعدة للقتال مع روسيا، وبالتالي فإنها ستعمل على تخريب عملية التسوية السلمية للصراع الأوكراني. أكد القائد العام للقوات الأوكرانية ألكسندر سيرسكي أنه عقد اجتماعا شاملا حول تدريب العسكريين، معلنا تعزيز العمل على جذب المواطنين ما بين 18 إلى 25 عاما إلى الخدمة العسكرية. نقلت صحيفة "إيكونوميست" عن ضابط استخبارات أوكراني أن النزاع مع روسيا بلغ أسوأ مراحله بالنسبة لكييف.

تكون أو لا تكون؟!
تكون أو لا تكون؟!

البيان

time٢٥-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البيان

تكون أو لا تكون؟!

إن واحداً من الأسباب المهمة التي تمنح الأعمال عظمتها وخلودها هو التفرد والأصالة، أعمال لا تشبه غيرها، ولا تسير وفق السائد، ولا تعيد إنتاج الموجود، في الأدب كما في الفن والعمارة وغيرها.. . ولو لم يكتب الروسي تولستوي والنرويجي كنوت هامسون والكولومبي ماركيز والفرنسي فيكتور هوجو، وكثيرون غيرهم، أعمالاً وأفكاراً مختلفة عما هو سائد ومتقدمة كثيراً على ما هو مطروح، لما وجدوا كل ذلك الهجوم والتجاهل في البدايات، ولما صمدت أعمالهم عبر الزمن. وللاختلاف والتفرد أوجه كثيرة، وإن أحد أهم الأسباب التي جعلت كتابة الروائي الأمريكي الشهير صاحب رواية «المسلخ رقم 5» (كيرت فونيغت) متفردة ومختلفة عن غيرها، طريقته المختلفة التي كان يتخذها في الكتابة، جمل طويلة، واستخدامه الوافر لعلامات التعجب والحروف المائلة، أما دمجه للأجناس الأدبية فجعل كتبه خارجة على المعتاد، كما صنع له أسلوباً مغايراً عن البقية. لم يكن (فونيغت) ليصبح أيقونة إن التزم بما يفعله الآخرون. لذلك فإن الإنسان يولد مرة أخرى عندما يقرر أن يكون مختلفاً عن الآخرين، وأن يختار أن يكون هو، لا أن يكون نسخة من البقية التي تمضي في جميع الطرقات كنسخ متطابقة بلا تمايز، فقط لتأكل وتشرب وتنام وتتناسل! يقول (كيرت فونيغت): ربما يصيبك التردد عندما تفكر برأي الآخرين في ملابسك المختلفة، أو عندما تستمع إلى نوع غريب من الموسيقى، أو عندما تعبر عن رأي سياسي لا يلقى رواجاً بين من حولك. عليك أن تجد الجرأة التي تمكنك من قول ما تريد، وارتداء ما تريد، والتفكير بما تريد، لتكون أنت. وأن يكون الإنسان متصالحاً مع أفكاره ورؤيته للعالم ولما حوله، لا يعيش الحياة كأنه منذور لتلبية ما يريده الآخرون فقط، ليس بالأمر السهل ولا القرار البسيط، إنه قرار يحتاج إلى وعي هائل وشجاعة كبيرة وتضحيات لا يستهان بها، إنه طريق صعب، لكنه أفضل من أن تكون كالنعجة دوللي، تبهر العالم لكنك سرعان ما تنطفئ وتنسى كأنك لم تكن!!

