#أحدث الأخبار مع #جماعةالسانسيمونيينالدستور٠٨-٠٥-٢٠٢٥سياسةالدستورترامب وقناة السويس «2-2»عرضنا فى المقال السابق ما صرح به ترامب من أنه لولا أمريكا ما كانت قناة بنما ولا قناة السويس! وأوضحنا مدى الخلط التاريخى لديه فيما يخص قناة بنما وقناة السويس؛ فبالفعل لعبت أمريكا دورًا كبيرًا فى شق قناة بنما فى بدايات القرن العشرين، مع الأخذ فى الاعتبار أن فكرة شق قناة تربط بين المحيطين الأطلنطى والهادى، أى قناة بنما، لم تكن فى الأصل فكرة أمريكية، بل فكرة فرنسية، تعود إلى جماعة السان سيمونيين فى النصف الأول من القرن التاسع عشر. أما عن قناة السويس فلم يكن لأمريكا أى دور فى مسألة حفر القناة؛ إذ كانت أمريكا فى حالة حرب أهلية أثناء سنوات حفر القناة، والأكثر من ذلك أن هذه الحرب الأهلية أدت إلى تذبذب أسعار القطن عالميًا، ما ترك آثاره على الاقتصاد المصرى صعودًا وهبوطًا حادًا أدى- بجانب عوامل أخرى- إلى أزمة اقتصادية، وبيع الخديو إسماعيل حصة مصر فى القناة، فى محاولة لمعالجة مسألة الديون. ولم تحرك أمريكا ساكنًا إزاء احتلال بريطانيا مصر فى عام ١٨٨٢، بل دخول القوات البريطانية مصر من خلال القناة، منتهكة بذلك مسألة حياد القناة. وربما يرجع ذلك إلى سياسة العزلة التى فرضتها أمريكا على نفسها فى ذلك الوقت، وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى فى عام ١٩١٤؛ إذ كان جُلّ اهتمام أمريكا بنفسها، وليس بالعالم البعيد، بالإضافة إلى الحديقة الخلفية لها، أى الأمريكتين. ولن تخرج أمريكا من سياسة العزلة إلا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، بل فى مرحلة متأخرة منها، لخدمة مصالحها التجارية، والوقوف مع أوروبا الغربية، وبصفة خاصة إنجلترا وفرنسا. وفى بداية الحرب العالمية الأولى تحرك الجيش العثمانى من فلسطين عبر سيناء فى محاولة لاسترداد قناة السويس ومصر من أيدى الجيش الإنجليزى، ودارت معارك شرسة، سقط فيها الكثير من المصريين، ولم تحرك أمريكا ساكنًا فى ذلك الوقت. ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى فى عام ١٩١٨، أعلن الرئيس الأمريكى ويلسن عن المبادئ الجديدة للنظام العالمى الجديد، وكان من أهمها «حق الشعوب فى تقرير مصيرها». وكانت لهذا المبدأ أصداء كبرى فى أوساط الحركة الوطنية المصرية آنذاك، وكان من العوامل التى ساعدت فى بدايات ثورة ١٩١٩. لكن مصر كلها أُصيبت بصدمة كبرى عندما اعترف الرئيس الأمريكى بالحماية البريطانية على مصر، وبأن مبدأ حق تقرير المصير لا ينطبق على الحالة المصرية، نظرًا لأهمية الوجود البريطانى فى مصر لحماية قناة السويس! من أجل التجارة الدولية وحماية المصالح الغربية «الرأسمالية»، خاصة بعد الثورة الشيوعية فى روسيا وقيام الاتحاد السوفيتى، وهى السياسة التى ستحرص عليها أمريكا دومًا، حتى مطلع الخمسينيات. ومع ازدياد التوتر الدولى مع سنوات الحرب الباردة، ستعمل أمريكا على التدخل فى المفاوضات المصرية البريطانية من أجل الجلاء. وكانت أمريكا تسعى من وراء ذلك إلى الحيلولة دون تقرب الاتحاد السوفيتى من مصر؛ إذ ضغطت أمريكا على إنجلترا من أجل جلاء القوات البريطانية من قاعدة قناة السويس، لكن بشرط ربط مصر بسياسة الأحلاف العسكرية الغربية، الموجهة أساسًا ضد الاتحاد السوفيتى. ورفضت أمريكا تزويد مصر بالسلاح، إلا بعد عقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل فى بداية سنوات الخمسينيات، ما دفع مصر إلى طلب السلاح من الاتحاد السوفيتى. ومع اندلاع العدوان الثلاثى، طالبت أمريكا بوقف الحرب وانسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد. ولم يكن ذلك حبًا فى مصر، ولكن خوفًا من الاتحاد السوفيتى الذى هدد بالتدخل بقوة لحماية مصر وقناة السويس شريان التجارة الدولية. والآن إذا كان الرئيس الأمريكى يقصد بأنه لولا أمريكا ما كانت القناة، لأنه يقصف الحوثيين الذين يهددون الملاحة فى البحر الأحمر، وبالتالى فى قناة السويس، فعلينا أن نتذكر أنه سرعان ما توقف عن قصف الحوثيين عندما أعلنوا عن عدم اعتدائهم على السفن الأمريكية، إذن الهدف هو المصالح الأمريكية وليس صالح قناة السويس!
