#أحدث الأخبار مع #جميلةأحمد،الدستورمنذ 18 ساعاتصحةالدستورطلاب السكري في المدارس.. بحث عن النجاة في "امتحان الحياة والموت"يعيش طلاب المدارس المصابون بمرض السكري معاناة مزدوجة، لا تنبع فقط من طبيعة المرض المزمنة، بل من بيئة تعليمية تفتقر في كثير من الأحيان إلى الوعي الكافي بكيفية التعامل معهم، ومن غياب سياسات واضحة تضمن حقوقهم الصحية والإنسانية داخل المدرسة. وتزداد هذه المعاناة سوءًا مع ضعف الاستجابة لمطالب أولياء الأمور، الذين يُحرم معظمهم من الحصول على تصاريح دخول لمرافقة أبنائهم أو الاطمئنان عليهم. مرض السكري من النوع الأول، وهو الأكثر شيوعًا بين حوالي 35 طفل في عمر الدراسة مصابون بالسكري في مصر، ويتطلب متابعة دقيقة لمستويات الجلوكوز في الدم، وتناول الإنسولين بانتظام، بالإضافة إلى التزام صارم بمواعيد الوجبات والنشاط البدني، وهي أمور يصعب على الطفل التحكم فيها بمفرده داخل المدرسة، خاصة في غياب الممرضات المؤهلات أو غرف الرعاية الصحية المناسبة. اقرأ أيضا ويُقدَّر عدد الأطفال المصابين بالسكري في مصر بنحو 35 ألف طفل، وفقًا لإحصاءات الجمعية المصرية للسكر والغدد الصماء، ما يشير إلى أن هناك شريحة ليست قليلة من الطلاب تحتاج إلى دعم خاص داخل المؤسسات التعليمية. ورغم أهمية وجود ولي الأمر أو شخص موثوق لمساعدة الطفل المصاب خلال اليوم الدراسي، إلا أن بعض الإدارات المدرسية تنظر إلى وجود ولي الأمر باعتباره تدخلًا غير مبرر في سير اليوم الدراسي، أو نوعًا من 'الدلال الزائد' للطفل، دون إدراك لطبيعة المرض ومخاطره، حسب أولياء أمور. نظرة تقليدية تُعرض حياة الطلاب للخطر هذه النظرة التقليدية تُعرض حياة الطلاب للخطر، خاصة في حالات الانخفاض الحاد في مستوى السكر بالدم، والتي قد تؤدي إلى فقدان الوعي أو التشنجات في حال تأخرت الاستجابة. وتعاني غالبية المدارس الحكومية – خصوصًا في المناطق الريفية – من غياب الوعي الكافي بين المعلمين والمشرفين بكيفية التعامل مع الأطفال المصابين بالسكري. وفي كثير من الحالات، يُمنع الطفل من تناول طعامه خارج أوقات الفسحة، أو يُطلب منه تأجيل قياس السكر إلى ما بعد الحصة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على صحته الجسدية والنفسية. وفي هذا السياق، تشير تقارير طبية إلى أن 40% من طلاب السكري يتعرضون لنوبات انخفاض سكر داخل المدرسة مرة واحدة على الأقل شهريًا، في ظل عدم وجود دعم طبي فوري كما تُظهر دراسة حديثة نُشرت في مجلة الصحة المدرسية العربية أن 65% من الطلاب المرضى يعانون من التوتر والقلق أثناء تواجدهم في المدرسة، بسبب شعورهم بالعجز أو الخوف من التنمر أو الإهمال. يطالب أولياء الأمور بضرورة إقرار لائحة وزارية تُلزم المدارس بتقديم تسهيلات لطلاب السكري، على رأسها: منح التصاريح الضرورية لدخول أولياء الأمور أو من ينوب عنهم، توفير كوادر تمريضية مدربة، وتخصيص غرفة طبية مجهزة داخل كل مدرسة كما يدعون إلى تدريب الكوادر التعليمية على أساسيات الإسعافات الأولية والتعامل مع الحالات المزمنة، ونشر التوعية بين الطلاب أنفسهم لخلق بيئة متفهمة وداعمة. أولياء أمور يكشفون معاناتهم تقول جميلة أحمد، ولي أمر طالبة مصابة بالسكري: 'في أغلب الأحيان لا تذهب ابنتي للمدرسة بسبب عدة أمور منها حقنة الأنسولين والتي أضطر إما أن اذهب الي المدرسة لإعطائها لها، أو نستسلم لعدم آخذها في ظل عدم ثقتي في أحد بالمدرسة لآداء هذه المهمة'، متسائلة "لماذا لا يرافق أولياء أمور أبناءهم المصابين إلى