الخطاب التأريخي لدى ليو تولستوي
الخطاب التأريخي لدى ليو تولستوي

موقع كتابات

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • موقع كتابات

الخطاب التأريخي لدى ليو تولستوي

من الروايات المخيفة التي ألَّفها الكاتب الإنجليزي الساخر 'أوسكار وايلد' Oscar Wilde (1858-1900) رواية 'لوحة دوريان جراي' The Picture of Dorain Grayالتي يحكي فيها قصة حياة شاب كرَّس نفسه للحياة الهيدونية أو حياة الانغماس في حياة اللهو والملذَأت، وساعده على ذلك تمتعه بشباب دائم، في حين أن التقدُّم في العمر والهِرَم كان يصيب صورته التي أخفاها بعيدًا عن الجميع. حاول 'أوسكار وايلد' في تلك الرواية ذات الأحداث المخيفة أن يغوص في خفايا النفس البشرية من خلال منظور اجتماعي وعاشت روايته لتكون أسطورة للأدب المخيف دون أن يحاول أحدهم التطرُّق للمعاني العميقة التي تحملها. على الجانب الآخر، نجد أن الكاتب الروسي 'ليو تولستوي' Leo Tolstoy (1828-1910) الذي حاول في مؤلَّفاته أن يجيب على التساؤلات التي تطرأ على ذهن الإنسان فيما يمر به من مشاعر وأحداث. فلقد كان يسجِّل ما يدور في عصره من أحداث وتطوُّر، لكنه في نفس الوقت كان يستهدف إصلاح المجتمع من منظور إنساني، على عكس 'ديستويفسكي' الذي استهدف الجانب النفسي. وفي طروحاته الروائية التي سردت تفاصيل التاريخ البشرى – أو كما يطلق عليها الفيلسوف الفرنسي 'جون فرانسوا ليوتارد' Jean-Francois Lyotard (1924-1998) 'السرديات الصغرى' – اجتهد 'تولستوي' في أن يجد إجابة ناجعة لما يؤرِّق الإنسان من تساؤلات تجعله غير قادرًا على إصلاح ذاته بغية الوصول السلام النفسي، وبالتالي إصلاح المجتمع. لقد أصبح في ذلك على نقيض المؤرخين المهتمين ب'السرديات الكبري' ذوي النظرة الأحادية للأحداث، الذي لطالما كرر واصفًا إيَّاهم: 'المؤرِّخين كشخص أصم ينخرط في الإجابة على أسئلة لم يوجهها له أحد.' لقد انحاز 'تولستوي' للإنسان وللمشاعر في صورتها الأولى دون أن يتم تشويهها بأي سلبيات، واعتقد أن ذلك هو السبيل لإصلاح المجتمع، ومن ثمَّ، حرص أن يكون من السهل على كل طبقات المجتمع فِهم انتاجه الفكري من روايات وقصص قصيرة ومقالات ، وألَّا يركِّز في تناوله على طبقة واحدة؛ ولهذا، تسللت رواياته إلى تناوُل وقائع في حياة القصور والطبقات الارستقراطية وكذلك حياة الفقراء والفلاحين والمهمشين ومحدثي النعمة، وكذلك انتقلت لحياة الجيش والمعارك. فلقد كان شديد الإيمان أن 'المؤلَّفات العظيمة تكتسب عظمتها فقط حينما تكون متاحة