#أحدث الأخبار مع #جانّموروالنهار١٩-٠٢-٢٠٢٥ترفيهالنهارهانا شيغولا ممثّلة غير قابلة للترويضعندما حاورتُ هانا شيغولا قبل 11 عاماً في تسالونيك، كانت الممثّلة الكبيرة ابتعدت عن السينما، واقتصرت اطلالاتها الأخيرة على عدد قليل من الأفلام. في تلك الفترة، كانت في السبعين، واليوم هي في الحادية والثمانين، ولا يزال جمالها واضحاً لا يحتاج إلى نبش كثير في صورها القديمة. مناسبة الكلام عنها، مشاركتها في بطولة فيلم "يونان" (مسابقة مهرجان برلين الخامس والسبعين المنعقد من 13 إلى 23 شباط)، للمخرج السوري الفلسطيني المقيم في ألمانيا أمير فخر الدين. في هذا الفيلم، تعطي شيغولا الكلام للممثّل اللبناني جورج خباز. هكذا كتبتُ عنها آنذاك: "العمر، التكرار، طيف السنوات المجيدة التي فرض عليها ألا تقبل بمشروع يمرغها في وحول التسرّع، بالإضافة إلى شخصيتها المعقّدة المتطلّبة وصورتها التي لم تسقط من وجدان جمهور السينما… هذا كله جعلها تكتفي برصيدها الذي يقارب الـ50 فيلماً كانت حوّلتها إلى واحدة من أكثر ممثّلات جيلها نقاءً وموهبةً وجمالاً'. اليوم، تعود شيغولا بـ"يونان"، فيلم لمخرج شاب في الرابعة والثلاثين من العمر، شديد الموهبة والذكاء، له فيلم واحد في رصيده: "الغريب" (2021) الذي شارك في مهرجان البندقية، وشاهدنا له اليوم ما يعتبره المخرج الجزء الثاني من ثلاثيته التي يطلق عليها "وطن". في "يونان"، تلعب شيغولا دور سيدة تعيش مع ابنها على جزيرة تغمرها المياه بين فترة وفترة. ذات يوم يصل منير (خباز)، رجل شرقي مكسور، بحثاً عن هدوء وهرباً من ماض أليم، وبعد صعوبة في التواصل مع السيدة، ستتعمّق العلاقة بينهما. لا تزال شيغولا إلى اليوم "الرمز" الأقوى الذي يحضر إلى الذاكرة عند الحديث عن "السينما الألمانية الجديدة". سينما ظهرت في نهاية الستينات، وراحت تنبت كالأعشاب البرية من تحت ركام الواقع الألماني. أبطال تلك المرحلة: مارغريت فون تروتّا، فرنر هرتزوغ، فولكر شلوندورف، ألكسندر كلوغ. وطبعاً، رائد الحركة: راينر فرنر فاسبيندر. ما كانته جانّ مورو بالنسبة لـ"الموجة الفرنسية الجديدة"، ستصبحه شيغولا أمام كاميرا الأخير. ستكون الوجه الذي يضيء 16 من أفلامه، بين عامي 1969 و1981. عند ذكر اسم جانّ مورو التي يجمعها بها حبّ الغناء، تسارع شيغولا في التأكيد ان مورو هي أكثر ممثّلة جعلتها تحلم بالتمثيل. "عندما شاهدتُ "جول وجيم" و"الليل"، حسمتُ قراري'. طوال مسيرتها، اضطلعت شيغولا بأدوار يختلف أحدها عن الآخر: رأيناها امرأة باردة، وحيدة، مترددة، مذنبة. اليوم، نكتشفها في دور سيدة ثمانينية تنزلق خطوة خطوة إلى أتون العواطف. هي التي كُرِّمت في مهرجان برلين عام 2009، لن تقول الكثير عن غيابها، ستمرّ عليه ببضع كلمات وتكتفي بأن تلقي