المدرسة". أضافت: "مطالبنا بسيطة هي السماح لنا بمرافقة أولادنا سواء في اليوم الدراسي أو الامتحانات". وتقول نهى محمود، ولي أمر طالب مصاب أيضا: "التعامل مع طالب الشكري يحتاج تدريب من المعلمين وعدم التنمر عليهم أو الاستهزاء بهم وفهم حاجتهم لدخول دورة المياه باستمرار وعدم منع الطالب من ذلك، خاصة إذا كان في سنواته الأولى". استكملت محمود: 'كما نطالب بوجد زائرة صحية مقيمة في المدرسة بشكل مستمر من أجل الطلاب أصحاب الأمراض المزمنة'. خبير تربوي يطالب بإعداد كوادر تعليمية مؤهلة للتعامل مع طلاب الأمراض المزمنة بدوره، حذر الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي، من خطورة تجاهل إعداد الكوادر التعليمية في المدارس للتعامل مع الطلاب المصابين بالأمراض المزمنة، وعلى رأسها مرض السكري، مشيرًا إلى أن هؤلاء الطلاب يشكلون فئة متزايدة داخل المدارس، في ظل الانتشار الملحوظ لهذا المرض سواء لأسباب وراثية أو نتيجة أنماط الحياة الغذائية الخاطئة. وأكد شوقي أن مرض السكري، باعتباره أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال، يمثل تحديًا حقيقيًا داخل المؤسسات التعليمية، نظرًا لاحتمالية تعرض الطفل المصاب به لمضاعفات خطيرة في أي لحظة، قد تصل إلى الوفاة المفاجئة في حالة الانخفاض أو الارتفاع الحاد في مستوى السكر بالدم، إذا لم تُقدَّم له الإسعافات اللازمة فورًا. وقال: 'ما لا يدركه البعض أن دقائق التأخير في إنقاذ طفل مصاب بالسكري قد تعني حياة أو موت، وهو ما يستدعي ضرورة وعي المعلمين بالأعراض وكيفية التصرف الفوري'. وأشار الخبير التربوي في تصريحات خاصة إلى 'الدستور' إلى أن هناك نقصًا واضحًا في معرفة بعض المعلمين بأعراض المرض، أو بكيفية التعامل مع الطالب المصاب سواء في الحالة العادية أو في حالة الطوارئ، ما قد يؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للطالب دون قصد. وشدد على أن هذا القصور لا يعود إلى إهمال شخصي بقدر ما هو غياب منظومة تدريب وتأهيل مستمرة تدمج البُعد الصحي في المنظومة التعليمية. وللتغلب على هذا القصور، طرح شوقي مجموعة من الإجراءات التي يرى ضرورة تطبيقها على مستوى السياسة التعليمية، تبدأ من إعداد المعلمين قبل التخرج، مؤكدًا أهمية تدريس مقررات في كليات التربية مثل 'الصحة العامة' و'الإسعافات الأولية'، تُمكّن الطالب المعلم من التعامل مع الحالات الصحية الطارئة داخل الفصل الدراسي. وأضاف أن الأمر لا يجب أن يتوقف عند التعليم الجامعي فقط، بل يجب أن يتم إخضاع المتقدمين لوظيفة 'معلم' لاختبارات تقيس مدى إلمامهم بكيفية التعامل مع الطلاب من ذوي الأمراض المزمنة، مثل معرفة أعراض انخفاض أو ارتفاع السكر، والإجراءات التي يجب اتباعها في كل حالة. كما دعا تامر شوقي إلى تنظيم ورش عمل دورية داخل الإدارات التعليمية والمدارس، يشرف عليها أساتذة متخصصيين في الأمراض المزمنة، لشرح الجوانب النفسية والعضوية لهذه الأمراض، مع التركيز على مرض السكري باعتباره الأكثر شيوعًا بين الطلاب في الفئة العمرية المدرسية. أكد كذلك أهمية أن يكون كل معلم على علم بالحالة الصحية لطلابه، وخاصة المعلمين في الفصول التي تضم طلابًا من ذوي الأمراض المزمنة، ليكونوا أكثر تفهمًا لاحتياجاتهم المختلفة. وقال في هذا السياق: 'من غير المقبول أن يمنع المعلم طفلًا مريضًا بالسكري من الذهاب إلى الحمام أكثر من مرة، دون أن يكون على دراية بأن هذا العرض من أعراض المرض، وقد يكون مؤشرًا لخلل في مستوى السكر لديه'. وشدد شوقي على ضرورة