ومفهومة من قبل الجميع.' نشأ الكونت 'ليف نيكولايفيتش تولتستوي' ابن الطبقة الارستقراطية في حياة من الثراء الذي لم يعكر صفوه سوى حياة من اليُتم بدأت بفقدان والديه وأقاربه واحدًا تلو الآخر منذ الطفولة، فتلقَّف تربيته هو وأشقَّاءه الأقارب إلى أن انتهى بهم الأمر للعيش مع إحدى القريبات. لقد انغمس 'تولستوي' في حياة من اللهو العارم في مقتبل حياته على شاكلة 'دوريان جراي'، وعلى عكس 'أوسكار وايلد' الذي لم يستطع الخروج من تلك الحياة إلَّا بعد سجنه وأخيرًا الموت قهرًا، نبذ 'تولستوي' حياة اللهو، ولم ينجيه من مصير 'دوريان جراي' سوى التطوع بالجيش، الذي أفضى به إلى الاشترك في حرب القرم عام 1856، وبعدها جال في أنحاء أوروبا، إلى أن آثر الاستقرار حينما تزوَّج من فتاة في الثامنة عشرة من عمرها. وفي تلك الفترة، شرع في الكتابة؛ إلَّا أن لقاءه بالكاتب 'فيكتور هوجو' في فرنسا شجعه على كتابة الرواية الطويلة، وأولى رواياته الطويلة كانت 'الحرب والسلام'، وتوالت بعدها الروايات التي خلَّدها التاريخ مثل 'أنا كارنينا' و'سكتشات سفاستوبول' وروايته القصيرة 'موت إيفان ليش'. لقد آثر 'تولستوي' الانحياز للفكر والتجديد في أعماله التي جعلت منه عالم نفس اجتماعي، وإن أفضى ذلك به إلى الدخول في معترك الفكر الفوضوي، وأخيرًا التنازل عن كل ثروته للفقراء والفلاحين الذي بنى لهم المدارس وصار معلِّمًا لهم، ولم يبالي بالمظاهر عندما عاش بين الفقراء والفلاحين وكسا جسده بنفس ملابسهم، بل وكان يصنع أحذيته بنفسه، مما سبب له مشكلات اجتماعية جمَّة. لكن ذلك لم يمنع من ترشيحه لجائزة نوبل للأدب من عام 1902-1906، وجائزة نوبل للسلام في أعوام 1901، 1902، 1909. وبالرغم من أنه لم يحصل على أي منهم، لكن التاريخ يخلِّد اسمه بأنه واحدًا من أعظم الكتَّاب وأكثرهم تأثيرًا على مرّ العصور. لقد علم 'تولستوي' أن المجتمع هو مصدر سعادة الفرد وكذلك شقاءه؛ فبالرغم من ميل الفرد للانتماء للجماعة، لكن ذلك لا يمنع من خوضه للمعارك والمشاحنات النفسية والجسدية مع الآخرين بما في ذلك أفراد عائلته المقرَّبين. بالنسبة له، ذلك لا يعني أن هناك فرد دومًا على حق في حين أن الآخرين يجانبهم الصواب. روايات 'تولستوي' توضِّح أن الإنسان خطَّاء، ولبلوغ أعظم درجات الرَّاحة النفسية يجب الاعتراف أمام أنفسنا أنه لا يوجد شيء كامل. وخير مثال على ذلك، رواية 'أنا كارنينا' التي تناقش قضية إمرأة لم تستطع التعايش مع زوجها المتحجِّر المشاعر؛ لأنها كانت نابضة بالحيوية وترى أنها