الدستور٠٨-٠٥-٢٠٢٥سياسةالدستورترامب وقناة السويس «2-2»عرضنا فى المقال السابق ما صرح به ترامب من أنه لولا أمريكا ما كانت قناة بنما ولا قناة السويس! وأوضحنا مدى الخلط التاريخى لديه فيما يخص قناة بنما وقناة السويس؛ فبالفعل لعبت أمريكا دورًا كبيرًا فى شق قناة بنما فى بدايات القرن العشرين، مع الأخذ فى الاعتبار أن فكرة شق قناة تربط بين المحيطين الأطلنطى والهادى، أى قناة بنما، لم تكن فى الأصل فكرة أمريكية، بل فكرة فرنسية، تعود إلى جماعة السان سيمونيين فى النصف الأول من القرن التاسع عشر. أما عن قناة السويس فلم يكن لأمريكا أى دور فى مسألة حفر القناة؛ إذ كانت أمريكا فى حالة حرب أهلية أثناء سنوات حفر القناة، والأكثر من ذلك أن هذه الحرب الأهلية أدت إلى تذبذب أسعار القطن عالميًا، ما ترك آثاره على الاقتصاد المصرى صعودًا وهبوطًا حادًا أدى- بجانب عوامل أخرى- إلى أزمة اقتصادية، وبيع الخديو إسماعيل حصة مصر فى القناة، فى محاولة لمعالجة مسألة الديون. ولم تحرك أمريكا ساكنًا إزاء احتلال بريطانيا مصر فى عام ١٨٨٢، بل دخول القوات البريطانية مصر من خلال القناة، منتهكة بذلك مسألة حياد القناة. وربما يرجع ذلك إلى سياسة العزلة التى فرضتها أمريكا على نفسها فى ذلك الوقت، وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى فى عام ١٩١٤؛ إذ كان جُلّ اهتمام أمريكا بنفسها، وليس بالعالم البعيد، بالإضافة إلى الحديقة الخلفية لها، أى الأمريكتين. ولن تخرج أمريكا من سياسة العزلة إلا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، بل فى مرحلة متأخرة منها، لخدمة مصالحها التجارية، والوقوف مع أوروبا الغربية، وبصفة خاصة إنجلترا وفرنسا. وفى بداية الحرب العالمية الأولى تحرك الجيش العثمانى من فلسطين عبر سيناء فى محاولة لاسترداد قناة السويس ومصر من أيدى الجيش الإنجليزى، ودارت معارك شرسة، سقط فيها الكثير من المصريين، ولم تحرك أمريكا ساكنًا فى ذلك الوقت. ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى فى عام ١٩١٨، أعلن الرئيس الأمريكى ويلسن عن المبادئ الجديدة للنظام العالمى الجديد، وكان من أهمها «حق الشعوب فى تقرير مصيرها». وكانت لهذا المبدأ أصداء كبرى فى أوساط الحركة الوطنية المصرية آنذاك، وكان من العوامل التى ساعدت فى بدايات ثورة ١٩١٩. لكن مصر كلها أُصيبت بصدمة كبرى عندما اعترف الرئيس الأمريكى بالحماية البريطانية على مصر، وبأن مبدأ حق تقرير المصير لا ينطبق على الحالة المصرية، نظرًا لأهمية الوجود البريطانى فى مصر لحماية قناة السويس! من أجل التجارة الدولية وحماية المصالح الغربية «الرأسمالية»، خاصة بعد الثورة الشيوعية فى روسيا وقيام الاتحاد السوفيتى، وهى السياسة التى ستحرص عليها أمريكا دومًا، حتى مطلع الخمسينيات. ومع ازدياد التوتر الدولى مع سنوات الحرب الباردة، ستعمل أمريكا على التدخل فى المفاوضات المصرية البريطانية من أجل الجلاء. وكانت أمريكا تسعى من وراء ذلك إلى الحيلولة دون تقرب الاتحاد السوفيتى من مصر؛ إذ ضغطت أمريكا على إنجلترا من أجل جلاء القوات البريطانية من قاعدة قناة السويس، لكن بشرط ربط مصر بسياسة الأحلاف العسكرية الغربية، الموجهة أساسًا ضد الاتحاد السوفيتى. ورفضت أمريكا تزويد مصر بالسلاح، إلا بعد عقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل فى بداية سنوات الخمسينيات، ما دفع مصر إلى طلب السلاح من الاتحاد السوفيتى. ومع اندلاع العدوان الثلاثى، طالبت أمريكا بوقف الحرب وانسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد. ولم يكن ذلك حبًا فى مصر، ولكن خوفًا من الاتحاد السوفيتى الذى هدد بالتدخل بقوة لحماية مصر وقناة السويس شريان التجارة الدولية. والآن إذا كان الرئيس الأمريكى يقصد بأنه لولا أمريكا ما كانت القناة، لأنه يقصف الحوثيين الذين يهددون الملاحة فى البحر الأحمر، وبالتالى فى قناة السويس، فعلينا أن نتذكر أنه سرعان ما توقف عن قصف الحوثيين عندما أعلنوا عن عدم اعتدائهم على السفن الأمريكية، إذن الهدف هو المصالح الأمريكية وليس صالح قناة السويس!