وجود حكيمة أو ممرضة صحية داخل كل مدرسة، تكون مجهزة بالأدوية والأدوات الطبية اللازمة، مثل أجهزة قياس السكر، وأدوية الطوارئ الخاصة بهبوط أو ارتفاع السكر، مع توفير بيئة صحية آمنة للطفل داخل المدرسة. واختتم حديثه بالتأكيد على أن دمج الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة في التعليم لا يعني فقط قبولهم بالمدرسة، بل توفير كل ما يضمن حمايتهم ورعايتهم أثناء اليوم الدراسي، مشيرًا إلى أن التعليم الدامج الحقيقي يبدأ من فهم احتياجات الطلاب الصحية والنفسية والتربوية على حد سواء. 'اسمعني.. أطفالنا والسكر' تكشف عن مطالبهم أيضا، أصدرت حملة 'اسمعني.. أطفالنا والسكر" بيان تكشف فيه حقوق الطلاب المصابين بمرض السكري والأمراض المزمنة داخل المدارس، بما يكفل لهم بيئة تعليمية إنسانية وآمنة تحفظ كرامتهم وتحترم خصوصية حالتهم الصحية. وشدد أولياء الأمور، على ضرورة إصدار قرار واضح يُجرّم منع الطالب من ممارسة حقه في الحضور المدرسي تحت أي ظرف، خاصة في حالات المرض المزمن، كما دعوا إلى تجريم رفض قبول طلاب مرضى السكري بالمدارس، لما في ذلك من تمييز ضد شريحة من الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم ورعاية خاصة. وفي ظل طبيعة مرض السكري، التي قد تمنع أحيانًا تقديم شهادات مرضية، طالب أولياء الأمور، أيضًا بضرورة رفع الغياب عن هؤلاء الطلاب، تقديرًا لوضعهم الصحي، دون تعقيد الإجراءات على أسرهم. وأكدت المطالب أهمية تواجد زائرة صحية بشكل دائم في المدارس التي تضم أطفالًا من مرضى الأمراض المزمنة، لتقديم الرعاية الطبية السريعة في الحالات الطارئة، خاصة مع تكرار الأزمات الصحية المفاجئة لهؤلاء الطلاب. وفي السياق ذاته، شدد أولياء الأمور على أهمية التوعية داخل المدارس عبر أخصائيين نفسيين لتثقيف الطلاب بعدم التنمر على زملائهم من مرضى السكري، وخلق مناخ داعم يحترم الفروق الفردية والحالات الخاصة. كما طالبوا باستثناء أمهات الأطفال المصابين بأمراض مزمنة من قرارات منع التواجد داخل المدارس، والسماح لهن بالتواجد في العيادات المدرسية لمتابعة أطفالهن عند الحاجة، بالإضافة إلى استثناء الأطفال المعتمدين على أجهزة قياس السكر عن بعد من قرارات منع الهاتف المحمول داخل المدرسة، لما له من ضرورة طبية ملحة. التعليم تُلزم المدارس بتطبيق وثيقة حقوق الطفل السكري وفي إطار حرصها على توفير بيئة تعليمية آمنة وصحية لجميع الطلاب، أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني توجيهات رسمية خلال الشهور الماضية إلى كافة المديريات التعليمية بجميع محافظات الجمهورية، تؤكد فيها على ضرورة الالتزام الكامل بتطبيق 'وثيقة حقوق الطفل السكري' الصادرة عن وزارة الصحة والسكان. وتأتي هذه الخطوة في ضوء التوجه نحو دمج الأطفال من ذوي الحالات الصحية الخاصة داخل البيئة التعليمية، بما يضمن لهم حقهم في التعليم دون أن تتأثر حالتهم الصحية أو يُمارس عليهم أي نوع من التمييز. وأكدت الوزارة في تعليماتها أن الأطفال المصابين بداء السكري يواجهون تحديات خاصة، لا سيما خلال فترات الامتحانات التي تشكل ضغطًا نفسيًا وعصبيًا عليهم، ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة نتيجة التوتر والقلق، وهو ما يتطلب مراعاة ظروفهم الصحية بشكل خاص خلال هذه الفترات الحساسة من العام الدراسي. تعليمات صارمة لحماية صحة الطفل السكري خلال الامتحانات وشددت التعليمات على أن المدارس والإدارات التعليمية ملزمة بتطبيق الإجراءات الواردة في الوثيقة