تستحق حياة أفضل. ولذلك، وقعت في غرام ضابط شاب يضاهيها في الوسامة الشديدة، ويماريها في الحيوية وحب الحياة. سعيًا وراء رغباتها الهيدونية التي سوف تمنحها بالملذات التي حُرمَت منها طوال زيجتها، تهجر زوجها وتهرب مع الضابط الشاب في تحدِّي واضح للمجتمع والأعراف، وتحمَّلت موقف المجتمع السَّاخط عليها؛ لأنها حَلُمت بحياة من السعادة المكتملة والروعة التي لا تشوبها شائبة. لكنها بعد فترة وجيزة تصطدم بالواقع الذي لا يعترف بالكمال. ولكي تحتفظ بتلك الصورة الذهنية، تصبح غيورة وشديدة الشك في حبيبها، حتى جسدها الرائع تجرَّدت منه بعد أن تصاب في قدمها. وعلى هذا، تنقلب حياتها المثالية إلى واقع مقيت يجعلها تكره حتى ذاتها. الدرس الأخلاقي الذي رغب 'تولستوي' تلقينه للقرَّاء من خلال تلك الرواية هو أن السعادة الحقيقية لا توجد في الانغماس في الملذات، بل بالقيام بالواجبات التي من المفروض أن نضلع بها تجاه الآخرين وخاصة تجاه أفراد العائلة والشريك. ومن الدروس الأخرى المستفادة من رواية 'أنا كارنينا' وكذلك من أعماله الأخرى 'التسامح والغفران' اللذان كما يعتقد وسيلة ناجعة للقضاء على الأعداء أو من يؤذي الآخرين نفسيًا ؛ فعندما آبت 'أنا كارنينا' لزوجها نادمة بعد أن تركها حبيبها، وكانت حينها قد أنجبت منه طفلة، أدهشها الزوج، التي لطالما اعتبرته متحجرًا، بأنه صفح عنها، بل ووافق على أن يربي الطفلة كابنة له. رد فعل الزوج قتلها نفسيًا وجعلها تعترف بخطأها، فلو كان طردها أو حتى أهانها لكانت شعرت بالانتصار؛ لأنها أثبتت وجخة نظرها فيه أنه كان زوج سيء ويستحق أن تتركه، لكن تسامحه جعلها تعترف أنها كانت المُخطئة ولا تستحق أي رحمة أو شفقة منه. وعلى هذا، فإن انتحار 'أنا كارنينا' سببه إدراك أنها لم تقدِّر ما كانت تنعم به من هناء وراحة. كان 'تولستوي' طوال مسيرة حياته لا يركض سوى خلف السعادة، وكان يحاول في جميع أعماله أن يؤكِّد على ذلك. فلقد اعتقد أن الحياة مجرَّد حلم، والموت هو الاستيقاظ من ذاك الحلم، ولذلك كان يكرر النصح أنه يجب أن نستغرق في نومنا حتى نبلغ نهاية الحلم، أي أنه لا يحب أن نستيقظ قبل استكماله، والَّا نقاومه لكيلا يتحوَّل إلى كابوس. لقد أصبح العطاء بالنسبة ل'تولستوي' هو ذاك الانغماس الهيدوني الإيجابي في ملذَّات الحياة الذي يمنح الشعور بالسعادة العارمة، وحاول في أعماله الأدبية أن يلقِّن جمهور القرَّاء نفس الدرس حتى يوقنوا أن الفرد هو من يصنع سعادته بنفسه، أو كما يقول: 'إذا أردت أن تصبح سعيدًا، كن سعيدًا'.

