#أحدث الأخبار مع #جمالعيتاني،صوت لبنانمنذ 2 أيامسياسةصوت لبنانصناديق الاقتراع تحت النار.... انتخابات الجنوب بين رماد الحرب ومقاومة الصناديقفي جنوبٍ يتصاعد فيه الدخان ولا تهدأ فيه صفارات الإنذار، يتقدّم لبنان بخطى مترددة نحو أوّل استحقاق انتخابي بلدي بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي واشتداد وتيرة التهجير القسري. في مشهد يبدو أشبه بمفارقة وطنية، يَنبثق من تحت رماد الأزمة استحقاق ديمقراطي، كأنه إعلان رمزي بأن الحياة لا تُهزم بسهولة، وأن الجنوب، رغم الجراح، لا يزال يقاوم. هكذا تتحوّل الانتخابات البلدية في الجنوب من فعل إداري روتيني إلى واجهة نضالية مدنية، تحمل في طيّاتها رسائل سيادية، وتفتح الباب أمام مقاربات جديدة للتوازنات الطائفية والسياسية في زمن الحرب. في هذا الإطار، يؤكّد المحلل السياسي نضال السبع في حديثٍ إلى موقع VDLNews أنّ "مشاركة الأحزاب في الانتخابات البلدية ليست بالأمر المستجد، بل هي تقليد سياسي متجذّر منذ تأسيس الكيان اللبناني في عشرينيات القرن الماضي"، مشيراً إلى أن "الأحزاب لطالما امتلكت القدرة الأكبر على التأثير في الشارع وتوجيه الأصوات، نظراً لما تملكه من أدوات تنظيمية وبُنى تعبئة جماهيرية". ويضيف السبع أنّ "اللافت هذه المرة كان في بيروت، حيث أظهرت نتائج الانتخابات البلدية تقدّماً ملحوظاً لمرشحي الأحزاب التقليدية، وسجّلت انتكاسة مدوية لما يُعرف بالحالة التغييرية". ففي العاصمة، تمكّن العميد جمال عيتاني، المقرّب من تيار المستقبل، من تحقيق نتائج وازنة، كما ظهر جلياً صعود نجم النائب فؤاد المخزومي، الذي نجح، بحسب السبع، في توحيد طيف من المعارضة السياسية حول مرشّحين بلديين يمثلون خياراً واضحاً في ما يتعلّق بالمناصفة والشراكة. "هذا الخيار، برأيي، انتصر"، يقول السبع. أما في طرابلس، فتبدو الصورة مغايرة. فوفق تعبير السبع، عكست نتائج الانتخابات هناك "نقمة متعاظمة على الطبقة السياسية التقليدية"، الأمر الذي مهّد الطريق لفوز واسع للائحة "نسيج"، رغم ما شاب عملية الفرز من تأخير واتهامات بالتزوير في بعض الأقلام الانتخابية. ويضيف: "ما شهدته طرابلس لا يمكن فصله عن المزاج الشعبي العام الذي يعبّر عن فقدان الثقة بمنظومة الحكم، وهو بمثابة إنذار مبكر للطبقة السياسية". لكن رغم الإنجاز الانتخابي، تبقى المعضلة الأمنية قائمة. فالسؤال المحوري الذي يفرض نفسه: ما الضمانات الفعلية لإجراء انتخابات آمنة في الجنوب في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي؟ يجيب السبع بصراحة: "لا توجد ضمانات. لا اتفاق واضح لوقف إطلاق النار، ولا جهة دولية قادرة على تقديم تعهدات بأن إسرائيل لن تقوم بعمليات أمنية أو استهداف مباشر لمراكز الاقتراع. لا أحد يستطيع أن يقدّم هذه الضمانات في الوقت الراهن". في هذا السياق، تتجلّى أهمية الانتخابات البلدية في الجنوب ليس فقط بوصفها استحقاقاً إدارياً، بل باعتبارها فعل مقاومة مدنية، ورسالة واضحة إلى العدو مفادها أنّ الجنوبيين، رغم النزوح والتدمير، ثابتون في أرضهم ويصرّون على ممارسة حقّهم السيادي. يقول السبع: "ما يجري هو تجلٍ لإرادة البقاء، وهو أحد وجوه مقاومة الاحتلال. ولكن للأسف، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما قد يحدث يوم الانتخابات". أما بشأن الدور الأميركي، فيرى السبع أنّ الولايات المتحدة ليست طرفاً نزيهاً في المعادلة، بل قد تكون، بحسب تعبيره، "قد منحت الضوء الأخضر لإسرائيل للاستمرار في استهداف جنوب لبنان". ويضيف: "الحديث عن ضغط أميركي لوقف العدوان يبدو وهمياً. فلجنة الهدنة التي تشكّلت بعد اتفاق نيسان عام 1996 فشلت عملياً في ضبط الأوضاع، والعمليات الأمنية الإسرائيلية لم تتوقّف، رغم المظاهر الشكلية لوقف إطلاق النار". يبدو أن الانتخابات البلدية في الجنوب تحوّلت من مناسبة محلية إلى اختبار وطني للقدرة على الصمود السياسي والمدني في وجه آلة الحرب، ومرآة دقيقة تعكس تحوّلات المزاج الشعبي اللبناني في زمن الانهيار. إنها لحظة مفصلية يتقاطع فيها المحلي بالاستراتيجي، وتُرسم فيها ملامح مقاومة لا تُخاض بالبندقية فقط، بل أيضاً بصوتٍ في صندوق اقتراع، في بلدة على خط النار.