الصحية، والتي تتضمن عددًا من البنود الهامة التي يجب الالتزام بها أثناء اليوم الدراسي، وأيضًا خلال أداء الاختبارات. من أبرز هذه الإجراءات: 1. السماح بقياس مستوى السكر في الدم باستخدام أي وسيلة يفضلها الطفل أو ولي أمره، سواء بالطرق التقليدية أو عبر التقنيات الحديثة مثل أجهزة التحليل بدون وخز. 2. السماح بتناول الأغذية أو المشروبات أو العلاج عند الحاجة دون انتظار أوقات محددة، حتى لو كان ذلك أثناء الحصة أو الامتحان، طالما أن الطفل في حاجة لذلك. 3. السماح باستخدام دورات المياه في أي وقت يشعر فيه الطفل بالحاجة، دون التقيد بجداول أو استئذان مطول. 4. ضرورة تواجد طبيب اللجنة أو التوجه إليه فورًا حال ملاحظة أي أعراض غير معتادة على الطفل، أو إذا شعر هو نفسه بعدم الارتياح أو الخطر. 5. الإعلان عن الوثيقة في مكان واضح وبارز داخل المدارس والإدارات التعليمية، ليكون في متناول جميع العاملين والزائرين، وذلك لزيادة الوعي وتأكيد الالتزام. توجيهات للإدارات والمدارس تضمن عدم التمييز والرعاية المستمرة كما وجهت الوزارة المديريات التعليمية بضرورة متابعة تنفيذ هذه التعليمات في المدارس التابعة لها، مؤكدة على عدة نقاط أساسية تتعلق بطريقة التعامل مع الطفل السكري خلال اليوم الدراسي، بما يضمن الحفاظ على صحته وكرامته، وتضمنت هذه التوجيهات: 1. عدم التمييز بين الطفل السكري وزملائه في أي مرحلة من مراحل القبول أو الدراسة، والتأكيد على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات. 2. منح الطفل الحق الكامل في قياس السكر في أي وقت يشاء وحسب ما تقتضيه حالته الصحية، سواء في الفصل أو في أي مكان بالمدرسة. 3. عدم منعه من تناول أي وجبة خفيفة أو مشروب في أي وقت، حتى إن تجاوز الوقت المخصص للفسحة أو لم يكن وقت الطعام الرسمي، طالما أن حالته الصحية تستدعي ذلك. 4. السماح بأخذ جرعة الأنسولين متى احتاج إليها الطفل، سواء في الفصل أو في أي مكان آخر داخل المدرسة، مع احترام خصوصيته في هذا الشأن وعدم لفت الأنظار أو الإحراج. 5. الملاحظة المستمرة للأطفال المصابين بالسكري وعدم تركهم دون رقابة، مع ضرورة الاتصال الفوري بولي الأمر في حال حدوث أي طارئ صحي. 6. إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالأطفال المصابين بالسكري داخل كل مدرسة، تتضمن معلومات تفصيلية عن حالتهم الصحية، بالإضافة إلى أرقام هواتف أولياء الأمور وأي أشخاص يمكن الرجوع إليهم بسرعة في حالات الطوارئ. 7. مراعاة التغيب الناتج عن الحالة الصحية، فإذا احتاج الطفل إلى الذهاب إلى المستشفى أو إجراء فحوصات طبية عاجلة، يجب أن يُحتسب هذا الغياب ضمن الأعذار المقبولة، دون التأثير على تقييمه الدراسي. 8. السماح بالمشاركة في الأنشطة المدرسية والرحلات أسوة بجميع الطلاب، وعدم استبعاده من أي نشاط بحجة حالته الصحية، طالما لم يصدر تقرير طبي يمنع مشاركته. 9. عدم تقييد الطفل بوقت محدد لاستخدام دورة المياه، والسماح له بالخروج في أي لحظة يشعر فيها بالحاجة، دون انتظار إذن مسبق أو التعرض للتوبيخ. دمج صحي وإنساني في البيئة التعليمية وتأتي هذه التوجيهات ضمن جهود الدولة لدمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الصحية الخاصة داخل المجتمع المدرسي بشكل يضمن لهم ممارسة حياتهم التعليمية بشكل طبيعي. ويعد مرض السكري من الأمراض المزمنة التي يمكن التعايش معها بسهولة إذا توفرت الرعاية المناسبة، وهو ما تحرص عليه وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة من خلال هذه الوثيقة.