ليو تولستوي والانغماس الهيدوني الإيجابي
ليو تولستوي والانغماس الهيدوني الإيجابي

اليوم الثامن

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • اليوم الثامن

ليو تولستوي والانغماس الهيدوني الإيجابي

من الروايات المخيفة التي ألَّفها الكاتب الإنجليزي الساخر "أوسكار وايلد" Oscar Wilde (1858-1900) رواية "لوحة دوريان جراي" The Picture of Dorain Gray التي يحكي فيها قصة حياة شاب كرَّس نفسه للحياة الهيدونية أو حياة الانغماس في حياة اللهو والملذَأت، وساعده على ذلك تمتعه بشباب دائم، في حين أن التقدُّم في العمر والهِرَم كان يصيب صورته التي أخفاها بعيدًا عن الجميع. حاول "أوسكار وايلد" في تلك الرواية ذات الأحداث المخيفة أن يغوص في خفايا النفس البشرية من خلال منظور اجتماعي وعاشت روايته لتكون أسطورة للأدب المخيف دون أن يحاول أحدهم التطرُّق للمعاني العميقة التي تحملها. على الجانب الآخر، نجد أن الكاتب الروسي "ليو تولستوي" Leo Tolstoy (1828-1910) الذي حاول في مؤلَّفاته أن يجيب على التساؤلات التي تطرأ على ذهن الإنسان فيما يمر به من مشاعر وأحداث. فلقد كان يسجِّل ما يدور في عصره من أحداث وتطوُّر، لكنه في نفس الوقت كان يستهدف إصلاح المجتمع من منظور إنساني، على عكس "ديستويفسكي" الذي استهدف الجانب النفسي. وفي طروحاته الروائية التي سردت تفاصيل التاريخ البشرى - أو كما يطلق عليها الفيلسوف الفرنسي "جون فرانسوا ليوتارد" Jean-Francois Lyotard (1924-1998) "السرديات الصغرى" – اجتهد "تولستوي" في أن يجد إجابة ناجعة لما يؤرِّق الإنسان من تساؤلات تجعله غير قادرًا على إصلاح ذاته بغية الوصول السلام النفسي، وبالتالي إصلاح المجتمع. لقد أصبح في ذلك على نقيض المؤرخين المهتمين ب"السرديات الكبري" ذوي النظرة الأحادية للأحداث، الذي لطالما كرر واصفًا إيَّاهم: "المؤرِّخين كشخص أصم ينخرط في الإجابة على أسئلة لم يوجهها له أحد." لقد انحاز "تولستوي" للإنسان وللمشاعر في صورتها الأولى دون أن يتم تشويهها بأي سلبيات، واعتقد أن ذلك هو السبيل لإصلاح المجتمع، ومن ثمَّ، حرص أن يكون من السهل على كل طبقات المجتمع فِهم انتاجه الفكري من روايات وقصص قصيرة ومقالات ، وألَّا يركِّز في تناوله على طبقة واحدة؛ ولهذا، تسللت رواياته إلى تناوُل وقائع في حياة القصور والطبقات الارستقراطية وكذلك حياة الفقراء والفلاحين والمهمشين ومحدثي النعمة، وكذلك انتقلت لحياة الجيش والمعارك. فلقد كان شديد الإيمان أن "المؤلَّفات العظيمة تكتسب عظمتها فقط حينما تكون متاحة ومفهومة من قبل الجميع." نشأ الكونت "ليف نيكولايفيتش تولتستوي" ابن الطبقة الارستقراطية في حياة من الثراء الذي لم يعكِّر صفوه سوى حياة من اليُتم بدأت بفقدان والديه وأقاربه واحدًا تلو الآخر منذ الطفولة، فتلقَّف تربيته هو وأشقَّاءه الأقارب إلى أن انتهى بهم الأمر للعيش مع إحدى القريبات. لقد انغمس "تولستوي" في حياة من اللهو العارم في مقتبل حياته على شاكلة "دوريان جراي"، وعلى عكس "أوسكار وايلد" الذي لم يستطع الخروج من تلك الحياة إلَّا بعد سجنه وأخيرًا الموت قهرًا، نبذ "تولستوي" حياة اللهو، ولم ينجيه من مصير "دوريان جراي" سوى التطوع بالجيش، الذي أفضى به إلى الاشترك في حرب القرم عام 1856، وبعدها جال في أنحاء أوروبا، إلى أن آثر الاستقرار حينما تزوَّج من فتاة في الثامنة عشرة من عمرها. وفي تلك الفترة، شرع في الكتابة؛ إلَّا أن لقاءه بالكاتب "فيكتور هوجو" في فرنسا شجعه على كتابة الرواية الطويلة، وأولى رواياته الطويلة كانت "الحرب والسلام"، وتوالت بعدها الروايات التي خلَّدها التاريخ مثل "أنا كارنينا" و"سكتشات سفاستوبول" وروايته القصيرة "موت إيفان ليش". لقد آثر "تولستوي" الانحياز للفكر والتجديد في أعماله التي جعلت منه عالم نفس اجتماعي، وإن أفضى ذلك به إلى الدخول