صوت لبنانمنذ 2 أيامسياسةصوت لبنانصناديق الاقتراع تحت النار.... انتخابات الجنوب بين رماد الحرب ومقاومة الصناديقفي جنوبٍ يتصاعد فيه الدخان ولا تهدأ فيه صفارات الإنذار، يتقدّم لبنان بخطى مترددة نحو أوّل استحقاق انتخابي بلدي بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي واشتداد وتيرة التهجير القسري. في مشهد يبدو أشبه بمفارقة وطنية، يَنبثق من تحت رماد الأزمة استحقاق ديمقراطي، كأنه إعلان رمزي بأن الحياة لا تُهزم بسهولة، وأن الجنوب، رغم الجراح، لا يزال يقاوم. هكذا تتحوّل الانتخابات البلدية في الجنوب من فعل إداري روتيني إلى واجهة نضالية مدنية، تحمل في طيّاتها رسائل سيادية، وتفتح الباب أمام مقاربات جديدة للتوازنات الطائفية والسياسية في زمن الحرب. في هذا الإطار، يؤكّد المحلل السياسي نضال السبع في حديثٍ إلى موقع VDLNews أنّ "مشاركة الأحزاب في الانتخابات البلدية ليست بالأمر المستجد، بل هي تقليد سياسي متجذّر منذ تأسيس الكيان اللبناني في عشرينيات القرن الماضي"، مشيراً إلى أن "الأحزاب لطالما امتلكت القدرة الأكبر على التأثير في الشارع وتوجيه الأصوات، نظراً لما تملكه من أدوات تنظيمية وبُنى تعبئة جماهيرية". ويضيف السبع أنّ "اللافت هذه المرة كان في بيروت، حيث أظهرت نتائج الانتخابات البلدية تقدّماً ملحوظاً لمرشحي الأحزاب التقليدية، وسجّلت انتكاسة مدوية لما يُعرف بالحالة التغييرية". ففي العاصمة، تمكّن العميد جمال عيتاني، المقرّب من تيار المستقبل، من تحقيق نتائج وازنة، كما ظهر جلياً صعود نجم النائب فؤاد المخزومي، الذي نجح، بحسب السبع، في توحيد طيف من المعارضة السياسية حول مرشّحين بلديين يمثلون خياراً واضحاً في ما يتعلّق بالمناصفة والشراكة. "هذا الخيار، برأيي، انتصر"، يقول السبع. أما في طرابلس، فتبدو الصورة مغايرة. فوفق تعبير السبع، عكست نتائج الانتخابات هناك "نقمة متعاظمة على الطبقة السياسية التقليدية"، الأمر الذي مهّد الطريق لفوز واسع للائحة "نسيج"، رغم ما شاب عملية الفرز من تأخير واتهامات بالتزوير في بعض الأقلام الانتخابية. ويضيف: "ما شهدته طرابلس لا يمكن فصله عن المزاج الشعبي العام الذي يعبّر عن فقدان الثقة بمنظومة الحكم، وهو بمثابة إنذار مبكر للطبقة السياسية". لكن رغم الإنجاز الانتخابي، تبقى المعضلة الأمنية قائمة. فالسؤال المحوري الذي يفرض نفسه: ما الضمانات الفعلية لإجراء انتخابات آمنة في الجنوب في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي؟ يجيب السبع بصراحة: "لا توجد ضمانات. لا اتفاق واضح لوقف إطلاق النار، ولا جهة دولية قادرة على تقديم تعهدات بأن إسرائيل لن تقوم بعمليات أمنية أو استهداف مباشر لمراكز الاقتراع. لا أحد يستطيع أن يقدّم هذه الضمانات في الوقت الراهن". في هذا السياق، تتجلّى أهمية الانتخابات البلدية في الجنوب ليس فقط بوصفها استحقاقاً إدارياً، بل باعتبارها فعل مقاومة مدنية، ورسالة واضحة إلى العدو مفادها أنّ الجنوبيين، رغم النزوح والتدمير، ثابتون في أرضهم ويصرّون على ممارسة حقّهم السيادي. يقول السبع: "ما يجري هو تجلٍ لإرادة البقاء، وهو أحد وجوه مقاومة الاحتلال. ولكن للأسف، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما قد يحدث يوم الانتخابات". أما بشأن الدور الأميركي، فيرى السبع أنّ الولايات المتحدة ليست طرفاً نزيهاً في المعادلة، بل قد تكون، بحسب تعبيره، "قد منحت الضوء الأخضر لإسرائيل للاستمرار في استهداف جنوب لبنان". ويضيف: "الحديث عن ضغط أميركي لوقف العدوان يبدو وهمياً. فلجنة الهدنة التي تشكّلت بعد اتفاق نيسان عام 1996 فشلت عملياً في ضبط الأوضاع، والعمليات الأمنية الإسرائيلية لم تتوقّف، رغم المظاهر الشكلية لوقف إطلاق النار". يبدو أن الانتخابات البلدية في الجنوب تحوّلت من مناسبة محلية إلى اختبار وطني للقدرة على الصمود السياسي والمدني في وجه آلة الحرب، ومرآة دقيقة تعكس تحوّلات المزاج الشعبي اللبناني في زمن الانهيار. إنها لحظة مفصلية يتقاطع فيها المحلي بالاستراتيجي، وتُرسم فيها ملامح مقاومة لا تُخاض بالبندقية فقط، بل أيضاً بصوتٍ في صندوق اقتراع، في بلدة على خط النار.