الدستورمنذ 18 ساعاتصحةالدستورطلاب السكري في المدارس.. بحث عن النجاة في "امتحان الحياة والموت"يعيش طلاب المدارس المصابون بمرض السكري معاناة مزدوجة، لا تنبع فقط من طبيعة المرض المزمنة، بل من بيئة تعليمية تفتقر في كثير من الأحيان إلى الوعي الكافي بكيفية التعامل معهم، ومن غياب سياسات واضحة تضمن حقوقهم الصحية والإنسانية داخل المدرسة. وتزداد هذه المعاناة سوءًا مع ضعف الاستجابة لمطالب أولياء الأمور، الذين يُحرم معظمهم من الحصول على تصاريح دخول لمرافقة أبنائهم أو الاطمئنان عليهم. مرض السكري من النوع الأول، وهو الأكثر شيوعًا بين حوالي 35 طفل في عمر الدراسة مصابون بالسكري في مصر، ويتطلب متابعة دقيقة لمستويات الجلوكوز في الدم، وتناول الإنسولين بانتظام، بالإضافة إلى التزام صارم بمواعيد الوجبات والنشاط البدني، وهي أمور يصعب على الطفل التحكم فيها بمفرده داخل المدرسة، خاصة في غياب الممرضات المؤهلات أو غرف الرعاية الصحية المناسبة. اقرأ أيضا ويُقدَّر عدد الأطفال المصابين بالسكري في مصر بنحو 35 ألف طفل، وفقًا لإحصاءات الجمعية المصرية للسكر والغدد الصماء، ما يشير إلى أن هناك شريحة ليست قليلة من الطلاب تحتاج إلى دعم خاص داخل المؤسسات التعليمية. ورغم أهمية وجود ولي الأمر أو شخص موثوق لمساعدة الطفل المصاب خلال اليوم الدراسي، إلا أن بعض الإدارات المدرسية تنظر إلى وجود ولي الأمر باعتباره تدخلًا غير مبرر في سير اليوم الدراسي، أو نوعًا من 'الدلال الزائد' للطفل، دون إدراك لطبيعة المرض ومخاطره، حسب أولياء أمور. نظرة تقليدية تُعرض حياة الطلاب للخطر هذه النظرة التقليدية تُعرض حياة الطلاب للخطر، خاصة في حالات الانخفاض الحاد في مستوى السكر بالدم، والتي قد تؤدي إلى فقدان الوعي أو التشنجات في حال تأخرت الاستجابة. وتعاني غالبية المدارس الحكومية – خصوصًا في المناطق الريفية – من غياب الوعي الكافي بين المعلمين والمشرفين بكيفية التعامل مع الأطفال المصابين بالسكري. وفي كثير من الحالات، يُمنع الطفل من تناول طعامه خارج أوقات الفسحة، أو يُطلب منه تأجيل قياس السكر إلى ما بعد الحصة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على صحته الجسدية والنفسية. وفي هذا السياق، تشير تقارير طبية إلى أن 40% من طلاب السكري يتعرضون لنوبات انخفاض سكر داخل المدرسة مرة واحدة على الأقل شهريًا، في ظل عدم وجود دعم طبي فوري كما تُظهر دراسة حديثة نُشرت في مجلة الصحة المدرسية العربية أن 65% من الطلاب المرضى يعانون من التوتر والقلق أثناء تواجدهم في المدرسة، بسبب شعورهم بالعجز أو الخوف من التنمر أو الإهمال. يطالب أولياء الأمور بضرورة إقرار لائحة وزارية تُلزم المدارس بتقديم تسهيلات لطلاب السكري، على رأسها: منح التصاريح الضرورية لدخول أولياء الأمور أو من ينوب عنهم، توفير كوادر تمريضية مدربة، وتخصيص غرفة طبية مجهزة داخل كل مدرسة كما يدعون إلى تدريب الكوادر التعليمية على أساسيات الإسعافات الأولية والتعامل مع الحالات المزمنة، ونشر التوعية بين الطلاب أنفسهم لخلق بيئة متفهمة وداعمة. أولياء أمور يكشفون معاناتهم تقول جميلة أحمد، ولي أمر طالبة مصابة بالسكري: 'في أغلب الأحيان لا تذهب ابنتي للمدرسة بسبب عدة أمور منها حقنة الأنسولين والتي أضطر إما أن اذهب الي المدرسة لإعطائها لها، أو نستسلم لعدم آخذها في ظل عدم ثقتي في أحد بالمدرسة لآداء هذه المهمة'، متسائلة "لماذا لا يرافق أولياء أمور أبناءهم المصابين إلى المدرسة". أضافت: "مطالبنا بسيطة هي السماح لنا بمرافقة أولادنا سواء في اليوم الدراسي أو الامتحانات". وتقول نهى محمود، ولي أمر طالب مصاب أيضا: "التعامل مع طالب الشكري يحتاج تدريب من المعلمين وعدم التنمر عليهم أو الاستهزاء بهم وفهم حاجتهم لدخول دورة المياه باستمرار وعدم منع الطالب من ذلك، خاصة إذا كان في سنواته الأولى". استكملت محمود: 'كما نطالب بوجد زائرة صحية مقيمة في المدرسة بشكل مستمر من أجل الطلاب أصحاب الأمراض المزمنة'. خبير تربوي يطالب بإعداد كوادر تعليمية مؤهلة للتعامل مع طلاب الأمراض المزمنة بدوره، حذر الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي، من خطورة تجاهل إعداد الكوادر التعليمية في المدارس للتعامل مع الطلاب المصابين بالأمراض المزمنة، وعلى رأسها مرض السكري، مشيرًا إلى أن هؤلاء الطلاب يشكلون فئة متزايدة داخل المدارس، في ظل الانتشار الملحوظ لهذا المرض سواء لأسباب وراثية أو نتيجة أنماط الحياة الغذائية الخاطئة. وأكد شوقي أن مرض السكري، باعتباره أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال، يمثل تحديًا حقيقيًا داخل المؤسسات التعليمية، نظرًا لاحتمالية تعرض الطفل المصاب به لمضاعفات خطيرة في أي لحظة، قد تصل إلى الوفاة المفاجئة في حالة الانخفاض أو الارتفاع الحاد في مستوى السكر بالدم، إذا لم تُقدَّم له الإسعافات اللازمة فورًا. وقال: 'ما لا يدركه البعض أن دقائق التأخير في إنقاذ طفل مصاب بالسكري قد تعني حياة أو موت، وهو ما يستدعي ضرورة وعي المعلمين بالأعراض وكيفية التصرف الفوري'. وأشار الخبير التربوي في تصريحات خاصة إلى 'الدستور' إلى أن هناك نقصًا واضحًا في معرفة بعض المعلمين بأعراض المرض، أو بكيفية التعامل مع الطالب المصاب سواء في الحالة العادية أو في حالة الطوارئ، ما قد يؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للطالب دون قصد. وشدد على أن هذا القصور لا يعود إلى إهمال شخصي بقدر ما هو غياب منظومة تدريب وتأهيل مستمرة تدمج البُعد الصحي في المنظومة التعليمية. وللتغلب على هذا القصور، طرح شوقي مجموعة من الإجراءات التي يرى ضرورة تطبيقها على مستوى السياسة التعليمية، تبدأ من إعداد المعلمين قبل التخرج، مؤكدًا أهمية تدريس مقررات في كليات التربية مثل 'الصحة العامة' و'الإسعافات الأولية'، تُمكّن الطالب المعلم من التعامل مع الحالات الصحية الطارئة داخل الفصل الدراسي. وأضاف أن الأمر لا يجب أن يتوقف عند التعليم الجامعي فقط، بل يجب أن يتم إخضاع المتقدمين لوظيفة 'معلم' لاختبارات تقيس مدى إلمامهم بكيفية التعامل مع الطلاب من ذوي الأمراض المزمنة، مثل معرفة أعراض انخفاض أو ارتفاع السكر، والإجراءات التي يجب اتباعها في كل حالة. كما دعا تامر شوقي إلى تنظيم ورش عمل دورية داخل الإدارات التعليمية والمدارس، يشرف عليها أساتذة متخصصيين في الأمراض المزمنة، لشرح الجوانب النفسية والعضوية لهذه الأمراض، مع التركيز على مرض السكري باعتباره الأكثر شيوعًا بين الطلاب في الفئة العمرية المدرسية. أكد كذلك أهمية أن يكون كل معلم على علم بالحالة الصحية لطلابه، وخاصة المعلمين في الفصول التي تضم طلابًا من ذوي الأمراض المزمنة، ليكونوا أكثر تفهمًا لاحتياجاتهم المختلفة. وقال في هذا السياق: 'من غير المقبول أن يمنع المعلم طفلًا مريضًا بالسكري من الذهاب إلى الحمام أكثر من مرة، دون أن يكون على دراية بأن هذا العرض من أعراض المرض، وقد يكون مؤشرًا لخلل في مستوى السكر لديه'. وشدد شوقي على ضرورة وجود حكيمة أو