منذ 13 ساعات
كيف تؤثّر الحرب "الإسرائيليّة" - الإيرانيّة على المؤتمر الدولي لإعادة اعمار لبنان؟!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
تزداد المخاوف من انفجار الوضع أكثر فأكثر في منطقة الشرق الأوسط، ومن الشظايا التي قد تطال لبنان، حتى وإن بقي على الحياد فيها. وكان السفير الأميركي لدى تركيا، والمبعوث الأميركي إلى سوريا والمعني حالياً بالملف اللبناني توم بارّاك قد قال خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت بأنّ "دخول لبنان في هذه الحرب هو قرار سيء جدّاً". فجاء الردّ سريعاً عليه من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي أكّد أنّ "لبنان لن يدخل الحرب "200 بالمية" لأن لا مصلحة له في ذلك، ولأنّه سيدفع الثمن، وأنّ إيران ليست بحاجة لنا". في حين بقي موقف حزب الله الذي جاء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم: لسنا على الحياد، ونقف إلى جانب إيران". في حين فسّره البعض الآخر على أنّه"موقف سياسي لا عسكري".
ولأنّ لبنان لا يُمكن أن يكون بعيداً أو بمنأى عن أي حرب تحصل في منطقة الشرق الأوسط، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، كون موقعه الاستراتيجي يجعله واقعاً في قلب المنطقة أو في وسطها، وإن كان اليوم في موقف "المتفرّج" على الحرب "الإسرائيلية" - الإيرانية، فإنّ ما يجري حوله يؤثّر عليه سلباً بشكلٍ أو بآخر.
ويتعلّق الأمر بالدرجة الأولى بمدّة الحرب، على ما تلفت المصادر، فإذا تحوّلت إلى طويلة وحرب إستنزاف، فإنّ أموراً عدّة ستتعرقل، بدءاً من استكمال عمليات التنقيب عن الغاز في البلوكات البحرية، مروراً بانسحاب "إسرائيل" من التلال الخمس الحدودية ومن الأراضي الجنوبية المحتلّة ووقف اعتداءاتها على لبنان، وصولاً إلى تأجيل مسألة إعادة إعماره إلى أجلٍ غير مسمّى.
وتتطلّب مسألة إعادة إعمار لبنان ودعمه، على ما ذكرت المصادر العليمة، جهوداً مكثّفة ومساعٍ مشتركة من الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني. وتقف اليوم الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، إلى جانب دعم لبنان في مسألة إعادة الأعمار. وتسعى بالتالي إلى تحضير المؤتمر الدولي لدعم لبنان في تشرين المقبل، على ما أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت. غير أنّ فرنسا طالبت لبنان بإنجاز مسألتي الإصلاحات والسلاح أولاً، بهدف تسهيل انعقاد المؤتمر، وتشجيع الدول المانحة على تمويل الإعمار.
ولكن مع اندلاع الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية التي بدأت منذ أسبوع، ولا يُعلم متى وكيف ستنتهي، لا سيما أنّ القضاء على البرنامج النووي الإيراني، على ما تجد المصادر، ليس أمراً سهلاً، وذلك خلافاً لما يعتقد البعض. كما أنّ ضرب المنشأة النووية "فوردو"، من شأنه التلويح باندلاع حرب اقليمية كبرى. ولهذا، فإنّ انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان قد يؤجّل. علماً بأنّ الدول الأوروبية تضغط اليوم على إيران لتقديم بعض التنازلات، لأنّه من المستحيل أن تستسلم، على ما طالبها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كذلك فإنّ استمرار الحرب "الإسرائيلية" على غزّة، وعدم التوصّل الى حلّ للقضية الفلسطينية، إلى جانب إرجاء تفكيك السلاح الفلسطيني من المخيمات، وتطلّب الأمر المزيد من المشاورات مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس والفصائل الفلسطينية، واستمرار الأعمال العدائية من قبل "إسرائيل" على لبنان وعدم تنفيذها الانسحاب من الأراضي المحتلّة، مقابل فرضها بعض الشروط على لبنان... كلّ هذه الأمور من شأنها عدم تشجيع الدول على تمويل إعادة إعمار لبنان، وهو لا يزال عُرضة لحرب جديدة وللتدمير مجدّداً.
أمّا تحضير الأرضية من قبل فرنسا للمؤتمر الدولي التي لا تزال تعتبر لبنان أولوية بالنسبة لها، على ما تشير المصادر، والتي تتعلّق بالأمور المطلوبة من الدولة اللبنانية، فلا تكفي لانعقاده، وإن جرت معالجتها، مع صعوبة ذلك حالياً، لا سيما في حال استمرّت الحرب بين "إسرائيل" وإيران. فلا إعمار في ظلّ استمرار حرب تؤثّر على منطقة الشرق الأوسط ككلّ، وربما على العالم في حال اشتدّت أكثر، ولم تقم الولايات المتحدة الأميركية بوقفها قبل أن تتوسّع لتشمل دولاً كبرى أخرى. فترامب الذي كان يحلم بالفوز بجائزة "نوبل للسلام"، هو المعروف بأنّه رجل الصفقات التجارية وبكرهه للحروب، بدأ يُراوده حلم آخر، هو تحجيم إيران أو إسقاطها، على ما يبدو من مواقفه من الحرب المستعرة.
من هنا، تؤكّد المصادر السياسية على ارتباط مسألة إعادة إعمار لبنان بعودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. فاستمرار الحرب، يؤثّر اليوم سلباً على حركة الطيران والمرافىء، وعلى الموسم السياحي وحجوزات الفنادق والمطاعم، وعدم السعي إلى وقفها من شأنه تأجيل المؤتمر الدولي لإعادة إعمار لبنان إلى أجلٍ غير مسمّى.