باللوم على المجهول المعلوم، متحاملةً على ذلك الجانب النيهيلي من شخصيتها المعقّدة والسهلة في آن واحد. "فقط لو كنتُ أعلم ما هو السبب"، تؤكّد بنوع من لامبالاة لا تشوبها شائبة. "لا أفهم البشر عندما يربطون حجم نشاط الإنسان بعمره. فهناك العديد من الممثّلات في مثل عمري لا يزلن تحت الضوء. في ما يخصّني، لم أكن يوماً مهتمة بالأعمال الاستهلاكية. لا يهمني أن أجسّد دوراً في مسلسل تلفزيوني بطله يحقّق في احدى الجرائم الملتبسة. أدوار كهذه تجعلك شخصاً شهيراً، ينظرون اليك أينما حللت، يزداد الطلب عليك، ولكن ما الفائدة من هذا كله؟ في النهاية، عليك تحمّل تبعات اخضاع نفسك لهذا الصنف من الأعمال المملوءة بالكليشيهات. بعد عملي مع فاسبيندر لسنوات طويلة، تولّدت عندي مناعة ضد هذه الأعمال. ببساطة، كنتُ في غنى عنها'. تعرّفت شيغولا على فاسبيندر في معهد التمثيل. هو الذي جعلها ممثّلة عبر اسناد دور ماري إليها في أحد أفلامه الأولى عام 1969. هذه حقيقة تردّدها بابتسامة تقفز إلى خديها. كانت طالبة يسارية تسعى إلى قلب المفاهيم الاجتماعية وتتنشّق الحياة بكامل رئتيها. "كلّ واحد منّا كان مختلفاً عن الآخر. وضع لأحد أفلامه العنوان الآتي: "الحبّ أكثر برودة من الموت". أنا بالنسبة لي، كان الحبّ عصا سحرية تقلب مجرى الحياة. عنده، كنتُ دمية من لحم ودم، أداة مثالية مع جانب غير قابل للترويض'.
النهار١٩-٠٢-٢٠٢٥ترفيهالنهارهانا شيغولا ممثّلة غير قابلة للترويضعندما حاورتُ هانا شيغولا قبل 11 عاماً في تسالونيك، كانت الممثّلة الكبيرة ابتعدت عن السينما، واقتصرت اطلالاتها الأخيرة على عدد قليل من الأفلام. في تلك الفترة، كانت في السبعين، واليوم هي في الحادية والثمانين، ولا يزال جمالها واضحاً لا يحتاج إلى نبش كثير في صورها القديمة. مناسبة الكلام عنها، مشاركتها في بطولة فيلم "يونان" (مسابقة مهرجان برلين الخامس والسبعين المنعقد من 13 إلى 23 شباط)، للمخرج السوري الفلسطيني المقيم في ألمانيا أمير فخر الدين. في هذا الفيلم، تعطي شيغولا الكلام للممثّل اللبناني جورج خباز. هكذا كتبتُ عنها آنذاك: "العمر، التكرار، طيف السنوات المجيدة التي فرض عليها ألا تقبل بمشروع يمرغها في وحول التسرّع، بالإضافة إلى شخصيتها المعقّدة المتطلّبة وصورتها التي لم تسقط من وجدان جمهور السينما… هذا كله جعلها تكتفي برصيدها الذي يقارب الـ50 فيلماً كانت حوّلتها إلى واحدة من أكثر ممثّلات جيلها نقاءً وموهبةً وجمالاً'. اليوم، تعود شيغولا بـ"يونان"، فيلم لمخرج شاب في الرابعة والثلاثين من العمر، شديد الموهبة والذكاء، له فيلم واحد في رصيده: "الغريب" (2021) الذي شارك في مهرجان البندقية، وشاهدنا له اليوم ما يعتبره المخرج الجزء الثاني من ثلاثيته التي يطلق عليها "وطن". في "يونان"، تلعب شيغولا دور سيدة تعيش مع ابنها على جزيرة تغمرها المياه بين فترة وفترة. ذات يوم يصل منير (خباز)، رجل شرقي مكسور، بحثاً عن هدوء وهرباً من ماض أليم، وبعد صعوبة في التواصل مع السيدة، ستتعمّق العلاقة بينهما. لا تزال شيغولا إلى اليوم "الرمز" الأقوى الذي يحضر إلى الذاكرة عند الحديث عن "السينما الألمانية الجديدة". سينما ظهرت في نهاية الستينات، وراحت تنبت كالأعشاب البرية من تحت ركام الواقع الألماني. أبطال تلك المرحلة: مارغريت فون تروتّا، فرنر هرتزوغ، فولكر شلوندورف، ألكسندر كلوغ. وطبعاً، رائد الحركة: راينر فرنر فاسبيندر. ما كانته جانّ مورو بالنسبة لـ"الموجة الفرنسية الجديدة"، ستصبحه شيغولا أمام كاميرا الأخير. ستكون الوجه الذي يضيء 16 من أفلامه، بين عامي 1969 و1981. عند ذكر اسم جانّ مورو التي يجمعها بها حبّ الغناء، تسارع شيغولا في التأكيد ان مورو هي أكثر ممثّلة جعلتها تحلم بالتمثيل. "عندما شاهدتُ "جول وجيم" و"الليل"، حسمتُ قراري'. طوال مسيرتها، اضطلعت شيغولا بأدوار يختلف أحدها عن الآخر: رأيناها امرأة باردة، وحيدة، مترددة، مذنبة. اليوم، نكتشفها في دور سيدة ثمانينية تنزلق خطوة خطوة إلى أتون العواطف. هي التي كُرِّمت في مهرجان برلين عام 2009، لن تقول الكثير عن غيابها، ستمرّ عليه ببضع كلمات وتكتفي بأن تلقي باللوم على المجهول المعلوم، متحاملةً على ذلك الجانب النيهيلي من شخصيتها المعقّدة والسهلة في آن واحد. "فقط لو كنتُ أعلم ما هو السبب"، تؤكّد بنوع من لامبالاة لا تشوبها شائبة. "لا أفهم البشر عندما يربطون حجم نشاط الإنسان بعمره. فهناك العديد من الممثّلات في مثل عمري لا يزلن تحت الضوء. في ما يخصّني، لم أكن يوماً مهتمة بالأعمال الاستهلاكية. لا يهمني أن أجسّد دوراً في مسلسل تلفزيوني بطله يحقّق في احدى الجرائم الملتبسة. أدوار كهذه تجعلك شخصاً شهيراً، ينظرون اليك أينما حللت، يزداد الطلب عليك، ولكن ما الفائدة من هذا كله؟ في النهاية، عليك تحمّل تبعات اخضاع نفسك لهذا الصنف من الأعمال المملوءة بالكليشيهات. بعد عملي مع فاسبيندر لسنوات طويلة، تولّدت عندي مناعة ضد هذه الأعمال. ببساطة، كنتُ في غنى عنها'. تعرّفت شيغولا على فاسبيندر في معهد التمثيل. هو الذي جعلها ممثّلة عبر اسناد دور ماري إليها في أحد أفلامه الأولى عام 1969. هذه حقيقة تردّدها بابتسامة تقفز إلى خديها. كانت طالبة يسارية تسعى إلى قلب المفاهيم الاجتماعية وتتنشّق الحياة بكامل رئتيها. "كلّ واحد منّا كان مختلفاً عن الآخر. وضع لأحد أفلامه العنوان الآتي: "الحبّ أكثر برودة من الموت". أنا بالنسبة لي، كان الحبّ عصا سحرية تقلب مجرى الحياة. عنده، كنتُ دمية من لحم ودم، أداة مثالية مع جانب غير قابل للترويض'.