ممرضة صحية داخل كل مدرسة، تكون مجهزة بالأدوية والأدوات الطبية اللازمة، مثل أجهزة قياس السكر، وأدوية الطوارئ الخاصة بهبوط أو ارتفاع السكر، مع توفير بيئة صحية آمنة للطفل داخل المدرسة. واختتم حديثه بالتأكيد على أن دمج الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة في التعليم لا يعني فقط قبولهم بالمدرسة، بل توفير كل ما يضمن حمايتهم ورعايتهم أثناء اليوم الدراسي، مشيرًا إلى أن التعليم الدامج الحقيقي يبدأ من فهم احتياجات الطلاب الصحية والنفسية والتربوية على حد سواء. 'اسمعني.. أطفالنا والسكر' تكشف عن مطالبهم أيضا، أصدرت حملة 'اسمعني.. أطفالنا والسكر" بيان تكشف فيه حقوق الطلاب المصابين بمرض السكري والأمراض المزمنة داخل المدارس، بما يكفل لهم بيئة تعليمية إنسانية وآمنة تحفظ كرامتهم وتحترم خصوصية حالتهم الصحية. وشدد أولياء الأمور، على ضرورة إصدار قرار واضح يُجرّم منع الطالب من ممارسة حقه في الحضور المدرسي تحت أي ظرف، خاصة في حالات المرض المزمن، كما دعوا إلى تجريم رفض قبول طلاب مرضى السكري بالمدارس، لما في ذلك من تمييز ضد شريحة من الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم ورعاية خاصة. وفي ظل طبيعة مرض السكري، التي قد تمنع أحيانًا تقديم شهادات مرضية، طالب أولياء الأمور، أيضًا بضرورة رفع الغياب عن هؤلاء الطلاب، تقديرًا لوضعهم الصحي، دون تعقيد الإجراءات على أسرهم. وأكدت المطالب أهمية تواجد زائرة صحية بشكل دائم في المدارس التي تضم أطفالًا من مرضى الأمراض المزمنة، لتقديم الرعاية الطبية السريعة في الحالات الطارئة، خاصة مع تكرار الأزمات الصحية المفاجئة لهؤلاء الطلاب. وفي السياق ذاته، شدد أولياء الأمور على أهمية التوعية داخل المدارس عبر أخصائيين نفسيين لتثقيف الطلاب بعدم التنمر على زملائهم من مرضى السكري، وخلق مناخ داعم يحترم الفروق الفردية والحالات الخاصة. كما طالبوا باستثناء أمهات الأطفال المصابين بأمراض مزمنة من قرارات منع التواجد داخل المدارس، والسماح لهن بالتواجد في العيادات المدرسية لمتابعة أطفالهن عند الحاجة، بالإضافة إلى استثناء الأطفال المعتمدين على أجهزة قياس السكر عن بعد من قرارات منع الهاتف المحمول داخل المدرسة، لما له من ضرورة طبية ملحة. التعليم تُلزم المدارس بتطبيق وثيقة حقوق الطفل السكري وفي إطار حرصها على توفير بيئة تعليمية آمنة وصحية لجميع الطلاب، أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني توجيهات رسمية خلال الشهور الماضية إلى كافة المديريات التعليمية بجميع محافظات الجمهورية، تؤكد فيها على ضرورة الالتزام الكامل بتطبيق 'وثيقة حقوق الطفل السكري' الصادرة عن وزارة الصحة والسكان. وتأتي هذه الخطوة في ضوء التوجه نحو دمج الأطفال من ذوي الحالات الصحية الخاصة داخل البيئة التعليمية، بما يضمن لهم حقهم في التعليم دون أن تتأثر حالتهم الصحية أو يُمارس عليهم أي نوع من التمييز. وأكدت الوزارة في تعليماتها أن الأطفال المصابين بداء السكري يواجهون تحديات خاصة، لا سيما خلال فترات الامتحانات التي تشكل ضغطًا نفسيًا وعصبيًا عليهم، ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة نتيجة التوتر والقلق، وهو ما يتطلب مراعاة ظروفهم الصحية بشكل خاص خلال هذه الفترات الحساسة من العام الدراسي. تعليمات صارمة لحماية صحة الطفل السكري خلال الامتحانات وشددت التعليمات على أن المدارس والإدارات التعليمية ملزمة بتطبيق الإجراءات الواردة في الوثيقة الصحية، والتي تتضمن