logo
#

أحدث الأخبار مع #جوزيف_شومبتر

تراجع واضح في تبني «التدمير الخلاق» بين الأمريكيين والأوروبيين
تراجع واضح في تبني «التدمير الخلاق» بين الأمريكيين والأوروبيين

البيان

timeمنذ 11 ساعات

  • أعمال
  • البيان

تراجع واضح في تبني «التدمير الخلاق» بين الأمريكيين والأوروبيين

تيج باريخ من المهم الحديث عن مصطلح «التدمير الخلاق»، الذي روج له عالم الاقتصاد السياسي النمساوي، جوزيف شومبتر، في أربعينيات القرن الماضي، ويقصد به أن الأفكار والتقنيات والشركات القديمة تستبدل بأخرى جديدة. وإذا كان «الخلق» يمثل المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي فإن «التدمير» قد يكون شراً لا بد منه، لأنه يمكن أن يسهم في إعادة توجيه الأشخاص، ورأس المال، والموارد المختلفة بكفاءة أكبر في الاقتصاد، إلا أن هناك قوة ثالثة تقوض هذين المحركين، وهي «الحفظ». وفي الفلسفة الهندوسية، التي يرجح أن شومبتر استقى فكرته منها، تمثل قوى الخلق والتدمير والحفظ ثلاثية كونية تسعى دوماً للحفاظ على توازن الوجود. قياساً على ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يعد ابتكاراً مهماً للغاية، لكنه أربك صناعات، وبدأ بالفعل في التسبب في فقدان الوظائف، لكن الآثار المرئية للخلق والتدمير بإمكانها تشويه تصورنا عن مدى قوة هذه القوى الاقتصادية بالفعل. ويقول أوفوك أكجيجيت، أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاجو: «أبقت المعدلات المرتفعة لتأسيس الشركات، وإعادة توزيع الوظائف، ومجازفات رواد الأعمال، إلى دفع الإنتاجية الأمريكية على مدار الـ 20 عاماً الماضية»، وتابع: «لكن في العقود الأخيرة فقد هذا المحرك زخمه، ومن الصعب تجاهل الأرقام». وتظهر البيانات الصادرة عن مكتب تعداد الولايات المتحدة، أن معدلات تأسيس وإغلاق الشركات تشهد تراجعاً منذ سبعينيات القرن الماضي، كما انخفض معدل إعادة توزيع الوظائف، وهو مقياس لمدى سرعة خلق وتدمير الوظائف، على مدار العقود القليلة الأخيرة، وليس من المستغرب أن تظهر أوروبا اتجاهات مماثلة. وتوصل مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة إلى تباطؤ معدل إعادة تخصيص الوظائف بمقدار الثلث خلال العقدين الماضيين، لكن ما الذي يسهم في تراجع التدمير الخلاق؟ من الواضح أن هناك محفزات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، للحفاظ على الوضع الراهن، ومن الممكن أن هذه القوى المحافظة تمنع الأفكار والشركات الجديدة من الظهور، وتدلل غير المنتجة. ولنأخذ الشركات القائمة في الاقتصادات المتقدمة على سبيل المثال، فقد زادت هيمنتها بمرور الوقت. وحالياً تمثل أكبر 10 شركات مدرجة في أمريكا نحو ثلث القيمة السوقية الإجمالية لمؤشر «إس آند بي 500»، وهو أعلى معدل تركز منذ عقود عدة. كذلك في أوروبا، ارتفع متوسط الحصة السوقية لأبرز أربع شركات في مختلف الصناعات في 15 دولة، بواقع 5 نقاط مئوية بين عامي 2000 و2019، بحسب بحث نشرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أن العولمة والتكنولوجيا، اللذين يدعمان وفورات الحجم، أسهما جزئياً في بروز الشركات العملاقة. كذلك فإن نسبة أكبر من المبتكرين الأمريكيين، اليوم، يعملون في شركات كبيرة وراسخة، حيث يهرع المبتكرون في الشركات الصغيرة إلى الشركات الكبيرة مع زيادتها للأجور، لكن بقيامهم بذلك، نجد أن الأمر ينتهي بهم إلى الابتكار بشكل أقل. وحذر أكجيجيت من أن «القلق الحقيقي ينشأ عندما تتحول الشركات الكبيرة من الاستراتيجيات المدفوعة بالابتكار إلى أخرى دفاعية». وتعتقد فرانشيسكا لوتي، الخبيرة الاقتصادية لدى المركزي الإيطالي: «تتزايد الضغوط اليوم لتشكيل اللوائح التنظيمية، والاستهداف الرقمي، وبناء العلاقات السياسية، وغالباً ما تحمي هذه الأنشطة الشركات الراسخة عن الضغوط التنافسية»، وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ارتفع الإنفاق السنوي على ممارسة الضغوط بمقدار 1.7 مليار دولار بالقيمة الحقيقية منذ عام 1998، وفي الاتحاد الأوروبي، ازداد عدد جماعات الضغط المسجلة بأكثر من الضعف منذ عام 2012. وتعمل السياسة كونها قوة حفظ، وعلى مدار العقد الماضي، ازدادت الحواجز التجارية الجمركية وغير الجمركية على مستوى العالم، كرد فعل سياسي ضد التهديدات المتصورة من