في معترك الفكر الفوضوي، وأخيرًا التنازل عن كل ثروته للفقراء والفلاحين الذي بنى لهم المدارس وصار معلِّمًا لهم، ولم يبالي بالمظاهر عندما عاش بين الفقراء والفلاحين وكسا جسده بنفس ملابسهم، بل وكان يصنع أحذيته بنفسه، مما سبب له مشكلات اجتماعية جمَّة. لكن ذلك لم يمنع من ترشيحه لجائزة نوبل للأدب من عام 1902-1906، وجائزة نوبل للسلام في أعوام 1901، 1902، 1909. وبالرغم من أنه لم يحصل على أي منهم، لكن التاريخ يخلِّد اسمه بأنه واحدًا من أعظم الكتَّاب وأكثرهم تأثيرًا على مرّ العصور. لقد علم "تولستوي" أن المجتمع هو مصدر سعادة الفرد وكذلك شقاءه؛ فبالرغم من ميل الفرد للانتماء للجماعة، لكن ذلك لا يمنع من خوضه للمعارك والمشاحنات النفسية والجسدية مع الآخرين بما في ذلك أفراد عائلته المقرَّبين. بالنسبة له، ذلك لا يعني أن هناك فرد دومًا على حق في حين أن الآخرين يجانبهم الصواب. روايات "تولستوي" توضِّح أن الإنسان خطَّاء، ولبلوغ أعظم درجات الرَّاحة النفسية يجب الاعتراف أمام أنفسنا أنه لا يوجد شيء كامل. وخير مثال على ذلك، رواية "أنا كارنينا" التي تناقش قضية إمرأة لم تستطع التعايش مع زوجها المتحجِّر المشاعر؛ لأنها كانت نابضة بالحيوية وترى أنها تستحق حياة أفضل. ولذلك، وقعت في غرام ضابط شاب يضاهيها في الوسامة الشديدة، ويماريها في الحيوية وحب الحياة. سعيًا وراء رغباتها الهيدونية التي سوف تمنحها بالملذات التي حُرمَت منها طوال زيجتها، تهجر زوجها وتهرب مع الضابط الشاب في تحدِّي واضح للمجتمع والأعراف، وتحمَّلت موقف المجتمع السَّاخط عليها؛ لأنها حَلُمت بحياة من السعادة المكتملة والروعة التي لا تشوبها شائبة. لكنها بعد فترة وجيزة تصطدم بالواقع الذي لا يعترف بالكمال. ولكي تحتفظ بتلك الصورة الذهنية، تصبح غيورة وشديدة الشك في حبيبها، حتى جسدها الرائع تجرَّدت منه بعد أن تصاب في قدمها. وعلى هذا، تنقلب حياتها المثالية إلى واقع مقيت يجعلها تكره حتى ذاتها. الدرس الأخلاقي الذي رغب "تولستوي" تلقينه للقرَّاء من خلال تلك الرواية هو أن السعادة الحقيقية لا توجد في الانغماس في الملذَّات، بل بالقيام بالواجبات التي من المفروض أن نضلع بها تجاه الآخرين وخاصة تجاه أفراد العائلة والشريك. ومن الدروس الأخرى المستفادة من رواية "أنا كارنينا" وكذلك من أعماله الأخرى "التسامح والغفران" اللذان كما يعتقد وسيلة ناجعة للقضاء على الأعداء أو من يؤذي الآخرين نفسيًا ؛ فعندما آبت "أنا كارنينا" لزوجها نادمة بعد أن تركها حبيبها، وكانت حينها قد أنجبت منه طفلة، أدهشها الزوج، التي لطالما اعتبرته متحجرًا، بأنه صفح عنها، بل ووافق على أن يربي الطفلة كابنة له. رد فعل الزوج قتلها نفسيًا وجعلها تعترف بخطأها، فلو كان طردها أو حتى أهانها لكانت شعرت بالانتصار؛ لأنها أثبتت وجخة نظرها فيه أنه كان زوج سيء ويستحق أن تتركه، لكن تسامحه جعلها تعترف أنها كانت المُخطئة ولا تستحق أي رحمة أو شفقة منه. وعلى هذا، فإن انتحار "أنا كارنينا" سببه إدراك أنها لم تقدِّر ما كانت تنعم به من هناء وراحة. كان "تولستوي" طوال مسيرة حياته لا يركض سوى خلف السعادة، وكان يحاول في جميع أعماله أن يؤكِّد على ذلك. فلقد اعتقد أن الحياة مجرَّد حلم، والموت هو الاستيقاظ من ذاك الحلم، ولذلك كان يكرر النصح أنه يجب أن نستغرق في نومنا حتى نبلغ نهاية الحلم، أي أنه لا يحب أن نستيقظ قبل استكماله، والَّا نقاومه لكيلا يتحوَّل إلى كابوس. لقد أصبح العطاء بالنسبة ل"تولستوي" هو ذاك الانغماس الهيدوني الإيجابي في ملذَّات الحياة الذي يمنح الشعور بالسعادة العارمة، وحاول في أعماله الأدبية أن يلقِّن جمهور القرَّاء نفس الدرس حتى يوقنوا أن الفرد هو من يصنع سعادته بنفسه، أو كما يقول: "إذا أردت أن تصبح سعيدًا، كن سعيدًا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store