عددًا من البنود الهامة التي يجب الالتزام بها أثناء اليوم الدراسي، وأيضًا خلال أداء الاختبارات. من أبرز هذه الإجراءات: 1. السماح بقياس مستوى السكر في الدم باستخدام أي وسيلة يفضلها الطفل أو ولي أمره، سواء بالطرق التقليدية أو عبر التقنيات الحديثة مثل أجهزة التحليل بدون وخز. 2. السماح بتناول الأغذية أو المشروبات أو العلاج عند الحاجة دون انتظار أوقات محددة، حتى لو كان ذلك أثناء الحصة أو الامتحان، طالما أن الطفل في حاجة لذلك. 3. السماح باستخدام دورات المياه في أي وقت يشعر فيه الطفل بالحاجة، دون التقيد بجداول أو استئذان مطول. 4. ضرورة تواجد طبيب اللجنة أو التوجه إليه فورًا حال ملاحظة أي أعراض غير معتادة على الطفل، أو إذا شعر هو نفسه بعدم الارتياح أو الخطر. 5. الإعلان عن الوثيقة في مكان واضح وبارز داخل المدارس والإدارات التعليمية، ليكون في متناول جميع العاملين والزائرين، وذلك لزيادة الوعي وتأكيد الالتزام. توجيهات للإدارات والمدارس تضمن عدم التمييز والرعاية المستمرة كما وجهت الوزارة المديريات التعليمية بضرورة متابعة تنفيذ هذه التعليمات في المدارس التابعة لها، مؤكدة على عدة نقاط أساسية تتعلق بطريقة التعامل مع الطفل السكري خلال اليوم الدراسي، بما يضمن الحفاظ على صحته وكرامته، وتضمنت هذه التوجيهات: 1. عدم التمييز بين الطفل السكري وزملائه في أي مرحلة من مراحل القبول أو الدراسة، والتأكيد على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات. 2. منح الطفل الحق الكامل في قياس السكر في أي وقت يشاء وحسب ما تقتضيه حالته الصحية، سواء في الفصل أو في أي مكان بالمدرسة. 3. عدم منعه من تناول أي وجبة خفيفة أو مشروب في أي وقت، حتى إن تجاوز الوقت المخصص للفسحة أو لم يكن وقت الطعام الرسمي، طالما أن حالته الصحية تستدعي ذلك. 4. السماح بأخذ جرعة الأنسولين متى احتاج إليها الطفل، سواء في الفصل أو في أي مكان آخر داخل المدرسة، مع احترام خصوصيته في هذا الشأن وعدم لفت الأنظار أو الإحراج. 5. الملاحظة المستمرة للأطفال المصابين بالسكري وعدم تركهم دون رقابة، مع ضرورة الاتصال الفوري بولي الأمر في حال حدوث أي طارئ صحي. 6. إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالأطفال المصابين بالسكري داخل كل مدرسة، تتضمن معلومات تفصيلية عن حالتهم الصحية، بالإضافة إلى أرقام هواتف أولياء الأمور وأي أشخاص يمكن الرجوع إليهم بسرعة في حالات الطوارئ. 7. مراعاة التغيب الناتج عن الحالة الصحية، فإذا احتاج الطفل إلى الذهاب إلى المستشفى أو إجراء فحوصات طبية عاجلة، يجب أن يُحتسب هذا الغياب ضمن الأعذار المقبولة، دون التأثير على تقييمه الدراسي. 8. السماح بالمشاركة في الأنشطة المدرسية والرحلات أسوة بجميع الطلاب، وعدم استبعاده من أي نشاط بحجة حالته الصحية، طالما لم يصدر تقرير طبي يمنع مشاركته. 9. عدم تقييد الطفل بوقت محدد لاستخدام دورة المياه، والسماح له بالخروج في أي لحظة يشعر فيها بالحاجة، دون انتظار إذن مسبق أو التعرض للتوبيخ. دمج صحي وإنساني في البيئة التعليمية وتأتي هذه التوجيهات ضمن جهود الدولة لدمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الصحية الخاصة داخل المجتمع المدرسي بشكل يضمن لهم ممارسة حياتهم التعليمية بشكل طبيعي. ويعد مرض السكري من الأمراض المزمنة التي يمكن التعايش معها بسهولة إذا توفرت الرعاية المناسبة، وهو ما تحرص عليه وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة من خلال هذه الوثيقة.