المنافسة الأجنبية على الوظائف والصناعات. وقال سايمون إيفينيت، الأستاذ لدى المعهد الدولي للتنمية الإدارية «آي إم دي»: «تحافظ الحمائية على نماذج الأعمال الفاشلة على قيد الحياة، وتكون المُحصلة أن المبتكرين يترددون، والشركات القائمة تؤخر الابتكار، وتتدفق رؤوس الأموال التي ينبغي أن تغذي ابتكارات الغد نحو دعم إخفاقات الأمس»، وبالمثل تحد القيود على الاستثمارات الأجنبية والهجرة من وفود أفكار جديدة. ويلعب التمويل دوراً في هذا هو أيضاً، إذ يمكن للتمويل، عندما يكون موجوداً بوفرة أو عند سوء توجيهه، أن يحافظ على الشركات الأقل كفاءة. وفتحت الصدمات الاقتصادية الأخيرة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية، والجائحة، وقفزة أسعار الطاقة الأوروبية، الطريق أمام دعم واسع النطاق من الدول، شمل مِنحاً، وقروضاً، وضمانات، وأدت صعوبة صقل هذه التدابير إلى حصول الشركات غير السليمة وغير المستحقة على التمويل هي أيضاً. كما تسببت حقبة أسعار الفائدة المنخفضة والتيسير الكمي، اللذين أعقبا الأزمة المالية العالمية، في دعم الشركات الأقل إنتاجية. وفي الواقع، ورغم ارتفاع تكلفة الائتمان، فإن النقد الزائد من تلك الفترة مكن الشركات الأقل قابلية للاستمرار من الحصول على قروض منخفضة التكاليف وطويلة الأجل، والوصول كذلك إلى الأموال الخاصة. وعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة الشركات غير المربحة المُدرجة في مؤشر «راسل 2000»، وهو مؤشر أمريكي للشركات منخفضة رؤوس الأموال، من 15% إلى قرابة 40% على مدى الـ 30 عاماً الماضية. أخيراً يمكن للعوامل الاجتماعية أن تقوض التدمير الخلاق. وبالنسبة للأفراد تماماً مثل الشركات، يجلب النجاح الاقتصادي دافعاً لحمايته. ويقول مارك دنكلمان، زميل في جامعة براون: «كلما كان لدى السكان المزيد مما يمكن أن يخسروه فإنهم يصبحون أكثر نفوراً من المخاطرة»، ويتبدّى هذا في تبني عبارة «ليس في باحتي الخلفية»، ومجموعات المصالح الخاصة التي تقاوم التقنيات الجديدة في القطاع، الذي تنتمي إليه وتدفع باتجاه لوائح تنظيمية تفضل الشركات القائمة. في ديسمبر الماضي دعم الرئيس المُنتخب حينها، دونالد ترامب، عمال الموانئ الأعضاء في نقابات عمالية، الذين يعارضون استخدام التكنولوجيا في الموانئ الأمريكية، وصرح حينها بأن الأتمتة ليست مهمة عندما نضعها أمام «الاضطراب، والأذى، والضرر» الذي تسببه للعمال الأمريكيين. وسلطت البيانات التي جمعتها بولا ليمان، الرئيسة المشاركة لـ«مانيفستو بروجكت» الذي يحلل البرامج الانتخابية في أكثر من 60 دولة، الضوء على تزايد الإشارات المعادية للنمو في وثائق الحملات الانتخابية ببلدان مجموعة السبع بصورة أكبر من الإشارات المؤيدة للنمو في العِقد الماضي. وكان نجاح التدمير الخلاق، وللمفارقة، هو السبب وراء اعتقاد شومبتر في أن الرأسمالية لن تظل قائمة على المدى الطويل، لكن ذلك لا يعني أن التدمير الخلاق انتهى أمره، فالذكاء الاصطناعي قوة مربكة، ومن شأن المتوسط الأعلى لأسعار الفائدة أن يسفر عن خروج الشركات المتعثرة من السوق. علاوة على ذلك فإن قوى الوضع الراهن ليست دائماً متناقضة مع النمو، ففي بعض الأحيان تكون ضرورية. وترى وجهة النظر الشرقية أن الموازنة بين الخلق والتدمير والحفظ هو الحل، لكن الأقوال أسهل من الأفعال، فالكثير من التدمير يُنذر بعدم استقرار، والقليل من التدمير يعوق الابتكار. وتبقى بعض المبادئ الضرورية، مثل حماية الناس لا الوظائف، حتى يمكن للأفراد الخضوع لإعادة التدريب كي لا يتأثروا بالارتباك. وسيكون ذلك مكملاً لتدابير تستهدف خفض الحواجز أمام المنافسة، بما في ذلك تعزيز أنظمة مكافحة الاحتكار، وتقليص الحواجز الحمائية، وتشديد القيود على ممارسة الضغوط، وينبغي على خطط الإنقاذ المستقبلية أن تكون أفضل من حيث الاستهداف، وأن تكون مقيدة بصورة أكبر. وبالنسبة للشركات، والعمال، والحكومات، قد يبدو الوضع الراهن مصدراً للأمان، لكنه سيلقي بظلال قاتمة على التقدم بمرور الوقت. وإذا ظل التقدم البطيء للقوى الحافظة دون رقابة، ولم تتطور السياسة بحيث تساعد على استيعاب التغيير، فستواجه الاقتصادات المتقدمة خطر مقايضة راحتها على المدى القصير بركود على مدى الطويل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store